Thursday, September 06, 2007

لهذا ستنسحب امريكا من العراق
د. فيصل الفهد
يعتقد البعض خطأ أن ما يجري في العراق، عباره عن صراع بين العراقيين، في حين ان المحتل الأميركي الذي جاء إلى العراق والمنطقه رافعا شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان أراد تحويل العراق إلى قاعدة عسكرية ينطلق منها إلى دول الاخرى فالهدف لم يكن العراق فقطبل كان هو البدايه.
لقد اتضح الان بعد اعتراف الساسه الامريكيين والبريطانيين وحلفائهم الاستراليين ان احتلال العراق لم يكن من اجل سواد عيون العراقيين او من اجل تصدير المفاهيم والشعارات التي ازكموا انوف العالم بها كذبا ورياءا.
ان الاسباب الحقيقيه لاحتلال العراق لم تكن مجرد إسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، لاسيما بعد فضح اكذوبة أسلحة الدمار الشامل (المزعومة) التي استخدمت لفرض اشرس حصار ظالم على شعب العراق استمر اكثر من ثلاثة عشرة سنه وظهر أيضاً أن لاعلاقة للعراق باأحداث ا لحادي عشر من ايلول او مع تنظيم القاعدة، لان قرار احتلال العراق اتخذ قبل ذلك بزمن بعيد وهذا ما ذكره «فويزلي كلارك» مرشح الحزب الديمقراطي السابق للرئاسة الأميركية في كتاب (النصر في الحروب الحديثة).. واكده وزير الخزانة الأميركي الأسبق (بول أونيل) في كتابه (ثمن الولاء) حيث اشار الى(إن قرار الغزو اتخذته الإدارة الأميركية قبل ضربات القاعدة).
لقد كان احتلال منابع النفط في مقدمة الأهداف الحقيقية للاحتلال عدا حماية الكيان الصهيوني من تهديدات عدوهم اللدود صدام حسين.
لقد كانت هذه من اهم اهداف المشروع الامبراطوري الامريكي العدواني الذي خطط لتنفيذه بوش الأب واسماه (إمبراطورية القرن الحادي والعشرين) واختار "الشرق الأوسط" ليكون ساحة تنفيذه، انطلاق من العراق بعد احتلاله.
لكن مشروعهم هذا وما ترتب عليه اصيبا بالشلل نتيجة المفاجئات التي واجهها اصحابه بعد دخولهم العراق والتي لم يتحسبوا لها او توقعوها رغم كل ضخامة الدراسات والبحوث التي اجرتها مراكزهم المتخصصه وانفقوا عليها مئات الملايين من الدولارات حيث لم تترك شارده او وارده والا كان لها نصيبها من الاهتمام والتحسب ولكنهم لم يتحسبوا للمقاومه العراقيه التي كانت اعظم تلك المفاجئات.
لقد ظن واضعي الستراتيجيات وفقا لنتائج دراساتهم وبحوثهم ان العراقيين لن يتململوا او يتحركوا ضد الاحتلال الا بعد اربعة سنوات بموجب استقراء نتائج تجارب الشعوب التي تعرضت للاحتلال ومنها تجربة فيتنام واعتقد المسؤلين الامريكيين انهم قادرين بهذه الفتره ان يحدثوا تغييرات في البنيه التكوينيه للشعب العراقي الامر الذي سيحول دون تحركهم الفعال ضد الوجود الامريكي.
لقد وقع البعض في خطأ شائع وبالذات من اجتهدوافي تثبيت موعد انطلاقة المقاومة العراقيه حيث يعتقد هؤلاء وغيرهم ان المقاومه انطلقت بعد فتره من الاحتلال والحقيقه ان المقاومه بدات قبيل دخول الامريكيين بغداد وهي لم تتوقف ابدا.
صحيح ان المقاومة بدأت عملياتها بشكل محدود ضد قوات الاحتلال، ثم تحولت الى الهجمات الفاعله، وصولا الى تنفيذ الهجمات الاستراتيجيه التي فرضت على العدو الامريكي وحلفائه التحول من حالة الهجوم الى الدفاع عن النفس في خطه ذكيه لاستنزافهم وتكثيف مطاردة العدو وانهاكه وحرمانه من تحقيق أي من خططه وايصاله الى حالة العجز التام تمهيدا لانسحابه من ارض العراق الطاهره.
أن الاداره الامريكيه لن تجد خيارا امامها الى الخروج من العراق مصحوبه بالفضيحه والعار، في اكبر هزيمه لها في كل تاريخها الاسود وهذا ما سيرتب عليها استحقاقات وتحوُّلاتٍ حضاريه وعسكريه، من شأنها احداث تغييرات مهمه في التاريخ البشري.
أن المقاومة العراقية تقاتل بضراوة المعتدين والغزاة رغم الامكانيات الهائله للقوات الأميركيه وحلفائها، وعملائها الذين جاؤا خلف دباباتهم وانخرطوا بالجيش أو الشرطة العميلة... واستطاع ابطال هذه المقاومه ان يلقنوا المحتلين وعملائهم دروسا لن ينسوها وحولوا كل النتائج العسكرية والسياسية للاحتلال في العراق إلى فشل ذريع.
ان ابرز ما حققته المقاومة العراقية جاء عبر نجاحها في تفكيك التحالف الدولي الداعم للاميركيين، حيث ظهر ذلك واضحا بعد اضطرار عدد من دول التحالف سحب قواتها (سحبت أكثر من 15 دولة من التحالف قواتها من العراق)، وهو ما اعاق ومنع دول أخرى كانت ترغب لإرسال قواتها نتيجة للضغوط التي تمارسها عليهم ادارة بوش وهناك اليوم خلافات حاده بين هذه الدول ليس حول العراق فقط، بل حتى على، ما ادعوه كذبا بـ «الحرب على الإرهاب»، والتي خلقت ردود افعال خطيره تحولت الى عمليات انتقام امتدت الى حلفاء امريكا هذا عدا الانشقاق داخل الاتحاد الاوربي نفسه وذهب ابعد من ذلك عندما اصاب كيان دول
مهمة مثل بريطانيا، الامر الذي دفع رئيس الوزراء «توني بلير» للاستقاله من جميع مناصبه وسبقه في ذلك فشل بيرلسكوني في ايطاليا وازنار في اسبانيا والمسلسل مستمروصولا الى سيدهم بوش.
كذلك هناك اسباب اخرى تجعل الانسحاب من العراق الخيار الاساسي للولايات المتحده الامريكيه ابرزها ما يلي:
1- حجم الخسائر البشرية والماديه التي منيت بها القوات الأميركية في العراق.
2- الانهاك الذي اصاب الاقتصاد الأمريكي منذ أحداث ايلول وزاده احتلال العراق إنهاكاً بحيث لم يعد قادرا على الصمود، فعمليات المقاومة كبدت المحتل في اربع سنوات خسائر فادحه بلغت ارقاما فلكيه اضعاف كل خسائره في حرب فيتنام التي استمرت 18 سنة والتي بلغت 600 مليار دولار.
3- وهناك الخسارة الحضارية التي لا يمكن تقديرها بثمن، حيث لم تعد شعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان تجد طريقها الى عقول الاخرين بعد ما قامت ولاتزال تقوم به قوات الاحتلال الامريكي وعملائها من جرائم ضد العراقيين وفظائع سجن «أبو غريب» والسجون العراقية التابعة للاحتلال هي واحده من ادله كثيره.. عدا موت ما لا يقل عن مليون ونصف من العراقين نتيجة الحصار الاقتصادي(الذي ابتدأ من نهاية 1990 حتى احتلال العراق في التاسع من نيسان2003) واستعمالها الاسلحه المحرمة دوليا قبل غزوها للعراق وبعده وفي مقدمتها القنابل العنقودية، واسلحة اليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض، والقنابل النوويه المحدوده اضافه الى الأسلحة الكيماويه.


ان ازدياد شقة الخلافات بين الدول التي شاركت في الاحتلال وتفكك التحالف الدولي الداعم لامريكا، وتطور قدرات المقاومة، وإمكانياتها كما ونوعا، وازدياد عملياتها النوعيه وحجم تأثيرها العالمي وارتفاع الاصوات المناهضه لسياسة الرئيس بوش داخل وخارج امريكا، اضافه الى تبدل مواقف كثير ممن كانوا يؤيدون قرار الحرب وفي مقدمتهم (جون كيري، بيل كلينتون) هذاعدا ثبوت فشل المخطط الأميركي في العراق الذي ينبئ بهزيمتها وخروجها الحتمي القريب من العراق
المصدر: شبكة البصرة

Labels:

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker