الجواسيس ينهضون 2
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
انتهاء موسم سبات الخلد :
الجواسيس ينهضون (2 – 3)
صلاح المختار
3- مقابل هذا الهجوم الشرس لجيش المهدي، وبقية فرق الموت الايرانية والامريكية، ضد السنة واستهدافهم علنا ورسميا، وبقرار امريكي - ايراني، برز رد فعل طائفي سني مكمل له، وهو مهاجمة الشيعة العرب اينما وجدوا وتهجيرهم وقتلهم، ردا على هجمات جيش المهدي وبقية عصابات ايران، وارتفعت صرخات الثأر من (الشيعة) ووصفوا ب(خونة الوطن المتعاملين مع الاحتلال والخادمين لايران)! ان هذا العمل الذي نفذه جيش المهدي وغيره، ورد الفعل المنظم من قبل سنة تكفيريين وطائفيين كان جوهر المخطط الامريكي – الايراني، فامريكا لم تسكت وتتخذ موقف المتفرج على مجازر جيش المهدي، واحيانا المساند له اذا هزم، كما حصل في الاعظمية ومناطق اخرى، الا لكي تشجع رد الفعل الطائفي السني على مجازر الصفويين، وتخلق عداء عميقا ونزعة ثأر متجذرة لدي الطرفين، وتقلل من اهمية رد الفعل الوطني على تلك الاحداث، والذي يقوم على تأكيد ان من قام ويقوم بالمجازر ليس شيعة ولاسنة بل عصابات منظمة وتنظيمات تابعة لايران او للمخابرات الامريكية، وان شيعة وسنة العراق لم يشتركوا في تلك الجرائم البشعة.
ان هناك من يقول من عملاء ايران بأن اول من تعرض للقتل على اساس طائفي هم الشيعة على يد التكفيريين السنة، وهذا غير صحيح على الاطلاق، ونحن لا ندافع عن التكفيريين بل ندافع عن الحقيقة الخالصة فقط، لان واقع احتلال العراق يؤكد غير ذلك. فالقتل الذي طال شيعة، منذ بداية الغزو، لم يطالهم لانهم شيعة بل لانهم عملاء للاحتلال الامريكي انخرطوا في الاحزاب العميلة التي سهلت الاحتلال ودعمته وتعاونت معه كليا، كفيلق بدر وحزب الدعوة، وفيما بعد انضموا للجيش العميل والحرس الوطني والشرطة، واخذوا يقتلون المجاهدين والوطنيين العراقيين كافة، واصبحوا الاداة الاخطر للاحتلال ضد الشعب العراقي. لذلك كان رد الفعل الطبيعي تجاههم هو تحييد خطرهم. وهذا الرد شمل العملاء السنة، وكل عميل بغض النظر عن طائفته او اصله. لذلك فان من يدعي ان من بدأ القتل على الهوية الطائفية هم التكفيريون السنة، يريد ادخال الدفاع عن الاحتلال ضمن ما هو صحيح وشرعي، وتلك مسألة لايمكن السكوت عنها، لان مقاومة الاحتلال حق وواجب وطني وشرعي واخلاقي، وهي مقاومة لابد ان تشمل معاقبة كل من يدعم الاحتلال، كما فعلت كل الشعوب مع تعاون مع الاحتلال.
لقد اكدت المقاومة الوطنية العراقية، على عكس التنظيمات الطائفية السنية، على ان الجرائم ضد السنة، كما هي الجرائم ضد الشيعة، هي من عمل تنظيمات تتبرقع باسماء سنية وشيعية دون ان تكون ممثلة فعلا لكلا الطائفتين، وان الصراخ الطائفي المسعور لا يصدر من جماهير سنية او شيعية بل من تنظيمات عميلة. وهكذا احبطت المقاومة الوطنية اخطر فتنة كان يمكن للطائفيين من المعسكرين اشعالها، لانها كانت مصممة لتحويل حرب تحرير العراق الى حرب طائفية تؤدي حتما الى اندحار المقاومة وانتصار الاحتلال. ومن المؤسف ان نلاحظ ان فصائل من المقاومة العراقية تغلبت لديها النزعة الطائفية على الانتماء الوطني، فارتفعت لديها لغة مهاجمة من اسمتهم (الرافضة)، أي اهل العراق الاصلاء من الشيعة، فاكملت الدور الايراني الذي قام ويقوم به جيش المهدي وفيلق بدر وخدمت، بوعي او بدون وعي، المخطط الامريكي الاسرائيلي القائم على تقسيم العراق. ان أي تسمية طائفية تستخدمها فئة جهادية تخدم الاحتلال وايران، وتلحق ضررا بالغا بوحدة الجهاد والمجاهدين وتعرقل انتصار الثورة العراقية ضد الاستعمار الامريكي وتعرضها للتحول الى نزاع طائفي دموي.
4 – وجاءت الخطوة الخطيرة الاخرى، وهي اعلان دولة اطلق عليها اسم (اسلامية)، لكنها كانت، في الواقع مشروعا طائفيا صرفا في الوسط السني، باعتراف من اعلن تلك الدولة بانه يعمل للقضاء على من اسماهم ب(الرافضة)، أي نصف العراق! ان السؤال المركزي والاخطر هنا هو : ما معنى القضاء على (الرافضة)، بعد اعتبار كل شيعي عراقي عربي اصيل رافضي، غير تصفية نصف شعب العراق؟ ان هذا الاعلان لايمكن فصله ابدا عن اختيار عام 2006 ليكون عام تحويل هزيمة امريكا الى نصر من خلال شق الشعب واشعال حرب اهلية طائفية وشق المقاومة العراقية، وجعلها عبارة عن صراع دموي بين تكفيريين وعروبيين! ومن المهم الانتباه هنا الى ان اعلان هذه الدولة جاء في وقت كانت جماعة ايران (الحكيم) تعد العدة لاعلان كيان شيعي صفوي في الجنوب، فسبقتهم التكفيرية الطائفية المقابلة باعلان دولة طائفية صرفة بدون ادنى شك في الوسط، وكأنها أعلنت لتعطي الدافع الاقوى للحكيم وعصابات ايران للاستعجال باعلان دولتهم وتقسيم العراق الى ثلاثة دويلات هزيلة، كما ينص المخطط الستراتيجي الامريكي والايراني والاسرائيلي!
5 – تعمد الاحتلال الامريكي وعملاءه والطائفيين السنة الخلط بين ايران وشيعة العراق، مستغلين عمالة جيش المهدي وفيلق بدر وغيرهما لايران، والدور الاجرامي للحوزة في النجف، التي أفتت بدعم الاحتلال والمشاركة في حكومته العميلة. وتعمد الاحتلال ذلك يتجلى بادعاءه بان شيعة العراق بغالبيتهم منحازين لايران وادوات بيدها ضد العراق، وهذا غير صحيح على الاطلاق وهو ادعاء خطير جدا، لانه التمهيد الطبيعي لتقسيم العراق واجبار شيعة العراق على الاحتماء بايران او الانخراط في التنظيمات العميلة التابعة لها، واغلبهم وطنيون كأغلب اخوانهم السنة. ودعم هذا الادعاء الامريكي بقيام تنظيمات طائفية سنية بقتل وتهجير الشيعة العرب، دون تمييز بين شيعي وطني او شيعي لاصلة له بالعمالة لايران وشيعي عميل، من مناطقهم الاصلية.
ان هذا الاتهام لشيعة العراق بانهم موالون لايران يجافي واقع العراق، لانهم يتعرضون لاضطهاد متعدد المصادر، فهم معرضون للابتزاز الايراني، الذي يصل حد قتل من يعترض على مشاركة ايران في الغزو وتدمير العراق ومعارضة التدخل الايراني في شئون العراق الدينية والدنيوية، وهم معرضون للقتل على يد قوات الاحتلال، واخيرا وليس اخرا هم معرضون للقتل على يد التكفيريين الطائفيين السنة! ومع ذلك فان الانتماء الوطني العراقي لدى شيعة العراق بقي هو الاقوى بدليل ان ابناء الجنوب لم يشاركوا في المجازر ضد اهل السنة وبقيت صلات الرحم المباشرة وغير المباشرة التي تربطهم باشقائهم السنة اقوى من الانتماء الطائفي.
ان من يدعي ان شيعة العراق مع ايران ضد وطنهم، اما جهلة لا يعرفون الحقيقة، او انهم عملاء مسخرون لخدمة اهم اهداف امريكا وايران، وهو تقسيم العراق واجبار شيعته على الانضواء تحت الخيمة الايرانية لتجنب القتل العشوائي. اننا نقول مرة اخرى واخرى، كما قلنا في السابق حينما استهدف البعض الشيعة وقمنا بادانته باقوى ما نملك، وسنقول ذلك في المستقبل، ان من يستهدف الشيعة، لانهم شيعة، ومن يستهدف السنة لانهم سنة، عميل امريكي او ايراني او انه عميل مزدوج، مهما كانت تسميته، ومهما كان ما قام ويقوم به من اعمال جهادية او وطنية، لان هذا القتل الطائفي يتناقض كليا مع الجهاد الحقيقي ومع الاسلام الحقيقي، ويخدم مباشرة هدف الاحتلال الجوهري وهو تقسيم العراق.
6 – تفتيت المفتت : وفي عام 2006 راينا صفحة اخرى خطيرة من المخطط الامريكي، وهي صفحة تفتيت الطائفة الواحدة، فلقد تطاحن شيعة مع شيعة، وتطاحن سنة مع سنة، فتفرقت التنظيمات الطائفية من الطرفين السني والشيعي، وكان ذلك مؤشرا لا يخطأ لدخول الخطة الامريكية مرحلة القضم المتصاعد لوحدة الشعب العراقي في معاقلها الطائفية ايضا.
7 - ولئن كان الصراع الشيعي – الشيعي، وهو صراع سياسي لاصلة له بالمذهب الشيعي، يهدف الى تحقيق استقطاب حزبي لصوصي ليتغلب على الاستقطاب الاصلي، وهو استقطاب المعسكر الوطني ضد المعسكر العميل، فان اخطر مافي هذه الخطة هو نقل الصراع الى المقاومة العراقية، والتي بقيت موحدة وعصية على الفتن مهما كان نوعها حتى عام 2006. لقد رأينا اعلان الدولة التي سميت (اسلامية) يقترن باستخدام البندقية وسلاح التكفير للحصول على دعم عام لها، خصوصا من الفصائل الجهادية العروبية، في مسعى واضح من قبل امريكا وايران لاشعال صراع سني – سني داخل السنة من جهة، وشق المقاومة الوطنية بالتركيز على تصعيد هجمات التكفيريين في المقاومة على العروبيين في المقاومة، بحجج وشعارات متعددة.
في عام 2006 شهدنا اول اقتتال دموي بين فصائل مقاومة للاحتلال، كان سببه المعلن هو محاولة احد الاطراف الاستحواذ على الساحة الجهادية بالقوة المسلحة والارغام! لكن ماذا كانت النتيجة في الواقع؟ هل نجح هذا الطرف في السيطرة؟ كلا لان هذا الهدف جنوني ومن المستحيل النجاح في تحقيقه، اذا افترضنا حسن النية، ومخطط له من قبل الاحتلال، اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان اكثر من (خلد) نائم قد اوقظ في ذلك العام، ليقضم، اول ما يقضم، وحدة المقاومة، والتي كانت اقوى اسلحتها ضد الاحتلال! لقد حصل قتال وسقط عشرات الشهداء من خيرة كوادر المقاومة العراقية العروبيين، وحدث شرخ قوي بين الفصائل، مما ادى الى قيام الاحتلال وايران باستغلاله للقيام بتنفيذ خطة قديمة فشلت مرارا، وهي محاولة الانفراد بتصفية فصيل مقاوم، مع محاولة تحييد الفصائل الاخرى غير المستهدفة مرحليا.
لولا اعلان ماسمي ب(الدولة الاسلامية)، وهو في الواقع اعلان حرب شاملة على كافة المجاهدين العراقيين، ولولا اشتراطها مبايعة الجميع لاميرها المجهول الهوية والنسب، ولولا استخدام القوة لفرض قيادة واحدة منفردة على المقاومة، لما تمكن الاحتلال من ايجاد ذريعة للقيام بمهاجمة المقاومة بشراسة، واعادة الامل اليه في دحر المقاومة، بعد ان اعلن يأسه من تحقيق ذلك في نهاية عام 2005 ومطلع عام 2006! ومن الملاحظات البالغة الخطورة بروز حقيقة ان الاحتلال وهو يدعي انه يشن حملة عسكرية ضد القاعدة في ديالى، وباعلى ما يمكن من الضوضاء المتعمدة، كان يقوم بنفس الوقت، وباقل ما يمكن من الضوضاء، بشن هجمات كبيرة على مدن في محافظة صلاح الدين (خصوصا تكريت والدور وسامراء)، بحثا عن مقاتلي البعث، وخصوصا المجاهد عزة الدوري!
كانت الكاميرات الامريكية وغير الامريكية تغطي معارك ديالى، وهي بالمناسبة ليست مع القاعدة فقط، كما تروج تلك الكاميرات، بل مع فصائل عديدة في المقاومة، لكنها كانت تتجنب تغطية الحملات الشرسة على البعثيين في صلاح الدين! وهذا الانتقاء المتعمد يؤكد ان امريكا وايران تريدان تسييد القاعدة في العراق، لانها اكثر من يستطيع تحويل حرب تحرير العراق الى حرب طائفية لا تبقي ولا تذر، بحكم طبيعتها الطائفية والتكفيرية الرسمية، التي وصلت حد الدعوة لقتل كل الشيعة في العراق. ومما يلفت النظر الى التكوين المنهجي الخاص للقاعدة في العراق هو ان ايمن الظواهري، الشخص الثاني في القاعدة، دعا التنظيم في العراق لعدم استهداف الشيعة، فهل لهذه الدعوة من معنى غير ان التنظيم في العراق منفلت ويعمل وفقا لاجندة خاصة به وبغيره وغير خاضعة لاجندة القاعدة العامة؟
8 – لقد شهد عام 2006 تصاعد الحملة على البعث من قبل التكفيريين اولا، وبصورة علنية ومكثفة تمثلت في تكفير البعث ونفي دوره الاساسي في المقاومة، وتلفيق اكاذيب سبق للاحتلال ان روجها، وكانت هذه الحملة مؤشرا للهدف الحقيقي للتكفيريين، وهو اجهاض مقاومة الشعب العراقي للاحتلال من خلال شق المقاومة! ان أي عاقل يملك ذرة وعي لا يفتح جبهات قتال مع احد في ظل الاحتلال الامريكي – الايراني الا مع الاحتلال واعوانه، ويعمل بكل ثقله لتحشيد كافة القوى حول العمل الجهادي، وبغض النظر عن الاختلافات الايديولوجية والسياسية. لكن ما جرى ويجري هو ان التكفيريين المندسين في تنظيمات جهادية، وليس التنظيمات الجهادية كاطار عام، لم يتمسكوا بهذه القاعدة البديهية في العمل الوطني في ظل الاحتلال، ففتحوا معركة مع الحزب الوطني الاكبر والقوة العسكرية الاهم في العراق وهو البعث! لقد ركزوا حملاتهم على الحزب الذي اطلق المقاومة المسلحة بعد الاحتلال، وزود كل الفصائل التي ظهرت بالمال والسلاح والكوادر والتدريب حينما كانت لديه اموال، بما في ذلك اغلب أولئك التكفيريين!
فهل تم ذلك صدفة؟ ام ان له صلة بالهدف الاول للاحتلال، بعد هدف احتلال العراق، وهو اجتثاث البعث؟ ان تصاعد الحملة ضد البعث مرتبط مباشرة باصرار امريكا وايران على تقسيم العراق، لان البعث، بفكره القومي التوحيدي، يتميز بانه الحزب الجماهيري الوحيد الذي يجمع كل مكونات الشعب العراقي، مما يجعله اهم رابط مدني يجمع العراقيين ويعبر عن وحدتهم ويمنع تمزقهم الى طوائف واثنيات. من هنا فان القضاء على البعث، فكرا وتنظيما وبشرا ورموزا، كان وسيبقى المهة الاولى للاحتلال الامريكي – الايراني للعراق، بعكس التنظيمات التكفيرية، فهي تقسيمية وتعمل على شرذمة العراق طبقا للطوائف، لانها تعمل على القضاء على كافة من لا تتفق معهم في الراي، سواء كانوا من الطوائف الاخرى، او الطائفة نفسها، او التنظيمات التكفيرية الاخرى المنافسة! ان ما جرى من قتال شرس بين القاعدة وتنظيمات تكفيرية وطائفية اخرى، كفرت البعث ايضا، يقدم لنا صورة دقيقة عن دور هذه العناصر المندسة في التنظيمات وتعمل لخدمة الاحتلال تحت غطاء تنظيم مقاوم له! ان اصرار الاحتلال الامريكي والايراني على تصفية القيادة الوطنية العراقية من خلال محاكمات غير شرعية وغير قانونية، واعدامهم بالجملة، وفي المقدمة اغتيال سيد الشهداء صدام حسين، مقابل تشجيع الروح الطائفية داخل المقاومة والمجتمع العراقي، يقدم لنا الصورة الحقيقية للمخطط الامريكي – الايراني، ويحدد بدقة من هم اعداء امريكا الحقيقيون، ومن هم خدم المخطط الامريكي.ان الاعدامات المتسلسلة لقادة البعث ورموزه، والقتل والاغتيالات التي تصفي مئات البعثيين شهريا، تؤكد ايضا ان العدو الحقيقي للاحتلال هو من يعدم ويقتل ويصفى ويحرم من مصادر الدعم الداخلي والخارجي، وليس الذي يسمح بتسريب ملايين الدولارات واسلحة كبيرة ومتطورة اليه شهريا، بطرق معروفة، وكان يمكن غلقها لو ارادت امريكا، لكنها تريد وباصرار دوافعه ستراتيجية واضحة، ان تشتعل حرب طائفية لتحل محل حرب التحرير، والتكفيريون هم المرشح الاول للقيام بذلك، والبعثيون هم الحماة الاوائل للوحدة الوطنية العراقية، كما اثبتت التجربة العراقية، لذلك فان تصفية البعث هو الهدف الاول لامريكا بعد الغزو.
9 – وتوضحت صورة المؤامرة اكثر بانضمام عناصر مناهضة للاحتلال الى الحملة ضد البعث، باشكال مختلفة، من بينها التهجم على البعث وقيادته وعناصره، سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة. ان الوطني الحقيقي لا يساهم بتشوية صورة الحزب الذي يتعرض لاقسى حملة تصفية جسدية وفكرية وسياسية، بحجة التعددية وحرية الراي! ان الهدف الاول للاحتلال هو اجتثاث البعث، ولمن قد يخطئ في فهم طبيعة هذا الهدف يجب التذكير بان الاجتثاث الاخطر هو الذي يتم عن طريق شيطنة البعث، بنشر اكاذيب وقصص مشكوك بها، واغلبها ثبت انه جزء من ممهدات الاحتلال، وليس فقط بفصل البعثيين من وظائفهم او اغتيالهم بالجملة، لدرجة ان حكومة المالكي قد اعترفت في بيان رسمي بان عدد البعثيين الذين قتلوا في شهر واحد بلغ 1500 بعثي، فهل يجوز لوطني أيا كانت هويته ان يهاجم البعث، باسمه او باسم عناصره، بحجة حرية الراي؟
نعم هناك اختلافات في الراي، نعم هناك خلفيات قد تثير الشجون لدى البعثيين ولدى من يهاجمهم، نعم من حق كل انسان ان يقول رايه، ولكن، ورغم كل هذه (النعمات)، هل يجوز ان يصبح قول الراي اداة تشويه؟ وهل يجوز في زمن التوحد فيه هو الضرورة الاساسية ان تتم مهاجمة البعث واستفزاز عناصره، مع انهم يواجهون حملة فاشية دموية لا يواجه مثلها أي تنظيم اخر؟ وهل يجوز السماح لاعوان الاحتلال، الذين وقفوا معه منذ البداية، ثم اخذوا ينتقدونه لاسباب تتعلق بمتطلبات دور الخلد وليس الندم، بنشر مقالات ضد البعث في مواقع وطنية؟ نحن لسنا في امريكا ولا في فرنسا، حيث الليبرالية هي النظام الرسمي، ومع ذلك حتى هذه البلدان حرمت على البعثيين واخرين ابداء الراي والرد على من يهاجمهم، تطبيقا صحيحا ودقيقا لسياسة اجتثاث البعث، فهل نحن اشد ليبرالية من هؤلاء؟ ام ان النشر يقصد به امر اخر؟ ومتى يحترم الوطني هذا او ذاك مشاعرنا ونحن نسبح بدم شهدائنا ونواجه الاحتلال ونحن نسمعه يشكك بالبعث ويهاجم الرفاق البعثيين بلا مبرر؟
10 – والاخطر هو ان الاحتلال الامريكي شرع بكشف من اخترقهم، ممن كانوا في صفوف البعث، فلقد خرج على الحزب نفر ضال ومضلل بمؤامرة علنية،، غبية التوقيت (لانها اعلنت قبل ان يجف دم الشهيد صدام حسين)، وغبية الادعاءات (لانها تبرقعت باسم الشهيد مع انه هو من ادان اثنين من النفر الضال وطردهما من القيادة قبل الغزو)، وغبية القيادة (لانها قفزت من فوق كل تقاليد الحزب ومبادئه وسياساته وستراتيجيته، واعتدت بشكل صارخ على مواقفه المبدأية وتأريخه ونظامه الداخلي، وادعت انها شرعية، مع انها لا تملك الحد الادنى منها وفق كل المعايير، الا معياري الغباء وبغاء الضمير، ونفذت بين العراقيين في سوريا، وباخراج فاضح، مؤامرة توريط بعض الرفاق في موقف غير مشرف ومساوم ومرتد على مبادئ الحزب وتاريخه وخادم مباشرة للاحتلال، فعزلت عن جماهير الحزب وكوادره الاساسية والمناضلة وحوصرت في سوريا.
والسبب في عزلتها يعود الى انها عناصر عرف عنها سلفا، وقبل الاحتلال بأنها اما هزيلة وادينت بالفشل في عملها الذي انتخبت له حزبيا، او نتيجة السلوك المدان فاسقطت قبل الغزو (أثنان من قادة التأمر هما المعنيان بذلك) في الانتخابات الحزبية لدورتين متتابعتين. وان مما له دلالة عميقة هو ان تنحية هؤلاء عن موقعهم الحزبي قبل الغزو تم اثناء الانتخابات بحضور القائد الشهيد صدام حسين. لقد اضطر ان يقول أنذاك لاحد المتأمرين الحاليين، وكان عضو قيادة وفشل في الانتخابات السابقة لضعف امكانياته، والذي عينته المخابرات الان عضوا في قيادة التأمر، عندما رشح نفسه بعد فشله مجددا، قال له الشهيد : يا (رفيق فلان) هل صححت اخطاءك وملأت نواقصك التي اسقطتك في الانتخابات السابقة لترشح الان؟ ان موقف القائد الشهيد تجاه زعامة المتأمرين، حاليا، قام على اكتشاف معدنهم الحقيقي قبل الغزو، وهو الذي جعل القائد الشهيد يتخذ هذا الموقف منهم الرافض لبقائهم في القيادة او انتخابهم مرة اخرى اليها، وهو ما دى الى فشل رأس الـتأمر الحالي الاول، وفشل الاخر المتخاذل بعد الغزو والذي تعامل تجاريا مع الاحتلال، لكونه اصبح تاجرا بعد فشله في الانتخابات الحزبية، والتي هي المعيار الشرعي الوحيد لمستوى أي رفيق في الحزب.
اما بقية من تورط في التأمر فهي اما تلك العناصر التي جبنت بعد الغزو وتركت الحزب لعدة سنوات، او انها عناصر ساذجة لا تملك الوعي الوطني والحزبي الكافيين للتحصن ضد المتأمرين، او انها من اولئك الذين لم يتحملوا فقدان مواقعهم في السلطة واصبح همهم الاوحد العودة اليها باي طريقة او ثمن، حتى لو كان عبر التعاون مع الاحتلال، لذلك سال لعبهم حينما لمحت المخابرات الامريكية لهم بامكانية اشراكهم في الحكم تحت ظل الاحتلال ولكن بشرط التمرد على الحزب.
وتلك حقيقة اعترف بها رأس التأمر لاحد العناصر، التي أيدت المتأمرين اولا، ولكنها توقفت عند معلومة سمعها تقول بان المتامرين اتفقوا مع حكومة المالكي، عبر الوسيط الكردي وهو مسعود البارزاني، والجنرال الامريكي في محافظة صلاح الدين، على المشاركة في الحكم تحت ظل الاحتلال ولكن بعد التخلص من القائد الشهيد صدام حسين، لان وجوده يمنع شق الحزب! وقد عبر ذلك الموقف الحاقد تجاه القائد الشهيد عن نزعة انتقامية لدى اكبر اثنين من المتأمرين لانهما سقطا في الانتخابات الحزبية قبل الغزو نتيجة ملاحظات القائد الشهيد وبقية الحزب على أداءهما وسلوكهما وتخلفهما. لقد رد المتأمر الاول على التساؤل حول تلك المعلومة بصراحة : (وماذا في التعاون مع حكومة المالكي؟). ان شهود كل هذه الاحداث والحقائق احياء وهم شهود لا يمكن رفض شهادتهم. هؤلاء هم المناجذ التي نامت داخل الحزب بعد الغزو، والتي اصطيدت كما يبدو في سنوات الغزو الاولى، لكنها طلب منها ان تنام لحين الوصول الى وقت تحتاج فيه امريكا اليهم، فاوقظت الان لتحاول تهديم وحدة الحزب بالخروج الصارخ على الشرعية الحزبية، والذي اقترن بالانحراف التام والكامل عن خط الحزب السياسي والفكري، المعروفين تأريخيا، وعن ستراتيجية التحرير.
تتمة
Labels: الجواسيس ينهضون 2
0 Comments:
Post a Comment
<< Home