حقيقة ما جرى في حلبجه العراقية (الملف الكامل- الجزأ الثـالث) ج3
ما لا يعرفه الناطقون بالعربية عن حقيقة ما جرى في حلبجه العراقية (الملف الكامل- الجزأ الثـالث) ج3
د. محمد العبيدي
2005-01-24
إدعاءات عن إستخدام غازات الأعصاب
إن الأطباء التابعين لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان والذين تعاونوا مع منظمتهم قد أصدروا عدداً من التقارير كانت معظم إدعاءاتهم فيها مماثلة للتقارير الصادرة عن منظمة مراقبة حقوق الإنسان وهي خاضعة لنفس الاعتراضات. أحد هذه التقارير هام للغاية ويتطلب فحصاً مشخصاً وهو بعنوان "غازات الأعصاب المستخدمة في شمال العراق ضد الأكراد" وصدر في 29 نيسان/إبريل 1993. ووفقاً لهذا التقرير "قام فريق من الأطباء التابعين لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان بجمع عينات من التربة في 10 حزيران/يونيو 1992 من فجوات حدثت بسبب إنفجار قنابل بالقرب من قرية برجيني الكردية شمال العراق إدعى فيه أن الجيش العراقي قام بإلقاء قنابل على برجيني في 25 آب/أغسطس 1988. وتم تحليل تلك العينات بواسطة مختبر بريطاني والذي أقر بوجود دليل قاطع لبقايا من حوامض ميثايل فوسفونك و آيزوبروبايل ميثايل فوسفونك ومنتجات مشتقة من غاز الخردل."
ولتفنيد ما جاء بهذا التقرير هو أن حامض ميثايل فوسفونك ناتج عن التفاعل مع الماء وليس من الغازات أو المواد المؤثرة على الأعصاب، أما حامض آيزوبروبايل ميثايل فوسفونك (والذي أطلق عليه التقرير بشكل خاطئ إسم حامض آيزي بروبايل ميثايل فوسفونك) هو مادة ناتجة عن تفاعل الماء مع السارين. وإذا إعتبرنا أن العينات صحيحة والظروف متاحة ومناسبة (في حالة وجودها) للتفاعل بالماء، تكون هذه النتيجة هامة، حيث يمكن للسارين أن يكون عاملا فى وقوع وفيات لأربعة أفراد من قرية برجيني وقد أعلن ذلك فى نفس اليوم. ومع ذلك فإن السارين ليس له رائحة، ووفقاً لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان، ذكر سكان القرية أنهم قد شمّوا روائح مختلفة ومحددة بعد القصف بالقنابل. قالوا: كانت الرائحة طيبة فى البداية مثل رائحة التفاح أو شيء حلو المذاق، ثم تحولت إلى رائحة تشبه رائحة مبيد الحشرات في الحقول، ثم أصبحت كريهه للغاية. وللموافقة على هذا التقرير يكون من الممكن القول أن العراق قد خلط السارين وغاز الخردل معاً أو مع عنصر ثالث، كما ذكر كاتبوا التقرير وجود ثلاث موجات لأربع قنابل، وكلها كانت تبدو متطابقة.
وتدعي مصادر أخرى أن العراق قد إستخدم غاز الأعصاب. فتقول وكالة الإستخبارات المركزية أن العراق إستخدمه ست مرات: خمس مرات ضد القوات الإيرانية والمرة السادسة فى حلبجه ضد الإيرانيين والأكراد. وتتضمن ست مرات أو أربع منها على الأقل إستخدام غاز التابون الخام وليس السارين، وزعموا أن تلك العناصر التي إستخدمت في الحالتين الأخيرتين لم يتم تحديدهما. ذكر ريك فرانكونا Rick Francona، وهو ضابط أمريكي متقاعد بإستخبارات القوات الجوية وعمل كضابط إتصال حول الجيش العراقي، بأن تلك الوقائع قد حدثت أربع مرات فى عام 1988.
ونعود مرة أخرى إلى ستيفن بلتير، محلل وكالة الاستخبارات المركزية، حيث يقول أن الجيش الأمريكي قد درس بدقة تلك التقارير ووجد أنها تفتقد إلى المصداقية والأساس السليم.
ويضيف بلتير في تعليقه على تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية بأنه مرعب جدا حيث هناك إيمان راسخ كما أنا أؤمن به اليوم من أن ما حدث في حلبجه لم يحدث بالطريقة التي وصفها تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية، وأن هذه المسألة حساسة جداً حالياً". وأضاف يقول، "نحن نقول بأن الرئيس صدام حسين وحشي ومهووس لأنه قتل أبناء شعبه بالغازات السامة وأن العالم يجب أن لا يتحمله، ولكن السؤال هو لماذا؟ والجواب هو لأن ذلك هو الجدل الأخير الذي تستخدمه الولايات المتحدة لشن الحرب على العراق."
كما يقول تقرير المخابرات المركزية الأمريكية عن أسلحة الدمار الشامل العراقية والذي نشر في تشرين الأول/أكتوبر 2002 أن هناك فقط دليل على أن المئات قد قتلوا في حلبجه في آذار/مارس 1988، وأن غاز الخردل وغاز الأعصاب فقط قد إستخدما من قبل العراقيين. يبدو من ذلك أن المخابرات المركزية الأمريكية تساند الآن ما جاء بتقرير كلية الحرب الأمريكية الذي أصدرته في نيسان/إبريل 1990 من أن عنصراً يدخل إلى الدم ويعتمد على السيانيد وليس غاز الخردل أو غاز الأعصاب هو ما قتل الأكراد في حلبجه. كما أنه لا يوجد هناك في تقرير المخابرات المركزية الأمريكية ما يشير إلى أنه كان هناك هجوم بالأسلحة الكيمياوية على 40 قرية عراقية كردية كما يشير تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية وإدعاءات الجماعات الكردية.
وفي 3 مايس/مايو 1990، أشارت صحيفة الواشنطن بوست إلى دراسة أخرى تقول فيها أنه في عملية إحياء وتقييم للمراحل النهائية للحرب العراقية الإيرانية أجرتها وزارة الدفاع الأمريكية أجمع فيها المحللون على أن المعلومات المخابراتية الحاسمة تؤكد أن ما حدث في حلبجه هو أحد أسوأ المذابح المدنية في الحرب العراقية الإيرانية، والتي كان سببها إستعمال القذائف الكيمياوية من كلا الجانبين المتحاربين.
هذا وكتب روجر تريلينغ Roger Trilling في صحيفة The Village Voice الأسبوعية بعددها الصادر في 1-7/5/2002 معلقاً على التقرير الذي نشرته منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية في الفصل الخاص بالأسلحة الكيمياوية من أن ذلك الفصل كان مخصصاً للتكتيكات العسكرية العراقية، بإستثناء جملة واحدة تسترعي الإنتباه تقول: " أن عنصراً خاصاً بالدم (كلوريد السيانوجين) كان مسؤولاً ظاهرياً عن غالبية الإستعمال سيئ السمعة للمواد الكيمياوية في الحرب، ألا وهو قتل الأكراد في حلبجه . وبما أنه ليس لدى العراقيين أي تأريخ عن إستخدام هذه المادة، في حين كان للإيرانيين ذلك، فإننا نستنتج أن الإيرانيين هم من إرتكبوا ذلك الهجوم ."
والنتائج أعلاه التي توصلت إليها وزارة الدفاع الأمريكية تفرض الآن سؤالاً ملحاً عن أسباب المبالغة التي أدت بمنظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية والجماعات الكردية إلى تحميل العراق مسؤولية وفاة المئات من الأكراد العراقيين نساءً وأطفالاً وعجائز ممن يقال انهم قضوا نحبهم في حلبجه.
هل هناك دليل قوي على ذلك؟
تم العثور في المنطقة على مقبرة بها 26 (أو 27) جثة لأفراد أطلق عليهم النار، ولم يصابوا بأي مادة كيماوية، كما وتم العثور على بقايا نوعين من الغاز فى موقع واحد به أربعة أفراد متوفين. هذا كل ما فى الأمر. وبهذا لا يمكن إلا لشخص يسهل خداعه فقط أن يجد فى هذا دليل كاف للإبادة الجماعية.
ورغم تشكيكات الخبراء الواردة أعلاه، وبعد سنوات من حملة قادتها لحساب القيادات الكردية شركات العلاقات العامة بالتعاون والتنسيق مع المخابرات الصهيونية تم تسويق موضوع "الإبادة الجماعية" للأكراد على المجتمع الدولي.
وفي نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2004، أصدرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان تقريرها الذي إنتظره العالم لفترة طويلة لتعلن وبكل وضوح عدم وجود تلك المقابر الجماعية التي تحتوي على رفات 100,000 جثة من الأكراد حسب ما ذكرته المنظمة في تقاريرها السابقة، وأنها وقوات الإحتلال لم تستطع طيلة 20 شهراً من إحتلال العراق أن تعثر على أي أثر لتلك المقابر المزعومة لا في شمال العراق ولا في جنوبه. وبهذا يثبت أن تقارير تلك المنظمة وما رافقها من حملة علاقات عامة واسعة ضد نظام الرئيس صدام حسين قد ساعدت اليمين المتطرف الأمريكي في حملته المسعورة من أجل إحتلال العراق وتدمير دولته.
جريمة حرب أم عملية حربية؟
مقال ستيفن بلتير في النيويورك تايمز، 31 كانون الثاني/يناير 2003
لم يكن مفاجئاً أن يفتقر الرئيس بوش أدلة على برامج العراق التسليحية بإستعماله خطبته عن حالة الإتحاد للتعبير عن قضيته الأخلاقية من أجل إحتلال العراق حين قال "إن الدكتاتور الذي جمع أخطر الأسلحة في العالم قد إستعملها مسبقاً على العديد من القرى تاركاً الآلاف من مواطنيه قتلى أو عميان أو معوقين".
إن الإتهام بأن العراق قد إستعمل الأسلحة الكيمياوية ضد شعبه هو جزء مهم من المناقشة عن هذه القضية. إن الدليل المهم والواضح الذي جلب الإهتمامات هو مسألة ضرب العراق للأكراد بالأسلحة الكيمياوية في آذار/مارس من عام 1988 في مدينة حلبجه قبل نهاية الحرب العراقية الإيرانية. وقد أشار الرئيس بوش في خطابه لهذه المسألة وإعتبرها سبباً كافياً للإطاحة بالرئيس صدام حسين. ولكن الحقيقة المؤكدة التي نعرفها جميعاً هي أن الأكراد قد ضربوا بغاز سام ذلك اليوم في حلبجه. ولكننا لا نستطيع القول بأي إثبات وتيقن بأن الأسلحة الكيمياوية العراقية هي التي قتلت الأكراد. إن ذلك ليس هو التحريف الوحيد في قصة حلبجه.
أنا بموقف يؤهلني بمعرفة حقائق الأمور بسبب كوني المحلل السياسي الأقدم للمخابرات المركزية الأمريكية عن العراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وكذلك كأستاذ في كلية الحرب للجيش الأمريكي من عام 1988 لغاية عام 2000، حيث كنت أطلع شخصياً على الكثير من المعلومات السرية التي تصل إلى واشنطن والتي لها علاقة بحرب الخليج. إضافة لذلك، فإني ترأست لجنة تحقيق الجيش عن الكيفية التي يمكن بها العراقيون خوض حرب ضد الولايات المتحدة، وأن التقرير السري الذي صدر عن هذه التحقيقات ضم تفاصيل مهمة عن موضوع حلبجه. ولهذا فإننا نعرف الكثير فيما يتعلق بضرب حلبجه بالغازات السامة التي حدثت أثناء معركة بين العراقيين والإيرانيين. فالعراقيين إستعملوا الأسلحة الكيمياوية لقتل الإيرانيين الذي إستولوا على المدينة التي تقع في الشمال غير بعيدة عن الحدود الإيرانية. وأن الأكراد المدنيين الذين ماتوا قد وقعوا في منتصف القتال بين العراقيين والإيرانيين، وأنهم لم يكونوا على الإطلاق هدفاً للجيش العراقي.
هذا وأن القصة أصبحت قاتمة جداً، حيث أن وكالة مخابرات الدفاع الأمريكية قد أجرت مباشرة بعد تلك المعركة تحقيقاً شاملاً نشرت على أثره تقريراً سرياً تم توزيعه داخلياً على جميع دوائر المخابرات الأمريكية. وقد أكد التقرير بأن الإيرانيين هم من قتلوا الأكراد وليسوا العراقيين. وقد وجدت وكالة مخابرات الدفاع الأمريكية بأن كلا الجانبين، العراقي والإيراني، قد إستعملا الغازات السامة ضد بعضهما البعض في المعركة التي دارت حول حلبجه. كما أن حالة الأكراد المتوفين تؤشر على أنهم قتلوا بمادة من النوع الذي يدخل إلى الدم، أي غاز من مركبات السيانيد الذي كان من المعروف أن إيران قد إستخدمته. أما العراقيون الذين كان من المعتقد أنهم قد إستعملوا غاز الخردل في تلك المعركة فلم يكن معروفاً عنهم أنهم يمتلكون في ذلك الوقت تلك المادة التي تدخل إلى الدم، أي غاز من مركبات السيانيد.
إن تلك الحقائق كانت موجودة للإطلاع العام ولكن بشكل عجيب وغريب فإنه لم يتم الإشارة إليها عندما يتعلق الموضوع بقصة ما جرى في حلبجه. كما أن المقال المفصل في مجلة نيويوركر الذي نشر في آذار/مارس 2002 لم يتطرق لتقرير وكالة مخابرات الدفاع أو أن يعتقد كاتب المقال أنه قد يكون الإيرانيون هم من فعل ذلك في حلبجه. كما أنه من المهم الإشارة إلى أن مقال النيويوركر كان مجرد هواجس وبدون أدنى دليل.
أنا لا أحاول هنا أن أرد الإعتبار إلى الرئيس صدام حسين إذ عليه الإجابة عن الكثير من إنتهاكات حقوق الإنسان، ولكن إتهامه بأنه قد ضرب الأكراد بالغازات السامة كعمل من أعمال الإبادة الجماعية هو شئ خاطئ بالتأكيد ذلك لأنه حسب المعلومات التي لدينا فإن جميع الحالات التي إستخدمت فيها الغازات السامة من قبل العراقيين كانت أثناء عمليات عسكرية قتالية. تلك هي مأساة الحروب. قد يكون هناك أسباب لإحتلال العراق ولكن بالتأكيد لن تكون قضية حلبجه واحدة منها.
في الحقيقة، إن أولئك الذين يشعرون بأن قضية حلبجه لها تأثير على ما نريد القيام به هذه الأيام (إحتلال أو ضرب العراق) عليهم أن يسألوا سؤالاً مخالفاً: لماذا كانت إيران مصممة على إحتلال حلبجه؟ إن نظرة فاحصة على الموضوع قد تسلط الأضواء على تصميم أمريكا على إحتلال العراق.
يجب أن نتذكر على الدوام بأن العراق ربما يحوي على أكبر خزين نفطي في العالم، ولكن على المستوى المحلي والمدلول الجغرافي والسياسي فإن أهم شئ في العراق هو نظام الأنهر الواسع في الشرق الأوسط، حيث بالإضافة إلى دجلة والفرات هناك الزاب الكبير والزاب الصغير في شمال العراق، كما أن العراق كان مغطى بشبكة ري منذ القرن السادس الميلادي وكان مصدراً لإنتاج الحبوب للمنطقة بأجمعها. فقبل حرب الخليج الأولى كان العراق قد بنى نظاماً مثيراً للسدود ومشاريع السيطرة على الأنهار، حيث أن أكبرها هو سد دربندخان في المنطقة الكردية. وأن هذا السد هو ما كان الإيرانيون يريدون السيطرة عليه من خلال إحتلالهم لحلبجه. هذا وكانت هناك مناقشات في عام 1990 حول إنشاء ما يسمى أنبوب الصداقة الذي يجلب المياه من دجلة والفرات إلى جنوب البلاد ليغذي دول الخليج، وإمتداده ليغذي إسرائيل. ولم يجري أي تقدم حول هذا الموضوع بسبب تصلب العراق. وعندما يكون العراق بأيدي أمريكا فإن ذلك سيتغير بالتأكيد.
من هذا يتبين أن أمريكا قد تغير قدر الشرق الأوسط بطريقة لا يمكن الإعتراض عليها لعقود عديدة، ليس فقط بالسيطرة على نفط العراق بل بالسيطرة على مياهه كذلك. وحتى لو لم تريد أمريكا إحتلال العراق، فإن إزاحة الرئيس صدام حسين فقط تكون كافية لفتح فرص مربحة للشركات الأمريكية. لذلك فإن كل ما تحتاجه أمريكا هو سبب واضح لتنفيذ ما تريده، شئ مقنع للجميع. إذ أن محاولة ربط العراقيين بأسامة بن لادن لم تثبت صحتها، والإعتقاد بأن العراق يمثل تهديداً لجيرانه قد فشل أيضاً، إذ نشكر قرارات الأمم المتحدة التي جعلت من القوة العسكرية العراقية لا تمثل أي مخاطر على أحد بعد الآن. لذلك فقد كان أهم سبب نستخدمه لكي نذهب إلى الحرب وبسرعة هو إتهام الرئيس صدام حسين بإنتهاكه لحقوق الإنسان العراقي، وأن أكثر القضايا دراماتيكية هي إتهامه بقضية حلبجه.
وقبل الذهاب إلى الحرب بسبب حلبجه، يتعين على الإدارة الأمريكية أن تطلع الأمريكان على جميع الحقائق، وإن كانت لدى الإدارة الأمريكية أية نماذج أخرى على مقتل أكراد بالغازات السامة فعلى الإدارة أن تبين بوضوح أن هؤلاء القتلى الأكراد هم ليسوا قوات البيشمركة الكردية التابعة لجلال الطالباني الذين ساعدوا الإيرانيين على الدخول إلى حلبجه وقاتلوا جنباً إلى جنب مع الحرس الثوري الإيراني. وإلى أن تعطينا واشنطن أدلة مقنعة أن الرئيس صدام حسين قد إرتكب هذه الفضائع بحق الأكراد، فلماذا نتذرع على العراق بمسألة حقوق الإنسان في الوقت الذي توجد فيه أنظمة قمعية كثيرة تدعمها واشنطن.
كلمة بلتير الموجهة إلى وسائل الإعلام حول الحملة الإعلامية على العراق
في 13 أيلول/سبتمبر 2001 ألقى بلتير كلمة موجهة إلى وسائل الإعلام حول الحملة الإعلامية على العراق بعد إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية قال فيها: إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتوقع أن ينتصر العراق في هذه الحرب، وعندما حدث ما لم يكن في الحسبان إستغرب القادة الأمريكان أيما إستغراب لنتائج هذه الحرب. وحيث بدأ العراق بإستعادة بناء نفسه بعد الحرب، حاولت الولايات المتحدة تعطيل خططه تلك من خلال العديد من الأحداث مركزة على إحداث ضرر بقيمته كدولة مستقلة وبشكل خاص "قيمة العراق الإئتمانية المالية". فبالرغم من الديون التي تراكمت على العراق، كانت له سيولة نقدية لا بأس بها عند الأخذ بنظر الإعتبار إنتاجه النفطي وموارده الأخرى. وبالرغم من ذلك، فلم يكن عند العراق في ربيع عام 1988 المبالغ الكافية والضرورية حيث رغب في وقتها بإعادة جدولة ديونه. وفي تلك الإثناء بدأ الإعلام الأمريكي حملة منظمة ضد العراق وبلهجة عدائية جداً.
وقد كانت جميع القصص التي أوردها الإعلام محرّفة جداً ومشكوك فيها، وكان من ضمنها قصة الـ 80,000 إلى 100,000 قتيل كردي التي قال عنها الإعلام أنهم قتلوا بأسلحة كيمياوية عراقية. ببساطة لا يمكن على الإطلاق قتل مثل هذا العدد بفترة محددة ومركزة جداً وفي مناطق تعتبر حيوية لشمال العراق. ونتيجة حملة علاقات عامة إعلامية واسعة تم فرض الحصار الإقتصادي على العراق، وكان على أثره أن العراق لم يعد قادراً على جدولة ديونه.
وقال بلتير في كلمته أن على الرأي العام أن يكون على حذر شديد بالنسبة لحقيقة مهمة وهي أن الصحفيين الذين يركزون على مثل تلك القصص بآراءهم هم جميعاً من المحافظين وكذلك الصحف التي تنشر قصصهم وبشكل خاص نيويورك تايمز والواشنطن بوست و وول ستريت جورنال بحيث أصبح الخط بين الخبر والرأي غير واضح وبحيث بدأ ترشيح الأفكار المريبة هنا وتحويلها إلى أخبار.
لقد بدأت القصة بإشاعة روّج لها إثنان من موظفي لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي اللذان كانا في شمال العراق في نهاية الحرب العراقية الإيرانية في آب/أغسطس 1988. ومفاد هذه الشائعة أن هؤلاء "سمعوا" بأن 100,000 كردي من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 55 سنة قد تم قتلهم من قبل الجيش العراقي بواسطة الغازات السامة في أيام قلائل. والسؤال المحير هنا هو لا ندري أي نسبة مئوية يمثل هذا العدد من مجموع السكان الأكراد الذين بإمكان القوات العراقية أن تطالهم في جميع المناطق الكردية بشمال العراق. إذ يبدو أن ذلك العدد كبير وكبير جداً خصوصاً وأنه تم حصره بسن معينة، وبعبارة أخرى قد يمثل ذلك العدد 10 بالمئة من إجمالي عدد البالغين من الذكور الأكراد وهو عدد لا يمكن لأحد أن يتصوره قد حدث لمثل هؤلاء الأكراد. والغريب في الأمر أن وزير الخارجية الأمريكية آنذاك جورج شولتس قد صرح بمؤتمر صحفي حين أخبر العالم أجمع أن الرئيس صدام حسين قد قتل بالغازات السامة ما مجموعه 100,000 مواطن كردي من الرجال والفتيان. وعند سؤاله كيف عرف ذلك أجاب بكل وقاحة "إنه سر"، وبهذا فإن وزارة الخارجية الأمريكية قد أكدت هذه الإشاعة القذرة من دون إجراء أي تحقيق حول الموضوع.
وبعد تلك الأحداث بأعوام قلائل إعترفت منظمة مراقبة حقوق الإنسان أنه ليس صحيحاً بأن جميع هؤلاء الذكور الـ 100,000 قد قتلوا بواسطة الغازات السامة. وبعد أن جمعت منظمة مراقبة حقوق الإنسان تلك الأموال الطائلة للتحقق عما حدث في حلبجه كان عليها ومن دون شك أن تأتي بنظرية أخرى وهي أن أولئك الأكراد قد قتلوا جميعاً بالرصاص وتم دفنهم في مقابر جماعية. في حين أن العاملين في كلية الحرب الأمريكية الذي حققوا بقضية حلبجه قبل 16 عاماً قالوا أنهم وجدوا مقبرة جماعية واحدة تحتوي على 14 جثة ولم يكن هناك أي أثر لبقية الـ 100,000 جثة التي تدعي منظمة مراقبة حقوق الإنسان وجودها في مكان ما. كما أن السبب الذي حدى بمنظمة مراقبة حقوق الإنسان للقول بأن الجثث قد تم دفنها في مناطق بعيدة غير معروفة لأن المنظمة تعرف حق المعرفة أن التقنية الموجودة حالياً بإستعمال الأقمار الصناعية بإمكانها الكشف عن المقابر الجماعية خصوصاً وإن كانت الأرض قد تم حفرها وردمت بعد ذلك.
مقتطفات من تقرير وزارة الدفاع الأمريكية الذي أصدره معهد الدراسات الستراتيجية لكلية الحرب الأمريكية في كارل آيل/بنسلفانيا قبل إحتلال الكويت بفترة قصيرة
في أيلول/سبتمبر من عام 1988، وبعد شهر على إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية أدانت وزارة الخارجية الأمريكية وعلى نحو مفاجئ العراق على إستعماله المزعوم للأسلحة الكيمياوية ضد مواطنيه الأكراد. إن هذا الحدث لم يكن بالإمكان فهمه وتفسيره بدون بعض الخلفيات عن علاقة العراق مع مواطنيه الأكراد. ولكون هذا الموضوع خارج إطار خارج إطار هذه الدراسة وأنه بحاجة لتوضيح عميق، إلا أنه يكفي القول أنه طيلة فترة الحرب كان العراق يواجه عدوين – إيران وقوات البيشمركة الكردية التي تعاونت مع إيران ضد الجيش العراقي. وبعد إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية مباشرة أعلن العراق عن تصميمه لسحق التمرد الكردي. ولهذا فقد أرسل الحرس الجمهوري إلى المنطقة الكردية وفي أثناء عملياته هناك، حسب ماتقوله وزارة الخارجية الأمريكية، إستعمل الغاز الذي كانت نتيجته مقتل العديد من المدنيين الأكراد والذي نفت الحكومة العراقية حدوثه. ومع ذلك، فقد تشبث وزير الخارجية الأمريكي جورج شولتس بإتهامه هذا للعراقيين، الأمر الذي دعى مجلس الشيوخ إلى الدعوة لفرض حصار إقتصادي على العراق بإعتباره قد إنتهك الحقوق الإنسانية للأكراد.
وبعد النظر في الأدلة المتوفرة لدينا وجدنا أنه من المستحيل علينا أن نؤكد إدعاءات وزارة الخارجية بأن الغازات قد إستعملت في تلك الحادثة. ولكي نبدأ بذلك، فإنه لم يتم عرض أي ضحية لهذا الحدث المزعوم. كما أن منظمات الإغاثة الإنسانية التي فحصت الأكراد في تركيا، حيث لجأوا هناك، فشلت في العثور على أي دليل، كما لم يعثر على أي من هؤلاء الضحايا داخل العراق. إن إدعاء وزارة الخارجية إعتمد فقط على شهادة الأكراد الذين عبروا الحدود إلى تركيا حيث تمت اللقاءات معهم من قبل موظفين من لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي.
لقد كنا نتطلع، في مسألة خطيرة كهذه، أنه كان يجب على الكونغرس أن يكون حذراً في تلك المسألة. ومع ذلك، فإن تمرير قرار الحصار الإقتصادي من خلال مجلس الشيوخ وفي خلال 24 ساعة من التصويت عليه كان أمراً مستعجلاً من دون أدنى شك. وبالإضافة إلى ذلك، فإن قرار الحصار المقترح كان وحشياً تماماً. ولحسن حظ العلاقات الأمريكية العراقية المستقبلية فقد فشلت إجراءات الحصار لأسباب تقنية بيروقراطية.
يبدو أن الدعوة إلى معاقبة العراق كان فيها الكونغرس متأثراً بحادث آخر حدث قبل خمسة أشهر في مدينة حلبجه في شمال العراق. حيث أنه في آذار/مارس من عام 1988 تعرض الأكراد للقصف بالسلاح الكيمياوي مما نتج عنه وفاة أعداد كبيرة من الأكراد. وقد تم عرض صور الضحايا بشكل واسع في الإعلام العالمي، حيث إتهم العراق بذلك الهجوم على حلبجه بالرغم من أنه قد ثبت بعد ذلك أن إيران كانت أيضاً قد إستعملت السلاح الكيمياوي في تلك العملية ويبدو منطقياً أن الإيرانيين هم في الحقيقة من قتل الأكراد في حلبجه.
لذلك، وحسب رأينا فإن الكونغرس قد تصرف على أساس عاطفي وليس على أساس معلومات حقيقية وبدون فهم كاف للتأثيرات الدبلوماسية المجحفة لقراره ذلك. ونتيجة لنتائج الحرب العراقية الإيرانية، فإن العراق الآن هو أقوى قوة في منطقة الخليج، المنطقة التي لنا فيها مصالح حيوية. ومن أجل الحفاظ على مصالحنا في إستمرارية تزويدنا بالنفط من المنطقة، فإنه علينا أن نعمل من أجل علاقة عمل وثيقة مع جميع دول الخليج وخصوصاً العراق، أقوى دولة فيها.
إستعمال إيران للسلاح الكيمياوي
علينا جميعاً أن نسأل لماذا لم يذكر أحد إستعمال إيران للأسلحة الكيمياوية سواء من الإدارات الأمريكية أو الإعلام الأمريكي؟ في وقت شاهد العالم فيه وفي جميع محطات التلفزيون والأخبار المسائية صوراً لجنود من كلا الجانبين عانوا من تأثير إستعمال تلك الغازات حيث جرى علاجهم في المستشفيات الأوربية والإسكندنافية منها على وجه الخصوص. هذا وقد نشرت الأمم المتحدة بعد نهاية الحرب بين العراق وإيران تقريراً يؤكد أن كلا البلدين قد إستعملا الغازات السامة.
أدناه بعض النقاط التي أدرجت في تقرير كتبه أنتوني كوردسمان، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الستراتيجية والدولية في 28 نيسان/أبريل 1998:
• عملت إيران على إستيراد التجهيزات والمعدات الضرورية بشكل سري ومنذ منتصف الثمانينات، وقد إستغرقت عدة سنوات للحصول على تلك الكميات الكبيرة من معدات الإنتاج والمواد الأولية الداخلة في صناعة أسلحتها الكيمياوية. وقد إستعانت إيران بالحصول على تلك المساعدات من شركات أوربية مثل "لورجي" لغرض إنشاء مصانع "قاتلات الحشرات"، وبدأت بالحصول على المواد الأولية التي تحتاجها من مصادر عديدة معتمدة بشكل مكثف على سفارتها في بون لإنهاء العقود الضرورية. ولأن شركة "لورجي" لم تجهز معدات مصانع "قاتلات الحشرات"، فقد حصلت إيران على دعم كبير من شركات أوربية أخرى كما حصلت على المواد الأولية من مصادر غربية ثانية.
• وبحلول عام 1986 – 1987، طورت إيران إمكانيتها لإنتاج كمية كافية من المواد القاتلة لتحميلها في أسلحتها. وقد أكد مدير وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية والمراقبين في منطقة الخليج بشكل واضح بأن إيران بإمكانها إنتاج مواد من التي تدخل إلى الدم مثل هايدروجين السيانيد وغاز الفوسجين و/أو غاز الكلورين. كما كانت إيران قادرة على تسليح كميات محددة من مواد كبريت الخردل والسيانيد في بداية عام 1987، وكان لها القابلية على التسليح بغاز الفوسجين و/أو غاز الكلورين. كانت تنتج هذه المواد الكيمياوية بدفعات صغيرة والتي جعلت إيران قادرة على تحميلها بعدد قليل من أسلحتها قبل بداية إنتاجها الكبير من مصانعها بعد ذلك.
• لقد إستعملت إيران تلك المواد الكيمياوية بتسليحها في القنابل وذخائر المدفعية وقد إستعملتها بشكل متفرق ضد العراق في عامي 1987 و 1988.
• أكملت إيران مصنعاً كبيراً لإنتجات الغازات السامة في قزوين على بعد حوالي 150 كيلومتراً غرب طهران، حيث تم إكمال هذا المصنع بين تشرين الثاني/نوفمبر 1987 وكانون الثاني/يناير 1988. ولو أن الإيرانيين يدعون أنه مصنعاً لإنتاج قاتل الحشرات، إلا أن الغاية الرئيسية منه في الحقيقة هو إنتاج الغازات السامة بإستعمال مركبات الفسفور العضوية.
وأدناه أيضاً بعض الحقائق عن إستخدام إيران للأسلحة الكيمياوية حسب المصادر التي ذكرتها:
أواسط عام 1987
إن إيران لديها القابلية على إنتاج غازات الخردل والسيانيد والأعصاب.
Anthony Cordesman, "Creating Weapons of Mass Destruction, Armed Forces Journal International 126, February 1989, p. 56.
18 تشرين الأول/أكتوبر 1987
وزير الخارجية الأمريكي جورج شولتس يصرح أن كلاً من العراق وإيران قد إستخدمتا الأسلحة الكيمياوية "في أول تصريح يخالف الموقف الرسمي الأمريكي".
Gordon M. Burck and Charles C. Flowerree, International Handbook on Chemical Weapons Proliferation (Westport, Connecticut: Greenwood Press, 1991), p. 240; for original source see Reuters, Current News, 19 October 1987.
رغم تصريحه ذلك في عام 1987، إلا أنه والناطق الرسمي لوزارته إتهما العراق فقط بإستخدام الأسلحة الكيمياوية وذلك عند زيارة سعدون حمادي لأمريكا في الأيام الأخيرة التي سبقت إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية.
16-18 آذار/مارس 1988
حسب دراسة قام بها البنتاغون، أن إيران تستعمل الأسلحة الكيمياوية (بالإضافة إلى العراق)، وبشكل خاص كلوريد السيانوجين خلال هجوم على مدينة حلبجه الكردية. حيث بدأ الهجوم في يوم 15 آذار/مارس في عملية "والفجر" الإيرانية الهجومية. وحسب نتائج المخابرات الأمريكية فإن الإيرانيين قد أطلقوا على حلبجه أكثر من 50 قذيفة مدفعية وقنبلة بواسطة الطائرات محملة بالسيانيد. إستخدم العراق الغازات أيضاً، وخصوصاً غاز الخردل في هذه المعركة.
Patrick E. Tyler, "Both Iraq and Iran Gassed Kurds in War, US Analysis Finds," Washington Post, 3 May 1990, p. A3; Gregory F. Giles, "The Islamic Republic of Iran and Nuclear, Biological, and Chemical Weapons," in Peter R. Lavoy, Scott D. Sagan, and James J. Wirtz (Ed.), Planning the Unthinkable: How New Powers Will Use Nuclear, Biological, and Chemical Weapons (Ithaca: Cornell University Press, 2000), p. 91; Anthony H. Cordesman, "Iranian Chemical and Biological Weapons," CSIS Middle East Dynamic Net Assessment, 30 July 1997, p. 20.
23 آذار/مارس 1988
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية تشارلز ريدمان يتحدث بخصوص إستخدام العراق للأسلحة الكيمياوية في مدينة حلبجه الكردية "هناك مؤشرات على أن إيران قد إستخدمت قذائف المدفعية الكيمياوية في هذا القتال". إلا أن ريدمان قد ذكر أن كلاً من إيران والعراق كانتا قادرتين على إنتاج الأسلحة الكيمياوية محلياً، وأن كلا الدولتين كانتا تحاولان تكوين مخزون إحتياطي من الأسلحة الكيمياوية. وصرح ريدمان أن الولايات المتحدة "قد طلبت من العراق وإيران التوقف فوراً عن أي إستخدام للأسلحة الكيمياوية التي تعد إهانة للحضارة والبشرية". كما وصرح مسؤولون أمريكيون أن كلا الطرفين المتقاتلين يمكنهما إنتاج الأسلحة الكيمياوية محلياً.
David Ottaway, "US Decries Iraqi Use of Chemical Weapons; 'Grave Violation' of International Law Cited," Washington Post, 24 March 1998, p. A37.
ورغم تصريحه ذلك، إلا أنه إتهم العراق فقط في المؤتمر الصحفي الذي عقده عند زيارة سعدون حمادي لأمريكا.
24 آذار/مارس 1988
وحسب وكالة الأسوشييتد بريس، فإن كمال خرازي قد قال بأن بلاده تنتج الأسلحة الكيمياوية، كما أن المحللين والمصادر الدبلوماسية (الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن أسماءهم) قد قالوا بأنه يعتقد أن الأسلحة الكيمياوية الإيرانية هي غاز الخردل وغاز الفوسجين على الأغلب لأن تلك الغازات سهلة الصنع نوعاً ما من مواد كيمياوية متوفرة دائماً، إضافة إلى هايدروجين السيانيد.
Ed Blanche, "Chemical Warfare Threat Mounts in Gulf War," Associated Press, 24 March 1988.
24 آذار/مارس 1988
أورد مراسل رويترز أنه خلال جولة له في مدينة حلبجه لاحظ أن المسؤولين الإيرانيين والناجين من أهل المدينة قد قالوا بأن القوات العراقية قد ضربت المدينة بإستمرار في يوم 16 آذار/مارس، بعد يوم واحد من إحتلالها من قبل الإيرانيين وأن العراقيين كذلك قد إستعملوا الأسلحة الكيمياوية. كما أفاد أطباء إيرانيون بأنه ظهرت على بعض الضحايا علامات تشبه الشمع، ويقول هؤلاء الأطباء بأن ذلك يؤكد أن السلاح الكيمياوي المستعمل هو من نوع السيانيد (ملاحظة: يبدو أن ما قاله هؤلاء الأطباء الإيرانيون قد كان وراء الإدعاء بأن العراق قد إستعمل السيانيد في ذلك الهجوم، ولكن الحقيقة هي أن تلك الأعراض ليست من ضمن الأدلة المرضية على التسمم بالسيانيد.)
وحسب مراسلي رويترز الذين ذكروا في تقاريرهم، "قال بعض الناجين أن طائرة ظهرت من الغرب حوالي الساعة الثانية ظهراً يوم الأربعاء الماضي (16 آذار) وألقت قنبلة أو أكثر حيث إنتشرت على أثرها غيوم صفراء وبيضاء. وأن رجلاً متوسط العمر من الناجين أخبرنا بأن الإيرانيين دخلوا إلى المدينة حيث رحبنا بهم، وبعد ذلك، وحوالي الظهر جاءت القذائف العراقية حيث مات الجميع، وقد شاهدت غيوماً، شاهدت غازاً". ويضيف الصحفيون قائلين، "لقد أخبرنا مسؤولون عسكريون إيرانيون أن 5000 كردي قد قتلوا في هذا الهجوم العراقي. (ملاحظة: ومن هنا يتضح كيف أن مراسلي رويترز نشروا الخبر قبل التحقق منه أو من كان فعلاً السبب وراء مقتل هؤلاء الضحايا بل كان مجرد خبر نقله عسكريون إيرانيون إلى الصحفيين).
Patrick Worsnip, "Iraq Accused of Chemical Warfare as Thousands Die in Kurdish Town," Reuters, reported in Toronto Star, 24 March 1988, A14.
10 نيسان/أبريل 1988
ركز العراق جهوده على أسلحة كيمياوية من النوع الطويلة المفعول كغاز الخردل وليس على أسلحة كيمياوية من النوع القصيرة المفعول كالسيانيد، ذلك أن القوات العراقية كانت دائماً في حالة الدفاع وكانت تريد إستعمال أسلحة كيمياوية من النوع الذي يبقى في البيئة لأطول فترة زمنية لغرض منع الإيرانيين من التقدم لأطول فترة ممكنة. في حين أن الإيرانيين إستعملوا أسلحة كيمياوية من النوع القصيرة المفعول كالسيانيد والكلورين الذي يختفي بسرعة لكي يسمح لقواتهم بالتقدم السريع. وتقول مصادر البنتاغون بأن هناك "أدلة قوية" بأن الإيرانيين قد إستعملوا أسلحة كيمياوية في حلبجه، وأن هناك أسباب قوية للإعتقاد أن كلا الطرفين قد إستعملا الأسلحة الكيمياوية.
David Ottaway, "Mideast Perils: The Introduction of Medium-Ranged Missiles, Chemical Weapons and Ballistic-Missiles Warfare into the Volatile Region has Created a Situation that could Spell Doom in a New War Erupts between Arabs and Israel," Toronto Star, 10 April 1988, p. H3.
13 نيسان/أبريل 1988
قال مسؤول أمريكي كبير أنه يبدو أن إيران قد إستعملت الأسلحة الكيمياوية ضد أهداف في حلبجه في نفس الوقت الذي تحدثت به الإنباء عن وقوع هجوم بالأسلحة الكيمياوية على حلبجه، وإن الإفصاح عن ذلك قد أضعف الدعاية الإيرانية.
E.A. Wayne, "Tracking Chemical Weapons in the Gulf War," Christian Science Monitor, 13 April 1988, p. 32.
22 أيلول/سبتمبر 1988
تعتقد مجلة New Scientist بأنه من المحتمل أن يكون غاز الأعصاب "التابون" قد إستعمل في حلبجه وليس السيانيد والذي أدى إلى مقتل 6000 مدني كردي في آذار/مارس من هذا العام. وأن الأنباء التي تحدثت عن أن السيانيد قد إستعمل في تلك المعركة سببه هو تكون غاز السيانيد بسبب عدم نقاوة التابون الذي تفاعل مع الماء الموجود في التربة.
(ملاحظة: قفز عدد القتلى إلى 6000 في خبر هذه المجلة، ولا ندري ما يقوله الصحفيون الذي نقلوا ما أطلعهم الإيرانيون عليه بأن القذائف الفارغة التي وجدت كانت تحتوي على بقايا السيانيد).
"Iran Reports Western Allegations that Iraq is using Biological as Well as Chemical Weapons," Islamic Republic News Agency, 22 September 1988, reported in British Broadcasting Corporation, BBC Summary of World Broadcasts, 24 September 1988, Part 4, p. A1.
مايس/مايو 1990
أصدر البنتاغون تقريراً مستخلصاً من "مصادر سرية جداً" حول ضلوع إيران في الهجوم بالأسلحة الكيمياوية على حلبجه. ويقول التقرير "أن القوات الإيرانية قد إستعملت أكثر من 50 قنبلة وقذيفة مدفعية خلال ما يعتقد أنه الهجوم الأخير لإيران". ويقول التقرير أيضاً، "أن إيران قد تكون هي أول من أطلق قذائف المدفعية تلك المحملة بغاز السيانيد على حلبجه عندما إعتقد القائد الإيراني خطأً أن القوات العراقية كانت تحتل حلبجه." ويوضح أحد المسؤولين الأمريكان أن إدعاء إيران بأن الهجوم كان بغاز السيانيد كان واحداً من الأدلة التي تفضي إلى أن إيران هي من قتل الأكراد ذلك لأنه وحسب تحليلات الإدارة الأمريكية لم يكن العراق قد أدخل ذلك السلاح الكيمياوي إلى ترسانته من الأسلحة الكيمياوية. إضافة لذلك، فقد قال بعض القادة الأكراد بأنه قد تم قصفهم بالسلاح الكيمياوي من المواقع الإيرانية إلى شرقهم إضافة إلى القصف من غربهم من مواقع عراقية.
Patrick E. Tyler, "Both Iraq and Iran Gassed Kurds in War, US Analysis Finds," Washington Post, 3 May 1990, p. A37.
تناقض التصريحات الإيرانية حول ما جرى في حلبجه
للعودة الى الجزأ الاول من البحث
للعودة الى الجزأ الثاني من البحث
يتبع الجزأ الرابـع .. إنشاء الله
للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى الأبــــــــــد
0 Comments:
Post a Comment
<< Home