ردة أم أنشقاق في البعـث ؟
شاهين محمد
سياسي مستقل
تتعرض كل التركيبات الاجتماعية والسياسية اذا بلغت حد من التطور الى متغيرات ذاتية ، في ادائها وتطورها ونسق بنائها ويؤدي احيانا الى انشطارات طولية (عموديا ) وعرضية في كينونتها ومتغيرات موضوعية تأثرا بواقع التفاعل مع العالم الخارجي لهذه التشكيلات . الانشقاقات والانشعابات الايجابية تعد من أهم المتغيرات الذاتية لانها تمثل قدرة فكر المجموعة على استيعاب التفسير الطموح لصالح التطبيق بوجهات نظر متعددة و نحو تطور يهدف الى خدمة هذه التشكلية او محيطها الخارجي ، . عندما كان العرب قبل الاسلام يعانون من التصدع الحاد في وحدتهم ، تعرضت انشقاقاتهم السلبية الدموية الى وحدة قوية في الدعوة الاسلامية وتطورً المجتمع العربي بشكل نهضوي واعتمد الوحدة مسارأ تاريخيا لانه استهان بالصغائر التي كان يتصدع بسببها . وما ان اصبحت الدولة الاسلامية كاملة الاركان ومزدهرة عقائديا حتى دبت فيها انشقاقات فكرية عديدة أُطلق عليها عنوان الفرق الدينية ،وهذه الفرق كانت تعبر عن اختلافات فكرية فيما بينها لان كل طرف فيها يرى انه ياخذ بيد الامة لتطبيق العقيدة الاسلامية بشكل افضل وفقا لتصوراته . والاختلاف الفكري نتاج العقل الانساني داخل العقيدة الواحدة والمجتمع الواحد . حتى الخوارج والمعتزلة والاشاعرة كل منهم له تصور خاص لحل اسلامي لقضايا الدولة والمجتمع ،وحتى في هؤلاء اختلف الاجتهاد في بعدهم او قربهم من العقيدة الاسلامية أي ان هناك من كفرهم وهناك من امتنع . اغلب هذه الفرق او الانشقاقات كان لها حجج محددة اصابت اغلبها الحكم او الحاكم ، في رفض سياسته او توجهاته او نهضة من اجل التصحيح ، ووقف الى جانب الحكام فرق اخرى تدين بالولاء للحاكم وتهمش وتزدري باراء المعارضين له ، وهذا يعد انشقاقا لوجود فريقين او اكثر على نقيض من امر ما في السياسة او الفقه الديني . بقيت هذه الانشقاقات تدار بالحجة واستخدام الفكر الانساني في التحاور .
وتعرض الاسلام أيضا الى الردة عن العقيدة وهي ردة انقلابية دنيوية وليست فكرية وانما تمرد جاء بعد ان اصبح الاسلام امرا واقعا تعيشه منطقة الجزيرة العربية . ان اعلام الردة مثل ابو مسيلمة الكذاب وطلحة بن خويلد والاسود العنسي كانوا قد اعلنوا نبوءاتهم للتغطية على تمردهم الاقتصادي على النظام الاسلامي ورفضهم دفع الزكاة. ولم تنتهي الردة إلا بعد ان قام على قمعها من هو ثابت في اسلامه . وهنا لابد من الاشارة الى ان اول من دعم هؤلاء المرتدين هم الفرس حيثوا امدوا مجموعات الردة بجيوش وصلت الى عشرة الف جندي لمجابهة ثلاثة الاف مقاتل من المسلمين .
وهاتين الحالتين الردة والانشقاق ظهرت باوجه عديدة مع كل مراحل التاريخ العربي والاسلامي حتى يومنا هذا . لكن الحالة العراقية اليوم تتميزبواقع خاص فريد لان البلد يرزح تحت احتلال اخطبوطي متعدد القوى وتلتئم بهدف تدمير العراق عن بكرة ابيه ،. امريكا ومشروعها العقائدي اليميني الصهيوني والفرس واحقادهم التاريخية وبني صهيون وطموحاتهم بدولة من الفرات الى النيل في جانب . ويقف في الجانب الاخر القوى المقاومة لهذا المعسكر التدميري وهذه القوى تشمل البعث والقوى الوطنية والقومية والاسلامية التي انتخت من اجل تحرير العراق من هذا الاحتلال المعقد في الهوية والتركيبة والهدف . واكدت لنا تجارب سنين الاحتلال ان الحل في المقاومة لاغير، وكل من تعذر بدعم الاحتلال بحجة العمل السياسي نراه اليوم هاربا من جحيم سوء النية التي يلتحف فيها جميع عملاء الاحتلال وايضا من نار المقاومة التي عدت ووضعت هؤلاء في جبهة الاحتلال .
ان التعرض لاي جناح من جبهة المقاومة و الهائه عن دوره الاساسي في العمل المقاوم هو خدمة كبيرة للمحتل مهما كانت الدوافع . لدينا الكثير من الملاحظات على بيانات او ادعات بعض هذه القوى لكن لا مجال للخلافات الفكرية اثناء غبار المعركة الذي لم ينجلي بعد . لان الرجال عقدت عقولها لمجابهة هذا العدو واثارة اي شيئ يفضي الى التشويش على هذا العقل الجبار لايجدي نفع وانما يقدم الولاء المعنوي للمحتل . حيث لايوجد حكم نختلف عليه لنقومه او ننتقده او ننشق عليه . لاتوجد هناك سلطة نتصارع من اجل لعب دورا فيها او لنا راي في تطبيقاتها لننشق على مؤسساتها . وليست هي وجهة نظر في تطبيق الفكر على الواقع . إلا في حال ان يكون اختلافنا بأي الوسائل القتالية لاجبار المحتل لاعلان الهزيمة بزمن اقصر. في هذه الحالة نكون الاثنين على الارض نقاوم ونجتهد وهنا ليس انشقاقا وانما جمع الكف لانزال الضربة المميتة بالمحتل . ومن له الضربة الاخيرة للمحتل هو المنتصر لان الارض ستنتصر له والتاريخ له . والمقاومة واحدة والنصر للجميع وللعراق واهله .
نحن المستقلين املنا في جبهة المقاومة العاملة على الارض والبعث هو جزء اساسي فيها ، في تحرير العراق العظيم نرى ان ما يتعرض له البعث هو ليس انشقاقا وانما ردة وانقلاب دنيوي جاء بعد ان اصبحت المقاومة على ابواب انهاء عملها الجهادي في تحرير البلد من المحتل . اذا كانت على الارض جبهتين المقاومة والاحتلال فان الردة تيار من الاحتلال سيؤل مصيرها مع الاحتلال خاسئأ ، يحسب بحساب عملاء الاحتلال ،. وفي النفس املا ضعيفا عسى ان ينتصر،، هو ان يمتطوا المرتدون اجنحة عقولهم ويكفونا اَذاهم . وليستهينوا بصغائر الدنيا الزائلة .
قد اشرنا سلفا عن هذا الموضوع قبل اعلان الردة في المقال المرفق التالي :
المسؤلية التاريخية امام البعث
0 Comments:
Post a Comment
<< Home