حذروا يا عرب... القوات الدولية علي حدودكم!
حذروا يا عرب... القوات الدولية علي حدودكم!
د. محمد صالح المسفر/أستاذ جامعي من قطر
يتسابق بعض القادة العرب وخاصة في لبنان على تواجد قوات دولية على الحدود اللبنانية وراح بعض الزعماء اللبنانيين والعرب يحض الدول الأوروبية على الإسراع في نشر قواتها على الحدود اللبنانية الشرقية والشمالية والجنوبية، مهمة هذه القوات الدولية حماية العدو "الاسرائيلي" من أي ردة فعل من المقاومة اللبنانية في حالة اعتداء "اسرائيلي" على الأراضي اللبنانية، هذا في حال الحدود الجنوبية، أما في حال الحدود الشرقية والشمالية مع سورية فأن هذا توسيع لمطلب صهيو - أمريكي يساندهم بعض القيادات السياسية اللبنانية لوضع قوات دولية ولكل طرف من هذه الأطراف أهدافه - قوى لبنانية محددة تريد القطيعة مع دمشق لترتبط بأمريكا و"اسرائيل"، قوى تريد الارتباط بفرنسا و"اسرائيل" وأمريكا معا، أطراف أجنبية وعربية تريد القطيعة بين سورية ولبنان لأسباب تاريخية ووطنية ليس هذا مجال شرحها - في ظل هذه الدوامة يتعرض لبنان لأخطار متعددة لا يعلم حدودها الا الله عز وجل.
(2)
تكمن مخاطر القوات الدولية في حجم قوتها - إلى جانب أمور أخرى - فهي تتألف من قوات عسكرية مدججة بأحدث الأسلحة وأدق أجهزة الاستخبارات وتتشكل هذه القوة من جيوش خمس عشرة دولة أوروبية تمسك بزمام القيادة والتوجيه وبيدها مهام تنفيذية بموجب تفويض دولي ينتقص من السيادة اللبنانية وحرية الدولة في اختيار علاقاتها مع أطراف دولية أخرى. هذه القوة قد تتحول بفعل "اسرائيلي" إلى قوات احتلال لكل لبنان. قد يجادل بعض أصحاب الجدل في لبنان أو في دول المثلث العربي بأن بين هذه القوات قوات إسلامية من بنغلادش واندونيسيا وماليزيا ولكن السؤال ما دور هذه الدول الإسلامية وما مدى قوتها إذا كان الأمر يصدر من قيادة أوروبية؟ والحق أن ما على هذه القوات سوى السمع والطاعة أو الانسحاب.
هذا النموذج قد تم تطبيقه في العراق الشقيق قبل عام 2003 كانت "القوات المتعددة الجنسية" (الدولية) تحيط بالعراق من كل جهاته الجغرافية فهيأت الظروف لهذه القوات وانقضت على العراق وتم احتلاله. وهذا حال العراق اليوم لا يحتاج إلى شرح.
كان هدف هذه القوات المعلن في حينه والذي تعاطف معه بعض العرب هو "حماية جيران العراق من النظام السياسي في بغداد" قبل عام 2003. أما مهمة "القوات الدولية في لبنان" فهي حماية "اسرائيل" كما أشرت آنفا وحماية طابورها الخامس في بيروت وإلحاق الأذى بسورية الحبيبة بعد اكتمال الطوق عليها من كل جهاتها الجغرافية كما فعل بالعراق.
إن وجود أي قوات مسلحة على تراب دولة أخرى بصرف النظر عن نصوص الاتفاقيات يعتبر مساسا بسيادة الدولة ويشكل خطورة بالغة. أذكر في هذا المجال في النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي نهجت حكومة غرانادا في البحر الكاريبي نهجاً سياسياً يخالف السياسة الأمريكية لكنه لا يهدد "سلامة واستقلال وأمن أمريكا"، وأرادت الحكومة الغرنادية بناء مطار لم يساعدها في تمويل ميزانية ذلك المشروع سوى الاتحاد السوفييتي في حينه. لم يعجب أمريكا ذلك الفعل فقامت بافتعال قلاقل في الجزيرة الأمر الذي أدى إلى غزوها تحت ذريعة "إنقاذ الطلاب الأمريكيين الذين يدرسون الطب في تلك الجزيرة" وبقيت الهيمنة الأمريكية على تلك الدولة حتى هذه الساعة.
السؤال ألا يمكن أن يختلق أمر ما في لبنان يؤدي إلى نفس النتائج وتنصيب حكومة عميلة "لاسرائيل" وأمريكا كما فعلت في العراق؟
(3)
سؤال أطرحه بكل براءة، ما هو العائد السياسي والمادي والاجتماعي والاستراتيجي في المدى البعيد والمنظور لتحالف ما أصبح يعرف في لبنان وعربياً بـ"تحالف 14 آذار" من استعداء سورية في هذه الظروف الصعبة على لبنان وأمتنا العربية والمطالبة بوضع قوات دولية على الحدود بين البلدين؟ أو وضع أجهزة الكترونية تراقب تلك الحدود تشرف عليها قوى معادية للدولتين الشقيقتين سورية ولبنان. إن رصد تلك الحدود سيكون لصالح "اسرائيل" وليس لصالح لبنان!.
في هذا المجال فأن من حق سورية أن تغلق حدودها مع لبنان حماية لأمنها وسيادتها، وبالتالي يخسر لبنان اتصاله البري مع العالم العربي وهذا يشكل خسارة كبيرة، لكني أنبه إلى خطر آخر قد يحدث لا سمح الله وهو الضغط على الأردن لإغلاق حدوده البرية مع سورية وهنا تتضاعف الخسائر على سورية ولبنان، والمستفيد الوحيد في هذه العملية "اسرائيل".
(4)
الحرب أوقفت نيرانها المعلنة لكنها من الناحية العملية ما انفكت قائمة، يتمثل ذلك في الحصار "الاسرائيلي" على لبنان، والاختراقات "الاسرائيلية" للمجال الجوي والبري له، وسؤال أخر بريء أوجهه إلى "جماعة 14 آذار" (مارس) أين صداقتكم مع أمريكا؟ ولماذا لا تساعدكم على رفع الحصار عن شعبكم؟! "اسرائيل" حليفة أمريكا وأنتم حلفاؤها أيضا فلماذا تنفذ كل مطالب "اسرائيل" ضد شعبكم وبلدكم ولا تقيم لكم وزناً؟
لا تقولوا لنا أنكم لم تجردوا "حزب الله" من سلاحه بعد، وأنكم تريدون تنفيذ "اتفاق الطائف". "حزب الله" قال لن يكون سلاحه مشرعاً في العلن، وسيبقى سلاحه معه أسوة بالأسلحة المخزنة عند الأحزاب الأخرى مثل (المردة) و(النمور) و(حراس الأرز) و(الحزب الاشتراكي) "الدروز" و(جماعة أمل) و(القوات اللبنانية) وغيرها.. أما "اتفاق الطائف" فأن أهم بنوده تقول بتشكيل "حكومة وحدة وطنية" ويقيني أنها لم تتشكل حتى اليوم.
إن الذي يحكم لبنان هذه الأيام هم أحفاد مؤسسة الإقطاع السياسي من بيت الجميل إلى بيت جنبلاط إلى غيرهم ويضاف إلى ذلك إقطاعي جديد هو بيت الحريري والذين أنعم عليهم في حياته.
نريد حكومة لبنانية تحمي لبنان وتشد من أزر العرب في مواجهة مشاريع التقسيم في وطننا العربي الكبير لا حكومة طوائف وورثة إقطاع سياسي أفل نجمه
المصدر: المحرر
0 Comments:
Post a Comment
<< Home