تقرير حقوق الإنسان حول العراق المحتل: الجزأ الثاني
الجزأ الثاني
15. إن الوضع المتردي في البلاد والذي يُصاحبه ازدياد انتشار الفقر يؤدي إلى تحركات سكانية لم يسبق لها مثيل بحثاً عن الأمن سواء داخل البلاد أو خارجها. وقدّرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بأن ما يربو على 418,392 شخصاً تعرضوا للتهجير جرّاء العنف الطائفي وزهاء 15.240 نتيجة للعمليات العسكرية منذ تفجيرمرقد الامام العسكري في سامراء بتاريخ 22 شباط/فبراير 2006. كما تُقدر مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بأن حوالي 1.6 مليون شخص طلبوا اللجوء في الدول المجاورة للعراق منذ العام 2003. ويقدر عدد من ترك العراق خلال الشهور القليلة الماضية بـ 100.000 شخص شهريا.
16. وخلال الفترة التي يغطيها التقرير، أشرك مكتب حقوق الإنسان أطرافاً عراقية حكومية وغير حكومية بالإضافة إلى جهات مانحة في سلسلة من المشاورات حول إطلاق المفوضية الوطنية لحقوق الإنسان وتعزيز مباديء الحكم الصالح وسيادة القانون. وعلى وجه الخصوص، واصل مكتب حقوق الإنسان العمل على تقديم الدعم الرامي إلى تعزيز المؤسسات العراقية كمجلس القضاء الأعلى ووزارة حقوق الإنسان ووزارة العدل بهدف إرساء نظام وطني فعّال يُعنى بحماية حقوق الإنسان.
17. ولا تزال مراقبة وضع حقوق الإنسان في العراق عملاً يكتنفه العديد من التحديات لأن الوضع الأمني يجعل من الصعوبة بمكان جمع معلومات اكثر شمولية حول انتهاكات حقوق الانسان والتحقق المستقل من المزاعم التي يتلقاها مكتب حقوق الإنسان. بيد أن المعلومات التي تتلقاها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق من الأفراد ومن مصادر رسمية والتقارير التي تنشرها منظمات حقوقية محلية والمؤسسات الأمنية الخاصة والإعلام كلها مجتمعة توفر مؤشرات إضافية تُشير إلى أنماط واضحة من انتهاكات حقوق الإنسان.
حماية حقوق الإنسان
الإعدامات خارج إطار القانون والقتل العمد والعشوائي
18. وفقاً للمعلومات المقدمة من وزارة الصحة ، فقد بلغ عدد المدنيين الذين تعرضوا للقتل نتيجة أعمال العنف في البلاد خلال شهر أيلول/سبتمبر 3,345 يتضمن 195 امراة و 54 طفلا،و 3,709 في شهر اكتوبر/تشرين الاول ويتضمن 156 امراه و56 طفل[1]، بينما بلغ عدد الجرحى في شهر سبتمبر/ايلول 3,481 بما يتضمن 251 امراة و125 طفل، اما في شهر اكتوبر/تشرين الاول بلغ عددهم 3,944 يتضمن 276 امراة و112 طفل. وعلى سبيل المقارنة، فقد بلغ إجمالي القتلى المدينيين في العراق في شهر تموز/يوليو 3,590 بينما بلغ 3,009 في شهر آب/أغسطس 2006. و بلغ العدد الاجمالي للقتلى المدنيين في بغداد الى 4,984 في كل من شهرسبتمبر/ايلول واكتوبر/تشرين الاول ( 2,262 في شهر سبتمبر/ايلول و2,722 اكتوبر/تشرين الاول) من ضمنهم 1,471 من الجثث المجهولة الهوية في شهر سبتمبر/ايلول و 1,782 في أكتوبر/تشرين الاول.
19. وفي تقرير مجلة "لينست" الصادر في سبتمبر/ ايلول 2006 وهي مجلة مستقلة وذات سلطة اعلنت عن دراسة اجرتها حول معدل الوفيات في العراق. وقدرت الدراسة ان عدد الوفيات تجاوز 654.965 شخص في العراق بما فيهم 601.027 شخص بسبب اعمال العنف منذ اجتياح العراق في مارس 2003. وان "نسبة الثقة" في عدد الوفيات في العراق بسبب العنف تراوح بين 426.369 الي 793.663 شخص وان العدد المتوسط 601.027 شخص. ارتكزت الدراسة على مقابلات اجريت مع 1.849 اسرة مكونة من 12.801 شخص. وقد قامت الولايات المتحدة الامريكية والعراق بالاضافة الي اخرين بمن فيهم جهاز احصاء النفوس العراقي وهو منظمة قامت بمسوحات اخرى بنفي صحة نتائج الدراسة. وادلي وزير الصحة العراقي بتصريح في فيينا في مطلع تشرين الثاني / نوفمبر اشار فيه الي ان حوالي 150.000 مدنيا عراقيا قتلوا نتيجة لاعمال العنف منذ عام 2003.
20. تُعدّ الهجمات الإرهابية والقتل والإعدامات خارج إطار القانون التي ترتكبها فرق الموت المرتبطة بالمليشيات وغالبا تعمل مع او بدعم من الشرطة العراقية وبالاضافة الي القتل العشوائي الذي يستهدف المدنيين نتيجة للتفجيرات الانتحارية وقذائف الهاون او الصواريخ هي السبب الرئيسي لحالات الوفيات في العراق، ولا يزال اختطاف المئات من المدنيين وتلقي جثثهم في مناطق متفرقة في مناطق مختلفة من بغداد معصوبة الأعين وموثوقة الايدي وقد بدت عليها علامات تدل على تعرضها للتعذيب قبل أن يتم إعدامها. هذا وقد أفاد العديد من الشهود بأن مرتكبي هذه الجرائم كانوا يرتدون زي المليشيات أو الشرطة أو الجيش، وتمت الإفادة بأن مرتكبي هذه الجرائم يعملون كفرق حيث يصلون إلى الموقع مستقلين مركبات شبيهة بمركبات الشرطة ولا يردعهم حضور قوات الشرطة إلى محيط المنطقة، وتُشير أعمال القتل هذه إلى دلالات طائفية امتدت أثارها لتطال جميع التجمعات السكنية في البلاد وان كانت بدرجات متفاوتة.
21. علي سبيل المثال: في الفترة الواقعة بين 11 – 17 أيلول/سبتمبر، استؤنفت الإعدامات خارج إطار القانون في بغداد وازدادت بصورة خطيرة، فقد أفادت وسائل الإعلام بأنه تم العثور على حوالي 180 جثة في مناطق مختلفة من العاصمة بغداد. وفي 22 أيلول/سبتمبر، تم العثور على 45 جثة مجهولة الهوية في أرجاءٍ مختلفة من بغداد معصوبة الأعين وموثقة اليدين وتحمل علامات تدل على تعرضها للتعذيب. ووفقاً لأقوال أحد شهود العيان، تعرض ستة أفراد من السُنة للشنق أمام الملأ أمام أحد الصيدليات في حي نواب الضباط في الفترة الواقعة بين 25 و 28 أيلول/سبتمبر.
22. وفي شهر تشرين الأول/أكتوبر، سارت الأمور على نفس الوتيرة؛ ففي يومي 14 و 15 تشرين الأول/أكتوبر تم الإعلان عن العثور على 46 جثة مجهولة الهوية في بغداد لأشخاص يبدو أنهم لقوا حتفهم جرّاء تعرضهم لإطلاق ناري وتحمل جثثهم علامات تدل على تعرضهم للتعذيب. إضافة إلى ذلك، وفي 16 تشرين الأول/أكتوبر، تم العثور على ما يربو من 64 جثة في يوم واحد في العاصمة بغداد. هذا وقد اجتاحت موجة عارمة من العنف الطائفي المناطق الوسطى من البلاد، وخصوصاً مدينة بلد، حيث أفادت الأنباء بأن زهاء المائة شخص من المدنيين لقوا حتفهم إثر تعرضهم لهجمات عشوائية شنتها فرق الموت المتنافسة.
23. ومن الجدير بالذكر أن حالات الاغتيال المتعمد التي تستهدف أصحاب الإختصاصات المهنية كالصحافيين واساتذة الجامعات والمحامين والاطباء والمفكرين بمن فيهم القادة السياسيين والدينيين وقادة العشائر والمسئولين الحكوميين وأفراد قوات الأمن والشرطة العراقية ومنتسبي الجيش، قد ازدادت حدتها بصورة ملفتة للنظر خلال الشهرين المنصرمين.
24. وفي 18 أيلول/سبتمبر، أفاد رجال الشرطة في بعقوبة أن رجالاً مسلحين أقدموا على إغتيال مدير ناحية العظيم المجاورة. وفي 25 أيلول/سبتمبر، نجا وزير الصحة الدكتور علي الشمري ومحافظ ديالى، رعد رشيد، من محاولة إغتيال. كما تم العثورفي بغداد على أحد أعضاء مجلس النواب وهو كردي وسائقه مقتولين إثر تعرضهم لطلقات نارية في الرأس والصدر بعد أن كان قد تم اختطافهم في بغداد في 5 تشرين الأول/أكتوبر. وعلى الرغم من تعرض العديد من أفراد البرلمان للإغتيال في السابق، بيد أن هذه الحالة هي الأولى التي تُشير أصابع الإتهام فيها إلى تورط مليشيات شيعية. وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر، أُردي عامر الهاشمي قتيلاً وهو شقيق نائب رئيس الجمهورية، السيد طارق الهاشمي، ويعمل مستشاراً لدى وزارة الدفاع بينما كان في منزله الواقع في بغداد. وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر، هاجم مجهولون قافلة تنقل هالة محمد شاكر وهي رئيسة قسم الشؤون المالية لدى وزارة الداخلية، حيث أسفر هذا الهجوم عن مقتل اثنين من حراسها الشخصيين وخمسة مدنيين تصادف وجودهم في موقع الحادث. وكذلك في 15 تشرين الأول/أكتوبر، تعرّض المدير الإعلامي لدى مديرية التربية في الموصل، رعد الحيالي للقتل على أيدي مسلحين مجهولين. وفي مدينة الخالص في 16 تشرين الأول/أكتوبر، أطلق مسلحون النار على اثنين من الحراس الشخصيين لرئيس الوزراء السابق، إبراهيم الجعفري، وأردياهما قتيلين. وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر، لقي فتّاح رشيد حارقي حتفه، وهو عضو بارز لدى الإتحاد الوطني الكردستاني، إثر تعرضه لإطلاق النار على أيدي مسلحين مجهولين في الموصل. وفي البصرة في 17 تشرين الأول/أكتوبر، تعرضت الدكتورة يُسرى هاشم للإغتيال بينما كانت متجهة إلى مقر عملها، وتعرض أربع طلبة جامعيين لإطلاق نار أودى بحياتهم في الحرم الجامعي على أيدي مسلحين مجهولين يرتدون ملابس مدنية وتقلهم مركبات تبدو كأنها تابعة للشرطة. وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر، انفجرت قنبلة كانت مزروعة على جانب الطريق الرئيسي الذي يصل مدينتي العمارة والبصرة حيث أسفر هذا الحادث عن مقتل علي قاسم التميمي وهو رئيس مخابرات قوات الشرطة التابعة لمحافظة ميسان ومقتل أربعة من حراسه الشخصيين.
25. وتواصلت الهجمات الإرهابية والإستهداف المتعمد للمدنيين في أرجاء مختلفة من البلاد. وقد كان الغرض من وراء الهجمات المتعمدة بشكل رئيسي هو تصفية قادة المجتمع البارزين من أجل اشعال فتيل العنف الطائفي الذي يترتب عليه زيادة حدة دائرة القتل الإنتقامي أثر قتل احد افراد اسرة او طائفة ما. وقد استهدفت عديد من هذه الهجمات العشوائية المساجد والأسواق المكتظة والمطاعم والمخابز ومحطات الباصات والمناطق التي يتجمع فيها العمّال سعيا للبحث عن عمل. إضافة إلى ذلك، لوحظ حدوث عدة إغتيالات عن طريق إطلاق النار من المركبات أثناء سيرها، ويبدو أن بعض هذه الهجمات ترتكب ضد فئات مُعينة؛ فمثلاً في المناطق المختلطة، يقوم أفراد من المليشيات بشن مثل هذه الهجمات بغية ترويع أفراد من الجماعات غير المرغوب بها بقصد إجبارهم على الرحيل. كما لوحظ شن هجمات إنتقامية ضد مراكز الشرطة ومراكز التجنيد إما انتقاماً لاعمال الاختطاف او القتل المنسوب للميليشيات او بهدف توجيه تحذير للمؤسسات والأفراد الذين ينظر إليهم "كمتعاونين" مع القوات متعددة الجنسيات.
26. وفي 21 أيلول/سبتمبر، لقي ثماني مدنيين مصرعهم وأُصيب 28 آخرين بجروح إثر انفجار سيارة مفخخة قرب منزل الشيخ خالد الفليح وهو أحد زعماء عشائر سامراء، حيث أفادت الأنباء أن غالبية الضحايا كانوا من النساء والأطفال الذين ينتمون لعائلة الشيخ. وفي الفلوجة في 1 تشرين الأول/أكتوبر، انفجرت سيارة مفخخة في أحد الأسواق حيث أسفر هذا الحادث عن مقتل أربع مدنيين وجرح ستة آخرين. وفي 4 تشرين الأول/أكتوبر، قتل مسلحون خمسة أشخاص وأُصيب ستة آخرون بجروح عندما فتح المسلحون النيران على أحد المقاهي الواقعة في منطقة الزعفرانية جنوب بغداد. وفي نفس اليوم، اسفر انفجار قنبلة مزروعة على جانب الطريق عن إصابة عشرين عاملاً في ساحة الطيران في بغداد. كما أسفر انفجار قنبلة في حي الكرادة عن مقتل 14 شخصاً وإصابة 75 آخرين بجروح. وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر، أدى انفجار قنبلة كانت مزروعة خارج أحد المخابز إلى مقتل 10 مدنيين على الأقل وإصابة أربعة آخرين بجروح في حي الدورة، وانفجرت سيارة مفخخة في نفس اليوم في منطقة الشعب وهي منطقة تسود فيها غالبية شيعية في بغداد حيث أسفر هذا الإنفجار عن مقتل 13 شخصاً وجرح 46 آخرين. وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر، أدّت سبع هجمات بالقنابل في كركوك إلى مصرع 14 شخصاً وإصابة 72 بجروح، استهدفت إحداها مركز تدريب نسوي، حيث افادت الأنباء عن مقتل إمرأتين وجرح 25 آخرين. وفي 16 تشرين الأول/أكتوبر، أدّى انفجار سيارتين مفخختين إلى مقتل 20 شخصاً وإصابة 17 آخرين بجروح في حي أور في شمال بغداد. وفي نفس اليوم، قتل مسلحون خمسة من أفراد عائلة شيعية عربية واحدة بينما كانوا في منزلهم في مدينة المحمودية. كما إنفجرت سيارة مفخخة في أحد الأسواق في مدينة الصويرة الواقعة على بعد 40 كيلومتراً جنوب بغداد مسفرة عن مقتل 10 أشخاص على الأقل وجرح 15 آخرين، كما وقعت حوادث عديدة في مدينة الخالص: حيث فتح مسلحون مجهولون النار على المحال التجارية مما أدى إلى مقتل أربعة من أصحاب هذه المحال وجرح خمسة آخرين. وفي اليوم ذاته، قُتلت إمرأة مع أولادها الأربعة عندما اقتحم مسلحون مجهولون منزلها في البزانية في ديالى وأطلقوا عليهم النار خلال نومهم، وقد أُصيب زوج المرأة بجروح أثناء هذا الهجوم.
27. أدخلت وزارة المالية العراقية مؤخراً تعديلات إجرائية على القانون رقم 3 لسنة 2005 المتعلق بالتعويضات المالية لأزواج وزوجات أولئك الذين يُقتلون أو يُجرحون نتيجة للهجمات الإرهابية: حيث تشمل هذه التعويضات المصابين بسبب الحوادث كالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة أو التعرض للقتل على أيدي الجماعات المسلحة. وقد علم مكتب حقوق الإنسان أنه يتعين على المواطنين الذين لا يعملون في وظائف حكومية تقديم وثائقهم إلى مجالس المحافظات التي وقع فيها الهجوم لأجل إستلام التعويضات. ولدى الإتصال بمجلس محافظة بغداد، ابلغ المجلس مكتب حقوق الإنسان أنه بصدد صياغة إجراءات تشغيلية حيث لن يتم دفع أية تعويضات حتى يتم تفعيل هذه الإجراءات.
العنف الطائفي
28. أصبحت أعمال العنف في البلاد أكثر اتساماً بالصبغة الطائفية حيث يترتب على كل هجوم المزيد من الهجمات الإنتقامية في بغداد وعموم البلاد. وقد تعرضت المساجد السنية والشيعية للهجوم على أيدي فصائل متنافسة، فيما أصبحت الأحياء المختلطة، كمنطقة الدورة، مستقطبة بشكل متزايد نحو التقسيم السني-الشيعي. يرتبط العديد من فرق الموت والميليشيات المتنافسة مباشرة بأحزاب سياسية تابعة للحكومة، أو يتم دعمها من قبل هذه الأحزاب التي لا تحاول بدورها إخفاء هذه العلاقة. وكان هناك ايضا حالات متعددة حيث وقعت حالات اختطاف يبدو ان ضحاياها اعدموا خارج نطاق القانون علي جثثهم علامات تعذيب قبل موتهم. وفي حالات اخرى، لا يزال مصير او مكان المتخطفون مجهولا.
29. يتم ارتكاب العديد من أعمال العنف هذه على أيدي ميليشيات وعصابات مسلحة أخرى، حيث يهدف البعض منها إلى تأمين الحماية للمجتمع والتي لم تتمكن مؤسسات إنفاذ القانون في الدولة من تأمينها. ويبدو أن الميليشيات والجماعات المسلحة الأخرى تسيطر على معظم المناطق في شرق وغرب بغداد حيث تستمر في تنفيذ مهام شرطة غير قانونية وإقامة نقاط التفتيش و"ادارة العدالة" من خلال محاكمات غير قانونية وتنفيذ إعدامات خارج نطاق القانون، ويتمتع هؤلاء من خلال تصرفاتهم بالإفلات التام من العقاب. ويُزعم أنه غالباً ما يتم شن هجمات ضد الأقليات، واللاجئين الفلسطينيين والنساء على أيدي هذه الجماعات، فيما يتعرض العديد من الضحايا للخطف على أيدي ميليشيات عند نقاط تفتيش إرتجالية ومن ثم يتم إعدامهم خارج نطاق القانون. قد تم توظيف هذه الأساليب من قبل الجماعات المسلحة والمليشيات الشيعية منها والسنية بدرجات متفاوتة.
30. علي سبيل المثال: في 1 أيلول/سبتمبر، قُتل ثلاثة هنود وأحد عشر باكستانياً من زوار العتبات المقدسة على أيدي متمردين قرب الرمادي، حيث كانوا ضمن مجموعة مؤلفة من 40 زائراً متجهين إلى كربلاء. وكان إثنان من الضحايا من كبار السن، وإثنان آخران في العشرينيات من عمرهم فيما كان الباقون في متوسط العمر. هذا وقد أدان السيد أشرف قاضي، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في بيان صحفي صدر في 3 أيلول/ سبتمبر، بأشد العبارات القتل المتعمد للزوار واصفاً إياه "بالجريمة البشعة التي تنتهك المبادئ الأساسية للإسلام والإنسانية على حد سواء".
31. أفادت التقارير أن العائلات المقيمة في منطقة الحرية، وهي منطقة مختلطة تسيطر عليها الميليشيات الشيعية، قد استلمت رسائل موقعة من الميليشيات تنذرهم بإخلاء المنطقة خلال 24 ساعة. وفي 22 أيلول/سبتمبر، أوردت التقارير قيام مسلحين بإحراق منزلين خلال تواجد سكان المنزلين داخلهما وإطلاق النار على إثنين من المساجد قبل ساعة واحدة من موعد بدء فرض حظر على حركة المركبات. وفي 23 أيلول/سبتمبر، قام مسلحون مجهولون في النجف بقتل فاضل أبو صيبا وهو أحد أعضاء المجلس الشيعي الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.
32. وقد تم ارتكاب أحد أبشع الجرائم الطائفية مؤخراً في مدينة بلد؛ ففي 13 تشرين الأول/أكتوبر، خُطف 17 عامل بناء من العرب الشيعة وتم العثور على جثثهم مقطوعة الرأس في أحد الحقول في الضلوعية قرب بلد. وخلال الأيام التي تلت هذا الحادث، تشير التقديرات إلى أنه تم قتل 90 من العرب السنّة المدنيين وهروب المئات لتجنب المزيد من أعمال العنف بعد أن قام مسلحون يرتدون ملابس الميليشيات السوداء بطرد الأقلية السنية خارج المدينة وإحراق منازلهم وقيامهم بالهجوم على القرى بقذائف الهاون. كما ذكرت التقارير إعتقال إثنين من ضباط الشرطة العراقية لضلوعهم في ارتكاب جرائم القتل بالتعاون مع الميليشيات. وفيما ادعى مسؤولون محليون في بلد أن السكان المحليين هم الذين قاموا بتنفيذ الهجوم، ذكر آخرون أنه تم ارسال جماعة من الميليشيات من بغداد للإشتراك في هذه المجزرة. ونتيجة لهذا الهجوم، هرب أغلب السكان المحليين من السنّة من المدينة.
33. في 17 تشرين الأول/أكتوبر، وفي منطقة طوزخورماتو التركمانية – الواقعة على طريق تكريت السريع، أقام مسلحون مجهولون نقطة تفتيش غير قانونية واعتقلوا 17 من المسؤولين التركمان العاملين في تكريت، حيث سؤلوا عن العرق الذي ينتمون إليه ومن ثم تم إطلاق سراح السنّة منهم. وتم إعتقال 15 شيعياً لم يرهم أحد منذ ذلك الحين.
34. التقى عدد من علماء الدين العراقيين من السنّة والشيعة في مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية في 20 تشرين الأول/أكتوبر، في إجتماع نظمته منظمة المؤتمر الإسلامي، حيث أعربت الفئات المشاركة عن قلقها ازاء العنف المتصاعد في البلاد. ووقعّت الأطراف المعنية إعلاناً يدعو إلى إنهاء عمليات القتل الموجهه ضد المسلمين من السنّة والشيعة، وحماية الأماكن المقدسة الدينية السنّية والشيعية، كما يدعو إلى الوحدة وإطلاق سراح "جميع المعتقلين الأبرياء". ولكن من المؤسف ان عدد الهجمات الطائفية لم ينخفض في اعقاب هذا الاعلان.
35. وفي اليوم الذي وقع فيه اتفاق مكة، إستولت الميليشيات على مدينة العمارة لمدة يوم واحد عقب إشتباك مع رجال الشرطة المحلية المزعوم ان ميليشيا متنافسة تهيمن عليها. وأسفر عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل وإصابة 60 آخرين بجروح. وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر، أفادت وزارة الداخلية العراقية أن 25 شخصاً لقوا مصرعهم فيما جُرح 60 آخرين عند إنفجار قنبلة بين حشد من العمال في أحد ساحات مدينة الصدر الشيعية في بغداد.
36. في 4 أيلول/سبتمبر، قام مسلحون مجهولون يرتدون زي الجيش في بغداد بخطف غانم خضير حسين، لاعب كرة القدم في الفريق الأولمبي العراقي. وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر، تم إختطاف 26 عاملاً من أحد مصانع الأغذية في حي العامل في بغداد ووضعوا في شاحنة تبريد (انظر إلى الفقرة 95 ). وفي 2 تشرين الأول/أكتوبر، تم إختطاف 14 شخصاً من أماكن عملهم في محلات بيع الحاسوب قرب الجامعة التكنولوجية في بغداد. وفي كلا الحادثين، قام مسلحون يرتدون ملابس الجيش والشرطة بخطف أعداد كبيرة من العاملين من أحياء مكتظة في المدينة وفي وضح النهار، في الوقت الذي انسحبت فيه فرقة كاملة من الشرطة العراقية، الأمر الذي يُثير الريبة حول تواطؤهم مع منفذي العمليتين.
37. إن أعداد الأشخاص المفقودين والمختفين في تزايد، ففي فترة اعداد التقرير تشير تقديرات مكتب حقوق الإنسان إلى أن أكثر من 200 جثة مجهولة الهوية تم نقلها في الأشهر الأخيرة إلى المقابر الموجودة في كربلاء والنجف. وفي الحالات التي يتم فيها قتل الضحية خلال عملية عسكرية، يتردد أفراد عائلته في الذهاب إلى المشرحة للمطالبة بجثته، خوفاً من وجود الميليشيات أو قوات الأمن للإنتقام من بقية أفراد العائلة.
38. إن عائلات ضحايا الاختطاف والتي تعاني من القلق الشديد والخوف على مصير المختطفين، وما يصاحب ذلك من ضغوطات نفسية عليها، تتعرض إضافة إلى ذلك إلى فقدان مصدر رزق في الحالات التي يكون فيها أفراد العائلة المخطوفين من العاملين. وفي بعض الحالات، يُضطر أفراد العائلة من الضعفاء أمثال كبار السن أو النساء أو العاجزين أو الطلاب أو الأطفال على الخروج للعمل بأجور زهيدة من أجل تلبية الاحتياجات المادية للعائلة.
[1] ان اعداد المدنينن المقتوليين بناء على اعداد الضحايا التي تجميعها من قبل وزارة الصحة من خلال المستشفيات الموجودة في ارجاء البلاد و معهد الطب الشرعي في بغداد.
إنتهى الجزأ الثاني للتقري ويليه الجزأ الثالث
0 Comments:
Post a Comment
<< Home