Sunday, April 01, 2007

بواطن ألأمور في الحركة الكردية في العراق



محـمــــد نـادر (أبو آري)

أحد روّاد الحركة الكردية يكشف ما لمُ يكشف

من أسرار الماضي والحاضر..


الإقتتال بين حزبي البرزاني والطالباني أسقط من الأكراد أكثر ممن سقط في حلبجة؟
محمد نادر أبوآري: منذ القديم لم يجر الاعتراف بالرأي الآخر وسادت اتهامات الخيانة ومع ذلك فإن ما يحصل في هذه الأيام أخطر بكثير!
مسعود البرزاني استعان بـ "النظام السابق" لضرب الطالباني.. والطالباني لجأ إلى الشاه مع أنه ألد أعداء الشعب الكردي!!


بدأت بعض وسائل الإعلام تركيز الأضواء على تاريخ الحركة الكردية ودورها منذ قائدها الأول مصطفى البرزاني وحتى اليوم، كاشفة العديد من حلقات الماضي وأسراره، غير أن النادر منها من تجرأ على كشف أسرار الحاضر والماضي القريب، خصوصاً فيما يتعلق بممارسات القيادات الحالية للحزبين الكرديين الرئيسيين."البيادر" ارتأت فتح بعض ما لم يُفتح في هذا الملف الكبير، وسبر أغواره غير المعروفة، فالتفت السيد محمد نادر أبوأري، أحد القادة القدامى في الحركة الكردية، وكان هذا الحوار الذي كشف فيه ومن خلال تجربته مع كلا الحزبين خفايا، لم يتجرأ أحد على قولها بهذه الصراحة حتى الآن:

• في البداية، ليتك تحدثنا عن علاقتك مع الحزبين الكرديين الديمقراطي والاتحاد الوطني. نعرف بعض أدوار قديمة لك، وحتى جديدة تعود لبضعة سنين حول التوسط- ان صح التعبير- بين الحكومة العراقية والقيادات الكردية، لكن ثمة شرخ قد حصل بينك وبين هؤلاء، خصوصاً في السنوات الأخيرة، أي بعد الاحتلال؟- صحيح، ولذلك أسباب عديدة تعود إلى ما قبل الاحتلال بسنوات طويلة، وتتلخّص بممارسات كانت سائدة في تلك الأيام التي كان فيها الحزب الديمقراطي الكردستاني هوالقائد، أي قبل الانقسام الذي تعّرض له. يومها كنتُ عضواً فيه وعايشتُ تجربته. لكن كل تلك الممارسات لم تكن شيئا يُذكر أمام ما يحصل في هذه الأيام.
• كيف ترى هذا التغيير في الممارسات التي حصلت على الأرض بعد الاحتلال؟- إذا كنت صادقا مع نفسي، مؤمناً بوحدة الشعب العراقي بعربة وكرده، لا بد أن أتحدّث بصراحة عّما عايشته شخصياً، وعما أعرفه من خلال تجربتي، وبعضه رهيب اقل ما يُقال فيه أنه يكشف زيف كثير من الدعاوي والإدعاءات التي تُسوّق اليوم.
• هل يمكنك الكشف عن بعض الأمثلة المحدّدة، وكيف كانت بداياتك الحزبية؟

- نعم، لقد اخترت الانتماء إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان يقوده الزعيم مصطفى البرزاني، إنطلاقاً من إيماني بتراث بلدي وتاريخه بعربه وكرده معاً. وقتها كانت الثورة قد تحققت ضد الملكية، وكانت شعارات الحرية وتقرير المصير لسائر الشعوب قد أخذت تتعاظم، فارتأيت في انتمائي لتنظيم يعبّر عن تطلعات شعبي الكردي يمكن أن يعود بفائدة أكثر من النشاط الفردي، خصوصاً وأنني كنتُ أومن أن العمل على تحقيق ذلك يجب أن يتم بالوسائل السلمية الحضارية والديمقراطية التي تقرّ بالتنوّع، وتحترم اختلاف الرأي، لكنني لا بدّ أن أُقرّ هنا أنني اكتشفت بعد بضع سنين من النشاط داخل الحزب أن هذه القناعة لم تكن تتطابق مع ما هوواقع، ولا سيما مع توجهات قيادة الحزب التي كانت تعتبر كل حركة أوتنظيم غير الحزب الديمقراطي الكردستاني خيانة وانشقاقاً في الحركة القومية الكردية.
• ماذا كان موقفك بعد هذا "الاكتشاف"؟

- أولاً لا بد من القول أنني لم أكن الوحيد الذي اكتشف هذه النقطة، كما أنها لم تكن نقطة الخلاف الوحيدة التي سادت داخل الحزب، بل تعدّدت الرؤى والقناعات المغايرة لممارسات القيادة، وتصاعدت مع الأيام حتى وقع الانشقاق الخطير داخل الحزب في العام 1964، وأدّى إلى انقسامه لجناحين، يقود أحدهما الزعيم مصطفى البرزاني ويقود الثاني كل من المحامي إبراهيم احمد وجلال الطالباني، وقد انضميت إلى الجناح المنشق على أمل ان يكون نقيض القيادة التي قلت أنها لم تكن تؤمن بالتعددية والتنّوع، إلى درجة أنها كانت تُخوّن من لا يتطابق معها في الرأي كما أسلفت.غير أن الانشقاق لم يتوقف عند حدود الاختلاف في الرأي والموقف، بل سرعان ما تطوّر وتحوّل إلى صراع بين الجناحين ثم إلى صدامات دموية دفعت رئيسا الجناح الثاني (الطالباني وابراهيم) وبعض رفاقهما إلى اللجوء لإيران، حيث أصبحوا ضيوفاً على الشاه الذي كان بعلم الجميع أنه ألدّ أعداء الشعب الكردي. وكان من الطبيعي أن يشكّل لجوءهم صدمة شديدة لقواعد الحزب التي أصيب بخيبة أمل كبيرة، وأن يترك الكثيرون منهم الحزب، وقد كنت من بينهم بعد أن خاب ظنّي مرة أخرى بإمكانية تحقيق أي إنجاز عقلاني وسلمي على طريق تحقيق الأماني المشروعة لشعبنا.
•.. وماذا فعلت بعد ذلك، هل عدت للإنتماء إلى حزب آخر من جديد؟

- لا لم أنضم، ولكنني بدأت أتلمّس خطأ يؤمن بما أؤمن به، لا يكرر تجربة الانشقاق والممارسات السياسية القاتلة، وكنت قد التقيت بالسيد حميد عثمان، السكرتير الأسبق للحزب الشيوعي العراقي، والمحامي عوني يوسف، وهما من الشخصيات الكردية المعروفة في العراق، وشرعنا نفكّر بتنظيم سياسي جديد، وهكذا أسّسنا أواخر العام 1967 تنظيماً جديداً أطلقنا عليه اسم "حركة رزكاري كرد"، وكنت أحد أعضاء قيادتها.
• يعني: هذه هي التجربة الحزبية الثالثة لك على نفس "الأمل"، ماذا جدّ بعد ذلك؟

- بعد ذلك بشهر أوشهرين تلقيت دعوة من إدريس البرزاني نجل الزعيم مصطفى لزيارته في مقر قيادة الحركة الكردية في "كلاله"، وقد ذهبت إلى هناك والتقيت به ومعه سامي عبد الرحمن والدكتور محمود عثمان، وقد دار الحوار حول تكثيف الجهود في سياق واحد، وعدتُ بعدها إلى بغداد وأبلغت رفاقي في "حركة رزكاري" بما حصل.
• ماذا جرى بعد ذلك، والى أين توجّه تحرككم؟

- بعد ذلك بفترة اندلع القتال بين الحكومة والحزب الديمقراطي الكردستاني، بقيادة مصطفى البرزاني، وقد استمّرت على نفس المنوال حتى شهر تشرين الثاني من العام 1969، حيث بادَرَتْ "حركة رزكاري" إلى تقديم مذكرة لرئيس الجمهورية أحمد حسن البكر تضمنّت اقتراح حلول موضوعية للمشكلة الكردية سلمياً لمصلحة العراق بعربه وكرده، وأشارت إلى ضرورة قيام الحكومة العراقية بإجراء مفاوضات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني- بقيادة الزعيم مصطفى البرزاني- باعتباره القوة الرئيسية المؤثرة في الحركة القومية الكردية، ورأينا في رسالتنا الموجهة للرئيس البكر أنه بدون ذلك لا يمكن التوصّل إلى حل منشود. وكان الجواب السريع على مذكرتنا قيام جريدة "الثورة" لسان حال القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي بنشر مقال جاد تحت عنوان "كيف السبيل إلى حل القضية الكردية"، وقد حمل توقيع "هيئة التحرير".على أثر ذلك طلبت قيادة حزب البعث منّا في حركة "رزكاري"- لكوننا نحن أصحاب الاقتراح- كما طلبت من شخصيات عراقية أخرى إبداء الآراء حول هذا الموضوع والتعليق على المقال السياسي الهام، وتبيان وجهة نظرنا حول كيفية الوصول إلى حل هذه المشكلة المزمنة والمستعصية، وعلى إثر ذلك كتبتُ رأياً في جريدة الثورة بتاريخ 25/12/1969 عدد (407) تعليقاً على مقالها، حمل عنوان "ما من مشكله غير قابلة للحل".هذا الجوشكل عاملاً مساعداً على تمهيد الطريق لتواصل الحوار وتطوّره، وأدى في النهاية إلى التوصل لاتفاقية 11 آذار 1970 بين الحكومة العراقية والحركة الكردية.
•.. وماذا حصل بعد ذلك، أين كان موقعكم وماذا كانت النتيجة؟

- بالنسبة لنا كحركة "رزكاري" كان الحفاظ على السلام وصيانة اتفاقية 11 آذار من أول اولوياتنا، وعلى هذا الأساس ارتأينا عودة التواصل مع قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني من أجل التنسيق لإنجاح المرحلة الجديدة. وكانت النتيجة الإتفاق على حل حركة "رزكاري" وانضمام أعضائها إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبموجب هذا الاتفاق استلمنا مواقع مسؤولة في هذا الحزب.
• كل هذا السّرد التاريخي حول حقائق لا تعرف من قبل الكثيرين لا يكشف عن سرّ تأزّم علاقتك مع قيادة الحزبين وانتقاداتك لتصرفاتهما في عراق اليوم؟

- صحيح. كان هذا استعراضاً لتاريخ بيّنتُ فيه طبيعة القيادة وتركيبتها وبُعدها عن الديمقراطية والأخذ بالرأي الآخر. ولكنني أعتبر الوضع الحالي الذي تسود فيه ظاهرة الاتهامات واستمرار إلغاء الآخر نتيجة طبيعية لممارسات الماضي، ذلك لأنهم إذا كانوا يتذمّرون في الماضي من آراء الآخرين ويتهمونهم بالخيانة والعمالة وما شابه، فإنه ليس من الغريب أن يصبحوا أكثر تشدّداً في هذه الأيام، وأن تستشري هذه الحالة أكثر فتصل إلى التطاول على الكثير من الذين يختلفون معهم إلى حدّ محاولة تشويه سمعتهم واتهامهم بالعمل مع استخبارات "النظام السابق" ضدّهم.هذا الأسلوب المخزي والمسف لن ينال حتماً من الشرفاء، ولكنني مع ذلك، وجدت نفسي مضطراً إلى مكاشفتهم به، ومواجهتهم بصراحة انطلاقاً من القول "تبيان الخطأ هوالخطوة الأولى لاكتشاف الحقيقة".
•.. ما هي أبرز المآخذ التي كشفتها لهم؟

- إنها كثيرة لكن أبرزها على سبيل المثال لا الحصر قولي لهم بالنص،- كما ورد في رسالة بعثتها إلى بعض المسؤولين الأساسيين من الكرد في الحكم الحالي-:

• هل كان أحد ممن يتهجمون عليهم ويتهمونهم جزافاً بالعمالة لـ "النظام السابق" هم الذين كان لهم سبق استلام السلاح وعشرات الآلاف من الدنانير شهرياً في العام 1968 من حزب البعث وصدام حسين، لقاء تعهدّهم بالقضاء على الحركة الكردية وزعيمها مصطفى البرزاني، أم أن السيد جلال الطالباني هوالذي فعل ذلك؟

• هل أحد من هؤلاء هوالذي وجه كلاً من مسعود البرزاني والطالباني في العام 1994 ليقاتل بعضهم بعضاً، مما أدى إلى قتل الآلاف من أبناء الشعب الكردي، إلى درجة أن بعض العوائل ما زالت حتى اليوم تبحث عن أبنائها المفقودين منذ ذلك الحين، وأستطيع القول أن عدد هؤلاء أكبر ممن قتلوا في حلبجة!

•.. وهل هذا الاقتتال كان بإرادة شعبية كردية؟• ثم ذكرتهم كيف أن الأمور تطوّرت في بعض الأحايين أيام الصدام مع النظام إلى حدّ طلب نجدات من قوّاته كما فعل مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان حاليا- عندما طلب من الرئيس صدام في 31 آب 1996 أن يرسل جيشاً ليساعده على طرد حزب الاتحاد الوطني برئاسة الطالباني من إربيل والسليمانية، وهكذا تمت هزيمتهم وهربهم إلى إيران مرة أخرى!

بالإضافة لما سبق: هل من يتهّمونهم بالعمالة هم الذين سلّموا الضباط "المعارضين" العرب في أربيل بتاريخ 31/آب 1996 إلى الاستخبارات العسكرية والأمن العراقي لمحاسبتهم، والله أعلم بمصيرهم، ام ان السيد مسعود البرزاني هوالذي فعل ذلك؟
• أخيراً... هل من كلمة أخيرة؟

- لا شك أن همومنا ومشاكلنا الداخلية قد أبعدتنا عن الحديث حول القضية الفلسطينية العادلة والمزمنة في التفاقم دون حل. لذلك استدرك وأقول أن هذا الحديث كان مناسبة سعيدة لي كي اوجّه من على صفحات هذا المنبر المقدسي المناضل تحّياتي وعظيم تقديري للشعب الفلسطيني الأبي، مع كل اعتزازي بهم، وبالقائد الكردي صلاح الدين الأيوبي بطل حطّين وفاتح القدس، ومحّررها من الصليبيين.
المصدر: شبكة البصرة - البيادر- من "باريس برس"
السبت 12 ربيع الاول 1428 / 31 آذار 2007

Labels:

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker