كل بعثي مشروع شهادة: للدكتـور قـاسـم سّـلام
كل بعثي مشروع شهادة
بسم الله الرحمن الرحيم
«يا أيها الذين آمنو كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين مَنْ أنصاري إلى الله. قال الحواريون نحن أنصار الله. فامنت طائفةٌ من بني إسرائيل وكفرت طائفةٌ فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين» صدق الله العظيم
الدكتور قاسم سلام
عضو القيادة القومية لحزب البعث
قلنا بعد إجتماع وزراء خارجية الجامعة العربية في شرم الشيخ، وقبل العدوان الهمجي الحاقد على العراق، قلنا لك الله يا صدام... لك الله يا عراق. واليوم وبعد أن سقطت وتكَشَّفت كل الأقنعة لم نعد نحن فقط الذين يطلقون هذه الصرخة وإنما كل الخيرين في الأمة من المحيط الى الخليج يهتفون لك الله يا صدام.. لك الله أيها الشامخ العظيم.. لك الله والتاريخ كله... لك الله والخلود في نفوس أبناء أمتك الذين رأوا فيك عمر وخالد والمقداد، ورأوا فيك قبل هذا وذاك «علياً» وكأنك بيدك القوية وأنت تهتف في قاعة المحكمة المهزلة قد سحبت « ذو الفقار» من غمده أو كأنك الحسين الذي جابه الظلم كله بأربعين فارساً مع فارق وهو أن فرسانك ورجالك هم كل الشرفاء في العراق والأمة.
لقد كنت ذلك العملاق الذي عرفناه، وعرفتك جماهير أمتك شهماً كريماً شجاعاً لا تهاب الموت في مواجهة الظلم. وأي ظلم أشد وأنكى من ظلم العَجّاج العُجاب، والكَلاَّب بوش المصاب بداء الكلب. وأي ظلم أبشع من دناءة التابع الوغد بلير... ومع ذلك لم تكن لتعطي أهمية للعجل وزمرته من العجول الموظفين من عجم الشرق وعُجمة الغرب، بل كنت قوياً وكانت ذراعك ثابتة حين قلت لذلك القاضي الذميم « روووف شيد » : « طز فيك وبأسيادك »، « يسقط العملاء والخونة.. عاش الشعب.. عاش العراق.. عاش العرب » هتافات إهتزت لها القاعة وتردد صداها على طول وعرض العراق ووطنك العربي الكبير... فعريتَ بذلك النظام الدولي الجديد الممثل « بكلابه المسعورة من انصاف الرجال » المحميين بحراب الاحتلال وأولئك الانجاس القوادين... الذين يرعون فرق الموت على أرض الرافدين تحت إشراف ورعاية الختالين وفريق الإدعاء الخبل من حلائل السيستاني، المتعطشة للدم، وأولئك الأنذال الذين لا يتجاوزون نعال أبي لهب وأبي رغال مثل المسمى المالكي أو أولئك القردة العجم الملقبين بالطلباني والبرزاني من دمى الكيان الصهيوني في شمال العراق أو جنوبه.
وصدق المناضل د. نوري المرادي حين استشهد بأبيات لشاعر عربي وكأنه يقول لك على لسان كل الشرفاء :
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما
رقصت على جثث الأسود كلابُ
تحسبنَّ برقصها تعلو على
أسيادها فالأسد أسدٌ والكلاب كلابُ
إن الأسود مخيفةٌ في أسرها
حتى وإن نبحت عليها كلابُ
أيها الرفيق الحي الشهيد.. إنك كنتَ ومازلت وستظل في حدقات عيون رفاقك وفي حدقات عيون كل أبناء أمتك الذين استحضروا بوقفتك الشجاعة وبقامتك الشامخة داخل « محكمة » الأقزام، استحضروا علياً يوم أحد وهو يجابه مع عشرة من فرسان محمد صلى الله عليه وسلم فرسان الرسالة والإيمان، يجابه معسكر الكفر كله... استحضروا فيك صلاح الدين وكل بطولات العز والكرامة والرجولة في تاريخ الأمة، وهاهو المناضل محمد الأنصاري يستحضر من خلال موقفك هذا الشجاع والمبدئي تاريخ البطولات العربية ورموزها التاريخيين مستنهضاً الرجال.. الرجال في الأمة.
((يا صلاح الدين نحن مذبوحون، مذبوحون، مذبوحون
بنو ساسان، وساكسون، وصهيون
يفجرون ديارنا ويقتلون.
الفعل فعلهم ونحن القتلة الإرهابيون
ونحن بذلة كالنعاج صامتون
وخوفاً على مشاعرهم طائعون
يا صلاح الدين إنا قد نسينا الأبجدية
ولم نعرف عن العروبة إلا العقال والكوفية
وصيد الغزلان والطيور البرية
ونسينا ذي قار واليرموك والقادسية
ونسينا إننا أمة واكتفينا بالجامعة العربية
بني صهيون يعيثون فساداً وبني ساكسون قتلوا حتى أحلامنا الفتية
ولو تسلحنا بعصى وحجارة على طاولة مجلس الأمن جريمة عالمية))
فكم كنت عظيماً حين ذكرت الامة كلها بحكمة السماء : ((إننا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار)) هاتفاً كما هتف السيد المسيح عليه السلام امام محكمة اليهود والرومان بكلمته المشهورة «إن ملكوت الله يأتي بالإنتظار والمراقبة ولا يقولون هوذا هاهنا او هوذا هناك لأن ملكوت الله داخلهم».
... حقاً لقد كنت تعي وعياً كاملاً ان ملكوت الله داخل نفوس وصفوف المجاهدين الذين مرّغوا وجوه الأعداء في مستنقع العراق.
كنتَ تعي ما تقول وكان رفاقك يسمعون بوعي كامل معنى الهتاف، مؤمنين أن ملائكة الرحمن تصطف الى جانب المؤمنين المجاهدين في مواجهة المحتلين والغزاة والعملاء والخونة الذين باعوا الوطن والكرامة وقبلوا المذلة والهوان.
وكم كانت حكمتك قوية واضحة حين أوصيت أبناء شعبك من أبناء العراق مؤكداً على القيم الكبيرة التي رعيتها وتعاملت بها متجاوزاً دناءة وجرائم الذين أساؤوا لك وللعراق وللأمة متسامحاً كي ترسم صورة المستقبل الجديد الذي تصنعه اليوم المقاومة الباسلة صورة العراق الواحد الموحد الذي وضعت أسسه من زاخو حتى البصرة... وكأنك تذكر الجميع بقوله سبحانه وتعالى :
« وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا ان الله غفور رحيم »، وهو ما سبق ان اكدت عليه في رسالتك الى الشعب وأكدت عليه المقاومة في إستراتيجية الحزب والمقاومة بمختلف فصائلها وهو ما يذكرنا بقول السيد المسيح عليه السلام : « وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، إحسنوا الى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم، وأفعلوا الخير مع كل الناس واجعلوا كنوزكم في السماء ».
ما أروعك يا صدام العرب وما أشجعك.
.. حقاً... فأنت المتميز في هذه الأمة وأنت العاشق الصادق لشعبك وأمتك بعد تماهيك في الله مؤمناً صادقاً جسوراً لا تخاف لومة لائم فلم تتردد في التضحية بأعز ما تملك في هذه الحياة مفصحاً عن حبك لشعبك الذي جعلت منه عملاقاً في أمة أذلها العملاء وتآمر عليها الطامعون وشذاذ الأرض.
فإنك وأنت تسمع في تلك اللحظة هذيان الصفيق تدعو الى المحبة داخل تلك المحكمة - المهزلة.
.. نعم.. تدعو الى المحبة والتسامح حتى تجعل من كلمة السلام كلمة السر لبناء المستقبل، ومن المحبة مفتاحاً لوحدة العراق ارضاً وإنساناً.
هكذا كان الرسل والانبياء والمصلحين الكبار يسمون فوق الجراح حباً لأبناء أمتهم وحرصاً على كرامة الإنسان... فكنت حكيماً كعادتك حين حصرت العداء بالمحتلين والأجانب كما حصر السيد المسيح عليه السلام في عهد الرومان ذلك بـ « الصدوقيين وأرباب الثراء والفريسيين وأذناب الرومان واللاويين ورؤوساء اليهود الذين كانوا لا يبغون عن قيصر بديلا ».
وهاهم هؤلاء اليوم لا يبغون عن مجرم الحرب بوش والفرس والصهاينة بديلا.
إنهم يمثلون اليوم في العراق المحتل ما كان يمثله حينذاك ((الحاخاميين والرؤساء ذوي الطيلسانات الحريرية والجباب الطويلة العريضة خادمي الاجساد وتاركي الارواح)).
.. حقاً هاهم اليوم أشبه بأولئك الذين قال فيهم السيد المسيح عليه السلام مؤنباً : «إن العشارين والزواني يسبقونكم الى ملكوت الله لأن يوحنا جاءكم في طريق الحق فلم تؤمنوا به وأما هؤلاء فقد آمنوا. »
كانت هذه الكلمة بمثابة تأنيب وتقريع لكهنة ذلك العصر ولكنها تصلح اليوم برقيات للصمت العربي الرسمي وللذين يمثلون اليوم في المنطقة الخضراء « حنانيا» رئيس الكهنة وجمهور اليهود الذين قتلوا بولس الرسول وأصروا على الحاكم الروماني بصلب السيد المسيح عليه السلام، فما اشبه الليلة بالبارحة!!
فالمسيح عليه السلام لم يكن رسولاً فقط وإنما كان وطنياً غيوراً رافضاً للإحتلال الروماني فقد وقف شامخاً أمام الحاكم الروماني المستعمر وقفة شموخ كما تقف أنت اليوم فحين سأله : « بيلاطس أأنت ملك اليهود ؟ فقال له يسوع : أنت تقول ذلك.. فقال له بيلاطس أما تسمع كم يشهدون عليك ؟ فلم يجب عن كلمة واحدة حتى تعجب الوالي » إنجيل متى.
ولما لم يجد الحاكم الروماني بداً من إعدامه قال لليهود : « أأصلب ملككم ؟ أجاب رؤوساء الكهنة : ليس لنا ملك إلا قيصر ».
وهكذا إلتقى هتاف اليهود بالأمس البعيد مع هتاف العملاء في قاعة المحكمة - المهزلة على لسان المالكي مصرحاً (( يجب إعدام صدام حسين... يجب أن يُعدم قبل نهاية هذا العام )) وهو الأمر الذي يؤكد فشلهم وفشل مشروع الإحتلال الأمريكي للعراق، مدركين أنهم مجرد خدم للإحتلال الامريكي كما كان اليهود خدماً للرومان في عهد السيد المسيح عليه السلام، مهمتهم تنحصر في تدمير العراق واغتيال علمائه ومبدعيه وكل الخيرين من أبنائه، ولذا فلا غرابة أن يستهدفوا القائد صدام حسين على رأس المستهدفين لأنه باني نهضة العراق الحديث والقوي في الامة ولإدراكهم انهم راحلون مع القوات الأمريكية إن آجلاً أو عاجلاً !! فصدام حسين اليوم هو رمز وحدة العراق و« المنقذ » وهو رمز كبرياء لكل عراقي وكل عربي ومسلم شريف.
إنه يمثل عهد الذراع القوي.. عهد السيف والإصلاح مستذكرين هنا ما قاله السيد المسيح عليه السلام للرومان واليهود : « لا تظنوا إني جئت لألقى سلاماً على الأرض ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً » إنجيل متى الأية 10
وقوله : « جئت لألقي ناراً على الأرض » 29 / 12 لوقا
وإذا كان السيد المسيح عليه السلام قد تفادى بحياته في سبيل وطنه وأمته فإنك اليوم تمثل صفحة الأمة الجديدة.. صفحة الأمة التي عبر عنها القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق رحمه الله : « صفحة الأقوياء الذين يجابهون المعضلات العامة ببرودة العقل ولهيب الإيمان، ويجاهرون بأفكارهم ولو وقف ضدهم أهل الأرض جميعاً لهم صدق الأطفال وصراحتهم وحياتهم لا فرق بين باطنها وظاهرها.. ».
ومما لا شك فيه انك كنت تعي وعياً تاريخياً قبل الإحتلال وبعده إنك ستواجه بيلاطس الجديد في زمن مختلف وكنت تدرك بوضوح إنك ستواجه الأوغاد وعملاء سياسة « بيلاطس الجديد » والمجوس والصهاينة معاً، كما ستواجه كافة أنواع الخدع الشيطانية الإستعمارية، مؤمناً ان كل بعثي في أمته هو مشروع شهادة. كنت قد سبرت غور المخطط الإجرامي كله لذا فإنك لم تفاجأ حين نطق الوغد بالحكم لأنك وكل البعثيين والمناضلين في الأمة يعلمون ويدركون ان هذا الحكم كان قد تقرر في بلاط قبة البيت الأبيض قبل وقوعك في الأسر، وإن الصهاينة والفرس كانوا قد قرأوا معاني وأبعاد ثورتك التي حققتها في العراق الجديد. وبالرغم من هذا فإن عليهم ان يستوعبوا ان العراق الذي بنيته لن يتخلى عنك، ولن يخذلك، وان البعث الذي امنت به لن يستكين أمام هذا الظلم والجبروت المسلط على العراق والأمة مهما كانت التحديات، وإن إستهدافك اليوم لم يعد كما لم يكن إلا إستهدافاً للأمة كلها ولكل الشرفاء فيها ولكل الأحرار في العالم، وان رفاقك ومحبيك لم يكونوا في يوم من الأيام « أحد عشر تلميذاً » بل هم الملايين من أبناء الأمة التي تراك اليوم رمزها وعملاقها التاريخي وبإذن الله وحوله وقوته لن يخيبوا ثقتك بهم بل سيكونون أوفياء للعهد، صادقين مرددين قول محمد الأنصاري :
((سيأتي يا صلاح الدين يوم
يصحو به أهل الكهف
وسنهتف تبت يدا ابي لهب
تبت يداه ورجلاه وتب
ونطهر الفراتين والعقب
وسنعيد اسمك على كل مدرسة ومطار وجامع ذو قبب
وسندرس بطولاتك لأبنائنا يا فخر العرب
وسنقول لهم نحن قوم قتلنا الحسين وصلاح الدين
ونحن عليهم أول من ندب)).
وليعلموا جميعاً إنه إذا ما مسوك بأي أذى فإن الدائرة سوف تدور عليهم وأنهم لن يذوقوا بعد ذلك الأمن والأمان وسيلاحقون اينما كانوا وعلى الإدارة الامريكية ان تعي ذلك فهي المسؤول الأول والأخير عن حياتك يا سيد المجاهدين ورمزهم.
وسيردد كافة المخدوعين والضعفاء والعاجزين الذين تخلوا عنك او تآمروا عليك:
((عذراً يا عز العرب ... عذراً صلاح الدين .... عذراً أيها الأمين))
اما الفرس الحاقدون الذين لم يكتفوا بتدمير العراق ونهب خيراته، ولم يكتفوا بصدور حكمهم، حكم الصهاينة الامريكان الصادر في محكمتهم المهزلة، بل ذهبوا الى التماهي في حقدهم الأسود مع هند بنت عتبة التي لم يشف غليلها مقتل اسد الله حمزة في معركة احد بل اصرت على شق صدره ومضغ كبده، وهاهم اليوم يحلمون خسئوا وتباً لهم، بمضغ كبد أسد العراق المجاهد صدام حسين علهم حينها يشفون ما في صدورهم من حقد تاريخي على العراق بشكل خاص والأمة العربية بشكل عام.
ظانين أن بإمكانهم حينئذٍ ترسيخ سلطتهم ونفوذهم على العراق المشرذم كمنطلق للتوسع والإمتداد على طول وعرض الجزيرة شمالاً والخليج إحياءً لإمبراطوريتهم المجوسية التي غابت بشروق الإسلام، وإنتصار العرب.
فهنيئاً لك هذا الموقف التاريخي الذي تقفه أنت ورفاقك الصامدين في الأسر والمتصدين للإحتلال وأعوانه على ارض الرافدين بشكل خاص والوطن الكبير بشكل عام.
وهنيئاً لشعب العراق الذي تمثله وتقوده وهنيئاً للأمة التي تنتمي إليها.
تحية لك ولرفاقك.
وإننا على العهد ماضون حتى يتحقق النصر للعراق والامة بإذن الله وبسواعد المجاهدين.
وما النصر إلا من عند الله
2 Comments:
This comment has been removed by the author.
كل اللى اقدر اقوله ان العراق وقع ضحية مخطط كما وقعت من قبله فلسطين ولبنان وفى الطريق البقية
لك الله ياعراق
على امل ان يستيقظ العرب من نومها يوماا
رسالة تعددت الغات فيها مسلم ومسيحى وفى الاصل عربى شريف
اما حزب البعث
ونضاله ففيها كلام
كل الاحترام
6:09 PM
Post a Comment
<< Home