Wednesday, September 21, 2005

من حكاية المستنقع العراقي

من حكاية المستنقع العراقي

عدلي صادق

لعل واشنطن، تريد من سورية، بعد أن سحبت وحدات جيشها من لبنان، أن ترسل المنسحبين، ومعهم كل المرابطين على جبهة الجولان - أي مجمل القوات المسلحة السورية - إلى الحدود مع العراق، لكي تحرسها إكراماً لعيون بوش وتشيني ورامسفيلد وسواهم، وغراماً في عيون الطائفيين الحاكمين في بغداد، وأوساطهم، ممن يشنون الحرب على الخليفتين الراشديْن، عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، ويفتحون ملفات عدد من المبشرين بالجنة، ويخاصمون من يذكر اسم أحد من هؤلاء، متبوعاً بعبارة رضي الله!

فواشنطن، التي تريد تحشيد الجيش السوري، لحراسة الليكود الكردي المتنفذ، المتطيّر من العروبة التي أتاحت له، فرص التعليم والتقدم والرخاء والحكم الذاتي، فيما هو يبصم بالإبهام، ولا يقرأ ولا يكتب، في تركيا وفي إيران وفي غيرهما، تلعب (واشنطن.. هذه) بالبيضة والحجر، لكي ترمي أوحال أزمتها على سورية وعلى غيرها، ولكي تُحيل أسباب غوصها الكريه، في المستنقع العراقي، إلى متمردين أشرار من العرب، وفي الوقت نفسه، لكي تجعل دمشق، التي في مرمى نيران "إسرائيل"، بلا خطوط دفاعية، ناهيك عن انكشاف الجبهة السورية في الجولان!

سورية لم تتخلف عن تلبية مطالب الحراسة، بأقصى ما يحتمله وضعها، وعلى نحو يندر أن يفعله بلد آخر، في أية بؤرة توتر، حتى عندما لا تكون هناك واجبات، لقواته المسلحة، ولا تكون هناك أواصر مع البلد المستهدف. فقد أضافت دمشق إلى مراكزها الحدودية المسلحة، خمسين مركزاً آخر، وعززت التسليح، وأدخلت مروحيات، وغضت السمع والنظر، عن اختراق طائرات الأمريكيين والبريطانيين لمجالها الجوي، ولم تشتك ولا مرة واحدة، من أي اختراق أو احتراق على حدودها، وتصرفت كأنها لا ترى الدبابات الأجنبية، وهي تنتهك الحدود وتطارد وتفتش. غير أن كوندوليزا رايس، قالت في مؤتمر بروكسيل الأخير، ما معناه، أن مطاردة الأجهزة السورية للمقاومين، ضئيلة وغير مرضية، وأن دمشق لا تقدم المعلومات الكافية، للأمريكيين، ولا تتوافر على التجسس على أعداء أمريكا، ولا تجعل العسس لصالح الأمريكيين، شغلها الشاغل، وبالزخم نفسه، الذي يحافظ عليه عراقيون، وتحرص عليه حكومات عربية رشيدة!

منتهى الوقاحة.. الإدارة الأمريكية، تصر على الغزو، ثم تنفذه، ضد رغبات شعبها وضد رغبات الدنيا، ولا تستمع للنصائح، ثم تريد من الآخرين، أن ينصرفوا عن أوطانهم، وعن واجباتهم، وعن ضمائرهم، لكي يحرسوا خيبتها!. وكأن مئة وخمسين ألف جندي أمريكي، مدججين بأكثر أسلحة العالم تطوراً، والمدربين تدريباًَ عالياً، يساندهم أسطول من كل أنواع الطائرات، فضلاً عن الأقمار الاصطناعية، لن يشعروا بالأمان، إلا إن ساندتهم كل الشاحنات العسكرية السورية الصالحة والمهكّعة مع الدبابات الروسية الصنع المتقادمة، مع جنود الخدمة الإلزامية، من الشباب السوريين!

الناطقون باسم المستنقع، من العراقيين، يتوهمون بأنهم مُبهرون ومُقنعون، عندما يهاجمون العرب، شعوباً وحكومات، قائلين بأن الأشقاء العرب، تخلوا عن العراقيين مرتين، مرة عندما كانوا حلفاء صدام حسين، ومرة عندما تركوا "العراق المحرر" بدون مساندة، مذموماً بسبب الاحتلال الأمريكي. ويتناسى هؤلاء، أن حكومات العرب، هي التي نفذت فعلياً الحصار على عراق صدام حسين، وهي التي جمدت المشهد العراقي، وجعلته ينتظر الغزو، عشر سنوات كاملة، وهي التي اعتمدت مبدأ المصارحة قبل المصالحة دون أن تفكر بالمصارحة أو ترغب فيها، لكي لا تصل المصالحة، وهي التي أعانت الأمريكيين، بالأجواء، وبالدعم اللوجستي، وبالقواعد، وبالمعلومات، وبالإجراءات الأمنية، وبالمرافئ، لكي ينفذوا الغزو. ويبدو أن الناطقين باسم المستنقع، يريدون نقل الفوضى العارمة، إلى كل الأقطار، من خلال إجبار الحاكمين العرب، على اعتماد سياسات، تبدأ ببيانات رسمية، ضد الخليفتين الراشدين، عمر وعثمان، وضد بعض المبشرين بالجنة، إكراماً لعيون الليكود الكردي المتنفذ، وحباً في سواد عيون أتباع الأمريكيين، من المتمحكين بسيدنا عليّ، كرم الله وجهه!

أمريكا وضعت نفسها في حالة الانتكاس، لكن الراشدين الحاكمين العرب، هم الذين يضعونها في حالة الانتعاش، من خلال استجاباتهم لمتطلباتها السمجة، وجماعتنا الحاكمين، يظنون أنهم ينالون الرضا، ويتحاشون الخطر، كلما استجابوا قدر استطاعتهم، وكلما أفسحوا للإدارة الأمريكية، مجالات التدخل في شؤونهم الداخلية، وكلما أعطوها صفة القوة الجبارة، القادرة على غزو عشرين بلداً في يوم واحد، فيما هي مأزومة وغائصة في الوحل. لم يجربوا أقصر الطرق للنجاة، وهي أن يحلقوا لها على الزيرو ويشترطون عليها. وماذا كانت النتيجة، المزيد من المتطلبات والضغوط الأمريكية، التي طفحت في الأرجاء، وفي معمعتها، يتجاسر الناطقون باسم المستنقع العراقي، علي توبيخ العرب وتهديدهم، شعوباً وحكومات، وتطلب فيه كوندوليزا، أن ترابط جيوش العرب، في المكان الخطأ، لكي تحرس المستنقع، على أن يتولى "جيش إسرائيل"، الذي يحتل أرضنا، وضع السكين على رقبة كل رأس من رؤوسنا!

للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــــــد

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker