غزو العراق واحتلاله..ج1
غزو العراق واحتلاله..
ولادة المقاومة العراقية..
ولادة المقاومة العراقية..
أسماء شهداء أول معركة للمقاومة العراقية.
حوار مع الذات..
حوار مع الذات..
بقلم : محمد ابو عالية
إطلعت على بعض المقابلات التلفزيونية والصحفية وبعض ما نشر في الكتب، عن البدايات الاولى لإنطلاق المقاومة العراقية.. ولم أطلع على الكثير مما فاتني، بسبب الغياب المزمن لشريان الحياة عن العاصمة بغداد (الكهرباء).. فهي الجلاد اليومي الذي يشبعنا هماً، في الصيف والشتاء.. وما أصعب الأيام، عندما تصل درجات الحرارة إلى أكثر من (50) درجة مئوية. وترى العراقي، يمشي حاسر الرأس، تحت أشعة الشمس، ولفافة الدخان في فمه، وهو يبحث عن ربع قالب ثلج جمّد في مياه غير صالحة للشرب.. ويصدم عينيك مشهد من بعيد.. لطوابير العربات التي إصطفت بالكيلو مترات، برفقة أصحابها، بغية الحصول على ألتار من البانزين، في بلد تسبح تحت تربته بحيرات النفط والدم والبارود..
ترى لماذا تعود بعض الناس، وخصوصاً منذ الإحتلال، على الصمت واللعن والتبرير وتلبسهم اليأس!؟، بعد أن غادرتهم حالة الرفض والتصدي.. فقد وهنوا يوم تركوا عاصمتهم عرضة للنهب والحرق والغدر والإحتلال..
وإذا مر ويمر ليل وليال من الشتاء وغيره.. وليس لنا، سوى القمر و فانوس عتيق.. وكنا وجوه ملثمة.. فارقتها أحلام الدعة والسكون والسفر والأطفال والاسرة.. لتحل محلها فريضة الوطن ورايته التي دنسها الغزاة وأعوانهم.. فرحنا نتدفأ بأعقاب البنادق وحشوات البارود وكأس شاي وموال قديم.. ولحظة إنتظار لرتل عدواني موغل في العهر يتمدد في شوارع الوطن..
ولاعجب لذلك الفرح الشبابي الذي يرقص له أفراد كل مجموعة أصابت العدو مقتلاً فكل نصر ختامه صيحات الله اكبر.. قالها قبلهم أجدادهم كل الصحابة والعظماء.. فنحن أحفاد من إخترع الحروف وشريعة حمورابي والعجلة وأول عجائب الدنيا " الجنائن المعلقة " والمدرسة المستنصرية.. ومن سامراء سار جيش المعتصم نحو " عمورية "..
فمن رحم هذا الوطن وجراحه، ولدت المقاومة العراقية..
ولإجل الحقيقة.. وللتوثيق.. ولاأدعي انني أمسك بكل الحقائق والوثائق.. آليت على نفسي ان أعرض ما لدي من معلومات عن النشأة للوليد العراقي الذي غطى مساحة الوطن أملاً ورجولة واقتدار.. وأترك للقارئ الكريم، الحكم على البدايات، فقد كثر الأدعياء وكثرت الدكاكين والتجار..
فتاريخ انطلاق المقاومة الوطنية العراقية، لايخفى بغربال..
وأسباب إحتلال الوطن معلوم ومعروف..
والهدف من تدمير العراق معروفة اسبابه..
ولكن لدى البعض بقايا حقد على نظام وطني حاربته الدنيا بكل جبروتها، ولم تثنه او تحرفه عن ثوابته الوطنية والقومية.. وكان الثمن غالياً، فالسلطة والنظام الوطني ورأس إمين عام الحزب، قد دفع مهراً لحرية الوطن وكرامته..
ترى هل زائر الليل في شوارع الغربة وحاناتها.. يقارن برديفه زائر الليل والنهار، الدائر في شوارع الوطن، باحثاً عن عجلة همر أو دبابة أو طائرة أو عميل غادر أجير.. وهل تجوز المقارنة بين من يتمنطق في ستوديو " العراقية التابعة للسفارة الأميركية، وحليفاتها تلفزيونات الحرية وكرد سان والفيحاء الطائفية والفرات والمسار الصفوية والحرة من واشنطن وتلفزيونات الكويت وطهران وتل أبيب وغيرها.. " وبين من يصنع الحدث العملي في بغداد والطارمية، في القائم والمحمودية، في النجف والأنبار والخالدية، في الموصل والحويجة وبهرز والخالص وطوز خورماتو، وسامراء واليوسفية، في الزبير والعشار وأبي الخصيب وشوارع الديوانية، في العامرية والدورة والأعظمية، في الصليخ والفضل وشارع حيفا وبلد روز وكركوك وحديثة والفلوجة والكرخ وحي الجامعة، في المدائن وبعقوبة الشطين وتلعفر والضلوعية والصينية وهيت والصقلاوية وأبي غريب والمقدادية..
ومن بين ما قرأت :
1 – كتاب الإعلامي احمد منصور (قصة سقوط بغداد) :
ورد في الصفحة 141 " المقاومة لم تبدأ بعد " بثقة كاملة واختصار شديد أجابني أحد المحسوبين على تيار المقاومة في العراق حول سؤال لي عن مستقبل المقاومة.
2 – سأبدأ بأختيار مسلسل الرعب الذي سيطر على بريمر بفعل تطور عمليات المقاومة وربما أصيب بداء السكر، حيث هرب قبل يومين من الموعد المحدد لمغادرته وهو 30 حزيران 2004 فقد جاء في الصفحة 44 من كتاب حاكم العراق الأميركي بول بريمر (عام قضيته في العراق) الآتي: (كانت قواعد الإشتباك التي تتعامل بموجبها القوات مع العراقيين تضعف بإستمرار. ففي أثناء الغزو، شهدنا إتساع الهجمات التي ينفذها فدائيو صدام – وهم قوات غير نظامية بلباس مدني – لذا فوضت قواتنا بالدفاع عن نفسها بإطلاق النار على أي مدني يحمل سلاحاً. والان ثمة ميليشيلت وعصابات إجرامية مسلحة تجوب الطرقات في العديد من المدن العراقية، ولم تكن قوات الإئتلاف وقادتها واثقون من كيفية الرد.).
ويقول في الصفحة 101 :
(كان الوضع الأمني يشغل حيزاً كبيراً من تفكيرنا، ففي هذا الوقت، بعد مضي أكثر من شهر قليلاً على قدومي، كانت الهجمات على قوات الإئتلاف بنيران الأسلحة الصغيرة وحتى بقذائف الاربي جي، آخذة في التصاعد على الرغم من أنها متفرقة).
وجاء في الصفحة 137 :
(بغداد – 14 تموز 2003 – إرتعشت صورة الجنرال أبي زيد على شاشة التلفزيون المسطحة ثم إختفت، لكن القناة الصوتية لم تنقطع. " المتمردون البعثيون يرفعون حتماً من مستوى نشاطهم، سيدي الوزير" قال جون من مقر قيادة القيادة الوسطى في تامبا متحدثاً الى دونالد رامسفيلد في البنتاغون.).
ورد في الصفحة 138 :
(كان مقصد الجهاديين ما تدعوه القيادة الوسطى " المثلث السني " كانت هذه المنطقة هي الملاذ الذي فر اليه عدد غير معروف من البعثيين المتشددين المنتمين الى فرقتي الحرس الجمهوري، نبو خذ نصر وعدنان خير الله).
جاء في الصفحة 153 :
(أجبرني تهديد الهجمات بصواريخ أرض جو على تأخير إعادة إفتتاح مطار بغداد الدولي، والان تنحدر طائرات سي – 130 حلزونياً بحدة إثناء الهبوط " للتحايل " على الصواريخ التي تتبع الحرارة).
جاء في الصفحة 155 :
(لدينا معلومات عن ان ولدي صدام يساعدان في تنظيم بعض المقاومة المضادة للإتلاف).
ورد في الصفحة 164 :
بعد ظهر يوم الخميس 7 آب 2003 قال ليبرني كيريك كبير مستشاري الشرطة لدي : (إنفجرت للتو سيارة مفخخة قرب السفارة الأردنية في منطقة الأندلس).
قلت لبيرني : (أول السيارات المتفجرة).
(إذا يمكن ان تكون السيارة المنفجرة عند السفارة الأردنية فاتحة حملة المقاومة التي تنظمها المخابرات العراقية).
ورد في الصفحة 186 :
(الجمعة آب 2003)
(وقع إنفجار هائل في هذه المرة في النجف.. تبين ان أحد القتلى من آيات الله الكبار وأحد أعضاء المرجعية، محمد باقر الحكيم).
ورد في الصفحة 197 :
(بدأت قذائف الهاون والصواريخ تتساقط حول مقر قيادة سلطة الأئتلاف المؤقتة في الأسابيع الأخيرة).
جاء في الصفحة 207 :
(كنت نائماً في غرفة النوم المغلقة بمنزلي عندما أيقظني انفجار ثانية، وتلا الإنفجار على الفور نظام مكبر الصوت الذي صدح : " إحتموا.. إحتموا ".. قذائف هاون ياسيدي، صاح أحد حراس بلاك ووتر الأمنيين، وما ان دخلت ملجأ المنزل حتى سقطت قذيفة اخرى على بعد 200 ياردة الى الشمال، وبعد خمس دقائق سقطت ثالثة في الجانب البعيد من المجمع، كانت تلك هجمات إزعاج متسرعة رديئة التصويب وليست قصفاً منسقاً، ومعظمها يحدث في الليل.. لكنها كانت تقطع نومنا وتذكرنا بأن الحرب لاتزال متواصلة).
جاء في الصفحة 280 :
(كان التحليق بالمروحيات في الظلام في مثل هذا الطقس محفوفاً بالمخاطر، فقبل تسعة أيام، في صباح يوم 2/11/2003 أطلق المتمردون صواريخ أرض جو محمولة على الكتف بإتجاه مروحيتين للجيش الأميركي من طراز تيشينوك قرب الفلوجة، كانت الطائرتان محملتين بالجنود وتتجهان الى مطار بغداد، عندما تصاعد دخان الصواريخ الأبيض، أطلق الطاقم بالونات المغنيزيوم الحرارية لأبعاد الصوارخ، لكن أصيبت إحدى المروحيتين وتحطمت، فقتل خمسة عشر جندياً وجرح عشرون، جراح إثنين منهم قاتلة).
ورد في الصفحة 282 :
(كانت نقطته الثانية ان الجيش دخل على ما يبدو في وضع سلبي أو إنفعالي منذ أواخر آب 2003 عندما بدأت الهجمات بالسيارات المتفجرة على جوانب الطرقات)
ورد في الصفحة 284 :
(يوم 7/11/2003 أعلن ريك سانشيز عن مقتل أربعة جنود آخرين في عدة هجمات منها إسقاط مروحية أخرى قرب تكريت هذه المرة).
وأخيراً بينما كان بريمر في طريق المطار قادماً من أميركا في شهر كانون الأول، كانت الساعة الحادية عشرة ليلاً.. يقول : (ركبت أنا وبريان سيارتي المصفحة للعودة الى المنطقة الخضراء، وكانت قافلتنا من عدة عربات في الأرض وفي الجو مروحيتان من طراز بل.. وفي أثناء العودة على طريق المطار، عندما دوى إنفجار – مزيج من الوهج الحار والصوت الذي يصم الأذان – ودفع مؤخر السيارة الثقيلة الى اليمين ومع إن أذني كانتا تطنان، سمعت أصوات طلقات رشاشة، لقد تعرضنا لكمين محكم التنظيم، كنت أتنفس بصعوبة، وأشعر بجفاف في حلقي..).
3 – نشرت مجلة الشراع اللبنانية المقربة من حركة أمل في العدد 1141 حديثاً مع من وصفته بأحد قادة المقاومة العراقية، ذكر ان مقتدى الصدر أخبرهم أثناء اللقاء معه في الفلوجة في حزيران 2003 بأن إيران هي التي قتلت والده في عام 1999. علماً ان هذا اللقاء قد تم مع شخص قدم نفسه بأسم (نايف الدليمي) ويدعي أنه مقاوم من التيار الإسلامي، وعندما تم الإستفسار منه عن تقسيمات المقاومة أجاب : (تنضوي المقاومة تحت عدة تشكيلات وهي أشبه بمعركة بين المسلمين والمشركين، وتضم هذه المقاومة (جيش محمد) و (جيش أنصار السنة) و (جيش الله أكبر) و (سرايا المجاهدين) والبعثيين..).
4 – نشر منتدى بغداد الرشيد ومنتدى العراق والمقاومة العراقية ‘ لقاء مع أحد قادة المقاومة العراقية بتاريخ 27/2/2006 ومن بين الأسئلة التي وجهت اليه :
س : كيف سيكون شكل نظام الحكم بعد تحرير العراق؟
ج : (ان نظام الحكم بعد تحرير العراق سيكون نظاماً ديمقراطياً تعددياً).
س : على ماذا يعتمد حزب البعث في تمويله؟
ج : ان سر قوة حزب البعث والمقاومة الوطنية العراقية هو ان الله تعالى وقف ويقف مع هذه المقاومة العظيمة، ونعتقد بأن هذه المقاومة فريدة من نوعها فهي أسرع مقاومة في التاريخ، وهي تواجه أكبر قوة عسكرية على الأرض وأكبر قوة إقتصادية وأكبرقوة إعلامية، وإن عناصرها أي المقاومة هم أبناء شعب العراق، ولدينا نماذج موثقة بأن العديد منهم قد باع أثاث بيته ليقاتل به، وقد تقاسم رغيف الخبز مع رفاقه بعد ان قطعت جميع الموارد وأبسطها رواتبهم. ومع هذا فإن المقاومة تقوى وتزداد.
5 – ورد في دورية (صوت الحق) التي تصدر عن الجبهة الوطنية لتحرير العراق (حق) في العدد السابع 22 شباط 2006 :
(نحن مقاومون من شيعة آل البيت مسلمون على سنة الله ورسوله.. لذلك نقاوم).
(نحن في الجبهة الوطنية لتحرير العراق كما في الحزب القومي الديمقراطي وبقية أطراف الجبهة فينا الشيعي والسني..).
6 – كتب أحد الأخوة الكتاب ممن كانوا خارج القطر قبل وأثناء وبعد الغزو والإحتلال، في مقال له :
(لقد صودرت آلاف الملايين من الدولارات الخاصة بالمقاومة والحزب من قبل ضباط الإحتلال وبث ذلك غالباً من شاشات التلفزيون، وكانت قوات الإحتلال تساوم من يؤسر بطلب تقديمه معلومات عن أموال الحزب مقابل إطلاق سراحه، وبهذه الطريقة تم الاستيلاء على ما كانت القيادة قد أعدته لتمويل المقاومة لسنوات طويلة دون حاجة للدعم الخارجي، كما ان من كانت لديهم أمانات من الذين غادروا العراق، إتصلت بهم المخابرات الأميركية، أما مباشرة او بواسطة أنظمة عربية يقيمون على أراضيها، وأبلغتهم بأن بأمكانهم الإحتفاظ بأموال الحزب والمقاومة مقابل ضمانة بعدم تسليمها للحزب والمقاومة وحمايتهم من عقاب الحزب والمقاومة، فجردت المقاومة الوطنية من أهم مصادر التمويل وأصبحت فقيرة مادياً رغم أنها تمثل القوة الأساسية عسكرياً وتنظيمياً وجماهيرياً. لقد تبددت أموال تبلغ أكثر من 3 مليارات دولارات خصصها القائد الشهيد صدام حسين للعمل المقاوم! مقابل ذلك فإن التنظيمات الإسلاموية تتدفق عليها أموال كثيرة تزيد على حاجتها الفعلية فتقوم بإستقطاب مجاهدين بعثيين في صفوفها لم يعودوا قادرين على ممارسة الجهاد في صفوف البعث نظراً لأزمته المالية التي تجبره على إستخدام أعداد محددة من مقاتليه فيما يجمد الاخرون! فماذا حصل؟ لقد وجد بعثيون كثر أنفسهم في تنظيمات غير بعثية رغماً عنهم ولم تبرز مشكلة إلا عندما أخذت عناصر من هذه التنظيمات بالمساهمة مباشرة في الحملة الأميركية القائمة على شيطنة البعث!).
7 – يدفع البعث والمقاومة بقوة، لإقامة الجبهة الوطنية القومية والإسلامية، كونها هدف ستراتيجي في منظور البعث، لأجل دعم العمل الجهادي، ودحر الإحتلال وطرده ومقاومته بشتى الوسائل..
8 – جاء في مقابلة نشرتها جريدة (تحولات) اللبنانية العدد21 نيسان 2007 مع السيد احمد الحسني البغدادي، وهو من المراجع الدينية المنادية بمقاومة الإحتلال الأميركي للعراق، وهو المرشد الروحي لحركة الأسلاميين الأحرار :
(ان أول طلقة مقاومة إنطلقت من بيت شيعي في بعقوبة..).
9 – يؤكد الشيخ الدكتور حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين، في نفس العدد من الجريدة اعلاه :
(هناك مقاومة صحيحة في العراق تهدف الى دحر الإحتلال ومن يعاونه بشكل واضح وساطع، وهناك إرهاب وهو الذي يستهدف الأبرياء من أبناء العراق مدنيين كانوا أو غير مدنيين، ويستهدف البنى التحتية والمنشأت الرسمية والمهنية، ولكن من الذي يقوم بهذا الإرهاب؟ إنها قوات الإحتلال، ثم ممارسة الحكومات التي شكلت في ظل الإحتلال، وهناك ايضاً بعض المخابرات الأجنبية، وهناك العصابات الإجرامية المتنوعة، وفرق الموت التي تعيث في الأرض فساداً.).
إستهداف العراق ونظام الحكم الوطني فيه
ان استهداف النظام السياسي في العراق معروف للقاصي والداني، فبعد الإطاحة برجل السي آي أي رئيس الوزراء عبد الرزاق النايف وزمرته يوم 30 تموز 1968، وإحالة بعض الضباط على التقاعد ومنهم ابراهيم فيصل الأنصاري، أيقنت المخابرات الأميركية أن فراغاً قد حصل في الساحة العراقية، لذلك قررت العمل على إزاحة البعث من السلطة، وذلك من خلال التئآمر على قيادته، في ذلك الوقت كان للمخابرات الأميركية والصهيونية والإيرانية، نشاط وتنسيق واضح في العراق، وكانت الشركات الأميركية تحاول الحصول على إمتياز إستثمار الكبريت في العراق، وكانت السفارة الأميركية في بيروت تدير النشاط الإستخباري والتجسسي والعملياتي في المنطقة، لذلك فتحت ابوابها للعديد من الخونة من حملة الجنسية العراقية، ممن يسعون لتغيير النظام، وفي أيلول 1968 بدأت خيوط المؤامرة الأميركية الإيرانية،(عملية الغزال) المتمثلة بدعم بعض الشخصيات الرجعية والطائفية والعسكرية، لغرض القيام بمؤامرتهم الأولى ضد الثورة، فتم اختراق المخطط التئآمري، إستخبارياً من قبل المخابرات العراقية، وبإشراف الشهيد القائد صدام حسين، عندما كان نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة، ومشرفاً على مكتب العلاقات العامة (المخابرات). وبدأت المساعدات المادية تصل الى المتأمرين عن طريق السفارة الإيرانية في بغداد، وجرت عدة أتصالات مع الجانب الأميركي، في الكويت وطهران وبيروت والبصرة، وكان لحادثة كشف الشبكة التجسسية الصهيونية في العراق، وإعدامهم في ساحة التحرير، الأثر الواضح في زيادة الدعم الصهيوني - الإيراني لمجموعة التأمر. وقد أوكلت مهمة التأمر الى كل من : (عبد الغني الراوي – نشر المذكور مذكراته مؤخراً وأكد أشتراكه بالمؤامرة المذكورة – عبد الرزاق النايف، ابراهيم الداود، الملا مصطفى البارزاني، عزيز السعد، سلمان الدركزه لي، كاكا احمد، صفوك ريكان، عبد الغني شندالة، كمال الراوي، جابر حسن حداد، شكري محمود، حسن الخفاف، فاطمة الخراسان، سعدية صالح جبر، فاضل الناهي، سلمان التميمي، صالح السامرائي، محمد عباس مظلوم ومفتن جار الله..)، بتاريخ 15/11/1969 تم إستلام الوجبة الأولى من السلاح القادم من إيران عبر ناحية (زرباطية)، وبتاريخ 15/12/1969 تم إستلام الوجبة الثانية من السلاح المكونة من (3000) بندقية رشاشة مع مبالغ مهمة لغرض توزيعها على الأتباع، وحدد يوم 20 كانون الثاني 1970 موعداً لتنفيذ المحاولة الإنقلابية، وتم تسهيل مهمة دخول العسكريين الى بناية المجلس الوطني، حيث مكتب السيد النائب الشهيد رحمه الله، فأصاب الجميع الذهول، وأسقط في يدهم، عندما خرج اليهم القائد وهو يسخر منهم، فتمت إحالتهم الى المحكمة الخاصة، ونالوا العقاب الذي يستحقونه. وتفاعل موضوع إسقاط النظام منذ عام 1972 يوم اتخذت قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، أخطر وأجرأ وأهم قرار في مسيرة الحزب والثورة، ألا وهوقرار تأميم النفط العراقي في الأول من حزيران من ذلك العام.. فجاء ذلك القرار بمثابة خط أحمر قد تم تجاوزه من قبل قيادة البعث.. وبصمود ودعم الشعب تم تجاوز الحصار الأول، الذي فرضته الدول الإستعمارية، مالكة الشركات المؤممة، على إنتاج وبيع وتسويق النفط العراقي.. فبدأت الأصابع الصهيونية والغربية والأميركية والاقليمية تحرك أذنابها من عناصر التمرد في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي كان يقوده الملا مصطفى البارزاني، والذي لم يقم بأي خطوة جادة لتنفيذ إتفاقية 11 آذار 1970 فاستمرت زيارات الخبراء من ضباط دولة العدو الصهيوني وضباط الشاه واستمر تدفق وخزن السلاح، فالبرنامج المحدد للملا هو افشال اتفاق آذار.. وبعد فشل مؤامرة مدير الأمن العام ناظم كزار بتاريخ 30/6/1973، ومع اندفاع القوات العراقية نحو الجبهة الشرقية، إثر نشوب حرب 6 تشرين 1973 وقيام الطائرات المقاتلة العراقية بالمشاركة في تنفيذ الضربة الأولى ضد المواقع الصهيونية في سيناء وعلى خط بارليف، كان القرار إستنزاف العراق وتفكيك الجبهة الوطنية التي قامت بعد التأميم،وقبيل مجئ 11 آذار1974بأيام الذي سيتم فيه تطبيق اتفاق الحكم الذاتي كما هو متفق عليه، إستناداً للأتفاق السابق وأنتهاء فترة المرحلة الإنتقالية، أرسل (الملا) ولديه الى القيادة في بغداد طالبا تأجيل تطبيق الحكم الذاتي، تحت ذريعة وجود مشاكل ضمن القيادة الكردية، فرفضت القيادة الطلب، لأنها رغبت ان تكون دوماً وفية لتعهداتها أمام الشعب والأمة.. وما ان تم أعلان تطبيق الحكم الذاتي، حتى كان (الملا) في خانة التمرد والعصيان مجدداً، واندفعت ترسانة الشاه و (أسرائيل) بكل ثقلها لخدمة التمرد الإنفصالي.. فأتفاقية 11 آذار 1970 (الحلم) بالنسبة لشعبنا الكردي، مزقها طيش وتبعية وجهل وعناد القيادات الكردية..
وإستمر التمرد الكردي المسلح الى أن جاءت إتفاقية الجزائر عام 1975 التي كانت القشة التي قطعت رقبة البعير..
وأخيراً وليس آخراً تخلت أميركا عن حليفها ورجلها في المنطقة شاه إيران، لمصلحة معمم سيطر الحقد عليه، فدمر العباد والإقتصاد، ولم يقطف سوى الشعارات والهزائم، طيلة (8) سنوات عجاف، ذهب خلالها مفاعل تموز، الذي دمرته الطائرات الصهيونية، مستغلة إنشغال العراق في حربه مع إيران.
وبعد انتهاء الحرب المفروضة على العراق بإنتصاره على إيران، بدأت الحرب الإقتصادية على العراق (حرب أسعار النفط) بهدف تركيعه إستمراراً لنهج التأمر عليه.. وصل سعر برميل النفط دون ال (20) دولار نتيجة زيادة ضخ النفط من قبل الكويت والإمارات والسعودية..
وفي عام 1990 وإتماماً للنهج العدواني والتأمري ضد العراق وقيادته، وخلافاً لكل السنوات السابقة التي كان فيها الأتحاد السوفيتي هو العدو الأول، بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، وحيث ان الحرب الباردة قد إنتهت، فكان تمرين القوات الأميركية (المناورات البحرية والبرية لقوات التدخل السريع) بقيادة الجنرال شوارزكوف قائد القيادة المركزية الذي بدأ في شهر تموز 1990 على أساس ان (العراق) هو العدو، ويمكن العودة الى مذكرات الجنرال المذكور (مذكرات شوارتزكوف – الأمر لا يحتاج الى بطل) الطبعة الأولى سنة 1993. فيذكر أنه قدم تقريراً الى الإدارة الأميركية عام 1989 بعد جولة له في الشرق الأوسط يشير : ان الخطر الأول والأساسي على الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط ومصالحها هو العراق.
واعتباراً من بداية عام 1990 بدأت الحملة الإعلامية ضد العراق من خلال تضخيم موضوعة (المدفع العملاق) وقضية إعدام الجاسوس بازوفت.. الخ. وقامت الولايات المتحدة الأميركية بإلغاء التسهيلات الإئتمانية للعراق من خلال بنك الإستيراد والتصدير الأميركي.
قال الأستاذ الدكتور خير الدين حسيب في مقابلة مع فضائية (أي أن بي) يوم 4/1/2007 :
(فقضية التخلص من الرئيس صدام هي قضية سابقة، وموقف أميركا من صدام هو موقف سابق لقضية الكويت، من عام 1989 وأول عام 1990 أميركا وبريطانيا كانتا مصممتين على القضاء على الرئيس صدام حسين).
والسؤال لماذا؟
العراق خرج من الحرب ولديه جيش تعداده حوالي مليون ولديه خبرة قتالية وأسلحة، كما تبين للأميركان إن الرئيس صدام لديه طموحات وحدوية خارج العراق. وتبين لهم كذلك ان الرئيس صدام حسين إستطاع ان يطور قدراً من أسلحة الردع تؤثر على اسرائيل وتؤثر على إستراتيجية أميركا في المنطقة. كما ان موقف العراق من القضية الفلسطينية في ظل نظام الرئيس صدام حسين، كان موقفاً لايقبل المساومة، وأصلاً كان ضد قيام دولة إسرائيل، وهناك وثائق حول ذلك. وعلى سبيل المثال فقط، في عام 1975 إجتمع هنري كيسنجر، عندما كان وزير الخارجية الأميركية، مع الدكتور سعدون حمادي وزير خارجية العراق آنذاك، في باريس وكان الأجتماع سرياً، ونشرت الوثائق، ونشرت نص الوثيقة بالإنكليزية في كتابي الأخير عن العراق " العراق : من الإحتلال الى التحرير ". الخلاف الرئيسي بين كيسنجر وبين الدكتور سعدون حمادي (وهو موقف رسمي للعراق وليس شخصي للدكتور سعدون حمادي) كان حول الموقف من إسرائيل، وان العراق لا يعترف بوجود دولة إسرائيل، وان القضية ليست قضية إسترجاع المناطق المحتلة في عام 1967، وبعدها زار عدد من الساسة الأميركان العراق وكان يثار هذا الموضوع دائما ً. والعراق دائماً ورغم انه كان تحت الحصار كان البلد العربي الوحيد الذي كان يساعد مالياً الأنتفاضة الفلسطينية التي بدأت عام 1987، رغم انه كان تحت الحصار.).
وجاءت أحداث 11أيلول 2001 وكانت اول ضربة توجه الى الولايات المتحدة الأميركية داخل أراضيها، وأصابت مقتلاً في العقلية الأميركية التي لاتقهر.!. فقد غاب العدو الأول الاتحاد السوفياتي وراح بعض الكتاب من انصار اليمين المتصهين الأميركان، يبحثون عن أعداء جدد فتوصلوا الى نتائج مخزية وحاقدة، ان الإسلام هو العدو؟!.. ومن أطاريح أولئك الكتاب :
ا – في كتابه (نهاية التاريخ) يقول الكاتب الأميركي الياباني الأصل (فرانسيس فو كو يا ما) الصادر مطلع التسعينات :
(لقد حققنا في أميركا أضخم إنتصار مع نهاية القرن العشرين : إبادة الشيوعية، وسحق العراق، ولا أحد يشك الان في ان أميركا هي زعيمة العالم، نحن الأقوى والأعظم.).
هكذا يتحدث راعي البقر الجديد..
هكذا يتبجح من هو نتاج اللحظة الراهنة.. فقبله كانت نبؤة هتلر عن الرايخ الثالث بأنه سيعيش ألف عام.. او نبؤة الايديولوجية الماركسية عن اليوتوبيا الموعودة..
ب – في كتابه (صدام الحضارات.. وإعادة بناء النظام العالمي) لمؤلفه (صموئيل هنتنغتون) الصادر سنة 1996 تحدد آليات خطاب صدام الحضارات بأربعة منطلقات :
اولاً : الديانة هي المعيار للتمييز بين الحضارات.
ثانياً : حتمية صدام الحضارات.
ثالثاً : الإسلام هو العدو الأول.
رابعاً : الحضارة تشكل كل شيء : السياسة والإقتصاد.
يقول المذكور : (وان الصراعات المقبلة ستكون بين الحضارتين الغربية من جهة والحضارة الإسلامية والكونفوشيوسية أو الصينية من الجهة الاخرى).
ويقول : (أربعة عشر قرناً، أثبتت ان العلاقات بين الإسلام والمسيحية كانت غالباً عاصفة، كل واحد كان نقيضاً للآخر).
وهو يتجاهل بذلك الفرق بين الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية وبين السياسات الامبريالية للغرب.
فخطورة خطاب صدام الحضارات ليس هو التركيز على الإسلام، بل هو التشويه المتعمد والذي هو واضح في اطروحة الحدود الدامية للإسلام، التي يكرسها ويعمقها صدام الحضارات.
لذلك يبقى الإسلام والمسلمون هما العدو الأول الذي يريد ان يكرسه هنتنغتون في أذهان مجتمعات الحضارة الغربية على انه خطراً حقيقياً.
بعض من فعاليات كوادر اليمين المتصهين
في الادارة الأميركية قبل بدء العدوان
والغزو والإحتلال بأسابيع
1 – بتاريخ 2 شباط 2003 أجرت جريدة " الشرق الأوسط " لقاء مع " ريتشارد بيرل " الذي كان يرأس مجلس الدفاع الوطني الأميركي، إضافة لعمله مستشاراً لوزير الدفاع الأميركي، ويزعم أصدقاؤه، أنه واحد " من أفضل الأدمغة الاستراتيجية " في واشنطن، ويصفه أعداؤه ب (أمير الظلام) والمذكور يعد واحداً من الذين كانوا يشرفون على صياغة استراتيجية الرئيس جورج بوش الكونية، ويعد من اكثر المقربين الى الكيان الصهيوني، وهو واحد من مهندسي سياسة " تغيير النظام " في بغداد، ولعب دوراً حاسماً وإجرامياً من خلف الكواليس، في كل الجوانب الدبلوماسية والسياسية والعسكرية للأزمة العراقية حينذاك.
أجاب الموما اليه على السؤال : (هل تنوون فرض إحتلال عسكري للعراق؟).
(لا.. مهمتنا الأولى تتمثل في إسقاط النظام وتدمير الأسلحة المحظورة، المهمة التالية ستكون مركزة حول ضمان وتثبيت الوضع الأمني والنظام والقانون، وسيكون هنالك حكومة عراقية جديدة ودستور جديد، وبمجرد ان تطلب منا هذه الحكومة المغادرة، فسنغادر فوراً.).
2 – بتاريخ 2شباط 2003 نشر ابراهيم نافع رئيس تحرير جريدة الأهرام حواراً مع " كوندوليزا رايس " مستشارة الأمن القومي الأميركي في ذلك الوقت، أجابت على سؤال الأهرام : (هل هناك دور معين لإسرائيل في الضربة المتوقعة ضد العراق؟)
رايس : (إسرائيل جزء من المنطقة، ونحن قلقون من إحتمال أن يقوم صدام حسين بتهديد دول أخرى في المنطقة وليس فقط إسرائيل، ولكن الولايات المتحدة هي القوة الأولى على الرغم من أننا نتوقع مساهمات من الآخرين.).
3 – بتاريخ 12 شباط 2003 نشرت الأهرام لقاء مع " كولن باول " وزير الخارجية الأميركية حينذاك، أجرى اللقاء رئيس تحرير الأهرام ابراهيم نافع.
الأهرام : (كل دول المنطقة أعربت صراحة عن معارضتها الحرب ضد العراق في هذا التوقيت، لماذا لا تضع الولايات المتحدة وجهات النظر هذه في الإعتبار؟).
كولن باول : (نحن نضع كل وجهات النظر في الأعتبار، الولايات المتحدة لا تريد الحرب، ولكن الحل للتخلص من إحتمال قيام الحرب بسيط للغاية.. يجب على العراق نزع أسلحته.).
خلاصة بالإستعدادات العراقية قبل الحرب
1 – الأستعدادات على مستوى القيادة :
بدأ القائد العام للقوات المسلحة، سلسلة من الإجتماعات مع القادة وبعض ضباط الصنوف في الجيش العراقي، وكان الجميع يبدون على شاشة التلفزيون، في حالة استعداد نفسي وجسدي ومعنوي بشكل مقبول، وكان البعض يبالغ وهو في حالة إندفاع وجداني.
وتم تقسيم العراق كساحة عمليات الى (4) مناطق، ومنح كل قائد منطقة صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة. واتخذت فيالق الجيش كل الإحتياطات التسليحية والتموينية وحفر المواضع للمقاتلين ولتخزين العتاد والأسلحة وغير ذلك. وعلى مستوى العاصمة بغداد، كانت هنالك غرفة عمليات مشتركة للحزب والأجهزة الأمنية والجيش، وتم توزيع المقاتلين كل ضمن منطقته، ولعبت الفرق الحزبية في المناطق دوراً في حفر وجلب أكياس الرمل للسواتر الصغيرة بين الأحياء وتهيئة بعض انواع الأدوية.
2 – استعدادات الأهالي والجانب الإعلامي :
وزعت الدولة، من خلال وكلاء وزارة التجارة، حصصاً تموينية ولمدة (6) أشهر لكل عائلة، وتولت أمانة بغداد حفر الآبار الصالحة للشرب في كل الأحياء مع رفدها بمولد لغرض سحب المياه وتوفير الوقود لذلك، واستطاع العديد من اصحاب الدور حفر آبار صالحة للشرب في حدائق دورهم، وتم تخزين الوقود من نفط وبانزين وغاز الطبخ.
أما على مستوى الإعلام العراقي – التلفزيون، الإذاعة، الصحف – فقد بقي الأعلام على رتابته، دون تهيئة جدية، معتمدين على فطنة المواطن العراقي، لأنه تعود على المعارك والحروب والعدوان عليه..
3 – استعدادات عامة :
تم حفر خنادق تحيط ببغداد، تم خزن النفط الأسود فيها، وجرى حرقها اثناء الحرب مكونة سحب دخانية سوداء، قيل انها أثرت على نشاط الصواريخ والطائرات المعادية.
تم ايجاد مقرات بديلة لبعض الدوائر المهمة، تم توزيع المتطوعين العرب والجانب على بعض المواقع الحيوية، ومنها محطات الكهرباء في الدورة وغيرها.
وعلى المستوى الدبلوماسي والسياسي، طلب العراق من الدول العربية والإسلامية وحركة عدم الإنحياز والدول الصديقة في مجلس الأمن تحمّل مسؤولياتها إزاء عدوان محتمل على العراق، وصدرت بيانات مؤيدة للعراق ورافضة للعدوان عليه من الجامعة العربية وحركة عدم الإنحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي. ولم يكن العراق يعول على مجلس الأمن لأن القرارات التي إتخذها ضد العراق وبالجملة، حولته الى دائرة تابعة لوزارة الخارجية الأميركية، ولم يتم استدعاء إحتياط الجيش. مع الإشارة ان الشعب كله شبه مسلح، ولا يخلو بيت من قطعة سلاح أو أكثر.
المتطوعون العرب
هنالك خلط متعمد يروج له إعلام الإحتلال، وإعلام الحكومة العراقية المنشأة في ظل الإحتلال، مع وجود متلقي جاهل لايميز بين الغث والسمين.
فالوطن منذ الإحتلال يتعرض الى هجمة ممنهجة، شعوبية، صفوية فارسية، إنفصالية،صهيونية والمواطن يتعرض الى ثقافة تغريب وتصهين وتدجين، وانعزال حقيقي عن الأمة.. وترسخ ذلك في مجمل فقرات الدستور المسخ الذي كتبه اليهودي نوح فيلدمان.
لذلك، فمن المفردات التي يراد بها خلط الأوراق، وتشويه كل ما هو نبيل وعظيم، موضوعة المقاومة الوطنية العراقية والإرهاب..
فالإرهاب أدواته جهات عدة، أولها الإحتلال وأجهزة الحكومة العميلة، المزدوجة الولاء للأميركان وإيران، والميليشيات وفرق الموت، والشركات الأمنية، وأجهزة الأحزاب التي صنعتها المخابرات الأميركية، كالوفاق والمؤتمر، والميليشيا الكردية، وأجهزة الأحزاب الدينية الإيرانية، اضافة الى ما تقوم به المخابرات الإيرانية، من خلال واجهاتها (حزب الله حسن الساري وكريم ماهود، منظمة بقية الله، منظمة ثار الله، ومنظمة ما يسمى الإنتفاضة الشعبانية، ومؤسسة ما يسمى شهيد المحراب إضافة الى نشاط السفارة الإيرانية في بغداد وملحقياتها في أربيل وكربلاء والبصرة) ولازالت المخابرات الكويتية تضخ الأموال على العملاء من أجل التخريب وقيام فيدرالية الجنوب..
أما المقاومة، فهي تستهدف قوات الإحتلال والعملاء والخونة والجواسيس، ولاتستهدف المواطن العراقي مهما كان دينه أو مذهبه أو قوميته، ولاتستهدف البنى التحتية أودوائر الدولة، ولاتستهدف الشرطة الذين لا يتطاولون على المواطن أو يساهمون في قتله، وقد دان حزب البعث العربي الإشتراكي كل الأعمال الإرهابية التي تستهدف المواطن العراقي.
ولذلك ركز العدو على (نغمة) وجود المجاهدين العرب، ضمن صفوف المقاومة،وأنهم الذين يمارسون الإرهاب ضد الشعب العراقي.! مع الإقرار بوجود البعض منهم في صفوف القاعدة، ولهم أجندتهم الخاصة بهم، ولهم عقيدتهم التكفيرية التي لاتنسجم وعقيدة الحزب التي تقوم على وحدة الشعب العراقي، وأن الكل ابناء العراق والأمة وأن الجميع فداء للوطن والأمة.
أما موضوع المتطوعين العرب او المجاهدين العرب الذي نحن بصدده، فيختلف تماماً، لأنه يتحدث عن الفداء العربي قبل الإحتلال، فمع بدء التهديدات الأميركية، قدم الى العراق العديد من المتطوعين من شتى الأقطار العربية، رغبة في الدفاع عن العراق. وحالة التطوع ليست جديدة على أبناء الأمة، وهنالك شواهد عديدة على ذلك منها :
أولاً : الثورة العربية – سنة 1916 :
إندلعت شرارة الثورة في الحجاز، بقيادة الشريف حسين، وانضم الى الثورة العديد من الضباط العرب، الذين كانوا في الجيش العثماني، وانضم اليها العديد من شيوخ القبائل في الحجاز وبلاد الشام، ومن بين الشخصيات العربية التي شاركت في الثورة كل من :
1 – مولود مخلص : ضابط عراقي من منطقة تكريت، كان ضابطاً في الجيش العثماني، وهو أول ضابط نظامي يلتحق بجيش الأمير فيصل في الحجاز، وسبق ان عمل سكرتيراً لإبن الرشيد، وفي الأربعينيات من القرن الماضي شغل موقع رئيس مجلس الأعيان العراقي.
2- فايز الغصين : سكرتير فيصل وكاتب رسائله، وهو موظف سابق في الدولة العثمانية، وهو من لبنان.
3 – نسيب البكري : ملاك من دمشق.
4 – شفيق المير : صحفي من لبنان.
5 – حسن شرف : طبيب القيادة العامة للجيش العربي.
6 – جعفر باشا العسكري : ضابط بغدادي سبق ان خدم في الجيش العثماني، أغتيل في إنقلاب بكر صدقي عام 1936 عندما كان وزيراً للدفاع.
7 – رحو : ضابط جزائري، عمل في البعثة العسكرية البريطانبة في الحجاز.
8 – عزيز علي المصري : كان ضابطاً في الجيش العثماني، وهو من مصر.
9 – نوري السعيد : ضابط عراقي عمل في الجيش العثماني، قتل يوم 15/تموز/1958 سبق ان شكل (14) وزارة.
10 – ابراهيم الراوي : ضابط من العراق.
11 – محمد حلمي : ضابط من العراق.
12 – رؤوف عبد الهادي : من فلسطين.
13 – محمد القيسوني : ضابط من مصر.
14 : أمير اللواء شكري الأيوبي : عين حاكماً على دمشق.
15 : رضا باشا الركابي : عينه فيصل حاكما على سورية.
16 – عبد الرحمن الشهبندر : من رجال الحركة العربية في سورية.
17 – محمد شريف الفاروقي : من رجال الحركة العربية.
18 – ياسين الهاشمي : كان قائداً لأحد الفيالق في الجيش الرابع العثماني، لجأ الى دمشق، عين رئيساً لمجلس الشورى الحربي في الشام، عندما كان رئيساً للوزراء في بغداد عام 1936 قاد الفريق بكر صدقي قائد الجيش، أول إنقلاب في الوطن العربي في زمن الملك غازي، مما حدا بالهاشمي، ان يلتجيء الى سورية، وقد توفي في بيروت سنة 1937 ودفن في دمشق، قرب ضريح السلطان صلاح الدين الأيوبي، محرر القدس من الصليبيين في معركة حطين.
19 – صبحي العمري : من أهالي الموصل، عين مسؤولاً لأمن المنطقة الوسطى في دمشق.
20 – علي جودت الأيوبي : ضابط عراقي، آخر موقع شغله رئيس وزراء في العهد الملكي.
21 – جميل الألشي : مرافق الملك فيصل الأول.
22 – جميل المدفعي : ضابط من العراق، آخر موقع شغله رئيس وزراء في العهد الملكي.
ثانياً : ثورة 1 مايس 1941 في العراق (حركة رشيد عالي الكيلاني) :
قامت هذه الثورة ضد الأنكليز، بقيادة العقداء :
1 – صلاح الدين الصباغ.
2 – كامل شبيب.
3– محمود سلمان (آمر القوة الجوية).
4 – فهمي سعيد (آمر القوة الآلية).
ومن بين القادة والساسة العرب الذين ناصروا وساهموا في الثورة كل من :
1 – الحاج امين الحسيني : مفتي فلسطين، الذي وصل بغداد يوم 13 تشرين الأول 1939 قادماً من بيروت.
2 – فوزي القاوقجي : مجاهد من القطر السوري.
3 – عثمان كمال حداد : من طرابلس الشام.
4 – محمود الهندي : ضابط من القطر السوري.
5 – صبحي العمري : سورية.
6 – المجاهدون من فلسطين، وعددهم (70) مجاهداً بقيادة المجاهد عبد القادر الحسيني، قاتلوا في الجبهة الغربية (الرطبة).
7 – الأستاذ ساطع الحصري : أبعده الأنكليز خارج العراق، بعد فشل الثورة.
8 – الدكتور عمر فروخ : أبعد مع المئآت من العرب الى خارج العراق، بعد فشل الثورة.
9 – الشريف شرف : من الحجاز، تم نفيه الى جنوب أفريقيا.
10 – امين التميمي : فلسطين، =
11 – عارف الجاعوني : =
12 – الدكتور داود الحسيني : =
13 – الدكتور امين رويحة : =
14 – سالم الغانم : سورية، =
كتب السيد فائز اسماعيل – أحد المؤسسين للحزب في العراق، بعد قدومه من القطر السوري، مع بعض الطلبة، للدراسة في العراق سنة 1944 ومنهم الشاعر سليمان العيسى، عز الدين غريب، ادهم مصطفى، وصفي الغانم، زكي اسماعيل، مصطفى الحاج علي وغيرهم.. غادر الحزب وأسس تنظيم الوحدويين الإشتراكيين سنة 1963 – في كتابه (بدايات حزب البعث العربي في العراق) الطبعة الأولى سنة 1997 يقول :
(بدت في مدرسة التجهيز الأولى ظاهرة وجود مدرسين إثنين جاءا من السوربون أيضاً، يدرس احدهما التاريخ هو " الأستاذ ميشيل عفلق " ويدرس الثاني العلوم الطبيعية والفلك هو " الأستاذ صلاح الدين البيطار ". انهما يتكلمان بجرأة مع الطلاب، يحللان الأحداث بموضوعية، يشككان بالتصريحات والمواقف والأشخاص، وكان لهذا الصوت الجديد أثره الكبير في نفوس الجيل، وكانت ثقافتهما متميزة، بل كانت الآراء التي تصدر عنهما تعتبر حجة تشهر في وجوه خصوم الإتجاه القومي، ورأى الأستاذان في حركة رشيد عالى الكيلاني في العراق 1941 أملاً عربياً فسمي أنصارهما وتلاميذهما ب " نصرة العراق " وطرحوا شعارهم : (أيها العرب حيث كنتم، لتكن تحيتكم فيما بينكم بعد الآن : نفدي العراق) ودعوا الشباب الى التطوع للذهاب الى العراق.. وفي هذا الوقت بالذات كان في العراق بعض من قياديي البعث يمارسون التعليم في مدارس العراق، وعاد بعضهم قبل ان يكمل السنة، وأخرج الآخرون بعد حوادث آيار الدامية).
ثالثاً – معارك فلسطين 1947 – 1948 :
إثر صدور قرار التقسيم من قبل الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ 29/11/1947 بدأت في القطر السوري والأقطار العربية، دعوات للتطوع والجهاد في فلسطين، فتم مثلاً في مدينة حماة تسجيل أسماء المتطوعين وجمع التبرعات لشراء السلاح، وفي يوم 18/كانون الأول 1947 تحرك من حماة أول فوج من مجاهدي حماة سمي (فرقة بدر المجاهدة) وتتألف من ثمانين شاباً، وكل معه سلاحه.
وفي 21 كانون الأول 1947 غادرت حماه (فرقة سعيد العاص) وتتألف من سبعين شاباً على رأسهم الشاب المسيحي خليل كلاس أمين سر حزب الشباب في حماة.
ومن بين المجاهدين من القطر السوري :
1 – الأستاذ اكرم الحوراني.
2 – فيصل الركبي.
3 – خليل كلاس.
4 – عبد الكريم زهور.
5 – د. وهيب الغانم.
6 – ابراهيم الشهبندر.
7 – علي الحلبي.
8 – عبد الكريم رمضون.
9 - وفي معسكر قطنا للتدريب، كان هناك اللواء صالح حرب باشا، وزير الدفاع المصري السابق، الذي إنتدبته هيئة وادي النيل العليا للدفاع عن فلسطين، للإطلاع على شؤون المتطوعين السوريين، وهو مناضلاً عربياً ومجاهداً، من الذين إشتركوا في حرب طرابلس الغرب ضد الإستعمار الإيطالي.
10 – وكان في معسكر قطنا الأستاذ احمد حسين، رئيس حزب مصر الفتاة، وكان معه خمسة متطوعين من حزبه.
11 – الدكتور عبد السلام العجيلي.
12 – شوقي الأتاسي.
13 – حسين الرفاعي، ضابط متقاعد.
14 – الملازم فتحي الأتاسي.
15 – الملازم شفيق العبسي.
16 – الملازم عبد الحميد السراج.
17 – الملازم محمد جديد.
18 – المقدم اديب الشيشكلي.
19 – النائب غالب العياشي.
20 – نزار الأتاسي.
21 – طاهرالأتاسي.
22 - شكيب وهاب، قاد سرية من جبل الدروز.
23 – مصلح سالم.
24 – مصطفى حمدون – طالب بالكلية العسكرية.
25 – عبد الغني قنوت – طالب بالكلية العسكرية.
26 – الملازم ضافي جميعاني، من الأردن.
وقد زاد عدد المقاتلين العرب من القطر السوري على اربعمائة فدائي.
ليلة 14 – 15 مايس 1948 غادر آخر مندوب سام بريطاني ميناء حيفا، كأشعار رسمي بإنتهاء عهد الإنتداب وجلاء بريطانيا نهائياً عن فلسطين.
وفي منتصف تلك الليلة أعلن راديو (إسرائيل) قيام دولة (اسرائيل) وتسمية (حاييم وايزمن) رئيساً للدولة و (دافيد بن غورين) رئيساً للوزراء. فدخلت الجيوش العربية فلسطين إثر ذلك. وقامت الحرب لكن تفوق القوات الصهيونية في التسليح ودعم الغرب لها وتخاذل الحكام العرب أجهض اولى المحاولات العربية لتحرير فلسطين من الصهاينة.
رابعاً – الثورة الجزائرية :
دام الإحتلال الفرنسي للجزائر (132) عاماً وعندما اندلعت الثورة الجزائرية مطلع الخمسينات من القرن الماضي، بقيادة المجاهد احمد بن بلا ورفاقه ومنهم (هواري بو مدين، عبد العزيز بوتفليقة، بشير بو معزة، فرحات عباس، جميلة بو حيرد، بو ضياف.. الخ.). قدمت الأقطار العربية الدعم الرسمي والشعبي للثورة، وكانت الأسلحة تهرب الى الثوار عن طريق الحدود الجزائرية ومن خلال الجبال.
ومن بين المتطوعين العرب في صفوف الثورة الجزائرية بعض الأطباء من شباب البعث في ذلك الوقت :
1 – الدكتور نور الدين الأتاسي.
2 – الدكتور يوسف زعين.
3 – الدكتور ابراهيم ماخوس.
وبعد التحرير تم منحم الجنسية الجزائرية تكريماً لهم.
خامساً – الثورة الفلسطينية 1965 :
في هذا العام اعلن عن قيام منظمة (فتح) حركة التحرير الوطني الفلسطيني وجناحها العسكري (العاصفة)، فتطوع العديد من الشباب العربي في صفوف الثورة، سواء في فتح او غيرها من الفصائل الفلسطينية التي قامت. واستشهد العديد من الفدائيين العرب دفاعاً عن فلسطين، ومازال قسماً منهم في صفوف الثورة الفلسطينية، ومنهم عضو قيادة الجبهة الديمقراطية لتحريرفلسطين (قيس السامرائي – ابوليلى).
سادساً – الإحتلال الإسرائيلي لبيروت عام 1982 :
اندلعت الحرب في لبنان عام 1975، بين الجناح الإنعزالي المدعوم من قبل الكيان الصهيوني، من جهة، والمقاومة الفلسطينية والتيار القومي من جهة أخرى، وعندما احتل الجيش الصهيوني العاصمة العربية بيروت سنة 1982 بقيادة المجرم شارون، كانت بيروت تعج بالعديد من المتطوعين العرب، الذين قدموا، دفاعاً عن عروبة لبنان.
ذكرت هذه الأمثلة لأشير ان العدوان الذي كانت تخطط له اميركا وحليفتها بريطانيا، ليس إسثناء من حالة التوحد الشعبي العربي المتمثل بالتطوع لنصرة العراق..
والبدايات الأولى لقدوم الكوكبة الأولى للمتطوعين، اود عرضها كوني عشت أحداثها :
المتطوعون العرب.. شباط 2003
عام 2003 وما قبله بسنوات، كان كاتب السطور مفرغاً للعمل في القيادة القومية – مكتب التنظيم السوري الذي كان مسؤولاً عنه الشهيد البطل طه ياسين رمضان رحمه الله، في ذلك الوقت كانت أبنية القيادتين القومية والقطرية تحت الإنشاء، إثر القصف الأميركي الذي طالها عام 1991، كانت بناية مكتبنا ومكتب مصر، في منطقة الصالحية واتخذ المكتب السوري بعض التحوطات الأمنية والإدارية ضمن خطة القيادة القومية لباقي المكاتب، ومن ذلك إيجاد مقر بديل في منطقة العطيفية قرب الجسر الحديدي.
ومع تكامل استعدادات العدوان على العراق وتقديم التسهيلات لدول العدوان من قبل الدول الإقليمية.
بداية شهر آذار إتصل بي موظف الإستعلامات في المكتب وأخبرني بقدوم أحد الأشخاص من سورية متطوعاً، التقيت به، وكان هاجس خوف التجنيد والعمل المزدوج، أو دفع العملاء علينا من قبل اجهزة مخابرات أخرى، هو المسيطر على تفكيرنا وعقليتنا.. استفسرت منه كثيراً عن منطقته في سورية وخدمته العسكرية وأمور أخرى... وطلبت منه أن ينتظر إتصالا مني بعد ان أخذت عنوانه.
في اليوم التالي توافد الى المكتب العديد من المتطوعين العرب من أبناء سوريا ولبنان والأردن واليمن..
رفعت مذكرة الى الرفيق المناضل مسؤول المكتب، وأخبرته بالحالة وتوقعت قدوم الكثير من ابناء العروبة للدفاع عن العراق، وذكرت الرقم (500) للمتطوعين السوريين من اللاجئين ورغبة الأخوان المسلمين السوريين بالتطوع كذلك..
فجاء توجيه الرفيق الشهيد خطياً في نفس اليوم وخلاصته : (يتم التنسيق من قبلي مع الرفيق مسؤول جمعية الصداقة والسلم – كان مقرها في بناية تراثية في شارع الرشيد – وبعد ذلك يتم نقل حالات التطوع الى فندق السدير – في ساحة الأندلس – ويتم الإستلام من قبل لجنة من ضباط التوجيه السياسي وفدائيي صدام، ثم ينقلون الى الكلية العسكرية الثانية في ناحية خان بني سعد لغرض التدريب..). واستمر الحال على هذا المنوال سواء قبل بدء الحرب او خلالها.
وفي يوم 7 نيسان أرسل الشهيد البطل مسؤول المكتب مذكرة الى الرفيق مدير المكتب، يطلب فيها استلام وتسهيل دخول متطوعين عن طريق مركز ربيعة الحدودي في المساء، وبادرت لتنفيذ المهمة انا والمجاهد البطل (ابو قيس القيسي ابن (جبة) البار وابن العائلة المجاهدة العريقة بالنخوة والفداء)..
كانت بغداد تتعرض للقصف الجوي والصاروخي، وكانت الطرق الخارجية معدومة الحركة، في ذلك اليوم النيساني تحركنا عصراً، وفي المساء كنا مع بعض الرفاق من اعضاء قيادات الفروع ومسؤول المكتب في الموصل، وخلال الليل قدمت قوافل الفداء، كانت عدة باصات كبيرة، تحمل شباباً كانوا يهتفون للشهيد القائد صدام حسين وللدكتور بشار الأسد، وكان البعض حاملاً المصاحف..
عدنا الى بغداد في ذات الليلة.. كانت الغربان في السماء تقذف حممها.. وفي الطريق عشرات العجلات المدمرة..
بلغ إجمالي اعداد المجاهدين ما يربو على ال (5000) مقاتل من سورية واليمن وفلسطين ولبنان والأردن ومصر.. كان البعض غير مدرب على السلاح.. إستشهد قسم منهم، وقسم حمتهم المساجد والعوائل الشريفة، وقسم تم الغدر به من قبل أراذل البشر، وقسم تم اعتقاله من قبل قوات الإحتلال، والبعض قاتل مع المقاومة ومنهم من استشهد في الأعظمية او في ساحة اللقاء وعند نفق الشرطة وفي الصويرة.. وعند الجسر المعلق وغيرها من مناطق العراق..
20/3/2003.... الحرب
9/4/2003 إحتلال بغداد..
دنس الرتل الأول للعدو يوم السبت الخامس من نيسان 2003 جدائل بغداد، وإستخدم العدو تفوقه التكنولوجي وكثافة نيرانه وأسلحته المحرمة كاليورانيوم المنضب والفسفور البيض والقنابل العنقودية لشل قدرة القوات المدافعة عن بغداد وتحقق له ذلك.
قاتلت ام قصر من خلال اللواء (11) لأسابيع وقاتلت البصرة والناصرية، واستشهد عند تخوم النجف، عضو القيادة القطرية الشهيد البطل نايف شنداخ وجمع من رفاقه.. وفي بغداد كانت معركة المطار هي الحاسمة. قاتل العراقيون الأبطال فيها بكل شجاعة وكان الدرس الكبر لهذه المعركة أن قتال الجيوش النظامية ضد عدو غاشم يملك التفوق التقني والتسليحي لا تكون نتيجتها النصر الحاسم على الغزاة، وأن الحرب الشعبية هي الكفيلة بهزيمة المحتل مهما كانت قوته وإمكانياته. في حرب المقاومة الشعبية يحدد المقاومون مكان وزمان ونوع سلاح المواجهة ويحيدون أسلحة العدو الكثر تطورا وينتصرون في النهاية.
بغداد الملتاعة في حربين وحصار مستمر لثلاثة عشر سنة آلت أن تخوض حرباً أمليت عليها من قبل الأشرار الصهاينة..
كان قدر االمقاتل العراقين ان يقاتل دفاعا عن وطنه حتى وإن كانت الكفة لغير صالحه.. فهو إبن التاريخ وأجداده إخترعوا الحروف المسمارية والعجلة وكتبوا شريعة حمورابي.. وحرروا فلسطين وأسروا اليهود أول التاريخ وجلبوهم الى بابل.. وهو حفيد قائد معركة حطين، وإبن الثورة والقائد صدام حسين.
لذلك فقد وطن النفس ووطد العزم على التضحية.. على الإستشهاد ببطولة في معركة تواطأ العالم كله، بضمنه الدول العربية، مع المعتدي الغاشم وتقاسموا الدوار بين مؤيد للعدوان أو قابل به أو ساكت عليه.
وفي فجر يوم سجله التاريخ بأحرف من نار ودم ودموع.. وتصايحت فيه صفارات الغارات.. في فجر التاسع من نيسان الأسود.. أخترقت شوارع بغداد قوات الإحتلال الأميركية، وكانت بغداد تذرف المها ودموعها بين الرصافة والجسر..
استبيحت بغداد.. داست المجنزرات على ضحكات الأطفال ومراتع الصبا وأرصفة الشوارع..
أحرقت بغداد.. دمرت ذكرياتها وآمالها ومشاريعها القومية.. إنها حرب الموت والإلغاء.. فأميركا جعلت من الدبابة والصاروخ والطائرة، سلاحاً مدبباً للهجوم والعدوان والإحتلال.. ولامقارنة بين الدبابة العجوزالروسية جيل السبعينات والثمانينات.. والدبابة الأميركية كسلاح متقدم.. مع سيطرة جوية مطلقة للعدو..
لذا دخلت قوات (هولاكو واشنطن) قلب بغداد.. وحاول المجاهدون أن يقدحوا الزند ويسبروا الغور.. ليقاتلوا معركة تأخير أو تأجيل، فقدموا التضحيات وقاتلوا في المطار.. فداء لرموش بغداد.. قاتلوا في الأطراف والضواحي.. لكنها لم تكن كافية لوقف الطوفان..، وبسرعة البرق تقدمت جيوش المغول الجدد.. وبسرعة البرق تلاشى شعور الطمأنينة والثقة، تزعزع البنيان كله، وتزعزع الأمن كله، وذهل الناس وصمتوا كأن على رؤوسهم الطير، إلا جراد أصفر مكفهر الوجه.. قبيح اليد والخطى والأخلاق.. راح يسرق ويحرق ويقتل.. يعبث في الشوارع.. إنهم يدنسون حليب أمهاتهم إن كان لهم أمهات.. ويقطعون نهود حرائرهم..
ومع إستمرار المحنة الرهيبة والقاسية، فقد إنصبت من السماء، حيث ألقت وتلقي الطائرات الأميركية والبريطانية، حممها وقنابلها العنقودية.. لتحرق كل شيء.. كانت " الأباتشي " و " الشبح " سيدتا الرعب في الجو.. كان دوي المدافع العراقية المضادة، يسمع في العديد من مناطق بغداد، لكنه أشبه بجعجعة بلا طحين، فالغربان كانت عالية، ومدى المدافع محدود، وفي بعض الأحيان شوهد ضباط لوحدهم عند المدافع بلا جنود، كما في منطقة بساتين قناة الجيش ومشاتلها..
وفي اليوم التالي لم يتلاحم السلاح في القاطع الشمالي.. وتقدم الغزاة من الشمال نحو كركوك والموصل، ميليشيا الغدر، دخلت " البيشمركة " مع قوات الغزو والإحتلال..
وهكذا تحول العراق كله الى ساحة.. إستأثرت بها الغربان..
تداعى الجيش العراقي بسرعة رهيبة.. ولم تعد النداءات والبيانات من إذاعة بغداد تبث.. صمت المذيع وتقطعت أشرطة الأناشيد الحماسية.. دار الإذاعة والتلفزيون نهبت وتحولت مسكناً للغرباء..
حالة الجنود كانت مروعة.. بعضهم أستشهد مع رفاقه وهم يقانلون بدون غطاء جوي.. وقسم هالهم قصف طائرات (بي 52) وماترسله من حاويات و حمم عليهم.. الهلع سلاح ماض.. أمر محتوم مكرر في التاريخ – أشار الشهيد القائد الى حالة الخوف والتخويف في رسالته الى الحزب بتاريخ 28 نيسان 2003 وضرب مثلاً على ذلك، ما ورد في القراءة الخلدونية عن قصة الفأر والأسد
كان الدخان يتصاعد من عنان السماء..
كان في العراق أسراب من البوم والخفافيش، أشخاصاً مجهولين، دربتهم المخابرات الأميركية.. طفقوا يتصلون عبر هاتف الثريا، مع بدء العدوان، يصدرون أوامر، ويعطون ملاحظات ومعلومات وتصحيح ضربات، تستهدف تدمير كل شيء في العراق.. إنهم " طير مندو " الذي يحمل الأفاعي بمخالبه وفكه، ليرميها على رؤوس قومه..
إنها الدنيا والقدر.. إنقلب الوضع رأساً على عقب.. بين عشية وضحاها، لاح شبح الإحتلال، ونفحت الريح السموم.. فلفحت الأبدان والذاكرة والأخلاق والقيم..
غزو أكيد حققه الأميركان.. الطيران شرع يقصف من إنخفاض، فاتسع بذلك الدمار.. ومع الدمار، إنتشرت المقابر الجماعية، في محيط المطار وقرب القصر الجمهوري، وعند الجسر المعلق وحديقة مستشفى الأطفال في الكرخ وفي بساتين بغداد وأطرافها وغيرها من المناطق..
أثق ان يوم التاسع من نيسان الأسود، سيمحى من الذاكرة العراقية، فسيخضع المحتل لشروط المقاومة الوطنية العراقية، وسيرحل، وسترحل قبله كل الوجوه الكالحة، ان وجدت لها طريقاً للهرب.
محمد ابو عالية
بغداد – الأعظمية
28 حزيران 2007
المصدر: النـهـى
Labels: غزو العراق واحتلاله..ج1
0 Comments:
Post a Comment
<< Home