قصة محتالة بغدادية ضحكت على أميركا
قرأت المقال الذي كتبهُ الاستاذ محمد عارف في صحيفة الاتحاد الاماراتية وضحكت ثُمّ عادَ إليَ حُزني من جديد .. ضَحِكت لأن مَن يحتل العِراق هُم بعقلياتٍ وإمكانات أضعفُ من أن تكتشفُ كِذب الكلب أحمد وذَنّبهُ عّلاوي .. وعاجِزة عن إكتشاف كِذب إحدى بائعات الهوى (كما يُسميها الاديب نجيب محفوظ في قصصهِ!) .. ولكنني عُدتُ لِحُزني لأنّ العرب مازالَ فيهِم من يَعتقِد أنّ أميركا ومُجرميها وصحافتها ومحققيها بِهذهِ الجهالة (!!) .. وأقول لكافة من يعتقد أنَ الامريكان ضحية أكاذيب وإفتراءات العملاء (مثل علاوي والكلبـــ....ـي!) أو أكاذيب قوادين (مثل الطالباني!) أو إيرانيين شعوبيين يحلمون بإحتلال العراق كما كان قبل ألإسلام (أمثال التباتبائي وألأشيقر والسيستاني!) .. أقولُ لَهُم أنّ أميركا تعلم بِكذبِ هؤلاء.. وهي التي تشجعهم على الكذب وتعطيهم مايحتاجونهُ مِن معلومات يحبكونَ بها قصصهم (وأعتقدكم لم تنسو من دّربَ نيرة إبنة السفير الكويتي صباح الصباح!) .. فأميركا تستخدم القصص الملفقة لِتغطي جَرائمها لمرحلةٍ معينة تكون خِلالها قد مَلَئَت المكتبات ومراكز المعلومات والعقل العربي (المشلول والذي لم يصحو بعد من هول الهجمة الامريكية) .. وبعد ذلك لن يَهُم أميركا سواء تمّ إكتشاف كذبها وكذب عملائها وزانياتها وديوثيها، أو لم يكتشف.. فما حققتهُ من تشويه لمعالم مسارح الجرائم التي إقترفتها أيادي قواتها المجرمة وميليشيات عُملائها قد حصلت وحققت أهدافها.. ثُمَ تَعود بينَ آونةٍ وأخرى لتؤدي دور الضحية للكذابين الذين أوقعوا بها!!.. ولِتُبيضَ صفحتها من جَديد.. فأميركا دولة تَكُنُ المشاعر الصادقة والحقيقية للشعوب وحرياتها.. وأنها تُضحي بأبنائها في سبيل تلك الشعوب .. وأنها قد تستعجِل لأحتلال الدول بسبب صرخةٍ (لِزانية!) أو دعوةٍ مِن (دَيوث!) أو طلب النجدة من (لصٍ مطلوب للأنتربول!) .. ورغمَ ذلك فلا تتوقف عن إتمام رسالتها (الصليبية) فتستخدم نفس النماذج من الديوثينَ واللصوص والشواذ والشُذاذ لمحاولة ضَربِ شعبنا في سوريا ولبنان..
وأعتذرُ للأستاذ محمد عارف فأعتقدهُ يُدرك كل ذلك.. وهو مشكور على تقديم هذهِ المعلومات كي يمسح بها ما تَرَسبَ في ذاكرة البعضِ مِنا مِمَن يُصّدقوا حكايات العلوج أو عملائِهم.. :
قصة محتالة بغدادية ضحكت على أميركا
بقلم: محمد عارف
تذكر أقصر نكتة عراقية أن قطة حشّاشة قالت لصاحباتها القطيطات: نسيت كيف أصّرخ. ميووو، أو يبووو؟- "يبووو" صرخة استغاثة تطلقها العراقيات عند وقوع فاجعة. وألف "يبووو" على أميركا، التي ضحكت عليها محتالة بغدادية. فيما يلي قصتها، التي تعكس وضاعة المتورطين في احتلال العراق والمتعاونين معهم.
جُمانة ميخائيل حنّا صحبت في يوليو عام 2003 عدداً من مسؤولي سلطات الاحتلال إلى "سجن الكلاب السايبة" في بغداد، وأخبرتهم أن عشرات الجثث مدفونة تحت أرض باحة السجن. وأطلعتهم على رسائل وبطاقات شخصية وصور وتربة للصلاة أودعتها لديها زميلاتها السجينات، اللواتي توفين تحت التعذيب، وهي الوحيدة التي بقيت على قيد الحياة. وأشارت إلى جذع شجرة ملقى على الأرض، وذكرت أنها كانت تُصلبُ عليه... وتعذب في مواقع حساسّة من جسمها.
وذكرت جُمانة أن مأساتها بدأت عند زواجها من هيثم جميل أنور، الهندي الجنسية، والقوانين، حسب ادّعائها تحرّم على العراقيات الزواج بالأجانب. كانت تدير آنذاك "بوتيك" للأزياء في حي عرصات الهندية ببغداد، وكانت تقصدها ساجدة زوجة صدام حسين، وهي حسب قولها فلاّحة جاهلة لم تكن تعرف كيف تضع ساقاً على ساق. علّمتها جُمانة فنون التصرف، وصمّمت لها ملابس نوم سوداء مغرية لتحظى بحب صدّام. وعندما علمت ساجدة بمحنتها حصلت لها على موعد لمقابلة ابنها عُدي للحصول على مرسوم يجيز لها الزواج من الهندي. وذهبت للموعد في أحد أيام أغسطس عام 1993 في مقر اللجنة الأولمبية، التي كان عدي يرأسها. هناك احتجزها مساعدوه واغتصبوها. وقالت إنها كانت عذراء، وعندما اغتصبوها غطوا عينيها حتى لا تتعرف عليهم، لكنها سمعتهم يسألون "أستاذ عُدي" ما يفعلونه بدمائها السائحة على الأرض، فطلب منهم أن يملّحوا به حافة كاس الويسكي، الذي يشرب منه.
صحيفة "واشنطن بوست" أوردت هذه المعلومات في تقرير بعنوان "امرأة وحيدة تشهد على عهد الإرهاب العراقي" على الصفحة الأولى في 21 يوليو 2003. ونشرت الصحيفة، التي تُعتبر من أكثر صحف العالم موثوقية وتحققاً صورة جُمانة، وهي تلطم على رأسها خلال مرافقتها للمسؤولين الأميركيين في السجن، وذكرت أنها العراقية الوحيدة، التي جرؤت على تقديم شهادة عن اغتصابها من قبل زبانية النظام البعثي. وصرّح للصحيفة دونالد كامبل، قاضي المحكمة العليا في نيوجيرسي، ورئيس هيئة المستشارين القانونيين لسلطات الاحتلال بأنه حقق في جرائم فظيعة في 72 دولة، لكنه لم يدوّن شهادة تماثلها بالصدقية والمأساوية. وذكر برنارد كريك، رئيس شرطة نيويورك، الذي عيُن مشرفاً عاماً على وزارة الداخلية العراقية أنه أوشك على التقيؤ حين شاهد جذع الشجرة، التي كانت تُعلق منها، والأدوات التي كانت تُستخدم في تعذيبها. وفي شهادة عنها في مجلس الشيوخ ذكر مساعد وزير الدفاع الأميركي بول وولفوفيتز أنه زار "سجن الكلاب السايبة" في بغداد، وتحقق من صحة معلوماتها، "التي قد تساعد دول التحالف على اجتثاث البعثيين القتلة".
وخشية على حياتها تقرّر نقلها مع طفليها وأمها البالغة 72 عاماً من العمر إلى مقر سلطات الاحتلال داخل "المنطقة الخضراء". وخُصّصت للعائلة حافلة سكنية على مسافة بضعة أقدام عن حافلة حاكم الاحتلال، السفير بول بريمر. ومنحتها "إدارة التحالف الانتقالية" وسام الشرف، وعيّنت 4 حراس أمن للمناوبة على حراستها 24 ساعة يومياً. وتحولت جُمانة في أعين الأميركيين إلى رمز للبطولة والتحرير. اعتُبرت قضيتها بحد ذاتها كافية لتبرير الحرب. ونقلتها طائرة عسكرية خاصة إلى سان فرانسيسكو، حيث تقيم في عنوان سري منذ ذلك الحين. وتنافست دور النشر الأميركية على حقوق نشر مذكراتها، واختيرت لكتابتها ساره سولوفيتش، المعروفة بمقالاتها في "واشنطن بوست" وغيرها من المطبوعات الأميركية الكبرى. ذكرت سولوفيتش أنها وافقت على توقيع عقد الكتاب بعد لقائها بجُمانة، التي استمالتها حميميتها، ووجهها الصريح المعبر، وابتسامتها المُرحبة، وعيناها المستعطفتان. كانت تكرر على مسامعها عبارات الحب بصوت شجي: "أنت صوتي، أنت شمعتي. إنك لست كاتبتي. بل أنت الآن أنا". واستهوتها ذكريات جُمانة عن نشأتها في عائلة مسيحية آشورية غنية، تسكن في عرصات الهندية، وسحرتها ذكريات حفلة التخرج، التي أقيمت لها في نادي الهندية ببغداد. ذروة الحفلة كان صعود جُمانة على سُلّم للوصول إلى أعلى الكعكة الشاهقة وقطعها بسيف بدوي!.
وقصة تلد قصة أخرى مع التقدم في تدوين ذكريات جُمانة، ومقابلة المسؤولين، الذين حققوا في قضيتها، ومقارنة شهادات معارفها وأقربائها. احتلت القصة الجديدة 10 صفحات في عدد يناير للمجلة الأميركية المرموقة "إسكواير"، وتحدثت فيها الكاتبة سارة سولوفيتش عن بداية شكوكها في صحة ما ذكرته جُمانة حول حصولها على شهادة ماجستير بالمحاسبة من جامعة أكسفورد في بريطانيا. خريجة أكسفورد، ولا تتقن الكتابة بالإنجليزية؟! حاولت تعليل ذلك بأن ضحايا التعذيب يتعرضون إلى اختلاط ذهني يربك ذاكرتهم. ثم أظهر الفحص الطبي عدم وجود آثار للتعذيب في جسمها، ولم يُعثر حتى على كلمة "خائنة" بالعربية، الذي ادّعت أن الجلادين وشموا ثديها الأيسر بها لزواجها من الهندي. وأين اختفت المقبرة الجماعية في أرض السجن، التي ضغط بول بريمر على المحققين بشدة لإيجادها؟ لم يعثر التنقيب فيها 4 شهور إلاّ على عظام بقرة! ولا وجود لمتحف يحمل اسم جُمانة في موقع السجن، وزوجها، الذي ادّعت "واشنطن بوست" أن السجانين قطّعوا جسمه إرباً حي يرزق في بغداد، وهو ليس هندياً. ولم تُسجن جُمانة بسبب الزواج منه، بل لممارستها الزنا، حسب اعتراف أمها، التي قالت أيضاً إن ابنتها لم تتخرج من جامعة أكسفورد، ولم تذهب إلى بريطانيا في حياتها. ولا صحة لادّعاء جُمانة أن مقتدى الصدر أصدر فتوى ضدها لكشفها أن شقيقته شكرية اغتُصبت معها في السجن.
كيف أغفل هذه الحقائق القاضي كامبل وفريق مساعديه في بغداد، الذي ضم 20 محاميا أميركيا و50 عراقيا؟ الأجوبة التي حصلت عليها الكاتبة أقبح من أكاذيب جُمانة. اللواء العسكري أحمد إبراهيم، وكيل وزارة الداخلية سابقاً، ومساعد ممثل العراق في الأمم المتحدة حالياً، عبّر عن انزعاجه لأن العسكريين العراقيين التسعة، الذين ذكرت جمانة أنهم عذبوها، وأشرف هو شخصياً على اعتقالهم أطلق سراحهم جميعاً، وحصلوا على تعويضات. وظهر أن أبرزهم اللواء صلاح محمود كاظم، المرشح قبل اعتقاله لمنصب مدير الشرطة العام، كان يتعاون مع سلطات الاحتلال في تعّقب قادة المقاومة. والرقيب دانييل درايدن، الذي أشرف على التنقيب عن الجثث في "سجن الكلاب السائبة" قال إنه لن يهتم حتى لو اعترفت له جمانة الآن بأنها كذبت عليه. فهو مسرور، لأن اختياره لمهمة التنقيب أبعده عن جبهة القتال، ووفر له فرصة قضاء 4 شهور في "المنطقة الخضراء"، في قصر مكيّف الهواء، مجهز بالهاتف والإنترنت، وتعرّف فيه على مترجمة جميلة سيتزوجها!.
محمد عارف
للعودة الى موقع: سيبقى العراق إلى ألأبـــد
0 Comments:
Post a Comment
<< Home