Thursday, October 13, 2005

الدكتور قاسم سلام

إضعاف الجبهة الشرقية, بتعطيل نهضة العراق وعزله عن معركة المواجهة القومية
في فلسطين, هو الهدف الرئيسي للتحالف الاستراتيجي
بين المصالح الامريكية الصهيونية الفارسية

الدكتور قاسم سلام
عضو القيادة القومية
لحزب البعث العربي الاشتراكي

بسم الله الرحمن الرحيم

سبق القول ان الاطماع الفارسية التي كانت في مخيلة " يزدجرد " و " سابور " هي نفسها في مخيلة الخميني واتباعه , اليوم , بالرغم من اختلاف الظروف والزمان . فالمتتبع للتاريخ بموضوعية وتجرد يجد التوافق والتكامل بين نظرة المجوس الفرس بالامس البعيد وبين نظرة الخميني واتباعه المتربعين على كراسي المرجعية وكراسي السلطة العميلة في بغداد اليوم .

وما الفرق هنا الا في المظهر الخارجي المغطى بالمسميات, فيزدجرد كان يتحدث عن امبراطورية فارسية دون قناع , اما الخميني واتباعه فوجدوا ان من الاهمية بمكان ان يتخذوا من " القناع " مبررا يمكنهم من تمرير الطموحات الفارسية المغطاة بعباءة وعمة " إسلامية " معتبرين ان كل ماهو معاد للامبراطورية الفارسية وللتوسع الفارسي هو عدوان على " الاسلام " . ومن هنا كان حقدهم على البعث ونظامه الوطني ورئيسه الاسير اليوم المجاهد صدام حسين ( فك الله اسره ) . مدعين بذلك انهم حماة الاسلام ويكفي ان نحلل كلمة خميني المذاعة من اذاعة طهران باللغة الفارسية في 8/8/1982 لتتوضح امامنا الصورة إذ يقول : " الحرب قائمة دائما بين الاسلام وأعداء الاسلام , الحرب قائمة على حدودنا , لقد دخلنا الاراضي العراقية ونحن نعترف بذلك .... رقعة الارض التي دخلناها داخل الاراضي العراقية من اجل الاسلام والمسلمين ..... ويجب ان نكمل ذلك ..... لا يكفي ان يقولوا انسحبنا فلا زالوا لم يوافقوا بعد على شروطنا والحرب قائمة ونحن متمسكون بهذه الشروط ولا يمكن الصلح مع الاشرار " .

هكذا ينظر الخمينيون صغيرهم وكبيرهم للعلاقة مع العراق بشكل خاص , على حدود امبراطوريتهم المجوسية , وللعرب بشكل عام . وهنا ينبغي الا تخدعنا المظاهر ولا التمسح بالاسلام . فالحقد الفارسي ظل حقدا تحت الرماد . والحيل التوسعية الفارسية تواصلت عبر التاريخ كله , مما يؤكد ان المشكلة ليست جديدة ولا علاقة لها بالاسلام والمسلمين كما يدعي , كما نستطيع ان نجزم ان لا علاقة لها بالتصنيف الطائفي الذي يراد تثبيته اليوم على ارض العراق ... ارض الصحابة والانبياء .. ارض المقدسات التي تحتفظ بتاريخ طويل ضم ر فات واضرحة لكثير من الصحابة وكبار الأئمة والأولياء من الذين يرقدون اليوم تحت تراب عراق التاريخ والحضارة ... عراق العروبة والإسلام .

دعونا نختصر المسافات ونقرب جذور المشكلة منطلقين من عمر لايقل عن ( 450 ) اربعمائة وخمسين عاما تصاعد خلالها صراع بين ال ع رب في العراق والفرس في ايران حتى يعرف الجميع ان مشكلة الحقوق ليست فقط مشكلة حدود او صراع ثانوي تكمن في شط العرب او تمتد الى شمال العراق . انها مشكلة تتجسد بالاطماع الايرانية التوسعية عبر التاريخ في المناطق العربية الممتدة من مضيق هرمز على ابواب الخليج العربي حتى آخر نقطة في شمال العراق المستهدف اليوم بهويته وكينونته بشكل مباشر . فلا يستغرب احد اذا ما قلنا ان هناك اكثر من ثمانية عشر معاهدة ع قدت بين الدولة الفارسية وجيرانها العرب منذ عام 152 , وكانت كلها تصب في مجرى تسوية مسألة الحدود في ظاهرها , غير ان الدولة الفارسية عبر التاريخ الحديث كانت تضمر غير ما تفصح عنه . فالذي يعرف التاريخ العربي والمتتبع للوضع الذي كان عليه العرب في ظل الدولة العثمانية , التي كانت تحتل العراق كغيره من اقطا ر الوطن العربي , لاشك يعرف ان ايران قد احتلت بعض المناطق من العراق عام 1520 مما جعلها تشتبك في صراع منذ ذلك التاريخ مع العثمانيين الذين وصلت معهم الى التوقيع على عدد من المعاهدات بدءا من عام1639 مرورا بـ1746 , 1823, التي اسموها معاهدة " ارضروم " ومعاهدة1847 تحت رعاية روسيا القيصرية وبريطانيا وكذا الحرب البريطانية الفارسية عام "1856: 1857" نتيجة امتناع الدولة الفارسية عن تنفيذ اتفاقية ارضروم المشار اليها , مرورا حتى عقد بروتوكولات الاستانة عام1913 الموقع عليها برعاية الدولتين الوسيطتين روسيا وبريطانيا آنذاك .

وكانت الاطماع الفارسية دائما ما تتلون , وما ان إستقل العراق حتى قامت ايران الفارسية التي يعتبرها الخميني حامي " حمى الاسلام " !! بسلسلة من التجاوزات في عام 1932 معلنة تخليها عن كافة المعاهدات والاتفاقيات بما فيها معاهدة " ارضروم " وبروتوكولات عام 1913 مما اضطر عصبة الامم عام 1934 الى التأكيد على العودة الى المفاوضات المباشرة بين العراق والدولة الفارسية , فتمت معاهدة الحدود في 4 تموز 1937 تلك المعاهدة التي اعترفت وأقرت ببروتوكلات عام 1913 ومحاضر 1914 كوثائق مشروعة , غير ان ذلك كان حبرا عى ورق , وحيلة من الحيل بهدف استمرار القضم الفارسي للاراضي العراقية في شط العرب وتحريك دعائم الحدود في شريط الحدود البري الممتد الى شمال العراق في "زين القوس " و " سيف سعد " . ومع هذا ظلت الاطماع هي الاطماع , مع بروز تحالفات جديدة في إطار استراتيجي , إذ لم تعد تحالفات الشاه مع امريكا و الصهيونية العالمية والكيان الصهيوني على ارض فلسطين بخافية على من يقرأون التاريخ ويتفاعلون مع مصالح الامة ويشعرون بالخطر الفارسي " الاسرائيلي " الامريكي .

فتحالفات الامس بين الشاه وامريكا كان الهدف منها حماية مصالح الدولة الفارسية واطماعها التوسعية من جهة , ومن جهة اخرى مصالح الاستراتيجية الامريكية والوجود الصهيوني المعبر عنه بالكيان الصهيوني على ارض فلسطين ...انها تحالفات في مواجهة النهضة العربية واليقة العربية وأية ومضة تقدم عربي على ارض العراق وامتداد عمقها الاستراتيجي من الفرات حتى البحر المتوسط , ومن زاخو حتى البحر العربي والبحر الاحمر .

وقد تجلى هذا التحالف بوضوح في إعلان الشاه في 19 ابريل 1969 المتضمن تنصله عن المعاهدات والاتفاقات والبروتوكولات التي بنيت عليها معاهدة الحدود عام 7391 بين الدولة الفارسية والعراق . وقد أتى هذا الإعلان بعد ثورة 17 - 30 من تموز عام 1968.

ومن هنا بدأت مرحلة جديدة من الصراع العربي الفارسي ممثلا في استهداف العراق كبوابة شرقية للوطن الكبير , تلخصت هذه المرحلة بما يلي :

1 - حملة اعلامية شاهنشاهية صهيونية امريكية ضد ثورة 17-30 تموز .

2- دعم حركة التمرد الانفصالي الرجعية في شمال العراق .

3 - حشد قوات فارسية على طول الحدود مع العراق كظهير ميداني للتمرد الانفصالي .

4 - تبلور الرعاية الامريكية للجيب العميل في شمال العراق , والتكامل في مخطط التآمر على العراق مع الشاه من خلال ثغرة الشمال .

5 - مشاركة الكيان الصهيوني ماديا ومعنويا للجيب العميل في الشمال ضد الثورة والتقدم والنهضة والوحدة في العراق. ولم يتردد الكيان الصهيوني رسميا وعلى لسان رئيس وزرائه في الإعلان يوم 29 أيلول 1980 عن القول بأن كيانه المسخ زود البرزاني بالاسلحة والمعدات والخبراء , وقام بتدريب المتمردين من عام 1965 حتى عام 1975 .

ولما كانت الظروف العربية تزداد تعقيدا والضغوط الامريكية على معظم الانظمة تتكثف بهدف تحييد هذه الانظمة في الصراع القائم بين العراق والشاه مع زيادة الدعم الامريكي الصهيوني للشاه وامتناع السوفييت من تزويد العراق بقطع غيار الاسلحة التي تحتاجها المواجهة ونظرا للاهمية التي تمثلها القضية الفلسطنية في خارطة الامة واهمية دور العراق وثقله في هذه المواجهة فقد قدم العراق العام على الخاص أي القومي على الوطني فقبل بمبادرة بومدين التي جاءت بعد مؤتمر قمة طرابلس , تلك المبادرة التي اوصلت الى اتفاقية الجزائر بين العراق والشاه وتم التوقيع عليها . و ما ان تم توقيع اتفاقية الجزائر مع بروتوكولاتها وملاحقها في 13 حزيران 1975 حتى بدأت مرحلة ثالثة في المواجهة التاريخية بين العراق الناهض وبين خيوط المؤامرة الجديدة التي قادها الخميني قبل استلامه للسلطة وبعد استلامه لها .

حقا ... قد يستغرب القاريء عندما يكتشف ان التحالف الاستراتيجي بين المصالح الامريكية الصهيونية الفارسية ظل قائما بالرغم من تغيير الوجوه على المسرح بعد سقوط الشاه ومجيء الخميني " حامي حمى الاسلام " !! غير ان هذا التغيير في الوجوه لم ينف ماهو موجود على الارض , فديناميكية المصالح الامريكية الصهيونية الفارسية على صعيد الواقع ظلت تتلخص في الحقائق التالية :

1 - امريكا في مواجهة مع الاتحاد السوفيتي بحسابات المواجهة الاستراتيجية المعروفة , ولها مصالح تتلخص في السيطرة على الطاقة في الخليج العربي بشكل عام والعراق بشكل خاص .

2 - " اسرائيل " تفتش عن كافة سبل الاختراق في الواقع المحيط بها لتوسيع دائرة الضعف كي تعزز من وجودها ومرتكزاته الاستراتيجية بصيغتي الحاضر والمستقبل ووفق آفاق استراتيجية تتداخل وتتفاعل مع مصالح الفرس والامريكان بكل ما تعنيه كلمة تداخل المصالح .

3 - الخميني الذي كان لاجئا في العراق متربعا على كرسي المرجعية في النجف , وهو نفس الكرسي الذي يتربع فوقه اليوم الفارسي السيستاني , .. الخميني يستيقظ بإيحاءات المخابرات الامريكية الفرنسية منتقلا الى باريس تحت رعايتها وحمايتها بعد نوم عميق , مهيئا نفسه عبر هذه المخابرات ليحل محل الشاه , مشبعآ بكل معاني وابعاد الاطماع الفارسية في العراق , معتبرا ان غياب الشاه سوف يحقق حلم اجداده المجوس في السيطرة على العراق في إطار استراتيجية تقاسم المصالح وفق سياق الغاية تبرر الوسيلة .

وهنا تبرز التفاصيل . فالامريكان قصدوا باستبدال الشاه بالخميني مدخلا لخلخلة الامن والاستقرار في الجمهوريات الاسلامية السوفييتية واجتثاث النفوذ السوفيتي من افغانستان , في حين وجد الصهاينة في الخميني هدفهم في تعطيل نهضة العراق وعزل العراق عن معركة المواجهة القومية معهم في فلسطين , وإضعاف الجبهة الشرقية بكل ما تعنية معركة المواجهة التاريخية من اجل تحرير فلسطين . في حين ان الخميني الغارق في اوهامه اعتقد جازما ان بأمكانه اسقاط نظام البعث في العراق والبدء في تنفيذ مشروعه الطائفي الصفوي في العراق حتى يصبح العراق المجزأ المشرذم جزءا لا يتجزأ من امبراطوريته الفارسية تحت عباءة " جمهورية ايران الاسلامية " !!

وهنا توافقت الاطماع بين هذه الاطراف فبدأ حملته العدائية ضد العراق معلنا رفضه لإتفاقية الجزائر وما تمخض عنها من بروتوكولات واتفاقيات ملحقة , فكان بهذا الموقف يدشن حربا منظمة بدأت في النصف الاول من عام 1980 حيث اخذت تدخل حيز الواقع عمليا متدرجة إذ عمل على تجنيد عناصر ايرانية كانت تعرف باسم " حزب الدعوة " لتقوم بأعمال ارهابية بشعة مستهدفة المصلين في باحات المساجد وطلاب المدارس الابتدائية ورياض الاطفال وساحة الجامعة المستنصرية , إذ تعرض الطلاب يوم 1 نيسان1980 الى عملية إجرامية استشهد فيها مجموعة من الطلبة وسقط العشرات من الجرحى تلا ذلك القاء قنابل في 5 نيسان من قبل المدرسة الايرانية في منطقة الوزيرية على موكب تشييع الشهداء في تلك العملية الارهابية البشعة التي استشهد فيها البعض وجرح فيها العشرات ومنهم كاتب هذه السطور .

لقد كان الهدف من هذه الاعمال الارهابية هو خلق حالة من الرعب والفزع بهدف اسقاط النظام الوطني التقدمي في العراق .

وبالرغم من هذه الاستفزازات كلها لم تتحرك الولايات المتحدة الامريكية امام هذه العمليات الارهابية التي استهدفت الاطفال ودور العبادة , ورغم امتلاء المستشفيات بالجرحى جراء تلك العمليات الارهابية ومطالبة العراق المتكررة للامم المتحدة للتدخل لإيقاف الاعتداءات الايرانية المباشرة وغير المباشرة , لم تتحرك هيئة الامم المتحدة بل كان الموقف التآمري على العراق واضحا تلخص من جديد في إحياء حركة التمرد العميل في شمال العراق وذلك من خلال التعاون مع الكيان الصهيوني وحكومة الخميني والبيت الابيض الذي كان مهتما بدعم الخميني من خلال الكيان الصهيوني , وقد كشف هذا الدعم فيما بعد وعرف بفضيحة " ايران - جيت " .

بل ان الخميني لم يتردد في توجيه مجلس الشورى الايراني لشراء الاسلحة من " اسرائيل " فاتخذ هذا المجلس قرارا في 16 تشرين الثاني 1981 بشراء اسلحة من اسرائيل بقيمة 200 مليون دولار وقد دون محضر الجلسة والقرار وحفظ في الاضبارة رقم 025/181/25 . كما اكد وزير الدفاع الاسرائيلي ارئيل شارون في 24/2/1982 على اعترافه بدعم الكيان الصهيوني لنظام الخميني في حديث لصحيفة " ستريت جورنال " قائلا : "ان اسرائيل قدمت مساعدات عسكرية لايران لانها تؤمن بان العراق يشكل تهديدا لتحقيق السلام في الشرق الاوسط . ان ما قدمته اسرائيل لايران كان قليلا . فالعراق هو عدو " اسرائيل " الاكثر تطرفا , كما ان " اسرائيل " بحاجة للاحتفاظ ببعض العلاقات بين الغرب وايران " .

وفي هذا الصدد ايضا يؤكد رئيس أركان الجيش " الاسرائيلي " السابق روفائيل إيتان واصفا الحرب العراقية الايرنية بالقول : "ان هذه الحرب مفيدة جدا " لإسرائيل " وان استمرارها يعتبر مصلحة كبرى لنا ... ان ما يجري هناك أمر ممتع بالنسبة لنا ... حسنا فعلت اسرائيل حين استجابت لطلبات خميني وزودته بالسلاح والمعدات لمحاربة العراق ..... علينا ان لانكتفي بتزويد نظام خميني بالسلاح والمعدات , وانما علينا ان نعمل بجد ضد العراق ورئيسه صدام حسين .... " اما مزاعم الايرانيين بانهم يريدون تحرير القدس .. " ان هذا هراء فان ايران التي حاربت العراق بالسلاح الاسرائيلي لن تفكر في يوم من الايام بالعمل ضدنا " .

هذه الاقتباسات جاءت في صحيفة الشرق الاوسط ووكالة الانباء الكويتية 1982, 27 آيار 1982, وكذا اوردتها وكالة الانباء العالمية , تل ابيب 30 آيار 1982 .

وقد تجلى ذلك التعاون بشكل اوضح من خلال اعتراف الارهابي مناحيم بيجن في خطاب رسمي له أكد فيه ما سبق ان اشرنا اليه من التعاون ممثلا بالدعم الذي قدمه الكيان للجيب العميل خلال الاعوام 1965 الى 1975 .

هنا بدأت تتشكف أبعاد المؤامرة من خلال صمت الامم المتحدة وغياب دورها بشكل مباشر ومن خلال تردد معظم الانظمة االعربية في اتخاذ موقف واضح بالاضافة الى خلط الاوراق لدى منظمة المؤتمر الاسلامي , وفي ظل هذه الاجواء بدأ الخميني يقود حربا علنية مباشرة وغير مباشرة منذ عام 1979 ولغاية أيلول 1980 دون ان يلقى العراق أذنا صاغية من مختلف الاوساط المعنية لإيقاف هذا العدوان السافر . ولما طفح الكل لدى العراق بعد كل هذه الاستفزازات وبعد اقتحام القوات المسلحة الايرانية في 4 ايلول 1980 بأسلحتها الثقيلة التي ضربت المدن العراقية المحاددة واحتلت " زين القوس " و " سيف سعد " و " ميمك " , رد العراق ردا موضعيا على الحالة مستعيدا هذه المواقع العراقية التي أ حتلت بالدبابات الايرانية .

ولما لم تتحرك الامم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية اضطر العراق يوم 22 /9/1980 الى التحرك لردع العدوان داخل حدوده بعد اعلان ايران للنفير العام والتعبئة العامة يوم 19/9/1980 استعدادا للهجوم على العراق , هنا أعلنت الولايات المتحدة الامريكية موقفها ببلاغ مقتضب أكدت فيه ان " أي انتصار عسكري عراقي على ايران يتعارض مع الاستراتيجية الامريكية في المنطقة ".

وفي نفس الوقت عبرت الولايات المتحدة الامريكية عن قناعتها بان " تحقيق انتصار ايراني على العراق يحو ل الدور الايراني منذ مجيء خميني للسلطة من دور الرديف التابع والمنفذ للسياسة الامريكية الى دور الشريك لها " أي أن ايران وفق هذه الحالة سوف يصبح لها منطقها التوسعي الخاص بها .

وهنا يكمن الدور الحالي لأطراف الاحتلال في بغداد , اليوم , من خلال توافق وتكامل وتداخل المصالح . فامريكا تحت المظلة الديموقراطية وحقوق الانسان تريد السيطرة على نفط العراق وثرواته الاخرى وزرع قواعدها العسكرية الاستراتيجية فيه كي تحمي مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني في إطار التحالف الاستراتيجي الصهيوني الامريكي , في وقت يتحقق فيه لايران , ايضا , استراتيجيتها الفارسية التوسعية تحت المظلة " الاسلامية الصفوية " ومن خلال ترسيخ الطائفية الصفوية في جنوب العراق في إطار سياسة الشراكة مع المصالح الامريكية كخطوة اولى انسجاما مع برنامجها الرامي الى السيطرة على المنطقة من خلال اللعبة الطائفية بامتداداتها في الخليج والجزيرة وانتهاءا بشريط مايسمى ب-" الهلال الخصيب " حتى البحر الابيض مقتنعة بان هذا السلوك الانتهازي سوف يحقق طموحاتها البعيدة في إطار سياسة المساومة وسياسة الاخذ والعطاء المفتوحة التي تجعل من العرب بين كماشتي

الكيان الصهيوني والدولة الفارسية الصفوية التي تحلم باستعادة أمجاد كسرى انوشروان , في حين ان الامريكان يعتقدون ان بامكانهم تحقيق مصالحهم الاستراتيجية من خلال لعبة التوازنات العرقية والطائفية وضعف الانظمة العربية فيتحقق لهم وللكيان الصهيوني الهيمنة والسيطرة وفق منظورهم الاستراتيجي المنطلق من حساباتهم المرتكزة على القوة الغاشمة , لا على حراك الواقع والمتغيرات وإرادة ابناء الامة معتمدين على أحادية القطب في الظرف الراهن ودغدغة العواطف المسيحية والتراث المسيحي التوراتي في مواجهة الاسلام كإسلام . وقد اتضح هذا من خلال خطاب بوش الصغير في 6 اكتوبر 2005 حين تحدث عن " امبراطورية اسلامية من اسبانيا حتى اندونسيا " معيدا الى الاذهان وجود عبد الرحمن الغافقي عام 730م في اسبانيا بفكرته الرامية الى فتح اوروبا وما وراءها حتى يعم الاسلام العالم كله , فإحياء هذه الفكرة في الوقت الحاضر من قبل بوش في سياق الحديث عن الارهاب وبن لادن كأنه فعلا يعتبر الاسلام إرهابا مما يستوجب التصدي له . ويأتي هذا الحديث امتدادا لحديثه عند غزو افغانستان وغزو العراق معلنا انه يقود حربا مقدسة , وكأنه ايضا يذكر بالاندلس والحروب التي حدثت بين المسلمين والمسيحيين وآخرها موقعة " بلاط الشهداء " . انه كلام لايفهم ورموز ومصطلحات غريبة إن دلت على شيء فإنما تدل على عجز في مواجهة حقائق الواقع في العراق المقاوم الجريح , وتغطية فشل وهزيمة الولايات المتحدة امام ضربات المقاومة العراقية البطلة . كما ي عتبر محاولة للتغطية على الدور الايراني الحاقد على كل شيء في العراق , وتغطية سياسته التوسعية التي زجت بأكثر من مليوني ايراني الى ارض العراق لإحداث الاختلال الديمغرافي " السكاني " على الواقع حتى تصبح سياسة التكامل والتفاعل الايراني الامريكي الصهيوني حقيقة وواقعة يقبل بها معظم انظمة المنطقة التي استخدمت كحصان طروادة , وايصال العراق الى ما وصلت اليه . كل هذا يأتي قبل 15 اكتوبر اليوم المحدد للاستفتاء على صك جريمة شرذمة العراق وإجتثاثه من الخارطة العربية وتحويله الى مسرح للنفوذ الايراني الصهيوني الامريكي خارج إرادة شعب العراق والامة العربية , وخارطة الوطن العربي الواحد .

انطلاقا من هذا فان على الانظمة العربية ان تعيد قراءتها للتاريخ وان تستوعب ابعاد التحالفات الاستراتيجية التي تواجه الامة العربية في حاضرها ومستقبلها . وان تتأكد ان بقاءها مرهون بانتصار المقاومة البطلة في العراق وخروج الاحتلال من ارض العراق مع حلفائه وفي مقدمتهم الفرس الذين يمثلون اليوم رأس الفتنة والمذابح الجماعية التي تدور في العراق بأيديهم وأيدي د ماهم , ومنطلق الحرائق المستقبلية في العراق وفي كافة أقطار الامة المجاورة للعراق بشكل خاص وللدول الاسلامية بشكل عام من خلال نظرية " تصدير الثورة الاسلامية " .

ومن الله نسأل التوفيق .
الاثنين 6 رمضان 1426 / 10 تشرين الاول 2005
للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــــد

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker