Monday, September 12, 2005

ملاحظات رابطة الدفاع عن حقوق الشعب العراقي على مسودة الدستورالعراقي

ملاحظات رابطة الدفاع عن حقوق الشعب العراقي
بغداد 6/9/2005

ملاحظات رابطة الدفاع عن حقوق الشعب العراقي على مسودة الدستورالعراقي الذي سيطرح للاستفتاء العام يوم 15/10 / 2005

اولا : الملاحظات العامة حول مسودة الدستور
1- لم يعرف تاريخ البشرية ان شعبا صاغ دستوره تحت حراب الإحتلال لأن المحتل في هذه الحالة سوف يعمل على ان يضمن الدستور مصالحه ويدعم مشروعه الذي احتل البلد من اجله . لذا فإن القانون الدولي القانون الدولي الإنساني اكدا على منع سلطة الإحتلال من تغيير اي من قوانين الدولة المحتلة ( اتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ) . ومن جانب اخر فإن اهم شرط في صياغة الدستور هو ان يمتلك الشعب حرية المشاركة الفاعلة في صياغته ولا شعب محتل يمكن ان يقال انه حر في تعبيره او مشاركته . وانطلاقا من هذا المبدأ رفضت القوى الوطنية العراقية مبدأ صياغة دستور في ظل الاحتلال وكذا فعلت المرجعيات الدينية الوطنية ومنها فتوى آية الله العظمى السيد احمد الحسيني البغدادي الؤرخة 23/8/2005 والتي جاء فيها : ( الدستور لا يمكن صياغته الا في ظل شعب متحرر من الهيمنة الأجنبية وفي ظل سلطة شرعية وطنية مستقلة بل يجب تأجيل كتابته الى الجمعية الوطنية القادمة بعد طرد المحتلين المشركين الكافرين ) . وتقوم القوى السياسية والدينية الوطنية العراقية حاليا بحملة لتوضيح مخاطر مسودة الدستور على وحدة العراق ومستقبله والسعي لإسقاطه في الاستفتاء العام.

2- الدستور استحقاق شعبي وليس استحقاقا انتخابيا . والمسودة الحالية اخذت بالإعتبار، اضافة الى مصالح المحتل، مصالح الأغلبية في الجمعية الوطنية الحالية وهي الأحزاب الكردية والأحزاب الموالية لإيران. وهذه الأحزاب تؤكد على هويتها الطائفية والعرقية أكثر من تأكيدها على الإنتماء الوطني . ولذا جاءت المسودة بشكل بيان سياسي يرتكز على مصالح هذه الأطراف التي تتقاطع مع مواقف القوى الوطنية والقومية العراقية. ولعل هذا ما يفسر لماذا تجاهلت المسودة الواقع الذي يعيشه العراق الآن تحت الإحتلال و جرائم الإحتلال بحق شعب العراق وما هو السبيل لإنهاء الإحتلال.
3- أنجزت مسودة الدستور خلال اقل من ثلاثة اشهر بينما الدستور الأمريكي احتاج لعشر سنوات لإنجازه . والمسودة هذه لم تكن سوى استنساخا يكاد يكون تاما لقانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية الصادر في 8/3/2004 والذي كان نصا امريكيا مترجما أقر بعائديته تلك اعضاء مجلس الحكم المنحل ذاتهم . ان استعجال الولايات المتحدة في انجاز المسودة يكشف في بعض جوانبه عن حاجة الإدارة الأمريكية الى ( انجاز ) في العراق تسوقه لشعبها وللعالم بعد ان توالت عليها الكوارث من كل مكان .
4- مسودة الدستور تمثل بالنتيجة خطوة امريكية اضافية باتجاه تأجيج الصراعات الطائفية والعرقية في العراق وعزل العراق عن محيطه العربي وخلق توازن هش داخله بانتظار انهيار هذا التوازن في اللحظة التي تراها الولايات المتحدة مناسبة . أن المسودة هي وصفة للتقسيم والحرب الأهلية ، وهذا ليس رأي الوطنيين العراقيين حسب بل عبرت عنه شحصيات دولية كثيرة بضمنها أعضاء في الكونغرس الأمريكي ومنهم السيناتور بايدن. كما ان هذه المسودة هي وصفة للحرب الإقليمية ايضا اذا ما علمنا ان مخطط تفتيت العراق فتح شهية دول مجاورة لبسط نفوذها على المحميات والكيانات الهشة التي ستتبلور ضمن سياقات التقسيم .
ثانيا : ديباجة مسودة الدستور :
خلافا لكل دساتير الأمم جاءت ديباجة مسودة الدستور بصيغة بيان سياسي يستذكر ( مواجع القمع الطائفي من قبل الطغمة المستبدة ) و ( ظلامة استباحة المدن المقدسة والجنوب في الإنتفاضة الشعبانية ) و( لظى شجن المقابر الجماعية ). وهكذا جعلت الديباجة حقد الأحزاب التي جاءت مع الإحتلال على النظام السابق كإطار للدستور بدلا من ان تتحرر من عقد الماضي ونزعة الإنتقام وتتوجه الى المستقبل بروح التكاتف الوطني والمصالحة الوطنية . ان مثل هذا المدخل لايمكن ان يخلق توافقا وطنيا خاصة وان الظلامات المثارة في الديباجة كان يجب ان تترك للقضاء العادل لكي يقول كلمته فيها بدلا من تثقيف الأجيال القادمة بثقافة الإحتراب الداخلي.
ثالثا : الفيدرالية
ذكرت المادة الأولى من مسودة الدستور ان العراق ( دولة مستقلة ذات سيادة نظام الحكم فيها جمهوري نيابي ديموقراطي فيدرالي) . وفي فقرات عديدة تالية وبالذات في الباب الخامس من المسودة حددت بعض ملامح هذه الفدرالية ومن ذلك حق كل محافظة من محافظات العراق الثمانية عشر ان تقيم لوحدها او مع محافظات اخرى اقليما فيدراليا. وتتمتع الأقاليم الفيدرالية بسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واسعة بضمن ذلك تعديل تطبيق القانون الإتحادي في الإقليم وتأسيس مكاتب لها في السفارات والبعثات الدبلوماسية العراقية. كما تختص حكومة الإقليم بكل ما تتطلبه ادارة الإقليم وبوجه خاص انشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للإقليم كالشرطة والأمن وحرس الإقليم . كما تحصل ادارة الإقليم على حصة من واردات الثروة النفطية الوطنية.
ان مشروع الفيدرالية هذا ، الذي تجاوز في الصلاحيات المعطاة للأقاليم كل فيدراليات العالم ، هو مقدمة لإنفصال الأقاليم عن الحكومة المركزية خاصة وان المسودة خلت من السند الدستوري والآليات التي تحفظ الوحدة الوطنية وتردع النزعات الإنفصالية . والأنكى من ذلك ان المسودة أعطت للأقاليم صلاحية معارضة قوانين الدولة الإتحادية خلافا للمبدأ الثابت من ان قوانين الدولة الإتحادية تجبّ وتلغي قوانين الأقاليم. ان التاريخ السياسي لنشوء الفيدراليات يشير الى أنها تمثل تطورا ايجابيا ينقل المجتمعات المتشتتة الى التوحد، أما في حالة العراق البلد الموحد منذ فجر التاريخ فقد جيء بالفيدرالية لنقله من الوحدة الى التشتت في زمن تسعى فيه الدول والشعوب الى البحث عن قواسم مشتركة للوحدة وتكوين التجمعات السياسية والاقتصادية. ان الذريعة التي يحتج بها الداعون للفيدرالية كون الحكومات المركزية السابقة حرمت بعض محافظات العراق من حقوقها لا تبرر اللجوء الى النظام الفيدرالي بل يمكن وضع ضمانات دستورية أخرى تمنع السلطة المركزية من الاستئثار بالسلطة والثروة.


رابعا : هوية العراق العربية

نصت المادة الثالثة من مسودة الدستور على ان ( العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب وهو جزء من العالم الاسلامي والشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية). وهكذا تجاوزت المسودة على عروبة العراق. العراق عربي منذ ان ظهرت العروبة وكل الغزوات الأجنبية عبر التاريخ لم تغير هويته. والدولة العراقية الحديثة التي أسست عام 1921 نصت في كل دساتيرها على ان العراق جزء من الأمة العربية. والعراق عضو مؤسس للجامعة العربية والعرب يمثلون 85% من سكان العراق وهوية العراق العربية ليست بسبب الغالبية العربية من الشعب العراقي حسب بل لأسباب حضارية وتاريخية واجتماعية راسخة . والأكراد ارتبطوا عبر التاريخ بروابط اجتماعية وثقافية وسياسية باخوانهم العرب ويشاركونهم امالهم الوطنية والقومية وصلاح الدين الأيوبي محرر القدس هو كردي وعمر علي الذي قاد جيش العراق في معارك بطولية ضد العصابات الصهيونية في فلسطين عام 1948 هو كردي . فكيف يمكن حرمان الأغلبية من انتمائها للأرض بدعوى وجود أقلية غير عربية.؟ ومن جانب اخر فان فصل عروبة الأرض عن عروبة السكان يهدف الى نزع الهوية الحضارية للأرض وعلاقتها بالشعب والتاريخ، ونشهد مثل هذه التوجهات في استخدام الصهاينة لتعبير ( عرب اسرائيل ) بهدف انكار عروبة أرض فلسطين. وهكذا تتطابق الأهداف الصهيونية مع الأهداف الشعوبية .
ان نص المادة الثالثة من مسودة الدستور ، اضافة الى عدم اعترافها بالهوية العربية للعراق، فانها تؤسس لفرضية ان العراقيين ليسوا شعبا واحدا بل شعوب متعددة ، وطالما ان الشعب مصدر السيادة فهذا يفتح الباب لأن تكون في العراق سيادات متعددة وبالنتيجة كيانات متعددة.

خامسا : علاقة الاسلام بالتشريع

نصت المادة الثانية من مسودة الدستور على ان ( الاسلام مصدر أساس للتشريع ) وبذلك خالفت ما نصت عليه الدساتير العراقية السابقة وأغلب دساتير الدول الاسلامية من ان الاسلام المصدر الأساس للتشريع. ان مساواة الاسلام بغيره من مصادر التشريع في بلد اسلامي كالعراق الذي كان مركز نشوء المدارس الفقهية في الاسلام ومركز الخلافة الاسلامية وأكثر من 95% من سكانه مسلمون ، انما يشكل استهانة بمشاعر شعب العراق المسلم وخلق خلاف في قضية لم تكن يوما خلافية . وما يثير السخرية ان أحزاب الأغلبية في الجمعية الوطنية الحالية وهي أحزاب تحمل صفة ( الاسلامية) وافقت على هذه الصياغة.

سادسا : اجتثاث البعث
نصت المادة السابعة من مسودة الدستور على ( حظر البعث الصدامي في العراق ورموزه وتحت لأي مسمى كان ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق ).من المعلوم ان قرار اجتثاث البعث كان من أوائل القرارات التي أصدرها الحاكم المدني الأمريكي للعراق السيد بريمر ، واستخدم هذا القرار منذ ذلك الوقت ذريعة لطمس عروبة العراق واستئصال الفكر القومي العربي ، وجاءت مسودة الدستور استمرارا لهذه السياسة.
ولا بد من التذكير هنا ، وبغض النظر عن تقييمنا لمبادىء ومسيرة حزب البعث ، بأن هذا الحزب حكم العراق لخمس وثلاثين سنة متتالية وأنه أبعد عن السلطة بالقوة الأمريكية المحتلة ، وكان هذا الجزب لغاية الاحتلال يضم حوالي أربعة ملايين عضو ونصير ومؤيد. الكثير من البعثيين لربما كانوا يختلفون مع سياسات قيادة الحزب لكنهم يؤمنون بالمنطلقات الوطنية والقومية. لذا ليس من العدل ان يحرموا من العمل السياسي في وقت تشير فيه المسودة الى حرية تاسيس الجمعيات والحزاب السياسية وأن لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة . ان الهدف من الدستور هو بلورة المباديء المتفق عليها بشكل عقد اجتماعي والمقاربة بين شرائح المجتمع وبسط الحرية بكل مفرداتها والتعايش والتداول السلمي للسلطة ، وليس ترسيخ العقليةالاستئصالية والعقائد الشمولية وسياسات رفض الآخر. واذا فرضنا جدلا ان حزب البعث فقد مبررات وجوده كما يقول المروجون للمسودة فلماذا يحظرنشاطه بنص في الدستور ، أما علّمنا التاريخ ان الفكر يحارب بالفكر . ان الوقائع تشير الى ان حزب البعث لا يزال موجودا على الأرض وان قرار اجتثاثه زاد من تعاطف الكثيرين معه وخلق عقبة كأداء امام أي جهد لتحقيق الوفاق الوطني.

سابعا : ملاحظات اضافية ذات علاقه:


1- نصت المادة الرابعة من مسودة الدستور على اعتبار العربية والكردية لغتان رسميتان في جميع انحاء العراق ، كما اعتبرت المسودة اللغتان التركمانية والسريانية رسميتنان في الوحدات الأدارية التي تشكلان فيهما كثافة سكانية ، وأيضا اعطت لكل اقليم أو محافظة صلاحية اعتماد أي لغة محلية كلغة رسمية اضافية اذا قررت أغلبية سكانها ذلك. ان الهدف من هذه المادة هو اضعاف أهمية ودور اللغة العربية كلغة رسمية للدولة واحلال لغات اخرى كلغات رسمية من أجل زيادة الفرقة والتمايز بين ابناء العراق . ولو كان الهدف هو احترام حق الأقليات في استخدام لغاتها المحلية لاكتفت المسودة بتأكيد ذلك الحق وليس اعتبار تلك اللغات لغات رسمية . والجدير بالذكر ان مسألة استخدام الأقليات لغاتها لم تكن يوما ما مشكلة في العراق.
2- في موضوع تعديل الدستور ( المادة 123 ) منعت المسودة اجراء أي تعديل على مواد الدستور الخاصة بصلاحيات الأقاليم الا بعد موافقة الأقليم المعني ، بينما اشترطت لتعديل مواد أخرى مرور دورتين انتخابيتين . ان هذا النص يعارض مباديء الديمقراطية ويعطي لمحافظة واحدة أو اقليما واحدا حق التمرد على قرارات مجلس النواب . ومن جانب آخر فان اشتراط مرور دورتين انتخابيتين قبل الشروع بأي تعديل لبعض المواد يعني مصادرة صلاحيات الدورتين الأنتخابيتين القادمتين.
3- نصت المادة ( 18 ) من المسودة على ان العراقي بالولادة هو( من يولد لأب عراقي أو لأم عراقية) . هذا النص يتجاوز على المبدأ الشرعي والقانوني الراسخ وهو أن يتبع الأبناء نسب آبائهم .ومن جانب آخر أجازت هذه المادة ازدواج الجنسية بدون قيود من التي اعتادت الدول وضعها مثل ان لا تكون الدولة التي يكتسب جنسيتها في حالة حرب او عداء مع دولتة الأصلية . وأجازت المسودة لمزدوج الجنسية ان يصل الى أعلى المناصب السيادية والأمنية ، فقد اكتفت بالاشتراط على من يتولى ( منصبا سيادبا أو أمنيا رفيعا ) التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبة . وأعطت المسودة لمن أسقطت عنه الجنسية سابقا ، وبدون استثناء ، أن يستردها. ان هذه التغييرات في قانون الجنسية العراقي تهدف الى اعطاء اليهود الذين هاجروا من العراق في خمسينيات القرن الماضي حق استعادة الجنسية العراقية مثلما تعطيها للأيرانيين وأكراد تركيا وبما يؤثر على النسيج الديموغرافي والأجتماعي والثقافي للعراق.
4- حرّمت الفقرة ثالثا من المادة 35 من المسودة تجارة الرقيق ، ولم يعرف العراق سابقا هذه التجارة ، ويبدو أن المشرّع الأمريكي لهذه المسودة لم يلتفت الى ان العراق ليس ولاية المسيسيبي أو لويزيانا .
5- اشترطت المادة ( 48 ) من المسودة ان لا تقل نسبة تمثيل النساء في مجلس النواب القادم عن 25% . ان تطوير مشاركة المرأة في الحياة السياسية وفي شتى مناحي الحياة مطلوب ولكن ليس بطريقة الفرض القسري الذي لا يأخذ بالأعتبار مستوى تطورالمجتمع والمفروض أن يترك الموضوع لتحدده الكفاءات والمؤهلات وليس جنس المرشح ، وعموما فان نسبة النساء في الكونغرس الأمريكي هي أقل بكثير من 20%

******************
للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــــد

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker