البنوك العالمية تختار اليورو في احتياطها بديلاً للدولار
خوفاً من انكفاء امريكا وتدهور عملتها ونفوذها
البنوك العالمية تختار اليورو في احتياطها بديلاً للدولار
بدأت البنوك المركزية في العالم التخلص من الدولار لمصلحة اليورو في محاولة للتخفيف من الخسائر بسبب انخفاض قيمة العملة الاميركية·
واظهر استطلاع لمؤسسة "مانجمانت تراند" ان اكثر من ثلثي البنوك المركزية خفضت انكشافها للدولار·
وبحسب هذا الاستطلاع الذي قامت به المؤسسة في 2005، فإن 65 في المئة من البنوك المركزية التي تشرف على اكثر من ترليوني دولار، بدأت ترى ان الدولار اصبح عملة لا يمكن الاعتماد عليها في احتياطها·
واخيراً واصل اليورو ارتفاعه في مقابل الدولار ليصل الى 1.32· وانخفض الدولار اكثر من 14 في المئة في مقابل اليورو خلال العام الماضي و50 في المئة في السنوات الخمس الماضية، ويعود سبب انخفاضه الى القلق على العجز في التبادل التجاري بين امريكا وبقية دول العالم·
وكان حجم العجز الاميركي في الميزان التجاري تخطى 586 بليون دولار للاشهر التسعة الاولى من هذا العام، ويتوقع ان يتخطى 716 بليون دولار في نهاية السنة· والجزء الاكبر من هذا العجز سببه التبادل التجاري مع الصين·
ويأتي ايضاً انخفاض سعر الدولار بسبب الاستفتاء الذي قامت به الدوائر الاقتصادية الالمانية التي اظهرت ان نسبة الثقة في الاقتصاد الاوروبي ارتفعت في شكل بلغ أعلى نسبة منذ 15 سنة·
ويأتي هذا الارتفاع في اليورو، اذ يشعر الاميركيون والحكومة الاميركية انهم يمتلكون افضل الخيارات في التبادل الدولي المالي، بحيث يستدينون بترليونات الدولارات من الخارج لشراء حاجاتهم وبناء بيوتهم وخوض حروبهم، حيث ان كلفة الدين من الخارج لا تتعدى 5 في المئة، بينما عائدات الاستثمارات الخارجية تفوق 20 في المئة· وقد وصل حجم الدين الخارجي الى 6.13 ترليون دولار، اي 119 الف دولار للبيت الواحد·
وتأتي السياسة الاميركية من خلال ضغوطها الجيوستراتيجية، والتفجير النووي الكوري، والحرب على العراق، والتوتر في الملف النووي الايراني، واخطار استمرار تدفق النفط من الشرق الاوسط، والغاز الطبيعي من روسيا، والحديث عن بيع هذه المشتقات الطبيعية باليورو - بحسب ما أعلنت ايران - ليشكل ذلك ضغوطاً اقتصادية اضافية على الثقة بقدرة الولايات المتحدة لمواجهة كل التحديات والمستحقات، في مقابل قوى الاحلاف الاقليمية الجديدة التي تواجه النفوذ الاميركي، والتي قد تؤدي في العقود المقبلة الى حصر النفوذ العسكري والسياسي والاقتصادي، ودفع الولايات المتحدة الى الانكفاء والرجوع الى الداخل·
فهل يصمد الدولار كعملة احتياط وكعملة تستخدم في التبادل التجاري ؟
من يقرأ التاريخ، يلاحظ ان في القرن التاسع عشر كان التبادل التجاري بنسبة 60 - 90 في المئة بالجنيه الاسترليني، وكانت بريطانيا العظمى الدولة الاولى قبل ان يتحول الدولار الى العملة الأساسية في الاقتصاد العالمي·
تشير معلومات الاسابيع الماضية الى احتمال انضمام بقية الاعضاء الاوروبيين الى الكتلة النقدية الاوروبية الموحدة في عام 2020، اضافة الى بريطانيا، ليصبح اليورو العملة الاساسية في العالم·
ويتوقع ايضاً ان تكون الصين وقوتها الاقتصادية الدولة المصدرة الاولى عام 2010، والدولة الاقتصادية الاولى عام 2020·
من ثم فإن كل الدلائل تشير الى ان الدولار ربما لن يكون العملة الأوفر حظاً في السنوات العشرين المقبلة·
وبما ان هناك مخاوف من ان النمو الاقتصادي الحقيقي في اوروبا أقل مما هو منه في الولايات المتحدة بسبب انخفاض النمو السكاني، فإن الاوروبيين سيعالجون هذا الخلل بفتح باب الهجرة امام الأدمغة والايدي العاملة من اوروبا الشرقية وبقية العالم كما تفعل الولايات المتحدة الآن·
وفي المدى القصير، ترحب الادارة الاميركية في شكل معلن بانخفاض الدولار التدريجي كبداية لمعالجة حجم العجز في التبادل التجاري، اذ ان ضعف قيمة الدولار يؤدي الى جعل البضائع الاميركية اكثر تنافسية مع البضائع الاوروبية والآسيوية·
وأياً كانت الدلائل الداخلية او الخارجية، فإن الدولار سيتعرض لضغوط كبيرة، وان المصارف العالمية تتجه الى تفادي اخطاره، ومعروف ان الدولة القوية تتمثل بعملة قوية· فهل سيؤثر ضعف الدولار على النفوذ الاميركي في العالم ؟
المصدر: صحيفة المجــد
0 Comments:
Post a Comment
<< Home