عمليات مقاومة الاحتلال من الامام زين العابدين
عمليات مقاومة الاحتلال من الامام زين العابدين
مروراً بثورة العشرين وصولاً الى مقاومة الاحتلال الامريكي
رغم مرور أسبوع على إستلامي مقالة الاستاذ المناضل معن بشور حيث أنّ تسارع أحداث مسرحية الدستور ومن ثمَ حادثة جسر الأئِمة المروعة التي ارتكبها فيلق غدر العميل وقبلها العمليات الاجرامية الامريكية في القائم والكرابلة .زكل ذلك حال دون أن أقدمها أو أشير اليها.. ورغم أنّ المقال نُشِرَ في أكثر من موقع لكنني أود الأشارة الى المقال لما يحتويه من معلوماتٍ تأريخية هامة بخصوص موقف آل البيت من الاحتلال الاجنبي وموقف (الشيخ ضاري الزوبعي جد الشيخ حارث الضاري) وقصتهُ مع الجنرال الاستعماري البريطاني (لجمن) وكذلك دور شيوخ وأبناء عشائر الرميثة والديوانية والنجف وواسط من الاحتلال البريطاني المقيت .. ولِما في المقال من معلوماتٍ وعِبَر.. وفيما يلي مقطع من المقال..ومن أراد أن يطلع عليهِ كاملاً فعليهِ إستخدام الرابط في أسفل المقال:
مروراً بثورة العشرين وصولاً الى مقاومة الاحتلال الامريكي
رغم مرور أسبوع على إستلامي مقالة الاستاذ المناضل معن بشور حيث أنّ تسارع أحداث مسرحية الدستور ومن ثمَ حادثة جسر الأئِمة المروعة التي ارتكبها فيلق غدر العميل وقبلها العمليات الاجرامية الامريكية في القائم والكرابلة .زكل ذلك حال دون أن أقدمها أو أشير اليها.. ورغم أنّ المقال نُشِرَ في أكثر من موقع لكنني أود الأشارة الى المقال لما يحتويه من معلوماتٍ تأريخية هامة بخصوص موقف آل البيت من الاحتلال الاجنبي وموقف (الشيخ ضاري الزوبعي جد الشيخ حارث الضاري) وقصتهُ مع الجنرال الاستعماري البريطاني (لجمن) وكذلك دور شيوخ وأبناء عشائر الرميثة والديوانية والنجف وواسط من الاحتلال البريطاني المقيت .. ولِما في المقال من معلوماتٍ وعِبَر.. وفيما يلي مقطع من المقال..ومن أراد أن يطلع عليهِ كاملاً فعليهِ إستخدام الرابط في أسفل المقال:
واشنطن
والنصائح الاسرائيلية المسمومة في العراق
معن بشور
ايا تكن الدوافع التي قادت الرئيس الامريكي جورج بوش الى الحرب على العراق ثم احتلاله واطلاق مسار دموي وتدميري متصاعد فيه، فان احدا لا ينكر ان من ابرز هذه الدوافع نصائح، او ضغوط، صهيونية مسمومة ارادت من خلال هذه الحرب تدمير واحدة من اكبر الدول العربية واغناها واقواها واكثر خطرا على المشروع الصهيوني وهي العراق...
ولم يمر وقت طويل حتى اكتشف اصحاب تلك الحرب الاجرامية كم كانت تلك النصيحة مسمومة، كما اكتشف العالم معهم كم كانت كاذبة اسبابها المعلنة، واكتشف الرأي العام الامريكي، ومعه البريطاني، كم كانت مكلفة تلك المغامرة التي حاولوا تزيينها له باسباب متعددة، فاذا سقطت حجة من حججهم سارعوا لاطلاق حجة اخرى، حتى بات الجميع في الولايات المتحدة وخارجها يعدّون الايام الباقية لهذا الاحتلال وقد بات "بطله" بوش محاصرا حتى داخل حزبه الجمهوري نفسه، تماما كما يفعل ذلك العداد الشهير في نيويورك الذي يحسب في كل دقيقة حجم التكاليف المباشرة المتصاعدة لتلك الحرب، وقد فاقت 300 مليار دولار، ناهيك عن التكاليف الاضخم والاكبر لها على الصعد الاقتصادية والسياسية والاخلاقية وناهيك ايضا عن التكاليف البشرية التي فاقت الاف القتلى ووصلت الى حوالي الخمسين الف جريح حسب احصاءات شاهدناها على شبكات التلفزة الامريكية....
لا بل بدأ الامريكيون الواعون يربطون بين تلك النصيحة الاسرائيلية المسمومة، وبين الحيلة الصهيونية الذكية التي حاولت يوما ان تقدم "اسرائيل" كدولة حامية للمصالح الامريكية، فاذا بها تتحول اليوم الى دولة تحميها دماء الامريكيين واموالهم، بل بينها وبين تلك الخدعة التي ارادت ان تقدم الكيان الصهيوني كسند للاستراتيجية الامريكية، فاذا به يتحول مع الايام الى عبء امني وبشري واخلاقي كبير على الدولة العظمى المنفردة بقيادة العالم.
ولكن هل توقفت النصائح الاسرائيلية المسمومة عند مسألة تشجيع الولايات المتحدة على غزو العراق، ام انها تتجدد اليوم مع بداية الاستعداد الامريكي للخروج من ارض الرافدين تحت ضربات المقاومة العراقية الباسلة والمنزهة عن كل الاعمال الاجرامية التي يحاولون الصاقها بها، من قتل المدنيين او هجمات على المساجد والحسينيات والكنائس والتجمعات الامنة.
الذي يراقب ما يحدث في العراق يلاحظ ان النصائح الاسرائيلية ، المستندة الى خبرات لم تكن ناجحة في لبنان او فلسطين، تكاد تكون المعتمدة في "استراتيجية الخروج" الامريكية التي تطبخ اليوم في مطابخ البنتاغون على نار لم تعد هادئة كثيرا، تماما كما كانت البصمات الاسرائيلية واضحة على الاساليب العسكرية والامنية والاعلامية التي اعتمدتها ادارة بوش خلال الحرب على العراق ثم بعد احتلال العراق.
وتقوم النصيحة الصهيونية الجديدة، التي يروّج لها متنفذون في البيت الابيض ومراكز القرار الامريكي، على قاعدة سبق ان تم استخدامها في لبنان في اواسط الثمانينات، وتم تشجيعها في غزة الفلسطينية عشية الانسحاب، وهي انه اذا كان لا بد من الانسحاب الامريكي فليتم ذلك وسط اشعال حرب اهلية ضارية بين العراقيين عبر تحويل التنوع العراقي الغني، عرقيا وطائفيا ومذهبيا، الى اتون يحترق معه العراق فالمنطقة باكثرها، وينتعش المشروع الصهيوني المأزوم اليوم في فلسطين ولبنان، عبر تحويل العراق ودول المنطقة الى كانتونات عرقية وطائفية ومذهبية لا تضمن فقط الامن الكامل للكيان الصهيوني ، بل تسمح له ان يصبح الكيان القائد في المنطقة التي وحدها الاسلام والعروبة فسعى هذا الكيان الى تمزيقها عبر تغذية النزعات الانقسامية العرقية والطائفية والمذهبية.
ولأن العقل الصهيوني يدرك ان مثل هذه الحروب لا يمكن اشعالها الا بتحريك جماعات هنا او هناك، تتصارع في المظهر وتتلاقى في جوهر المشروع ، فنحن نرى مشاهد لعنف عرقي او طائفي او مذهبي بشع تتنقل في ارجاء العراق وتسعى لتفتيت بلد موحد في نسيجه منذ الاف السنين ، ولتشويه صورة المقاومة التي تتسع كما ونوعا، وتنتقل من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال فتنهك قوات الدولة الاعظم في العالم لتتغير مع هذا الانهاك موازين القوى ليس في العراق والمنطقة فحسب، بل في العالم كله.
ولقد رأينا المشهد ذاته في لبنان، يوم نجحت المقاومة الوطنية في وبيروت ان تجبر العدو على الخروج من العاصمة اللبنانية متوسلا، بمكبرات الصوت، ان لا يطلق ابناؤها النار على جنوده، وفي الجبل حيث واجه المقاتل اللبناني والفلسطيني والسوري جيش الاحتلال وداعميه من اساطيل وقوات متعددة الجنسيات، فكان الخيار الاسرائيلي اشعال حرب اهلية شرسة ادت الى تهجير مئات الالاف من اللبنانيين من مناطق عدة في الشوف اللبناني وساحله وشرقي صيدا ولم تنفع آنذاك استغاثة بعض الذين ظنوا ان رهانهم فيما مضى على تل ابيب سينقذهم من نتائج حرب نظمتها الدولة العبرية لكي تنتقم من اللبنانيين جميعا، كل اللبنانيين...
وحاول الصهاينة ان يكرروا المشهد ذاته في غزة عشية تحريرها واستبشروا بتباينات سياسية، واشتباكات محدودوة، وظنوا ان بامكانهم النفخ في نارها وتأجيج آوارها، فانتصر الوعي الفلسطيني على الفتنة الصهيونية، تماما كما انتصر الوعي اللبناني المسلح بالوحدة الوطنية على التهويل الصهيوني بالفتنة عشية الاندحار الاسرائيلي في ربيع 2000.
والعراقيون اليوم مخيّرون بين احد المشهدين السابقين الذكر، اما فتنة تطيح بانجازات المقاومة وتدمر وحدة العراق وتصادر مستقبله، وتحوله من دولة محورية في المنطقة الى دويلات تابعة لهذه الجهة او تلك، وأما وحدة ووطنية لا تعيد فقط بناء العراق مرة اخرى، كدولة قوية منيعة ذات دور هام في منطقتها والعالم، بل ايضا تجعل منه نموذجا للتحرر والحرية والديمقراطية الحقة في هذا الجزء من العالم، بل وفي العالم كله.
الذين يعرفون العراقيين الاباة معرفة حقيقية، والذين ادركوا منذ اللحظة الاولى ان المقاومة ستندلع في العراق بعد ايام من الاحتلال لتتحول الى الظاهرة الاكثر اشعاعا في عالم اليوم، رغم كل محاولات التشويه والتعتيم، يعرفون ايضا ان العراقيين لن يقعوا فريسة مخططات الاحتلال المبنية مرة اخرى على نصائح اسرائيلية مسمومة، وها هي عمليات مقاومتهم العسكرية وانتفاضاتهم السياسية والمطلبية تشمل الجنوب والوسط بزخم واصالة لتلاقي المقاومة الباسلة في كل ارجاء العراق ولتبني، كما كان الامر في ثورة العشرين، وكما هو الامر في جنوب لبنان وبطاح فلسطين، وحدة دولة العراق من خلال المقاومة بكل مستوياتها، وانتصار مقاومة العراق بكل اشكالها من خلال الوحدة.
أن العراقيين يستذكرون هذه الأيام دعاء الثغور الذي اطلقه الإمام الرابع زين العابدين بن الحسين تعبيرا عن مفهومه الواضح من الغزو الأجنبي لديار المسلمين، وهو دعاء قدمه الإمام السجّاد لجنود الدولة العربية الاسلامية، في العصر الأموي، متناسيا ان هؤلاء هم جنود الجيش نفسه الذي قتل أباه الإمام الحسين (ر) وعددا كبيرا من اهل بيته.
والعراقيون يستذكرون أيضا العلاقات القوية التي كانت تقوم بين أهل النجف وأهل الدليم أي اهل الانبار حيث تنتسب عشائر آل فتلة الشيعية المقيمة بين النجف والديوانية الى عشائر الدليم، وكانوا معروفين بمواقفهم البطولية وادوار شيخهم عبد الواحد سكر.
في هذا الإطار يروي الكاتب الدكتور موسى الحسيني في مقالة له عن "التراث الثوري الشعبي عند الشيعة العرب"، انه عندما انتخى المراجع الشيعية في النجف وكربلاء ابان ثورة العشرين بعشائر الدليم، وبأهل الفلوجة تحديدا، ثارت عشائر زوبع بقيادة الشيخ ضاري الزوبعي ( جد الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة العلماء المسلمين) وعشائر الجنابات (الجنابي) بقيادة الشيخ خضير الحاج عاصي وعشائر البومحيي بقيادة الشيخ علوان الشلال، الأمر الذي اغضب لجمن – الحاكم البريطاني للواء الدليم آنذاك- فطلب الاجتماع بزعماء هذه العشائر وتساءل مستغربا كيف يشاركون بالثورة ، محاولا التلاعب على وتر الطائفية، كون هؤلاء الشيوخ من السنة، فيما الثورة هي لقيادات شيعية خاصة المرجع ميرزا محمد تقي الشيرازي، أجابه الشيخ ضاري:" أن علماءنا هم حكومتنا، وقد امرنا القرآن بإطاعة الله ورسوله وأولي الأمر منا، فإذا اعتديتم عليهم فإننا سننتصر لهم ونحاربكم إلى جانبهم، والأولى بكم أن تلبوا ما أرادوا".
" اثار الجواب حنق لجمن وغضبه على الشيخ ضاري، كما يقول الحسيني، وادى الى تصاعد العداء بين الرجلين حتى اضطر الشيخ ضاري الى قتل لجمن بمساعدة ابنه سليمان" ( والد الشيخ الدكتور حارث).
ولقد تكرر المشهد ذاته، حين لبى الصدريون بقيادة السيد مقتدى الصدر نداء أهل الفلوجة في معركتها الأولى نيسان 2004، تماما مثلما لبى أهل الانبار وشباب العراق، وبينهم ضباط بعثيون وقوميون أشاوس، نداء الدفاع عن العتبات المقدسة في كربلاء والنجف وسقط منهم الشهداء في الانتفاضة التي قادها المجاهد السيد مقتدى الصدر.
ومن لا يعرف العراق يظن ان النصائح الإسرائيلية لقوات الاحتلال بإشعال الحرب الأهلية ستفعل فعلها، ولكن كما اكتشف أهل القرار في واشنطن كم كانت النصيحة الإسرائيلية وتحليلات العملاء مسمومة يوم الدخول إلى العراق، سيكتشفون أيضا كم ستكون هذه النصائح مسمومة يوم الخروج؟
ولم يمر وقت طويل حتى اكتشف اصحاب تلك الحرب الاجرامية كم كانت تلك النصيحة مسمومة، كما اكتشف العالم معهم كم كانت كاذبة اسبابها المعلنة، واكتشف الرأي العام الامريكي، ومعه البريطاني، كم كانت مكلفة تلك المغامرة التي حاولوا تزيينها له باسباب متعددة، فاذا سقطت حجة من حججهم سارعوا لاطلاق حجة اخرى، حتى بات الجميع في الولايات المتحدة وخارجها يعدّون الايام الباقية لهذا الاحتلال وقد بات "بطله" بوش محاصرا حتى داخل حزبه الجمهوري نفسه، تماما كما يفعل ذلك العداد الشهير في نيويورك الذي يحسب في كل دقيقة حجم التكاليف المباشرة المتصاعدة لتلك الحرب، وقد فاقت 300 مليار دولار، ناهيك عن التكاليف الاضخم والاكبر لها على الصعد الاقتصادية والسياسية والاخلاقية وناهيك ايضا عن التكاليف البشرية التي فاقت الاف القتلى ووصلت الى حوالي الخمسين الف جريح حسب احصاءات شاهدناها على شبكات التلفزة الامريكية....
لا بل بدأ الامريكيون الواعون يربطون بين تلك النصيحة الاسرائيلية المسمومة، وبين الحيلة الصهيونية الذكية التي حاولت يوما ان تقدم "اسرائيل" كدولة حامية للمصالح الامريكية، فاذا بها تتحول اليوم الى دولة تحميها دماء الامريكيين واموالهم، بل بينها وبين تلك الخدعة التي ارادت ان تقدم الكيان الصهيوني كسند للاستراتيجية الامريكية، فاذا به يتحول مع الايام الى عبء امني وبشري واخلاقي كبير على الدولة العظمى المنفردة بقيادة العالم.
ولكن هل توقفت النصائح الاسرائيلية المسمومة عند مسألة تشجيع الولايات المتحدة على غزو العراق، ام انها تتجدد اليوم مع بداية الاستعداد الامريكي للخروج من ارض الرافدين تحت ضربات المقاومة العراقية الباسلة والمنزهة عن كل الاعمال الاجرامية التي يحاولون الصاقها بها، من قتل المدنيين او هجمات على المساجد والحسينيات والكنائس والتجمعات الامنة.
الذي يراقب ما يحدث في العراق يلاحظ ان النصائح الاسرائيلية ، المستندة الى خبرات لم تكن ناجحة في لبنان او فلسطين، تكاد تكون المعتمدة في "استراتيجية الخروج" الامريكية التي تطبخ اليوم في مطابخ البنتاغون على نار لم تعد هادئة كثيرا، تماما كما كانت البصمات الاسرائيلية واضحة على الاساليب العسكرية والامنية والاعلامية التي اعتمدتها ادارة بوش خلال الحرب على العراق ثم بعد احتلال العراق.
وتقوم النصيحة الصهيونية الجديدة، التي يروّج لها متنفذون في البيت الابيض ومراكز القرار الامريكي، على قاعدة سبق ان تم استخدامها في لبنان في اواسط الثمانينات، وتم تشجيعها في غزة الفلسطينية عشية الانسحاب، وهي انه اذا كان لا بد من الانسحاب الامريكي فليتم ذلك وسط اشعال حرب اهلية ضارية بين العراقيين عبر تحويل التنوع العراقي الغني، عرقيا وطائفيا ومذهبيا، الى اتون يحترق معه العراق فالمنطقة باكثرها، وينتعش المشروع الصهيوني المأزوم اليوم في فلسطين ولبنان، عبر تحويل العراق ودول المنطقة الى كانتونات عرقية وطائفية ومذهبية لا تضمن فقط الامن الكامل للكيان الصهيوني ، بل تسمح له ان يصبح الكيان القائد في المنطقة التي وحدها الاسلام والعروبة فسعى هذا الكيان الى تمزيقها عبر تغذية النزعات الانقسامية العرقية والطائفية والمذهبية.
ولأن العقل الصهيوني يدرك ان مثل هذه الحروب لا يمكن اشعالها الا بتحريك جماعات هنا او هناك، تتصارع في المظهر وتتلاقى في جوهر المشروع ، فنحن نرى مشاهد لعنف عرقي او طائفي او مذهبي بشع تتنقل في ارجاء العراق وتسعى لتفتيت بلد موحد في نسيجه منذ الاف السنين ، ولتشويه صورة المقاومة التي تتسع كما ونوعا، وتنتقل من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال فتنهك قوات الدولة الاعظم في العالم لتتغير مع هذا الانهاك موازين القوى ليس في العراق والمنطقة فحسب، بل في العالم كله.
ولقد رأينا المشهد ذاته في لبنان، يوم نجحت المقاومة الوطنية في وبيروت ان تجبر العدو على الخروج من العاصمة اللبنانية متوسلا، بمكبرات الصوت، ان لا يطلق ابناؤها النار على جنوده، وفي الجبل حيث واجه المقاتل اللبناني والفلسطيني والسوري جيش الاحتلال وداعميه من اساطيل وقوات متعددة الجنسيات، فكان الخيار الاسرائيلي اشعال حرب اهلية شرسة ادت الى تهجير مئات الالاف من اللبنانيين من مناطق عدة في الشوف اللبناني وساحله وشرقي صيدا ولم تنفع آنذاك استغاثة بعض الذين ظنوا ان رهانهم فيما مضى على تل ابيب سينقذهم من نتائج حرب نظمتها الدولة العبرية لكي تنتقم من اللبنانيين جميعا، كل اللبنانيين...
وحاول الصهاينة ان يكرروا المشهد ذاته في غزة عشية تحريرها واستبشروا بتباينات سياسية، واشتباكات محدودوة، وظنوا ان بامكانهم النفخ في نارها وتأجيج آوارها، فانتصر الوعي الفلسطيني على الفتنة الصهيونية، تماما كما انتصر الوعي اللبناني المسلح بالوحدة الوطنية على التهويل الصهيوني بالفتنة عشية الاندحار الاسرائيلي في ربيع 2000.
والعراقيون اليوم مخيّرون بين احد المشهدين السابقين الذكر، اما فتنة تطيح بانجازات المقاومة وتدمر وحدة العراق وتصادر مستقبله، وتحوله من دولة محورية في المنطقة الى دويلات تابعة لهذه الجهة او تلك، وأما وحدة ووطنية لا تعيد فقط بناء العراق مرة اخرى، كدولة قوية منيعة ذات دور هام في منطقتها والعالم، بل ايضا تجعل منه نموذجا للتحرر والحرية والديمقراطية الحقة في هذا الجزء من العالم، بل وفي العالم كله.
الذين يعرفون العراقيين الاباة معرفة حقيقية، والذين ادركوا منذ اللحظة الاولى ان المقاومة ستندلع في العراق بعد ايام من الاحتلال لتتحول الى الظاهرة الاكثر اشعاعا في عالم اليوم، رغم كل محاولات التشويه والتعتيم، يعرفون ايضا ان العراقيين لن يقعوا فريسة مخططات الاحتلال المبنية مرة اخرى على نصائح اسرائيلية مسمومة، وها هي عمليات مقاومتهم العسكرية وانتفاضاتهم السياسية والمطلبية تشمل الجنوب والوسط بزخم واصالة لتلاقي المقاومة الباسلة في كل ارجاء العراق ولتبني، كما كان الامر في ثورة العشرين، وكما هو الامر في جنوب لبنان وبطاح فلسطين، وحدة دولة العراق من خلال المقاومة بكل مستوياتها، وانتصار مقاومة العراق بكل اشكالها من خلال الوحدة.
أن العراقيين يستذكرون هذه الأيام دعاء الثغور الذي اطلقه الإمام الرابع زين العابدين بن الحسين تعبيرا عن مفهومه الواضح من الغزو الأجنبي لديار المسلمين، وهو دعاء قدمه الإمام السجّاد لجنود الدولة العربية الاسلامية، في العصر الأموي، متناسيا ان هؤلاء هم جنود الجيش نفسه الذي قتل أباه الإمام الحسين (ر) وعددا كبيرا من اهل بيته.
والعراقيون يستذكرون أيضا العلاقات القوية التي كانت تقوم بين أهل النجف وأهل الدليم أي اهل الانبار حيث تنتسب عشائر آل فتلة الشيعية المقيمة بين النجف والديوانية الى عشائر الدليم، وكانوا معروفين بمواقفهم البطولية وادوار شيخهم عبد الواحد سكر.
في هذا الإطار يروي الكاتب الدكتور موسى الحسيني في مقالة له عن "التراث الثوري الشعبي عند الشيعة العرب"، انه عندما انتخى المراجع الشيعية في النجف وكربلاء ابان ثورة العشرين بعشائر الدليم، وبأهل الفلوجة تحديدا، ثارت عشائر زوبع بقيادة الشيخ ضاري الزوبعي ( جد الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة العلماء المسلمين) وعشائر الجنابات (الجنابي) بقيادة الشيخ خضير الحاج عاصي وعشائر البومحيي بقيادة الشيخ علوان الشلال، الأمر الذي اغضب لجمن – الحاكم البريطاني للواء الدليم آنذاك- فطلب الاجتماع بزعماء هذه العشائر وتساءل مستغربا كيف يشاركون بالثورة ، محاولا التلاعب على وتر الطائفية، كون هؤلاء الشيوخ من السنة، فيما الثورة هي لقيادات شيعية خاصة المرجع ميرزا محمد تقي الشيرازي، أجابه الشيخ ضاري:" أن علماءنا هم حكومتنا، وقد امرنا القرآن بإطاعة الله ورسوله وأولي الأمر منا، فإذا اعتديتم عليهم فإننا سننتصر لهم ونحاربكم إلى جانبهم، والأولى بكم أن تلبوا ما أرادوا".
" اثار الجواب حنق لجمن وغضبه على الشيخ ضاري، كما يقول الحسيني، وادى الى تصاعد العداء بين الرجلين حتى اضطر الشيخ ضاري الى قتل لجمن بمساعدة ابنه سليمان" ( والد الشيخ الدكتور حارث).
ولقد تكرر المشهد ذاته، حين لبى الصدريون بقيادة السيد مقتدى الصدر نداء أهل الفلوجة في معركتها الأولى نيسان 2004، تماما مثلما لبى أهل الانبار وشباب العراق، وبينهم ضباط بعثيون وقوميون أشاوس، نداء الدفاع عن العتبات المقدسة في كربلاء والنجف وسقط منهم الشهداء في الانتفاضة التي قادها المجاهد السيد مقتدى الصدر.
ومن لا يعرف العراق يظن ان النصائح الإسرائيلية لقوات الاحتلال بإشعال الحرب الأهلية ستفعل فعلها، ولكن كما اكتشف أهل القرار في واشنطن كم كانت النصيحة الإسرائيلية وتحليلات العملاء مسمومة يوم الدخول إلى العراق، سيكتشفون أيضا كم ستكون هذه النصائح مسمومة يوم الخروج؟
للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى الابــــد
0 Comments:
Post a Comment
<< Home