الاحتلال الأميركي سيخرج قريبا من العراق
قبل قراءة المقابلة ملاحظة لابد منها من صلاح المختار
حينما غزت امريكا العراق كان من بين اول مافعلته هو اصدار قرار بالغاء حزب البعث او حله، ومنذ ذلك الوقت تستخدم اجهزة اعلام الاحتلال الامريكي تعبير (بعثي سابق) او (حزب البعث المنحل)! وهذا الامر مفهوم بالنسبة لسلطة الاحتلال الاستعماري للعراق، ولكن غير المفهوم ولا المقبول هو ان تستخدم فضائية تقول انها مستقلة (وصوت من لا صوت له) نفس التعابير الفاشية والالغائية! ان قناة الجزيرة تستخدم منذ الغزو حتى الان تعايبر مثل (البعث المنحل) او (البعث السابق) عند التطرق الى البعث، مع ان امريكا بالذات التي نحتت هذه التعابير الاستعمارية اخذت تتخلى عنها! وفي هذه المقابلة فعلت الجزيرة نفس الشيء حينما قالت في عنوان المقابلة (بعثي سابق: الاحتلال الأميركي سيخرج قريبا من العراق)، كما انها في نص المقابلة استخدمت نفس المصطلحات! والسؤال هنا هو : من جعل البعث سابقا او منحلا وهو حزب نشأ بقرار شعبي واستمر اكثر من نصف قرن، رغم ان ما تعرض له من اضطهاد وابادة كان كافيا لدفن اي حزب اخر، وهو الان القوة المقررة في ساحة العراق التي اذلت امريكا واجبرتها على طلب التفاوض معه؟ اذا كان حزبا سابقا ومنحلا يهزم امريكا ويجبرها على طلب التفاوض معه فاي امريكا هذه التي تطلب التفاوض مع سابقين ومتقاعدين؟ واي امريكا هذه التي تجبر اكبر الفضائيات على التقيد حتى بمصطلحاتها الفاشية الاجتثاثية؟ في هذه المقابلة تكرر الجزيرة ممارستها الببغاوية فتصف مناضلا بعثيا بانه (بعثي سابق) دون ان تعي انها بذلك تدين نفسها، فكيف تجري مقابلة مع (سابق) مع ان السياسة والاعلام لا يتعاملان الا مع (الحاضر) و(الفاعل)؟ انها كبوة (لنأمل انها كبوة) لغوية وسياسية واعلامية وقعت فيها الجزيرة منذ الغزو انسياقا وراء عولمة المصطلحات، او انسياقا وراء الموجة الطاغية رسميا، او الخوف من الخروج على النص الذي وضع قبل التاريخ، وهو تاريخ ما قبل ضرب البرجين، واصبح بعد التاريخ، وهو تاريخ ما بعد ضرب البرجين، غير مقبول!
اننا نقول للجزيرة وغيرها ان عليها ان تتعلم من التجارب الحية والماساوية بان البعث لم يوجد كي يصبح سابقا او منحلا بقرار استعماري او حكومي ايا كان، فلا احد يملك امكانية تحقيق ذلك، الم تفشل امريكا في اجتثاث البعث، رغم قتل عشرات الالاف من البعثيين، وليس في الغاءه فقط، فطلبت وتطلب مضطرة التفاوض معه الان؟ الم تعترف امريكا وكل من جلبتهم للعراق من ادواتها بان اي حل في العراق مستحيل من دون البعث؟ ان تجذر البعث وديمومته هما نتاج كونه من صنع الجماهير، ولذلك فان مصيره بيد الجماهير وليس بيد الاستعمار او منابر الاستعمار العلنية او المموهة. وما قلناه عن البعث ينطبق على ما تستخدمه الجزيرة لوصف شهداء الثورة العراقية المسلحة فهي تستخدم نفس مصطلحات الاعلام الامريكي واهمها (قتلى) او (مسلحين)! واخيرا لابد من لفت نظر الراي العام الى ان الجزيرة ومنذ الغزو قد قاطعت البعثيين العراقيين ولم تستضف احدا منهم، رغم انها تكرر القول بانها (منبر من لا منبر له)! فهل تعمد استثناء البعثيين من التمتع بحق ابداء الراي ينسجم مع هذا الشعار الذي نسمعه يوميا عدة مرات؟ وللامانة فقد اتصل بي برنامج (الاتجاه المعاكس) اكثر من مرة فاعتذرت لسببين، الاول ان هذا البرنامج غالبا هو عبارة عن صراع ديوك ينتهي بالشتائم والكلام البذيء، وانا شخصيا ارفض ان اكون هدفا لتنفيذ احد اهم اهداف شيطنة البعث وهو حرق الشخصيات الوطنية امام الراي العام باجبارها على النزول الى مستوى الشتم، والسبب الثاني هو ان البرنامج اختار شخصيات تافهة اخلاقيا ونكرات سياسيا واجتماعيا للجلوس امامي، وانا لست ممن يريد ان يظهر على الشاشة باي ثمن، لذلك اعتذرت من الاتجاه المعاكس، وقلت لمن اتصل حينما ستجدون شخصية محترمة تجلس امامي ساوافق.
والسؤال المهم هو التالي : لم لم يتصل بالبعثيين العراقيين اي برنامج اخر في الجزيرة، وهي كثر ما شاء الله، للتعبير عن رايهم الذي عتم عليه منذ الغزو؟ الاسوأ ان برنامجا معينا في الجزيرة، أشتهر مقدمه بانه حاقد على البعث لاسباب تحزبية، استضاف بعثيين سابقين (سابقين لان الحزب فصلهما وليس لان الاستعمار الامريكي احالهما على التقاعد) لا ليوضحا مواقف بعثية ويكشفوا الحقيقة بل لاستغلال احقادهم وارتباطاتهم لزيادة تشويه صورة البعث! انني الفت نظر كل مواطن عربي يؤمن بحق الامة العربية في الحرية والاستقلال الى حقيقة ان البعثيين العراقيين قد استبعدوا تماما من الاشتراك في برامج الجزيرة وغيرها لمدة اربعة اعوام تقريبا (منذ الغزو)، ولم يسمح لهم بذلك حتى اجراء مقابلة يتيمة مع المناضل ابو محمد مؤخرا للاعلان عن برنامح التحرير والاستقلال. وهذه الحقيقة اقترنت بتقديم برامج مملوءة بشتم البعث وتشويه صورته ونسج الاكاذيب حوله دون وجود من يرد عليها!
ومن المفارقات اللطيفة ان القناة التي حصل اجماع عربي على وصفها بالعبرية، وهي فضائية العربية، واشتهرت بانها اكثر الفضائيات مساهمة في تنفيذ خطة شيطنة البعث والعراق وتلفيق ونشر الاكاذيب الوسخة، كانت اكثر مرونة من الجزيرة في تنفيذ قرار منع البعثيين من التعبير عن رايهم! هذه الحقيقة هي التي اجبرتنا على الاعتماد على الانترنيت لايصال صوتنا في عصر خنقت فيه اصوات الوطنيين الحقيقيين. والحمد لله لقد كسرنا الحصار الاعلامي حولنا لدرجة ان مواقع وكتاب امريكيين واوربيين ومن العالم الثالث بارزين يتسابقون الان على اجراء اللقاءات مع رموز البعث الاعلامية والثقافية والسياسية، وهذه ادانة مباشرة للفضائيات العربية سجلت فيها حقيقة ان المناضلين البعثيين اوصلوا اصواتهم للعالم رغم الحصار الاعلامي العربي الذي فرض عليهم خصوصا من قبل الفضائيات. ان البعث خالد خلود الامة العربية وان من يريد عزله سيفشل حتما، كما ان من يريد وصفه بنفس مصطلحات الاحتلال الاستعماري سيخسر هو وليس البعث.
نص المقابلة في الجزيرة على الرابط التالي :
بعثي سابق: الاحتلال الأميركي سيخرج قريبا من العراق
الاستاذ صلاح المختار:
الاحتلال الأميركي سيخرج قريبا من العراق
حاوره من صنعاء - عبده عايش
أعرب الدكتور صلاح المختار القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي بالعراق عن تفاؤله بقرب خروج القوات الأميركية من بلاده.
وقال المختار خلال لقاء مع الجزيرة نت في العاصمة صنعاء إن "المقاومة العراقية تسيطر حاليا على أغلب مناطق العراق بما في ذلك العاصمة بغداد".
غير أن القيادي البعثي عبر عن خشيته من تدخل عسكري مباشر لإيران في أعقاب انسحاب القوات الأجنبية، واعتبر أن طهران "مخلب رئيسي" للأميركيين في العراق، كما شدد على أن من أسماهم بالعملاء سيهربون من البلاد ومن بقي منهم سيقدمون للمحاكمة.
وأكد أن "حزب البعث لديه نصف مليون مقاتل يقاومون الاحتلال ويبسطون السيطرة على العراق، وأن عقيدتهم دينية لم تتغير، وقومية البعث عربية وجوهره الإسلام"، لافتا إلى أن البعث وحلفاءه من فصائل المقاومة الإسلامية والوطنية سيحكمون العراق بعد التحرير.
انتمى المختار لحزب البعث العراقي منذ 48 عاما وتحديدا عام 1958، وآخر منصب رسمي شغله كان منصب سفير العراق في فيتنام والهند، وقد جاء إلى اليمن يوم 16يونيو/حزيران 2003 عقب الغزو الأميركي للعراق.
وفيما يلي نص الحوار:
هل تعرضتم على مدى إقامتكم في اليمن لأي ضغوط من السفارة الأميركية على الحكومة اليمنية من أجل إبعادكم أو الضغط عليكم لمنعكم عن ممارسة أي نشاط سياسي؟
نعم سمعنا من مصادر غير رسمية باليمن أن الحكومة الأميركية والسفارتين الأميركية والبريطانية وبعض المسؤولين الأميركيين الزائرين لصنعاء مارسوا الضغوط على حكومة اليمن لإبعادنا أو لإسكاتنا، أو حتى تسليمنا، فكان الرد اليمني أن هؤلاء ضيوف اليمن حكومة وشعبا، قبائل وأحزابا، وليس من أخلاق اليمنيين وتقاليدهم أن يسلموا ضيوفهم للآخرين، وقد حصل ذلك قبل عامين ويتكرر الأمر بين فترة وأخرى.
كيف تنظرون للحكم بإعدام الرئيس صدام حسين؟ وهل باعتقادكم أنه سينفذ؟
الحكم هو خطوة باتجاه إكمال عملية تدمير العراق، فالولايات المتحدة الأميركية عندما وصلت لقناعة بأن الاحتلال فشل وأن مشروعها في العراق انهار وأنه لا يوجد أمل لإحيائه، قررت أن تدمر ما بقي من العراق، فأطلقت فرق الموت التي هي أميركية إيرانية بهدف إشعال فتنة طائفية، وإلحاق ضرر بعلاقات العراقيين فيما بينهم، يبقى لعشرات إن لم يكن لمئات السنين.
والحكم بإعدام الرئيس صدام حسين يأتي في هذا السياق، وهدف الإعدام هو معاقبة المقاومة من جهة والضغط عليها، وإثارة فتن بين العراقيين من جهة ثانية، وهذا هو ديدن الاحتلال أينما حل.
كانت هناك أحاديث تفيد أن المقاومة العراقية ستقوم بعملية ما لفك أسر صدام، ما صحة ذلك؟
هذا الكلام غير دقيق وغير صحيح، لأن مكان أسر الرئيس صدام حسين هو معسكر أميركي محمي بالدبابات والطائرات، بينما المقاومة ليس لها أي دبابات أو طائرات، بل إنها تخوض حرب عصابات.
مسؤولون في الحكومة العراقية قالوا إن حكم الإعدام سينفذ قبل نهاية العام الحالي؟
القرار ليس بيد المالكي فهو ألعوبة بيد أميركا التي تمتلك القرار وحدها.
وكيف تنظرون لدعوة المالكي للمصالحة الوطنية مع استبعاد حزب البعث من أي عملية سياسية؟
يستبعدون البعث لأن الدعوة للوفاق الوطني هي بين عملاء للاحتلال الأميركي، وليس بين وطنيين يدافعون عن العراق. الدعوة هي للوفاق بين لصوص جاؤوا مع الاحتلال، وقد اختلفوا على حصص نهبهم للعراق بعدما دمروه، وليس على موقفهم من الاحتلال، فالدعوة الحالية للمالكي لا يقصد بها أساسا القوى الوطنية أو المقاومة.
ولكنهم يرددون أن لديهم اتصالات مع فصائل في المقاومة؟
هذا كذب، فليس لديهم أي اتصال بأي فصيل حقيقي في المقاومة.
وماذا بشأن القوات الأميركية والقول بأنها أجرت وتجري اتصالات مع المقاومة المسلحة؟ وهل من بينها البعث؟
هذا صحيح، وحزب البعث هو أول فصيل يتصلون به، لكن البعث رفض التفاوض إلا إذا قبلت أميركا الشروط الموضوعة سلفا.
وما هي هذه الشروط؟
هي الانسحاب الكامل من العراق وغير المشروط، والاعتذار من العراق شعبا وحكومة، وعودة النظام السابق الشرعي، وعودة الجيش وقوى الأمن الوطني، وتعويض العراقيين كمواطنين أصيبوا بأضرار فادحة منها فقدان الأرواح والأموال والممتلكات، وتعويض الدولة العراقية التي دمرت تدميرا كاملا، وإلغاء كافة القوانين التي صدرت بعد الاحتلال وفي مقدمتها قانون اجتثاث البعث، هذه أهم الشروط.
ولكنها تبدو شروطا مستحيلة التحقق ولن تقبل بها الولايات المتحدة الأميركية؟
لذلك نحن نقول إن على أميركا أن تستجيب لها، وإلا تستمر أميركا تواجه كارثة في العراق مثلما أحدثت للعراقيين كارثة.
ولكن هل تعتقدون أن حزب البعث سيعود كما كان حزبا حاكما متفردا في العراق؟
نعم سيعود، ولكن ليس كما كان.
هل سيعود وإلى جانبه بقية فصائل المقاومة الإسلامية والوطنية؟
بالتأكيد سيعود مع حلفائه من المجاهدين البعثيين وغير البعثيين، وكل القوى الوطنية العراقية التي قاومت الاحتلال، وكلها تأتي في إطار جبهة وطنية تحكم العراق بعد التحرير.
قلتم إن من شروطكم عودة النظام السابق، هل تقصدون هياكل ومؤسسات الدولة أم الأشخاص ونظام الحكم؟
أقصد الدولة السابقة ذات الشرعية الشعبية والدستورية بكافة أجهزتها من وزارات وجيش وأمن وهيئاتها الفنية.
وماذا بشأن الأشخاص، هل صدام سيعود رئيسا؟
لا نقول بعودة الأشخاص، بمن فيهم الرئيس صدام حسين، وهو نفسه لا يريد أن يعود رئيسا، المهم هو أن العراق يتحرر من الاحتلال، ونحن ليست لدينا مشكلة فيما يتعلق بمن سيكون رئيسا، بل المشكلة الأساسية هي كيفية تحرير العراق، ويربط ذلك بشرط أن تكون القوى الوطنية المقاومة للاحتلال هي الحاكمة بعثيين أو غير بعثيين.
هل المقاومة العراقية بعثية فقط؟ أين بقية القوى الإسلامية والوطنية؟
لا طبعا، فالبعثيون هم الفصيل الأكبر في المقاومة العراقية، لكن هناك مقاومة إسلامية وأخرى وطنية غير بعثية، وهناك مقاومة لشيوخ العشائر ولعلماء الدين، ولكنها صغيرة العدد ونشطة الطبيعة، أما البعث فعنده نصف مليون مقاتل.
هل ثمة قواسم مشتركة بين البعث وبقية الفصائل الإسلامية والوطنية المقاومة للاحتلال؟
نعم، فأغلب الفصائل لها تحالف مع البعثيين وتعاون وثيق منذ بدء الغزو الأميركي البريطاني وحتى الآن، وبرنامج التحرير والاستقلال يوضح هذه النقطة بالقول بأن الحكم ما بعد التحرير هو حكم وطني يمثل كل الذين ساهموا بالجهاد من أجل تحرير العراق، سواء كانوا فصائل إسلامية أو وطنية، عربية أو كردية أو تكرمانية، فهو حكم ائتلافي ولا يمثل حزبا واحدا.
وما هي العقيدة التي يقاتل بها البعثيون في العراق، هل هي قومية أم دينية؟
عقيدتنا دينية لم تتغير، ولكن قومية تقول إن العروبة جسد روحه الإسلام، لا يمكن في حزب البعث الفصل بين العروبة والإسلام، حزب قومي وجوهره الروحي الإسلام.
هل لكم علاقة مع تنظيم القاعدة بالعراق؟
نحن متفقون مع جميع فصائل المقاومة المسلحة في محاربة الاحتلال وطرده وتصفية العملاء، ولا يعيق هذا الاتفاق وجود اختلافات أيديولوجية، وكل من يحمل البندقية ضد الاحتلال هو رفيق وشقيق لي.
ومن جهة ثانية فقد أبلغ تنظيم القاعدة بالتالي بأن الهدف الجوهري والوحيد لجهادنا في العراق هو طرد الاحتلال الأميركي، وحينما ستطرد أميركا ستختفي البنادق وستبقى فقط بندقية الدولة العراقية، هذا قرار متخذ والقاعدة أبلغت به، وإذا رفضت القاعدة ذلك سيكون لنا في حينه شأن آخر معها.
ما هو هدف ما بعد التحرير لمقاومي البعث، هل هو إقامة دولة قومية عربية على النهج السابق، أم أن هناك تصورا مختلفا لما ستكون عليه الدولة العراقية؟
بعد التحرير ستقام حكومة مؤقتة ومجلس شوري مؤقت يعين من كل الفصائل التي قاتلت الاحتلال ومن كل القوى الوطنية لمدة سنتين، وخلال هذه الفترة نعيد الأمن للعراق فورا، والخدمات من ماء وكهرباء وغيرها بشكل تدريجي، ونرمم جروح العراقيين، ونهيئ لانتخابات حرة، وبعد الانتخابات الحرة يعرض دستور للعراق وإذا أقر تتحدد طبيعة الدولة العراقية ما بعد التحرير وما يقرره البرلمان العراقي المنتخب.
وأين موقع حكام بغداد الجدد من مشروعكم بعد التحرير؟
إنهم عملاء جاؤوا مع الاحتلال وسيخرجون معه، وإن بقوا في العراق سيقدمون للمحاكمة كخونة ومجرمين، وقد هرب منهم إبراهيم الجعفري وأحمد الشلبي ويقيمان اليوم في لندن، وكل الذين جاؤوا مختبئين في أحذية جنود الاحتلال خرجوا من العراق.
وهناك من الصف الثالث من العملاء يهربون من العراق، ومن بقي منهم يتولون مسؤوليات حكومية تحت الاحتلال وحتى هؤلاء يقضون أغلب أوقاتهم خارج العراق.
ومن يكون في العراق لا يستطيع الخروج من المنطقة الخضراء في بغداد، ولذلك هؤلاء مصيرهم أن يطلب من الاحتلال تسليمهم، وأحد شروط المقاومة في المفاوضات تسليم الخونة والعملاء الذين ساهموا بغزو وتدمير العراق ولا مجال للمصالحة معهم على الإطلاق.
ولكنهم يحظون بقواعد شعبية كبيرة خاصة في الجنوب ومناطق الكثافة الشيعية؟
أؤكد لك أنهم سوف يهربون خلال النصف ساعة الأولى من التحرير، لن يبقى أحد منهم، لأنهم ارتكبوا فعل الخيانة العظمى، ودمروا العراق، وساعدوا الاحتلال.
وأين أنتم من دعوة صدام حسين للتسامح؟
نتسامح مع من يقبل برنامج المقاومة، وليس مع من ارتكب جرائم بحق العراقيين، ويستمر في موقفه مع الاحتلال.
هل لديكم أمل بتحرر العراق من ربقة الاحتلال الأميركي البريطاني خلال العامين القادمين؟
أقرب مما تتصور، فالعراق سيتحرر قريبا وقريبا جدا، والأميركان الآن يلملمون أغراضهم للخروج، وهذه القرارات التي تصدر منهم والتهديد بإعدام صدام حسين كلها مقدمات للهروب من العراق.
هل تتصورون أن تسلم أميركا بهذه السهولة وتقبل الخروج من العراق بدون قيد أو شرط رغم الخسائر الهائلة المالية والمادية والبشرية التي تكبدتها؟
بالتأكيد أميركا لن تخرج بسهولة من العراق، لكن إذا أخذنا بنظر الاعتبار طبيعة أميركا والمجتمع الأميركي وطبيعة أهداف أميركا في العراق من جهة ثانية.
ندرك أن خروجها من العراق قريب جدا، فالمجتمع الأميركي قائم على أن هناك إلها واحدا هو الدولار، وقلة قليلة تؤمن بالمسيحية، فالأغلبية الساحقة ما يحركها هو الدولار والضريبة التي يدفعونها للحكومة، فما يقرر انتهاء الحرب أو بقاؤها هو المواطن الأميركي الذي يدفع الضرائب.
وحين أصبحت حرب فيتنام مشكلة داخلية بأميركا يتحملها المواطن الأميركي من أمواله ودماء أبنائه انتهت الحرب، ليس بانتصار عسكري فيتنامي وإنما بانتصار سياسي ومعنوي، هزمت أميركا لأن بقاءها صار غير مجدي، وكل الذي تواجهه هو استنزاف بالدم والمال فقررت الانسحاب، وفي العراق يجري هذا الأمر بشكل أكثر مما جرى في فيتنام.
ولكن الخسائر البشرية في صفوف القوات الأميركية لا تتجاوز ثلاثة آلاف قتيل، بعكس خسائرهم في فيتنام؟
هذا هو الإحصاء الرسمي للأميركيين، لكن قبل أسبوعين قرأت تقريرا أميركيا غير رسمي أصدرته مجموعة تتابع غزو العراق وترصد خسائر أميركا يقول إن عدد قتلى الأميركيين في العراق لا يقل عن 20 ألف قتيل، والمعوقين نفسيا وجسديا 48 ألفا.
وإذا أخذنا هذه الأرقام فقط وتركنا كل شيء نجد أن خسائر أميركا في العراق أكثر من خسائرها في فيتنام لأن الحرب في فيتنام استمرت أكثر من عشر سنوات، قتل فيها 48 ألف أميركي في حين أنه خلال ثلاث سنوات من حرب تحرير العراق خسرت أميركا 20 ألف قتيل حسب المصدر الأميركي.
وبحسب مصادر المقاومة فإن عدد القتلى لا يقل عن 38 ألفا، وهناك عدة مقابر جماعية للأميركيين في عدة مناطق بالعراق، وكشف النقاب عنها من قبل مواطنين عراقيين وقد صوروها.
ومؤخرا بعد إصرار طويل اعترف جورج بوش بأن الوضع في العراق يشبه الوضع في فيتنام، وذلك يعني أن حرب العراق أصبحت مشكلة داخلية في أميركا ونتائج الانتخابات النصفية للكونغرس أكدت هذا الأمر.
والديمقراطيون استفادوا من هزيمة أميركا في العراق لإسقاط الجمهوريين من الكونغرس الأميركي، ولا أخفي سرا إن قلت إنه سوف تجري مباحثات بين الديمقراطيين والرئيس جورج بوش للاتفاق على خطة تتحدد فيها خارطة طريق الانسحاب من العراق.
هل ثمة مفاوضات حصلت بين الأميركيين مع حزب البعث أو فصائل أخرى مسلحة من أجل البحث في تفاصيل الانسحاب بحيث يحفظ لهم ماء الوجه؟
الأميركيون يعرفون على وجه اليقين أن حلا في العراق بدون البعثيين فاشل سلفا، فإذا تفاوضوا مع أطراف أخرى من المقاومة أو غيرهم، فرأي البعثيين هو الذي يقرر النجاح أو الفشل لأي اتفاق، لأن حزب البعث هو الذي يمسك أرض العراق الآن، والقوة الضاربة له تبلغ نصف مليون مقاتل بعثي.
وهناك مصاعب كبيرة تواجه الأميركيين كما تواجه العراقيين، منها أن أي انسحاب أميركي بدون التفاوض سيقترن بانطباع عالمي أن أميركا قد هزمت في العراق.
لكن بالمقابل إذا فاوضت أميركا المقاومة وعلى رأسها حزب البعث وحلفاءه، عليها أن تقدم تنازلات للمقاومة، وإذا لم تقدم تنازلات لن تكون هناك مفاوضات، وسيستمر الطحن، طحن الأميركيين وطحن العراقيين إلى أن تنهار أميركا في العراق، لذلك ستواجه منذ الآن أحد أمرين، إما الانهيار العسكري الكامل أو التفاوض. أما إذا اختارت الهروب فهو أسوأ الخيارات بالنسبة لها.
هل تخشون حدوث حرب أهلية إذا انسحبت أميركا فجأة من العراق بدون مفاوضات؟
لن تحصل حرب أهلية، وستسيطر المقاومة على العراق وستفرض الأمن خلال فترة لا تتجاوز خمس ساعات، وهذا أمر حقيقي، وفي هذه اللحظات المقاومة هي التي تسيطر على أغلب مناطق العراق بما فيها بغداد باستثناء بؤر هي حي الشعلة ومدينة صدام التي يسموها مدينة الصدر، وهي مطوقة من كل الجهات بالمقاومة وبداخلها توجد مقاومة أيضا.
ومم تخشون إذن؟
ما نخشاه هو حدوث تدخل إيراني عسكري مباشر إذا انسحبت أميركا بدون مفاوضات مع المقاومة، أن تدخل بالطائرات والدبابات والقوات العسكرية الإيرانية، وكما تعرف أن الهدف المركزي للمخطط الأميركي هو تقسيم العراق لثلاث دويلات، دولة كردية في الشمال، ودولة سنية في الوسط، ودولة شيعية في الجنوب، وإيران هي العنصر الحاسم في تنفيذ هذا المخطط، فهي المخلب الرئيسي للاحتلال الأميركي للعراق.
الجزيرة 20/11/2006
0 Comments:
Post a Comment
<< Home