Monday, October 22, 2007

رد على جعفر ضياء جعفر ونعمان النعيمي ج4

* جعفر والمسؤولين :
أ.د. علي عطية عبد الله
المعروف عنك يا أخ جعفر، على الأقل ظاهرياً، إنك لا تتسم بالعدوانية، كنت لا تقبل أو لا تؤيد أن ينقد النظام السابق وتبرر له بأسلوب علمي. أتذكر محاضرتنا عن الطاقة وتحديات القرن الحادي والعشرين في مؤتمر المجمع العلمي الموسوم ((العراق وتحديات القرن الحادي والعشرين)) وكنت يومها رئيس الجلسة وذلك في 15/11/2000م. وحين وصلنا إلى نقد النظام في برامجه للطاقة وبدأنا نعطي بيانات دقيقة تدخلت بإنهاء الكلام ولم ينته الوقت المحدد، وعقبت بكلام غير علمي بأن الطاقة النووية تركها العالم وأدَخلْتنا مع الشهيد خالد إبراهيم زميلك في البرنامج النووي في حوار شعر الناس إنه بين علي عطية غير المؤيد للنظام وبين جعفر وخالد مؤيداً النظام، والواقع نحن كنا نتحدث عن معطيات علمية موثقة وليس إنشاءً، وقبل أسبوع يؤكد المعتدي بوش إن على أمريكا تطوير قدراتها النووية في مجال الاستخدام السلمي لإنتاج الطاقة الكهربائية وتخليص أمريكا من الاعتماد على نفوط العالم. فلماذا اليوم تصب جام إنفعالك لا غَضَبك، لأن عهدي بك غير غضوب، على نظام كرّمك واعتز بك حتى وأنت في المقر الذي أحتجزت فيه مدة (19) شهراً في بداية الثمانين وللأسباب التي سبقت الإشارة إليها آنفاً، هل هو لمد جسور مع نظام الاحتلال اليوم في العراق نظام الطائفية والقهر والحرمان. أنا شخصياً لست على وفاق مع السيد الجزراوي ولي معه مواقف غير سارّة، وذلك موثق، لكن من العيب تعييره كونه ذا خلفَية اجتماعية فقيرة ونائب ضابط متقاعد قبل 17/7/1986 فكثير من السياسيين هم هكذا، فلِنْدِنْ جونسون مثلاً رئيس أمريكا 1963-1969 كان صباغ أحذية ... ومع ذلك لماذا كنت تؤدي له التحية أيام زمان وتفتخر بلقائه أيام زمان، ومنْ منا كان والده وزيراً غيرك وذا ثراء كبير بدون حسد، والله يوفقك... فيا أخ جعفر هذه سنة الحياة وأمامك إبن عمك، كما يدعي، الأخ نعمان فوالده درويش بسيط من عامة الناس كما هو يروي وأنا أعتذر من القارئ للخوض في ذلك لكن ما طُرح اضطرني إلى ذلك وهو كلام من الأخ جعفر لا علاقة له بموضوع الكتاب فالجزراوي كان ضمن القيادة وكلّف بالإشراف على عمل يحيط به موقف سياسي دولي... فاجتهاده يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب لكن العتبَ هو على المستشارين العلميين وفي مقدمتهم مؤلفا هذا الكتاب... أكرر أنا لست بصدد الدفاع عن أحد سواء أكان عضواً في القيادة أو القيادة ذاتها، لكني أرى منْ لم ينقد ويخلص في نقده للقيادة يوم عزها فلا عدلاً ولا خلقاً أن تذمّ وهي في وضعها الحالي، فالمطلوب أن يركز على واقع البرنامج النووي وما حلّ به وأن تطلب الأمر بيان الإعاقات فتذكر بأدب دون مسّ بأحد ... فأنا أومن بالقول الحكيم :
إذا كنت غير قادرٍ على نقد إنسان أيام
قوته فعيب أن تجرحه أيام ضعفه

تلك هي شيم وقيم العرب، كما أن القرآن الكريم يدعو إلى عدم اللمز بالألقاب والتنابز بها... فالرئيس صدام والسيد طه الجزراوي ورفاقهم في القيادة كانوا قادتكم وأعزوكم واحترموكم جميعاً اعتقاداً منهم إنكم علماء فكرموكم...

إن مَنْ كان على احتكاكٍ أو تماسٍ بعملكما ليس كمن سمعَ أو يسمع اليوم، فالبرنامج النووي ليس بخافٍ عنا نسبياً، وبعضنا يعلم وعلم. بل وكان مطلعاً على بعض مجريات الأمور في عملكما وزملائكم الآخرين الذين ذكروا في كتابكم للتذكير أو على أساس إسقاطِ فرضٍ ... فالرئيس صدام حسين يا جعفر كرّمك خارج إطار المستوى المعقول وصُوَرك في الكتاب تؤكد هذا القول، ولو لا أنك تعتز بها لأنها من صدام لما وضعتها في متن الكتاب، ونحن العراقيين من أقرانك على علم بحقيقة تلك الأوسمة والأنواط والجوائز والمخفي أعظم... فمِنْ حقنا نحن أن ننقد الرئيس صدام، لكن بأدب، على ما كان يفعله بوسائل وصيغ تكريمه مما أفسد الناس وبث في نفوسهم الحقد والحسد وشراء الذمم، ولم يصغ للمخلصين حقاً، أما من عاش في حضن العز والتكريم والألقاب فوق مستوى الحقيقة، فلا يجوز له اليوم، أدباً كذلك، التطاول على ولي نعمته المادية والمعنوية ... وأعوذ بالله من تكرار ما أقول، لكن قولي هو للاضطرار ... لقد إنتقدتُ عمل الرئيس صدام في 9/7/1991 وبشدّة، وكنت يومها مديراً عاماً للهيئة العربية للطاقة الذرية، ولم أخشَ فقدان منصبٍ أو عقابٍ شديدٍ، وذلك موثق في مذكراتي التي ستطبع إن شاء الله، ورغم دفاعي عن العراق ضد عدوان 1991 ووجود الأجنبي في الخليج العربي فكنت أشير إلى الخطأ الذي ارتكبته القيادة، وقد أجابني صدام بكتاب رسمي إعترف بصحة أرائي ووعد بدراستها، لكنه غرق في خضم الأحداث التي سحبته إلى خطأٍ أكبر، وهنا عدت للعراق في 30/3/1993 وقررت الابتعاد عن كل مسؤولية خارج إطار عملي كأستاذ في الجامعة.. فلماذا يا زميلي تنساقان عاطفياً أو تحت وطأة خلفيات مضى عليها بين (40-45) عاماً، فتسخرا من البعث ومن الرئيس صدام وكنتما أعزاء مكرمين فاتقيا الله في أقوالكما وسردكما للأحداث، فالناس عليها الظاهر، لكن بعضنا يعلم الظاهر والباطن في سريرتكما، لكن اعتقاده بتطور الأفكار والمعارف والمفاهيم تقنعه بأن الإنسان قادر على تجاوز أمورٍ صنعتها أحداث غير طبيعية.
قصة التفتيش الدولي وحقيقة الموقف من العراق :

يعلم كل مثقفٍ أو سياسي أو مفكرٍ يتابع الأحداث الدولية منذ حرب أكتوبر/تشرين أول 1973، إن العراق وضع تحت احتمالات عِدَّة، وعلى وفق تقارير لمراكز أبحاث ستراتيجية أمريكية وغير أمريكية، وهي :
1- أما احتواء العراق بوسائل ضغط سياسية واقتصادية والعراق في ذلك الوقت لا علاقة دبلوماسية له مع أمريكا.
2- أو وضع خطط لتغيير النظام.
3- أو إيجاد حالة تضعفه وتجبره على الرضوخ للسياسة الأمريكية لحين التمكن من تغييره.

وقد جُرِّبتْ جميع تلك الاحتمالات وصولاً إلى إسقاطه نتيجة سوء تقدير بل خطأ جسيم، للقيادة ممثلةً بالرئيس صدام حسين وقد تابع الأمريكان احتمالاتهم وربطوها تسلسلاً حتى حققوا أهدافهم اليوم ولو مرحلياً، لأن الشعب العراقي الرافض لهم سيطردهم ومن جاء معهم حتماً بإذن الله.

إذن موضوع السلاح النووي وغيره مما يدعى بسلاح التدمير الشامل هو نهاية مطاف تطبيق الاحتمال الثالث وساهم السياسيون والعلميون العراقيون ذوي العلاقة بتعبيد الطريق للأمريكان للوصول إلى غايتهم المخطط لها مع الأسف.

تلك مسلمات يلتقطها كل من له دراية وإدراك ووعي سياسي، لذا فعنوان كتاب زميلي الاعتراف الأخير يفضل أن يعنون بالاعتراف المتأخر الذي أضر بالعراق وساعد العدو على تنفيذ أغراضه .. لكن الزميلين المؤلفين يبدو أنهما أرادا تسجيل مذكرات ليؤرخا لنفسيهما ويرميان بحقيقة أخطاء البرنامج وأخطاء التعامل مع المفتشين الدوليين على أناس هم اليوم بين شهيد وبين من ينتظر الاستشهاد، وهو سلوكٍ غير إنساني، فالزميلان كما زملاؤهما الآخرون تصرفوا خطأً أو قصداً، الله أعلم، مع الموضوع بحجة الخوف من فلان أو علان، ولم يقدّروا حقيقة ما سيترتب على سلوكهم هذا ...

والحق هو أن برنامجهم لا زال بعيداً عن أية نتائج فاعلة لتحقيق الهدف كبعد القمر عن الأرض بالقياسات النسبية، فجميع الخطوات أولية، ولو أدركوا وهم على علمٍ وتماسٍ مع قوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبالأخص رئيس المنظمة العراقية للطاقة الذرية وقتها السيد همام عبد الخالق عبد الغفور وهو إداري جيد، كما يعترف المؤلفان، لاعترفوا بكل ما لديهم للوكالة متمسكين بقرار رقم (450) للأمم المتحدة عام 1981 بعد العدوان الصهيوني على مفاعل تموز (1) في التويثة، حيث بإمكان أيّ دولة إنجاز مشاريع دون إعلام الوكالة عند حالة التجريب ثم إعلامها عند الإنتاج، وعملياً إن البرنامج النووي العراقي كان في أبسط مرحلة تجريبية، وهذا قول هانز بلكس المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم التقيته في 19/9/1991في فينا على هامش إنعقاد المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية وبحضور عدد من مستشاريه ... وحين طرحت عليه عدم حيادية الوكالة تجاه ضرب مفاعل 14 تموز القديم وأن المعهد مخصص للأغراض السلمية كان جوابه :
1- أن المعهد كان عمله سلمياً أيام إدارتك (يقصدني) أما في زمن جعفر (؟) فهو ليس سلمياً...
2- لقد طلبتُ (بلكس) من عبد الغفور (يقصد همام) أن يُقدِّم كل ما لديهم بشأن البرنامج وسأكون (بلكس) بجانبهم على وفق ما ذكر أعلاه...
3- إلا أن عبد الغفور وجماعته لم يفعلوا ذلك بل كلما ضغط على العراق قدموا جزءً ففقدوا المصداقية. وهذا ما حدث عملياً.

وأنا شخصياً تناولت الموضوع في الصحافة بشكل توضيحي لكن ليس من مجيب!!.

وجميع العاملين في البرنامج وعلى رأسهم الأخ جعفر يدركون أن عملهم بدائي النتائج وإلا ما قيمة نصب بضعة فواصل والحصول على 3 ملغم يورانيوم بتخصيب 3% والهدف هو بضعة عشرات من الكيلو غرام بتخصيب 93% وكل شيء تجريبي والعمل بحاجة إلى آلاف الفواصل بتعقيداتها التقانية بالنسبة للعاملين حقاً على البرنامج ...

وقد خَرجْتُ من حديث بلكس أن العراقيين ارتكبوا خطأً جسيماً السياسيون منهم والعلميون القائدون للعمل ولو بقت السلطة الحقيقية للبعث لحاسبت هؤلاء حساباً عسيراً.

لكن، كما واضح من الكتاب، إن الزميلينْ جعفر ونعمان يضعان اللوم الكبير على عاتق همام وحسين كامل وطارق عزيز والجزراوي والرئيس صدام حسين .. وهما كانا مجرد أمعّة لخوفهما، كما يدعيان أو لظنهما أن القضية سحابة وستنقشع ويعود العز والتكريم لهما! فلماذا يفرّطان بذلك الوهم المبني على عدم وعي سياسي. لكن بعد الزلزال الكبير، كما أسميته في كتاب، سيرة وأحداث، المدون لسيرتنا الذاتية الذي سينشر بإذن الله، جاء الاعتراف الأخير وما ندري ما اعترفا به قبل ذلك ... وهل يبرئ هذا ذمتهما من الذي حلّ بالعراق العظيم اليوم! إن حديث زميلي العزيزين بأسلوب التناوب على طرح الأمور لا يعني أنهما أديا دورهما تجاه بلدهما فذنبهما لا يقل عن ذنب همام وذنب حسين كامل وذنب القيادة السياسية. إن عقوبة الذات أفضل من عقوبة شعب وسلب سيادته وتدمير وطنه، أرجو أن يعي القارئ ويعي المؤلفان إن هكذا موضوع لا يتحمله شخص ما فقط لمجرد إن الآخرين كانوا خائفين ...

يا أخ جعفر أتذكر قائد البعث وليس قائد العراق بنظرك كم كان يقدّمك على أقرب الناس إليه كقائد لمجرد أنه ظن إنك تحقق له طموحه وربما لأمور أخرى قد نخطأ بها دون مبرر، لذكرها، أتذكر يوم أرادك مديراً للهيئة العامة للكهرباء بدرجة وزير (وأنت كنت مستشاراً بدرجة وزير أيضاً) ولكن تآمر عليك زملاؤك في اللجنة الصناعية فاختاروا صلاح كزير وكنت حزيناً فرفعت مذكرةً للقائد العظيم، كما وصفته، في حينه تضع نفسك جندياً بين يديه! لماذا تغيرت الأمور وذلك كان في التسعينات، فرحت تسخر مَنْ وصفته بالقائد العظيم، وتنكر عليه كونه قائداً للعراق وليس للبعث فقط كما تزعم.. فلا يجوز يا جعفر اليوم أن تصفه بصفاتٍ لا تصح أن تصدر من ولدٍ مدللٍ إلى والدٍ تجاوز في حبه له حقوق الآخرين، وربما هو (الوالد) على حق من وجهة نظره فهل للتربية والبيئة والتقية دور في ذلك نترك ذلك لعلماء النفس.

* ملاحظة أخيرة –
هل يلتقي العلم بالسياسة ولماذا؟

إذا عرفنا أن السياسة هي فن الممكن للتعامل مع الأحداث لتطويعها لما هو في صالح الشعب والأمة، فالجميع سياسيون وكل حسب قدرته وفهمه وهدفه الذي يسعى للوصول إلى الحقيقة. فتوجيه الفكر والعلم لتحقيق غرض ما علمياً أو اجتماعياً يُعدُّ تسييساً للعلم وللفكر .. فهكذا توجه سياسة بناءة، أما أن يوجه العلم والفكر لتحقيق ما يؤدي إلى إيذاء المجتمع أو تدميره، كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية في 6 آب 1945 حيث كانت البادئ الأول في تسييس العلم لأغراض لا إنسانية، أما جنوح الدول الأخرى إلى هذا السلاح وغيره فهو خوف من الذي أصاب اليابان عام 1945م، لذا سعت بريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي والصين والهند وباكستان للحصول على هذا السلاح بحجة الردع لعدوٍّ يتربص بها. والدول لا تستتب أمورها طالما كانت هناك مصالح أحياناً خارج إطار الشرعية، والعراق حين حاول كان له ما يبرر محاولته وسط أجواء العداء الأمريكي الصهيوني والعداء الفارسي بثوب ديني، لكن قيادته لم تكن في مستوى التحدي في هذا المجال، فتركت صبياناً يعبثون بمصير البلد ... لقد كان نظام الحكم نظاماً بعثياً كما هو مفترض ويقوده حزب له كل شرعية الحفاظ على نظامه لأنه يحاول بناء أنموذج للأمة، لذلك كان حريصاً على عدم حدوث اختراقات عدوانية فتزمَّتت أجهزة الأمن كثيراً، استغلت هذا الحرص لتركيز حالة حكم خاطئة بعيدة عن فكر الحزب ومبادئه وعقيدته كما يوضح ذلك أدبياته الفكرية.

إن سلوك الناس يتأثر كثيراً بالطبع ولا يتمكن التطبع تجاوزه، وقصة الطبع والتطبع نعرفها منذ الصغر .. فسلوكيات أمنية داخل المنظومة الحزبية أو داخل المنظومة الأمنية ليست بالغريبة بل هي حالة يتعامل بها دول العالم المشابهة للعراق، بل الدول الحرة، كما تدعي، تتعامل بها اليوم، لذا فإن سلوكاً حزبياً عند هذا أو ذاك أو سلوكاً أمنياً مِنْ هذا أو ذاك ضمن مسؤوليته لا علاقة لهما بعملنا العلمي ويحدث أحياناً حرصاً على الباحثين ضد عدوان المعادين ... وما وقع من أحداث يبرر ذلك!.

أما ما يطرحانه زميلانا جعفر ونعمان فلا مبرر له ولا علاقة له بعملهما عدا ما حدث لجعفر عام 1980 شهر آب فهو عمل مدان لكن كان لجعفر خطأٌ ارتكبه بالنسبة للجهاز الأمني. تم تجاوزه كما سبق ذكره.

والسؤال الذي يمكن طرحه على الزميلين هو : هل حاول أحدٌ على إجباركما للإنضمام للحزب؟ وهل هددكما على ذلك أحد؟ ألم تعملا برغبتكما في بناء الوطن ورغم تحطيم البرنامج عملياً فهناك علماء وتقنيون عراقيون تكوّنوا بقدرات عالية كان لهم دورهم في إعادة الإعمار بعد عدوان 1991 وبمدة قصيرة.. فليكن البرنامج ساحة أو ورشة عمل لبناء تلك القدرات. وكان لك يا أخ جعفر الدور الأساس في ذلك. إذن لماذا تحاولان التهجم على القيادة وعلى النظام وقد أتاح لكما كل فرص العمل ولم تتعاملا معه بشفافية صادقة.. فظن بكما ما هو ليس كما ظن ... فالأخ جعفر (أبو صادق) له جذور لبرالية وعائلته مشهورة في هذا النوع من الفكر اللبرالي وهو يحترم طالما لا يتجاوز على رأي وفكر الآخرين.. وعهدي به هادئاً متزناً لا ينطق كلاماً إلا بتأني بعد تنهيدة، فماذا حلَّ به وهو يهاجم البعث بسخرية لا ينقده بموضوعية، ويسخر مِنْ مَنْ كرّمه حتى الاسفاف وصوره في متن الكتاب دليل على صدق قولي هذا ...

تقول العرب إذا وكعَ الجملُ تكثر عليه السكاكين وليست أيُّ سكاكين, بل سكاكين عمياء تعذب المجنى عليه والعياذ بالله .. فهل أنتما من هذا الرهط الذي تصفه العرب !!.

أما أنت أيها الزميل نعمان قدرناك كل تقدير يوم كنت تعمل معنا وعلى لسانك أيام زمان، فقد وقعت في الخطأ وفي نكران الذات، أمام جعفر ووقعت بالخطأ ونكران الجميل أمامنا يا سيد نعمان النعيمي الحسيني، إن صدقت وثائق نسبك إلى النعيم أولاد عمنا نحن، فإن من ينتسب إلى آل البيت (عليهم السلام) عليه التخلق بأخلاقهم ومنها الصدق والتسامح، إن وقع عليهم أذى، مع الآخرين، فكيف تصرفت معنا وأنت لم يصبك منا غير العز والاعتزاز والاحترام؟ المهم ليس للقربى والأنساب، بشكل عام موقعٌ في قاموس تعاملنا مع الآخرين بل العمل والصدق والإخلاص دليل تعاملنا والشهود كثر عبر المرحلة (1969-1972)، فأسأل أهل الخبرة السابقة وأنت منهم إن كنت قد أصابك مرض الزهايمر لا سمح الله وأدام لك الصحة إن شاء الله .. وحيرتي أنك تهاجم من اعتمد عليك واحترمك ودللك واعتبرك ساعده الأيمن طيلة العمل معنا .. أهو نسيان وكل شيء موثق أهو كره ولم أذكر أيَّ إساءة صدرت مني تجاهك؟ أهو تملق لمرحلة ما بعدي، لكنك لست بحاجة إليها لإنك تعمل مع إبن عمومتك وصديق زمانٍ لك؟ خارج العراق اليوم!. لكن يا سيد نعمان النعيمي الحسيني لم أجد مبرراً لموقفك إلاّ شدِّك نفسك إلى عمق التاريخ (1958-1963). وهو تاريخ أسود لكننا تجاوزناه مع كل من آذاناً في حينه بل عينّا بعضهم في المعهد عام 1970، وأنا ما كنت في كلية العلوم طالباً يوم كنت أنت معيداً وزميلك الدرويش الآخر غازي حاملاً للدكتوراه حديثاً وهو معاون عميد لكلية العلوم عام 1959 وكان دوره قذراً في إيذاء البعثيين والقوميين والوطنيين الأحرار المناهضين للحكم الشعوبي القاسمي وللمد الشيوعي (آنذاك) الشعوبي ... ويبدو أنك كنت أحد عناصر هذا المد، رغم أنك عربي حسيني، فلم تتأسف على مجرم قاتل أعدم الضباط الأحرار كما سبق ذكره، والقصة معروفة.

ونحن تناسينا كل ذلك الإرهاب والظلم وفتحنا صفحة جديدة مع حتى أولئك الذين حاولوا إغتيالنا عام 1959، وأنت مع كل الاحترام الذي قُدّم لك ومع كل الامتيازات التي أسبغت عليك خارج إطار استحقاقك الحقيقي، لا زلت تحقد على كل بعثي وكل ما له صلة بالبعث، كيف إذن أنت عربي وهاشمي يا رجل.. بل كيف أنت مسلم وسيد والإسلام لا يجيز زعل المسلم على المسلم لمدة تتجاوز ثلاث ليالي، فكيف بحقدٍ نتيجة أحداث كان البعث مظلوماً فيها قبل (46) عاماً يوم كنت أنت والآخرين في عمر المراهقة أو الصبا ..

لقد لاحظت أنك رغم كل التكريم تتحسر على تكريم جماعة التصنيع العسكري وكان يهمك أكثر من حقيقة نتائج عملك..

غريب أنك وغازي درويش تتناغمان نفس النغمة فأنتما أعداء للبعث وله أسباب ذكرناها سابقاً ولاحقاً لكن كرهكما لإنسان احترمكما مثلنا وتكذبان عليه لم أجد مبرراً له إلا لكونه بعثياً، إذن أنتما تكرهان البعث كفكر قومي عربي يسعى لتوحيد أمة يفترض أن تفخرا بهما إن كنتما عرباً حقاً، أما سوء تصرف هذا أو ذاك من قادة البعث هو كما حال سوء تصرف قيادات أحزاب أنتما جزء من بعضها، فنحن اليوم في عام 2005 بالنسبة لصدور كتابكما ولا زال نعمان ودرويش يتذكران ما حدث قبل أكثر من 40 عاماً دون الاعتراف بسوء سلوكهما والأحزاب التي كانا يعملان تحت ظلها فلم يا نعمان لا تعترف أخيراً بذلك وتحترم غيرك أليس هذا من سمة المثقفين والمفكرين الحقيقيين لا الأدعياء ..
وأخيراً ((من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بحجرٍ ملوّثٍ)).

* الهيئة العربية للطاقة الذرية والبرنامج النووي العراقي ..

كما هو موثق فإن الهيئة العربية للطاقة الذرية ولدت في 17/8/1988 وهي نتاج مخاضٍ عربي غير جاد بدأ عام 1964 حين قررت القمة العربية آنذاك إتفاقية للتعاون العربي في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية كرد فعلٍ على قيام الكيان الصهيوني بتحويل مجرى نهر الأردن وتوقع العرب بأن الكيان الصهيوني يمتلك سلاحاً نووياً أو في طريقه لامتلاكه .. وقد أُنشئ مجلس علمي لمتابعة الموضوع في الأمانة العامة للجامعة العربية، وكنا نحضر بعض اجتماعاته في منتصف السبعينات، والعرب الرسميون كعادتهم في قتل طموحات الشعب العربي غطسوا في خلافاتهم خارج إطار مصلحة الأمة، لكن تحت ضغط بعض الأقطار العربية وعلى رأس ذلك البعض العراق العظيم .. ولدت الهيئة ولادة عسيرة، وفي 17/8/1988، يوم التأسيس، انتخب العرب الدكتور علي عطية عبد الله (أنا) مديراً عاماً لها، كما أشير في متن هذا التعقيب سابقاً، ولخبرتي بالعمل العربي المشترك وعدم جديته في قضايا أبسط من هكذا مشروع، توقفت عند ذلك وحاولت التهرب من ذلك، لكن ممثل ليبيا وممثل العراق وممثل سوريا وكذلك تونس الحّا عليِّ بالقبول والمباشرة. ومع ذلك لم أباشر إلا بعد مقابلتي للدكتور نوري المدني (الوزير الليبي آنذاك للبحث العلمي) وممثل العراق، رئيس منظمة الطاقة الذرية العراقية همام عبد الخالق آنذاك ووعداني خيراً، فالتحقت في 15/2/1989م... فكان دورنا ليس سهلاً حيث لا ميزانية ولا مقر ولا ملاك، أي نحن كنا مديراً عاماً مؤسساً لهكذا مؤسسة من الصفر .. هذه مقدمة لغرض التعريف بالهيئة ...

لقد كان جميع ممثلي الدول الأعضاء في المكتب التنفيذي في المؤتمر العام وعددهم (11) عضواً يتابعون ما كان يقوم به العراق في برنامجه النووي كقاعدة علمية وتقانية في العلوم النووية أملين له النجاح والتقدم، وكان هدف الهيئة هو العمل على توطين العلوم النووية وتقاناتها في الوطن العربي وقد نفذت خطة لأربع سنوات وضعت أسس ذلك بفخر واعتزاز، ولعلاقتنا الوطيدة مع زملائنا العاملين في البرنامج النووي العراقي ومنهم الزميلان جعفر ونعمان، وكنت ألتقي مع الدكتور جعفر بناء على طلبه أو بناءاً على رغبتي في إبداء المساعدة في المجالات المتاحة لنا، ورغم أن الأخ جعفر كان يبدي الرغبة في أن نساعده لكنه كان يغط في سباته ولم يفصح عما يريد أو يتحرك إتجاهنا بالذي يرغب أن نساعده فيه، ربما لأن قيادته السياسية لم توافقه، لكنه لم يبلغنا حتى باعتذاره. وحدث هذا أيضاً معي عام 1986 يوم كنت مديراً لإدارة العلوم والتقانة في مكتب التربية العربي لدول الخليج في الرياض، وكان شخصاً غير جعفر المتصل بنا .. قصدي هنا أنني لم أكن بعيداً عن ما كان يعانيه الزملاء، لكن عتبي عليهم جميعاً هو عدم شفافيتهم تجاه القيادة السياسية، كما ذكرت ذلك في أكثر من فقرة سبقت. وحين وقع العدوان الغاشم على العراق بسبب سوء تصرف قيادته أو نتيجة وقوعها بفخ الأمريكان، وأصبحت أجهزة ومعدات البرنامج النووي العراقي تحت طائلة التحطيم والتدمير، اجتهدت كمدير عام للهيئة وكمتخصص في العلوم النووية ظاناً أن هناك عقلانية في التصرف سواءً من قبل المعتدين ومعهم الحكام العرب أو من قبل القيادة السياسية في العراق، فبعثت بمذكرة في 10/7/1991 إلى الملوك والرؤساء والأمراء العرب أدعوهم فيها إلى العمل على الحفاظ على تلك الأجهزة والمعدات ونقلها تحت إمرة الهيئة أو إلى بلد عربي يطمئن له العدوانيون، كمصر مثلاً، لاستخدامها قومياً ووفق برنامج واضح تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبعثت نسخة إلى الدكتور أحمد عصمت عبد المجيد الأمين العام لجامعة الدول العربية آنذاك، وقد تناقشت معه في الأمانة العامة في القاهرة وأبدى حرصاً لكنه كان عاجزاً وأوضح بأن ليس هناك حاكم عربي يستطيع تبني هذا الطلب، فالأمة لا حول لها ولا قوَّة وإن القيادة العراقية وضعت العرب في مأزق لم يحسدهم عليه أحد.

أنا أذكر ذلك للتاريخ، وكل شيء موثق وبسببه حدثت أحداث أساءت لنا من قبل دول عربية هي بالأساس معادية لكل عمل قومي جاد، وقد قلنا ذلك بصدق وإيمان وتحملنا المسؤولية، حيث لم ننتخب للدورة الثانية ولا إشكال شخصي لنا في ذلك، إذن يا زميلي جعفر ونعمان من لا يريد شيئاً لا يجبر عليه أن الحل في يده وإن قبله وعمل به لا يلوم غيره بهذا الأسلوب الذي تذكرانه في كتابكما هذا .. المهم حسن النية ولكل امرئ ما نوى.
والله من وراء القصد ...

* أ.د. علي عطية عبد الله
إنتهى

Labels:

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker