هل ظلمنا المقاومة في ديالى؟ للأستاذ صلاح المختار
هل ظلمنا المقاومة المسلحة في ديالى؟
صلاح المختار
منذ ثلاثة اعوام ونحن نتحدث بلا انقطاع عن الانبار، خصوصا عن الفلوجة والرمادي، لانها رمز شرفنا وجهادنا الوطني والشخصي، وهي محافظة تستحق منا اكثر مما قدمنا لها حتى الان، ولكننا قصرنا بحق رمز أخر لشرفنا وجهادنا وهو محافظة ديالى البطلة، خصوصا بعقوبة وبهرز، لاننا، وفي غمرة تذكر الفلوجة المقدسة، لم نمنح بعقوبة المقدسة قدرا اكبر من الاهتمام، رغم ان مجاهديها الابطال يسطرون ملاحم مجيدة دفاعا عن العراق والعروبة والاسلام. نعم كل العراق يقاتل الغزاة من البصرة في الجنوب حتى اربيل في الشمال، ومن خانقين في اقصى الشرق الى القائم في اقصى الغرب، ولكن علينا ان نسلط الضوء على بطولات مجاهدي الثورة العراقية المسلحة بتوازن دقيق ليس فقط التزاما بالامانة ونشر الحقائق بل ايضا لان معارك ديالى تتميز بانها تشهد وجود طرف اجنبي يقاتل العراقيين فيها وهو الاستعمار الايراني البغيض اضافة للاستعمار الامريكي الاب الروحي للخمينية.
مؤخرا اعلنت المقاومة البطلة في ديالى اسر ضباط ايرانيين كانوا يقاتلون ويقتلون العراقيين متجحفلين مع الاميركيين وحكومة العملاء في بغداد، وهذا الاعلان يؤكد بالادلة، وليس بالاتهامات، ان (ايران الاسلامية) لاتقل خطرا عن اسرائيل وامريكا، بل ان الوقائع تؤكد انها اشد خطرا من ناحية واحدة على الاقل وهي انها، بصفتها الاداة الرئيسية للاحتلال ولتنفيذ خطط الاحتلال، تقتل العراقيين بدون حدود وبأقسى الوسائل بهدف تهجيرهم من وطنهم واحلال فرس أيرانيين واكراد غير عراقيين محلهم لتغيير هوية العراق العربية واحلال هوية هجينة محلها تسمح بتقسيمه لاحقا، في اطار ما يسميه الدستور الذي وضعه الاحتلال وايران والصهاينة في اربيل والسليمانية ب(عراق متعدد القوميات والاعراق والطوائف)!
بتعبير اخر، وحسب خطة الصهيوينة الامريكية وايران، فان العراق يجب ان لا يبقى بلدا فيه قومية رئيسية يبلغ عددها 85 % من مجموع السكان وهي القومية العربية، كما كان الوضع قبل الاحتلال، بل هو بلد تتقارب فيه اعداد القوميات والطوائف مثل يوغوسلافيا، الامر الذي يجعل تقسيمه تحصيل حاصل لرغبات السكان! وفي سبيل تحقيق ذلك الهدف تم تهجير أكثر من مليوني عراقي الى الخارج منذ وقع الاحتلال وتم ادخال اربعة ملايين اجنبي الى العراق منح منهم رسميا مليونين ونصف المليون الجنسية العراقية، كما اعترف ابراهيم الجعفري حينما كان رئيسا للوزراء، ومنح الاخرون الجنسية بصورة غير رسمية، يضاف الى ذلك اكثر من مليوني عراقي اجبرهم الحصار على مغادرة العراق بحثا عن الرزق وليس لاسباب سياسية وهم الان ما زالوا في الخارج بحجة وجود ازمة امنية لا تسمح باعادتهم وحصل الكثير منهم على الجنسيات المختلفة واندمجوا في مجتمعاتهم.
ومما له دلالات مهمة في هذا السياق هو ان تشدد اوربا واستراليا ونيوزلندا في رفض منح اللجوء الانساني او السياسي او الاقامة للعراقيين منذ الغزو قد انتهى واصبحت هذه الجهات تشجع او تقبل طلبات الهجرة من العراقيين بشرط ان يكونوا من العرب السنة، لاجل تقليل نسبة العرب فيه! اما السبب الاخر المهم لتدمير العراق من قبل ايران فهو انها تريد التخلص من السد الشرقي الذي منع ويمنع تدفق جرادها وايدزها الى الوطن العربي والعالم الاسلامي باسم (نشر الثورة الاسلامية)، والتي لا تعني الا نتيجة واحدة في المحصلة النهائية، وهي اشعال الحروب الطائفية في كل العالم الاسلامي بين الشيعة والسنة، من اجل تغيير الصراع الرئيسي وهو الدفاع العربي الاسلامي عن النفس والهوية ضد الهجمات الصهيوينة الامريكية وجعله صراعا بين الطوائف والاعراق كما تدعو نظرية تصادم الحضارات !
ان العراق يواجه مخططا اسرائيليا- امريكيا تنفذه ايران بصورة جوهرية وهو يقوم على تحقيق هدف اصبح واضحا ويمكن حتى لأعمى الضمير ان يراه : تدمير ثم تقسيم العراق للتخلص من مركز النهضة العربية الحديث ومخزن الابداع والعبقرية العلمية التكنولوجية في هذه الامة، والامل في نهضتها الحديثة، وهذا خط احمر صهيوني امريكي ايراني مشترك. ان تدمير العراق يزيح من وجه ايران السد الوحيد الذي يمنع تمددها وتوسعها في الخليج العربي والجزيرة العربية وباقي الوطن العربي بشعارات فتنة طائفية تخفي نزعة التوسع الفارسي القومي التقليدي. كما يسمح لمشروع الشرق الاوسط الكبير بالعودة الى ساحة التطبيق بعد ان نجح العراق بفضل صموده ومقاومته الباسلة في تعطيله. ان حماس ايران في تدمير العراق ليس مبعثه فقط الانتقام منه بعد ان بطحها ارضا في حرب الثماني اعوام التي فرضها خميني على العراق، كما قد يظن البعض، بل ايضا هناك هدف اخر خطير جدا ومزدوج وهو ان ايران تريد بلعب دور الشريك الاساس لامريكا في تدمير العراق ان تقنع اوساطا امريكية نافذة بانها، وليس غيرها، الشريك الاقليمي الستراتيجي لامريكا الاقدر على تنفيذ عملية اعادة رسم الخاطة الاقليمية كلها، ولتامين مشاركة رئيسية لها في تقاسم الادوار والنفوذ في المنطقة من جهة، وفي تجنب تطوير الصراع الكلامي المفتعل بينها وبين امريكا الى حرب حقيقية بعد التخلص من الثورة العراقية المسلحة من جهة ثانية.
اذن ايران خطر قاتل ومميت ليس للعراق فقط بل لكل الاقطار العربية وتركيا ايضا، وهي حليف رئيس وستراتيجي لكل من امريكا واسرائيل، ان لم يكن بالتخطيط المشترك والمباشر لهذه الصلة فبالتلاقي بين مطامع وستراتيجيات هذه الاطراف الثلاثة، التي يجمعها قاسم مشترك وهو تفتيت المفتت من الاقطار العربية الى اجزاء اصغر وتغيير الهوية العربية للوطن العربي، بتغليب روابط الطائفة على رابطة الامة. انظروا حزب الله في لبنان يعلن دون تردد ان مرجعيته هي طهران وليس غيرها وحينما يذهب حسن نصر الله الى طهران دوريا لتلقي الاوامر فانه في كل مرة يستقبله علي خامنئي يقبل يده بلا تردد تماما كما يفعل رئيس جمهورية ايران احمدي نجاد! وهذه المشاهد مصورة وليست دعاية عراقية وهي تعني امرا واحدا وحاسما لايقبل النقاش وهو ان حزب الله مؤسسة ايرانية تماما وتتقيد بالنص وحرفيا بكل ما يتصل بالدفاع عن مصالح ايران وتغليبها على مصلحة الوطن، بما في ذلك تقاليد ايران غير الاسلامية بتقبيل يد الاكبر!
هل شاهدتم قائدا حقيقيا يقبل يد من هو اعلى منه؟ ومن يقبل يد خامنئي هل يستطيع الاعتراض على اشاراته وتوجيهاته ؟ تقبيل اليد عادة تركية وفارسية وهي غير مألوفة في الوطن العربي قبل الاسلام والتي حرمها الاسلام فيما بعد. كل هذا الولاء لايران يجسد نفسه سياسيا بتبني كل ما تريده ايران، مثل معاداة حزب الله للثورة العراقية المسلحة ودعمه للعملاء بلا تحفظ مثل الحكيم وغيره، مع ان ايران هي الحليف المحلي الاخطر لامريكا واسرائيل! هل تعلمون ماهي نتائج هذا الولاء لايران في لبنان؟ ان جنوب بيروت وجنوب لبنان كانا مركزا للقومية العربية وصارا الان بفعل الدعوة الطائفية لحزب الله وحركة وامل امتدادا فعليا ورسميا لايران وغاب الشعور بالانتماء القومي العربي، او على الاقل وفي افضل الاحوال اجبر على الاختفاء مؤقتا!
والوجه الاخر لهذا المخطط الصهيو امريكي - ايراني هو اثارة قضية الانتماء الاثني وتحويله الى مشكلة وليس ظاهرة طبيعية كما هو في الواقع، من خلال تغليبه على الرابطة الوطنية المشتركة، انظروا الى كيفية أثارة المشكلة الامازيغية (البربرية) في المغرب العربي وتحويلها من قضية حقوق مشروعة داخل الوطن الواحد، الى مشكلة محاولة انفصال في الهوية! الم يقل ذلك عوديد ينون في مخططه (ستراتيجية لاسرائيل في الثمانينيات)؟ الم يطالب بتنفيذ المخطط الصهيوني القديم القائم على تقسيم الوطن العربي الى دويلات مجهرية ومحو الهوية العربية عن طريق تشجيع ودعم الاقليات الاثنية والطائفية في الوطن العربي، من موريتانيا غربا وحتى عمان في الجنوب العربي، وتحويلها من جزء اصيل من الامة الى عوامل تمزق وشقاقات؟ الم يطلب عوديد ينون من مناحيم بيجن وكان رئيسا لوزراء اسرائيل ان يعزز دعم ايران خميني ضد العراق من اجل تقسيم الاخير الى ثلاثة دول؟
ايران هذا العدو المميت للعرب والمسلمين، والذي يبدو للبعض من ذوي الحس المخدر او الجهل المقرر، ناعم الملمس كالافعى، لم تكتفي بالمشاركة الكاملة في الاعداد لغزو العراق وتدميره ونهبه بعد الغزو وممارسة القتل على الهوية الطائفية للعراقيين على يد الميليشيات التابعة لها، بل هي تقوم الان بارسال جيشها وحرس خميني واطلاعات (المخابرات الايرنية) للعمل على مواصلة تدمير العراق وتغيير هويته، من خلال تنظيم هجرة فارسية منظمة الى العراق. ويعد معبر الوسط العراقي هو الافضل لانه الاقرب الى بغداد، حيث ان المسافة في السيارة بين الحدود مع ايران وبغداد تحتاج لحوالي ساعة فقط. ان ديالى هي الطريق الاقصر الى بغداد من ايران، وكان هاشمي رفسنجاني وغيره اثناء الحرب التي فرضها خميني على العراق يستمتع بالقول بان الجيش الايراني سيصل الى بغداد من اقرب نقطة وهي محافظة ديالى! ومن هذا الطريق ارسلت ايران قبل فتنة تفجير مرقد امام على الهادي فرقا من حرس خميني للتمركز في بغداد استعدادا لتغيير هوية بغداد بعد اشعال الفتنة، ولكن ديالى بشجاعة مجاهديها نجحت في ابادة ثلاثة موجات على الاقل من قوات الغزو الاستعماري الايراني قبل ان تصل الى بغداد. بل ان القوات الايرانية قاتلت وما زالت تقاتل الشعب العراقي في كل هجوم تشنه الحكومة العميلة في شرق العراق وغيره، وفي كل مرة تقف المقاومة في ديالى بالمرصاد للشوفينية الفارسية وتحبط خطط تمددها في العراق.
نعم ان ما تتميز به ديالى الان هو قيامها بدور ستراتيجي خطير وهو حماية البوابة الشرقية للعراق من تسرب الايدز القاتل من ايران، وكانت وما زالت وستبقى بعون الله، سدا يمنع ايران من الانتشار في العراق من بوابتها. وبسبب هذه الحقيقة فان المعارك في ديالى يومية تقريبا وكل العالم عرف اسمين لامعين وهما بعقوبة عاصمة المحافظة ومدينة بهرز. ويشترك في شن الهجمات على الشعب العراقي كتل بشرية ايرانية وبكثافة ملحوظة، وهدف هذه الهجمات هو القضاء على المقاومة الوطنية العراقية ، ولكن هيهات فان المقاومة انتصرت في كل معاركها التي خاضتها في محافظة ديالى. ومن الحقائق التي يجب ان يعرفها كل عربي، لانها معروفة للعراقيين، وهي حقيقة أن احد اهم مصادر قوة المقاومة وتفوقها وتماسكها في ديالى ينبع من حقيقة ان مواطنيها هم من الشيعة العرب والسنة العرب بالاساس، والشيعة فيها وبسبب اصالتهم العربية مقاتلون اشداء في صفوف المقاومة الوطنية العراقية وهذا ما يقلق ايران وامريكا اللتان تريدان اشعال فتنة طائفية تمهيدا لتقسيم العراق، لكن وجود الشيعة في قلب وقيادة المقاومة في ديالى احد اهم عوامل افشال الفتنة الطائفية.
ولئن كنا نغطي اعلاميا بطولات المقاومة العراقية في كل العراق الثائر فان معارك ديالى الحالية والمستمرة دون توقف منذ بدء الثورة المسلحة، توجب علينا ان نمنح هذه المحافظة البطلة قدرا اكبر من التغطية والتحليل لما يجري فيها لان نتائج معاركها ستؤثر في كل العراق والخليج العربي والجزيرة، وتحدد الدور الايراني في العراق، كما انها تواجه مباشرا عدوا لا تواجهه المقاومة في المحافظات الاخرى الا عبر عملائه وهو العدو الايراني.
والان هل عرفتم لم دعوتكم لتسليط الضوء على جهاد ديالى البطلة ؟
عاشت الثورة العراقية المسلحة.
عاشت فصائل الجهاد بكافة تنظيماتها.
عاشت ديالى سدا يحمي عروبة العراق والامة العربية من ايدز الشرق.
النصر او النصر ولا شيء غير النصر
salah_almkhtar@ahoo.com
0 Comments:
Post a Comment
<< Home