Saturday, December 16, 2006

الجزأ الخامس

سقوط اسطورة الهولوكوست الكردي !!

كتبت البحث الكاتبة والشاعرة بثينة الناصري

الطعن في شهادات الخبراء

1- من حق الخصم ان يجادل في كل شيء قدمه الخبير ويدقق في كل كلمة اضافة الى التأكد من مؤهلاته ودقة رأيه وكشف ضعف الخبير يؤثر على وزنه ومصداقيته.
هل حدث هذا في محكمة الاحتلال ؟ هل ناقشت المحكمة او محامي الدفاع خبرة أي خبير ؟ بل ان الخبير الاول كلايد سنو حين كان يشرح من نفسه خبراته وتخصصه استوقفه قاضي الاحتلال "العريبي" وطالبه ان يترك هذا ويدخل في شهادته . كما انه حين اراد احد محامي الدفاع ان يسأل الطبيب اسفنديار شكري عن مجال تخصصه ، قال له القاضي " أي واحد يقدم نفسه حين يسأل عن مهنته : طبيب – استاذ جامعة الخ دون تفصيل " مما ادى ان اسفنديار قدم شهادته "في اعراض الاصابة بغاز الخردل" دون ان نعرف اختصاصه ! بل عرضيا حين الاجابة فيما بعد عن سؤال عرفنا ان كل خبرته بهذا النوع من الاصابة هي الصور . أي اني استطيع ان ابحث في الانترنيت عن خصائص مرض من الامراض ثم اذهب الى المحاكم اقدم خبراتي في ذلك المرض ! بل ان المدعي العام والمحامون الاكراد طلبوا من المحكمة الا تسمح لمحامي الدفاع او الاسرى بمناقشة الخبراء لأن شهاداتهم فوق الطعن والمناقشة.
ولتوضيح ضرورة مناقشة الخبراء سأقدم لكم مثالا حدث في امريكا وفي الكونغرس بالتحديد وللمصادفة الجميلة كان الخبير نفسه د. كلايد سنو . انظروا كيف يعتصرونه بالاسئلة عن مجال خبرته . (17)

في ايلول 1979 اقام مجلس النواب الامريكي لجنة مختارة حول حادثتي اغتيال كندي ومارتن لوثر كنج حسب قرار المجلس رقم 1540 في الكونغرس الرابع والتسعين . وقد فوض القرار اقامة لجنة من 12 عضو مختارين للقيام بالتحقيق الكامل حول الظروف التي احاطت بموت كل من الرئيس جون كندي والدكتور مارتن لوثر كنج .
شهادة الدكتور كلايد كولينز سنو رئيس قسم ابحاث الانثروبولوجي الفيزيقي في معهد الطيران المدني ، ادارة الطيران الفدرالي مركز الملاحة الجوية – مدينة اوكلوهوما ، وكانت شهادته منصبة على استخدام خبرته في دراسة صورتين واحدة لقاتل كندي والاخر شبيه له.

السيد جنزمان : دكتور سنو ، هل يمكن ان تذكر اسمك كاملا والمهنة

د.سنو – كلايد كولنز سنو وانا خبيرطب عدلي انثروبولوجي

السيد جنزمان – هل يمكن ان تذكر باختصار الغرض من شهادتك اليوم ؟

د. سنو – نعم انا هنا كمتحدث عن خبراء الانثروبولوجي امام اللجنة من اجل معالجة بعض قضايا التعرف بواسطة الصور لشخصيات مختلفة اشتركت في اغتيال كندي

السيد جنزمان – د. سنو هل يمكن تعريف الطب العدلي الانثروبولوجي

سنو – انه فرع من الانثروبولوجي الفيزيائي وفيه نحاول تطبيق معلومات المتغيرات البيولوجية الانسانية مثل العمر والجنس والقامة والفروق الجسدية على مشاكل الطب القانوني

جنزمان – كم خبير بالطب العدلي الانثروبولوجي يوجد في الولايات المتحدة ؟

سنو – حوالي 30

(لو كان محامي الدفاع العراقي سأل سنو هذا السؤال لقال قاضي الاحتلال "غير منتج. هذا سؤال ليس في صميم الموضوع" ولكن القاضي كان يريد ان يتثبت من ان خبرة سنو ليست طارئة او شخصية وانما قائمة على علم يشاركه فيه آخرون)

جنزمان – هل كل من اعضاء لجنتكم خبراء في هذا العلم ؟ (كان سنو ممثلا للجنة من الخبراء)

سنو – نعم ياسيدي كلهم .

جنزمان – هل يمكنك ان تقدر سنوات الخبرة المشتركة لكل الاعضاء الثلاثة ؟.

سنو- استطيع القول انها بين 40 و 50 سنة

(للاختصار سوف اذكر الاسئلة فقط كمؤشر على طريقة التأكد من الخبرة )

جنزمان – هل يمكن ان تصف انواع الدراسات التي يقوم بها الاطباء العدليون الانثروبولوجيون ؟

- ماهونوع الاستنتاجات التي تتوصل لها من فحص بقايا الهياكل البشرية ؟

- ماهي الطريقة التي تستخدمها اللجنة في دراستها لموضوعنا ؟

- ماهي نسبة دقة هذه الاستنتاجات ؟

(الجواب على لسان سنو : انها تختلف حسب نوع المادة التي نتعامل بها ووضوحها .الصور في هذه الحالة احيانا نأتي بنتيجة مضبوطة واحيانا نستخدم كلمات مثل محتمل وممكن ) مع انه في محكمة الاحتلال قال ان استنتاجاته قطعية لا تناقش.

- ماذا اذا اعطيتم صور توأمين متطابقين ؟ هل يمكن التفريق بينهما حسب طريقتكم ؟

د. سنو :اشك في ذلك . هناك فروق بالطبع حتى في التوائم المتطابقة ولكن هل وصلت طرقنا من الدقة بحيث تكتشف الفروقات ؟. اشك في ذلك .

- الان اطلب منك ان تستعرض الصور ..و يعرضون عليه الصور ويسألونه ان يشرح كل واحدة ويسأله اعضاء اللجنة واحدا بعد الاخر حول هذا النقطة وتلك بشكل مطول وتفصيلي من اجل التيقن من استنتاجاته .

2- يجب ان يدقق الخصم في اية حقائق او افتراضات كانت مفتاح رأي الخبير ويمكنه الطعن بالشهادة باظهار ان استنتاجاته كانت ستكون مختلفة اذا افترض حقائق اخرى او اذا تغيرت بعض الحقائق المفترضة . وقد تستبعد المحكمة الشهادة .

3- اول هدف للخصم هو مناقشة الخبير قبل ان يدلي بشهادته من اجل بيان اهليته وخبرته وتجربته وتعليمه من اجل الطعن بها .

4- كما يهم الخصم ان يعرف اذا كانت الوقائع او البيانات التي استند عليها في استنتاجاته ذات مصداقية : من اعطاه المعلومات ؟ هل التقى بالمصادر ام نقلت اليه سماعا ؟ وما مدى مصداقية المصادر وقوة ذاكرتهم في تذكر الاحداث وهل قارن بين اقوالهم ليتثبت من عدم تناقضهم ؟

5- يمكن ان يبني الخبير رأيه على وقائع شهد عليها شهود اخرون بالمحكمة. وبضمنها وثائق ومعروضات وبيانات . يمكن ان يبني رأيه على مجموعة افتراضات ولكن هل كانت كافية ؟ هل تخطى افتراضات اخرى ؟ هل كانت النتيجة النهائية ستختلف لو اختلفت الافتراضات ؟

مثلا في حالة الدكتور اسفنديار شكري الذي كشف على اللاجئين الاكراد في تركيا وقال انه كشف على طفلة واكتشف ان لديها ضيق نفس وطبقا لروايتها حدث لها هذا بعد الاصابة بسلاح كيميائي.

كان يمكن للمحامين سؤاله مجموعة الاسئلة هذه وسنفترض اجابته عليها:

س - في اعطاء رأيك بأن الحادثة تسببت بضيق النفس . هل تفترض ان ضيق النفس لم يكن موجودا قبل الحادثة؟

ج- نعم لان المشتكية شهدت بانها لم تتعرض لذلك قبل الحادثة

س - هل من المحتمل ان تكون المشتكية تحمل هذا العارض منذ ولادتها ولم تكن عارفة به ؟

ج- محتمل

س - هل طابقت الفحوصات بفحوصات سابقة؟

- كلا لأن المريضة لم تفحص سابقا

- هل من الممكن ان يبين فحص سابق ان لديها العارض ؟

- لا نعرف . يمكن

- اذا كانت المشتكية تعتقد مخطئة انها لم يكن لديها العارض سابقا ، فإن رأيك المبني على كلامها قد يكون خاطئا ؟

- نعم .

(هكذا تسقط شهادته لأنه بناها على افتراض خاطيء.)

ونفس الشيء بالنسبة لبقية الخبراء .. دعونا نوجه اسئلة افتراضية لكل واحد منهم :

3 اسئلة للدكتور كلايد سنو حول ثلاثة قبور فتحها :

1- قبر قرية كوريمي : لو لم تسمع روايات الاهالي .. أليس وضع القتلى وكونهم كانوا مطلقي السراح وغير مقيدين والرصاصات في مناطق مختلفة من اجسامهم وخاصة في الخاصرة والسيقان وهرب 6 منهم وتحرك فرقة الاعدام المفترضة حولهم والمقبرة لم تحفر ولم تهيئا وحتى الجثث لم تدفن .. الا يمكن ان يحدث ذلك اثر معركة بين جهتين متحاربتين ؟ وليس بين فرقة اعدام واسرى ؟

2- قبر قرية برجيني اثر ضربة كيميائية : بما ان القبر ذاته وملابس الجثتين لم تكشفا عن اثر لغاز كيميائي ، ولو لم تسمع رأي الاهالي ، اليس من الممكن ان تكون الوفاة لأي سبب آخر ؟ ربما اصابتهما بطلقتين عاديتين في تراشق نيران قربهما واستقرت الطلقتان في اعضاء حيوية مثل القلب وسببت الوفاة ولهذا لم تظهر على العظم ؟ هل هناك أي احتمال في هذا ؟ أليس هناك احتمال حتى لو كان ضعيفا ان يكون الطفل قد مات لأي سبب وعلى اثره اصيب الجد المسن بنوبة قلبية حزنا على حفيده فقضى هو الاخر؟

3- قبر معسكر بحركة : أليس هناك ادوية (مثل الادوية المضادة للحساسية والربو) اذا اخذت لمدة طويلة تتسبب في تقلص العظام لدى الاطفال ؟ أليس هناك امراضا اخرى قد تتسبب في تقلص العظام الى جانب سوء التغذية ؟ هناك في الواقع قائمة من الامراض قد تصيب عظام الطفل ، والعظام تتأثر بسوء التغذية اذا نقص في غذائه الكالسيوم وفيتامين د . وكانت في الشهر السابع من العمر أي رضيعة ، ولكن الخبير قال ان اخاها الذي دفنها قال ان الحليب جف في صدر أمها ، اذن هل نفترض ان كل الاطفال الذين تقول انهم ماتوا قد جف لبن امهاتهم ؟ وما نسبة احتمال هذه المصادفة ؟

سؤال لخبير الاسلحة دوجلاس سكوت
قلت انه حسب فحصك لفوارغ الرصاص والمقذوفات التي لم تطلق استنتجت ان الاسلحة كانت كلاشينكوف . هذا نوع السلاح ولكن ماذا عن مستخدم السلاح ؟ هل هناك مايمكن ان تستدل (بدون شهادات الشهود ) على انه الجيش العراقي ؟ و اذا علمت ان البيشمركة كانوا يستخدمون نفس السلاح واكثر من شاهد ينتمي الى البيشمركة قال امام المحكمة انهم كانوا يحصلون على سلاحهم بالاستيلاء على اسلحة الجيش العراقي كغنائم من المعارك معه . بعد ان علمت هذه الحقيقة هل مازلت على رأيك بأن الجيش العراقي هو الذي قتل المدفونين في قبر قرية كوريمي ؟ لقد حددت السلاح ولكن لم تحدد بيد من كان السلاح !!

سؤال لخبير الجيش الامريكي مايكل تريمبل :
تقول انك ركزت على الجثث التي اصيبت بالرصاص فقط وتركت التي لم يكن الرصاص ظاهرا عليها . هل معنى هذا ان تحتسب لاغراض التقرير العلمية هذه الجثث فقط والبقية تسقط من الحساب ؟ وفي نفس المضمون .. هل يحتمل نظريا ان تكون الجثث غير المصابة اصابة ظاهرية على العظام قد ماتت ميتة طبيعية ؟ وهل من الممكن لو كنت فحصت كل الهياكل ان تأتي بنتائج تختلف؟

لقد قلت في شهادتك
j تjd jjتقول ان عدد المقابر التي تم تحديد اماكنها 17 ولكنكم لم تنبشوا سوى 4 فإلى أي مدى تستطيع ان تقول بخبرتك العلمية ان هذه القبور الاربعة هي ممثلة أي مطابقة في اعداد الجثث وطريقة القتل لبقية القبور في العراق؟ قلت ان القبور اختيرت في تضاريس معينة وبعيدة عن الشارع العام او عن اية مدينة ، فهل كانت القبور كلها التي تم العثور عليها بهذه الصفة ؟ ام انك اخترت الاربعة لأن هذه صفتها ؟ قلت ان الهويات وجدت في طي الملابس النسائية ولهذا احتفظت بحالتها .. فماذا عن الهويات التي وجدت مع الرجال؟ هل كانت كل الهويات مغلفة بالبلاستيك ؟ والى أي مدى في خبرتك العلمية يمكن للبلاستيك ان يحتفظ بحالته في قبر مع السوائل والغازات التي ستتسرب من الجثة والتفاعلات الكيمائية التي تحدث وكذلك عوامل الرطوبة والتراب ؟ وهل يمكن للقماش ان يحمي البلاستيك ؟
العبرة في الاسئلة هي ان استنتاجاتهم كان يمكن ان تختلف لو انهم لم يستمعوا الى تقارير اعلامية مغرضة وروايات شهود جهزهم لهم الحزبان الكرديان ويعتمدوا عليها مسبقا في تحديد اكتشافاتهم (هذا بافتراض حسن النية وعلميتهم المحايدة)

واذا تذكرنا ان شهادات الشهود الذين استمعنا جميعا اليهم في المحكمة كانت من التناقض واللامعقولية مما يجعل كل واحدة منها تبطل الاخرى ولو كانت المحكمة فعلا عادلة وتبحث عن الحقيقة لا عن ادانة بأي شكل لاسقطت كل تلك الشهادات ، فكيف يستند الخبراء على شهادات متناقضة وباطلة من اجل الوصول الى استنتاجاتهم ؟

بطاقات الهوية
وهذا يجرنا الى قضية هويات الاحوال المدنية التي وجدت بقدرة قادر مع الجثث وأعلن عنها فجأة في حزيران 2006، واستقدمت السفارة الامريكية متمثلة بمكتب تنسيق جرائم النظام الذي يدير المحكمة ، صحفيين لمشاهدة معرض اقامه فريق تريمبل للملابس والمقتنيات الاخرى التي وجدت وقالوا لهم انه حدث فتح كبير وحاسم في القضية حيث وجدت هويات احوال مدنية وهكذا استطاعت الجهات التحقيقية البحث عن ذوي القتلى في مديريات النفوس المسجلة على الهويات . قيل ان عدد ماوجد معهم هويات هم 12 % من الجثث وخاصة النساء .
ارجعو الى التصريح الصحفي(في 4/4/2006) لرائد جوحي المنشور آنفا حول انتهاء التحقيقات في "جريمة الانفال" وذكر فيه الادلة التي وجدت ولم يذكر الهويات ، بل قال :"
المحكمة قد أنجزت التحقيق ... مستندة في ذلك على أقوال المشتكين والشهود الذي بلغ عددهم بالمئات معتمدين نظام النماذج والعينات التي تُبين ما حدث من جرائم في المنطقة والوثائق والمستندات الرسمية التي حصلت عليها المحكمة من أجهزة النظام السابق والتي تؤيد ارتكاب الجرائم التي تم التحقيق فيها والكشوف والمحاضر والفحوصات المختبرية للمقابر الجماعية المفتوحة والمكتشفة من قبل المحكمة وفقاً للقانون وأقوال المتهمين المدونة في محاضر التحقيق."
المحكمة حسب قوله اعتمدت على : اقوال المشتكين والشهود- نظام النماذج والعينات (نماذج المقابر وعينات الهياكل – الوثائق والمستندات الرسمية التي حصلت من اجهزة النظام السابق – والكشوف والمحاضر والفحوصات للمقابر – اقوال المتهمين في التحقيق )

لو كان قد وجد هويات تقطع بالتعريف بالمدفونين لذكرها لأنها اعتبرت (فتحا) بعد شهرين من اتمام التحقيقات حسب بيان جوحي، مما يستوجب احضار الصحفيين لمشاهدتها . لماذا اعتبر "العثور " على هويات معجزة كبيرة ؟
تذكرون ان مشكلة المقابر الجماعية التي تحول اصحابها الى هياكل عظمية هي صعوبة معرفة هوياتهم والى أي حادثة ينتمون . لاسيما واننا رأينا ان تحديد وقت الوفاة صعب وهناك فارق 6 اشهر – سنتين . وكل ما يستطيع الخبير ان يقول كما قال تريمبل بين 1988 – 1990 يعني فترة سنتين وانتم تعرفون ماذا حدث خلال هاتين السنتين من احداث .. وكان الخبير كيهو وهو رئيس المكتب المشرف على التحقيقات والمحاكمة قد صرح بأن قبري نينوى تعود للفترة من اواخر 1987- اوائل 1988. ولو اخذنا بذلك تكون مقبرة نينوى لاتنتمي الى حادثة الانفال هذه التي يقولون انها كانت في الشهر الثامن أي في المنتصف الثاني لعام 1988 . في حين ان تريمبل يقول انها كانت خلال فترة تصل الى 1990 . ولماذا لا تكون في 1991 اذا كان كل خبير يفتي بما يريد ؟ وعلى العموم فعام 1990 لايدخل في فترة الانفال. وكان يجب للتغلب على هذه المسألة والتأرجح في تاريخ الوفاة ان يظهر شيء في المقبرة يحدد بشكل جازم هويات بعض الناس على الاقل الذين يمكن ان يشهد ذووهم انهم اختفوا في فترة محددة حسب القصص التي سمعناها . يكفي ان يظهر شاهد ليقول ان عائلتي احتجزت يوم كذا ولم ارها بعد ذلك (وكلهم ماشاء الله كانوا يحفظون تواريخ الحوادث وتوقيتاتها بالساعة والدقيقة ) ، ثم يقدم قائمة كتبها له احدهم فيها اسم 15 من اهل القرية الذين اختفوا في نفس الوقت . ويأتي آخر ويشهد ويقدم نفس القائمة او قائمة اخرى وهكذا ينطبق عدد المختفين على عدد من وجد في القبور ، وبظهور هوية او هويتين لناس من نفس القرية يحرز الدليل القاطع على ان اهل القرية هذه في هذا القبر ، وهكذا يعطى اسم لكل جثة.

انظر ماذا قال تريمبل للصحفيين في حزيران /يونيو 2006:" حدث ما لم نتوقعه فقد وجدنا هويات مع الاموات وخاصة النساء وكن يخفينها تحت ملابسهن فلم يفطن لها الجنود الذين كانوا يأخذون هويات الجميع . واعتبرناها كنزا غير متوقع . حين بدأنا اول مرة لم نظن اننا سوف نعثر على هويات وقد تغير تركيزنا الان بهذا الاكتشاف الدراماتيكي (يستخدم هذه الكلمة كثيرا )
يقول تريمبل ان حوالي 12 % من الافراد لديهم هويات رغم ان شاهد قال ان ( قوات صدام) كانت تسحب الهويات منهم . وأخر قال مزقوها . قال ان بعض النساء كن يخبئن الهويات داخل جيوب سرية او يخيطن عليهن تحت عدة طبقات من الملابس .

"لهذا ومن وجهة نظر قضية جنائية اعتقد ان لدينا بيانات جيدة جدا يمكن ان يستخدمها القضاء لاحقا " (18)
وقال رائد جوحي لنفس الصحفيين " ان الهويات كانت مفتاحا للسماح للمحققين بالذهاب الى المنطقة حيث صدرت فيها ويجمعون حكايات الشهود (اعطانا ذلك دليلا آخرا) "!!

استطيع ان اثبت لكم الان ان قضية الهويات مفبركة حسب كل الشواهد :
اولا- نستنجد بالمنطق . لو كنت أنا امرأة قروية في قرية متمردة ضد الحكومة. وجاءت قوات الحكومة من اجل اقتيادي الى معسكر – سجن – موت .. لأي سبب، فلماذا اخبيء هويتي الى درجة خياطتها في ملابسي الداخلية حتى لا يجدوها ؟ أليست الهوية ممنوحة من الحكومة ذاتها ودليل على ان الشخص مواطن عادي مسجل لدى الحكومة وليس مثلا شخصا قادما من الخارج او (ايرانيا) كما قيل من تسلل ايرانيين وعوائلهم ؟ من الاجدر اذن ان اظهر هويتي لقوات الحكومة لا أن اخفيها وكأنها جرم . ثم اذا جاءوا لأخذي قسرا فمتى تسنى لي الوقت لخياطتها داخل ملابسي؟ ثم كيف لي ان اعرف ان الجنود سوف يسحبونها مني ؟ لاسيما ان من
اخذه الجند قبل ذلك حسب الروايات (أنفل) أي لم يرجع ليحكي لأهله ماذا حدث له .

نعود الى الوقائع :
اولا – تناقض الشهود فيما يخص الهويات :

1- الجنود اخذوها قبل ان يركبوهم السيارات الى السجون مع كل مقتنياتهم الشخصية من ساعات ومجوهرات الخ . وقسم آخر قال ان الجنود لم يأخذوا الهويات او اية متعلقات وتحدثوا عن مال لديهم لشراء طعام في السجن .

2- بعض الشهود لم يسجلوا زيجاتهم او اولادهم في سجلات الحكومة وهكذا فهؤلاء بلا هوية .

3- لماذا يحمل 12% فقط هوياتهم ؟ وماذا عن الاخرين ؟ علما انه في القرى الصغيرة حيث يعرف الناس بعضهم بعضا بل قد يكونون اقرباء او انسباء بالمصاهرة ، يتصرفون عادة بشكل جمعي في المواقف التي تمس مجموعهم .. وينتشر أي خبر بسرعة مثل الحريق ، واذا كان على النساء مثلا اخفاء الهويات فستفعل معظمهن ذلك وليس 12 % فقط

4- العثور على الهويات لم تكن دليلا على الوفاة فبعض الشهود طالبوا المحكمة بتسليمهم هوياتهم التي تم العثور عليها في المقبرة !! ويبدو والله اعلم ان قضاة التحقيق الاشاوس ذهبوا الى اهالي القرى واخذوا هوياتهم جميعا قبل ان يرتبوا من مات منهم ومن انفل ومن ينفع للشهادة ومن لافائدة ترجى منه . وبعكسه : لماذا يحمل الموتى هويات بقية اعضاء العائلة الذين لم يحتجزوا ؟ أليس الاولى ان يحمل كل شخص في ظروف الحرب او اية ظروف أمنية مشابهة هويته ؟

**

كيف جرى تزوير الشهادات ؟
اذن هل كانت الشهادات مرتبة مسبقا من قبل جهة ما لتطابق ادلة معينة ومواد قانون (منع الابادة وجرائم ضد الانسانية ) ؟ نعم وهذا هو الدليل :

1- اختلاف بل تناقض كل الافادات التي قدمها المشتكون امام قاضي التحقيق في 2005 عن شهاداتهم في المحكمة مما يدل على ان الشهادات في المحكمة عدلت وضبطت لتتوافق مع المستجدات في مشكلة التنقيب ونبش القبور التي لم تنجز بشكل كامل او لتتسق مع مواد قانون جرائم ضد الانسانية . مثل بعض الافادات امام قاضي التحقيق كانت تنص على ان الجيش هاجمهم لأن القرية كان فيها وحدات مقاتلة من البيشمركة ومقرات للاحزاب المتمردة على الحكومة . في حين في شهادة المحكمة قال نفس هؤلاء (هوجمنا لأننا اكراد) . مثال الشاهد رؤوف فرج ج 9 في 19/9.

2- تناقض شهادات الشهود عما تحدثوا به ونشر في بيانات منظمات حقوق الانسان مثل منظمة هيومان رايتس ووتش والذي وثقته في تقرير كبير موضوع على الانترنيت منذ سنوات . وسبق ان ذكرنا ان هذه المنظمة هي التي ارسلت اول فريق الى العراق في 1992 _د. كلايد سنو) من اجل توثيق المقابر الجماعية والقصف بالغاز الكيماوي وجرائم ضد الانسانية . وان د. سنو كشف مقبرة في قريمة كوريمي وفصل محتوياتها واستنتاجاته في المحكمة (وقد ناقض هو نفسه تقريره الاول الذي نشرته المنظمة ) . ولكن الشاهد الرئيسي (وكان اثنان واحد رئيسي وآخر معزز لشهادته) كان قد ادلى للمنظمة ونشرتها في تقريرها بتفصيلات دقيقة لما جرى يتناقض ماقاله امام المحكمة بشكل صارخ وكذب واضح . هذا ماقاله في تقرير المنظمة (19)

قصة الناجي العجيب ( الذي اصيبت ساقه فقط في عملية الاعدام) ولد في 1954 قال ان في اول صلية اصيب في ساقه وان شدة الرصاصة قذفته على ظهره و هشمت عظام ساقه وجعلته يتدحرج على المنحدر .

"سقطت على واد صخري بين بعض الجلاميد (كل هذا ولم يمت) وان الجنود لم يطاردوه ولكن اطلقوا نحوه رصاصا حين كان يتدحرج واخطأوه . وقال انه كان "جزئيا ظاهرا وجزئيا مخفيا بين الحشائش والصخور" وانه بقي على ظهره في ذلك المكان لمدة 24 ساعة وكان الجنود على التل خلال الليل بين حين وآخر "يطلقون نحوي الرصاص ولكنهم لم يأتون الي لاعتقادهم اني مت". في مساء اليوم التالي وصل الجنود اليه ووجدوه مازال حيا لأنه حاول ان يقف وتحدث الجنود معه بالعربية " ولكني لم افهم لأنهم تحدثوا بالعربية ولكني افهم قليلا منها حتى اعرف انهم كانوا يكلمون القيادة في منجيش "ألو منجيش " وفكرت انهم سوف يقتلونني " ولكن بدلا من ذلك "اخذني حوالي 20 من الجحوش - افواج الدفاع الوطني - الى اعلى التل الى سيارة اسعاف" وذهبوا بي الى عيادة في منجيش ". وقضى هناك يومين في المستشفى حيث عالجه الاطباء "غسلوا الجرح بالماء فقط ومازال عندي عرج ولن استطيع ان امارس الزراعة "

بعد اخراجه من المستشفى اخذوه الى قلعة دهوك حيث كان الالاف من اهالي القرى الكردية بضمنهم قريته محتجزين . ولم يفسر سبب عدم (انفلته) مع الذكور الاخرين الذين اختفوا من القلعة على يد قوات الامن العراقية

(المنظمة تستنتج ان الامن وليس الجيش كان مسؤولا عن الاحتجازات والقتل) .

اما شهادته في المحكمة في (الجلسة الحادية و العشرين) فقد كانت كالاتي :

"وبعد إطلاق النار تدحرج حوالي 30 متراً ثم قام وهرب من المكان، تعرض خلالها لإطلاق نار، حيث أصيب بطلقتين وكسرت ساقه. وبقي في مكان إصابته ليوم واحد، شاهد بعدها ابن شقيقته، فطلب منه الهرب والنجاة بنفسه، ثم شاهد بعد ذلك عدداً من أهالي القرية الناجين، وطلب منهم الأمر نفسه. وأضاف أنه وبعد ذلك جاء عدد من الأكراد وقاموا بنقله إلى المدرسة الثانوية في المنطقة، وبقي فيها ثلاثة أيام دون علاج أو طعام أو شراب.

وبعد ذلك اكتشفه الجيش في المدرسة، وكان فيها عوائل أخرى، وقام بنقله مع الاخرين إلى قلعة دهوك.

اما شهادة ابن شقيقته المعززة لشهادته في نفس الجلسة فكانت كالاتي :

"وعندما انتهى الجندي من إطلاق النار، انسحب باتجاه الضابط، ثم انسحب الجنود، بحيث لم يعد بإمكانهم رؤية القتلى، فقام الشاهد بمحاولة رؤية والده لرؤية ما حل به، وكان قد فارق الحياة مع اثنين من أشقائه. وشاهد أحد أبناء قريته يخرج من بين الجثث، وكانت النيران تشتعل في الأعشاب، وكانت هناك طلقات نارية أدت إلى ذلك، وحاولا إطفاء الحرائق، باحذيتهم. وقال الشاهد إنه شاهد خاله وقد كسرت ساقه، وأنه قال له إن ابن شقيقته مصاب وسيحاول بتخليصه، فطلب منه خاله الذهاب لوحده، رافضاً الخروج معه، لأنه الوحيد المتبقي من أبناء عائلته. وأوضح أنه تمكن من إنقاذ بعض الجرحى رغم أنه مصاب بطلقتين واحدة في ظهره والأخرى في جبينه، ثم توجهوا إلى منطقة الكهوف للاختباء هناك، التي وصلها آخرون أيضاً."

الجديد في شهادة المحكمة للرجلين " ان الجنود انسحبوا فور الانتهاء من الاعدامات في حين كان يقول الشاهد الاول في تقرير المنظمة انهم ظلوا طوال الليل يطلقون النار ناحيته – ان ابن شقيقته وهو احد الناجين انقذ جرحى وانه جاء نحوه لانقاذه ولكنه طلب منهم ان يتركه وينجو بنفسه – ان هناك آثار نار في المقبرة بسبب احتراق بعض الاعشاب بسبب الطلقات (هذه المعلومة من اجل لجنة المحكمة التي ستقول ذهبنا ورأينا آثار نار حسبما قال الشاهد أي ان المكان هو موقع المقبرة بالضبط)- ان اكرادا انقذوه واخذوه الى مدرسة ثانوية بقي فيها 3 ايام حتى اكتشفه الجيش واخذه الى القلعة "

ومن امثلة التناقض بين مانشر في الصحف والمواقع و بين الشهادة في المحكمة ، مثال تيمور عبد الله (اسطورة الاكراد) وسنأتي على ذكرها حيث تناقضت قصته التي رواها لكنعان مكية وآخرين في التسعينات عن روايته التي قالها في المحكمة.

3- كل المشتكين كانوا يأتون للمحكمة وبصحبتهم قائمة باسماء من (أختفى ) من قريته ويقدمها الى المحكمة . وهي قوائم مطبوعة وجاهزة . وقد افتضحت المسألة حين قال اثنان من الشهود احدهما (علي محمود ج 7 في 14/9) انهما لم يبادرا بالشكوى عن الغائبين ولكن اتصلت بهم المحكمة (او مكتبها في السليمانية ) وقدمت لهما قائمة بالاسماء وهويات احوال مدنية . وآخر قال :" انا لا اعرف القراءة والكتابة والقائمة اعطوها لي في القرية " وهنا علينا ان نسأل من الاول الدجاجة ام البيضة؟ من اين قائمة الاسماء ؟ ربما سيقولون التالي : ان القوائم من المستندات التي وجدت وفيها ذكر اسماء معتقلين او اناس سلموا انفسهم والهويات وجدت في المقابر وعند مطابقة هذا الاسم مع ذلك في القائمة اتصلوا بالشخص ليسألوه عن المفقودين من عائلته . أليس من الممكن انهم اخذوا الاسماء من أي شخص ادعى بغياب بعض افراد عائلته (قد يكون مات في معركة بين البيشمركة والقوات العراقية او ذهب الى ايران ولم يعد او تجند بالجيش العراقي ومات اثناء القتال مع ايران فأسباب الاختفاء كثيرة ) ثم وضعوا تلك الاسماء في مستندات مزورة ؟ ومما يلاحظ ان الهويات المستخرجة كما يقولون من القبور كانت الاسماء فيها مطموسة. قائمة الاسماء هذه التي لانعرف اصلها تحل مشكلة التعرف على الهياكل البشرية المدفونة في مقابر جماعية .

4- كان الشهود في أغلبهم اقارب او من عائلة واحدة : اشقاء – والد وابنه – جدة واحفادها – خال وابن شقيقته – عمة وابنة شقيقها وهكذا . والعجيب ان كلا منهم يخرج قائمة ويروي وقائع مناقضة لفرد آخر من العائلة .

5- اسلوب القاء الشهادة كان نمطيا : يصر الشاهد على التحدث بالكردية مع انه يتكلم العربية وذلك لتأكيد قوميته ، يسرد وقائع متشابهة في الخطوط العامة ولكنها متناقضة في التفاصيل ، ينهي الشهادة بالشكوى ثم ببضع كلمات تشفّي او اهانة للقيادة الاسيرة . وهناك جملة هي مسك الختام للجميع :" لماذا جرى كل ذلك لنا ؟ هل لأننا اكراد ؟"

6- اسلوب سرد الروايات كانت فيه جمل تتردد بين عديد من الشهود مما يؤكد التلقين ومن أمثلة هذه الجمل وليس حصريا :

نفترش الارض ونلتحف السماء – مثل يوم الحشر – - لم يكونوا يفرقون بين المدني والبيشمركة – لم نغادر قرانا مع انها كانت محظورة امنيا لأنها ارض اجدادنا وآبائنا - هوجمنا من عدة محاور – هوجمنا بأمر من القيادة العليا .- هجوم على نطاق واسع (ويلاحظ ان التعابير الاربعة الاخيرة لا يمكن ان تصدر تلقائيا من قبل فلاح او راع لايقرأ او يكتب )

7- اسلوب سرد الروايات كان يعكس المتطلبات في (قانون منع جريمة الابادة وقانون جرائم ضد الانسانية ) مما لايمكن لقروي بسيط او حتى متعلم ان يكون مطلعا عليها . فكانت القصص تشتمل كل العناصر( القتل المتعمد , الابادة , الاستعباد ,الابعاد القسري للسكان , السجن او الاشكال الاخرى للحرمان من الحرية بما يخالف الشرعة الدولية لحقوق الانسان , التعذيب , الاغتصاب , الاستعباد الجنسي , الاجبار على البغاء , الاجبار على الحمل او التعقيم او أي شكل من الاشكال الاخرى للاعتداء الجنسي , قمع مجموعة او جماعة سياسية او عرقية او قومية او أثنية او ثقافية او دينية , أختطاف الاشخاص , جريمة الابارتايد , و كل جريمة تسبب في أيذاء النفس او الجسد او الصحة العقلية) واذا تذكرتم اسئلة المحامين الاكراد في المحكمة وتذكير الشهود بين حين وآخر بالسؤال عن مواضيع لم يذكروها سترون انهم كانوا يحاولون ان يأتوا بامثلة على كل عناصر جرائم ضد الانسانية . فكل شاهد تعرض لتدمير قريته وقتل اهله واصابته بالكيماوي وايقاع التعذيب عليه ومشاهدته لاغتصابات وابعاد قسري واحتجاز وحرمان من حرية . حتى (الصحة العقلية ) ذكر بعض الشهود عن اصابة بعض ذويهم بالجنون . مثلا واحدة ذكرت ان فتاة شاهدت الكلب الاسود وهو يأكل الجثث فأصابها الجنون وماتت . واخرى ذكرت ان زوجها اصابه الجنون ومازال حتى الان (لم يمت) . اما (التعقيم) فقد كانت هناك محامية كردية تسأل كل شاهد يتحدث عن غاز الخردل اذا كان قد اصيب بالعقم فكانوا ينفون ذلك واغلبهم مازال يرزق بأطفال. ولكن شاهد أخير وهو طبيب ادعى علمه وخبرته بغاز الخردل قال (يحتمل ان يصاب بالعقم) مع ان هذا العارض لم يذكر في كل المراجع الطبية التي اطلعنا عليها .

8- كانت الشهادات تكمل بعضها فحين يذكر شاهد حادثة غير معقولة لايمكن ان نصدقها لابد ان هناك شاهدا آخر او اكثر من شاهد على نفس الحادثة .. وفي احيان كثيرة يتناقض الشهود مع بعضهم البعض ولكن لا يبدو ان احدا يرصد ذلك .

9- كان محامو الحق الشخصي الاكراد والمدعي العام والقاضي ايضا يكملون ويفسرون ويدافعون عما يقوله الشاهد وكأن قوله منزه عن الخطأ فإذا اثقل محامو الدفاع بالاسئلة على شاهد ما انبرى المدعي العام ليستنكر ان الشاهد ليس متهما وهذه الاسئلة لامعنى لها ، واحيانا القاضي يجيب عن الشاهد في أي سؤال يسأله المحامي او احد الاسرى او يوحي للشاهد بالاجابة ، اما المحامون الاكراد للحق الشخصي فقد كانوا يكملون الفراغ في شهادات الشهود الذين كانوا ينسون اشياء مهمة كما نسي احدهم ان يتحدث عن مصائر اولاده في حين اسهب في الحديث عن الجيران وبعد انتهاء شهادته قال انه تذكر انه لم يتحدث عن اولاده . وأعجب شيء ان ينبري المدعي العام لتفسير اقوال الشاهد "هو يقصد كذا وكذا .." مع ان الشاهد يؤخذ بأقواله وليس بتأويلات مساعدة . وربما يقبل هذا من محامين الحق الشخصي ولكن المدعي العام ؟

10- يبدو ان الشهود قد لقنوا بتوقع اسئلة في المحكمة من جهات كثيرة كما ان هناك اسئلة من محاميهم الاكراد كلها تتعلق بعناصر جريمة الابادة وجرائم ضد الانسانية ، كان يجيب عليها الشهود اجابات ثابتة (ماذا كانت قومية المحتجزين ؟ قومية الجنود العراقيين ؟ قومية الاطباء المعالجين ؟ قومية حراس السجون ؟) وبالتالي فكل مظلوم وطيب كانت قوميته كردية وكل جندي او شرطي متوحش كانت قوميته عربية . ومن الاسئلة التي اظن انهم طلبوا منهم توقعها لأن الاجابات عليها كانت في الاغلب موحدة :

- هل كان في القرية بيشمركة او ايرانيون ؟ كلا

- هل كانت القرية محظورة امنيا ؟ كلا

- هل حقق أي محقق معكم عند الاحتجاز ؟ كلا

- لماذا مات طفلك ؟ من الجوع

- ماهو مصير اقربائك ؟ انفلوا

- لماذا هاجمكم الجيش العراقي ؟ لأننا اكراد .

- هل كان يفرق بين المدنيين والبيشمركة ؟ كلا

- كانوا كلهم يحفظون التواريخ وتوقيت الاحداث التي جرت قبل 18 عاما . بل كانوا من الدقة بحيث حددوا المسافات والدقائق (كذا دقيقة بالسيارة او كذا دقيقة سيرا على الاقدام – الساعة السابعة وعشرين دقيقة الخ )

ولكنهم كانوا يرتبكون في الاجابة على الاسئلة المفاجئة او التي تتطلب وصفا دقيقا لحالة ما ، فكانوا اما يجيبون باجابات غبية او غير منطقية او يغضبون ويستنكرون ان يلحف عليهم بالاسئلة . مثال على ذلك :

- سال الرئيس صدام الشاهد عبد الله محمد (ج 7 في 14/9) والذي زعم ان كل اطفاله قتلوا واصغرهم 40 يوما في حين انه المتمرد الذي قاتل الحكومة وهرب الى ايران وحين سلم نفسه للجيش العراقي كل ماحدث انه ارسله للتجنيد وحسب روايته طلب مقابلة صدام حسين واستطاع ذلك بعد 3 ايام فقط ، سأله "لماذا يقتل الجيش طفلة عمرها 40 يوما ويتركون متمردا يحمل السلاح وجاء من ايران ؟ اجاب : لأني هربت الى ايران ، ورد عليه الرئيس صدام :" ولكنك عدت وكنت بين ايديهم ؟ " ولم يستطع الاجابة .

- آخر سئل لماذا بدلا من قتل اهل القرى لم يقتل الجيش العراقي سكان المدن وهم اكثر كثافة اذا كانت الرغبة هي الابادة ؟ قال : لم يكن لديهم وقت .

- آخر سئل هل كان الجيش يفتش قراكم قبل الهجوم عليها ؟ قال : كلا . وسئل لماذا ؟ قال لأنهم كانوا يخافون من البيشمركة !

- الشاهدة فهيمة محمد امين ج11 في 25/9 التي قالت انها واولادها ظلوا في مستشفى مدني رفض علاجهم ولكن ضابطا نقلهم الى مستشفى عسكري عولجوا فيه وحين سئلت لماذا هذا التناقض ؟ كيف يعالجهم المستشفى العسكري على ضوء الزعم باستهداف الجيش للاكراد لابادتهم قالت لأنها هددتهم في المستشفى العسكري انها ستخبر رؤساءهم اذا لم يعالجوها !!

11- لذاكرة الحديدية للشهود : والتي كانت لا تنافسها الا ذاكرة شهود الدجيل الذين كان عمر الواحد منهم 5 سنوات اثناء الحادثة ومع ذلك يحفظون غيبا الاسماء الثلاثية لكل شخص ظهر في القصة. ولكن العلم الحديث والذي لم يكن في حسبان جهابذة التزييف ان الذاكرة الانسانية لا تعمل بهذا الشكل المرتب والمفصل والدقيق ، وانها يمكن ان تكذب وانها يمكن ان يوحى لها . وبعد قليل سأفرد فصلا عن الاعيب الذاكرة الانسانية وكيف انها ليست دليلا موثوقا به .

ولكن بين التناقض والتلقين والاجابات الحرة فلتت بعض الجمل التي تنقض كل هذا الهيكل الهش . مثل هذه :

- الشاهد اسكندر محمود عبدالرحمن ج 9 في 19/9 في اجابة على محام قال "لم تفرض علينا عادات غير عاداتنا ولا ازياء غير ازيائنا وكنا نتكلم لغتنا وكنا نجيد العربية ولكن لم تفرض علينا" . (وهذا ينقض مبدأ استهداف جماعة ثقافيا واجبارهم على تغيير طرق حياتهم )

- الشهود الذين قالوا ان الحكومة اخلت قراهم ولكنها عوضتهم باراض واموال لبناء بيوت عليها . مثال من عدة امثلة : مشتكية في (الجلسة 13) (يعني ان تصرف الحكومة كان بسبب متطلبات عسكرية وليست ابادة )

- الجيش كان يبحث عن الاسلحة الهاربين والبشمركة عند مهاجمة القرى (اذن ليس بغرض الابادة)

- الشاهد في الجلسة 27 في 4/12 وهو مسؤول في اتحاد معلمي كردستان : القرى كانت تساعد البيشمركة وتقاتل معهم :من لديه سلاح يقاتل ومن لايقاتل يقدم الطعام وغيره من المساعدات . (اذن لم يكن أهل هذه القرى مدنيين لا علاقة لهم بالسياسة والقتال)

هذه بعض امثلة غير حصرية .
قد يسأل مشكك : لماذا اظن ان الشهادات رتبت لتتطابق مع متطلبات ادانة للرئيس صدام حسين ورفاقه ؟

1- الهدف السياسي: الذي اوضحناه سابقا جعل الاقتصار في التحقيقات بقضية القبور الجماعية على مايحقق هدف الادانة . انظروا ماذا كانت متطلبات سلطة الاحتلال المؤقتة برئاسة بريمر من التحقيقات كما نشرت في موقعها على الانترنيت :

"من بين مواقع القبور التي تم تقييمها الخطة الحالية هي اختيار مابين 8-20 للفحص على ان تكون مطابقة للمعايير التالية :

- يجب ان يكون الموقع موضحا لجريمة محددة او فترة فظاعات كما محدد آنفا.

- يجب ان يكون غير منبوش سابقا وله قيمة كدليل على جريمة ضد الانسانية مثلا هناك دليل على طلقات رصاص على 100 جمجمة.

- يجب ان يوافق اهل المنطقة على النبش واجراءات حماية المقبرة ."

2- تحديد "فترات جرائم محددة" هي المذكورة في المعيار الاول اعلاه والتي اتهمت بها حكومة العراق كما يلي :

1983 هجمات ضد عشيرة البرزانيين

1988 الانفال

1986-1988 هجمات كيماوية على قرى كردية

1991 قمع (الانتفاضة) في الجنوب

1991 قمع (الانتفاضة) في الشمال

وهي كما ترون (جرائم) يتهمون بها حكومة العراق ولو كانت الحقيقة هي الهدف لأضيف اليها المقابر الجماعية التي شاركت فيها القوات الامريكية اثناء 1991 وجرائم الاكراد ضد الجيش العراقي وضد بعضهم البعض من اتباع الحزبين الرئيسيين وجرائم الصفويين تجاه ابناء الوطن في صفحة الغدر والخيانة التي يسمونها "انتفاضة" . ناهيك عن جرائم الاحتلال وعملائه منذ 2003. (20)

3- السرعة والرغبة في التحضير لمحاكمة عاجلة : بدأت عمليات النبش من قبل مكتب تنسيق جرائم النظام في نيسان 2004 حسب الشروط اعلاه وفي منتصف تشرين اول 2004 كان قد بدأ نبش قبرين فقط في العراق رغم ان خطة سلطة التحالف كانت اكمال عدة مواقع عند تسليم السلطة للعراقيين في نهاية حزيران 2004. في آب 2004 بدأ فريق امريكي من الاثاريين والمهندسين (مايكل تريمبل ) فحص سلسلة من القبور الجماعية الواقعة حوالي 70 كم (42 ميل) الى جنوب الموصل قرب الحضر. وكان مسؤولون في وزارة العدل الامريكية قد تحدثوا في مارس 2004 مع منظمة هيومان رايتس ووتش عن الامل بان مثل هذه الفرق يمكن نشرها على الارض "بحلول حزيران او تموز كحد اقصى ". وبحلول منتصف تشرين اول استخرجت تقريبا 300 هياكل معظمهم لنساء واطفال اكراد ومنهم 15 -20 % يحملون وثائق تعريف . واتضح انها بقايا ضحايا الانفال الذين دفنوا في 1988 . الكثير من الضحايا كانوا يحملون آثار طلقة واحدة في الرأس (هي المقبرة نينوى 2 و9 التي تحدث عنها تريمبل في المحكمة على انها تحوي هياكل 123 وليس 300 كما مذكور اعلاه). وكان سبب التعطيل الرئيسي هو تدهور الامن : في نيسان 2004 على اية حال وبسبب استمرار تدهور الاوضاع في العراق وتفشي ظاهرة الخطف وفي بعض الحالات قتل الاجانب في العراق فان فريق الطب العدلي التابع لسلطة الاحتلال المؤقتة سحب من العراق كخطوة احترازية . وقال مسؤولو وزارة العدل الامريكية للمنظمة ""لانستطيع قضاء 8 اسابيع في مقبرة في بيئة آمنة من اجل الوصول الى الادلة . نحتاج الى القيام بزيارات جراحية الى مواقع القبور ونقدر حجم وعمر الموقع وهويات وأصل الضحايا" من نبش جزء من كل موقع مختار . واكدوا على ان هذا يجب ان يتم باقصى سرعة ممكنة " نحتاج شهادة طب عدلي من اجل القضية . نعرف ان علينا ان نذهب الى المقابر باسرع وقت ممكن لأي محاكمة او ادانة وبسبب التكلفة العالية للعمليات هذه والاعتراف بأن "الجيش الامريكي لايستطيع حما يتنا " فقد كان الشعور بان مقاربة "عينات قصيرة الاجل" والتي تتطلب "فرق كثيرة تغطي فترة قصيرة من اربعة الى خمسة اسابيع " ستكون اكثر واقعية . " (21) قد تفسر هذه العراقيل الامنية التي عطلت التحقيقات في قضية الانفال ، ماقيل عن بطء قضية الدجيل والسبب ان الامريكان والحكومة العميلة كانا يقصدان التمديد في المحاكمة الاولى ريثما ينتهون من تقديم ادلة للمحاكمة الثانية حتى تبدأ مباشرة بعد الدجيل ، لماذا يجب ان تبدأ مباشرة ؟ لأن حكم الاعدام كان مقررا منذ البدء في الدجيل (وفي اية محاكمة لاحقة) وبسبب حكاية تنفيذ الحكم بعد شهر من استنفاد التمييز حسب قوانين محكمة الاحتلال ، كان لابد ان تبدأ اجراءات محاكمة الانفال والوصول الى نهايتها خلال فترة شهر او شهرين بعد الدجيل حتى لا تسقط بإعدام المتهم الرئيسي .

4- قصور التحقيقات : من المعروف انه من الصعب اثبات الادانة بقضية القبور الجماعية لسببين : اولهما صعوبة التعرف على الضحايا ثانيهما صعوبة اثبات صلة بين (المتهم) او (المتهمين) وبين (الجريمة) .
"منذ اقامة محكمتين دوليتين ليوغسلافيا السابقة ورواندا في التسعينات لم يتم التعرف الا على جزء بسيط من الجثث واعادتها الى ذويها من اجل اعادة دفنها بشكل صحيح . في 1999 سافر عشرات من علماء الطب العدلي من 20 بلدا الى يوغسلافيا السابقة من اجل التحقيق في اماكن المفقودين نيابة عن المحكمة الجنائية الدولية ومن اجل تدريب العلماء المحليين في اجراءات نبش القبور.
في رواندا حيث مات حوالي نصف مليون انسان لم يفحص سوى 500 جثة من مدينة كيبويي في 1995 ولم يتم التعرف الا على 17 . وكان 6 منهم يحملون اوراق ثبوتية و 11 تعرف عليهم ذويهم من ملابسهم ومتعلقاتهم .

في حين ان هذه التحقيقات تنتج ادلة جنائية مهمة للمحاكمات ولكنها لا تنفع في التعرف على الموتى . وحين حل السلام في البوسنة عام 1995 ، كان المفقودون 30 الف . وفي حزيران 2003 بعد 8 سنوات من عمل عشرات من الخبراء طوال الوقت ونبش حوالي 15 الف و لم يتم التعرف الا على 9000 (30%) . كان فحص DNA سببا في التعرف على 3000 منهم . (لم يستخدم تحليل DNA في التعرف على الموتى في العراق لارتفاع التكلفة وللعجلة التي كانوا عليها )" (تقرير هيومان رايتس ووتش)

لاحظوا انه في البوسنة استمرت التحقيقات 8 سنوات فأين هذه من شهرين او ثلاثة او حتى سنة هي كل فترة تحقيقات العراق ؟
نلاحظ اذن كذب محكمة الاحتلال التي تزعم انها تعرفت على ساكني المقابر الجماعية. ولتلافي هذا القصور ليس امامهم الا اللجوء الى الغش والخداع وتلفيق الادلة ، بواسطة ترتيب شهادات الشهود وبواسطة تقديم مستندات وقوائم اسماء مزورة أو يفسر بشكل ملتو مناسب لاغراضه وثائق حقيقية كما سنرى حين يقدمون الادلة الورقية التي قيل انهم استولوا عليها بعد الاحتلال .

إنتهى الجزأ الخامس ويليه الجزأ السادس إن شاء الله

لمراجعة الجزأ السابع

لمراجعة الجزأ السادس

لمراجعة الجزأ الرابع

لمراجعة الجزأ الثالث

لمراجعة الجزأ الثاني

لمراجعة الجزأ الأول

للعودة الى الصفحة السابقة

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker