Wednesday, March 28, 2007

أنا عميل وخائن ومرتــد


أنا عميل وخائن ومرتد

علي السوداني

أنا أعشق عيشة التنبلة . أصدقائي تنابلة . أريد أن أنام وأأكل وأسكر وألبس من دون أن أحرك يدي أو أغمز بعيني حتى . أحب أن يصير بيتي مواضع أزرار تنرش على كل حوائطه وجدره . زر في غرفة النوم وآخر في المرحاض وثالث في الحمام .
أنا ضد العمل وفوائده وقوانينه وطقوسه وأناشيده . يأكلني ويعطبني التفكر بحيازة مليون دولار . نصفها ثمن بيت جديد والثاني اضعه في بطن البنك العربي لأتقوت على فوائده طوال عمري الراسخ . تكاد الفكرة تحطم قلبي وتشمع كبدي . لا درب لقنص المليون الا في التجارة . التجارة في البلد بائرة وكاسدة وتستدعي نهوضاً صباحياً مؤقتاً على صياح الديك .
لو كنت في بغداد عصرية سقوطها لوليت وجهي صوب البنك المركزي ولطشت من خزانته عشرة ملايين . إن وصل علوج أمريكا قبل شروقي فثمة حل آخر . سأبدل وجهتي واجعلها الى متحف العراق في علاوي الحلة ومنه سأشيل لقى واسطوانات وتماثيل سومرية وبابلية وآشورية سعرها خمسة قصور في عمون الغربية وحانة تنام على خمس نجوم أشغل فيها ثلاث مصريات من طراز فيفي عبدو وأربع تونسيات أقبحهن أحلى من لطيفة وروسية شيوعية رخيصة لكنها أجمل من نيكول كدمان ونصائح من ذهب حمزة الحسن . طبعاً الفرصة ضاعت واستعادتها كما حلم يقظة هو ضرب من تحشيش معجون بهلوسة . سأشطب على مقترح التجارة ومثلها الزراعة وكل شغل مقرون بضمير أبيض ومزنة على الجبهة تسمى عرق الجبين الذي جمعه جبائن . لا حل أذن سوى العمل والكد والكدح في خانة السياسة . سأبحث عن دكان أرباحه هائلة وخسائره تكاد تكون معدومة الا ما اتصل بنغزة في الضمير غالباً ما تحدث قبل نوم العوافي بربع ساعة .
المخطط جاهز وسأشرع في تنفيذه بدءاً من يوم التاسع من نيسان الذي سأسميه منذ الآن يوم تحرير وديمقراطية ورخاء وكرامة . سأشتم وأسب المقاومة العراقية وأجاهد من أجل تشويه وجهها الحلو فأروج شائعة غاز الكلور وقصة استعمال الأطفال كمصدات ودروع . سأتوقف تماماً عن وصف بوش الأبن و بوش الأب بقاتلي الأطفال وزعيمي مافيا وأن جندهما الذين يدوسون بغداد الآن ليسوا بشواذ أو لوطيين أو محتلين بل فاتحين . سأقول كان الله مع بوش الأبن ليلة قرر احتلال وحرق بلاد الرافدين اذ كان فيها رجل اسمه صدام حسين يحمل في يساره حقيبة ينام بداخلها زر نووي ينطر ضغطة ابهام ثقيلة حتى تنمحي الأرض وتتوسخ السماء وتتضاعف أجرة حمل الناس وزرعهم على مفازات المريخ الواعدة . سأحيي كل وجوه واعيان سكنة المنطقة الخضراء وسألعن أبو لجنة النزاهة وسأشكك بشرف الصحفية التي اكتشفت أن الحاكم بعون الله بول بريمر كان حمل معه الى بيت العائلة ستة مليارات دولار مستلة من بيت مال الرعية . سأفض بكارة النبأ الذي قال أن ضحايا الأحتلال قد عبر حاجز النصف مليون .
أمريكا العادلة لم تستخدم اليورانيوم المنضب ضد فقراء بلاد ما بين النهرين . ضحايا الحصار أقل من مائة . من هذا سأحوز مالاً عظيماً وكرسياً رفيعاً وسمعة طيبة . سأجهز على كل سياسيي البلد وسياسياته وسأشهر على الملأ عمالتي وخيانتي . سأشتغل عميلاً معلناً لوكالة المخابرات المركزية . سأتفوق على الجميع الجدد منهم والمخضرمين . أنا حصيف وسراني وذكي وقوي والناس تحبني وتحترمني وبمقدوري أن أخدع سبع عشائر بأفخاذها وبمقترباتها . أن اجتمع على مائدتي السكرانة كائنان ، واحد معترض وثان موافق سأقول للمعترض انت على حق بائن في الوقت الذي يكون فيه الموافق منشغلاً بأفراغ يوريا المثانة في مرحاض الحانة .
أنا عميل وخائن ومرتد وأحب إسرائيل وأكره شعبان عبد الرحيم بل وامقت أنشودة " فدائي " المندلقة من حنجرة عبد الحليم حافظ . أنا الآن منخرط في العملية السياسية حتى لو كانت مقتصرة على تبليط شوارع المنطقة الخضراء مستعينة بطقطوقة العمل الشعبي . خطة أمن وأمان بغداد ممتازة ونوري المالكي خوش انسان وأياد علاوي ضرورة تاريخية ومام جلال أحسن واحد والمقاومة العراقية غير موجودة وآلاف الجنود الأمريكان القتلى والجرحى والمرضى إنما قضوا ونفقوا من شدة الحنين الى امهاتهم .
أنا عميل وخائن . هل فهمتم ؟

!alialsoudani61@hotmail.com

Labels:

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker