تحالف الكلاب وثلاث أعوام على احتلال العراق
تحالف الكلاب وثلاث أعوام على احتلال العراق
بقلم : محمود شنب
mahmoudshanap@yahoo.com
منذ فترة ـ ليست بالبعيدة ـ قلنا ان العراق صار "خرابه" ، واليوم وبعد مرور وقت ليس بالطويل تحولت الخرابة إلى غابة تحوى كل حيوانات الأرض ، وفى ظل غياب القانون والدستور والشرعية وغياب أصحاب البلد الحقيقيون ، وغياب الحاكم الشرعى للبلاد .. اقترفت حيوانات الغابة كل أنوع الجرائم دون ضابط أو رادع تحت سمع وبصر العالم كله .. هذا يسرق ، وهذا يغتصب ، وهذا يزنى ، وهذا يقتل ، وهذا يعذِب ، وهذا يخطف ، وهذا يزايد على الحق ، وهذا يتاجر بآلام الوطن ، والكل يعمل بحرية فلا محاسب من البشر ولا رقيب من العالم ، وتلك هى الحرية التى بشرتنا بها أمريكا والقابلة للتطبيق فى كل العواصم العربية !!
حيوانات من كل بقاع الأرض تملأ الآن الغابة ، وملك الغابة فى الأسر يخشوا من زئيره فيحبسوا صوته وهو فى قاعة المحاكمة .. أهل العراق يتمنوا يوم من أيامه ، وحيوانات الغابة تستعجل قتله والتخلص منه ولا أحد يعلم الغيب إلا الله ..
ولكن ... ومن الواضح والمعلوم أن عرين الأسد لا يمكن أن يحميه غير الأسد حتى لو اجتمعت لحمايته كل كلاب الأرض ، فلن يملئ فراغ الأسد غير الأسد ، ومنذ أن خلق الله الخلق والجميع يعلم بأن الأسد أسد والكلب كلب ، فما بالنا ونحن بصدد كلاب ليست بأليفة أو معروفة حتى يثمر فيها المعروف أو يظهر فيها الوفاء ، وإنما هى كلاب ضالة تتجه حيث يريد راعى الكلاب الأمريكى ـ الذى نزل من رعى البقر إلى رعى الكلاب وغدًا يرعى النمل ـ الكلاب التى فى العراق ليس لها تاريخ طبى .. إنها كلاب شوارع أتت من كل بقاع الأرض لتعمل فى وظيفة نهش اللحوم وتكسير العظام .. فيها الأسود والأبيض والأشقر والأصفر وفيها الخسيس وفيها الوضيع وفيها الخائف وفيها الغادر وفيها الأجرب وفيها الخائن ... منها من تكفيه كسرة خبز يبيع فى سبيلها عرضه وشرفه ، وفيها من تلهيه العظمة فيرضى بخيانة قومه مقابل منصب وضيع يوليه إياه مورد الكلاب الأمريكى الذى هو فى الأصل من سلالة الكلاب أبًا عن جد !!
وعلى مدى الثلاث سنوات الماضية شاهد العالم كله حجم الدمار والخراب الذى لحق بأرض العراق ، وشاهد لوعة الأهل ومرارة الظلم والقهر لأناس كانوا أعزاء فى أوطانهم شرفاء فى مبادئهم آمنين فى أقوامهم ، وكل ما حدث حدث منذ اليوم الأول لسقوط الأسد فى الأسر .
وفى هذه الأيام نشاهد أيضًا تعارك الكلاب فيما بينها من أجل تشكيل حكومة للكلاب تضفى الشرعية لراعى الكلاب ، وهذا ليس مستغربًا فالكلاب المتواجدة الآن على أرض العراق لا يوجد رابط بينها غير إدمان الغدر والخيانة ، ولن يستقيم طريق الخائن ولو حرص ، ولن تتغير طباع الكلب ولو حكم ... يظل الأسد أسد ويظل الكلب كلب ، وصدق الشاعر حين قال :
السبع سبعٌ ولو قــُصت مخالبه والكلب كلب ولو طوقته ذهب
وما أوسع الفرق بين حاكم كان يحكم العراق والعراق كله فى قبضته وبين مجموعة كلاب تعمل لصالحها أو لصالح فئة بعينها دون اعتبار لمصالح العراق كدولة وأمة واحدة ، فأصبح العراق مهلهلاً لا أحد يعرف مصير مستقبله ...
الكلاب الموجودة الآن فى العراق كلاب نجسة مأجورة ومنعدمة الأصل والتربية ، ووالله إن ذلك ليس بالسب ولا بالقذف ولكنه واقع رأيناه بأيعننا فى سجن أبو غريب وفى مساجد الفلوجه وفى الاعتداءات البريطانية والأمريكية على الأبرياء من الشعب العراقى والتى شاهدها العالم كله ، وللأسف فالكلاب المستوردة هذه وجدت ضالتها فى بعض كلاب العراق فأقاموا تحالف قذر أسموه "تحالف الكلاب" ولقد أجهدت أمريكا نفسها كثيرًا فى تدريب الكلاب العراقية وقصدت بذلك ملئ فراغ الأسد ، فكانت النتيجة مخيبة للآمال الأمريكية حيث الاستئثار والأنانية وحب الذات والمكائد والفتن والخيانة والاغتيالات إلى أن صارت الحرب الأهلية على الأبواب ، وهاهى الأيام تجرى والشهور تمضى والسنوات تمر ولم تكفى ألف يوم على إيجاد رجل يحاكى صدام فى رجولته وقوته وحكمته وصلابته .
لقد نجحت أمريكا فى الهدم بدرجة إمتياز وسقطت فى البناء والإعمار بدرجة لا تقل عن درجة الهدم ، وكل إنسان خلق لما يُسر له ، فالهدم لدى أمريكا مهنة وحرفة وتملك من أدواته ما لا يخطر على قلب بشر ، وعلى هذا الأساس لا يمكن للشيطان أن يتحول إلى مصلح ولا يمكن للحانوتى أن يصبح طبيبًا ، ففاقد الشئ لا يعطيه ، وأمريكا لا يمكن أن تبنى مجد وفى أصابعها الديناميت والمتفجرات والقنابل والصواريخ والبوارج والطائرات .. هذه الأدوات لا تبنى مجد ولا حرية ولكنها تخلق دمار وعبودية .
إن أمريكا منذ وجدت وهى نذير شؤم على البشرية ، ولقد ارتضى حكامها بأن يكونوا "رؤساء أنفار" يجمعوا العاطلين عن العمل من على الأرصفة والشوارع ويوظفوهم كعمال هدم فى أوطانهم وغير أوطانهم .. من أجل ذلك لا تجد بلدًا ينزل فيه بوش المجرم إلا وقوبل فيه بعاصفة من الاعتراضات والتظاهرات والتنديد وإحراق الأعلام والدمى التى تعبر عنه .. يحدث ذلك حتى فى البلاد التى يتواطأ حكامها معه ، وتلك إهانة ما بعدها إهانة لا يمكن لمخلوق أن يقبلها أو يتحملها إلا إذا فقد القدرة على الإحساس بالمشاعر وتأنيب الضمير وجلد الذات .
لا توجد دولة فى العالم يُعامل حاكمها بمثل ما يعامل به حاكم أمريكا ، وعلى الرغم من ذلك لا يراجع السفيه نفسه ولا يُـغير من طباعه !!
وعلى مستوى العالم كله لا يصادق بوش غير المنبوذين من الحكام ، فلا يعرف غير كرزاى وبرفيز مشرف والجعفرى وملك الأردن وحاكم مصر وخادم الحرمين وطراطير الخليج وما شابه هؤلاء السفهاء من البشر ، وصدق من قال إن الطيور على أشكالها تقع ، فلا هو يراجع مواقفه ولا هم يراجعون مواقفهم .
أما الشرفاء من الناس فإنهم يقفوا على الجانب الآخر من القضية .. أعناقهم طويلة .. مبادئهم سامية .. أخلاقهم نبيلة .. لا يضرهم من ضل من الحكام أو العملاء .. يعملون وفق دستور السماء .. العين بالعين والأنف بالأنف والحرمات قصاص .... هؤلاء القوم لا تنال منهم أمريكا شعرة من شعر لحاهم ولا ظافر من أظافرهم ، وها هو أسامه بن لادن يعيش طليقـًا والحكام مقيدون ، وها هو صدام حسين يظل عزيزًا وشامخًا وحكامنا ساجدون ..
الحُر لا يعرف الإنحناء ، والشرفاء تتلألأ أفعالهم كتلألؤ الضوء على صفحات الماء ، والمؤسف أن يوجد بين الفريقان من حُرم بوصلة الاتجاه وحُرم الصدق وشرف الانتماء فعاش مذبذبًا لا إلى هؤلاء ولا هؤلاء ، ونموذج ذلك "القذافى" الذى يسقط الطائرة ثم يدفع تعويضها ، ويشترى السلاح ثم يسلمه لأمريكا .. إن شأنه شأن من يُمسى مؤمنـًا ثم يصبح كافرًا أو شأن من يسرح مع الذئب ويعود مع الغنم !!
فى مسألة صدام حسين ... لو فكر كل إنسان بهدوء وأعاد ترتيب أوراقه واستخدم عقله وفطنته وأبعد نفسه عن المؤثرات التى تطلقها وسائل إعلام الغرب والقوى التابعة لها لوجد الفارق رهيبًا بين كل ما يراه بقلبه ويستخلصه بفطرته وبين ما يحاول الطغاة زرعه فى نفوسنا من أجل خلق قرار زائف ومجرى محدد للأحداث يخدم مصالحهم لا مصالحنا ..
صدام حسين لم يكن طاغيه ولا ديكتاتورًا مثلما يصوره لنا الأنذال ، ولم يكن قليل الإيمان مثلما دأب على تصويره الحكام ، ولو كان كذلك لكان مثلهم يحج فى كل عام إلى البيت الأبيض ويرتع فى قصوره ومنتجعاته وما أصابه ما أصابه هو وبلاده وأولاده ، لكن الحقيقة غائبة وستظل غائبة إن لم نستخلصها بأنفسنا ، وهذه الحقيقة لن تفيد صدام ولن تضره لكنها ستفيدنا فى تعاملنا مع الأحداث وفى تحديد الكثير من المواقف .
لقد خـُدعنا كثيرًا بجرائد النظام وإعلام النظام وشيوخ النظام ومثقفو النظام ، ووقعنا فى فخ الفهم الخاطئ للأحداث ، وظلمنا أنفسنا وظلمنا غيرنا ، وعلينا الآن أن نبرأ إلى الله من كل ذلك ، فلرب دعوة من مؤمن صادق الإيمان ترتج لها أبواب السماء ويفتح الله بها ما أغلق علينا من رحمة وثواب نتيجة تقاعسنا عن نصرة من أبوا على أنفسهم إلا نصرة الدين والتمكين للأمة ورفع الظلم الواقع عليها .
هل كان أسامه بن لادن إرهابيًا حتى لا ندعو له ؟!!
هل كان صدام حسين عميلاً حتى نتنصل منه ؟!!
هل يستحق شعب العراق ما يحدث له وقد فاض خيره من قبل على الجميع ؟!!
هل إيران فعلاً هى العدو الذى يجب ألا يملك التكنولوجيا النووية وإسرائيل هى الحليف والصديق ؟!!
هل مجلس الأمن يعمل من أجل أمن الدول أم من أجل تركيعها وإذلالها ؟!!
هل نحن حقا نتشبه بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا )) ، و(( المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يسلمه )) ، و(( أنصر أخاك ظالما أو مظلوما )) ، و(( من أعان على قتل مسلم ولو بشق كلمة أتى يوم القيامة مكتوب على جبهته يائس من رحمة الله )) ؟!!
هل نحن حقا مسلمون ؟!!
هل .. وهل .. وهل ...
كلها أسئلة نملك إجابتها ونملك تعديل مواقفنا منها إن تحررنا من سطوة الإعلام الكاذب والفاجر الذى يديره الغرب بأموالنا وحكامنا !!
لقد تحول الجسد العربى والإسلامى إلى حقل تجارب لأسلحة الغرب الجديدة دون أدنى وازع من عقل أو ضمير أو قانون دولى .
هل تحول حكامنا إلى خيالات مقاته فى حقول الجماجم ؟!!
ثلاث سنوات دامية مرت على العراق الحبيب ، وأكثر منها مر على أفغانستان الصابرة والدماء الإسلامية لم يتوقف نزيفها يومًا واحدًا ، والانتقام من كل ما هو إسلامى طال كل شئ .. طال حتى الشجر والحجر والحرث والنسل وكل ما هو قائم فى بلاد الإسلام ، فما الذى فعلته الشعوب العربية والإسلامية فى دول الغرب الملحد لكى تلقى كل هذا القهر والظلم والرعب والقتل والتعجيز والتنكيل والتدمير والنيل من الحرمات واستباحة المقدسات وسرقة الثروات ؟!!
تـُضرب الشعوب من قبل الغرب الملحد ، ويُضرب من يقاوم من قبل الحاكم المشرك !!
تـُضرب الشعوب فى مواسم الانتخابات ، وتضرب عند المطالبة بحقوقها ، وتضرب إذا انتقدت حاكمها الديوث ، وتضرب إذا نفذ صبرها من البطالة وسوء الخدمات ، وتضرب إذا طالبت بالإصلاح وتحكيم شرع الله ، وتضرب إذا ثارت فى وجوه الطغاه وسألت عن مواردها المنهوبة والمسلوبة ، ومن لم تطوله أصابع بوش وشارون تطوله أصابع فرعون وقبضة أجهزته الأمنية ، ولا شئ يطول الحاكم الديوث فأمريكا فى الخارج تحميه وأجهزته الأمنية فى الداخل تدافع عنه ، ولا ينال الحاكم أدنى أذى إلا إذا انحاز لشعبه ودافع عن مقدسات بلاده وثروات وطنه .. عندها يتحول إلى فرد من الشعب يلقى ما يلقوا ويعيش مثلما يعيشون مثلما يعيش صدام حسين الآن .
إننا نعيش عصر الإنسانية الأسود .. عصر لا تحكمه قوانين دولية ولا شرائع سماوية .. عصر من البلطجة الرسمية التى تفرض نفسها على الآخرين بالقوة والجبروت وحرمان الآخرين من كل أساليب القوة والتقدم .
أنبل حاكم عربى يعيش الآن فى الأسر وغيره من الزناة والشواذ واللواط يعيشون طلقاء يستقبلون بوش ويبتسمون لشارون ويجالسون البابا !!
أى عهد هذا الذى تعيشه الأمة ولا تملك الفكاك منه ؟!!
عندما يملك شخص سعودى واحد ينتمى للأسرة الحاكمة 20 مليار دولار دون أن يضرب ضربة فأس واحدة أو يقف أمام ماكينة للإنتاج ، فمن أين يأتى بكل هذا المال الحرام الذى جمعه من بترول لم يخلقه الله له ولا لأسرته وإنما لكل مسلم يعيش على أرض الحرمين وغير أرض الحرمين ، ثم يحاسبوا صدام على بضع قصور أقامها وهو يبنى بلاده وشيدها وهو يشيد قلاع التنمية والإنتاج .. لم يجدوا شئ يحاسبوه عليه غير امتلاكه لتلك القصور ، وما قصوره إلا أكواخ متواضعة إذا ما قورنت بقصور غلمانهم ومحاظيهم ونساءهم وأولادهم !!
أترك القراء لرسائل القراء وبعض الكتاب الشرفاء لعلنا نتعظ ونغير من مواقفنا ..
فى جريدة الأسبوع كتب اللواء كمال حافظ تحت عنوان "أعيدوا صدام" :
( دعونا نقارن بين عهد صدام حسين وعهد الاحتلال ورجاله. أيام صدام لم تقم أية حروب أو عداوات بين العراقيين بسبب اقتسام السلطة أو السيطرة على النفط أو أى نزاع آخر قبلى أو عنصرى وكانت بغداد والمدن العراقية تسبح فى بحبوحة العافية وبرغم حروبها الخارجية وجدنا وحدة وتماسك داخليًا يشهد له الجميع، وأيام الاحتلال نشاهد ما شهدناه من قتل وتدمير وإستيلاء على المصالح إلى جوار ديمقراطية شوهاء تتقلص وتصرخ لتخرج لنا لونا من ألوان التبعية حتى ينادى رئيس الدولة ببقاء جنود الاحتلال إلى الأبد. لم يحدث طول حربنا ضد جنود الاحتلال فى بلادنا أن تطاول أحد حتى من أعوانه ينادى ببقاء جنود الاستعمار. أعيدوا صدام إلى منزله وليلجأ هو وأعوان الاحتلال إلى الشعب العراقى وسنرى أن الناس تختار الأمان وحرية القرار والحفاظ على المصالح. أيام وستمضى وسيأتى ربيع المقاومة حاملاً معه زهرة الحرية ) .
وفى جريدة الوفد كتب الشاعر والصحفى الأستاذ سيد أمين تحت عنوان "وجهة نظر فى موضوع صدام حسين" :
( لماذا كل هذه الكراهية لهذا الرجل ؟! كان ديكتاتوريًا .. إذن ... هل يستطيع أى منكم أن يجد لى من أقرانه العرب من هو ليس ديكتاتوريًا ؟
كان يقمع الحريات فى بلده .. وهل وجد ذلك الذى لم يقمعها من أقرانه بشكل أو بآخر، رغم ما يتواتر عنه من أحاديث بأنه كان عادلا، وأن نظام حكمه لم يكن طائفياً ولا محصوراً فى طائفة بعينها وهو الأمر الذى يتضح جلياً من تحليل بسيط لهويات وعناصر حكوماته.
إذن، لماذا كل هذه البغضاء تجاه هذا الرجل بالذات؟!
هل ينكر أحدكم أنه ضحى بولديه فى المعركة، وأنه لم يهرب ولم يفكر فى أن يستمتع بباقى عمره هو وأسرته فى جزر البهاما أو منتجعات جنوب فرنسا مثلاً .. أو حتى يستمر فى حكم العراق شريطة أن يعترف بإسرائيل ويقدم لها كل قرابين الطاعة كما فعل أقرانه. دعونا نقلها ولو مرة واحدة حياء من التاريخ أننا غرقنا حتى آذاننا فى الدعايات المسمومة التى وجهت إليه.
أنا أعتقعد أن نظام حكم صدام حسين لن يعود مطلقاً للسلطة. وليطمئن هؤلاء الخائفون، وها هو رمز النظام قابع فى سجون الاحتلال ويحاكم من قبل قضاة الاحتلال، فماذا نخشى أن نقولها صراحة بأن جريمته كانت محاولتنه بناء عراق قوى وحديث رادع للقوى الصهيونية وهو الأمر الذى لم يرق لأعداء المة العربية.
ألم يكن صدام حسين هو الحاكم الوحيد للعراق الذى أعطى حكماً ذاتياً للأكراد على خلاف أحوالهم الصادمة فى تركيا وإيران؟!
ألم يكن صدام حسين هو الحاكم العراقى الوحيد الذى يعترف باستقلال الكويت منذ تولية السلطة بينما رفض من هم قبله الاعتراف بها؟!
ألم يستوعب أربعة ملايين عامل مصرى من صميم القاعدة الكادحة وجعل العراق لهم مهاداً؟
فلماذا لا نذكر له فضيلة واحدة؟!.. فحتى لو كان شيطاناً كان بالتأميج له حسنات، فها هو صدام يحاكم الآن فى محكمة الاحتلال، يقف صامداً أمام المحن، لم يهادن جلاديه ولم يعقد ممعهم صفقة للخلاص، رغم أن المحكمة التى تحاكمه باطلة قانوناً وصورية شكلاً، وذلك لأنها شكلت بناء على أوامر بريمر وعلى الانتخابات الصورية التى جرت والتى فرض نتائجها الاحتلال سلفاً، وهو الأمر الذى تناولته المادة 64 من اتفاقية جنيف الرابعة والتى جاء فيها ( ليس لقوة الاحتلال سلطة تشريعية لتغيير القوانين ).
كما أن الشهود العجاب الذين يحفظون تواريخ ميلاد الناس فى مدينتهم وتفاصيل حياتهم رغم أن سن أحدهم كان فى القضية المطلوب الشهادة فيها لا يتجاوز سن الطفولة.
ثم أن هناك أمراً فى غاية الأهمية وهو أن معظم الوقائع التى رويت كانت سماعية .. وأيما كان رفضنا أو تأييدنا لها فإنها وقائع تحدث بصفة اعتيادية فى كل أقسام الشرطة والمعتقلات التى فى عالمنا العربى ولم يختص بها صدام وحده.
إن ما تقوم به سلطات الاحتلال البغيض فى العراق من قلب للحقائق والمفاهيم وخاصة فى تلك المحاكمة الصورية تذكرنى بمقولة شهيرة لماوتسى تونج حاثاً رجاله على استقطاب تعاطف الناس تجاه قضاياهم ( يجب تحويل الحروب غير العادلة إلى حروب عادلة )، وأمريكا وتلك الميليشيات الحاكمة فى بغداد حولت الأنظار من أفعالها المشينة وهى إبادة شعب العراق بوسائل الفتك المحرمة دولياً إلى محاكمة صدام حسين على جرائم شبيهة، بينما ارتدت هى قسراً رداء الديمقراطية.
ولا يفوتنى أن أنبه إلى أن الفشل الذى كلل مساعى الاحتلال ورجاله فى العراق بعدما لم يعثروا سوى على بضعة أشخاص يشهدون ضد صدام حسين بعد سنوات من البحث والتدبير والتجهيز وهو ما يعد شهادة له وليس شهادة عليه .
ولو مجازا تصورنا أن الذى يحاكم هو أى حاكم عربى "أو قل بوش" ألم نكن سنجد طوابير من الشهود ؟!!
وعموما أختتم بمقولة غاندى بأنه من الفخر أن يدخل الإنسان السجن فى قضية محقة وذلك لأن قضية صدام الكبرى هى حبه للعراق وللشعب العربى ، وليختلف معى من يختلف ولكن دعونا نقلها شهادة للتاريخ ) .
0 Comments:
Post a Comment
<< Home