من كتاب القندرة
علي السوداني
هذه واقعة من الصالح توصيفها "بواقعة القندرة" لجهة مكان وزمان صيرورتها ولشهرة قائلها فهي حدثت في برلمان[1] البلد المسور ببركة "المنطقة الخضراء" واستقطبت معها سلة من التعليقات والتهكمات والمكاتيب المحمول بعضها على ظهر الضحك واخريات مشيولات على سنام الأسى وها انا الليلة انبشها في محاولة بطرانة لتسويد معارك مستلة من معجم الحذاء .
واحدة من اشهر طرائف واشجان واحزان الوسيط كانت قندرة ابي القاسم الطنبوري اما في العصر الحديث فأن قندرة الروسي نيكيتا خروتشوف[2] قد نسخت القندرة الطنبورية سمعة وشهرة حيث اندقت فوق منضدة معلنة من مناضد الامم المتحدة بنيويورك محتجة ومعترضة حتى ذهبت مثلا وامثولة للثورة وللثوريين .
في الكتاب ايضا الف قندرة وقندرة ملكتها ماتيلدا ماركوس وكشف نقابها بعد ان ثارت رعية الفلبين على بعلها الزعيم المعتق ماركوس فأستنجد الرجل الذي تزلزل عرشه بصديقه حاكم امريكا وقتها رونالد ريغان لكن الرجل الكاوبوي رد على المستنجد بأن امريكا ترحب به ضيفا ابديا على ارضها وزرعها ومائها .
ثمة هوسة عراقية انبنت على مخيال شعبي مقهور مستفز وشاعت على جسد اربعينيات وخمسينيات القرن الميت مستعينة بعملية تفكيك النص اللغوي للقندرة فأنتجت القيطان وقندرته وخلعتهما لقبا مرشوشا على اشهر شخصيتين بغداديتين لا حكمة من ذكرهما الآن[3] حيث ما زال ساخنا ومتحركا مقترح جوقة برلمانية مؤثرة قد يودي بحياة وسيلتين اعلاميتين ناجحتين محسودتين هما جريدة الزمان واختها فضائية الشرقية التي قدمت البزونة ككائن مترف[4] بمواجهة البشر المكبوسين في حافلة المحاصصة وسراب الطوائف ودكتاتورية رامسفيلد .
في واقعة متصلة بقلب الكتاب ان رجلا مسكينا حط في ديار قوم حفاة مثله وكانت شغلته ترقيع وترميم الأحذية فأزداد فقرا على عوز حتى قيل فيه المثل البديع " قيّم الرقّاع من ديرة عفج " !!
ومن القنادر التي تخلفت في الذاكرة تلك التي الوانها سودا وجوزيات وقفل فمها القيطان وكانت توزع على اقدام المعوزين في احتفائية شهيرة مرة يسمونها معونة الشتاء وثانية اسمها معونة الصيف وكانت تجلب من مصنع قنادر باتا ومعمل الاحذية الشعبية وفرجته التي اظنها كانت بين سينما السندباد ودكان فوزي الكربلائي الذي كان يبيع شربت الرمان الطيب وكانت مظلوميته شاسعة بسبب من شهرة جبار ابو الشربت[5] الذي اضفى تنويعات تقنية واخلاقية على منقوع حب الرمان فجعله شرابا لذيذا متوائما مع كل المواسم والاجواء والانواء .
في الكتاب ايضا قندرة انيقة فخمة اهداها عبد الوهاب البياتي[6] لجليسه الحميم نصيف الناصري الذي وافته الحاجة فباعها بنصية (على وزن رُبعية) عرق حداد ذهبي وعشاء دسمه بائن وكروة تاكسي من وسط البلد حتى اطراف وادي السير الجميل .
كبرت القندرة وتضخم معها النص فصارت بسطالا واشهر ما يقال اليوم في باب البساطيل هو عند بساطيل الاحتلال الامريكي الهمجي لأرض الرافدين الحبيبة .
اما المنزعج النافر العاثر المستفز الشكا ء البكاء البائرة تجارته الكاسدة بضاعته الذي ان سألته عن حاله واستوضحته عن ماله وبيعه وشرائه حتى يجيبك ان الأمر لا يتعدى باب قنادر عتيقة .
كذلك استخدمت القندرة على نطاق واسع في باب الشتيمة وايضا في خانة السلاح الفتاك وكنت طفلا غضا ابيع ثلاثية حب سكائر علك في باب سينما بابل المدهشة ذكرياتها الآن وفي مفتتح سبعينيات القرن الرائح فشهدت امرأة جميلة ذات سيقان حلوة مرصوصة وقد انتزعت بابوجها الذي هو قندرة مؤولة وزرعته فوق جبين شاب خواف ذاب في كل الساق وربع الفخذ حيث شاع يومها لباس الميني جوب المشتهى !![7]
alialsoudani61@hotmail.com
[1] حادثة قصدها الكاتب حيث بدأ أعضاء البرلمان الذي جاءت بهِ قوات الاحتلال يتضاربون بألأحذية.
[2] وكان السيد نيكيتا خروشوف رئيساً للأتحاد السوفييتي (السابق) وكان يلقي كلمتهُ في إجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1959 حينما قاطعهُ ممثلي اميركا وبريطانيا، وحاول ان يكمل لكنهم قاطعوه مرة أخرى، فقام بنزع حذائهِ والطرق بهِ على المنصة لأسكاتهم.. وللتعبير عن إحتقارهِ لهم.
[3] ويقصد الكاتب الهوسة البغدادية المعروفة "نوري سعيد القندرة وصالح جبر قيطانهة" .. وهي هوسة رددها المتظاهرون من طلبة بغداد حينما أمرَ وزير الداخلية صالح جبر شرطتهُ بإطلاق النار على طلبة متظاهرين على جسر بغداد وساحتهِ في الكرخ واللذان سميا بعد هذه الحادثة بجسر الشهداء وساحة الوثبة، أما نوري سعيد فقد كان رئيساً للوزراء، والحادثة كانت عام 1953 على ما أظن.
[4] ويقصد الكاتب ألأغنية التي يبدأ وينتهي بها البرنامج النقدي الفكاهي الذي بثتهُ فضائية الشرقية العراقية، وفي تلك الاغنية يقول المطرب "البزونة كلشي عدها.. دستورها يساعدها.." ثم يحسد البزونة (القطة) لأنها غير خاضعة لأستجوابات الميليشيات "شيعية لو سنية؟..عربية لو كردية؟ ..ومنين أبوها وجدها؟.." ثم يحسدها على حريتها الشخصية "تلعب لعب بالساحة.. ومأمنة ومرتاحة.. لا احد يكلها انتِ منين؟..ولأي حزب تنتظمين"..
[5] لقد فات الكاتب ان يذكر " زبالة" صاحب أشهر محل شربت في بغداد –شارع الرشيد من جهة الميدان- والذي استمر من اربعينات القرن الماضي حتى القرن الحاضر، وهو مختص بشربت الزبيب المطعم بالنعناع البري.
[6] المرحوم الشاعر العراقي الكبير عبد الوهاب البياتي.
[7] وأخيراً فقد فات الكاتب أن يضيف "الكالة" الكردية "الكيوة" التي أمطرَ بها مواطنوا محافظة السليمانية (المأبون عمّار الحكيم) قبل اربعة أشهر.
0 Comments:
Post a Comment
<< Home