Thursday, October 18, 2007

صلاح المختار:من يريد تقسيم تركيا والعراق


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
من يريد تقسيم تركيا والعراق؟


رسالة مفتوحة الى رئيس الوزراء التركي من صلاح المختار
سيادة رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي المحترم

تحية طيبة
هذه الرسالة من مناضل عراقي ضد الاحتلال ويعمل على مع رفاقه على دحر الاحتلال واحباط مخطط تقسيم العراق، والذي ثبت الان بالادلة والوقائع المادية انه مجرد خطوة اولى واساسية ستعقبها حتما، اذا نجح تقسيم العراق (لا سامح الله)، خطوات اخرى لتقسيم دول المنطقة كلها، بما في ذلك تركيا. انني لا اكتب استنادا لتصورات غير ثابتة بل اعتمادا على مجرى الاحداث الواقعية اضافة للمواقف الرسمية الامريكية بشكل خاص تجاه العراق المحتل، والذي يواجه، رسميا وعمليا، مخطط تقسيم تعرفون خطواته الاساسية منذ حصل الاحتلال، ولكنني اود فقط ان اذكّر بالخطوة الاخيرة، وهي قرار مجلس الشيوخ في الكونغرس تقسيم العراق، وهي خطوة تأتي في سياق تكتيك معروف هو التكتيك التعاقبي في تقسيم المنطقة، حيث تتعاقب الخطوات فيه واحدة بعد الاخرى.
لذا ارجو من سيادتكم ان تقرأ هذه الملاحظات الاساسية، والتي تعرفون الكثير منها بالتاكيد، لكن التذكير بها وربطها بغيرها يحدد لنا الطريق الذي تدفع فيه عملية تقسيم المنطقة كلها. ولاجل زيادة الوضوح ارجو ان تطلب من الخبراء في الخارجية التركية واجهزة المخابرات لديكم دراسة رسالتي هذه للتأكد من دقة ما سيرد فيها.
1 – ان تبني مجلس الشيوخ في الكونغرس الامريكي قرارا بخصوص ما يسمى ب (مجزرة الارمن) خطوة اولية اساسية يراد منها ان تخدم سياسات قادمة مختلفة عن السياسة الرسمية الامريكية الحالية تجاه تركيا، وهي ليست مجرد قرار لا قيمة تطبيقية له، كما يقول البعض، لان القرارات الستراتيجية تبنى على خطوات متتابعة وبطيئة زمنيا لكن كل خطوة منها تكمل ما سبقها وتشكل قاعدة تزداد متانتها بمرور الزمن. ان قرار انشاء اسرائيل في فلسطين، مثلا، والذي اتخذ في نهاية القرن التاسع عشر، نفذ تدريجيا وكانت الهجرة اليهودية الى فلسطين هي الاسلوب الاساسي في التنفيذ، وبعد مرور حوالي نصف قرن قامت اسرائيل، كما ان احتلال العراق عام 2003 استند رسميا على قرار الكونغرس الامريكي المسمى (قانون تحرير العراق) الذي تبناه في عام 1998. والسؤال هنا هو التالي : لماذا اتخذ الكونغرس الامريكي قرار ادانة (مجازر الارمن)، هذا الحدث الذي وقع في بداية القرن الماضي وهو محاط بتفسيرات متناقضة؟ وما مغزى التوقيت؟ لم لم يتخذ هذا القرار قبل عشر سنوات؟ لم يتخذ الان مع تعرض تركيا والمنطقة كلها لازمات التقسيم واثارة الصراعات الطائفية والعرقية؟ لم يتزامن مع رفض الاتحاد الاوربي قبول تركيا والتشدد في فرض شروط تعجيزية على قبولها؟

2 –
كما ان هناك قضية بالغة الحساسية وهي التي تتجسد في السؤال التالي : لم تعترض امريكا، بشدة ملفتة للنظر، على الحق التركي المشروع في الرد على اعمال عدوانية من جماعة انفصالية تستخدم العنف ضد الدولة التركية وتحاول تقسيمها على اسس عرقية؟ هل لامريكا وحدها الحق في الهجوم بشكل مدمر ولا انساني على من تشك، مجرد تشك، بانه يريد ممارسة العنف ضدها كما حصل في العراق، في حين انها تحرم الاخرين من حق الرد وحماية المصلحة الوطنية على اعمال تقع فعلا ويوثق وقوعها؟ هل بالامكان استبعاد ان امريكا، وهي تريد منع الرد التركي، تنفذ قرارا سريا بحماية عناصر تخدم عملية التقسيم وتنفذها؟ ولم لا تعد امريكا حزب العمال الكردي منظمة ارهابية مع انها ارهابية وفقا لمعايير امريكا بالذات؟ ولم تدعم وتحمي منظمة هويتها الرسمية الماركسية – اللينينة مع ان امريكا تدعي انها تحارب الماركسيين؟ ان هذه الاسئلة اساسية وهي ترشدنا الى نتيجة اكيدة وهي ان امريكا تستتخدم حزب العمال الكردي التركي الان للاعداد لعمل وخطة قادمة لن تكون غير تقسيم المنطقة ومنها تركيا، وهذا الحزب يستطيع ان يلعب دورا اساسيا في تقسيم تركيا.
ولنفترض ان هذه الاستنتاجات غير دقيقة فان السؤال الذي يفرض نفسه هو التالي : لم تقف امريكا هذا الموقف الذي يضعف دولة حليفة لامريكا، هي تركيا، من اجل حزب مهما كبر فانه صغير ولا يحكم الان؟ اذا كان الجواب هو الدفاع عن (حقوق الانسان) فانه جواب ضعيف ولا يقبله الا ساذج لا يرى ان اشد انواع الخرق والاحتقار لحقوق الانسان تقوم به امريكا في العراق وغيره، الذي تحول الى اكبر مقبرة جماعية في التاريخ الانساني، بعد قتل اكثر من مليون ونصف المليون عراقي فقط بعد الغزو، وتدمير مدن عراقية بكاملها فوق رؤوس سكانها، مثلما حدث للفلوجة. ان دور حزب العمال الكردي التركي في نشر الفوضى والعنف في تركيا معروف ولا يخفى على احد، لذلك فان من الاكيد ان امريكا تحتفظ بهذا الحزب لدور اكبر واخطر من دوره الحالي كمثير للفتن وناشر للعنف في تركيا، والسؤال هو ماهو هذا الدور المنتظر لذلك الحزب؟

3 – وهناك قضية لا تقبل الاختلاف في التفسير وهي دعم وكالة المخابرات المركزية الامريكية لحزب العمال الكردي التركي بالسلاح والمال والمعلومات، وهي حقيقة تعرفونها في تركيا، وأكدتها ادلة كثيرة، الامر الذي لابد ان يفرض السؤال المركزي التالي : لم تدعم امريكا بواسطة مخابراتها، حزب العمال الكردي التركي خصوصا بالسلاح؟ اذا رد البعض بالقول بان دعم المخابرات لذلك الحزب قرار غير رسمي فيجب ان نذكّر بان المخابرات الامريكية ليست وكالة سفر يقرر مديرها سياستها بل هي خاضعة بصرامة لاوامر مديرها، والذي يتلقى اوامره من اعلى المراجع الرسمية، لذلك لا مجال للشك بان دعم المخابرات هذا هو موقف الحكومة الامريكية والادارة الامريكية بالذات. من الواضح ان لامريكا مصلحة في دعم حزب العمال الكردي التركي، وهنا مرة اخرى نطرح السؤال المنطقي التالي : ما هي مصلحة امريكا في دعم هذا الحزب الذي يسعى للانفصال عن تركيا؟ ان تخلي هذا الحزب عن هدف الانفصال تكتيك معروف، كما اثبتت تجربة العراق مع الحزبين الكرديين اللذين نفيا في الماضي ان تكون لهما اهداف انفصالية لكنهما ما ان توفرت الفرصة حتى اعلنا انهما انفصاليان وان اتحادهما مع العراق هو (اتحاد اختياري) وان (الانفصال حق طبيعي) وان (العراق فيه شعوب عراقية) وليس شعبا واحدا هو الشعب العراقي، كما كانوا يقولون من قبل! ان الخداع والتضليل هما من بين اهم اساليب القوى الانفصالية، ولذلك فان دعم امريكا لحزب انفصالي تركي له معنى محدد بدقة : انه اعداد البيئة لتقسيم تركيا لاحقا.

4 –
منذ انهيار الاتحاد السوفيتي بدأ الكتاب والخبراء الأمريكيون يتحدثون علنا عن مدى الحاجة الامريكية الى تركيا، واخذ البعض من كتاب امريكا وخبراءها يتحدث عن تركيا ك(عبء ستراتيجي) Strategic burden يثقل كاهل امريكا، بعد كانت تركيا تعد من قبل امريكا في العقود السابقة لسقوط الاتحاد السوفيتي (رصيدا ستراتيجيا! Strategic asset (وكانت الحجة الاساسية هي ان تركيا كانت تخدم امريكا اثناء الحرب الباردة بوجود القواعد العسكرية في تركيا المجاورة للاتحاد السوفيتي، لذلك فان زوال الاتحاد السوفيتي ادى الى انتفاء الحاجة الى تركيا، ومن ثم فان دفع المال الى تركيا اصبح عبئا لا ضرورة لاستمراره. لكن تصاعد الازمة مع العراق، بعد فشل العدوان الثلاثيني عام 1991 في اسقاط النظام الوطني التقدمي في العراق وتشديد الحصار كوسيلة لاستنزافه وإسقاطه ببطء، ادى الى استمرارالاعتماد على تركيا من قبل امريكا. وهكذا استبدلت امريكا الخطر السوفيتي بالخطر العراقي والوضع الاقليمي المضطرب لتبرير استمرار دعم تركيا ماليا والاعتماد عليها بنفس الوقت. ولكن بعد غزو العراق، ودخول المخطط الامريكي الاقليمي مرحلة تقسيم دول المنطقة على اسس عرقية ودينية وطائفية لاجل اعادة رسم خارطة الشرق الاوسط كله وبناء شرق اوسط جديد، وفقا لمتطلبات ستراتيجية أمركة العالم، برزت ضرورتان أساسيتان :
أ – ضرورة تقسيم العراق.
ب – ضرورة تقسيم دول المنطقة كلها، بما في ذلك تركيا بتأثير صدمة تقسيم العراق.
وهاتان الضرورتان تمثلتا في خريطة جديدة اعدتها اوساط امريكية ونشرت هذا العام يظهر فيها بوضوح تام ان تركيا ستقسم كما تقسم الاقطار العربية وايران، وان العنصر الاساسي في التقسيم هو اقامة دولة كردية كبرى تضم اراض عراقية وتركية وايرانية وسورية، اضافة لتقسيم دول المنطقة على اساس انفصال الاقليات العرقية والدينية والطائفية وتمثيلها بدول!
ان السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو التالي : هل ما يكتب في الصحافة الامريكية ويطرح في الكونغرس ضد تركيا منذ سنوات هو رأي الكتاب واعضاء في الكونغرس ام انه تنفيذ متدرج لتكتيك اعداد البيئة لتبني موقف معاد لتركيا، بشكل كامل، في المستقبل القريب؟ ان ما حصل للعراق يقدم اجابة ثمينة بالنسبة لتركيا لان امريكا بدات الاعداد لتقسيم العراق في عام 1973 بعد عام من تأميم العراق النفط فبدأت تظهر مقالات ودعوات لتقسيم العراق كانت عبارة عن تمهيد متدرج للتقسيم لاحقا.
ومن المهم التذكير هنا بان الولايات المتحدة الامريكية كانت تنكر رسميا وجود أي نية لتقسيم العراق في العقود السابقة، لكنها الان تبدأ خطوات التقسيم الرسمي بتبني الكونغرس قرار تقسيم العراق، بعد ان نفذت منذ الغزو في عام 2003 خطوات التقسيم الواقعي على الارض، بفرض دستور كونفدرالي، وليس فدرالي كما يسمى خطئا، على العراق واستخدام فرق موت متخصصة في القيام بقتل وابادة مليون ونصف مليون عراقي، منذ وقع الغزو فقط، وتهجير ستة ملايين عراقي عربي من ديارهم، من مجموع 26 مليون عراقي، وجلب حوالي اربعة ملايين ايراني وكردي من تركيا وايران وسوريا وغيرها ومنحهم الجنسية العراقية من اجل تغيير هوية العراق العربية، لان العرب يشكلون نسبة 85 % من السكان. الدرس الكبير في ضوء ما تقدم هو ان امريكا تتبنى قرار بصورة سرية او غير رسمية وتبدأ باعداد البيئة المناسبة لتنفيذه تدريجيا. ان اقتران الحملات الامريكية على تركيا، سواء المباشرة او غير المباشرة، بنشر خارطة ومعلومات امريكية عن وجود خطة امريكية لاعادة رسم خارطة الشرق الاوسط (الذي يضم الوطن العربي وتركيا وايران) بطريقة تقسم كافة الدول فيه، باستثناء اسرائيل لضمان ان تصبح الاخيرة اكبر سكانيا من اغلب الدول الجديدة، ان ذلك يؤكد ان تقسيم تركيا قرار امريكي سري متخذ!

5 – وهناك مسألة مهمة جدا وهي ان التمرد الكردي في شمال العراق اعتمد علنا على الدعم الاسرائيلي المباشر بعد غزو العراق، والسؤال الاساسي هنا هو : لم اعتمد التمرد الكردي على اسرائيل مباشرة؟ اذا تجاوزنا مسالة مهمة جدا، وحقيقية الى حد كبير، وهي ان من يضمن دعم اسرائيل له يضمن دعم الاعلام والكونغرس والادارة في امريكا، بقيت لدينا مسألة اخرى مهمة وهي ان المطلوب تأسيس كيان كردي قوي وقادر، عسكريا واستخباريا واقتصاديا، على خدمة اسرائيل وامريكا من قلب المنطقة. ان موقع قيادة التمرد الكردي يتوسط العراق وتركيا وسوريا وايران، وهو بهذا الامتياز الجيوبولوتيكي يستطيع ان يكون حاملة طائرات ضخمة مستقرة في قلب منطقة تريد امريكا اعادة رسم خارطتها لاجل استخدامها في تغيير خارطة العالم كله.
ان الخطوة الاساسية التمهيدية هي فرض امريكا لسيطرتها على هذا القلب الجيوبولوتيكي، بعد تفتيته، وتحويله الى قواعد ثابتة وقوية لاحتواء وتفتيت الاتحاد الروسي والتخلص من خطره قبل ان ينهض ويعود الى العالم كقوة عظمى تهدد مطامع امريكا العالمية. وبعد ان يفتت الاتحاد الروسي تبدأ خطة احتواء الخطر الاعظم على مستقبل امريكا وهو الصين، كما يعترف تقرير المخابرات الامريكية، وفي هذه الخطة يكون الاستيلاء التام والمباشر على النفط في الخليج العربي والجزيرة العربية وبحر قزوين هي اهم اهداف امريكا لتحجيم الصين اقتصاديا ومنع تقدمها وفقا للخطط الصينية.
اذن الغزو الامريكي للعراق ومحاولات تقسيمه ما هي الا خطوات تمهيدية ستعقبها خطوات اخرى تشمل تركيا لاجل احكام قبضة امريكا على المقتربات الستراتيجية الاساسية للعدو المباشر، وهو روسيا الان كما تشير التوترات الحالية بين روسيا وامريكا، والعدو القادم وهو الصين، والتحكم بقدرات الاتحاد الاوربي وغيره من القوى الكبرى، والتقدم نحو اعادة تشكيل العالم وفقا لخطة اطلق عليها المحافظون الجدد تسمية (القرن الامريكي)
أي جعل العالم متشكلا على وفق ماتريده امريكا. في هذه الخطة يبدو التمرد الانفصالي الكردي في شمال العراق احد اهم القواعد الاساسية لتحقيق الحلم الامريكي الاكبر والاقدم وهو اقامة امبراطورية امريكية تسيطر على العالم كله.

اذا نطرنا الى الدور الاسرائيلي في تنفيذ هذا المخطط فاننا نلاحظ ما يلي :
أ – ان امريكا لكي تمنع اتهامها بانها تنفذ مخططا عالميا يشمل تركيا وغيرها تعتمد على اسرائيل في تأسيس قاعدة انطلاق عملية تقسيم تركيا، بعد تقسيم العراق، في شمال العراق.
ب – ان لاسرائيل مصلحة اساسية في تقسيم العراق لانه التهديد الاكبر لمستقبلها كما اكدت مواقفها، لذلك فان الفرصة التاريخية التي اتيحت لتحقيق (حلم تدمير بابل) تعدها اسرائيل الفرصة الوحيدة والتي اذا ضاعت ستتعرض اسرائيل لمخاطر كبيرة جدا. وهذه المصلحة الاسرائيلية تجعل اسرائيل مصممة على تحويل شمال العراق الى قاعدة قوية ومتمكنة من تحقيق الحلم الاسرائيلي.
ان هذه الحقيقة تؤكد ان هناك تقسيما وظيفيا بين امريكا واسرائيل فيما يتعلق بخطة تقسيم المنطقة كلها، تقوم من خلاله اسرائيل بدور مكمل للدور الامريكي دون ان تتحمل امريكا تبعات ما تقوم به اسرائيل في شمال العراق، مما يبقيها محصنة ضد النقد الاقليمي العربي والتركي، وهكذا يستمر العمل في تأسيس قاعدة اسرائيلية هي الاخطر في شمال العراق.


6 – هناك من يتحدث عن غلق امريكا لقواعدها في تركيا وتأسيس قواعد في شمال العراق بدلا عنها، لتقوم بدعم قاعدة انطلاق موجة تقسيم دول المنطق من شمال العراق، وهذا التوجه محتمل خصوصا وان الاحتلال الامريكي للعراق يواجه هزيمة كبيرة وفشلا ستراتيجيا بسبب قوة ونجاحات المقاومة الوطنية العراقية. وهذا الحديث ليس خاليا من الصحة لان امريكا اجرت مسحا لاراضي شمال العراق لاجل تحديد المواقع الصالحة لاقامة قواعد ستراتيجية هناك تريد استخدمها لتحقيق اهداف عديدة ولكن اهمها ما يلي :
أ – أقامة قواعد عسكرية قريبة جدا من بغداد ولا توجد قيود على استخدامها، مثل القيود التي فرضتها تركيا على دخول القوات الامريكية اراضيها وكيفية تحركها، من اجل مواجهة النظام الوطني الجديد بعد تحرير العرق وهزيمة امريكا، واستخدامها كمطرقة تضرب النظام الجديد يوميا لحرمانه من القدرة على الاستقرار وتقديم الخدمات الامنية وغيرها مثل اعادة بناء الدولة العراقية، والهدف النهائي هو اجبار النظام الجديد على قبول مطاليب امريكية محددة منها ما يتعلق بالنفط.
ب – دعم وتوجيه النشاطات الانفصالية في تركيا والعراق وايران وسوريا من شمال العراق، وتحت مظلة وتبرير ان الحكومة الكردية في شمال العراق حرة ولا تستطيع امريكا السيطرة على كل تصرفاتها، مثلما يحدث الان، حيث تقدم (حكومة) الانفصال الكردي في شمال العراق الدعم الكامل لحزب العمال الكردي، علنا برفض مهاجمته وسرا بتقديم كافة اشكال الدعم له بما في ذلك الدعم العسكري المفتوح، ليقوم بدوره في الاعداد لتقسيم تركيا وانضمام اكرادها للانفصاليين في شمال العراق، او بالعكس، وهذه الحقيقة تدعمها عملية تنشيط التمرد الكردي في ايران الان بعد هدوء طويل ابتدأ في الثمانينيات من القرن الماضي بعد وصول خميني للسلطة.

7 – يمكن القول بان اخر الاهداف الستراتيجية التي كانت امريكا تحتاج الى تركيا للمساهمة في تنفيذها هو هدف اسقاط النظام الوطني في العراق، سواء بتحييد تركيا او بالحصول على دعمها. والان وبعد ان تم اسقاط النظام الوطني في العراق يطرح سؤال مهم نفسه هو : هل جاء دور تركيا في المخطط الامريكي لتقسيم المنطقة؟ وربما يكون احد اهم الاسئلة الاضافية هو : هل الفشل حتى الان في تقسيم العراق سيكون دافعا لامريكا للبدء بتقسيم تركيا لدعم خطة تقسيم العراق وبقية الاقطار العربية وايران؟

8 – هناك سؤال مهم جدا وهو : ما هي اداة امريكا في تقسيم تركيا؟ هل هي بدعم التمرد الكردي وتوسيعه فقط؟ ام انه باضافة ضغوط اخرى ذات طبيعة سياسية، ومنها قرار الكونغرس بادانة ما اطلق عليه تسمية (مجزرة الارمن) واثارة موضوع حقوق الانسان في تركيا؟ هل هو ايقاف المساعدات المالية لتركيا لخلق ازمات اقتصادية تساعد على عزل الاحزاب السياسية التركية او اضعافها وتفتيتها؟ هل هي زيادة رفض الاتحاد الاوربي لانضمام تركيا اليه؟

السيد رئيس لوزراء المحترم
هذه ملاحظات اردت تسجيلها لتسليط الضوء على ما تواجهه تركيا الان من تحديات، ولقد تعلمنا في العراق من خلال تجربة العقدين الماضيين ان نلتقط كل مؤشر، مهما كان ضعيفا او بعيد الاحتمال، لان مصالح الامن القومي لكل بلد تحتم افتراض الاسوأ من الاحتمالات والتعامل معه على انه ممكن الحدوث ووضع خطة او خطط لمنع وقوعه، لتجنب كوارث الاهمال الجزئي او الكلي. وفي ضوء ماتقدم من الضروري ان نطرح السؤال التالي : ما المطلوب من تركيا والعراق عمله لحماية امنهما القومي من المخططات الانفصالية؟
ليس سرا ان مفتاح اسقاط مخططات التقسيم التي تنفذها امريكا في العراق، وتوسيعها لتشمل تركيا وغيرها، هو العراق بالذات. لقد ارادت امريكا ان يكون تقسيم العراق بداية ومنطلقا لتقسيم الشرق الاوسط كله واعادة رسم حدوده وتشكيل دوله، من خلال جعل العراق بؤرة تنشر فوضى التقسيم والتشرذم الاثني والديني والطائفي في الاقليم كله، وما جرى منذ عام 1980، حينما فرض خميني الحرب كخيار وحيد امام العراق للخروج من الازمة التي فجرها شعار (نشر الثورة الاسلامية)، يؤكد بالوقائع بان الرافعة الاساسية في المخطط الامريكي هي رافعة تقسيم دول المنطقة، على اسس عرقية وطائفية ودينية. من هنا فان الرد الناجح والوحيد على مخطط شرذمة دول المنطقة يجب ان يأتي من العراق بالذات، بغلق البؤرة التي خلقتها امريكا لنشر التقسيم، من خلال دحر الاحتلال ومواصلة الطرق على راسه عسكريا، لوضع امريكا ام خيارين لا ثالث لهما، فاما الانهيار العسكري للاحتلال، وهو محتمل وقريب كما تدل كافة المؤشرات من ساحات القتال، واما ان تتفاوض امريكا مع قيادة المقاومة الوطنية العراقية، بعد ان تقبل امريكا بشروطها المعلنة.
ان قيام دولة مركزية وقوية في العراق المحرر بقيادة المقاومة الوطنية العراقية بكافة فصائلها، مثلما كان العراق قبل الاحتلال، هو المدخل الوحيد الذي يوفر الفرص للقضاء التام على الحركات الانفصالية الاثنية والدينية الطائفية، في العراق ومن ثم في الاقليم كله بما في ذلك في تركيا. وهذه الحقيقة تبلور قاعدة بداهة ثابتة، نجمت عن الدور الاجرامي والخطير لمن يحكمون شمال العراق الان وهم افراد عصابة البارزاني والطالباني، وهي ان للعراق مصلحة وطنية وللامة العربية مصلحة قومية في التعاون مع تركيا، والتي هي الاخرى لها مصلحة قومية كالعرب والايرانيين، في القضاء على بؤر الانفصال جذريا واجتثاث جذور النزعات الانفصالية الى الابد بعمل اقليمي مشترك لاغنى عنه. انكم تعلمون، ياسيادة الرئيس، بان المشاكل تأتيكم من شمال العراق، وهذه مشكلة لا يمكن حلها الا بتعاون تركي – عراقي مباشر ومستمر، كما كان الحال قبل غزو العراق، والفرق هذه المرة هو اننا عرفنا على وجه اليقين بان التمرد الكردي المسلح مدفوع من قبل اسرائيل وأوساط غربية تريد تقسيم الاقطار العربية وتركيا، وان التمرد في شمال العراق هو الاداة الاساسية في تغذية التمرد المسلح في تركيا وايران، وهو ما اعلنه البارزاني والطالباني مرارا وتكرارا منذ عام 2003، بتأكيدهما بان من حق الاكراد الانفصال وتأسيس دولة كردية مستقلة موحدة على انقاض تركيا والعراق وايران وسوريا.

وما جعلنا ننتبه الى ان اهم ادوات الاستعمار والصهيونية، في تقسيم الاقطار العربية وتركيا وايران، هو العصابات الكردية الاجرامية، وفي مقدمتها التنظيم الخطير البيش مركة، التي لعبت الدور الاخطر في محاولات تقسيم العراق وابادة أبناءه وتذويب هويته الوطنية والقومية. ان هذه الحقيقة اجبرتنا على الايمان المطلق بان الحل الحاسم هو القضاء التام الشامل والنهائي على تلك العصابات بلا تردد او تراجع، واعتبار تلك المهمة هي الواجب الاول لدول المنطقة مهما اختلفت حول قضايا عديدة، بعد طرد الاحتلال من العراق.
ان التعاون، الان وفي المستقبل القريب، بين العراق، ممثلا بالمقاومة الوطنية العراقية المسلحة، وتركيا هو مفتاح حماية الوحدة الوطنية العراقية والتركية، واستئصال النزعات الانفصالية الاثنية والطائفية. ولذلك فان التحالف بين العراق، المحتل الان والمحرر قريبا، وتركيا سيكون، من وجهة نظرنا، القاعدة الارتكازية لضمان امن واستقرار كافة دول المنطقة ومنع تشرذمها، وما نأمله هو ان تكون تلك قناعة تركيا ايضا عند وضعها لخارطة طريق انقاذ وحدتها الوطنية وضمان مستقبل الاجيال التركية القادمة.

سيادة رئيس الوزراء :
إننا مناضلو العراق، الذين قاتلنا ونقاتل الاحتلال الامريكي، نعرف ان (عقب اخيل) امريكا هو احتلال العراق، ومالم تتعاون تركيا الان مع المقاومة الوطنية العراقية فان مستقبل تركيا لا يبعث على التفاؤل. كما ان المقاومة العراقية تدرك بان التعاون التركي معها سيوفر فرصة لتقليص معاناة شعوب المنطقة ويعجل بطرد امريكا من العراق، بما في ذلك من شمال العراق، وهنا يكمن مقتل التمرد الانفصالي. ربما يقول البعض ان تركيا تغامر بتعاونها مع المقاومة العراقية، ولذلك يجب ان نذكر بان عدم التعاون بين المقاومة العراقية وتركيا سيعجل بتقسيم تركيا ويفضي اليه، وهو امر تؤكده المؤشرات الحالية، واذا قسمت تركيا فانها ستتحول الى دويلات قزمة، وسيقع الشعب التركي تحت سيطرة اعداء حاقدين عليه لعدة عقود من الزمن وربما لعدة قرون. لذلك فان مصلحة تركيا القومية اهم من علاقاتها بامريكا، وخسائر تركيا من جراء دعم المقاومة العراقية اقل بكثير من خسائر عدم دعمها واستمرار تنفيذ مخطط تقسيم تركيا.
ان تحالف تركيا مع عراق المقاومة هو مفتاح دحر المخطط التقسيمي وانقاذ العراق وتركيا وكافة دول المنطقة من مخاطر الشرذمة، وطرد النفوذ الاجنبي من المنطقة.
وفي الختام اود ان ان اشير الى ان هناك اغلبية كردية صامتة (صامتة الان نتيجة الارهاب الفاشي في الجزء الكردي من شمال العراق)، ترفض الانفصال، لانها تعتقد بصدق بان الحكم الذاتي ضمن الكيان الوطني العراقي هو الحل العملي الوحيد والهدف النهائي للاكراد وليس الانفصال، لاسباب عملية ووطنية، وهؤلاء ممثلون في المقاومة العراقية المسلحة باكثر من تنظيم كردي يقاتل ضد الاحتلال وضد زمرة الطالباني والبارزاني الخائنة، من هنا فنحن نؤمن بان القضاء على التمرد المسلح بالقوة لا يكفي وحده لحل المشكلة الكردية اذ لابد من الاعتراف بالقومية الكردية وحقوقها، والسقف الأعلى لتلك الحقوق هو الحكم الذاتي، وهذه الحقيقة اثبتت صحتها تجربتنا في العراق.
تقبل احترامي

صلاح المختار
17 – 10 - 2007
Salah_almukhtar@gawab.com

Labels:

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker