لم يعد ينفع الكلام: للدكتور فـؤاد الحـاج
لم يعد ينفع الكلام
د. فؤاد الحاج
خمسة عشر عاماً ونحن نناضل عبر الكلمة الحرة من أجل عزة الوطن والمواطن وسلامة الإنسان وحقوقه أينما كان..
خمسة عشر عاماً ونحن نحمل سلاح الكلمة من أجل غد أفضل للأمة وللبشرية..
خمسة عشر عاماً ونحن نناهض قوى الشر الصهيو-أمريكية والإمبريالية العالمية بالكلمة والحجة، تعرضنا خلالها للمحاكم والاضطهاد والإيقاف عن العمل والمحاربة بالواسطة وبأيد عربية اللسان..
خمسة عشر عاماً ونحن نواجه طاغوت الشر ومحوره في البيت الأبيض وباقي المحافل الدولية في أرجاء المعمورة في الوقت الذي كان فيه أنصاف المثقفين الناطقين بالعربية يتلقون تدريباتهم في على أيدي خبراء أعداء الإنسانية حيث يبرزون اليوم في الفضائيات ومعظم وسائل الإعلام الناطقة بالعربية تحت مسمى "الديمقراطية" و"الرأي والرأي الآخر" وغير ذلك من شعارات طنانة رنانة..
خمسة عشر عاماً منعنا خلالها من دخول عدد من بلاد العرب ولا زلنا ممنوعين من دخولها..
خمسة عشر عاماً قامت فيها علينا قيامة قوى الشر من لوس أنجلوس إلى واشنطن، وضعونا على لائحة ما يسمونه "معاداة السامية" وطلبوا محاكمتنا بتهمة أننا مؤيدين للعراق ولفلسطين وذلك بنظرهم يعتبر "تأييد للإرهاب"!!
خمسة عشر عاماً صمدنا فيها في مواجهة أعداء الإنسانية وفي وجه حلف الشر الصهيو-أمريكي – الأطلسي – العربي الرسمي، لم ننحاز فيها سوى لما نؤمن به من حق عربي في العراق وفي فلسطين، كما في عربستان، ولواء الإسكندرون، والجزر العربية الثلاث في الخليج العربي وكذلك باقي الأراضي المسلوبة..
خمسة عشر عاماً حوربنا فيها من قبل الناطقين بالعربية أزلام وأتباع أنظمة الذل والهوان في بلاد العرب وفي بلاد المهاجر، كما حوربنا فيها من قوى تحالف الشر الصهيو-أمريكي، فكانت تلك الحروب ضدنا أوسمة فخر وشرف لنا..
خمسة عشر عاماً ضحيت فيها من أجل استمرار (المحرر) مجاناً عبر شبكة الانترنيت وقبلها كمطبوعة صحفية أكثر من مقدور أي شخص واحد أن يتحمل بمفرده، حيث دفعت من جيبي مادياً الكثير مما كان يجب أن يصرف على أولادي وأفراد عائلتي، بعت خلالها منزلي الذي يأويني وعائلتي، واقترضت من المصارف ولا زلت حتى اليوم أدفع أقساطاً لتسديد تلك الديون، كل ذلك أعتبره رخيصاً مقابل من يضحي بنفسه وروحه في سبيل عزة الوطن والمواطن وفي سبيل غد أفضل للأمة وللبشرية..
خمسة عشر عاماً بقيت فيها كرئيس للتحرير أسهر الليالي الطوال متابعاً لكل مجريات الأوضاع في بلاد العرب من المحيط إلى الخليج إضافة لما يصلني من رسائل وبيانات وكتابات ومواد للنشر في (المحرر) مصححاً ومدققاً، ومنظماً ومهيئاً للمواد التي يجب أن تنشر. إضافة للردود على رسائل القراء والأصدقاء..
خمسة عشر عاماً كانت الشمس فيها تشرق يومياً وأنا أتابع قراءة ما يصلني من رسائل ومقالات (بمعدل 180 رسالة يومياً) من القراء والكتاب والمستفسرين أرد فيها على الجيد منها وأحاور هذا أو ذاك أو تلك، تاركاً ما تبقى لسلة المهملات وذلك ضمن مقولة (القافلة تسير والكلاب تنبح).. وأنه لا وقت عندنا للتلهي في الرد على صغار النفوس والمتشنجين أزلام العهر السياسي وأتباع أنظمة الذل والهوان من لابسي الزي العربي الحاقدين على العروبة وعلى كل وطني حر شريف..
خمسة عشر عاماً عمل في القسم الانكليزي (في المحرر) عدد من الأصدقاء غير العرب الأستراليين الذين كانوا حريصين على الحق العربي في العراق وفي فلسطين وفي مناهضة قوى الشر كأي مناضل عربي في مواجهة طاغوت الشر الصهيو-أمريكي..
خمسة عشر عاماً تحمل فيها تطوعاً الصديقان والرفيقان ابراهيم عبيد وأبو آشور الكثير من التعب والإرهاق في الترجمات للإنكليزية والفرنسية والإسبانية ما لا تتحمله مادياً كوادر من الكتاب والموظفين..
خمسة عشر عاماً نشرنا فيها الدراسات والبحوث والتحاليل المستقبلية التي تكشف مخططات قوى الشر التي يحيكونها ضد الأمة العربية وضد الإنسانية، وكنا أول من كتب وحذر من مخطط الشر المسمى "النظام العالمي الجديد" منذ بدايات عام 1990 من القرن المنصرم، كما كشفنا الكثير من الوثائق التي تدين بعض الأنظمة العربية التابعة لحلف الشر وهو ما لم تتناوله كبريات الصحف ووسائل الإعلام في بلاد العرب وغيرها..
خمسة عشر عاماً رفعنا فيها شعار (إذا سكتّ ستموت، وإذا تكلمت فستموت، إذن تكلّم ومت!.. وهذا أقل ما يمكن فعله في زمن الانحطاط والتردي الأخلاقي السياسي)، كنا خلالها صوت جريء ضد الباطل..
خمسة عشر عاماً مضت ونحن كما كنا مؤمنين بأن الجماهير هي صانعة التاريخ وأنه لا بد أن يبزغ فجراً جديداً على الأمة العربية كما على البشرية، واليوم يزداد إيماننا بأن الفجر آت لا محالة من العراق مهد الحضارات والتاريخ ومهبط الأنبياء ورجاله البواسل في المقاومة العراقية الوطنية القومية، بالتلاقي مع المقاومين الرافضين للذل والهوان في فلسطين العروبة أرض البطولات والطهر والأقداس ضد إمبراطورية الشر التي يقودها بوش الصغير وعصابته..
خمسة عشر عاماً وصل فيها عدد قراء (المحرر) لأكثر من خمس وسبعين ألف قارئ أسبوعياً من أرجاء العالم عبر شبكة الانترنيت، نوجه لهم أطيب التحيات والتقدير على مثابرتهم ومتابعتهم لما نشرناه وننشره..
اليوم وبعد خمسة عشر عاماً ماذا يمكن أن يقال سوى أننا كنا ولا زلنا على العهد والوعد باقون.. وأننا سنبقى صابرون وصامدون، لأننا عندما اخترنا طريقنا كنا نعلم أنه ليس معبد بالزهور والورود بل بالأشواك والصخور الضخمة التي يراد لتفتيتها أجيال، كي يبزغ فجر الأمة العربية مجدداً ليشرق على العالم كله، لأنه لا بد من بعد الليل أن تشرق شمس يوم جديد على العالم مهما طال ليل الظلم واليأس، لأن (المحرر) ليست نشرة مادية تسعى للربح المادي بل هي موقف وفكر ومبدأ عروبي قومي شامل من أجل غد أفضل.. كما أن (المحرر) رغم محاربتها من قوى تعتبر من الأصدقاء قبل الأعداء كانت ولا زالت تكمن أهميتها ومنذ تأسيسها في أنها فتحت الباب واسعاً أمام العديد من النشرات الإلكترونية كي تفتش وتبحث وتعيد نشر مواضيع ومقالات للكثير من الأخوة والزملاء الذين تنشر لهم (المحرر) ما يرسلونه دون مقابل سوى التزامهم بخط (المحرر) الوطني والقومي أو من خلال العلاقات الخاصة التي تربطنا بمعظمهم..
لذلك نتمنى أن تبقى المحرر مستمرة لأنها ليست ملك فرد أو مجموعة بل هي المعبر الحقيقي عن ضمير معظم أبناء الأمة العربية في كافة أماكن تواجدهم..
أما بالنسبة للسياسة أعيد تأكيد ما كنا نشرنا حوله مراراً وتكراراً قبل غزو العراق بسنوات عديدة محذرين من العدوان على العراق ودور الطالباني والبرزاني في ذلك ومن يراجع ما نشرناه في عدد من الصحف العربية وفي (المحرر) من خلال عملية بحث عبر شبكة الانترنيت يجد حقيقة ما نقوله منذ عام 1992 وحتى اليوم، ومدى تأثير تلك المخططات على كل البلاد العربية حيث سيتم تمزيق سوريا ومصر وبلاد نجد والحجاز ولبنان وأي بلد عربي آخر تتعدد فيه المذاهب والطوائف تحقيقاً لمخطط أعداء العروبة من أجل تسهيل سيطرة قوى الشر وأعداء الإنسانية على كل البلاد العربية بعد تقسيمها وتفتيتها على أسس طائفية ومذهبية، بعد أن نجحوا في تقسيم أبناء الأمة وجعلوهم طوائفاً متناحرة دينياً ومذهبياً وسياسياً.. تماماً كما كانوا يأملون في قيام كانتونات طائفية في لبنان خلال فترة الحرب المؤامرة التي استمرت لمدة تزيد عن الـ(16) عاماً منذ نيسان/أبريل 1975 حتى عام 1990 التي ساهم فيها إضافة للاعبين الكبار وفي مقدمتهم الإدارات الأمريكية المتعاقبة والصهيونية العالمية كذلك بعض كي لا أقول جميع الأنظمة العربية وفي مقدمتهم أمراء وحكام بلاد نجد والحجاز والخليج العربي وحاكم مصر وغيرهم من الحكام التبع المعروفين للقاصي والداني ولكل متابع لمجريات الأوضاع في بلاد العرب من المحيط إلى الخليج.. كذلك ساهمت بعض القوى اللبنانية المحلية المعروفة بانتمائها الطائفي ومعها أجهزة استخبارات عربية معروفة في تدمير لبنان..
لذلك أقول أنه لم يعد ينفع الكلام إذا لم ترتقي التنظيمات والأحزاب وكافة المؤسسات والجمعيات والشخصيات الفكرية الوطنية والقومية إلى مستوى طموح الجماهير وتحقيق تطلعاتها والأهم هو الانتقال من مرحلة بيانات الإدانة والاستنكار إلى مرحلة التحرك العملي والفعلي على الأرض من تغيير أنظمة الذل والعار مع التخطيط الفعلي المدروس سياسياً واقتصادياً وتكريس سياسة الاقتصاد الوطني من أجل إلغاء كافة معاهدات واتفاقيات الذل مع صندوق النقد والبنك الدوليين وما ترتب على تلك الاتفاقيات، إضافة لإلغاء ما يسمى بـ"اتفاقيات الدفاع المشترك" التي وقعتها بعض أنظمة العار في الخليج العربي وفي الشمال الإفريقي والمغرب العربي مع ربيبة قوى الشر في العالم الإدارة الصهيو-أمريكية في واشنطن، وحتى لو أدى ذلك إلى حرب وفوضى شاملة كما تفعل ثوى الشر الصهيو-أمريكية اليوم ضمن مخطط ما يسمونه "الفوضى الخلاقة" لأن المواطن العربي من المحيط إلى الخليج بات على ثقة بأنه ليس بعد الذل سوى الذل مما جعل الأغلبية من أبناء الأمة تكفر بكل أنظمة الهوان والتبعية الناطقة بالعربية من المحيط إلى الخليج، كما كفر بكل الشعارات التي طرحتها الأحزاب والتنظيمات على امتداد ساحة الوطن العربي الكبير منذ خمسينات القرن المنصرم، التي أصبحت نكات وكلمات تردد في المسرحيات والتمثيليات تضحك الجماهير وتبكيها في آن معاً..
وهنا أكرر ما طرحته سابقاً من أنه لا بد من التركيز على التعاون مع الخيرين والشرفاء في الجيوش العربية وما أكثرهم من أجل المساهمة في تحقيق الانقلاب على أنظمة العهر الناطقة بالعربية.. وما بعد ذلك سيلي تباعاً من تغيير هيكلة وأسس جامعة الذل العربية وصولاً إلى إعادة هيكلة المؤسسات العربية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية والقومية من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي بكل المجالات عندها يتعامل العرب مع كافة الدول والأقطاب في العالم بسياسة الند للند وبلغة المصالح المشركة من أجل مستقبل أفضل للبشرية جمعاء..
وهنا أيضاً يأتي دور المثقف العربي الوطني والقومي في إعادة زرع بزور الحياة وتغيير المناهج التعليمية بما يعيد للناشئة من الجيل الجديد من أبناء الأمة تكريس القيم الاجتماعية الحميدة وإعادة تدريس دور العرب الحضاري عبر التاريخ وما قدمه السلف الصالح في كافة المجالات العلمية والطبية والأدبية والصناعية وغير ذلك مما غرف الغرب منه واستفاد بكافة المجالات، هذا الغرب الذي ينكر كل إسهام عربي عبر التاريخ في بناء حضارة البشرية إلا ما ندر من بعض الكتّاب المستشرقين، لذلك أقول أنه يقع على المثقف العربي الوطني والقومي دور هام وكبير في إعادة بث روح العروبة مجدداً من أجل إعادة تطوير تلك المجالات العلمية والاستفادة منها في التطور العلمي الحديث ابتداء من المدارس وصولاً إلى الجامعات، وخلق مؤسسات علمية لتطوير الاكتشافات العربية القديمة التي أخذ بها الغرب عموماً، وكي لا أطيل لأن هذا شرحه يطول وقد كتبنا فيه وحوله العديد من الدراسات والمقالات كما نشر عدد كبير من المهتمين بالشأن العربي القومي مئات الكتب حول أثر العرب في الحضارة الأوروبية وأثرها في الترقي العالمي، أكرر شكري وتقديري لكل من ساهم في استمرار (المحرر) طيلة خمسة عشر عاماً، كتّاباً وقراءاً، إضافة إلى المزيد من الشكر والتقدير لكل الإخوة الأعزاء ورفاق الدرب الطويل في هيئة التحرير وأخص بالذكر منهم ابراهيم عبيد وأبو أشور الذين قاما بما لا يمكن لكادر من المترجمين القيام به إضافة للتضحيات الجسام وما أكثرها ولا مجال هنا لتعدادها، أكرر شكري لهما على تعاونهما..
وقبل الختام أود أن أكرر وأؤكد بأن سبب كل ما يجري في البلاد العربية من تهاون في مواجهة قوى الشر ليست أنظمة الذل والهوان وحدها لأنها مواقفها ومنابتها ومراجعها وخلفياتها وارتباطاتها معروفة بعد أن سقطت ورقة التوت التي كانت تستر عوراتهم انكشفت للعلن وبالكامل منذ بدء غزو العراق في آذار/مارس 2003، بل أن الأحزاب والتنظيمات والنقابات العمالية والمهنية وكتّاب "الديمقراطية" أو ما نسميهم "كتّاب المارينز" لهم دور أساسي في هذا الشأن، وذلك لسبب واضح وبسيط جداً وهو أن كل هؤلاء مع التقدير لبعض العناصر القيادية في تلك الأحزاب والتنظيمات، لأن القيادات هي المقصودة في هذا الموضوع وليس الفكر أو العقيدة لتلك الأحزاب والتنظيمات، كما أنه ليس المقصود أيضاً المنتمين لتلك الأحزاب والتنظيمات، لأنهم أي تلك القيادات لا يوجد لديهم بُعد نظر سياسي أو أنهم لا يعرفون قراءة الواقع والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا قدرة لديهم على تحليل ما يصدر عن قوى الشر الصهيو-أمريكية في العالم التي نجحت باختراق كافة الأنظمة الرسمية الناطقة بالعربية، كما نجحت في اختراق الشبيبة العربية ثقافياً وفنياً وقيمياً عبر فضائيات "الرأي والرأي الآخر" و"ل بي سي" و"أي آر تي"، قبل أن تنتشر باقي الفضائيات المعروفة ببث السموم تحت غطاء "الحرية والديمقراطية".. والخطير في هذا الصدد أن تلك الأحزاب والتنظيمات رضيت أن تكون قطرية عملياً على قاعدة "غزة أولاً" و"أريحا وبس" على الرغم من أنها تنادي بالقومية، وفي الوقت نفسه رضيت بالتخلي عن استعمال مصطلحات مثل (الصراع العربي – الصهيوني) وقبلت بالاعتراف بوجود المحتل الغاصب لأرض فلسطين العربية وذلك باستعمال كلمة (اسرائيل) حتى بدون بين قوسين أو بين هلالين!! ورددت الكثير من المصطلحات التي تريدها قوى الشر العالمية وهكذا..
وأختم منوهاً لمن لا يعرف عن (المحرر) تاريخها وتطورها وللمرة الأخيرة أنشر الموجز التالي عنها:
ابتدأت المحرر مطبوعة يومية في بداية عام 1992 ثم تحولت إلى أسبوعية حتى شهر نيسان/إبريل عام 1994، حيث توقفت (المحرر) كمطبوع وبدأت كأول صحيفة باللغتين العربية والإنكليزية تحت اسم (المحرر الأسترالي) حيث عبرت شبكة الانترنيت للعالم كصور للمواضيع والمقالات لمواد القسم العربي، أما القسم الإنكليزي كان ولا يزال نصاً، وفي عام 1998 بدأ القسم العربي يصدر بالعربية كنص بدلاً من التصوير.
ومنذ منتصف عام 1995 تعرضت (المحرر) للعديد من الهجمات من قبل أعداء الإنسانية وإلى المحاكم التي لم تنته حتى الآن، وذلك بسبب مواقفها المؤيدة للحق العربي في العراق وفي فلسطين وفي كافة الأراضي العربية المحتلة في عربستان وفي لواء الإسكندرون المنسي وفي الجزر العربية الثلاث في الخليج العربي وغيرهم من الأراضي العربية المحتلة.
المصــدر: المحــرر
للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــــــــــــــــد
0 Comments:
Post a Comment
<< Home