Saturday, April 08, 2006

شطب قيود الفلسطينيين: سياسة برسم التصحيح للأستاذ بشارة مرهـج*

شطب قيود الفلسطينيين

سياسة برسم التصحيح*

بقلم: بشارة مرهج

بعد انشاء لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني برئاسة السفير السابق خليل مكاوي وتكليفها معالجة اوضاع الفلسطينيين البائسة في لبنان، حققت هذه اللجنة الرسمية خطوات اولية ينبغي استكمالها بخطوات متتالية لتأكيد جدية الحكومة اللبنانية تجاه هذه القضية المزمنة التي تثقل على ضمير اللبنانيين.

هنالك مشكلة العمل، وقد سمح قرار وزير العمل طراد حماده بازالة بعض العوائق من امام الفلسطينيين في هذا المجال. غير ان هذا الموضوع بحاجة الى متابعة وتوسيع وقوننة وصولا الى الحل الذي يتيح للفلسطيني تحصيل لقمة العيش والحفاظ على كرامته واستقراره. هنالك ايضا مشكلة التملك والتي تفترض من الحكومة احالة مشروع قانون جديد يسمح للفلسطينيين تملك شقة في لبنان اسوة بالرعايا العرب والاجانب.

هنالك ايضا القضايا المتعلقة بالحقوق المدنية والانسانية الاخرى وهي كلها تحتاج الى مبادرات جريئة تكرس التوجه الرسمي نحو علاقات لبنانية فلسطينية سليمة تقوم على احترام السيادة الوطنية وقرارات الدولة اللبنانية، كما على تأمين سلامة الوجود الفلسطيني في لبنان والحفاظ على حقوقه في كل المجالات، لاسيما حقه في العودة الى ارضه.

وفي مقدم هذه القضايا التي ينبغي التصدي لها تلك المتعلقة بشطب قيود الفلسطينيين في لبنان حيث تشكل هذه القضية منذ فترة قصيرة كابوسا يضغط على وحدة العائلة الفلسطينية كما على النسيج الوطني الفلسطيني.

وملخص القول هنا ان السلطات اللبنانية تشطب قيد كل فلسطيني مسجل في الدوائر الرسمية اللبنانية كلما تبين لها انه يحمل وثيقة سفر لدولة اخرى. وتقوم حجة السلطات هنا على ان هذا الفلسطيني لم يعد لاجئا ولم يعد له الحق، تاليا، الحفاظ على قيوده او استصدار اوراق ثبوتية صادرة عن السلطات اللبنانية. غير ان هذا التبرير الذي يبدو مقبولا للوهلة الاولى تسقط شرعيته فور التدقيق في ماهيته وقانونيته. ان فلسطيينين كثر في لبنان تعرضوا فيما مضى لشتى انواع العسف والظلم –مثلهم مثل اللبنانيين- مما اضطرهم مرغمين مغادرة لبنان الى بلدان اخرى طلبا للأمان والعمل. وهناك اضطروا للاستعانة بوثيقة رسمية- غالبا ما تكون مؤقتة – لتسهيل الاقامة والتنقل وخلافه. وهذه الاستعانة التي فرضتها ظروف قاهرة ليست جريمة ولا يجوز اعتبارها مسوغا قانونيا للسلطات اللبنانية لشطب قيودهم في السجلات اللبنانية.

ان هذه السجلات هي وثائق رسمية لا يجوز الانتقاص منها او تنقيصها تحت عناوين سياسية تتنافى وحقوق الانسان الاولية وفي طليعتها الحق في امتلاك وثيقة قيد، والحق في وحدة العائلة. وهذه السجلات اعتمدت اصلا لاحصاء الفلسطينيين وتثبيت هويتهم الوطنية في وجه الحملة الصهيونية المستمرة لطمس هذه الهوية واعتبار الفلسطينيين شعبا غير موجود.

وبهذا المعنى فان عمليات الشطب المتتالية تخالف قرارات الامم المتحدة وجامعة الدول العربية في الحفاظ على هوية الشعب الفلسطيني كما تتناقض مع الموقف الثابت للحكومة اللبنانية في دعم الشعب الفلسطيني ومساندته للعودة الى اراضيه وفقا لقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمها القرار 194.

في جلسة ضمت، منذ شهر، وزير الداخلية بالوكالة الدكتور احمد فتفت وبعض الشخصيات اللبنانية والفلسطينية ابدى الوزير اللبناني اعتراضه على عمليات شطب قيود الفلسطينيين المسجلين في الدوائر اللبنانية الرسمية والتي تخطت حد ثلاثين الف عملية. كانت تلك اشارة رسمية في الاتجاه الصحيح، فالمصلحة الوطنية والقومية تقضي تحويل الاعتراض الى قرار بالرجوع عن قرارات الشطب غير القانونية ومتابعة العمل لتصحيح ملف العلاقات اللبنانية- الفلسطينية.

بيروت في 6 نيسان 2006



* مقالة نشرت في جريدة "السفير" بتاريخ 7-4-2006

للعودة الى موقع : سيبقى العراق الى ألأبــــــد

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker