ليس السنة من يحابيهم زلماي خليل زادة ! للكاتب: كاظم محـمـد
المنتفضون
ليس السنة من يحابيهم زلماي خليل زادة !
بقلم: كاظم محمد
يتجه الخطاب السياسي والاعلامي لبعض اطراف كتلة الائتلاف وبعض وسائل الاعلام المرتبطة بها للترويج لمقولة (المحاباة الامريكية للسنة العرب في العراق) وخاصة في الايام الاخيرة، حيث اختلط ويختلط الحابل بالنابل، من شد وجذب لتشكيل الحكومة وتقاسم مواقعها بين الكتل والاطراف الفائزة والمتنافسة والمختلفة على الغنائم والمناصب، وبين التداخلات الامريكية المكشوفة منها والمستورة، السياسية والعسكرية، والتحركات والترتيبات السرية، والمرتبطة جميعها باتجاه تحقيق الظروف السياسية والامنية لنجاح امريكي يحسب لطغمة الحرب، ليخفف عنها الضغوط الداخلية والخارجية التي تنوء تحتها ادارة بوش بسبب غزو العراق ونتائجه! (ويمهد السبيل للخطوات اللاحقة في المشروع الامريكي الاسرائيلي للهيمنة المستقبلية الكاملة على الشرق الاوسط الكبير!)
هل صحيح ان امريكا وسفيرها في العراق بدأت تحابي العرب السنة ؟
ان القراءة المتأنية لتطورات الوضع العراقي، ومعطيات مشهده الدامي، تؤكد مأزق ومأزومية الاحتلال ومشروعه، وتشير بنفس الوقت الى ان البدائل والخيارات الامريكية بدأت تضيق وتتحدد، وان ضغط الفشل السياسي وازدياد خسائر المحتل، دفع البعض من الاحزاب الطائفية لتبني صيحة جديدة يراد بها ابتزاز المحتل الامريكي لنيل المزيد من المكاسب، ولأظهار العرب السنة بموقف يستجدي الامريكان لافقادهم مصداقية معارضتهم له، وصيحتهم هذه تقول ان المحتل يحابي السنة في العراق بالضد من (الائتلاف الشيعي)!؟ ولتكريس هذا الايحاء الامريكي والذي جاء مترافقآ مع تشديد الضغوط وتكثيفها على كتلة الائتلاف لتغيير مرشحه، شنت ادارة الاحتلال هجومها السياسي والتأديبي احيانآ على المليشيات الطائفية وفضح ونشر الجزء اليسير مما تمتلكه من معلومات كاملة حول فضائع فرق الموت، والدور الايراني ونفوذه وتأثيره المتزايد. من نتائج عقدة الوضع العراقي التي تواجهها احزاب (العملية السياسية) هو تعثرها وفشلها في اضفاء الوطنية على ادعاءاتها وخطابها السياسي وممارساتها اليومية، والتي تشي بمجملها إلى ارتباطها بطبيعة اللعبة ، وطبيعة اللعب السياسي الذي تمارسه على الحبال جميعها، الامريكية منها والايرانية والسنية والكردية. ان بعض اطراف الائتلاف الشيعي، والذين يدعمون علنآ مرشح الائتلاف ابراهيم الجعفري، يعملون على الاطاحة به من خلف الكواليس، لأستبداله بمرشح المجلس الاعلى عادل عبد المهدي ، المرضي عنه امريكياً وكردياً وحكيمياً وايرانياً ومؤخرآ (سنياً، ) ، وبذلك فأنهم يتناغمون ويلتقون مع جميع هذه الاطراف، في اهمية تحجيم الجهات الداعمة للجعفري في الائتلاف وخاصة الصدريون وحزب الدعوة وقسم من حزب الفضيلة.
ان حالة الافتراق ما بين بعض اطراف الائتلاف والسفير الامريكي زلماي خليل زادة، والتي تعبر عنها التصريحات الحادة والهجومية منها لبعض اقطاب حزب الدعوة وبيان الائتلاف الشيعي ضد السفير الامريكي، واتهامه بالارهاب ورعايته، وتدخله بالشأن العراقي وسعيه لأثارة الفتنة الطائفية، واتهامهم للقوات الامريكية بتدريب قوات عراقية خاصة تقوم بمهماتٍ معينة غير معروفة، وادارتها لعملية ارهاب منظمة لاثارة العنف في العراق وتخريب العملية السياسية الجارية، ان حالة الافتراق هذه، تكشف عورة اصحابها وخاصة من الائتلاف الشيعي، وتفضح طبيعة التضليل والتناقض الذي مارسوه ويمارسونه على الشعب العراقي ،، فهل أدركوا الان فقط ان امريكا راعية ومديرة لعمليات الارهاب الجارية ؟؟ وهل لم يعلموا بأن السيادة العراقية هي بيد وتحت اقدام خليل زادة ؟؟ وهل ادركوا الان ان رسالة بوش الى الحكيم برفض الجعفري كرئيس للوزراء ،هي تدخل في الشؤون الداخلية ؟؟
اذا كان (المنتفضون) على ادارة الاحتلال ومندوبه السامي في العراق، لم يدركوا بعد ان اوراق اللعب السياسية والطائفية التي يلعبون، قد كُشفت حتى للذين ظُللوا، فأنهم وبغباء سياسي يقعون مرة اخرى فريسة اعتقاد القدرة على العزف وعلى نفس الوتر، ولكن بنغمة جديدة، وهي ان ادارة الاحتلال ومندوبها السامي بدأت بمحاباة السُنة على حساب (العملاق الشيعي الهادئ) كما يصرح بعضهم، وهم بذلك يريدون تجييش الطائفة والمذهب، والتظلل بهما لتكريس اجندتهم الخاصة، متناسين وعن عمدٍ حلفهم غير المقدس مع المحتل في التخطيط للغزو والاحتلال وغير مستدركين طلبهم لتمديد بقاء المحتل ومتنكرين دورهم في التغطية على القتل والارهاب والتدمير الذي تمارسه الدوائر السرية المرتبطة بالمحتل وتناغمهم مع خطاب الادارة الامريكية بلصق تهم الارهاب والقتل بالمقاومة الباسلة ، انه النفاق والخداع المفلس، فأذا كانت امريكا (قد دمرت البلاد وتهدد ديمقراطيتها الوليدة وتنظم وتدير عمليات الارهاب) كما يقول احد قادة حزب الدعوة، فأين موقفكم السياسي الوطني ؟ ولماذا الصمت على هذه الجرائم بحق شعبنا؟ انكم ايها السادة متمسكين بحصاد تحالفكم مع الادارة الامريكية ولا تستطيعون الفكاك، و(انتفاضتكم الاخيرة) هي تحت مظلة ذات النهج الذي اوصلكم وغيركم للسلطة والحكم وبذلك فأنتم بعيدون عن استجابة الشارع العراقي لدعواتكم في التحرك (لانتشال الواقع من طبيعة الادارة السيئة اليومية التي نعانيها من قبل القوات المتعددة الجنسية والسياسية التي تقوم بها السفارة الامريكية). لذلك فأن حديثكم عن المحاباة الامريكية (للسنة) يدخل في نفس السياق وضمن نفس النهج الذي تسلكون، وهو في ذات الوقت وهمُ وفخُ يقع فيه من تماهى خطابهم السياسي بالخطاب الطائفي الدارج من بعض الاطراف السنية، اذا اعتقدوا فعلاً ان الادارة الامريكية تحابيهم بمجرد تشديدها للضغط على بعض الاطراف الشيعية ، متناسين ان ادارة الاحتلال لا تحابي إلا بدائلها وخياراتها الضرورية للتخفيف من مأزوميتها ولتأمين مصالحها التي استدعت شد الاطراف الكردية وبعض اطراف جبهة التوافق والوفاق ومغازلة الحكيم للتخلص من الجعفري وتحجيم وتقزيم داعميه في الائتلاف.
اذا كان الدخول في عملية المحتل السياسية خطوة الى الوراء لبعض الوطنيين مع الاحترام لتبريراتهم التي دحضتها وقائع الاحتلال اليومية، فأن الانسياق والتناغم مع الترتيبات الامريكية المطلوبة لما بعد الانتخابات في تشكيل الحكومة المقبلة، يؤشر لقصر نظر سياسي ووطني يساهم في تكريس العزل والتخندق ويحقق الحدود الوهمية التي ارادها الطائفيون والانفصاليون ويساعد المحتل في هامش اوسع للمناورة، وكما اشرت في مقالة سابقة ، أن هذه القوى قد كرست خطواتها التراجعية بمواقف ما بعد الانتخابات، بأن ارتضت لنفسها اللعب وفق القواعد التي ارادها زلماي خليل زادة، في الاصطفافات الى جانب قائمة علاوي من جهة وثم مع التحالف الكردستاني من جهة اخرى، ضد قائمة الائتلاف العراقي، اي الدخول في جبهة الرفض الامريكية لمرشح رئاسة الوزراء، اضافة الى تصريحات وتحركات ومواقف بعض اقطاب جبهة التوافق من الحزب الاسلامي، والتي تدخل في باب المغازلة الساذجة لادارة الاحتلال، لجهة حصر الصراع بالخصم السياسي من قائمة الأئتلاف على حساب الثوابت الوطنية الاساسية وعلى حساب الهم الوطني العام بوجود الاحتلال، دون حتى محاولة الالتقاء مع بعض اطراف الائتلاف ذات النفس الوطني لتشكيل حزامٍ سياسي يشد ويدفع بالأولويات الوطنية الى ساحة الخصم الوطني، بعيدآ عن وضع النفس تحت تصرف وجوهٍ كالحةٍ خبرتها الساحة السياسية والمدن المدمرة ودهاليز المنطقة الخضراء.
ان التسعير الذي يجري والتهجير الذي يحدث لمئات العوائل من مناطق سكناها والقتل اليومي لعشرات العراقيين وتشكيل الجيوش الثالثة والرابعة للمهمات الخاصة وتحت الاشراف الامريكي المباشر، وكذلك تنشيط وتفعيل دور المليشيات العلني، عبر تشكيل فرق الحماية المحلية، والحالة المزرية التي يعيشها المواطن العراقي، تنذر بتداعيات يصعب التكهن بنتائجها السياسية والاجتماعية والوطنية ، والتي تستدعي وقفة مسؤولة وناقدة لكل مخاضات الوضع العراقي منذ احتلاله حتى الان، واستدراك ما يمكن استدراكه قبل فوات الاوان. ان التكامل والتظافر الوطني لكافة الجهود، السياسية والمسلحة، وتحديد الاولويات الوطنية وعدم الوقوع بوهم المحاباة الذي يبيعه المستعمر تحت حجة تقويم اخطائه التكتيكية، لان ستراتيجته لا تتغير بتغير من يتعاون معهم، فلذوي النفس الوطني الذين ارتضوا بالعملية السياسية من اطراف التوافق والائتلاف، والذي ارادوا من خلالها تحقيق اهدافٍ وطنية كما يدعون، تقليص المسافات للألتقاء وتشذيب الممارسات اليومية والخطاب السياسي للأتفاق، فليس عادل عبدالمهدي افضل من الجعفري كما لا ولم يكن الجعفري افضل من اياد علاوي.
___________
المصــدر: نشرة كنعان الالكترونية 4/4/2006
للحصول على هذا المقال بشكل PDF
للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــــد
0 Comments:
Post a Comment
<< Home