Thursday, February 15, 2007

من رئيس قائد الى شهيد خالد..مسيرة ملحمية

من رئيس قائد الى شهيد خالد..

مسيرة ملحمية

إياد ميشيل عفلق

تحيي الأمة العربية ومعها الأمة الاسلامية وملايين من أحرار العالم هذه الايام، ذكرى مرور أربعين يوما على اغتيال ابنها البار، الرئيس الشهيد صدام حسين، على أيدي عملاء الاحتلالين الأميركي والايراني في العراق.

ومما لا شك فيه ان الاحتلال، الذي أعماه الحقد الدفين على العروبة والبعث، لم يكن يتوقع ان قتل الرئيس الأسير سيجعل منه أسطورة خالدة في قلوب وعقول وضمائر الملايين. وهولم يتصور أنه بقتله للرئيس الأسير سيحرره ليس من الأسر فحسب بل من محددات الزمان والمكان الى رحاب التاريخ الواسعة، اي الى رحاب الخلود. كما ان الاحتلال بحقده الاعمى على العراق والعروبة لم يخطر بباله للحظة ان جريمته النكراء سوف تؤدي الى تصاعد المقاومة وتوسعها وازدياد ضرباتها قوة وتأثيرا، معجلا بذلك في نهايته الحتمية في العراق وهزيمته الكاملة بخروجه مدحورا تحت ضربات المجاهدين الابطال.

لقد واجه صدام حسين جلاديه بشجاعة وثبات وتحد من نوع نادر يليق بأمة عظيمة أصبح يشكل أحد أبرز رموزها وأبطالها الخالدين. فتقدم بخطى ثابتة واثقة الى حبل مشنقة الاحتلال وأعوانه، مرددا الشهادتين بصوته الجهوري المعروف، والبسمة مرتسمة على شفتيه. لقد أدخل ايمانه ورباطة جأشه الخوف الى قلوب العملاء الشعوبيين الذين احاطوا به في تلك اللحظات، فاختفوا خوفا خلف أقنعتهم السوداء ووراء عدسات التصوير. لقد ظنوه وحيدا بين ايديهم ولم يدركوا انه كان مؤيدا بجنود من عند الله لم يروها، وبإرادة الأمة كلها بحاضرها وماضيها ومستقبلها.

كان صدام حسين على الدوام ومنذ صباه، مناضلا صلبا شجاعا، آمن ايمانا عميقا بأفكار ومبادئ حزب الأمة العربية، حزب البعث العربي الاشتراكي، وناضل طيلة حياته من أجل تحقيق أهدافه العظيمة في الوحدة والحرية والاشتراكية، وفي بناء مشروعه النهضوي الطموح للأمة. لم تُغرِه السلطة يوما، ولم يعش يوما حياة ترف، ليس لانها تتناقض مع مبادئه وقناعاته فحسب، بل لان حياة النضال والمناضلين كانت دوما الأحب الى نفسه وطباعه الأصيلة. هولم يسكن القصور، ولكنه شيدها كما شيد المساجد والصروح المعمارية والحضارية في جميع أنحاء العراق لتكون إرثا حضاريا لائقا بهذا القطر العظيم وعاصمته المجيدة.

لقد استهدف صدام حسين -والتجربة الفذة التي بناها البعث في العراق- منذ بدايات ثورة السابع عشر من تموز المجيدة عام 1968، لانه عمل على بناء قاعدة عصرية مقتدرة في العراق، علمية وصناعية وبشرية وعسكرية، رأى الاستعمار أنها تشكل خطرا على مصالحه غير المشروعة في الارض العربية. إذ أمم نفط العراق الذي كانت تستولي الشركات الاحتكارية الاجنبية على الجزء الأكبر من عائداته، وطور الانسان العراقي من خلال حملات محوالامية والتأهيل العلمي والصناعي، وارسل بعثات دراسية من طلاب العلم الى الخارج للتخصص في أفضل الجامعات العالمية وفي أكثر المجالات العلمية تطورا.. الى ان تحرر العراق من الجهل والتخلف، بل أصبح العراق في عصره دولة متطورة علميا وصناعيا وزراعيا وفي كثير من المجالات. كما بنى نظاما صحيا واجتماعيا هوالأفضل في المنطقة برمتها باعتراف المنظمات الدولية. ولذلك اغتيل.

لقد بنى صدام حسين عراقا عصريا موحدا على اساس الانتماء الوطني، لم يفرق بين المواطنين على اساس الدين أوالمذهب أوالقومية بل كان المقياس دوما هوالوفاء للوطن. واعتبر حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية مسألة مقدسة أمنها للجميع. ولذلك اغتيل.

سن صدام حسين قانون الحكم الذاتي لاشقائنا الاكراد في بداية السبعينات من القرن الماضي، ومنحهم حقوقهم القومية والثقافية، وشرع تدريس اللغة الكردية في المدارس والجامعات في منطقة الحكم الذاتي في شمال العراق، وصدرت الصحف والمجلات باللغة الكردية وأنشأت الاذاعات الناطقة بها، في الوقت الذي لا يتمتع فيه الاكراد في دول الجوار التي يتواجدون فيها اليوم، وبعد أكثر من ثلاثين سنة، بجزء بسيط من هذه الحقوق. ولذلك اغتيل.

صدام حسين كان دوما هدفا لاعداء الامة العربية لانه عمل لاجل رفعتها وعزتها وانتصر لقضاياها، ولم يتزحزح موقفه المبدئي يوما حيال قضية العرب المركزية فلسطين. فلم يقبل المساومة على الحقوق العربية التاريخية فيها، ورفض الاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب، ورفع شعار تحرير فلسطين من النهر الى البحر رغم كل ما تعرض له العراق من ضغط وعدوان وحصار. ولذلك اغتيل.

كما وقف صدام حسين في وجه الهجمة الشعوبية التوسعية الآتية من الشرق، فحمى العراق وصان وحدة ترابه وشعبه، ولقن ملالي قم وطهران درسا قاسيا، وأفشل مخططاتهم التوسعية وأحلامهم العنصرية المريضة، وأجبرهم بعد ثماني سنوات من الاصرار على العدوان، على تجرع كأس السم وعلى كف يدهم عن العراق. ولذلك اغتيل. ولكن هؤلاء عادوا لاحقا محتمين بحليفهم السابق الذي يطلقون عليه، استخفافا بعقول الناس، "الشيطان الاكبر"، والذي مدهم بالسلاح "الاسرائيلي" أثناء حربهم ضد العراق في ما عرف بفضيحة "ايران غيت". عادوا فوق دباباته، وتحت جناح احتلاله العسكري وحمايته، وجاءوا بعملائهم الذين نصبهم لهم الاحتلال الاميركي "حكاما" على العراق.

وصمد صدام حسين في وجه العدوان الثلاثيني الذي استهدف تدمير العراق وبنيته الصناعية والعسكرية والتحتية المدنية عام 1991، ثم بوجه حصار اجرامي جائر لثلاث عشرة سنة، وبعدها قاد المعارك بنفسه ضد قوات الغزوالاميركية عام 2003. ولذلك اغتيل.

لقد أراد الاحتلال الاميركي وحليفه الايراني من خلال اغتيال الرئيس الشهيد صدام حسين، اغتيال الامة العربية من محيطها الى خليجها، واغتيال روح المقاومة والتحدي والاباء فيها. أرادوا اغتيال العراق العظيم وتفتيته الى دويلات مشوهة، مسخ، قائمة على الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية تهيئة لابتلاع بعضها والهيمنة على بعضها الآخر، وتمهيدا لنقل تلك "التجربة" الى أقطار عربية أخرى، خدمة للأطماع الاستعمارية وللكيان الصهيوني. ولا عجب هنا ان تتشابه ردود الفعل الصهيونية والايرانية، حد التطابق في العبارات، تجاه هذه الجريمة.

لكن الامة لن تسلّم أمرها للغزاة ولن تستسلم لمخططاتهم، وستستمر في النضال لافشال مشاريع الاحتلال الخبيثة، وستستمر في المقاومة حتى تحرير الأرض وتطهيرها.

سيبقى الشهيد صدام حسين حيا مدى الدهر في ضمير الأمة وضمائر أبنائها وأجيالها، وسيكون على رأس معاركها من أجل التحرر والوحدة في كل وقت وزمن.

المجد لك والرحمة في عليين أيها الشهيد الخالد، إذ كنت بحق "قائدا تاريخيا يتصرف ويتعامل بالمقاييس التاريخية ويرسي قواعد السلوك للاجيال القادمة".

المجد والنصر للمقاومة الباسلة في العراق الماضية بثبات واقتدار نحوالتحرير الكامل، ولحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، طليعتها وعمودها الفقري، ولقيادته المجاهدة المتمثلة بالرفيق المجاهد عزة الدوري نصره الله وقيادة قطر العراق.

المجد والرحمة لشهداء العراق والبعث والأمة العربية الأبرار، وللشهيدين البطلين برزان التكريتي وعواد البندر.

المجد والتحية لكل الاسرى الابطال في سجون الاحتلال، وعلى رأسهم قيادة العراق الشرعية الصامدة.

المجد للبعث وللأمة العربية المجيدة.

للعودة الى الصفحة السابقــــة

Labels:

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker