Monday, August 28, 2006

إحباط حرب المربعات الصغيرة في لبنان!

إحباط حرب المربعات الصغيرة في لبنان!
بقلم: نصر شمالي

أثناء التمهيد للحرب ضدّ لبنان، استمات الأميركيون والإسرائيليون من أجل تحقيق الإنفراد تماماً بالمقاومة، ليس عسكرياً فحسب بل نفسياً
وسياسياً أيضاً، فأشاعوا أنهم يتصدون لفصيل غير لبناني، وأمعنوا في محاولة التعبئة الطائفية، ثم شنوا الحرب على أساس أنها ضدّ فئة محددة من المجتمع اللبناني ومناطق محدّدة من لبنان، وقد حدث ذلك كله في نطاق إستراتيجيتهم القائمة على لعبة المربعات، فهم يعملون على تقسيم البلد الواحد المستهدف إلى مربعات طائفية أو إثنية، وينفردون بكل مربع على حدة، حتى القضاء عليه بمساعدة أشقائه أحياناً، ثم يتحولون إلى مربع آخر، وهكذا! لقد فعلوا ذلك في يوغسلافيا فحققوا نجاحات هائلة، وهم يواصلون محاولاتهم للتكرار في أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال، غير أنهم لم يحققوا حتى الآن نجاحاً يستحق الذكر في أي من هذه البلدان، ليس هذا فحسب، بل إن التجربة اللبنانية الأخيرة جعلت السحر ينقلب على الساحر لصالح لبنان والعرب والمسلمين عموماً، فقد سجلت انتصارات المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله بدايات نهاية حرب المربعات الصغيرة الأميركية الإسرائيلية، وتجلى ذلك في وحدة العرب والمسلمين نفسياً وفكرياً، ومعنوياً وسياسياً، الأمر الذي يعني بداية انحدار وانهيار إستراتيجيتهم التي طالما ضمنت لهم النجاح.

* * *
إن الإستراتيجية الأميركية القائمة على الاستخفاف بالأمم، واستغفالها واحتقارها وتدميرها، والتي حققت نجاحات كبرى منذ الحرب العالمية الثانية، تبدو اليوم وقد دخلت مرحلة التهتك والاضمحلال، خاصة في البلاد العربية المقاومة، وهذا أمر طبيعي بالنسبة لإستراتيجية تنهض على الباطل والظلم، وليس من شك في أن اليهود الصهاينة سوف يكونون أول من يدفع الثمن عبر تهتك هذه الإستراتيجية واضمحلالها واندحارها، ليس في فلسطين فحسب بل في جميع أنحاء العالم، ولعل العرب والمسلمين سوف يكونون أقل تشدّداً وأكثر رحمة من غيرهم في محاسبة اليهود الصهاينة على جرائمهم الوحشية المروّعة، فقد اندفع اليهود الصهاينة بعيداً جداً في تنفيذ الإستراتيجية الأميركية القائمة على لعبة المربعات، وفقدوا حذرهم، كما هي عادتهم عبر التاريخ، فصدّقوا أن بإمكانهم الإنفراد بقطاع غزة، والضفة الغربية، وجنوب لبنان، والأنبار ودارفور، وإبادة كل منها على حدة، ثم التحوّل إلى غيرها، وهكذا إلى ما لا نهاية! وفي تفسير استعدادهم لفقدان الحذر ننقل عن ناحوم غولدمان، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي الأسبق، قوله:" إن اليهود يحبوّن أن يحكى عنهم. إنهم نوابغ في موضوع العلاقات العامة. فهم يسيطرون على الصحف في أميركا، وعلى سلسلة محطات التلفزة. إن اليهود يشكلون شعباً ليس التواضع من صفاته الأساسية، وإنما الغطرسة. خذوا "إسرائيل" مثلاً. إنها بلد صغير. وقد قال لي أحد كبار رجال دولة أوروبية: أي شيطان مغرور يركب الإسرائيليين؟ هل يعتقدون حقاً أنهم أكثر أهمية من الصين والهند مجتمعتين؟ (غولدمان – مقابلة مع مجلة جون أفريك الفرنسية- 29/10/1980).

* * *
لقد أغفل غولدمان الإشارة إلى أن الكيان الصهيوني ليس سوى قاعدة أميركية، ليس سوى حاملة طائرات برية أميركية، وقد أضاف
قائلاً:" اليهود اعتبروا أنفسهم خارج التاريخ، وهذا ما سمح لهم بإعارة القليل من الانتباه لما يراه البعض فيهم، فهم ينظرون إلى الغوييم (الشعوب الأخرى) باعتبارهم كائنات أدنى، وأنا لست متأكداً من أن "إسرائيل" تستطيع البقاء فيما لو أصبحت دولة عادية مثل الدول الأخرى"! وقد اقترح غولدمان أن تصبح "إسرائيل" مركزاً روحياً لا يقحم نفسه في السياسة، ويقوم العالم والعرب ضمناً بضمان وجودها، أو أنها ستكون لا شيء! قال غولدمان أنه لو لم يكن متقدماً في السن لقاتل من أجل تحقيق هدف حياد "إسرائيل"! فإذا لم يكن هذا ممكناً فإن غولدمان يعتقد أن "إسرائيل" سوف لن تبقى! قال غولدمان:" إذا ما استمرت "إسرائيل" في اندفاعها فلا أظن أنها سوف تبقى، لأن العرب سيدمرونها ذات يوم"!

* * *

لقد أوشكت لعبة حرب المربعات الصغيرة على نهايتها، وأوشكت نبؤات غولدمان (عام 1980) على التبلور، في فلسطين ولبنان والعراق، وتجدر الإشارة إلى أن غولدمان تحدث في تلك المقابلة عن لقاء تمّ بينه وبين الرئيس أنور السادات، فذكر أن السادات قال له:" قبل زيارتي للقدس نويت دعوتك لأخذ رأيك، لكنني لم أفعل، ولكن لو فعلت فبماذا كنت ستنصحني؟" يقول غولدمان أنه أجاب السادات: كنت سأقول لك إذهب، ولكن لا تتوقع أية نتيجة! ثم يضيف: من تحصيل الحاصل أن السادات لم يحرز شيئاً، ولذا هو في وضع حرج، ويوشك أن لا يستمر طويلاً!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker