Monday, May 16, 2005


انبوب لتصدير النفط العراقي عبر ايران .... هل بدأت مرحلة تقسيم الغنائم؟



بقلم: محمد القيسي


ضمن مستجدات عمليات السرقة والنهب للعراق اعلن محمد مجيد الشيخ الذي عينته الحكومة التابعة للاحتلال الاميركي سفيرا لها في ايران ان شركات يابانية ستقوم بانشاء انبوب بين البصرة وعبادان لنقل 350 الف برميل من النفط العراقي الى ايران يوميا . ويثير هذا الامر العديد من التساؤلات التي تتطلب الاجابة عليها وفي مقدمتها: هل يحتاج العراق الان الى انشاء انبوب نفطي جديد في ضوء طاقة المنافذ التصديرية المتاحة له ؟ وقبل الاجابة على هذا التساؤل لابد من الاشارة الى ان العراق اعتمد في التعامل مع عملية تصدير النفط العراقي على استراتيجية مواجهة حقيقة ان العراق يفتقد المنافذ البحرية الكافية لتصدير نفطه المتزايد حجم انتاجه على مر السنيين ، لذا هو يواجه دائماً معوقات أمام تصديره. وان هذه الاستراتيجية تقول بضرورة تقليل الاعتماد على منفذ واحد للتصدير من اجل التخلص من ضغوط بلدان المرور المعنية ، وقد اتثبت هذه الاستراتيجية حقيقة الامر حيث تأثرت كل المنافذ التصديرية العراقية بالمواقف السياسية مع البلدان المعنية بداءا بانبوب النفط المار عبر الاراضي الاردنية الى ميناء حيفا في الاراضي الفلسطينية المحتلة وانتهاء بالانبوب المار عبر السعودية ، علما بان الطاقة التصديرية المتاحة الان تتمثل بانبوب النفط عبر الاراضي التركية الى ميناء جيهان التركي وتبلغ طاقته القصوى1.65 مليون برميل يوميا ، الا انه يعمل الان بطاقة تتراوح مابين 450 ألف الى 600 الف برميل يوميا حسب ما تصرح به مصادر وزارة النفط العراقية ، وكذلك انبوب النفط عبرالاراضي السورية الذي كان يعمل قبل الغزو بطاقة 200 ألف برميل يوميا وهو كان يمثل الناقل الرئيسي لصادرات النفط العراقي ووصل في بداية السبعينات الى قمة طاقته بحدود 1.4 مليون برميل يوميا ، وايضا مينائي البكر وخورالعمية المطلان على الخليج العربي، والذين تبلغ طاقتهما التصديرية باكثر من مليوني برميل يوميا قابلة للزيادة. و وفقا لما تعلنه السلطات العراقية الان من ارقام بانها تصدر حاليا كمية تتراوح ما بين 1.9 الى 2 مليون برميل يوميا ، من اجمالي الامكانيات المتاحة للمنافذ التسويقية البالغة 3.85 مليون برميل للمنافذ المذكورة اعلاه والتي يمكن ان يضاف لها امكانية اخرى وهي التصدير بالشاحنات ( الصهاريج ) عبر الاردن والتي تنتهي بميناء العقبة على البحر الأحمر، والتي تقدر امكانياتها مابين 150 الى 250 ألف برميل يوميا.

وهناك موضوع اخر ومهم لا ندري لماذا يجري الحديث عنه في كل تصريحات مسؤولي وزارة النفط العراقية واجراءاتهم في هذه الايام الا وهو موضوع انبوب النفط المار عبر الاراضي السعودية . فلقد كلف انشاؤه نحو 2.25 مليار دولار وقامت ببناءه شركة ميتسوبيشي اليابانية وتبلغ طاقته نحو 1.6 مليون برميل في اليوم، ويعد احد اضخم المشاريع التي تم بناؤها في الثمانينات لدعم صادرات النفط العراقية، اذ ساهم في رفع تلك الصادرات الى نحو 3 ملايين برميل يومياً انطلاقا من الزبير في جنوب العراق الى مدينة ينبع المطلة على البحر الاحمر. الا انه في عام 1990 وتنفيذاً لقرارات مجلس الأمن قطعت السعودية طرفي هذا الانبوب مباشرة بعد دخول القوات العراقية الى الكويت. وفي السابع من حزيران /يونيو عام 2001 اعلنت السعودية واستناداً الى الفقرة 16 من قرار مجلس الامن الخاص بتثبيت وقف اطلاق النارفي حرب الخليج الاولى ان خط الأنابيب الواقع داخل اراضيها، بما في ذلك الأنابيب ومحطات الضخ والخزانات ونظام الاتصالات ومرافق مناوبة الشحن، تؤول اليها بالكامل. وهذه بحد ذاتها جريمة وقرصنة لا يمكن السكوت عنها لانها تمثل استيلاء على ممتلكات دولة اخرى بطريقة غير شرعية حتى وان تمت استنادا الى لقرار مجلس الامن الذي ليس له الحق في اصدار اي تشريع او قرار يجيز الاستيلاء على اموال دولة من قبل دولة اخرى . ويجدر التنويه الى ان هكذا اجراء يحصل لاول مرة في التاريخ تجيز به مؤسسة دولية لنفسها الحق بالسماح لدولة بالاستيلاء على ممتلكات دولة اخرى.

وفي تصريح في مطلع شهر ايلول / سبتمبر 2003 قال المتحدث الرسمي باسم قوات الاحتلال في العراق تشارلز هتلي ان هناك دراسة لاستئناف ضخ النفط العراقي عبر خط انابيب يمر في الاراضي السعودية، مضيفا أن المباشرة باعادة اعمار الخط ستبدأ في النصف الاول من شهر تشرين الاول /اكتوبر من نفس العام وهو موضوع لم يصدر في شأنه أي رد فعل رسمي سعودي على ان وزير النفط السعودي تحفظ عن التعليق عليه في حينها . واشارت مصادر وزارة النفط العراقية ايضا إلى ان تأهيل الخط المذكور قد لا تكلف كثيرا، الا ان الصورة لم تكن واضحة من طرف الجهات المعنية في العراق ، اذ ذكرت الانباء لاحقا نقلا عن الجانب السعودي ان السعودية لم تتلق ما يفيد عن احياء المشروع من قبل الجانب العراقي !!! .

وباضافة امكانيات انبوب النفط المار عبر الاراضي السعودية اذا ما تم اصلاحه وتأهيله فسيصبح اجمالي الامكانيات المتاحة للمنافذ العراقية لتصدير النفط بحدود من 5.5 مليون برميل يوميا، وهذا الامكانات هي اكثر بقليل من الرقم المستهدف لتصدير النفط قبل نشوب حرب الخليج الاولى اذ كان العراق يهدف الى التوسع في الانتاج والتصدير وصولا الى رقم مابين 4 الى 5 مليون برميل يوميا طبقا لما تسمح به سياسة الحصص لمنظمة اوبك ، ولكن ذلك لم يتحقق بسبب تلك الحرب ، ولم يصل الحد الاقصى للكميات المصدرة الا الى 3.7 مليون برميل يوميا فقط. ومن جهة اخر فان وزارة النفط العراقية سبق لها قبل الغزو ان اعدت مشروعا لمد انبوب لنقل النفط العراقي الى مصفاة الزرقاء في الاردن وبطاقة تصديرية تصل الى 150 الف برميل يوميا اضافة الى تنفيذ دراسات اولية لمد خط نفطي جديد من العراق الى سورية وبطاقة تصديرية تصل الى 1.4مليون برميل يوميا. وشي اخر لابد من ذكره وهو ان وزير النفط السابق ثامرغضبان الذي عين بهذا المنصب بعد الاحتلال، وهو احد كوادر وزارة النفط العراقية قبل الغزو، سبق له وان اعلن ان لدى العراق انابيب كافية لتصدير نفس الكمية التي كان يصدرها العراق عام 1990 او اكثر.

اذن لماذا التخطيط الان لاقامة انبوب لتصدير النفط عبر الاراضي الايرانية وتحميل الاقتصاد العراقي المنهك تكاليف انشائه في وقت يمتلك فيه العراق امكانات تصديرية كبيرة تفوق حاجته الانية والمستقبلية وفقا لما اوردنا انفا ؟ الاجابة تكمن بانه قد بدأت تتضح ملامح مرحلة تقسيم الغنائم في العراق باشراف الاحتلال والتي تقف ورائها اصابع الصهيونية التي تريد بدورها اعادة بناء وتاهيل انبوب النفط بين الموصل في العراق ومحطات التكرير في حيفا الذي قد توقف في اعقاب حرب العام 1948 ، حيث ان من بين اهم اهداف التحالف الصهيوني ـ الأمريكي لاحتلال العراق هو تأمين النفط العراقي وإتاحة فرص استثماره للشركات الأمريكية ومن ثم السيطرة المباشرة أو غير المباشرة على المخزون النفطي العراقي المقدر بـ 120 مليار برميل والتي قد تصل الى 300 مليار برميل بعد اتمام عمليات الاستكشاف في بقية المناطق وهي الاحتياطات الكفيلة بتغطية الحاجة الأمريكية المتزايدة من النفط لمائة عام قادمة، ويساعد ذلك ايضا على تحكم الإدارة الأمريكية بسوق النفط وتهميش دور منظمة أوبك. وهذا يتطلب وجود حكومة موالية لها لابد للقائمين عليها ان يحصلوا على حصتهم غير المباشره في عملية النهب ، لذا يبدو ان المجموعة التي جاء بها الاحتلال وساهمت بتدمير العراق واستولت على اقتصاد دولة باكملها قد اصبحوا بين ليلة وضحاها ماسكين بمؤسساتها ومقدراتها ويتحكمون بمصيرها اقتصاديا وسياسيا. يبدو من هذا انهم اتفقوا فيما بينهم وقرروا ، من خلال استغلال الفوضى السائدة والارتباك الذي يميز اوضاع الاحتلال وترنحه على ارض العراق ، ان يستقطعوا حصة لايران لمكافأتها على مواقفها ضد العراق في حرب الخليج الاولى وفي الغزو الاخير الذي ادى الى احتلاله وليتسنى لهم ايضا العمل بحرية مطلقة في عمليات النهب عبر ارهان جزء مهم من مقدرات العراق لدى هذه الدولة الجارة اللدود وكعامل ضغط آني ومستقبلي لخدمة مصالحهم التي تشابكت مع هذه الدولة .

وهنا يكمن السبب في تعيين ابراهيم بحر العلوم وزيرا للنفط مرة اخرى وهو يعمل الان باشراف الجلبي الذي اصبح نائب لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية خصوصا لماعرف عن هذين الجري وراء المال حتى لو اتى عبر السرقة واللصوصية. فبحر العلوم هو اول من قام بتخويل عمليات بيع النفط العراقي بالاحالة المباشرة لجهات معينة ولاشخاص معينين بخصم وصل احيانا الى 9 دولار اقل من سعر السوق السائد ، اما احمد الجلبي فهو ليس بحاجة الى تعريف . لذا فامر انبوب النفط مع ايران ليس لحاجة العراق له وانما لحاجة اللصوص واسيادهم .

واخيرا لابد من الاشارة الى سوء حظ العراق مع الدول التي تمر عبرها انابيب النفط العراقية اذ انها تعرضت دائما للسلب ، فالخط المار الى ميناء حيفا توقف بعد حرب عام 1948 وقامت السطات "الاسرائيلية" بمصادرته مع النفط الموجود فيه وقامت باستخدم الانبوب لاغراضهم . والانبوب المار عبر الاراضي السورية تم ايقافه من قبل سوريا منذ عام 1979 على اثر توتر العلاقات السياسية بين البلدين واستحوذت سوريا على النفط الموجود فيه وقامت باستخدامه لنقل النفط السوري المستخرج من الحقول القريبة طيلة السنوات منذ عام 1979 ولغاية عام 1997 حين تم اعادة تشغيله بعد اعادة ربطه بالجزء الواقع في الاراضي العراقية بعد تحسن العلاقات بين البلدين . وكذلك الحال بالنسبة للانبوب المار عبر السعودية والذي تم غلقه من قبل السعودية عام 1991 واستحوذت السعودية كذلك على النفط الموجود فيه وقامت باستخدامه لاغراضها بعد ربطه بانبوب شركة ارامكو لنقل النفط من الحقول القريبة طيلة الفترة منذ عام 1991 ولحد الان . والانكى من ذلك هو اعلان السعودية مصادرتها للانبوب واعتباره ملكا لها كما اوردنا سالفا . ولا ندري ماذا سيكون مصير انبوب النفط الذي سيقام بين العراق وايران الدولة الجارة "اللدود" للعراق والدائمة في خلق التوتر معه خصوصا وانه يمر عبر حقول النفط في جنوب عبادن التي هي بامس الحاجة للمزيد من الانابيب لنقل النفط الى موانئهم على الخليج العربي.

الخلاصة ان العراق لا ولن يكون بحاجة الى مد انابيب لنقل النفط الى ايران وتحت اي مبرر لان ما متوفر لديه من امكانيات متاحة هي كافية حتما ، واذا ما ظهرت حاجة مستقبلية في ضوء الزيادة في انتاج الحقول الجنوبية فان بامكانه انشاء المزيد من منصات التحميل على السواحل العراقية المطلة على الخليح وانشاء ألسنة بحرية وجزر اصطناعية لهذا الغرض وهي اقل كلفة اضافة لكونها تحقق القرار المستقل طبقا لمبدأ سيادته على اراضيه ومياهه الاقليمية وعدم ضرورة تدخله في مشاكل مع دول الجوار خصوصا تلك التي لاتكن له خيرا ابدا .

على كل حال ان تصريح السفير المذكور يشير الى ان تنفيذ الاهداف الحقيقية للحرب على العراق يجري على قدم وساق بعيدا عن جعجعة الاعلام السياسي واصوات القنابل ودماء الضحايا ، وعلى كل العراقيين الانتباه لها والعمل على افشالها.

للعودة إلى موقع: سيبقى العراق الى ألأبــــد

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker