تقرير حقوق الإنسان حول العراق المحتل: الجزأ الرابع
تقرير حقوق الإنسان حول العراق المحتل
وضع الأقليات
53. إن الأقليات الدينية في العراق تتعرض للاستهداف بشكل متزايد، وتتعرض هذه الأقليات لقيود شديدة تحد من قدرتها على التعبير عن دينها وانتمائها بحرية. فقد اجتاحت موجة جديدة من العنف والترويع ضد التجمعات المسيحية منذ أن صرح البابا بينديكت السادس عشر علناً بملاحظات مثيرة للجدل حول الإسلام في 12 أيلول/سبتمبر. وبعد كلام البابا أصدرت المجموعات الإرهابية تهديدات بقتل كافة المسيحيين مالم يعتذر البابا، ونتيجة لخشية الطائفة المسيحية ألغت العديد من الكنائس مراسيمها الدينية وأصبح حضور المصلين إلى الكنائس قليلاً للغاية. وأشارت التقارير إلى أن الكنائس المسيحية في بغداد وغيرها من الأماكن قد رفعت لافتات برأت نفسها فيها من تعليقات البابا.
54. كما أشارت التقارير إلى اطلاق صواريخ في يومي 24 و 25 أيلول/ سبتمبر على كنيسة الروح القدس الكلدانية في الموصل وتفجير عبوة ناسفة قرب باب الكنيسة. وفي يومي 4 و 5 تشرين الأول/ أكتوبر أطلق مجهولون النار على الكنيسة نفسها مما أدى إلى إصابة أحد الحراس. وذُكر أن رجالاً كتبوا الرسالة الآتية على أبواب الكنيسة: "اذا لم يعتذر البابا سننسف الكنيسة ونقتل المزيد من المسيحيين ونسرق أملاكهم واموالهم".
55. أفادت التقارير أن رجل دين رفيع المستوى في الموصل أعلن أن القساوسة في العراق لم يعد بإمكانهم ارتداء عباءاتهم الدينية علناً خشية تعرضهم للهجوم على أيدي المتشددين الإسلاميين. وفي 2 تشرين الاول/ أكتوبر، تم إطلاق النار في مدينة الموصل على دير الأخوات الدومينيكيات في العراق.
56. وفي 9 تشرين الأول/ أكتوبر أُختطف باولوس اسكندر، وهو قس من الكنيسة الأورثوذوكسية السريانية. وعُثر على جثته مقطوعة الرأس في حي المحاربين في الموصل بعد يومين من ذلك وقد بدت عليها آثار تعذيب. وكان الخاطفون قد طلبوا فدية كبيرة وأن ترفع كنيسته لافتات تندد بتعليقات البابا بنيديكت السادس عشرحول الإسلام، وعلى الرغم من أن الكنيسة قامت برفع لافتات تندد بتصريحات البابا، تم قتل الرهينة قبل دفع الفدية. كما وقع حادثان منفصلان في 16 تشرين الأول/ أكتوبر؛ ففي ناحية بغديدا في محافظة نينوى، أشارت التقارير إلى أن رجال أمن لدى حكومة إقليم كردستان قد اقتحموا مكاتب قناة آشور الفضائية، وهي جهة إعلامية تديرها مجموعة من المسيحيين، وانهالوا بالضرب على موظفيها قبل أن يعتقلوهم. وبعد بضع ساعات تم اطلاق سراح الموظفين. وفي 16 تشرين الأول/ أكتوبر أطلق مسلحون مجهولون النار على كنيسة السفينة في مدينة الموصل مما ألحق بها بعض الأضرار.
57. وتُقدَر مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن 44% من العراقيين الذين يطلبون اللجوء الى سوريا هم من المسيحيين. ووفقاً لتقديرات مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين للأشهر الأربعة الأولى من عام 2006، مثّل المسيحيون المجموعة الأكبر من طالبي اللجوء الجدد في الأردن. وهناك أيضاً هجرة واسعة الى تركيا والسويد واستراليا. أما النزوح الداخلي والهجرة للمسيحيين من الموصل وبغداد والبصرة إلى مناطق أكثر أماناً في إقليم كردستان فهو مرتفع أيضاً، فعلى سبيل المثال ووفقاً للبرنامج الدولي للإغاثة والتنمية واعتباراً من 30 أيلول/ سبتمبر كان هناك قرابة 7,502 عائلة مسيحية نازحة داخليًا في مدينة دهوك.
58. اما معاناة الأقليات الأخرى فمستمرة؛ فقد ظل الصابئة المندائيون وهم من اقدم التجمعات البشرية في العراق يتلقون التهديدات بضرورة اعتناقهم الإسلام وإلا سيقتلون. إن هذه الطائفة آخذةٌ في الإضمحلال بشكل سريع ولم يتبق منها حسب ما يقال الا بضعة آلاف يعيشون في عزلة وخوف. وفي العديد من المناسبات، التقى مكتب حقوق الإنسان بأعضاء من طائفة الصابئة المندائيين التي تتعرض شأنها شأن غيرها من مجموعات الأقليات إلى اضطهاد ديني وتهجير قسري، ولقد تناقص عدد أفراد طائفة الصابئة المندائيين من 13,500 عام 2001 الى 4,000 شخص عام 2006 في العراق.
59. وتم استهداف العديد من الصابئة المندائيين لأسباب دينية؛ ففي شهر تشرين الأول/ أكتوبر وحده تم قتل أربعة من الصابئة وهم عبد الرزاق جبار سيد الذي قتل في بغداد في 2 تشرين الأول/ اكتوبر، ورعد مطر فالح وهو صائغ ذهب، تم قتله داخل بيته الواقع في الصويرة في 9 تشرين الاول /أكتوبر، ورضا سعيد وهو حلاق، قُتل في محله في أبو غريب في 10 تشرين الأول/ أكتوبر، وآيار ستار فاضل، الذي قُتل في البصرة في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2006. ويشكوا الصابئة المندائيون من تعرضهم للتمييز من جيرانهم أو أقرانهم المسلمين. ومن الملاحظ أن هذا التمييز لا يأتي كنتيجة لسياسة رسمية تتبعها الحكومة العراقية بل بشكل ارتجالي. فعلى سبيل المثال، يرفض الأطفال المسلمون في المدارس الجلوس بجانب الأطفال الصابئة المندائيين. إضافة إلى ذلك، صدرت "فتاوى" أو أوامر دينية تحرض ضد الطوائف المسيحية كما ان الفرص الاقتصادية بصفة عامة غالباً ما تتصف بالإفتقار للمساواة بما يتعلق بالأقليات.
اللاجئون الفلسطينيون
60. استمر إستهداف و تهديد اللاجئين الفلسطينيين من قبل ألميليشيات بالاسلحه الخفيفه و القذائف لاجبارهم على مغادرة منازلهم، و خصوصا في منطقتي البلديات و الحريه. وقد اعلنت السفارة الفلسطينية في بغداد بأن الفلسطينيين مازالوا يستلمون تهديدات لفظية ومعاملة سيئة. وايضا ابلغتنا السفارة بحوادث متعلقة باطلاق نار عشوائي على بناياتهم من سيارات متحركة ،والذي وصفه الفلسطينيون بأنها احداث يومية . وقد قتل أو جرح العديد في مثل هذه الحوادث . وكنتيجة هجرت العديد من العوائل الساكنة في منطقتي الحرية ومعظم ال2,200 عائلة فلسطينية المقيمين في البلديات بيوتهم التي قاموا بتأجيرها أو شرائها بعد ان رُحَلوا من مناطق اخرى في بغداد. لا تعتبر مغادرة العراق بالنسبة للعديد من الفلسطينيين خياراً متاحاً أمامهم فالوثائق الوحيدة التي يملكونها هي إما وثائق سفر عراقية او جوازات سفر فلسطينية. وكلاهما وثائق غير معترف بها لدى البلدان المجاورة.
61. وبعد تهديدات مطبوعة سلمت في نهاية شهر ايلول/سبتمبر، قامت الميليشيات بمداهمة المناطق الفلسطينية في الحرية يوم 7 تشرين اول/أكتوبر في الساعة 22:00 وامرت الساكنين باخلاء منازلهم بحدود الساعة 10:00 من اليوم التالي والا يكون مصيرهم القتل. وقد تم اشعار المفوضية السامية لللاجئين والقوات المتعددة الجنسيات والسفارة الامريكية ويبدو ان الجيش العراقي قد قام بزيارة المنطقة. وخلال نفس المداهمة في 7 تشرين أول/اكتوبر، على الاقل واحدة من العوائل قد اجبرت على ترك منزلها. وقامت الميليشيات بالاستيلاء على مفاتيح المنزل، ما يقارب 20 عائلة قد تركوا مناطقهم بدافع الخوف.
62. وفي 20 تشرين الأول/ أكتوبر، أُطلقت ستة قذائف هاون على مجمع البلديات الذي يُستخدم كمركز لتعليم الخياطة ويشغله حالياً حوالي 20 عائلة طُردت من منازلها عام 2003، ويقع المجمّع قرب مسجد ومنطقة سكنية. وقد لقي 3 من الفلسطينيين مصرعهم وجرح 21 آخرون تراوحت إصاباتهم ما بين طفيفة وخطيرة. ووفقاً لتصريحات شهود عيان، ممن كانوا متواجدين على طول الطريق العام المؤدي إلى البلديات، فإن المهاجمين كانوا يرتدون ملابس سوداء، وقد طلبوا من الشهود، وهم أصحاب محلات بأن يبقوا في داخل محالهم خلال الهجوم.
العمليات العسكرية
63. مازالت العمليات العسكرية تؤثر سلباً على مدى تمتع السكان المحليين بحقوقهم؛ ففي الرمادي تواصلت المواجهات العسكرية الدامية بين القوات متعددة الجنسيات وقوات الأمن العراقية من جهة والمتمردين من جهة أخرى بحسب التقارير الصادرة في أواخر أيلول/ سبتمبر ومطلع تشرين الأول/ أكتوبر لاسيما في نواحي العزيزية والصوفية والملاعب والشوارع المحيطة بها مثل شارع العشرين وشارع 17 تموز. وتفيد التقارير بأن القوات متعددة الجنسيات قد احتلت ثلاثة مدارس عامة في ناحية الإسكان قرب العزيزية بينما احتلت القوات العراقية حديقة أحدى المستشفيات المحلية واستخدمتها كمركز للتجنيد. وقد أخلى السكان المجاورون لهذا المكان منازلهم خوفاً من أن تطالهم النيران المتبادلة عند نشوب مناوشات مع المتمردين.
64. ويُزعم أنه تم وضع القناصة على أسطح بعض منازل المدينة والمباني العالية فيها وعلى سطح مستشفى الرمادي العام وكلية الطب. وفي 20 ايلول/ سبتمبر انفجرت دراجة نارية قرب جنود متمركزين في مستشفى الرمادي العام ونتيجة لذلك امتنع معظم الكادر الطبي عن الدوام وآثر المرضى تجنب المستشفى المحلي والبحث عن العلاج في مستشفى تكريت العام في محافظة صلاح الدين. كما أفادت التقارير كذلك بإحتلال مبنى مديرية تربية الرمادي من قبل القوات متعددة الجنسيات. وفتحت المدارس في المدينة أبوابها فيما بعد بينما لم تستطع جامعة الأنبار أن تبدأ العام الدراسي في الموعد المقرر له، إذ إن القوات متعددة الجنسيات لا تزال تتمركز داخل بعض الأماكن في الحرم الجامعي.
65. وفي الفلوجة وبعد سلسلة من الانفجارات التي وقعت في 17 ايلول/ سبتمبر، فرضت القوات متعددة الجنسيةإاغلاقاً تاماً على المدينة، حيث وجد الأشخاص الذين كانوا خارج المدينة بالصدفة أنفسهم غير قادرين على العودة إلى مدينتهم، وتم إغلاق كافة الطرق التي تؤدي إلى المدينة لبضعة أيام وأصبح الدخول إليها صعباً إلى أبعد الحدود.
66. وفي 25 تشرين الأول/ أكتوبر شنت القوات متعددة الجنسيات غارات جوية على مدينة الصدر بعد أن تعرض جنود من القوات متعددة الجنسيات إلى هجوم، ولقد لقي 4 من المدنيين حتفهم حسب التقارير وجرح 18 آخرون.
التهجير والنزوح
67. استمر عدد الأشخاص المهجرين بالتزايد المستمر كنتيجة أساسية للعنف الطائفي والعنف الإجرامي. فقد تم تهجير 418,392 مواطناً بسبب العنف و15,240 بسبب العمليات العسكرية منذ الهجوم على ضريح الإمام العسكري في سامراء في 22 شباط/ فبراير 2006. وتعتقد مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن 1.6 مليون مواطن عراقي قد غادر البلاد منذ عام 2003 من بينهم 500,000 – 700,000 يعيشون حالياً في الأردن و800,000 في سوريا وحوالي 100,000 في العربية السعودية والكويت، وقد غادر ما مجموعه 436,000 عراقياً إلى بلدان أوربا والأمريكتين و أفريقيا وآسيا. وقد صنفت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين 240,300 منهم على أنهم مهاجرون و180,700 كلاجئين معظمهم حصلوا على اللجوء قبل عام 2003 ، و15,000 كطالبي لجوء. وتعكف مفوضية الامم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين على تصنيف وجمع الإحصائيات الخاصة بالزيادة الحالية في طلبات لجوء العراقيين، ويبدو أنه كان هناك: زيادة مقدارها 50% في طلبات اللجوء من العراقيين في الدول الصناعية هذا العام للفترة من كانون الثاني/ يناير الى حزيران/ يونيه 2006. زيادة مقدارها 94% في طلبات اللجوء من العراقيين في الدول الصناعية هذا العام للفترة من حزيران/ يونيه 2004 ولغاية حزيران/ يونيه 2006.
68. تقول الشرطة التركية أنها القت القبض على حوالي 8.000 عراقي في غضون الأشهر الستة الأولى من هذا العام وهم يحاولون العبور بطريقة غير قانونية إلى اليونان، كما أشارت التقارير إلى حدوث زيادة قدرها أربعة أضعاف في عدد العراقيين الذين وصلوا إلى السويد بصورة غير قانونية خلال الأشهر الستة المنصرمة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
69. إن متابعة حركة المهجرين واحتياجاتهم والتي تقوم بها وزارة الهجرة والمهجرين والمنظمة الدولية للهجرة يُظهر أن كافة المحافظات قد تأثرت على حد سواء اذ استوعبت كل محافظة الآلاف من العائلات، وقد أفادت التقارير أن حاكم كركوك لم يشجع العائلات العربية على النزوح إلى محافظة كركوك.
70. يواصل معظم الأشخاص المهجرون داخلياً البحث عن ملجأ لدى أقربائهم أو أفراد عائلاتهم إضافة إلى البحث عن أماكن في المباني الحكومية الفارغة. ففي بداية الموسم الدراسي في أيلول/ سبتمبر، طُلب من المهجرين داخلياً إخلاء المدارس التي شغلوها في أنحاء من بغداد والبصرة وميسان وقد وفّرت السلطات مخيمات للمهجرين كبديل. ولقد أصبح من أهم اهتمامات الأمم المتحدة ضمان أن تكون هذه المخيمات بعيدة عن الأهداف العسكرية وغيرها، وأن تكون قريبة من الخدمات الأساسية والمؤسسات التعليمية والصحية. إذ أشارت التقارير إلى أن المهجرين في بعض المواقع على الأقل يستخدمون المخيمات كملاذ مؤقت، ومع الاقتراب السريع لفصل الشتاء يُثير هذا الأمر مصدراً آخر للقلق حيال وضع أكثر الفئات المستضعفة ضمن المهجرين ألا وهم الأطفال وكبار السن.
71. وذكرت التقارير أن الاشخاص المهجرين داخلياً الذين بحثوا عن ملاذ لدى عائلاتهم وأقربائهم يواجهون عدة مشاكل منها ازدياد التوتر والقلق بين العائلات حيال الخدمات والمصادر المحدودة. كما ذُكر بأن بعض الأشخاص المهجرين داخلياً غير قادرين على تسجيل أبنائهم في المدارس بسبب نقص في الأماكن المتاحة. بينما يجد آخرون أن ديارهم الأصلية في مناطقهم التي نزحوا منها قد أُحتلت مما يجعل احتمال عودتهم إليها أكثر تعقيداً. لذا فإن معظم المهجرين داخلياً يضعون على رأس أولوياتهم إيجاد ملاذ دائم والحصول على المعونات الغذائية والسلامة الشخصية والخدمات التعليمية والصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية والموارد الإقتصادية.
72. ومع اشتداد وطأة العنف الطائفي أصبحت هناك زيادة في عدد التقارير التي تفيد بقيام الميليشيات بطرد الاشخاص قسرياً من منازلهم ومحلاتهم من اجل تأجيرها للنازحين القادمين من مناطق أخرى. وفي حالات اخرى تجبر الميليشيات الناس الذين هجروا منازلهم في المنطقة على تأجيرها للنازحين بأسعار منخفضة جداً.
0 Comments:
Post a Comment
<< Home