Monday, January 29, 2007

حوار مع عضو القيادة القومية لحزب البعث

حوار مع عضو القيادة القومية لحزب البعث

علي الريح السنهوري

* القوات المسلحة العراقية موجودة وقيادتها متماسكة. امريكا تولول اليوم وتعترف بانها لن تكسب الحرب

* الامريكيون ساوموا صدام بواسطة رامسفيلد ورايس حول قواعد دائمة في العراق والاعتراف باسرائيل

حوار: احمد يونس

قال امين سر حزب البعث علي الريح السنهوري ان قيادة حزب البعث غير آسفة لاحتلال العراق لانها خسرت الارض دون ان تخسر الشعب، وان المقاومة العراقية الموحدة تحت قيادة البعث توجه ضربات قاسية لقوات الاحتلال وعملائها، واعلن عن تسمية عزة الدوري رئيساً للعراق وقائداً للقوات المسلحة العراقية واميناً لقطر العراق خلفاً لصدام حسين، وقال ان الحرب في العراق لم تنته وان المقاومة في العراق ستستمر حتي اخراج الغزاة من العراق، وسخر وهو يتحدث للرأي العام من اتهام المقاومة العراقية بتفجير المواطنين العراقيين واتهم الاحتلال وايران بتدبير الاغتيالات، بقوله ان المقاومة تنفذ عمليات نوعية ضد المحتل، وانها ماضية حتي التحرير.

وكشف السنهوري في منزله بالخرطوم عن مساومات قال ان الامريكان قدموها للرئيس صدام حسين قبيل اغتياله باسبوع تمثلت في اعادته للسلطة مقابل الاعتراف باسرائيل وتمكين الامريكان من ثروات العراق، او نقله هو والاسري الآخرين الي بلدان اوروبية ليعيشوا كرؤساء دول مقابل الطلب من المقاومة الكف عن عملياتها العسكرية واعادة الشرعية لحزب البعث، لكنه رفض بقوله (حياتي فداء لتحرير العراق).

لماذا سقطت بغداد وسقط العراق في يد الامريكان في تقديرك؟ سيما وانك كنت شاهداً علي الاحداث بحكم وجودك في قيادة حزب البعث وفي بغداد تلك الايام؟

بغداد لم تسقط، ما زالت واقفة وصامدة وتقاوم، والحرب مستمرة باستمرار المقاومة، قيادة العراق وعلي رأسها (الشهيد صدام حسين) في ذلك الوقت لم تستسلم كما استسلمت اليابان او المانيا، رفضت الاستسلام وما زالت تقاوم، ما ادي لاعتراف بوش بعد خمسة اشهر من الاحتلال ان الحرب لا تزال مستمرة، وحول سرعة دخول القوات الامريكية الي بغداد، فالحرب منذ يومها الاول كانت في بغداد اعتماداً علي القصف الجوي المكثف علي مواقع القوات داخل وخارج بغداد، مستفيدة من التفوق الحاسم الذي يملكه العدو، الذي كان قادراً علي ضرب اية تحشدات للقوات العراقية، وهي بلا طيران وبلا اقمار صناعية، وغير قادرة علي رؤية ساحة المعركة وتحركات القوات الامريكية، الاّ بالدراجات النارية السريعة، ولان المعركة لم تكن متكافئة خططت القيادة بقيادة الشهيد لمعركة مقاومة وحرب عصابات طويلة الامد لعدم قدرتها علي مواجهة الغرب الاستعماري في حرب نظامية..

هنا يأتي سؤال، ما جدوي الدخول في حرب او معركة انت مقتنع سلفاً انك لن تكسبها؟

سنكسب الحرب، لان لها اشكالا مختلفة، هناك الحرب النظامية وغير النظامية، الصفحة الاولي كانت الحرب النظامية، لم يكن بالامكان ترك امريكا تحتل العراق مجاناًُ، لنقاومها بحرب غير نظامية، في الحرب النظامية كانت القوات العراقية تقود معركة قوات غير نظامية بتجزئة الوحدات القتالية، ما ادهش الامريكان حين لم يجدوا القوات العراقية ولم يجدوا اسلحتها، القوات المسلحة العراقية موجودة وقيادتها متماسكة، وتمثل رأس رمح المقاومة مع فدائيي صدام، ومناضلي البعث والمجاهدين العراقيين الوطنيين، وتقود المعركة اليوم، امريكا تولول اليوم وتعترف بانها لن تكسب الحرب، رئيسها يقول ان الهزيمة في العراق ستنعكس علي كل المنطقة، وسوف تتحول لهزيمة حضارية للغرب..

لكن العراق محتل الآن!!

لقد احتلوا الارض لكنهم لم يحتلوا قلوب الشعب الذي يقاوم رغم عدم وجود جبال او غابات، ما يجعل حاضنة المقاومة الرئيسية تنحصر في جماهير الشعب العراقي، ولأن للمقاومة قاعدة شعبية عريضة فهي مستمرة.

السؤال ما جدوي حرب كهذه بالاصل استاذ علي؟!

لا جدوي لحرب يقودها مستعمر لاحتلال بلد ما في القرن العشرين، هذا سؤال يجب توجيهه للامريكان، لقد اعترفوا بخطئهم في كل شيء، ليس بالذرائع التي احتلوا باسمها العراق فقط، لانهم يعلمون انها مجرد اكاذيب لاحتلال العراق، اعترفوا ان حربهم ضد العراق لم تكن مدروسة، وانهم لم يقدروا قوة وقدرة حزب البعث علي تحريك مقاومة شعبية واسعة ومستمرة ومتصاعدة، ادركوا خطأهم في وقت متأخر، مأزقهم انهم لا يستطيعون البقاء لان النار تشتعل تحت اقدامهم، ولا يستطيعون الانسحاب لان انسحابهم يعني هزيمة تاريخية وحضارية، وقد قال وزير الدفاع الامريكي السابق رامسفيلد للاوروبيين (ستدركون بعد ثلاثين عاماً ان هذه الحرب كانت ضرورة تاريخية).

لا تنازل

اما كان بالامكان تجنب هذه المواجهة غير مضمونة النتائج بتقديم بعض التنازلات لتقليل الخسائر التي تقدم الآن؟!

هذا القرار ليس بيد العراق او الامة العربية، بل لدي قوي الاحتلال، فما هي التنازلات المطلوبة من العراق لتقليل الخسائر كما ذكرت؟! في عام 1993م قال مبعوث بابا الفاتيكان الكاردينال سلبريستي لصدام ان الحصار لن يرفع بقرار مجلس الامن او اية جهة اخري، الطريقة الوحيد لرفعه علاقات مباشرة مع الكيان الصهيوني! حالة استجابة العراق، سيلتقي وفد عراقي بممثلين للكيان الصهيوني ليملوا شروطهم: تصفية كل قوي المقاومة للكيان الصهيوني ومحاصرة الثورة الفلسطينية، وليس الاعتراف باسرائيل وحده!

لكن المحصلة كانت واحدة..

المحصلة هي الاستسلام..

الآن الثورة الفلسطينية محاصرة!

الثورة الفلسطينية تقاوم لان المقاومة هي حياة الامة العربية في مواجهة المخطط، ولتحقيق المشروع القومي الثوري العربي، الشيء الذي ادركه القائد المؤسس (احمد) ميشيل عفلق (عليه رحمة الله)، اربعينات القرن الماضي، وقال (ان طريق توحيد الامة وتحريرها لن يمر الا عبر تضحيات جسام)، هذا قدر الامة العربية المحتوم، ان تدفع الثمن غالياً، قبل ان تحصل علي استقلالها ووحدتها.

ماذا تقول فيما تردد بعيد احتلال بغداد، ان هنالك ثمة خيانة؟

ليست هنالك خيانة، نفيت هذا من قبل، لربما قصر بعض القادة، ذكرت بعض الاسماء وقيل ان طائرات خاصة نقلتهم الي امريكا، ثم اعلنوا في الفضائيات انهم (مطلوبون لانهم يقودون المقاومة)، بينهم الفريق الركن ماهر عبد الرشيد، فرية الخيانة جزء من حملة اعلامية لتحطيم الروح المعنوية العربية، واظهار العرب كمن يبيعون اقدس ما عندهم بثمن بخس، هذا هدف الامبريالية الذي لم يتحقق لان من اتهمومهم بالخيانة كانوا يقودون المقاومة، بل ان هنالك بعضهم بين قوافل الشهداء التي تتواصل يومياً في العراق.

تنقل التقارير ان المقاومة ذات طبيعة طائفية، وانها مقاومة سنية مقابل قبول الشيعة والاكراد بالاحتلال، ما مدي دقة هذه التقارير؟

الولايات المتحدة وايران تريدان تقسيم الشعب العراقي طائفياً لشغله بصراعات جانبية، ايران تريد نيل حصة الشيعة العراقيين عبر البرنامج الطائفي، والامريكان يستخدمون اعلامهم والاعلام العربي المتأمرك لتقسيم شعب العراق (لسني وشيعي آثوري ومسيحي ومسلم)، الواقع ان اغلبية العراقيين يرفضون هذه التقسيمات، ويحتقرون ويزدرون من يطلقها، هنالك سنة وشيعة، وهناك قوة مشبوهة تؤجج الطائفية، سأعطيك امثلة: أولاً: (ضبط بريطانيان يرتديان الزي العربي في البصرة يوقفان سيارة مفخخة قرب احد المساجد، جاءت القوات البريطانية وحررتهما بالقوة من الشرطة). مثال آخر (حاول امريكيان وضع سيارة مفخخة جوار احد مساجد حي العامل في بغداد، عندما اكتشف المواطنون انهم ليسوا عرباً انتزعتهم القوات الامريكية بالقوة). هذا بثته الفضائيات، فلماذا تفخخ قوي الاحتلال السيارات امام المساجد؟ لتثير الفتنة الطائفية.

ومثال ثالث: اقتحم من يسمونهم بـ(المغاوير) مبني وزارة التعليم واخذوا مئتي استاذ في اكثر من مئة سيارة، ثم صنفوهم طائفياً، قتلوا السنة وتركوا الشيعة، في وضح النهار، انهم رسميون ايرانيون بقيادة ايرانية برفقة المجرمين الفارين من العراق، جاؤوا علي ظهور الدبابات البريطانية والامريكية، اتباع المجلس الاعلي للثورة الاسلامية جماعة الحكيم، وحزب الدعوة جماعة المالكي والجعفري، والمحسوبون علي مقتدي الصدر ممن يسمون بجيش المهدي، ويقدر عدد عناصر المخابرات الايرانية في العراق بمئات الآلاف، مضافاً اليهم الايرانيون الذين يحتلون البصرة.

يقوم بعض السنة وبعض الشيعة باعمال تخريبية كردة فعل غير منظمة، اما التفجيرات والاغتيالات في مواقف المواصلات ووسط الباحثين عن العمل هذه ليست مقاومة، اية مقاومة هذه؟ واي عراقي يفجر سيارة وسط العمال البسطاء؟ هذه عمليات مدبرة ومدروسة، يضاف اليها اغتيال العلماء العراقيين كهدف تلتقي عليه الموساد الصهيونية والايرانيون، ايران تسعي لاضعاف العراق وتفريغه من الكفاءات انتقاماً لهزيمتها في حرب الثمانية سنوات، يغتالون الضباط والطيارين بعد مرور عشرين سنة من وقف الحرب، ومثلها مصالح اسرائيل.

ماذا عن نظرية المؤامرة؟

انت تستند علي نظرية المؤامرة لتفسير و تبرير ما حدث للعراق، الا تتحمل قيادة العراق السابقة اية مسؤولية؟

اية قيادة تعني؟

اعني قيادة العراق قيادة صدام حسين..

كان هنالك خياران امام قيادة البعث: (تسليم العراق للامريكان والصهاينة والايرانيين)، او (المقاومة باستعداد عال للتضحية)، كان يمكن للقيادة ان تنعم بالبقاء في السلطة في بلد غني اذا قدمت بعض التنازلات، ولن يكون بمقدور احد المزايدة عليها، لانهم استسلموا وخضعوا، ومع هذا اختارت المقاومة والتضحية بالسلطة والسلامة الشخصية.

الا يوجد سوء حسابات في ادارة الازمة؟!

ساوم الامريكان (سيد الشهداء صدام) في الاسر بواسطة كوندوليزا رايس ورامسفيلد مرتين: حول الموافقة علي وجود الاحتلال في قواعد ثابته في العراق، والاعتراف باسرائيل، وفتح عقود النفط امام الشركات الامريكية، مقابل اعادة البعث للسلطة ونزعها من عملائهم القابعين في المنطقة الخضراء، والاعتراف بخطأ احتلال العراق، والاقرار بعدم وجود اسلحة دمار شامل، والقول انهم اعادوا السلطة لصدام لانهم اخطأوا، وهذا يحقق اهداف امريكا فرجوع البعثيين بقبول هذه الشروط يحقق استقرار العراق، لكنه لن يكون عراق البعث بل عراق الخضوع والتبعية.

اليس هذا حلماً رومانسياً جميلاً؟

حين رفض المساومة الاولي، عرض عليه اصدار بيان بوقف المقاومة وانتهاج اسلوب النضال السلمي، مقابله يسمح له ولقيادة البعث الاسري الخروج والعيش في اي بلد اوروبي بمستوي رؤساء دول، واعطاء البعث الشرعية ضمن قوانين الاحتلال، رفض صدام العروض، وقال (حياتي فداء لتحرير العراق)، ما يعني انه كان مصمماً علي الاستشهاد لان استشهاده سيحمل معاني عظيمة لشعبه، وقال (اني مستعد للاستشهاد لاستمرار المقاومة لدحر الاجنبي وتحرير الامة العربية)، وفعلاً صار استشهاده مهمازاً لتحريك كل القوي الثورية في الوطن العربي لمواجهة الامبريالية والصهيونية.

كلام رومانسي

سألت من قبل قليل اليس ما تقوله هذا رومانسياً؟

كيف يكون هذا الكلام رومانسياً، البعض يقول ان البعثيين ما زالوا يطرحون شعارات الخمسينات، وانهم ما زالوا متمسكين باستقلال السودان وسيادته في وقت تغير فيه العالم، ثم يدعوننا لفهم التغير الحادث في العالم، وهم يقصدون الانحناء لامريكا وقبول وتنفيذ شروطها، صحيح ان العالم تغير وانهار الاتحاد السوفييتي، لكن حركات التحرر الوطني لم تبدأ مع الاتحاد السوفييتي، منذ فجر التاريخ هناك مستعمرون ومحتلون، وهنالك ثوريون يقاومون الاستعمار والاحتلال، والنصر معقود لكل ثورة صامدة مستمرة، قيادات البعث لا تساوم علي الثوابت والمبادئ، هذا ليس رومانسية، بل الواقعية نفسها، اما القفز فوق الواقع وتجاهل ارادة الشعب والارتباط بالقوي الاجنبية، فهو الرومانسية.

نقول للذين يرون ان توازن القوي لا يسمح بتحرير فلسطين، لا يجب علينا مصادرة حق الاجيال القادمة، والحد الادني الاّ نخضع للعدو الصهيوني، والاّ نقر باستلاب ارضنا، بما يضفي الشرعية علي ما هو غير شرعي، اذا عجز جيلنا عن تحرير فلسطين، لماذا يحكم بالعجز علي الاجيال القادمة ويغلق الطريق امامها؟

بذات المنطق الرومانسي ظلت شعارات البعث كما هي، تجربته في الحكم دامت لاكثر من خمس وثلاثين سنة، لم تنتقل لأي قطر عربي آخر، السؤال من هي الاجيال القادمة التي تتحدث عنها، والتجربة عاشتها اكثر من ثلاثة اجيال في العراق؟

لو ان تجربة البعث كانت تخص العراق وحده، لما حدث هذا العدوان، ولخشية الامبريالية والصهيونية من ان يضيء مشعل البعث طريق كل المناضلين في الوطن العربي لذلك تآمروا عليها، مع هذا نحن لم نأسف لاحتلال العراق، السلطة ليست غاية بل وسيلة لاننا حركة انقلاب علي الواقع وتغييره. السلطة ليست سوي واحدة من هذه الادوات، خسرنا السلطة لكنا لم نخسر الثورة، بالعكس الآن صار العراق اكثر اشعاعاً واكثر تأثيراً مما كان عليه قبل الاحتلال، وتسبب صموده في صمود المقاومة الفلسطينية، وتسبب في تحريك المقاومة في افغانستان، بعد ان لجأ الملا عمر بعد احتلال افغانستان للجبال وانزوي في الكهوف، دفعت المقاومة العراقية الملا عمر وشعب افغانستان للمقاومة وبدأت في التصاعد، هي ستلهم كل شعوب العالم كما حدث في فييتنام، والجزائر، وامريكا اللاتينية.

القاعدة في العراق

ألا يعد ما يقدمه العراق ثمناً باهظاً لما سميته باستنهاض المقاومة؟

كل مقاومة لا بد ان تقدم ثمناً باهظاً، فالذي لا يريد تقديم التضحيات عليه الاستسلام للعدو.

لم اقصد الثمن المادي بل اقصد تراجع القضية العربية بعد سقوط العراق!

العراق احتل ولم يسقط، يسقط عندما يستسلم لكنه لم يفلعها، التعايش مع الاحتلال هو الثمن الاقل، اما رفض الاحتلال فهو الثمن الاعلي، صحيح ان شعب العراق قدم ثمناً باهظاً، لكن الذين تقتلهم المليشيات الايرانية علي اسس طائفية يزيد عددهم علي اكثر من مائتين يومياً ـ ارقام السلطة ليست صحيحة ـ لتأجيج الفتنة والهاء الشعب عن مقاومة المحتل، ثمن باهظ هو الآخر.

علي ذكر سيرة نهوض المقاومة في افغانستان، يشاع ان ثمة علاقة بين المقاومة العراقية، والاسلاميين والطالبانيين، هل هذا صحيح؟

نصح صدام الطالبان عند بداية الغزو بتنظيم مقاومة شعبية وحرب عصابات، وواجبنا ان نقدم لهم الدعم، اذا لم نكن قادرين علي دعمهم مادياً، لاننا مشغولون بمعركتنا مع امريكا في ارضنا، كما يحاربونها في ارضهم، فعلينا دعمهم معنوياً ودون توقع دعمهم المادي لنا، لا نتوقع من الافغان اكثر من الدعم المعنوي.

يتردد ان للقاعدة وجودا فاعلا في العراق؟

لقد نفي الامريكان الزعم الذي كان جزءا من الذرائع مع اسلحة الدمار الشامل..

انا اقصد مرحلة ما بعد الاحتلال، والتي قتل خلالها أبو معصب الزرقاوي في العراق؟

تقصد جماعة القاعدة في العراق، هم ليسوا حالة واحدة بل عدة حالات، فريق مرتبط بالزرقاوي وهو علي خلاف مع مجموعة الظواهري، الزرقاوي تبني طرحاً طائفياً مقيتاً، يهاجم الشيعة وهم جزء من الشعب يقاوم الاحتلال، وعوضاً عن مهاجمة (الملالي) الذين يؤججون الفتنة الطائفية، يصب الزيت علي نار الفتنة، وهناك فريق لا علاقة له بالقاعدة، لكنه معجب بفكرها في ضرب المصالح الامريكية في العالم، معتقداً ان القاعدة نفذت اكذوبة تفجيرات 11 ايلول (سبتمبر)، هذا الفريق يقاتل امريكا وهو فريق جيد، وهنالك ثالث من القاعدة مرتبط بايران جاء متسللاً عبر الحدود الايرانية ليؤجج الفتنة الطائفية. كل فصائل المقاومة موحدة بقيادة الاستاذ (عزت ابراهيم الدوري) الذي اصبح اميناً لسر قيادة قطر العراق ورئيساً للجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة العراقية، اصالة وليس وكالة كما كان قبل استشهاد صدام.

بعد اغتياله صبيحة العيد ماذا تفرض مرحلة ما بعد صدام من مستجدات في عمل حزب البعث وتكتيكاته السياسية والفكرية؟

مرحلة ما بعد صدام هي مرحلة صدام، لقد اغتالوه، لكنهم لن يستطيعوا اغتيال فكره وموجهاته ونظريته للعمل البعثي، حين توفي القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق ظلت افكاره كما هي، قبل اغتياله شق صدام طريقاً طويلاً بجهاده حدد اهداف المعركة بوضوح، وقال انها ضد الامبريالية والحاكمين في طهران، وليست ضد الشعوب، ودعا شعب العراق والامة العربية الي التوحد، وتجنب مستنقعات الخلافات الطائفية وغير الطائفية، لقد رسم صدام معالم وملامح مستقبل الصراع بوضوح.

سيظل صدام قائداً يخلده التاريخ بفكره وتراثه النضالي للبعثيين لعقود طويلة قادمة، وسيظل يؤرق الامريكان والصهاينة وملالي طهران حتي بعد مقتله، الرجال امثال صدام وعفلق وعبد الناصر لا يموتون بفناء اجسادهم، كحال الرموز الحية في امتنا، خالد بن الوليد، صلاح الدين الايوبي، عمر المختار، هل هؤلاء ميتون؟

قصدت بالسؤال ما هي المستجدات التي ربما تطرأ علي افكار البعث الرئيسية بعد تجربة اكثر من خمسة وثلاثين عاماً، دفع في آخرها ثمناً مريراً، الا يستدعي هذا وقفة عند المفاهيم النظرية؟

لا علاقة لهذه المفاهيم باغتيال صدام لانها سابقة له، لكن استشهاده بهذا الشموخ يجعلنا اكثر تمسكاً بها، الاحداث اثبتت صحة منهج البعث ونظريته، وان اهداف الوحدة والحرية والاشتراكية لا بد ان تدخل في اختبار مرير مع الامبريالية والصهيونية، ونحن الآن نخوض هذا الصراع.

القدس العربي 27/01/2007

للعودة الى الصفحة السابقة

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker