Saturday, March 22, 2008

حقائق عن حرب العراق ذهبت أدراج الرياح


حقائق عن حرب العراق ذهبت أدراج الرياح

بقلم :جورج غالاوي







إحدى أكبر نقاط القوة التي يتمتع بها الجيش الأميركي الذي أعيد بناؤه في أعقاب حرب فيتنام الكارثية تمثلت في وجود مراجعة بعد كل أداء وعملية تعلم من الدروس التي مر بها الجيش بعد كل تدريبات ميدانية وعمليات قتال على ساحة المعركة.
لا يجري إعفاء أي جنرال من الوقوف والاعتراف بأخطائه في برنامج تدريب قيادة المعركة حيث يقوم قادة اللواءات والوحدات والفيالق بعرض مهارات تلك الوحدات في إطار هذا البرنامج من خلال تدريبات ومناورات عسكرية إلكترونية.
وهناك قوات مقاومة في تلك المناورات تفعل أقصى ما بوسعها بهدف تصعيب أجواء هذه المناورات وجعلها أقرب إلى الحروب الحقيقية، وفي حال تغاضى جنرال عن خطأ أو أكثر، يلحق به أحد قادة قوة المقاومة ويوجهه إلى الصواب ويصحح أخطاءه.
هذا البرنامج جرى توسيعه في آخر عقد الثمانينات للمساعدة في إعداد قادة للحرس الوطني والجنود لما قد يواجهونه بعد ذلك في أفغانستان والعراق. وتملكت الدهشة المراقبين العسكريين بسبب ما ينطوي عليه هذا البرنامج من مطالب تفيد أن يقوم الجنرال مهما كانت رتبته بانتقاد نفسه أمام من هم أقل مرتبة منه.
وقد استعان الجيش الأميركي بشركة راند، وهي مؤسسة بحثية تتخذ من ولاية كاليفورنيا مقرا لها، حيث دأبت هذه المنظمة على القيام بهذا النوع من العمل البحثي للجيش والحكومة الأميركية على امتداد عقود من الزمن.
وقد تم استخدام هذه الدراسة في تقييم دور الجيش الأميركي في غزو العراق، وهو الغزو الذي أطلق عليه اسم عملية تحرير العراق، غير أن المفاجأة تمثلت في أنه بعد مرور ثلاثة أعوام من بدء عملية الغزو، تبين أن تقرير مجموعة راند عن عملية إعادة إعمار العراق.
وهو التقرير الذي استغرق إعداده 18 شهرا وتم تقديمه إلى الجيش في صيف 2005، لا يزال موجودا حبيس أدراج البنتاغون، وعادة ما تقوم منظمة راند بعمل نسخة سرية من هذه التقارير للاستخدام الداخلي فحسب من قبل قادة الجيش ونسخة عامة للجمهور توضح فيها النقاط البارزة .
والتي يوصى بعرضها على الإعلاميين والباحثين الأكاديميين، وقد تبين أن نسختي القرار اللتين حملتا عنوان «إعادة بناء العراق» موجدتان في درج واحد في وزارة الدفاع الأميركية، حيث تنعدم فائدتهما في إعلام الجنود أو الشعب الأميركي بالحقائق التي قادت إلى فشل كارثي.
تسبب فيه الجيش والمدنيون عندما عجزوا عن التخطيط لما يمكن أن يحدث بعد إسقاط نظام صدام حسين وافترضوا سيطرتهم على أمة ظنوها متشرذمة ومتخاصمة تتكون من 25 مليون نسمة.
وقد وضعت صحيفة «نيويورك تايمز» يدها على مسودة نسخة من التقرير وقالت إن باحثي شركة راند قد أكدوا وجود مشكلات تقريبا في كل هيئة لها علاقة بالتخطيط للحرب، وهو الأمر الذي لم يكن يحمل أي مفاجأة للمتابعين لمقالات الصحيفة وكتبها عن حرب على وشك أن تدخل عامها السادس من دون أن يكون هناك أي بوادر لإنهائها.
وقد ألقت الدراسة التي وضعتها الشركة باللوم على الرئيس بوش ضمنيا وعلى مستشارة الأمن القومي وقتها كوندوليزا رايس بسبب فشلهما في تسوية الخلافات بين الطرفين المتخاصمين وقتها في الإدارة الأميركية.
وهما وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد ووزير الخارجية السابق كولن باول، فقد طالب رامسفيلد بسلطة منفردة على وزارة الدفاع لمراقبة عمليات ما بعد الحرب في العراق على الرغم مما أسماه التقرير «عدم وجود قدرة على التخطيط وتنفيذ عمليات إعادة الإعمار المدني».
وقد أصدرت وزارة الخارجية في عهد باول دراسة كبيرة عن كيفية إدارة فترة ما بعد الحرب وتفعيل جهود إعادة الإعمار، وهي الدراسة التي تجاهلها رجال رامسفيلد على الرغم من عدم قيامهم بأي تخطيط من تلقاء أنفسهم. ووصفت راند هذه الدراسة التي تقوم بها وزارة الخارجية بأنها غير قابلة للتطبيق وقليلة الجودة.
وقالت الدراسة إن الجنرال المتقاعد تومي فرانكس الذي كان يتولى مسؤولية العمليات العسكرية في العراق كان يعاني من سوء فهم كبير لما كان ينبغي فعله لتأمين العراق بعد سقوط بغداد وافترض أن المدنيين العراقيين سيتولون عمليات إعادة الإعمار بنجاح.
وبما يحمله من حقائق غير مريحة ذهب التقرير إلى مكاتب قادة الجيش الأميركي في وقت كان فيه الرئيس الأميركي وحاشيته يحاولون تفادي أي نقد على سلوكهم في إدارة الحرب وأقدموا على اختلاق قصة وهمية جديدة في صورة تقرير حمل في عام 2005 اسم «الإستراتيجية القومية لتحقيق النصر في العراق».
التفسير الرسمي لسبب إخفاء الدراسة ومحاولة طيها في ملف النسيان جاء على لسان متحدث رسمي للجيش في تصريحات أدلى بها إلى صحيفة « ذا تايمز»: «بعض من النتائج التي توصلت إليها تحقيقات راند تبين أنها خارج إطار سلطة الجيش ومن ثم فإنها ذات قيمة محدودة في التعريف بسياسات الجيش وأولوياته».
غير أن ما يجب أن يدركه المرء في مثل هذا الموقف هو أن ما احتواه التقرير كان حقائق خطيرة غير مريحة للبعض تماما مثل تلك التي حملها أحد كبار الجيش السابقين وهو إيريك شينسكي أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ عشية الحرب، غير أن أحدا لم ينصت إليه.


Labels:

1 Comments:

Blogger arabic said...

هذا المقال جيد جدا
القرآن

10:57 PM  

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker