"هنيئا لك الشهادة يا صدام"
بسم لله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
"هنيئا لك الشهادة يا صدام"
"إنه لجاهد مجاهد قل عربي نشأ بها مثله"
تصدير :
يقول الله تعالى:"وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله ،كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين ،و كأين من نبي قتل، معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين ،وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين ".سورة آل عمران آية 148.
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون"سورة آل عمران آية 170
"قال سلمة :رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم شاحبا فقال لي :ما لك؟ قلت فدى لك أبي وأمي ،زعموا أن عامرا حبط عمله،قال:من قاله ؟قلت قاله فلان وفلان وأسيد بن الحضير الأنصاري،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :كذب من قاله ،إن له لأجرين –وجمع بين أصبعيه –إنه لجاهد مجاهد قل عربي نشأ بها مثله"رواه البخاري في كتاب الأدب.
أولا :صدام بين الواقع والإسقاط
1. واقع الشهيد صدام حسين المجيد إنه :لجاهد مجاهد قل عربي نشأ بها مثله ! هذا هو تصورنا لحاله في الواقع الجهادي والعسكري ،من حيث تكريس حياته السياسية للجهاد على واجهتين شرستين كان يعبر عنهما في التاريخ القديم بالروم والفرس. فالفرس هم إيران الشيعية والروم هم أمريكا وحلفاؤها على رأسهم الصهيونية العالمية،ومن ثم وقع جبرا بين مطرقة هؤلاء وسندان أولئك،الكل يحارب صدام والكل يريد أن يخضعه لإرادته ومخططاته الإمبريالية التوسعية ،كما أن الكل يتخلى عنه والكل يحقد عليه لماذا ؟ إذ الفرس سيلعبون على أوتار الثورة الإسلامية فيما يسمونها وسيعملون ابتداء على تصديرها تحت وهم الإمامية وألقاب الآيات والمرجعيات و الحوزات ،محركين منذ البداية لدفائن الأوغاد من حماق الشيعة في العراق قتلة علي والحسين بالغدر والخيانة والتباكي بإيهام الرغبة في الاستدراك...في حين قد كان العراق ملجأ للخميني وملاذا له ،منه صدر ثورته للإطاحة بالشاه ،فما كان منه إلآ أن أنكر جميل من استضافوه وهدد أمن من أمنوه،فكانت بداية أمره شرا وغايته ضرا وتطاولا على مساجد العراق كما حدث في الناصرية أو العامرية فيما يتذكره المتتبعون للأحداث،حيث بدأت التفجيرات تطال أماكن العبادة هناك انطلاقا من تحركات الشيعة في إيران لإذكاء نار الطائفية، بعدما كان البلد موحدا وآمنا سياسيا واجتماعيا رغم اختلاف أطيافه وتنوع أعراقه. فكان من مبدأ الحيطة في حماية البلد من الغزو هو القيام بضربة استباقية حينما تظهر على العدو ملامح الغدر أو النية في تحقيقه حتى تنكسر شوكته ويردع شره ،وهذا مبدأ شرعي وعقلي وعسكري لا ينكر ضرورته إلا متعامي عن الحقيقة ومعاند. فما فعله الشهيد صدام حسين مع إيران كان ضرورة ملحة وإلا ضاع العراق مع اختلال التوازن بين قوة البلدين حينئذ،إذ سينقذ بلاده ومعها البلدان العربية المجاورة له والتي شعرت بالخطر الإيراني التوسعي بشكله المذهبي والعنصري معا ! فقد حمى الكويت والسعودية والخليج بأسره من مد يعتبر تاريخيا من أخطر ما خرب الأمة الإسلامية حضاريا وتاريخيا. فلقد كان على رأس نكباته تمهيد احتلال بغداد من طرف هولاكو بمباركة شيعية متمثلة في شخص الوزير ابن العلقمية على وعد بخلع الخليفة العباسي المستعصم كما يذكر المؤرخون الموضوعيون:"أما بغداد دار الخلافة وعاصمة الملك فقد جرى عليها ما جرى على سواها من أمهات المدن الإسلامية، فقد قتل معظم أهلها وقليل منهم نجا وقد استبقى المغولي جماعة من الشيعة والنصارى وسكان بغداد بعد أن أفنى أكثر أهلها "الدولة العباسية محمد الخضري بك ص404 . إذ نفس الشيء يحدث الآن في العراق حيث يعيد التاريخ نفسه فهل من معتبر؟
2. لما ردع الشهيد صدام الفرس في ثوبهم الشيعي المزيف سيتبارى له العدو التقليدي تاريخيا وهم الروم المشخص حاليا في الأخطبوط السرطاني الأمريكي ومحركه الصهيوني. بحيث لم يجد من معول لاستخدامه في تكسير شوكة العراق وزعيمه الشهيد الأبي صدام حسين سوى تحريك عملائه في المنطقة وخاصة في الكويت للاستفزاز وكمنطلق للتجسس على قدراته الاقتصادية والعسكرية بعدما خرج قويا من حرب الخليج الأولى.
هكذا تسارعت الأحداث بعد استهانات شخصية بالرئيس العراقي ومعاونيه حينما طالبهم بالتعويض عن استنزافهم لحقل الرميلة بمبلغ مليار ونصف .وذلك في فترة كان مازال دم العراقيين ينزف من أجل حماية العرب في سائر الجزيرة من المد الفارسي العنصري و المؤدلج بالثوب الشيعي والشعوبي المتطرف، كان قد سمي تاريخيا بالرافضة، تتداخل فيه الإثنا عشرية والإسماعيلية الباطنية والقرامطة وغيرها وهو ما دأب أبو حامد الغزالي الطوسي الفارسي رحمه الله تعالى على مناهضته وفضح أمره في عهد الخليفة العباسي المستظهر بالله،حتى أنه سمى كتابه بالمستظهري أو فضائح الباطنية ,وذلك ربطا للموضوع بأبعاده السياسية والاجتماعية الخطيرة، وهي امتدادات لمظاهر مذهبية ساهمت في تخريب البلاد والعباد كنا نظن أنها قد عف عنها الزمان وولت إلى غير رجعة !ولكن هيهات فقد عاد ت حليمة إلى عادتها القديمة .
قد يكون صدام ربما أخطأ في غزوه للكويت من حيث المبدا،لكن بعد مراجعة المحصلة سيتبين بأن هذا التسرع جاء على خلفيات أعقد من أن يفسرها المواطن العادي أو المحلل الصحفي كيفما كانت مهارته،بحيث أن تسرع الشهيد صدام سيقابله تسرع مضاعف من طرف الغرب وخاصة أمريكاوبريطانيا العدو التقليدي للأمة الإسلامية ، وكذلك سرعة استدعاء الخليجيين لها وخصوصا السعوديين والكويتيين طبعا .
وقع هذا في فترة كانت الأبواق الصحفية والفتاوى الوهابية تقيم الدنيا ولا تقعدها حول مسألة الولاء والبراء والنهي عن موالاة الكفار كيفما كان الحال،ثم ستتحول رأسا ضد هذا الموقف بفتوى جواز الاستعانة بالكافر لضرب المسلم ...
لكن في نظرنا أن مخطط الهجوم على العراق والسعي إلى تدميره والانتقام من رئيسه الشهيد صدام حسين لم يكن هو غزو الكويت بتاتا وإنما دبر قبل ذلك بكثير ذلك لما أمر بقتل الجسوسين البريطانيين بعدما ثبت تجسسهم على العراق وخاصة فيما يتعلق ببرنامجه النووي و التسليحي،إذ سيشعرون بعد رفضه العفو عن الجاسوسين بأن صدام يشكل خطرا على مصالحهم وأنه ليس ذلك الرجل الذي يمكن إخضاعه بمجرد التهديد .
من هنا سيتسلسل الصراع ضدا على الشهيد صدام حسين مع تحين الفرصة لللإنقضاض عليه بأي مبرركان ،فلم يجدوا سوى الأغبياء من حكم الكويت الذين سعوا إلى استفزازه ، ومن سيغدو محاصرا بين مطرقتين وسندانين .
مطرقة شعوبية عنصرية سندانها من جنسها ،ومطرقة مذهبية إيديولوجية سندانها من أصل نشأتها .
ثانيا: صدام في مواجهة بين المد العنصري والطائفي
فالمطرقة والسندان الأولان هما الفرس والروم حسب المصطلح التاريخي التقليدي أي إيران وأمريكا وحلفائها .
أما المطرقة والسندان الثانيان فهما: الوهابية الوجه الحديث للخوارج والشيعة المشخصة في الروافض،والنتيجة هي أن كلا المذهبين سيشكلان وحدة في الاتجاه والمآل والغاية ألا وهو مبدأ الرفض والإقصاء .
1) فالفرس والروم عبر التاريخ سواء قبل الإسلام أو بعده قد شكلا تهديدا وتآمرا مستمرا مع حقد دفين على الأمة الإسلامية والعربية خصوصا .
بحيث كانت هذه المظاهر يتزعمها السياسيون وذوي النزعات الكسروية والمجوسية الموروثة أو القيصرية الصليبية المشحنة .
في حين كانت الصهيونية و السبئية تحاول أن تمازج بين هذين العنصرين من أجل تسخيرهما لصالح مخططاتهما التدميرية في شكل مذهبي، يلعب على أوتار العواطف والتقديسات المبالغ فيها لآل البيت الحاكم، ثم إسقاطها على آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ،كوسيلة لتحصيل غاياتهم السيئة في الساحة العربية والإسلامية وكمطية إلى الانتقام الحضاري، بعدما سقطت مدائن الفرس وبصرى الشام في يد الفاتحين المسلمين، وبخاصة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فهو الذي اغتاله الفرس والروم واليهود معا في مؤامرة دولية انتقامية،تماما كما اغتيل صدام حسين على يد الأمريكان ومن ورائهم الصهاينة ومعهم الشيعة الموالون لفرس إيران !
إذ كما وحد عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه الأجناس المتعارضة داخل المدينة ،أيضا هذا ما كان يسعى إليه الشهيد صدام حسين في العراق من أجل توحيد البلاد مع تعدد الطائفية وتنوعها، وذلك بأسلوب فيه من الشدة والتخويف المتناسب مع الوضع القائم،وإلا تفتت الجميع مما نلحظه بعد سقوط بغداد ،رغم أن المقارنة بين الرجلين تبدو بعيدة من حيث المستوى السلوكي والروحي وكذا التاريخي والجغرافي ...
فعمر رضي الله عنه قد أمن الهرمزان ملك الفرس في المدينة ومن ثم تسربوا إلى صلب المجتمع المدني تحت غطاء الإسلام،حيث سيتواصلون مع النصارى الصليبيين واليهود الماكرين وسيكونون حلفا كان من نتائجه استشهاد الفاروق عمر نفسه على أيدي الغدر والخيانة ،يذكر التاريخ أنهم كانوا يتألفون من أبي لؤلؤة والهرمزان الفارسيين وجفينة النصراني ومعهم كعب الأحبار اليهودي المتأسلم (الدولة الأموية محمد الخضري بك ص233)،بحيث أن الذي سينفذ الاغتيال هو أبو لؤلؤة الفارسي المجوسي.
هذا ما ذكره التاريخ ويتكرر في حق صدام حسين مع بعد المقارنة بين الرجلين والعهد على كل حال !
من هنا يمكن إدراك البعد الحضاري الذي كان يسعى إليه الشهيد صدام حسين حينما سمى بعض معاركه مع إيران: بقادسية صدام كرمز للغزوة التي خاضها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لإيقاف المد الفارسي وتهديده للدولة الإسلامية في مهدها .
موازاة مع ذلك سيسعى عمر بن الخطاب إلى تحرير بيت المقدس من أيدي الصليبيين بعد موقعة مرج الروم وفتح حمص،وهي خطوات جاءت بعد إيقاف زحف الفرس وتكسير شوكتهم ،وهو نفس الشيء الذي كان يشغل بال الشهيد صدام حسين،بل بقي أمله حتى لقي الله تعالى على محراب الشهادة وهو يهتف: تحيا الأمة تعيش فلسطين ! وهو نفس الشعار الذي لازمه لما هجم عليه الصليبيون في حرب الخليج الثانية فكان من أهم ما تضمنته خطبته حينذاك :"وسنحرر فلسطين العزيزة".
أوليس الشهيد صدام حسين كان في مثل هذه المواقف: جاهدا مجاهدا قل عربي نشأ بها مثله؟
2) أما المطرقة والسندان الثاني فهو الوهابية المتسلفة ذات المنحى المتطرف التكفيري لكل مخالف والمخذل لكل مجاهد ، وفي مقابلها الشيعة الروافض الذين يؤسسون مذهبهم على السباب وسوء الخلق والطعن في كبار الصحابة الذين ضحوا بأرواحهم وأموالهم في سبيل نصرة هذه الأمة، على رأسهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وغيرهم رضي الله تعالى عنهم،بل قد يطال طعنهم وسبابهم حتى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة السيدة عائشة أم المؤمنين جميعا !
إذ المآل بين هذين التيارين رغم ما يبدو بينهما من تباعد في الخطابات والدعاوي يبقى واحدا ،حتى إن إمام الوهابية محمد بن عبد الوهاب وما تفرع عنها من جماعات قد كان أول تكوينه العلمي عن طريق الشيعة، بتتلمذه في قم الإيرانية وكذلك البصرة حيث التواجد الشيعي المكثف، ومن ثم عودته إلى نجد ومحاربته للشيعة أنفسهم من حيث الظاهر ...
إذن هناك ترابط أصولي بين الشيعة الروافض والوهابية المتسلفة والتي في حقيقتها ليست سوى تكريس لما كان عليه الواقع التاريخي المر للخوارج والشيعة الأوائل مصدر الفتنة والطائفية في العالم الإسلامي إلى يومنا هذا.
إذ أصل الخوارج شيعي ،وما الانقسام إلى فئتين واحدة إسمها الخوارج وشعارها لا حكم إلا لله، والأخرى إسمها الشيعة وشعارها إصباغ حاكمية علي بصبغة إليهية منصوص عليها بالتخصيص لا وهين لعملة واحدة لاتفضل إحداهما على الأخرى.
فقد كفر الخوارج عليا وكفروا معاوية وكفروا جل الصحابة فتسلسل التكفير لكل من كان يخالفهم ولو في لحيته ،وما منظمة القاعدة -صنيعة أمريكا- وغيرها ممن تتبنى هذا الطرح إلا امتداد لهذا التيار المدمر للأمة (رغم اختلاف بعض التصورات العقدية لديهم عن الخوارج القدامى وخاصة فيما يتعلق بالموقف من بعض الصحابة رضوان الله عليهم)، و التي في الحقيقة قد تمثل اصطلاحيا إحدى القواعد الأمريكية والمعول الأخطر لتخريب الأمة ! قد وجدت مرتعها في العراق لتأجيج الصراع الطائفي وصرف العراقيين الأشراف عن مقاومة العدو الحقيقي وهو الأمريكان وحلفائهم.
كما كانت منظمة القاعدة في نظرنا ونظر غيرنا المبرر المفتعل لتحريك الأمريكان إلى احتلال أفغانستان ومن بعده العراق بيت القصيد،إذ في نظرنا أن تفجيرات 11سبتمبر 2001 لم تكن من فعل ما يسمى بالقاعدة وإنما هي لعبة سياسية قذرة يلعبها زعماء الحرب والتآمر في أمريكا بتخطيط من الصهيونية العالمية.
أما الأخرى فهي شيعية تصبغ حاكمية علي بن أبي طالب رضي الله عنه بصبغة إلهية في زعم التنصيص عليها ، ومن ثم أيضا تكفر كل من لم يسلم بأفضليته وأحقيته بالخلافة على من سبقوه بالخلافة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلم تكن هذه الصور العقدية إلا مقدمة لتسلسل انقسامات وتفرعات منبنية على الأهواء والخلفيات، أدت في النهاية إلى توسيع دائرة النزاعات والاختلافات وأدرجت فيها الأساطير والأوهام في وصف حقيقة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم واتخاذهم وسيلة لتحقيق أسوأ غاياتهم .
فالشيعة هم الذين قتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه بواسطة الخوارج المتفرعين عنهم ،لأنهم هم الذين خذلوه عند المطالبة بحقه كخليفة شرعي له مرتكز البيعة من المدينة المنورة ،ولأن أصل الخوارج شيعي فقد دفعوه إلى المواجهة ،وفي عزها أعلنوا تبرؤهم منه لأنه نزل إلى التحكيم ومن بعد اغتالوه ،تقريبا كما فعلوا مع الشهيد صدام حسين وهو يواجه إيران والأمريكان، مع اختلاف الظروف ومستوى الرجلين طبعا،وهم الذين خانوا الشهيد الحسين بن علي لما دعوه إلى تغيير المنكر وأعطوه العهود بالمناصرة حتى إذا جاء يوم الميعاد تقاعس الكل بغير حياء أو وفاء.
لا أريد في هذا المقال المتواضع أن أسرد الواقع التاريخي لهؤلاء القوم والخذلان والمآسي التي سببوها للأمة الإسلامية منذ استشهاد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ومرورا بعهد الدولة الأموية حيث كان ملجأهم الفرس بطبيعة الحال، ثم تأسيس الدولة العباسية وسقوطها في بغداد بموافقتهم كما سبق وأشرنا تاريخيا، (يمكن الرجوع في هذا إلى كتب التاريخ الموضوعية)
لكن سأختصر واقعهم المؤسس لأفكارهم وأوهامهم في هذه الكلمات المؤرخة بأمانة علمية لواقع الشيعة الروافض الأوائل كما يروي ابن تيمية الكردي الحراني في كتابه منهاج السنة:"عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن أبيه قال:قلت لعامر الشعبي :ماردك عن هؤلاء القوم وقد كنت فيهم رأسا؟قال:رأيتهم يأخذون بأعجاز لا صدور لها،ثم قال لي :يا مالك ،لو أردت أن يعطوني رقابهم عبيدا أو يملئوا بيتي ذهبا أو يحجوا إلى بيتي هذا على أن أكذب على علي رضي الله تعالى عنه لفعلوا ،ولا والله ،لا أكذب عليه أبدا ،يا مالك إني قد درست الأهواء فلم أر فيها أحمق من الخشبية-يعني الشيعة-فلوا كانوا من الطير لكانوا رخما ولو كانوا من الدواب لكانوا حمرا. يا مالك ،لم يدخلوا الإسلام رغبة في الله ولا رهبة من الله ولكن مقتا من الله عليهم وبغيا منهم على أهل الإسلام. يريدون أن يغمصوا دين الإسلام كما غمص بولص بن يوشع ملك اليهود دين النصرانية ولا تتجاوز صلاتهم آذانهم...منهم عبد الله بن سبأ يهودي من يهود صنعاء نفاه - علي بن أبي طالب-إلى ساباط وأبو بكر الكروس نفاه إلى الجابية".
كما يذهب ابن حزم الأندلسي إلى نفس الوصف حينما يقول :"لم أر أحمق من الشيعة"ويضيف متأسفا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه قائلا:"نعوذ بالله من أن نفتتن بمخلوق،أو يفتتن بنا مخلوق فيما جل أو دق،فإن محنة أبي الحسن رضي الله عنه من بين أصحابه رضي الله عنهم كمحنة عيسى صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من الرسل عليهم السلام ! "الفصل في الملل والأهواء والنحلل ج3ص120 .
من هنا كان لازما على أهل العلم أن يبينوا للجماهير المغرر بها حقيقة المذاهب المطوحة في الساحة وتمييز أهل الحق فيها عن أهل الباطل،وكذلك تبيين من هم الشيعة بالتقليد والتغرير وهم الجماهير من العامة طبعا ،ومن هم أهل السنة الحقيقيون ؟حتى لا يختلطوا بالخوارج الجدد وزعماء التخريب والتخذيل،وحتى لا توضع الأمور في غير موضعها التي هي غاية المحتل الأمريكي وحلفائه من صهيونية وغيرها !
هذه كانت الحصيلة المختصرة التي جابهها الشهيد صدام حسين،فهو يتعامل مع أناس لا يعرف باطنهم وتوجههم الفكري استقرارا ،سواء من الناحية العقدية الدينية أو من الناحية العقلية الإنسانية المتزنة .
كل هذا ناهيك عن الأكراد في الشمال،و الذين لا يكادون يستقرون على حال أو سياسة ومذهب ،فهم من ذوي النزعات الانفصالية والعرقية واللغوية، قد يكون منهم السني المذهب وقد يكون الشيعي وكذلك الشيوعي،فهم عرقية لغوية إقليمية أكثر منها مذهبية وأيديولوجية،لكن نزوعهم كان دائما وما يزال إلى تأسيس دولتهم الخاصة بهم رغم التمازج والاندماج التاريخي الذي عرفته منطقتهم مع المحيط العربي عبر التاريخ وحتى عهد الشهيد صدام حسين.
لكن مع كل هذا يبقون أهون خطرا على الوحدة العراقية والنزعة الطائفية من الشيعة المتفورسة ،رغم أنهم كانوا معهم يدا واحدة في الخيانة وتمهيد الطريق للمستعمر الأمريكي، بل مساعدته بالرجال والاستخبارات ...
مع كل هذه التعقيدات والمعوقات فقد استطاع العراق بقيادة الشهيد صدام أن يحافظ على وحدته واستقراره وهيبته بين البلدان كما سيصبح العراقي ذا مكانة مرموقة بين المجتمعات العالمية قد يحسب له ألف حساب في الاستراتيجيات العسكرية وعند المضاربات الاقتصادية والاستثمارية.
أوليس الشهيد صدام حسين في مواجهته لكل هذه المخاطر وتوحيده للبلاد رغم صورتها التدميرية وتعقد تركيباتها ومظاهرها قد كان جاهدا مجاهدا قل عربي نشأ بها مثله؟
ثالثا:الشهيد صدام ودعاوى الإبادة والاستبداد
أعداء الشهيد قد يتذرعون بأحداث ووقائع يتلقفها البباغوات ومشيعي الفتنة والخيانة في أوساط المجتمعات الموحدة والمستقرة والأبية،من ضمنها دعاويهم بقتله لمجموعة من الشيعة وكذلك ردعه للإنفصاليين الأكراد في الشمال وغيرهم.
1) نقول ردا على هذه الدعاوي بعد التتبع والملاحظة المحايدة والموضوعية ،بلغة شرعية وفقه رصين مؤسس على الموازنة بين فعلين أحلاهما مر ! وذلك في تساؤل:هل القتل أفظع أم الفتنة؟
إن الجواب واضح وصريح نصا عن المسألة وهو قول الله تعال:"الفتنة أشد من القتل "و"الفتنة أكبر من القتل".وقول النبي صلى الله عليه وسلم:"الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها"
فأي مسلك كان سينهجه الشهيد صدام حسين مع ثورة البصرة في الجنوب وثورة الأكراد في الشمال وفي فترة تعد من أخطر الفترات التي يجتازها العراق الحديث في تاريخه ،ألا وهو مواجهة الروم في صورتهم الإمبريالية الأمريكية والصليبية الحاقدة ؟
هل يترك الشيعة في البصرة والكوفة وغيرها ينفصلون عن العراق ويقزمونه ؟هل يدع الأكراد يعيثون في الأرض فسادا ويستولون على مصادر البلاد الحيوية من البترول وغيره لتجويع العراقيين قاطبة، زيادة على موالاتهم للأمريكيين وحلفائهم الصهاينة أم ماذا يفعل إذن؟
لماذا لا يعترف بالحقيقة كما هي في الواقع والتاريخ ؟هل السياسة قد وصلت إلى هذا المستوى من البلادة والقذارة حتى تغطى الحقائق الملموسة بهذا الشكل المهين رغم أنها واضحة وضوح الشمس كما يقول الشاعر :
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به
في طالع الشمس ما يغنيك عن زحل
لاشك أن الرئيس أي رئيس كان في مكان الشهيد صدام سيسلك نفس ما سلكه أو أشد قساوة وشراسة لوقف الفتنة ،خاصة إذا ظهرت في فترة مواجهة العدو الخارجي ،ولنا شواهد من الواقع تؤكد هذا من شتى بلدان العالم وخاصة العربي !
إن ثورة الشيعة والأكراد في تلك المرحلة قد شخصت سيئتين لا يوجد أسوأ منهما ألا وهما :الفتنة والخيانة.
فالخيانة تنبني على إضعاف مستوى الأمن في البلاد أيا كانت،والخيانة تتأسس على تمليك العدو للبلاد بأرخص الأثمنة وأزهدها ،كما أن الفتنة في حالة الحرب أو وجود محتل غاصب للبلاد تعتبر خيانة ولو لم يقصدها أصحابها !
إذ الفتنة مؤداها بالضرورة أن يهلك فيها المذنبون والأبرياء معا مصداقا لقول الله تعالى :"واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة"
إذن فالذي ينبغي أن يحاكم ابتداء على ما حصل من تقتيل وفلتان أمني ليس هو الشهيد صدام حسين وإنما زعماء الفتنة من مرجعيات الشيعة والأكراد المؤججة لهذا المسعى الخبيث !
فصدام ليس مسئولا عن قتل المدنيين الأبرياء الذين تتذرع بهم الامبريالية الأمريكية ومعها الخونة والعملاء من الشيعة والأكراد وحتى من يتسمون غلطا بسم أهل السنة ممن انضافوا إلى الزمرة المؤيدة للإحتلال،إذ ينبغي أن نميز بين ما هو شيعي مذهبي محض وما هو شيعي متآمر وخائن ،وكذلك الأمر بالنسبة لمن يسمون بأهل السنة والأكراد معهم أيضا ،فليس دعوى الانتماء هي التي تزكي الشخص أو الطائفة وإنما نتائج هذا الانتماء هي التي تبين من المواطن ومن الخائن ،وإن كان ما يجري في الساحة العراقية قد غلب به الوصف الأخير على غالبية من يتسمون بالشيعة وكذلك الأكراد !
2) من هنا فلا ينبغي قتل الشيعي لأنه شيعي أو الكردي لأنه كردي أو السني لأنه سني أو حتى الفارسي لأنه فارسي حتى لا نكون عنصريين كما هو عليه المنطق الفاسد الأمريكي والغربي بصفة شبه عامة ، ولكن المحاسبة تكون لأنه خائن أو فتان !
فصدام ليس مسئولا عن قتل المدنيين الأبرياء الذين تتذرع بهم الإمبريالية الأمريكية ومعها الخونة والعملاء من الشيعة والأكراد وغيرهم ممن مهدوا لاستعمار العراق ،وهذا ما صرح به عند تلك المحاكمة الظالمة والباطلة حينما قال :"صدام لما يريد أن يضرب، يضرب الشرفاء من الرجال أما النساء والأطفال ممن ليسوا بأهل حرب فقد يحيدهم وينحيهم جانبا"
فهو يصف الرجال بالشرفاء رغم أنهم أعداء هذا هو قانون الحرب الشريفة والمطلوب فيها تحقيق النصر والعدالة في نظر كل من يخوضها .
هذه هي الحقيقة ! لأن صدام لا يكذب، وما ينبغي له ذلك ،لسبب بسيط: وهو أنه شهم وشجاع حتى عند لحظة استشهاده، والشهم والشجاع لا يداري ولا يماري طالما أنه التزم مبدأ يريد أن يحققه أو يدافع عنه ؛وخاصة في الموقف الذي وضع فيه صدام بعد اعتقاله !
كما أتحدى كل الغوغاء والببغاواة من المثقفين وأشباه العلماء أن يأتوا بدليل واحد يثبتون فيه أن صدام قد قتل شخصا بريئا بنفسه إثباتا شهوديا كما ثبت اغتياله رحمه الله تعالى على مرأى ومسمع من العالم ،حيث يتحمل الكل مسؤوليته في السكوت عن هذا المنكر الذي ما بعده من منكر:قتل بظلم لرئيس دولة شهم وأبي يصور بالكاميرات ويتباهى به ! بينما أخباركم عن صدام وما جرى منه قد استقيتموها من عدوكم الصليبي والصهيوني القاتل الرئيسي لشعب العراق والساعي ليل نهار لإبادته تحت وهم الديمقراطية وتثبيت الفوضى والفتنة الطائفية والسياسية ،فمتى كانت شهادة العدو محكمة في شرعنا يا أهل الإسلام ويا أشباه علماء ومثقفي هذا الزمان !
فأقول لهم اتقوا الله تعالى وتذكروا تحذير النبي صلى الله عليه وسلم حينما كرر ثلاثا:"ألا وشهادة الزور ألا وشهادة الزور ألا وشهادة الزور، حتى قلنا ليته سكت !" فاسكتوا خيرا لكم و"من صمت نجا"...
إضافة إلى هذا فلو كان صدام صاحب إبادة وهدر للدماء بالنسبة للأبرياء لأهدر الثلاثمائة ألف ونصف غربي الذين كانوا تحت رحمة قراره عند غزوه للكويت وتهديد الغرب له، والذين من عليهم بعفوه -عفا الله عنه ورحمه-فلماذا لم يقتلهم بل لم يتخذهم دروعا بشرية يركع بها أمريكا وحلفائها الغادرين إلى يوم الدين،ولكن الشهم شهم بالجبلة على كل حال !
(3 عن أحكام التصرف عند وجود الفتنة نقول بلغة الشرع والعقل:إن قتل المدنيين عند الفتنة أو حتى عند الحرب لايتحمل مسؤوليتها الحاكم حينما يتجاوز حدود الضروري فيها خطأ من طرف بعض الجنود أو حتى من الحاكم نفسه بعد اجتهاده ،طالما أنه لم يثبت مرسوم يدعو فيه إلى ذلك صراحة وبتوقيع شخصي منه،بل إن الحاكم قد يتبرأ مما فعله عامله أو من أمره على كتيبة أو محافظة وولاية .
فلقد تبرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مما فعل خالد بن الوليد رضي الله عنه لما قتل أناسا كخطأ في التقدير مما في الرواية :"عن سالم عن أبيه قال :بعث النبي صلى الله عليه وسلم خلد بن الوليد إل بني جذيمة فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا،فقالوا :صبأنا صبأنا ،فجعل خالد يقتل ويأسر ودفع إلى كل رجل منا أسيره فأمر كل رجل منا أن يقتل أسيره ،فقلت :والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره ،فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال :اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد مرتين"رواه البخاري في كتاب الأحكام.
هذا هو الحكم في حالة الفتنة أو الحرب حينما تكون أخطاء في الإجراء ،لأن الوضع يكون غير طبيعي والتثبت يكون أقل من الحالة المستقرة في الظروف المدنية التي تقتضي التحري والحيطة والمراجعة والتحقيق الدقيق.
أما دعوى أن الشهيد صدام قد قتل أعداء له بغير محاكمة فهذه أيضا فيها نظر ،إذ في زمن الفتنة لا يجري العمل بالقضاء العادي وإنما تنطبق عليه أحكام الحرابة التي يتولى فيها ولي الأمر رأسا مسؤولية اختيار الإجراء المناسب وتنفيذه،وهي مسألة يعرفها جيدا كل من له إلمام بالفقه وكذلك بالأحكام السلطانية والسياسية، متحديا بهذا من يثبت العكس !
فحكم الحرابة التي تولى الحاكم تنفيذها بنفسه تكون مبنية على عيون الدولة وجواسيسها واستخباراتها وهي تدخل في أمن الدولة،حتى إن إعلان مثل هذه المحاكمات قد تمثل خطرا عليها وزيادة في إذكاء الفتنة وتطميع العدو الخارجي في مد يده إلى الخونة والعملاء للإخلال باستقرار البلاد،وهذه مسألة يعرفها جيدا المباشرون للحكم ويتفهمها كل من يطلب حقيقة ما يجري في مثل هذه الأحداث.
فهذا هو حكم الشرع وهذا هو تحليل العقل وهذه هي أعراف السياسة فأين تذهبون؟
كما قلت عن الفتنة أو الثورة في زمن الحرب هي صلب الخيانة،ومن ثم فلا مناص من إيقافها بأقصى الوسائل والأساليب،لأن حكمها يعرفه الجميع سواء في الإسلام أو في الأعراف السياسية عبر التاريخ، بل حتى في الجاهلية حينما أصبح قبر أبو رغال هدفا للرجم لأنه خان الأمة العربية ودل أبرهة على الطريق إلى الكعبة المشرفة.
فلما جاء الإسلام جعلها من أسوا السيئات وأخطر ما ينبغي التصدي له بحزم وبدون هوادة ،حتى قد أمر الله نبيه ومعه أمته بالضربة الاستباقية في حال توقع صدورها من جهة ما ،كما يقول الله تعالى :"وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين"
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :"بئست البطانة الخيانة وبئس الضجيع الجوع".
هذا هو عين ما ابتلي به الشهيد صدام حسين وشعب العراق الأبي من بعض الخونة من قومه وأعدائه معا ،إذ الحديث فيه إعجاز بلاغي يشهد له الواقع وحقيقة المجتمعات التي ابتليت بهذا الداء.
فالبطانة بتركيبتها المذهبية والمتنوعة لم تشأ أن تلتئم وتتوحد بشكل جذري رغم شدة الربط التي مارسها الشهيد صدام حسين وقوة التحفيز وتثبيت الشعار الذي بقي مرفوعا في حياته وعند أسره وبعد استشهاده ألا وهو :الله أكبر.
فكان البلاء من الداخل والداء الذي لا يمكن معه استئصاله بسهولة وفي زمن كله تقلبات وانقلابات وتضييع للأمانات.
أما الجوع فهو بلاء مفروض على أهل العراق من الخارج الجائر ومن الجيران خصوصا ،سيذكي الخيانة في البطانة المريضة،لوجود خيوط تربط بين المجوعين وبين مناسبيهم في المذاهب من أهلها.
إذ فرض الحصار الجائر والصحيفة الظالمة التي تم تحريرها في أروقة الأمم المتحدة على الظلم ضدا على الشعب العراقي الباسل وفي شخص الشهيد صدام حسين خصوصا سيؤدي ولابد إلى إجراء نوع من التقتير في التموين، وكذلك إلى ظهور بعض الانحرافات في المجتمع من سرقة وسطو وحرابة وما إلى ذلك،وهذا يقتضي أيضا الضرب بقوة على يد كل من يحاول ذلك للحفاظ على الأمن والاستقرار، لأن المسألتين متلازمتين كما يقول الله تعالى "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف".
من هنا تعاونت الخيانة مع الجوع للإطاحة بالشهيد صدام حسين ولفقت له تهم بالبطش والإبادة الجماعية وما إلى ذلك من مزاعم لم يثبت منها إلا السراب ،على نمط دعاوي أسلحة الدمار الشامل ! بيد أن المسئول عن ذلك هم أعداؤه من الفرس والروم، أي إيران والأمريكان ومعهم الصهيونية العالمية إضافة إلى أهل الخنوع والركوع من حكام العرب وغيرهم ...
رابعا:صدام حسين وعالمية استشهاده وشهادته
عجيب أمر هذا الرجل فهو قد شغل الناس بالحديث عنه بشكل مكثف لم يحظ به أي حاكم من حكام زمانه، وذلك لسبب بسيط أيضا وهو كما وصفناه من خلال الحديث النبوي الشريف أنه "جاهد مجاهد قل عربي نشا بها مثله"
فلقد تناسب شخصه الظاهري وتقاسيم وجهه وسيماه المهيبة وهيئته الجسدية المنبسطة مع سلوكه الشخصي وهمته النفسية، فاجتمعت لديه قوة الهمة والهامة و تمظهرت بالشجاعة والشهامة،وهي صفات قمينة بأن تجعل له حسادا لشخصه قبل بلاده،إذ كل ذي نعمة فهو محسود والويل لمن أشارت إليه الأصابع ولو بالخير ! .
فقد حسده إخوانه من العرب وتخلوا عنه بعدما كان أكثر وصلا لهم في فترة الشدة والأزمات !كما حسده أعداؤه من الفرس والروم لمواقفه الثابتة والقارة بغير التفات !.
وحسدته الأحزاب والمنظمات والجماعات من شيعية ووهابية حتى إنهم كانوا يطعنون في عقيدته وإيمانه ! لكن هيهات هيات فقد خاب ظن كل أفاك و مفتات ،وها هو يختم حياته بأعظم الكلمات التي يتمناها كل طالب للسعادة ومصر على تحصيلها ألا وه:أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله،يكررها بأعلى صوته وعليها لقي ربه .وكانني أراه بلال بن رباح أو أحد الصحابة رضوان الله عليهم يقول عند تعذيبه :أحد أحد...
يقال عند الصوفية الكرام :"ما بكى العارفين سوى سوء الخاتمة"وهي تلك اللحظة الرهيبة عند الموت والتي بها يختم الإنسان مسيرته في هذا الوجود الدنيوي الفاني ،حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم يوصينا نظرا لخطورة هذه اللحظة بقوله :"لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ".ويقول أيضا ::"من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" صدق رسول الله صلى الله عليه سلم.
وهاهو الشهيد صدام حسين رحمه الله تعالى يلقنها لنفسه ،ثابتا كالطود الشامخ لا يتزحزح ولا يرتعد ولا يتزلزل، بعدما تخلى عنه قومه واستهانت به أمته وهو محاط بكلاب الخيانة من كل جانب ينهشونه نهش الأفاعي ويلسعونه لسع العقارب، غريبا وحيدا في أمة يبلغ تعدادها المليار ونصف من البشر لا يحركون ساكنا ولا يشفعون بشفاعة تردع عنه كافرا وخائنا،غثاء كغثاء السيل يسمعون لكل ناعق ولا يميزون بين كاذب وصادق.ف"طوبى للغرباء "وأنت منهم يا صدام.
بهذا كان صدام اسم على مسمى، فهو مكون من ثلاثة عناصر:صدام حسين المجيد.
فصدام قد صدم أعداءه وحساده وأصدقاءه ،في حياته وعند استشهاده،فخاب ظنهم وحسن ظنه بربه ولم يتنازل عن ذرة من حق بلده وأمته.
وحسين رمز لاستشهاد جده الحسين بن علي لما تخلى عنه شيعته في مواجهة أعدائه ،فخيب سعي شيعة زمانه في إفسادهم لعيده وعيد الشرفاء من هذه الأمة ونطق بشهادة التوحيد عند استشهاده ،فكان بذلك خير أعياده منذ وجوده وأحسن حسناه منذ ولادته،ألا وهو عيد لقائه بربه مستشهدا ومتشهدا،حيث يجد شفاعة نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما لم يشفع فيه قومه ولا أعداؤه.
والمجيد نتيجة عمله وثباته في نيله العزة من ربه ولقائه له على عهد التوحيد والشهادة التي قامت بها السموات والأرض وما فيهن.
أوليس الشهيد صدام حسين المجيد "لجاهد مجاهد قل عربي نشأبها مثله"؟
يقول الله تعالى :"يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابث في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل ما يشاء"سورة إبراهيم آية 29
صدق الله العظيم ،وهو حسبنا ونعم الوكيل.
الدكتور محمد بنيعيش
المغرب
EMAIl :benyaich_tetouan@yahoo.fr
0 Comments:
Post a Comment
<< Home