Articles to read...

Thursday, February 24, 2005

نواقض الوطنية : النزعة اللا أخلاقية


نواقض الوطنية : النزعة اللا أخلاقية

صلاح المختار

من يبحث عن جوهر الوطنية، بعقل هادئ وموضوعي، يجد أنه اخلاقيتها المتجذرة، بل المتناسجة خلاياها وعناصرها (الجينية) المكونة. فلا وطنية حقيقية بلا التزام أخلاقي ثابت وعميق، وحينما تنفصل الوطنية عن جوهرها الاخلاقي، تصبح محض انتهازية رخيصة تزيل الحدود، التي تفصل بين الانسان والحيوان، فما المقصود باخلاقية الوطنية؟


إعادة تذكير

من الضروري التذكير ببديهيات مفهوم الوطنية، لان ذلك سيساعدنا على ربط مختلف الحجج الخاصة بطابعها الاخلاقي. ان ابسط تعريف للوطنية هو أنها حب الوطن والإخلاص له ويترتب على هذا التعريف التزام حتمي: ان الوطني مستعد للدفاع عن وطنه الى حد التضحية بالذات، اذا اقتضى الامر ذلك، اذ ما قيمة (حب الوطن)، و(الاخلاص له) اذا لم يقترن ذلك بالاستعداد لحماية الوطن، من أي خطر خارجي، والتضحية بكل غالٍ ورخيص من اجل سيادته ووحدته الاقليمية ومصالحه المشروعة؟ إذن حب الوطن التزام طوعي بالدفاع عنه ضد أي عدو خارجي، وهذا الالتزام اضافة لطبيعته الوطنية، هو مو قف اخلاقي، اذ كيف
يمكن لمن تمتع بفوائد الوطنية وامتيازاتها المادية والمعنوية، مثل تنشئة الانسان وتعليمه واطعامه، ومنحه هوية قومية خاصة وتوفير الامن له، ومساعدته على ابراز طاقات الخلق والعبقرية لديه، سواء كانت علمية او فنية أو غير ذلك، كيف يمكن لهذا الانسان ان لا يتذكر كل ذلك، فيهجر وطنه عند تعرضه للخطر، او ان يساعد على غزوه وتدميره؟
إن الفصل بين الوطنية وبين الالتزام بالدفاع عن الوطن، والتعامل مع الأخير بصفته فندقاً سياحياً نستخدمه لزمن ثم نستبدله بآخر، يقود حتماً الى فقر أخلاقي، لان العجز عن قبول الرابطة الوطنية، يحول الانسان الى محض حشرة بدائية لا قيم لها، ولاروابط محترمة تتقيد بها، وتقف ضمن حدودها.
وبفضل هذه الحقيقة العالمية والتاريخية، تميزت الوطنية بجوهرها الأخلاقي، والذي يعني، تحديداً، الالتزام المطلق، وغير المشروط، بالدفاع عن الوطن عند تعرضه لتهديد خارجي، ووضع كل القضايا الاخرى في الخلف، وتأجيلها ومنع تأثيرها على الالتزام الوطني الاول: الدفاع عن الوطن. لذلك تبلورت قاعدة قانونية واخلاقية لدى كل الشعوب تعد من لا يدافع عن وطنه خائناً، أو جباناً يستحق الاحتقار.

الوطن وقيادته

والالتزام الاخلاقي والوطني لا يتقصران على الدفاع عن الوطن، بل يمتد ليشمل من يقود الوطن، فمن الناحية العملية، يبدو الدفاع عن الوطن، المعرض للتهديد ،غير ممكن بدون التعاون مع من يحكمه، وبغض النظر عن رأينا فيه، واتفاقنا أو اختلافنا معه. ان ثمة سلطة قائمة، وهي تقبض على اقليم الوطن الجغرافي وتحكم شعبه، وتتمتع بوجود آلات الادارة والقمع (الشرطة) والدفاع (الجيش والمخابرات) بيدها، وتحت تصرفها موارد الدولة المادية، يضاف الى ذلك انها قوة يتحدد مستواها وطبيعتها بدرجة تمتعها بدعم شعبي، وهي لذلك قوة حاسمة في الدفاع عن الوطن، خصوصاً اذا كانت حكومة وطنية.
ما ترجمة هذه الحقيقة عملياً؟ انها تعني، وتلزم بالتعاون مع الحكومة القائمة، والنظام السياسي الذي اقامها، ودعمها في اطار تحالف وطني عريض، هدفه الرئيس منع العدو الخارجي، من الحاق اي ضرر بالوطن ومصالحه ووحدته الاقليمية. ويشترط لتحقيق ذلك تجميد الخلافات الداخلية، مهما كانت حدتها ودرجتها، والعمل
كفريق واحد ضد عدو واحد. وما قلناه سابقاً جسدته الشعوب كافة عند تعرضها لخطر خارجي، أو دخولها
الحرب، حيث نشأت (جبهات وطنية عريضة) للدفاع عن الوطن، واحياناً قامت (حكومات ائتلافية للدفاع الوطني).
ومن النتائج المترتبة على البديهيات المذكورة، صياغة مفهومي (الخيانة الوطنية العظمى) و(التخاذل امام العدو)، فالاول يستخدم لوصف من يتعاون مع عدو الوطن، والثاني يستخدم لوصف من لم يتعاون مع العدو، لكنه انهار معنوياً وعجز عن محاربته، وفي الحالتين فإن اطلاق اي منهما على اي مواطن يجرده من وطنيته أو يجعله موضع احتقار وادانة.

الثبات: موقف اخلاقي

اذن هناك تراث انساني غني، وموثق عبر التاريخ، يضع حداً فاصلاً بين الصحيح والخاطئ، في قضايا التعامل مع الوطن، ويخلق آليات ردع ذاتية، فردية وعامة، تحدد مسار ومواقف المواطنين عند تعرض وطنهم لخطر خارجي، ووصلت قوة وتأثير هذه الحقيقة إلى درجة متطرفة جعلت البعض يطرح المقولة التالية:
(وطني علي حق دائماً) ! وذلك موقف يعني، عملياً، أن اصحاب هذه المقولة، يؤيدون حكومة وطنهم، عند اصطدامها مع قوى خارجية، بغض النظر عن الحق والباطل في موقف طرفي الصراع.
وهذا التطرف، بالطبع، يسيء إلى مفهوم الوطنية الحقيقي، ويجعله موقفاً أنانياً يفتقر الى المنطق السليم ويتحرك بدوافع المصلحة غير المشروعة، واكبر مثال هو اعادة انتخاب الرئيس الامريكي باصوات لم يحصل عليها في دورته الاولى؟ كيف نفهم تأييد مواطنين من بلد ما لعدو بلدهم الذي يقوم بغزوه؟ وما هو
تقويمنا لمن ينقلب على موقفه المعلن ويتبنى نقيضه بحجة انه مع الوطن لكنه ضد حكومته؟ وهل يمكن لأي مواطن ان يكون مع وطنه لكنه يؤيد غزوه انطلاقاً من عدائه للحكومة؟

الحالة العراقية

ان ما جرى ويجري في العراق يقدم حالة استثنائية خاصة في التاريخ، اذا ان بعض من يدعي الانتماء للعراق، وطناً وشعباً، قد تعاون مع الاحتلال الاستعماري الامريكي له، الى الحد الذي جعله-اي هذا البعض- يؤيد كل الدمار والخراب الذي حل بالعراق، وكل عمليات القتل والابادة الجماعية للعراقيين التي حصلت، وتحصل، في الفلوجة والنجف والموصل وبغداد وغيرها.
ويتجسد الانحراف عن مفهوم الوطنية، والذي أقرته كل الشعوب، في ان هذا البعض لم يكتف بتأييد الغزاة الاجانب ومساعدتهم على انجاح الغزو، بل انه أيد ايضاً جرائمهم ضد الانسانية في العراق، أو صمت عنها! لكنه بالمقابل ما زال يتحدث عن ما يسمى بـ (جرائم النظام السابق)، والتي اعترف الغازي الامريكي، انه فبركها وصنع قصصها من اجل تسويغ وتسويق وتبرير الغزو! لقد سقطت قصص (المقابر الجماعية) و(اسلحة الدمار الشامل) و(التعاون مع القاعدة)، و(مجزرة حلبجة) وقدمت ادلة حاسمة اما على كذبها، أو على براءة العراق منها، او على المبالغات المتطرفة في عرض احداث، فرضت فرضاً على العراق.
ورغم كل ما قيل عن حجم (هذا البعض) فإن الاحداث الواقعية، لما بعد حصول الغزو، قد اثبتت انه معزول عن غالبية الشعب العراقي، بعربه (سنته وشيعته) وكرده وتركمانه، بمسلميه ومسيحييه، بدليل انه، وبعد مرور حوالى العامين على الغزو، لم يستطع (هذا البعض) ان يسيطر على مدينة عراقية واحدة، وهرب أكثر اقطابه خارج العراق، رغم الدعم العسكري والحماية الامنية التي توفرها اميركا وحلفاؤها له، ورغم الدعم الاقليمي ايضاً. ان (هذا البعض) يهرب من امام المقاومة الوطنية كما تهرب الجرذان المذعورة، وقد اصبحت هذه الحقيقة احدى اهم مشاكل الاحتلال الخطيرة.
ولئن كنا نفهم الاسباب التي جعلت (هذا البعض) يساهم في تدمير العراق، واهمها، انه بالاصل لا ينتمي للعراق في هويته القومية، فإن الغريب على مفهوم الوطنية، هو أن عراقيين، بالاصل، قد انجروا إلى مستنقع الاحتلال، فتعاونوا معه، ورددوا اهم وأول اطروحة له، وهي (جلب الديمقراطية للعراق)، وكأنهم لا يرون أن الاحتلال قد جلب الخراب والدمار والاستعمار للعراق، واباد ويبيد مئات الالاف من العراقيين، ومارس ابشع انواع الديكتاتورية بإسم الديمقراطية!!
إن مفارقة مدهشة يراها العالم في العراق، فإذا استبعدنا الغزاة انفسهم، فإن عراقيين، من اصول عراقية واخرى اجنبية، لا يرون الا الماضي الافتراضي المفربك والمزور للعراق، والذي اختلق لتبرير الغزو، لكنهم بلا عيون ولا أذان ولا لسان، حينما يأتي الحديث عما فعله الغزو للعراق والعراقيين! أكثر من ذلك، وبدلاً من ان يدينوا الغزو ويحملوه مسؤولية كوارث العراق، يلجأ (هذا البعض) الى اتهام النظام السابق بالتسبب بكل الكوارث بما في ذلك الغزو، في تبرئة واضحة لمن خططوا لتدمير العراق، مهما كانت مواقف حكومته!

انحطاط قيمي

ان هذا الموقف غير قابل للتبرير علي الاطلاق، فما يجري في العراق، منذ الغزو، ليس صراعاً بين عراقيين، بل هو صراع بين الشعب العراقي، ممثلاً بالمقاومة الوطنية المسلحة، الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي، وبين قوات الاحتلال ممثلة للصهيونية الامريكية. وقصة الخلاف مع النظام الوطني، مهما كانت،
لاتسوغ اطلاقاً التعاون مع الاحتلال، لان من دمر ويدمر، وقتل ويقتل، هو العراق وشعبه، وليس النظام فقط.

لقد تناسى هذا البعض الضرورة التاريخية المعروفة للتمييز بين الوطن والنظام، واقامة تحالف وطني عام ضد العدو المشترك، وانطلقوا من مسألة ثانوية، وهي الخلاف مع النظام، لتدمير الوطن ومواطنيه! وهكذا اجتازوا الخط الفاصل بين الاجتهاد والخيانة العظمى، وانزلقوا الي مستنقع خدمة الاجنبي ضد الوطن.
إن أهم مايستخلص من تجربة العراق المرة، هو ان الفصل المصطنع بين الوطنية وجوهرها الاخلاقي قد قاد إلى الخيانة وحرق العراق، فحينما ينسى (هذا البعض) ان الوطنية هي حب الوطن والدفاع عنه ضد الغزاة الاجانب، ويتذكر فقط قضاياه الصغيرة مع النظام، يسقط اخلاقياً اضافة لسقوطه الوطني.
إن الالتزام الاخلاقي والوطني يتجسد أعظم، واوضح ما يتجسد، في الدفاع عن الوطن تحت قيادة النظام الذي نرفضه، فتلك هي عظمة الاخلاق والوطنية، لان الدفاع عن الوطن غير مشروط بوجود حاكم نؤيده أبداً، بل هو دفاع حتمي ومقدس يتجاوز الحاكم وطبيعته ويتعامل فقط مع حب الوطن. في يوم سئل جورج مارشيه، حينما كان أميناً عاماً للحزب الشيوعي الفرنسي: ماذا سيكون موقفك اذا غزت القوات السوفيتية فرنسا؟ فأجاب: سأكون أول من يحمل السلاح للدفاع عن الوطن ضد الغزاة الشيوعيين السوفييت. هذه هي الوطنية، وهذا هو
الالتزام الاخلاقي الرفيع: الوطن أولاً وثانياً وألف بعد المئة، ولا شيء يعلو فوق عدالة قضية الوطن المهدد .

salahalmukhtar@hotmail.com

للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى الابد

Wednesday, February 23, 2005

نص إتفاق الطائف – 1989


نص إتفاق الطائف – 1989


وثيقــة الوفـاق الوطنـي اللبنانـي
صدقت في جلسة مجلس النواب بتاريخ 5/11/1989

أولاً : المبادئ العامة والإصلاحات.

1 - المبادئ العامة.

أ - لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه، واحد أرضاً وشعباً ومؤسسات، في حدوده المنصوص عنها في الدستور اللبناني والمعترف بها دولياً.
ب- لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم بمواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم بميثاقها. وهو عضو في حركة عدم الانحياز. وتجسد الدولة اللبنانية هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء.
ج- لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل.
د- الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية.
هـ- النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها.
و- النظام الاقتصادي حر يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة.
ز- الانماء المتوازن للمناطق ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً ركن اساسي من اركان وحدة الدولة واستقرار النظام.
ح- العمل على تحقيق عدالة اجتماعية شاملة من خلال الاصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي.
ط- أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الاقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على اساس أي انتماء كان. ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين. ي- لا شرعية لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك.

2- الاصلاحات السياسية.
أ- مجلس النواب.

مجلس النواب هو السلطة التشريعية يمارس الرقابة الشاملة على سياسة الحكومة وأعمالها:
1- ينتخب رئيس المجلس ونائبه لمدة ولاية المجلس.
2- للمجلس ولمرة واحدة بعد عامين من انتخاب رئيسه ونائب رئيسه وفي أول جلسة يعقدها ان يسحب الثقة من رئيسه او نائبه بأكثرية الثلثين من مجموع أعضائه بناء على عريضة يوقعها عشرة نواب على الأقل. وعلى المجلس في هذه الحالة ان يعقد على الفور جلسة لملء المركز الشاغر.
3- كل مشروع قانون يحيله مجلس الوزراء الى مجلس النواب، بصفة المعجل، لا يجوز اصداره الا بعد ادراجه في جدول اعمال جلسة عامة وتلاوته فيها، ومضي المهلة المنصوص عنها في الدستور دون ان يبت به، وبعد موافقة مجلس الوزراء.
4- الدائرة الانتخابية هي المحافظة.
5- الى ان يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي توزع المقاعد النيابية وفقاً للقواعد الآتية:
أ- بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين.
ب- نسبياً بين طوائف كل من الفئتين.
ج- نسبياً بين المناطق.
6- يزاد عدد اعضاء مجلس النواب الى (108) مناصفة بين المسيحيين والمسلمين. اما المراكز المستحدثة، على اساس هذه الوثيقة، والمراكز التي شغرت قبل اعلانها، فتملأ بصورة استثنائية ولمرة واحدة بالتعيين من قبل حكومة الوفاق الوطني المزمع تشكيلها.
7- مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية.

ب- رئيس الجمهورية.

رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور. وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء. ويمارس الصلاحيات الآتية:
1- يترأس مجلس الوزراء عندما يشاء دون ان يصوت.
2- يرئس المجلس الأعلى للدفاع.
3- يصدر المراسيم ويطلب نشرها. وله حق الطلب الى مجلس الوزراء اعادة النظر في اي قرار من القرارات التي يتخذها المجلس خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ ايداعه رئاسة الجمهورية. فاذا أصر مجلس الوزراء على القرار المتخذ او انقضت المهلة دون اصدار المرسوم او اعادته يعتبر المرسوم او القرار نافذاً حكماً ووجب نشره.
4- يصدر القوانين وفق المهل المحددة في الدستور ويطلب نشرها بعد اقرارها في مجلس النواب، كما يحق له بعد اطلاع مجلس الوزراء طلب اعادة النظر في القوانين ضمن المهل المحددة في الدستور ووفقاً لأحكامه، وفي حال انقضاء المهل دون اصدارها او اعادتها تعتبر القوانين نافذة حكماً ووجب نشرها.
5- يحيل مشاريع القوانين، التي ترفع اليه من مجلس الوزراء، الى مجلس النواب.
6- يسمي رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً الى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها.
7- يصدر مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء منفرداً.
8- يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة.
9- يصدر المراسيم بقبول استقالة الحكومة او استقالة الوزراء او اقالتهم.
10- يعتمد السفراء ويقبل اعتمادهم. ويمنح أوسمة الدولة بمرسوم.
11- يتولى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح نافذة الا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. اما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن ابرامها الا بعد موافقة مجلس النواب.
12- يوجه عندما تقتضي الضرورة رسائل الى مجلس النواب.
13- يدعو مجلس النواب بالاتفاق مع رئيس الحكومة الى عقد دورات استثنائية بمرسوم.
14- لرئيس الجمهورية حق عرض أي أمر من الأمور الطارئة على مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال.
15- يدعو مجلس الوزراء استثنائياً كلما رأى ذلك ضرورياً بالاتفاق مع رئيس الحكومة.
16- يمنح العفو الخاص بمرسوم.
17- لا تبعة على رئيس الجمهورية حال قيامه بوظيفته الا عند خرقه الدستور او في حال الخيانة العظمى.

ج- رئيس مجلس الوزراء.

رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم باسمها، ويعتبر مسؤولاً عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء. يمارس الصلاحيات الآتية:
1- يرئس مجلس الوزراء.
2- يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها. وعلى الحكومة ان تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوماً. ولا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها ولا اعتبارها مستقيلة الا بالمعنى الضيق لتصريف الاعمال.
3- يطرح سياسة الحكومة العامة امام مجلس النواب.
4- يوقع جميع المراسم، ما عدا مرسوم تسمية رئيس الحكومة ومرسوم قبول استقالة الحكومة او اعتبارها مستقيلة.
5- يوقع مرسوم الدعوة الى فتح دورة استثنائية ومراسيم اصدار القوانين، وطلب اعادة النظر فيها.
6- يدعو مجلس الوزراء للانعقاد ويضع جدول اعماله، ويطلع رئيس الجمهورية مسبقاً على المواضيع التي يتضمنها، وعلى المواضيع الطارئة التي ستبحث، ويوقع المحضر الاصولي للجلسات.

7- يتابع اعمال الادارات والمؤسسات العامة وينسق بين الوزراء، ويعطي التوجيهات العامة لضمان حسن سير العمل.
8- يعقد جلسات عمل مع الجهات المختصة في الدولة بحضور الوزير المختص.
9- يكون حكماً نائباً لرئيس المجلس الاعلى للدفاع.

د- مجلس الوزراء.

تناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء. ومن الصلاحيات التي يمارسها:
1- وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم، واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها.
2- السهر على تنفيذ القوانين والانظمة والاشراف على اعمال كل اجهزة الدولة من ادارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وامنية بلا استثناء.
3- ان مجلس الوزراء هو السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة.
4- تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم وفق القانون.
5- الحق بحل مجلس النواب بناء على طلب رئيس الجمهورية، اذا امتنع مجلس النواب عن الاجتماع طوال عقد عادي او استثنائي لا تقل مدته عن الشهر بالرغم من دعوته مرتين متواليتين او في حال رده الموازنة برمتها بقصد شل يد الحكومة عن العمل. ولا يجوز ممارسة هذا الحق للأسباب نفسها التي دعت الى حل المجلس في المرة الاولى.
6- عندما يحضر رئيس الجمهورية يترأس جلسات مجلس الوزراء.
مجلس الوزراء يجتمع دورياً في مقر خاص. ويكون النصاب القانوني لانعقاده هو اكثرية ثلثي اعضائه. ويتخذ قراراته توافقياً، فاذا تعذر ذلك فبالتصويت. تتخذ القرارات بأكثرية الحضور. اما المواضيع الاساسية فانها تحتاج الى موافقة ثلثي اعضاء مجلس الوزراء. ويعتبر مواضيع اساسية ما يأتي:
حالة الطوارىء والغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة للدولة، الخطط الانمائية الشاملة والطويلة المدى، تعيين موظفي الفئة الاولى وما يعادلها، اعادة النظر بالتقسيم الاداري، حل مجلس النواب، قانون الانتخابات، قانون الجنسية، قوانين الاحوال الشخصية، اقالة الوزراء.

هـ- الوزير.

تعزز صلاحيات الوزير بما يتفق مع السياسة العامة للحكومة ومع مبدأ المسؤولية الجماعية ولا يقال من منصبه الا بقرار من مجلس الوزراء، او بنزع الثقة منه افرادياً في مجلس النواب.

و- استقالة الحكومة واعتبارها مستقيلة واقالة الوزراء.

1- تعتبر الحكومة مستقيلة في الحالات التالية:
أ- اذا استقال رئيسها.
ب- اذا فقدت أكثر من ثلث عدد اعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها.
ج- بوفاة رئيسها.
د- عند بدء ولاية رئيس الجمهورية.
هـ- عند بدء ولاية مجلس النواب.
و- عند نزع الثقة منها من قبل المجلس النيابي بمبادرة منه او بناء على طرحها الثقة.
2- تكون اقالة الوزير بمرسوم يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بعد موافقة مجلس الوزراء.
3- عند استقالة الحكومة او اعتبارها مستقيلة يعتبر مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة.

ز- الغاء الطائفية السياسية.
الغاء الطائفية السياسية هدف وطني اساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية، وعلى مجلس النواب المنتخب على اساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين اتخاذ الاجراءات الملائمة لتحقيق هذا الهدف وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، تضم بالاضافة الى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية. مهمة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بالغاء الطائفية وتقديمها الى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية.
ويتم في المرحلة الانتقالية ما يلي:

أ- الغاء قاعدة التمثيل الطائفي واعتماد الكفاءة والاختصاص في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والامنية والمؤسسات العامة والمختلطة والمصالح المستقلة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الاولى فيها وفي ما يعادل الفئة الاولى فيها وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص اية وظيفة لأية طائفة.
ب- الغاء ذكر الطائفة والمذهب في بطاقة الهوية.
3- الاصلاحات السياسية.
أ- اللامركزية الادارية.
1- الدولة اللبنانية دولة واحدة موحدة ذات سلطة مركزية قوية.
2- توسيع صلاحيات المحافظين والقائمقامين وتمثيل جميع ادارات الدولة في المناطق الادارية على أعلى مستوى ممكن تسهيلاً لخدمة المواطنين وتلبية لحاجاتهم محلياً.
3- اعادة النظر في التقسيم الاداري بما يؤمن الانصهار الوطني وضمن الحفاظ على العيش المشترك ووحدة الارض والشعب والمؤسسات.
4- اعتماد اللامركزية الادارية الموسعة على مستوى الوحدات الادارية الصغرى (القضاء وما دون) عن طريق انتخاب مجلس لكل قضاء يرئسه القائمقام، تأميناً للمشاركة المحلية.
5- اعتماد خطة انمائية موحدة شاملة للبلاد قادرة على تطوير المناطق اللبنانية وتنميتها اقتصادياً واجتماعياً، وتعزيز موارد البلديات والبلديات الموحدة والاتحادات البلدية بالامكانات المالية اللازمة.

ب- المحاكم.
أ- ضماناً لخضوع المسؤولين والمواطنين جميعاً لسيادة القانون وتأميناً لتوافق عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية مع مسلمات العيش المشترك وحقوق اللبنانيين الاساسية المنصوص عنها في الدستور:
1- يشكّل المجلس الاعلى المنصوص عنه في الدستور ومهمته محاكمة الرؤساء والوزراء. ويُسنّ قانون خاص بأصول المحاكمات لديه.
2- يُنشأ مجلس دستوري لتفسير الدستور ومراقبة دستورية القوانين والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية والنيابية.
3- للجهات الآتي ذكرها حق مراجعة المجلس الدستوري في ما يتعلق بتفسير الدستور ومراقبة دستورية القوانين:
أ- رئيس الجمهورية.
ب- رئيس مجلس النواب.
ج- رئيس مجلس الوزراء.
د- نسبة معينة من اعضاء مجلس النواب.

ب- تأميناً لمبدأ الانسجام بين الدين والدولة يحق لرؤساء الطوائف اللبنانية مراجعة المجلس الدستوري في ما يتعلق بـ:
1- الاحوال الشخصية.
2- حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية.
3- حرية التعليم الديني.
ج- تدعيماً لاستقلال القضاء: ينتخب عدد معين من اعضاء مجلس القضاء الاعلى من قبل الجسم القضائي.

ج- قانون الانتخابات النيابية.
تجري الانتخابات النيابية وفقاً لقانون انتخاب جديد على اساس المحافظة، يراعي القواعد التي تضمن العيش المشترك بين اللبنانيين وتؤمن صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب واجياله وفعالية ذلك التمثيل، بعد اعادة النظر في التقسيم الاداري في اطار وحدة الارض والشعب والمؤسسات.
د- انشاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي للتنمية.
يُنشأ مجلس اقتصادي اجتماعي تأميناً لمشاركة ممثلي مختلف القطاعات في صياغة السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق تقديم المشورة والاقتراحات.

هـ- التربية والتعليم.
1- توفير العلم للجميع وجعله الزامياً في المرحلة الابتدائية على الأقل.
2- التأكيد على حرية التعليم وفقاً للقانون والانظمة العامة.
3- حماية التعليم الخاص وتعزيز رقابة الدولة على المدارس الخاصة وعلى الكتاب المدرسي.
4- اصلاح التعليم الرسمي والمهني والتقني وتعزيزه وتطويره بما يلبي ويلائم حاجات البلاد الانمائية والاعمارية. واصلاح اوضاع الجامعة اللبنانية وتقديم الدعم لها وبخاصة في كلياتها التطبيقية.
5- اعادة النظر في المناهج وتطويرها بما يعزز الانتماء والانصهار الوطنيين، والانفتاح الروحي والثقافي وتوحيد الكتاب في مادتي التاريخ والتربية الوطنية.

و- الاعلام.

اعادة تنظيم جميع وسائل الاعلام في ظل القانون وفي اطار الحرية المسؤولة بما يخدم التوجهات الوفاقية وانهاء حالة الحرب.

ثانياً: بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الاراضي اللبنانية.


بما انه تم الاتفاق بين الاطراف اللبنانية على قيام الدولة القوية القادرة المبنية على اساس الوفاق الوطني. تقوم حكومة الوفاق الوطني بوضع خطة امنية مفصلة مدتها سنة، هدفها بسط سلطة الدولة اللبنانية تدريجياً على كامل الاراضي اللبنانية بواسطة قواتها الذاتية، وتتسم خطوطها العريضة بالآتي:
1- الاعلان عن حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم اسلحتها الى الدولة اللبنانية خلال ستة اشهر تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني. واقرار الاصلاحات السياسية بصورة دستورية.
2- تعزيز قوى الامن الداخلي من خلال:
أ- فتح باب التطوع لجميع اللبنانيين دون استثناء والبدء بتدريبهم مركزياً ثم توزيعهم على الوحدات في المحافظات مع اتباعهم لدورات تدريبية دورية ومنظمة.
ب- تعزيز جهاز الامن بما يتناسب وضبط عمليات دخول وخروج الاشخاص من والى الحدود براً وبحراً وجواً.
3- تعزيز القوات المسلحة:
أ- ان المهمة الاساسية للقوات المسلحة هي الدفاع عن الوطن وعند الضرورة حماية النظام العام عندما يتعدى الخطر قدرة قوى الامن الداخلي وحدها على معالجته.
ب- تستخدم القوات المسلحة في مساندة قوى الامن الداخلي للمحافظة على الامن في الظروف التي يقررها مجلس الوزراء.
ج- يجري توحيد واعداد القوات المسلحة وتدريبها لتكون قادرة على تحمل مسؤولياتها الوطنية في مواجهة العدوان الاسرائيلي.
د- عندما تصبح قوى الامن الداخلي جاهزة لتسلم مهامها الامنية تعود القوات المسلحة الى ثكناتها.
هـ- يعاد تنظيم مخابرات القوات المسلحة لخدمة الأغراض العسكرية دون سواها.
4- حل مشكلة المهجرين اللبنانيين جذرياً واقرار حق كل مهجر لبناني منذ العام 1975م بالعودة الى المكان الذي هجر منه ووضع التشريعات التي تكفل هذا الحق وتأمين الوسائل الكفيلة باعادة التعمير.
وحيث ان هدف الدولة اللبنانية هو بسط سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية بواسطة قواتها الذاتية المتمثلة بالدرجة الاولى بقوى الامن الداخلي. ومن واقع العلاقات الاخوية التي تربط سوريا بلبنان، تقوم القوات السورية مشكورة بمساعدة قوات الشرعية اللبنانية لبسط سلطة الدولة اللبنانية في فترة زمنية محددة اقصاها سنتان تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، واقرار الاصلاحات السياسية بصورة دستورية، وفي نهاية هذه الفترة تقرر الحكومتان، الحكومة السورية وحكومة الوفاق الوطني اللبنانية اعادة تمركز القوات السورية في منطقة البقاع ومدخل البقاع الغربي في ضهر البيدر حتى خط حمانا المديرج عين داره، واذا دعت الضرورة في نقاط اخرى يتم تحديدها بواسطة لجنة عسكرية لبنانية سورية مشتركة. كما يتم الاتفاق بين الحكومتين يجري بموجبه تحديد حجم ومدة تواجد القوات السورية في المناطق المذكورة اعلاه وتحديد علاقة هذه القوات مع سلطات الدولة اللبنانية في اماكن تواجدها. واللجنة الثلاثية العربية العليا مستعدة لمساعدة الدولتين في الوصول الى هذا الاتفاق اذا رغبتا في ذلك.

ثالثاً: تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي.


استعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً تتطلب الآتي:
أ- العمل على تنفيذ القرار 425 وسائر قرارات مجلس الأمن الدولي القاضية بازالة الاحتلال الاسرائيلي ازالة شاملة.
ب- التمسك باتفاقية الهدنة الموقعة في 23 آذار 1949م.
ج- اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لتحرير جميع الاراضي اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع اراضيها ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً والعمل على تدعيم وجود قوات الطوارىء الدولية في الجنوب اللبناني لتأمين الانسحاب الاسرائيلي ولاتاحة الفرصة لعودة الامن والاستقرار الى منطقة الحدود.

رابعاً: العلاقات اللبنانية السورية.


ان لبنان، الذي هو عربي الانتماء والهوية، تربطه علاقات اخوية صادقة بجميع الدول العربية، وتقوم بينه وبين سوريا علاقات مميزة تستمد قوتها من جذور القربى والتاريخ والمصالح الاخوية المشتركة، وهو مفهوم يرتكز عليه التنسيق والتعاون بين البلدين وسوف تجسده اتفاقات بينهما، في شتى المجالات، بما يحقق مصلحة البلدين الشقيقين في اطار سيادة واستقلال كل منهما. استناداً الى ذلك، ولأن تثبيت قواعد الامن يوفر المناخ المطلوب لتنمية هذه الروابط المتميزة، فانه يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لأمن سوريا وسوريا لأمن لبنان في اي حال من الاحوال. وعليه فان لبنان لا يسمح بان يكون ممراً او مستقراً لاي قوة او دولة او تنظيم يستهدف المساس بأمنه او أمن سوريا. وان سوريا الحريصة على أمن لبنان واستقلاله ووحدته ووفاق ابنائه لا تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلاله وسيادته.

للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــد

من يرغب الاطلاع على إتفاق الطائف باللغة الانكليزية فبإمكانهُ إستخدام الرابط التالي:
Al-Taief Accords

Tuesday, February 22, 2005

التعاون الأمريكي ـ الإيراني في إحتلال العراق ... حقائق دامغة (2)



التعاون الأمريكي ـ الإيراني في إحتلال العراق ... حقائق دامغة (2)
د. محمد العبيدي

يقال أنه في العلاقات الدولية ينتج عن المناورات السياسية بين الدول أوضاع غريبة، كما ينتج عنها أوضاع يتم التظاهر بأنها متباعدة.
فبالنسبة لبعض القراء، سيبدو الأمر غريباً عندما يعلموا أن الولايات المتحدة أرادت مساعدة الإيرانيين، وفي إطار سعيها لتنفيذ ذلك، قامت الولايات المتحدة بحربها ضد العراق عام 1991 خلال فترة حكم بوش الأب. والسبب الوحيد في كون هذا الأمر غريباً هو أن كلاً من المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين قد تبادلوا كثيراً من الذم والطعن على مدار سنوات، مما أدى إلى تهيئة "مظهر" عداء بين الولايات المتحدة وإيران، ولكن الإيرانيين والأمريكان كانوا قد تحالفوا سراً منذ بداية حكم الخميني.
لنبدأ القصة من البداية. وصلت الأصولية الشيعية إلى السلطة في إيران مع وصول الخميني إلى الحكم. والجميع يتذكر أن الخميني قد ندد بالولايات المتحدة فور وصوله إلى الحكم ووصفها بعبارة "الشيطان الأكبر" التي رددها من بعده جميع ملالي إيران، وبعد ذلك وقع حادث الهجوم على السفارة الأمريكية في طهران وإحتلالها، إلخ... أدى ذلك كله إلى أن يبدو الخميني وكأنه "عدو" حقيقي للولايات المتحدة. ورغم تلك التصريحات التنديدية المتبادلة بينهما إلا أن الإجراءات والإتصالات السرية بين الدولتين كانت تفوق التصريحات التي تطلق في العلن. ومن جانبها، تفاعلت الولايات المتحدة مع تصريحات الإيرانيين المعادية لها، وأطلقت عليهم ألفاظ مثل "المتطرفين" و"الإرهابيين"، إلخ.
توضح قصة ما فعله الخميني فور نجاح الثورة الإيرانية عام 1979، توضح أسباب دعمه للولايات المتحدة منذ البداية. فبمجرد وصوله إلى الحكم، بدأ النظام الإيراني على الفور باستفزاز العراق مما أدى إلى وقوع الحرب العراقية ـ الإيرانية. إضافة لذلك قام النظام الإيراني بتسليح الانفصاليين الأكراد شمالي العراق ودعمهم وتشجيعهم ضد نظام السلطة المركزية في العراق، وشجعوا قيادات حزب الدعوة ومجلس الحكيم الإيرانيين في التمرد ضد النظام في العراق، علماً بأن العراق قد إستقبل في حينه الحكومة الجديدة في إيران ببوادر الود.
إذاً، لماذا قامت إيران بذلك. وكيف يثبت هذا بشكل واضح أن خميني دعم الولايات المتحدة منذ البداية؟

مما لا شك فيه أن نظام الخميني الجديد إتهم الحكومة العلمانية في العراق بـ "الكفر" و "الإلحاد"، ولم تعجبه هذه الحكومة ولذلك أراد أن يضربها. ولكن هناك فرق بين الرغبة في تنفيذ شيء والقدرة على تنفيذه. فالنظام الإيراني لم يكن قادراً على الدخول في حرب ضد العراق لولا تيقنه بأن هناك من سيزود إيران بالأسلحة التي تحتاجها لتلك الحرب، خصوصاً وأن إيران كانت في ذلك الوقت في حاجة ماسة للأسلحة وقطع الغيار لجميع ترسانتها من الأسلحة الأمريكية الصنع.
لذلك، إن لم يكن النظام الإيراني لديه ثقة مسبقة بالولايات المتحدة بأنه سيحصل منها على الإمدادات اللازمة من قطع الغيار والعتاد لترسانة أسلحته الأمريكية الصنع، فببساطة أنه لم يكن ليقوي على تهديد العراق. إذاً، لماذا فعلت إيران ذلك؟ الجواب هو لأن النظام الإيراني ببساطة قد "حصل" على تلك الثقة من الولايات المتحدة، وبعيداً عن المظهر الخارجي للأحداث، كانت بينهما صداقة حقيقية.
وقد أوضحت فضيحة إيران كونترا التي تفجرت في الثمانينيات أن هناك عدداً كبيراً من المسؤولين داخل حكومة الولايات المتحدة (عدد كبير من الأعضاء ذوي الحصانة من المسؤولين رفيعي المستوى في إدارة جورج بوش الحالية) قاموا بتزويد إيران، من إسرائيل وعن طريقها، بشحنات أسلحة وبطريقة غير شرعية منذ بداية الحرب العراقية ـ الإيرانية وحتى نهاية تلك الحرب (استمرت الحرب من عام 1980 حتى عام 1988). وعندما إنكشفت فضيحة إيران كونترا، إدعى المسؤولون الأمريكان أن هذا الأمر كان ضرورياً حتى يتم الإفراج عن الرهائن الأمريكيين الذين تم أسرهم في لبنان، حيث كان للإيرانيين تأثير على مرتكبي عملية أسر الرهائن.
والسؤال الآن هو: منذ متى والقوة العظمى تقوم بتقديم شحنات أسلحة كبيرة، على مدى سنوات طويلة، إلى دولة تعتبرها القوة العظمى عدوة لها لمجرد أنه تم إلقاء القبض على عدد قليل من الأشخاص كرهائن في بلد ثالث؟ كم يبدو هذا الأمر غير صحيح؟ ولذلك، لم تكن مفاجأة أن هذا التفسير لا يعدو كونه أكذوبة، فلم يكن هناك علاقة بين شحنات الأسلحة والإفراج عن الرهائن، لأن شحنات الأسلحة التي تم إرسالها إلى إيران بدأت قبل إلقاء القبض على أول رهينة من هؤلاء الرهائن الأمريكيين في لبنان، كما أنها إستمرت لما بعد إطلاق سراح آخر هؤلاء الرهائن. فالأمر ببساطة هو أن الولايات المتحدة أرادت إمداد الإيرانيين بالأسلحة حيث كان السعي نحو تقوية الإيرانيين أحد الأهداف الجيوستراتيجية للولايات المتحدة.
ومنذ ذلك الوقت، لم تتغير طبيعة العلاقة الأمريكية ـ الإيرانية. وعلى الرغم من مسرحية تصريحات الذم والطعن المتبادل في العلن، فقد جمع بين طهران الإسلامية و"الشيطان الأكبر" واشنطن الإمبريالية تعاون وثيق. لقد كان زلماي خليل زاد، الذي كانت تتخذه واشنطن كوسيط، في قلب هذه السياسة.
ولنتأمل قليلاً الترتيب التأريخي التالي لدور خليل زاد الذي كان له تأثير خلال وضع سياسات الإعداد لحرب الخليج عام 1991 وبعدها كذلك:
1988: كتب زلماي خليل زاد دراسة مهمة لإدارة بوش الأب طالب فيها بـ "تقوية إيران" و"احتواء العراق".
1989: صرح زلماي خليل زاد معلناً أن إيران، عقب انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية، كانت ضعيفة بينما كان العراق قوياً نسبياً، واستطرد قائلاً أن ضعف إيران يمثل "مشكلة"!!! ويعني هنا مشكلة للولايات المتحدة بالتأكيد.
1990: "أصبح زلماي خليل زاد مساعداً لوزير الدفاع لشؤون التخطيط السياسي.
1991: شنت الولايات المتحدة حرب الخليج ضد العراق، مما نتج عنه القضاء على البنية التحتية العسكرية والمدنية للعراق تماماً، وأدى بعد ذلك إلى موت حوالي نصف مليون طفل بعد فرض العقوبات القاسية على العراق (أكثر من عدد الموتى في هيروشيما)، وكانت تلك الحرب ذو فائدة كبرى للغاية لإيران.
1992: حسب مشورة خليل زاد، قامت وكالة الاستخبارات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية بالتعاون مع إيران بعملية جلب آلاف "المجاهدين" المسلمين الأجانب إلى البوسنة.
2003 – 2005: إذا لم يكن ذلك كافياً، فإن إيران قد تعاونت أيضاً مع الولايات المتحدة وبشكل مباشر في غزوها للعراق وإحتلاله كما ذكرنا سابقاً. كما وجاء في تصريحات المسؤولين الإيرانيين أنفسهم أمثال أبطحي الذي قال لولا إيران لما تمكنت أمريكا من شن حربها ضد أفغانستان والعراق، وأخيراً تصريح سفيرهم في لندن الذي قال أننا تعاونا مع أمريكا لإنجاح الإنتخابات في العراق وأنهم، أي الإيرانيون، مستعدون للتعاون مع الأمريكان في الشرق الأوسط. ويجب أن لا ننسى أيضاً ما صرح به حسن روحاني رئيس مجلس الأمن الإيراني عندما إنتخب بوش لولاية ثانية حيث قال أن فوز بوش سيخدم مصلحة إيران العليا، ولا ندري أي مصلحة يقصد بها هنا خصوصاً والعالم يعرف أن بوش قد إعتبر إيران إحدى دول محور الشر !!!
والآن على القراء أن يخمنوا من كان الشخص المنسق للعمليات الأمريكية في العراق وأفغانستان؟ نعم هذا صحيح: لقد كان هو زلماي خليل زاد.

ربما يتحير القارئ من العلاقة السائدة بين الإيرانيين والولايات المتحدة، ذلك لأنه قبل ثورة الخميني، كان شاه إيران بالفعل دمية في يد الولايات المتحدة. وإذا كان "آية الله" يناغم الولايات المتحدة في السر، إذاً ذلك يعني أنه قد تم إستبدال دمية بأخرى. ولكن لماذا؟ ألم يكن بإستطاعة الولايات المتحدة الإحتفاظ بالدمية الأولى؟ الجواب كلا. ذلك أنه في تلك الفترة كان هناك إحساس من السخط سائد في إيران وكان الأمر على وشك الانفجار، حيث كان الشاه مكروهاً في إيران بسبب ما قام به من عمليات قمع. والسبب الآخر هو أنه لم يكن للإمبراطورية التي تقودها الولايات المتحدة أصدقاء، بل كان هناك ضحايا مستقبليين، لذلك لم يكن هناك ما يُعرف بالولاء تجاه دمية قامت بدورها المطلوب بشكل دقيق. والسبب الأخير والأكثر أهمية هو أنه في ظل فترة حكم الرئيس جيمي كارتر، قررت الولايات المتحدة رعاية الأصولية الإسلامية في آسيا بهدف ضرب إستقرار الإتحاد السوفييتي. لذلك، ونتيجة كل هذه الأسباب كان الوقت مناسباً للتخلص من الدمية القديمة ليتم تنصيب أخرى أكثر تجانساً مع السياسة الأمريكية.
يوضح السياق السابق أسباب إعتبار الولايات المتحدة ضعف إيران بجانب قوة العراق النسبية مشكلة بالنسبة لها، فالعراق لم يكن دولة دينية إسلامية أصولية، وبالتالي لم يكن مناسباً لدولة بديلة كانت تحاول الولايات المتحدة مساندتها. لذلك كانت حرب الخليج ليس فقط من أجل ما سمي بـ "تحرير الكويت" بل الهدف منها أيضاً حماية الحكم الديني الأصولي في إيران التي كانت الحليف السري للولايات المتحدة ومصدر قوة إستراتيجية وآيديولوجية لها وذلك من خلال تدمير خصمها العلماني: العراق.
ولكن تنفيذ ذلك كان يتطلب أرضية سياسية كبيرة بمعاونة وسائل الإعلام. فلماذا؟ لأنه في الوقت الذي كانت ترعى فيه الولايات المتحدة "الإرهاب" الإسلامي سراً في البوسنه، تظاهرت بأنها تحاربه علناً. لذلك، لم يكن مفيداً للولايات المتحدة أن يُعرف بأنها تحمي إيران. ولهذا السبب كان من الضروري أن تضفي على الهجوم على العراق مظهراً مختلفاً تماماً. وسعياً للوصول إلى هذا الهدف أمرت الولايات المتحدة دميتها، الكويت، بأن تستفز العراق لكي تهاجمه. وعند هذه النقطة ظهر رد الفعل على إدارة بوش الأب وكأنه "صدمة" و"إنتهاك للقوانين"، وكان هذا الفاصل القصير من المسرح السياسي هو حل المشكلة.
تم في عام 1988، تعيين الجنرال نورمان شوارتسكوف، الذي قاد القوات الأمريكية والقوات التي تحالفت معها لشن الحرب على العراق بعد ذلك بثلاثة أعوام، حيث تم تعيينه رئيساً للقيادة المركزية للقوات الأمريكية. ولقد كتب الصحفي ملتون فيورست Milton Viorst قائلاً: "يعتبر قائد القيادة المركزية بمثابة مراقب لكل الأنشطة العسكرية للولايات المتحدة في 19 دولة بالشرق الأوسط وأفريقيا والخليج العربي". ويضيف فيورست، "قام شوارتسكوف بتحويل اتجاه القيادة المركزية ـ التي كان قد تم تأسيسها عام 1983 لمجابهة التهديد السوفيتي ـ إلى مواجهة العراقيين الذين كان يعتقد بأنهم العدو الحقيقي في المنطقة".
أليس غريباً أن تجد الولايات المتحدة أنه من الضروري تحويل القيادة المركزية في عام 1988 لإستهداف العراق مع الأخذ في الإعتبار أن الإتحاد السوفييتي كان لا زال موجوداً، وكانت القيادة المركزية قد تم تأسيسها لمجابهة التهديد السوفييتي؟"
نعم، ولكن تهديد سوفييتي لمن؟ تتمثل إجابة هذا السؤال في تبديد أسطورة سبب إستهداف مركز القيادة المركزية للعراق.

فيما يلي جزء مقتبس من صحيفة النيويورك تايمز:
[[ ترجع أصول مركز القيادة المركزية إلى عام 1979 عندما تمت الإطاحة بشاه إيران وساد الاضطراب بلاده نتيجة للثورة الإسلامية. ولتوفير قدرات عسكرية لتدعيم سياسة الرئيس كارتر في الخليج في عام 1980، تم تشكيل قوة المهام المشتركة سريعة الانتشار التي عينتها القيادة والتي تم تكوين القيادة المركزية منها فيما بعد. هذا وكان باول إكس كيلي Paul X. Kelley أول قائد لها، والذي أبلغته الإدارة الأمريكية بالقيام برسم الخطط للدفاع عن إيران "الإسلامية" ضد الغزو السوفيتي".
يبدو واضحاً تماماً مما سبق أن الهدف المعلن الذي قامت من أجلة الولايات المتحدة بتشكيل القيادة المركزية هو الدفاع عن إيران "الأصولية الشيعية" تحت حكم الخميني. وكان من المعلوم أن السوفيت يمثلون أكبر تهديد لإيران، ولكن السبب الرئيسي والتركيز الأساسي للقيادة المركزية كان هو "حماية إيران". ويساعد ذلك على تيسير فهم سبب إعتبار العراق الهدف الجديد للقيادة المركزية في عام 1988، ذلك لأنه في هذا العام خسرت إيران حربها ضد العراق، كما أنها أصبحت عرضة للهجوم من دول الجوار، برأي الإدارة الأمريكية.
وفي آب/أغسطس عام 1988 أجبرت ظروف تدهور الاقتصاد الإيراني، في نفس الوقت الذي كان للعراق فيه مكاسب في ميدان المعركة، أجبرت إيران على قبول وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة، ذلك القرار الذي رفضته إيران من قبل ]].
ويوضح الصحفي ملتون فيورست أن الرهان في الحرب العراقية ـ الإيرانية كان يتمثل فيما إذا كان النظام العراقي العلماني أم النظام الراديكالي الشيعي الإسلامي الأصولي الذي يرأسه الخميني هو الذي سيسود في العراق وربما في الشرق الأوسط.

إذا كان هذا هو مضمون الرهان، فإن إعادة توجيه القيادة المركزية بحيث يكون تركيزها على التهديد الواقع على إيران من العراق يوحي بأن الولايات المتحدة تسعى لحماية الأصولية الإسلامية ضد القوى العلمانية غير الدينية في العالم الإسلامي. وفي هذه الحالة، فإن حرب الخليج التي دمرت العراق، تبدو وكأنها جزء من هذه الإستراتيجية الكبرى، وذلك لأنها أدت إلى التخلص من الحكومة العلمانية التي كانت تمثل أكبر تهديد على الحكومة الإسلامية في إيران.
هل كان هذا بالفعل هو ما تريده الولايات المتحدة؟
الجواب هو نعم. ففي عام 1979 بدأ الرئيس الأمريكي كارتر بإستثارة المسلمين الأصوليين في أفغانستان بهدف مهاجمة السوفييت، وكذلك قام سراً بتحويل المملكة العربية السعودية إلى قوة عسكرية مخيفة. فما هو تفسير ذلك بالنسبة لحقيقة أن كارتر قام بإنشاء القيادة المركزية بعد ذلك بعام واحد، مع القيام في العلن بحماية إيران الأصولية تحت حكم الخميني؟
ومن هنا يتضح أن ذلك كان جزءاً من سياسية الرئيس كارتر العامة المساندة للإسلاميين ضد السوفيت. وبعد كل ذلك، فإن إيران لها حدود مع أفغانستان، وكلاهما له حدود مع الاتحاد السوفييتي السابق. ومن خلال حماية إيران الأصولية وكذلك رعاية الحركات الأصولية في أفغانستان بمساعدة المملكة العربية السعودية وكذلك باكستان، التي كان يحكمها بالفعل أصولي مسلم متحالف مع الولايات المتحدة هو ضياء الحق، فإن إدارة الرئيس كارتر كانت تسعى لحماية عصبة كبيرة ومستمرة من الراديكالية الإسلامية ضد المناطق الضعيفة في آسيا التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي السابق، والتي كان سكانها من المسلمين.
وكان الأمر أن الرئيس كارتر نفذ إستراتيجية إستخدام المسلمين بهدف تحطيم اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية ـ وهي نفس السياسية التي إتبعها الرئيس ريغان. وبناءً على ذلك ومتابعةً لسياسة الرئيسين كارتر وريغان المساندة للإسلاميين سراً، أراد الرئيس بوش الأب في عام 1991 أن يتخلص من التهديد الذي كان يمثله العراق لإيران، وبذلك زادت هيبة إيران، تلك الهيبة التي كانت أمريكية الصنع.
ختاماً، وبالرغم من تصريحات بوش وتشيني الأخيرة بتأييد إسرائيل فيما لو ضربت المفاعل النووي الإيراني، يخطأ من يظن أن الولايات المتحدة ستهاجم إيران من أجل إحتلاله كما فعلت في العراق، فتلك هي جزء من اللعبة السياسية بين إيران والولايات المتحدة وجزء من لعبة الإثارة الكلامية التي أجادتها الدولتين، على الأقل لحد الآن. وبعد ظهور نتائج مهزلة الإنتخابات، أصبح العراق وبشكل علني القاسم المشترك للتعاون الستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط بين إيران والولايات المتحدة.

للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى الابــد

Monday, February 21, 2005

نزار قباني ...إرهابي!


هل هناك اجمل وأوضح وأكثر تعبيراً من (إرهابية) نزار قباني!.. أبداً .. فكلمات نزار تقول ما يريد أن يقولهُ أي عربي شريف . .. وأي مسلمٍ (مع حذف بعض العبارات طبعاً!).. يعبرُ نزار بجرأةٍ عن تفسيرهِ للإرهاب.. ويعرف نزار معنى الارهاب.. ذلكَ التعريف الذي رفضَ قادة (!!) هذهِ الامة المنكوبةُ (بِهِم!) أن يسألوه لأميركا .. قادة هذهِ الامة الذين يفضلون إغتيال الشباب العربي المسلم المدافعِ عن دينهِ وكرامتهِ ..على أن يسألوا أميركا ما هو تعريفها للإرهاب!.. أصبح العرب المسلمون في جزيرة العرب حينما يطلبون ويعملون على طرد العلوج من أرض الحرمين إرهابيون ويجب أن تقطعَ رؤسهم.. وأصبحت كلمة (مطلوبين) تساوي كلمة (إرهابي) وتساوي كلمة (مسلم) .. وأصبحَ العراقيون المدافعون عن كرامتهم وأرضهم (إرهابيون) والعلوج المحتلون حمامات سلام .. وأصبحَ العربي المسلم الذي يريد أن يجاهد في أرض العروبة والإسلام (مطلوباً) رأسهُ لحكومات أقطار عربية وإسلامية.. وأصبحَ مفهوم الديمقراطية: أن تكون خائناً للوطن.. والشفافية: أن تقبلَ السمسرةَ على شرفكَ وشرف العرب والمسلمين.. والمدنية: أن تقتلَ أخاك في الدين لأسبابٍ طائفية.. ولم يبقَ أمام الشباب العربي المؤمن إلا أن يمتهنَ الدفاع عن الكرامة .. وألأرض.. والعِرض.. ولتصنفهُ أميركا وعملائها وسماسرتها وغوانيها كما يشاءَ لهم أن يصنفوا .. وكما يقول المثل العراقي:( المبلل لا يخاف من المطر!) .. فما دامت صفة الارهاب قد لازمتنا فلنكن كما يجبَ أن نكون.. وأن نكونَ (مطلوبين!) من أنظمة الذلِ لأهونُ علينا من أن نكون (مطلوبين) من العلي الجليل يومَ القيامة .. وليرحمكَ الله يانزار ياقباني فقد كُنتَ صادقاً.. وكُنتَ إنساناً نبيلاً في قصيدتكَ (أنا معَ الارهاب) .. وهذا نصها:


أنا مع الإرهاب


متهمون نحن بالإرهاب
إن نحن دافعـنا عن الوردة والمرأة
والقصيدة العصماء
وزُرقة السماء
عن وطن لم يبق في أرجائه
ماء ولا هواء
لم تبق فيه خيمة أو ناقة
أو قهوة سوداء!!

مُتهمون نحن بالإرهاب
إن نحن دافعنا بكل جرأة
عن شعر بلقيس
وعن شفاه ميسون
وعن هند وعن دعد
وعن لُبنى وعن رباب
عن مطر الكُحلِ الذي
ينزل كالوحي من الأهداب !!
لن تجدوا في حوزتي
قصيدةً سرية
أو لغة سرية
أو كتباً سرية أسجنها في داخل الأبوابْ
وليس عندي أبداً قصيدة واحدة
تسير في الشارع وهي ترتدي الحجاب

متهمون نحن بالإرهاب
إذا كتبنا عن بقايا وطن
مُخلَع مُفكك مهترئ
أشلاؤه تناثرت أشلاء
عن وطن يبحث عن عنوانه
وأمةٍ ليس لها أسماء !!
عن وطن لم يبق من أشعاره العظيمة الأولى
سوى قصائد الخنساء !!
عن وطن لم يبق في آفاقه
حريةُ حمراء أو زرقاء أو صفراء
عن وطن يمنعنا أن نشتري الجريدة
أو نسمع الأنباء
عن وطن كل العصافير فيهِ
ممنوعة دوما من الغناء
عن وطنٍ
كتابه تعودوا أن يكتبوا
من شدة الرعب
على الهواء !!
عن وطن
يمشي إلى مفاوضات السلم
دونما كرامة.. ودونما حياء !!
رجاله بالوا على أنفسهم خوفا ً
ولم يبق سوى النساء !!

لقد تعودنا على هواننا
ماذا من الإنسان يبقى
حين يعتاد على الهوان ؟؟
أبحث عن دفاتر التاريخ
عن أسامة بن مُـنقذ
وعقبة بن نافع
عن عمر عن حمزة
عن خالد يزحف نحو الشام
أبحث عن معتصم باللهِ
حتى ينقذ النساء من وحشية السبي
ومن ألسنة النيران !!
أبحث عن رجال آخر الزمان
فلا أرى في الليل إلا قططاً مذعورة
تخشى على أرواحها
من سلطة الفئران !!
هل العمى القومي قد أصابنا ؟
أم نحن نشكو من عمى الألوان ؟؟

متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفضنا موتنا
بجرافات إسرائيل
تنكش في ترابنا
تنكش في تاريخنا
تنكش في إنجيلنا
تنكش في قرآننا
تنكش في تراب أنبيائنا
إن كان هذا ذنبنا
ما أجمل الإرهاب

متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفضنا محونا
على ييد المغول واليهود والبرابرة
إذا رمينا حجرا
على زجاج مجلس الأمن الذي
استولى عليه قيصر القياصرة !!
متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفضنا أن نفاوض الذئب
وأن نمد كفنا لعاهرة !!
أميركا
ضد ثقافات البشر
وهي بلا ثقافة
ضد حضارات الحضر
أميركا
بناية عملاقة
ليس لها حيطان !!

متهمون نحن بالإرهاب
وإذا رمينا وردة
للقدس
للخليل
أو لغزة
والناصرة
إذا حملنا الخبز والماء
إلى طروادة المحاصرة
متهمون نحن بالإرهاب
إذا صوتنا
ضد الشعوبيين من قادتنا
وكل من قد غيروا سروجهم
وانتقلوا من وحدويين
إلى سماسرة !!

إذا اقترفنا مهنة الثقافة
إذا تمردنا على أوامر الخليفة
العظيم
والخلافة
إذا قرأنا كتبا في الفقه
والسياسة
إذا ذكرنا ربنا تعالى
إذا تلونا ( سورة الفتح )
وأصغينا إلى خطبة يوم الجمعة
فنحن ضالعون في الإرهاب !!

متهمون نحن بالإرهاب
إن نحن دافعنا عن الأرض
وعن كرامة التراب
إذا تمردنا على اغتصاب الشعب
واغتصابنا
إذا حمينا آخر النخيل في
صحرائنا
وآخر النجوم في سمائنا
وآخر الحروف في أسمائنا
وآخر الحليب في أثداء أمهاتنا
إن كان هذا ذنبنا
ما أروع الإرهاب !!

أنا مع الإرهاب
إن كان يستطيع أن ينقذني
من المهاجرين من روسيا
ورومانيا ، وهنغاريا ، وبولونيا
وحُطوا في
فلسطين على أكتافنا
ليسرقوا
مآذن القدس
وباب المسجد الأقصى
ويسرقوا النقوش والقباب
أنا مع الإرهاب
إن كان يستطيع أن يحرر المسيح
ومريم العذراء والمدينة المقدسة
من سفراء الموت والخراب !!

بالأمس
كان الشارع القومي في بلادنا
يصهل كالحصان
وكانت الساحات أنهارا تفيض عنفوان
وبعد أوسلو
لم يعد في فمنا أسنان
فهل تحولنا إلى شعب
من العميان والخرسان ؟؟

متهمون نحن بالإرهاب
إن نحن دافعنا بكل قوة
عن إرثنا الشعري
عن حائطنا القومي
عن حضارة الوردة
عن ثقافة النايات في جبالنا
وعن مرايا الأعين السوداء
أنا مع الإرهاب

إن كان يستطيع أن يحرر الشعب
من الطغاة والطغيان
وينقذ الإنسان من وحشية الإنسان
ويرجع الليمون ، والزيتون ،
والحسون ،
للجنوب من لبنان
ويرجع البسمة للجولان
أنا مع الإرهاب

بكل ما أملك من شعر ومن نثر
ومن أنياب
ما دام هذا العالم الجديد
بين يدي قصاب !!
أنا مع الإرهاب

ما دام هذا العالم الجديد
قد صنفنا
من فئة الذباب !!
أنا مع الإرهاب

إن كان مجلس الشيوخ في أمريكا
هو الذي في يده الحساب
وهو الذي يقرر الثواب والعقاب !!
أنا مع الإرهاب

ما دام هذا العالم الجديد
يكره في أعماقه
رائحة الأعراب !!
أنا مع الإرهاب

ما دام هذا العالم الجديد
يريد أن يذبح أطفالي
ويرميهم إلى الكلاب !!
من أجل هذا كله
أرفع صوتي عاليا
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب

لندن 15 نيسان (أبريل) 1997

للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى الابــد

Saturday, February 19, 2005

والان حان وقت الهروب الامريكي من العراق


والان حان وقت الهروب الامريكي من العراق

صلاح المختار

هل تتذكرون شخصا، يحمل على كتفيه وجها قد من شمع ، اسمه دونالد رامزفيلد ؟ اين هو الان ؟ لماذا يمارس رياضة ( صمت الخرفان ) منذ شهور ، بعد ان كان لسانه يتحفنا برطانة لغوية فذة ، ممهورة بوباء صلافة ،لا نجدها الا في وجه جلاد ، من القرون الوسطى ، يأكل لقمته الحرام، من قطع رؤوس الانام ؟ هل تذكرون لغوه عن ( فلول النظام ) و(بقايا البعث السابق ) ، وهو يرد على تصاعد الثورة المسلحة ضد الاستعمار الامريكي في العراق ؟ هل نسيتم ( تأكيداته القاطعة ) بأن ( الديمقراطية ستقام في العراق ) ؟ لماذا لم يعد يتحفنا بثغاء خروف أخر ، ينظم الى فلول المتسكعين في ازقة عهر الضمير، وهو يتحدث عن ( فرادة التجربة الديمقراطية في العراق ) ؟

مئات الاسئلة تتزاحم ، وتتراكم ، والمرء يحدق في الفصل ما قبل الاخير من احتلال العراق ، وهو مسرحية الانتخابات التي جرت ، ويتمنى لو ان رامزفيلد يتطوع بتقديم (طروحاته الفلسفية) حولها ، لكنه ، وياللاسف ، صمت ، وقنت ، كما يفعل خروف ادرك ، بحسه الخرافي( بكسر الخاء ) العبقري ، انه يساق الى الذبح ، في ظل عجز تام عن ابعاد السكين عن رقبته ! لماذا صمت الخرفان ، هذا الذي يمارسه كل اقطاب غزو العراق ، مثل ريتشارد بيرل وبول ولفووتز ودوجلاس فيث ، الذي نحر ضحية لاسقاط المخطط الكوني ل (المحافظون الجدد ) في العراق ، على يد المقاومة العراقية ؟ هل من المنطقي ان يعقل العريس لسانه ، في ليلة عرسه ، فلا يزغرد فرحا ( باعظم تجربة ديمقراطية في العراق ) ، ويرقص على وحدة ونص ؟

عبقرية حدس الخراف

من شهد ذبح خروف في صغره ،لابد ان يتذكر كيف ان عبقرية حدسية خرافية ، تستولي على ذلك المخلوق المسكين ، فيشرع في ثغاء حار وصاخب ، لكنه ، حينما يتيقن انه مذبوح لا محالة ، يكف مستسلما لقدره ، في تعبير أخر عن براغماتية خرافية مدهشة، لا تضاهيها الا براغماتية عمرو موسى ! فالخروف يحس بانه مقدم على قطع صلته بالحياة ، فيتمرد بثغاء ، فيه الوان من رطانة رامزفيلد ، و(طهارة) كوفي عنان ، لكنه يكف ، وهو يرى السكين تقترب من رقبته الجميلة ، ويسلم امره الى الله ، شاكيا ظلم البشر !
اليوم نرى امريكا ، بكل خرافها المسحورة بمزامير التوراة ، تصوم عن الثغاء ، لانها وصلت الى النقطة ، التي تتفتق فيها عبقرية حدس الخراف ، عن ادراك حاد بانها وصلت بوابة الانتقال الحتمي الى عالم العدم والندم ، واكتشاف انها القت بنفسها في يم العراق ، فلا نجدة ، ولا حبل يحمل وزر أثامها ! لم استطع ان ابعد ، عن مخيلتي، هذا التناسج بين ثغاء الخراف وعبقرية اكتشافها انها تساق لموتها الحتمي ، وبين رطانة رامزفيلد ، وهو يؤبن نفسه وجنده ، المزروعين في عين ثقب اسود اسمه المقاومة العراقية .
لقد قدم لنا المشهد العراقي الساخن ، منذ انتهاء معركة الفلوجة الاولى في نيسان – ابريل الماضي ، صورة بالغة الوضوح ، راينا فيها امريكا كلها ، وليس جيوشها وجحوشها فقط ، تقف مذهولة ، حائرة ، وقد اصابها مس من رعب ، لم تصب به من قبل ، اسمه ( كابوس العراق ) ، بعد ان لجأت لخيار القوة الاعلى
MAXIMUM FORCE ، وهو خيار من يأس من كل الخيارات الاخرى ، ولم يعد لديه سوى استخدام اخر، وافضل وسائله ، لحسم الصراع الستراتيجي مع المقاومة العراقية ، وفي ظنها ان كل البشر يمكن كسر شوكتهم ، بابادتهم جسديا . لكنها فوجئت ، بما لم تكن تتخيله ، حتى في افلام الخيال العلمي الهولي وودية ، وهو ان العراقي الذي تبيده في الفلوجة ، او النجف الاشرف ، او الموصل ، او بعقوبة ،او شارع حيفا ، في بغداد ، سرعان ما ينبت ، من رواء دمه الطاهر ، مائة عراقي يحملون السلاح ، وعلى جبينهم كتبت عبارة : الله اكبر النصر او النصر .

لم يواجه اي استعمار في العالم ،على الاطلاق، تدفق الاستشهاديين للقتال ضده ، كما يجري في العراق . وحينما يتقابل فولاذ دبابة ابرامز الامريكية مع اللحم الطري للعراقي ، ينتصر اللحم ، بفولذته المدهشة ، على الفولاذ ، بهشاشته المدهشة ايضا ! ففي النهاية ان من صنع الدبابة هو عقل ليس ثمة ما هو اطرى منه ، لكنه ينجب متواليات هندسية ، من القوة ، تعطل قوانين الاشياء ، حينما تحضر عبارة ( الله اكبر)، وتصبح راية لوطن مغتصب . نعم لقد انتصر اللحم الطري على الفولاذ وفلقه ، وكان رامزفيلد يرى ان الاستشهادي العراقي الذي يفلق دبابة ، ينجب فورا مائة استشهادي اخر ، في حين ان تعويض دبابة فلقت ، وجثة امريكي تمزقت ، يزداد صعوبة ، ويصبح استحالة ، كلما تصرم الزمن . ان الدبابة البديلة تعني دولارات اضافية ، والجندي البديل يعني الوصول الى بوابة الخواء ونقص الاحتياط ، الامر الذي دفع جنرالات امريكا مؤخرا للتحذير من ان قلب الجيش الامريكي اخذ ينهار ، لان نخبته ، المارينز، تتمزق في العراق ، وتحرق ، وان البديل الجاهز او المنتظر غير كاف ، واحيانا غير موجود ، بعد ان وصل استخدام العنصر البشري الامريكي في غزو العراق ذروته ، ولم يعد هناك حتى احتياط !
وبفضل عبقرية حدس الخراف ، ادرك رامزفيلد ان مصير الاحتلال الامريكي للعراق قد تقرر ، بفضل اللحم الطري للاستشهادي العراقي ، فالق ابرامز وحارق همر ، وخارق عقول الجنرالات المخبولين بهواية الابادة ، لذلك توقف ثغاء الخراف بعد ان كان عاليا ، وهي تدرك ان الخيارات المتاحة لامريكا في العراق تنحصر حتما بين اثنين لا ثالث لهما : الهزيمة المنظمة ، او الهزيمة المذلة والمهينة . اما النصر، الذي بشر به بوش ، ورقص من اجله على دق طبول الجوبي ( رقصة عراقية تقليدية ) ، فقد تبخر مع اقتراب الخروف الامريكي من الذبح ، واعداده من قبل المقاومة العراقية ليصيح قوزيا لذيذا ، رغم ذوبان ليته ( وهي كيس الدهن في مؤخرة الخروف ) وتحولها الى ذيل هزيل .

نماذج من اعترافات مصدومين

هل نبالغ بقولنا ان امريكا تنهار في العراق ؟ كلا ، فقط تذكروا حقيقة طفت ، وفرضت نفسها خلال الستة شهور الماضية ، وهي ان كبار مسؤولي امريكا السابقين ، وبعض مسؤوليها الحاليين، وجنرالاتها المحاربين ، وخبراءها اللامعين ، قد اخذوا يتسابقون، في طرح ( سيناريوهات الخروج من مأزق العراق ) . ومن الاسماء التي برزت في هذا السباق : هنري كيسنجر وزبغنيو بريجنسكي ، وبرنت سكوكرفت ، انتوني كوردزمان ، انتوني زيني ...الخ ، ناهيك عن صرخات الوجع التي اطلقها ، وما زالت تطلق ، من افواه اعضاء في الكونغرس ، مثل السناتور كنيدي ، وافواه اخرى لجنرالات يقودون الحرب في العراق ، مثل جون ابي زيد وكيسي وغيرهما سبق لنا ان عرضناها في مقالات سابقة .

والان ماذا يقول غير هؤلاء ؟ عشية رأس السنة الجديدة أجرت المحطة التلفزيونية "الديمقراطية الآن" مقابلة صحفية على الهواء مع الصحفي البريطاني الشهير "روبرت فيسك"، والذي قام بتغطية احداث العراق المحتل كصحفي مستقل، ووجهت اليه المحطة سؤالاً عن انطباعاته عن احداث عام 2004 في العراق، فلخص جوابه بالقول : "هناك الكثير من الادلة تشيرالى ان مشروعنا
في العراق قد فشل فشلاً ذريعاً، وان جيوشنا الغربية، حينما لا تعذب المعتقلين او تقتل الابرياء او تدمر واحدة من اكبر المدن العراقية فانها تهزم بحرب جيش عصابات، لم نر لها مثيلاً في الشرق الاوسط". ويضيف فيسك قائلا : "اعتقد ان كامل المشروع في العراق قد انتهى، لم يخبرنا "توني بلير" في حالتي و "جورج بوش" في حالتك( يقصد المحطة التلفازية ) بذلك، فهما غير مستعدان لقبول هذه الحقيقة ، اما بسبب سوء تقديرهما للامور، او بسبب تخيلاتهما للامور. بيد ان المشروع الامريكي، إن كان للديمقراطية او اية أغراض اخرى سواءً أكان من اجل النفط، التوسع الاقتصادي او كان من اجل شرقاً اوسطياً اكثر ملائمة لاسرائيل، وكيفما كان، هذا المشروع قد انتهى. انه مشروع يائس ، لا يمكن ان يكتب له النجاح. فالمقاومة في العراق اليوم هي من العظمة بحيث ان القوات الامريكية ومهما امتلكت من تكنولوجيا هائلة لا يمكن لها من ان تسيطر عليها."
ثم يصل فيسك الى الملاحظة الجوهرية الحاسمة : " وهكذا وصلنا الآن الى مرحلة ان قوات المقاومة تسيطر على معظم انحاء البلاد. والمنطقة الآمنة الوحيدة في العراق هي منطقة كردستان في الشمال، والتي هي منطقة تدار من قبل حكم ذاتي كفوء. وهي خارج سيطرة الحكومة العراقية في كل الاحوال" . ويكمل رؤيته الكارثية ، من وجهة نظر امريكية بريطانية حينما يقول : "واعتقد ان ما سنشاهده في نهاية الامر ، وكما كنا قد شاهدناه في كل حروب الاحتلال في الشرق الاوسط ، فتح بعض الاتصالات بين الامريكان والمقاومة، وهذا ما فعله الفرنسيون بعد سنوات من القول انهم لن يتفاوضوا مع الارهابيين ، غير انهم فعلوا ذلك وتفاوضوا مع جبهة التحرير الوطني الجزائرية . وبعد سنوات من القول انهم لن يتفاوضوا مع الارهابيين تفاوض الانكليز مع الجيش الايرلندي السري .كما تفاوضت بريطانيا مع المناضلين في عدن ، وكذلك منظمة " ايوكا " في قبرص . وانا اتوقع ان يبدأ الامريكان بايجاد الصلات مع المقاومة ، ان لم يكونوا قد بدأوا بعد . وذلك يعني بداية النهاية ، ذلك يعني ان المشروع الامريكي قد فشل . فقد اعترفوا وقبلوا ذلك خاصة فيما يتعلق بعدد الجنود على الارض . اما اذا ما تحدثت مع الجنرالات الامريكان في العراق ، فانهم يدركون ان اللعبة قد انتهت . غير ان الجنرالات القابعون في البنتاغون ، واولئك القابعون في فلوريدا القديمة ، واولئك السادة في الخارجية الامريكية والبيت الابيض فانهم لم يقروا او يعترفوا بهذا الواقع بعد لان هناك حاجزاً يقف بين وهمهم الذاتي وبين الحقائق على الارض . لكن الامر قد حسم في العراق . لقد انتهى الامر . وما سنشاهده هذا العام سيكون بداية نهاية اللعبة ، والتي هي كيف سيخرج الامريكان من العراق دون ان يفقدوا ماء وجههم. وهنا يتوجب علي ان اقول ايضاً ومن دون ان يفقدوا ايمانهم ايضاً" . ويختتم فيسك المقابلة الصحفية هذه بالقول :" في مرحلة معينة فان القوى التي تقف خلف الانتفاضة ، التمرد ، المقاومة ،الارهابيين ، سمها ما شئت ، سوف تتحرك في المكان لتسيطر على البلاد ، ومن المحتمل انهم سيفعلون ذلك".
فيسك يبدد كل امل امريكي بريطاني بالانتصارن ويقول ان حرب تحرير العراق ستنتهي حتما بانتصار المقاومة وستهزم امريكا لا محالة ، بل انه يتوقع ان تفاوض امريكا المقاومة للوصول الى حل يحفظ ماء وجهها . ودخل كولن باول على خط الاعتراف بالهزيمة ، حين قال يوم 13-1- 2005 انه يرغب ان يرى القوات الامريكية تغادر العراق بالسرعة الممكنة ، لكن قوة التمرد لا تسمح لادارة بوش بوضع اطار زمني للانسحاب هذا العام .

كولن باول ، وهو يتحدث كوزير للخارجية ، يكتم ويناور في كلامه ، لكن المعنى الطاغي بالغ الوضوح : الانسحاب السريع ضرورة تتم مناقشتها على اعلى المستويات . ودخل ، بعد اجراء لعبة الانتخابات ، على الخظ واحد من اكبر كتاب امريكا المخضرمين : وليم بفاف ، الذي كرر ، بوضوح ودون لف او دوران، ما قاله فيسك : ان المقاومة العراقية (هكذا اسماها ولم يقل المتمردين ) هي التي تمتلك المبادرة الستراتيجية والتكتيكية العسكرية في ذلك البلد . فحسم الامر ووضع الادارة الامريكية ، امام راي عام ، اخذ يتململ ويقلق من تورط امريكا في مستنقع العراق .

واعترفت صحيفة الغارديان البريطانية ، يوم 18-1- 2005 ، بان المقاومين ينصبون نقاط تفتيشهم في كافة المناطق. وهذا اعتراف واضح بان السيطرة على المدن هي للمقاومة وليس لقوات الاحتلال ، كما انه تكرار لاعترافات امريكية سابقة بأن عدد الهجمات في كافة أنحاء البلاد يبلغ متوسطه حوالي ثمانين هجمة في اليوم الواحد ، حسب قولها. واعاد ادوارد كنيدي السيناتور الديمقراطي البالغ من العمر 72 عاما ، التأكيد: " لن أتراجع عن وجهة نظري القائلة أن العراق هو فيتنام جورج دبليو بوش ، مضيفاً: أن الإدارة قد انحرفت عن ملاحقة أسامة بن لادن وفضلت الخيار المدمر لتورط القوات الأمريكية في مستنقع لا نهاية له في العراق". اذن كنيدي يعرف ، ويعترف بان التورط الامريكي في العراق هو خيار مدمر .

ووصل الاحساس بمراة هزيمة امريكا في العراق ، الى حد تراجع احد اشد داعمي الحرب على العراق واحد المنتمين للحزب الجمهوري الحاكم، بل ومن أقدم المتمرسين المخضرمين في قياداته ، حيث أعيد أنتخابه لعشر مرات متتاليه كنائب جمهوري في مجلس النواب الأمريكي، فالنائب (هوارد كوبل) رغم أعترافة بتأييده لبوش في حربه العدوانية ، وغزوه للعراق، نراه يتراجع عن ذلك الدعم محتجا بعدم وجود خطة واضحة لأدارة بوش لما بعد الغزو والأحتلال! ولكن السبب الحقيقي يتضح جليا من خلال قوله : اشعر بالمرض والارهاق كلما قرات في صحف الصباح عن مقتل 5 او عشرة من جنودنا في العراق ، واضاف ملخصا مطالبه : ان الانسحاب من العراق يجب ان يدخل في الحسبان (اسوشيتد بريس 9-1-2005 ) .
وكان سناتور اخر اشد وضوحا من السابق ، اذ نصح 'جيم ليتش' ، العضو المخضرم بمجلس النواب الأمريكي، حكومة واشنطن بأن انتهاء الانتخابات العراقية يعد إيذانًا بالانسحاب الفوري للقوات الأمريكية؛ حتى لا تظهر الولايات المتحدة الأمريكية كأنها تنوي احتلال العراق لفترة طويلة الأجل.
وحسب وكالة إسوشيتد برس أضاف ليتش: إنه ينبغي علينا الآن بعد أن أجرينا [الانتخابات الديمقراطية] أن ننسحب بشكل رمزي ، هذه نصيحتي.
وشدد النائب الجمهوري ،عن ولاية أيوا الأمريكية ،على أن الولايات المتحدة لا بد أن تضع عمليات الانسحاب في حسبانها، في الوقت الذي تتقدم فيه نحو [الديمقراطية] في العراق، وقال : إن الوجود الأمريكي هناك سوف يأتي بنتائج عكسية ، وأكد ليتش على ضرورة إعداد بلاده أجندة للانسحاب، مشبهًا بقاء قوات الاحتلال الأمريكية بالعراق بالمغناطيس الذي يجذب المشكلات ويرسخ لحالة من عدم الاستقرار بالمنطقة.
ويعد 'جيم ليتش' واحدًا من الخبراء الأمريكيين المعدودين، داخل الولايات المتحدة ، في قضايا السياسة الخارجية ، حيث أمضى نحو ثلاثين عامًا داخل الكونجرس، ويتوقع أن يكون لتعليقاته وقع مسموع في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العراق.
وهاجم النائب الجمهوري آراء بعض المحافظين في الإدارة الأمريكية والذين يرون بقاء قوات الاحتلال الأمريكية لفترة طويلة الأمد وتأسيس قاعدة أمريكية بالمنطقة للعمل على تصدير (الديمقراطية) إلى كافة أنحاء الشرق الأوسط .
وقال 'ليتش': أعتقد هذا مثل هذا المنطق الضعيف ينبغي أن يطرح جانبًا لأننا إذا فكرنا في ذلك، فسوف نجلب الحزن العميق لبلادنا، والحزن الأعمق حول العالم.

وفي مقال نشره موقع البصرة للسيد محمد الخولي ( 20-1- 2005 ) يعرض فيه ما ركزت عليه مجلة الفورن افيرز، الاكاديمية المهمة جدا بالنسبة لصناع القرار الامريكي ، في ثلاثة اعداد متنالية ، وهو ضرورة الانسحاب من العراق ، لان النتيجة الحتمية للبقاء فيه هي العجز عن تحقيق النصر . يقول السيد الخولي : فلاعجب ان تنشر فورن أفيرز ايضا عدد نوفمبر/ديسمبر 2004 مساجلة فكرية تختار بعنوانها سؤالا يمكن ترجمته علي النحو التالي:
- هل أصبح العراق هو سكة الندامة أو مشوار الخسارة ، لا يعود منه المرء سوي بخفي حنين ؟
وربما جاءت مثل هذه التساؤلات ، تمهيدا لاحدث دراسة نشرتها في الموضوع ،هي تلك التي المحنا اليها عن أن العراق حرب لا سبيل إلي الفوز فيها.
كاتب الدراسة الأحدث، المنتمية كما اسلفنا إلي مؤسسة راند،وهي من اهم مراكز البحوث المؤثرة في صنع القرار، يسهل موضوعه قائلا: ان عملية الانتخابات الرئاسية في نوفمبر الماضي أدت إلي تأجيل الحوار القومي الجاد المسئول بشأن تطورات الأمور في العراق، وما اذا كانت واشنطن قد دفعت بقواتها البشرية وبموارد وعناصر مجهودها الحربي إلي حيث تخوض - بكلمات صاحب الدراسة - في بوادي صحراء من الرمال الناعمة الخادعة التي تسوخ فيها الاقدام، أو في اغوار مستنقع من مياه الاحراش والأدغال.. والمعني انه مكتوب عليها في الحالتين أما ان تغوص إلي حد الاختناق في رمال الصحراء أو الي حد الاسفكسيا غرقا في مياه المستنقع.
الكاتب الأمريكي يستخدم للمعني الأخير كلمة كواغماير وهي مصطلح يثير مواجع تاريخية في البنية النفسية الأمريكية من ايام ورطة فيتنام.

يقول الخولي : يؤكد جيمس دوبنز علي انه لم يبق أمام واشنطن سوى واحد من خيارين بغير ثالث وهما:
إما أن تبقي في العراق فلا يؤدي ذلك سوي إلي اتساع نطاق المقاومة ضدها ومزيد من شراستها ، حرفيا:( زيادة وحشيتها) ، وإما ان تخرج من العراق وقد يؤدي ذلك إلي حرب اهلية وانهيار ودمار واسع النطاق. ويخلص من ذلك إلي أن يقول:

- يبدو أن الرئيس بوش قد بقي امامه أن يختار بين ان يزيد الامور سوءاً ببطء.. أو يزيدها سوءاً بسرعة.
ثم يضيف مسئول راند قائلا:
- من هنا فالحكمة مطلوبة واولي خطوات الحكمة هي التسليم بان الحرب الدائرة في العراق لايمكن للولايات المتحدة أن تكسبها.. ذلك لان واشنطن خسرت ثقة العراقيين ورضاءهم ومن المستبعد أن تكسب هذا الرضا أو تستعيد تلك الثقة.. وقد جاء ذلك نتيجة خطأ الحسابات منذ البداية فضلا عن سوء التخطيط وقصور الاستعدادات.

وفي يوم 16 -1- 2005 أكدت صحيفة 'صنداي هيرالد' أن عددًا من كبار القادة العسكريين الأمريكيين قد اعترفوا أخيرًا بأنهم قد أخفقوا في تقدير إمكانيات المقاومة العراقية، مؤكدين على أنهم يواجهون في العراق مقاومة منظمة ذات مستوى تدريبي عالٍ.
وأشارت الصحيفة إلى إن الهجمات التي تشنها المقاومة ما زالت مستمرة في كامل قوتها.
وكان القادة الأمريكيون قد جادلوا أكثر من مرة خلال الشهور الماضية بشأن سيطرتهم على الموقف في العراق، إلا أنهم مع تزايد الهجمات المنظمة للمقاومة فإنهم قد اعترفوا بأنهم لا يواجهون مجموعة من 'الراغبين في الموت' بل يواجهون حركة من المقاومة المنظمة المدربة على مستوى رفيع، والتي تضم نحو ربع مليون مقاتل، قادرين على شن هجمات 'مذهلة' قبيل نحو أسبوعين من موعد الانتخابات المقررة، وهو ما قد أكده ضابط كبير بالجيش الأمريكي في حديث له مع 'صنداي هيرالد'، أوضح خلاله أن قوات الاحتلال تفقد المعركة في العراق، وأن تلك الحرب ربما لن يتحقق فيها النصر أبدًا، على حد تعبيره.
وقد أكد الضابط الأمريكي كذلك على حتمية فشل المعركة مفسرًا ذلك قائلاً: 'إننا قد فشلنا في فرض سلطتنا، واكتساب ثقة العراقيين المحليين بنا في العديد من أجزاء العراق، الأمر الذي حدا بالعراقيين لتأييد المقاومين كأفضل رهان لهم'.
ان هذه الاعترافات لم تأتي عرضا ، ولا نتيجة رأي فردي لقائد عسكري ، لان العسكر غير مسموح لهم بالادلاء بتصريحات كهذه محبطة للعزائم ، بل هي تسريب منظم يراد به تهيئة الراي العام لتقبل موقف لن يكون غير الانسحاب .
وبسبب هذا القرار الواضح بالانسحاب ، وضعت خطة لاعداد ما يسمى بـــ ( الجيش العراقي الجديد ) ليحل محل الامريكيين في تحمل ضربات المقاومة ، لكن المصادر الامريكية اكتشفت شيئأ اخرا ، فقد قال الجنرال ديفيد بتراوس ، المسؤول عن تدريب القوات العراقية ، ان قوات الامن العراقية اصيبت بخوف شديد نتيجة هجمات المقاومة العراقية ، وقال ان هناك 136 الف جندي عراقي اعدوا للقتال ، لكنها لا تقوم بواجباتها القتالية ، وان من بين هذه القوات لا تقاتل سوى كتائب لا تتجاوز اصابع اليد ، من مجموع يبلغ 88 كتيبة . وفسر بول ولفووتز ، نائب وزير الدفاع الامريكي، ذلك بقوله ان الجنود يهربون من الخدمة . لذلك فان خطة حعل القوات العراقية درعا بشريا يحمي القوات الامريكية من الموت ، قد فشلت ، ولم يعد هناك من خيارلدى القوات الامريكية سوى الاستمرار بمقاتلة المقاومة ، وهو وضع يقود الى ما لا تستطيع امريكا تحمله ، اي الاستنزاف البشري والمادي ، وهو المعيار الاساسي بالنسبة لامريكا فيما يتعلق بمواصلة الحرب ، او اية سياسة ، او التخلي عنها ، فاذا زادت الخسائر على المكاسب يصبح حتميا تغيير السياسية الامريكية .

وتأكيدا لما سبق من اعترافات ، وفي تطور جديد وسريع على الساحة العراقية، بعد اجراء الانتخابات الصورية ، قامت قوات الاحتلال الأمريكية بسحب 25 ألف جندي من قواتها المتمركزة في العراق، وفق ما أكده مراسل مفكرة الإسلام في مدينة البصرة يوم 6- 2 – 2005 الذي قال ان ميناء البصرة وقاعدة البصرة الجوية التي يستخدمها الاحتلال كقاعدة له، شهدت خروج أكثر من 65 طائرة نقل عسكرية، وأكثر من أربعين باخرة أمريكية تحمل على متنها جنود الاحتلال الأمريكي في طريقهم إلى الكويت، وأن عمليات الخروج بدأت منذ الساعة الواحدة ليلة السبت.
وفي تصريح لمراسلي بعض الصحف في البصرة قال السيد كمال البصري المسئول الاداري في ميناء ام قصر: إن القوات الأمريكية سحبت 25 ألف جندي من قواتها المتمركزة في العراق. وأضاف: تم سحب هؤلاء الجنود الأ مريكيين، وبعضهم ممن أصيب بحالات نفسية مثل الهستريا والأرق، مما جعل جيش الاحتلال
الأمريكي يسقطهم من حساباته العسكرية.

ما الذي يعنيه كل ذلك ؟ وما ذا يترتب عليه عمليا ؟ الجواب قدمته كوندليزا رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي يوم الثلاثاء 18- 2- 2005 قبل ان تتسلم منصب وزيرة الخارجية : إن على الولايات المتحدة استخدام الدبلوماسية خلال ولاية الرئيس بوش الثانية. وقالت رايس، خلال إدلائها بشهادتها أمام مجلس الشيوخ، بصفتها مرشحة لمنصب وزير الخارجية : يجب علينا استخدام الدبلوماسية الأمريكية للمساعدة في خلق نوع من توازن القوى في العالم. واضافت : إن وقت الدبلوماسية هو الوقت الحاضر! أن الدبلوماسية الأمريكية يجب أن تبني نظامًا دوليًا يقوم على قيمنا المشتركة وسيادة القانون! وحول اتباع إدارة الرئيس بوش لسياسة أحادية الجانب في العراق وغيرها من دول العالم بغض النظر عن ا لرأي العالمي، قالت رايس : أن تفاعل الولايات المتحدة مع دول العالم الأخرى ينبغي أن يقوم على الحوار وليس على فرض إملاءات من جانب واحد !
ما قالته رايس هو ، وبحق، انقلاب واضح على سياسة التفرد الامريكي ، التي تبنتها ادارة بوش منذ احداث 11 سبتمبر ، والتي دفعتها لرفض اي دورمستقل ورئيسي للامم المتحدة واوربا وروسيا والصين ، بل ان كولن باول وصف اوربا الغربية بانها اوربا القديمة ، اما بوش فقد هدد الامم المتحدة حينما قال : اذا لم تتبعي سياستنا فسوف تصبحين بلا دور ! وكان الخلاف الرئيسي بين هذه الاطراف وامريكا هو الاصرار على ستراتيجية الضربات الاستباقية ، في حل المشاكل الدولية ، والرفض الامريكي لاي دور فعال لهذه الاطراف في حل القضايا الدوليةالشائكة ، وتعمد امريكا ان لا يكون للامم المتحدة اي دور فعال الا تحت مظلتها .

في هذه الشهادة تنقلب ادارة بوش على سياستها ! وتقترب من الطرح الاوربي – الروسي – الصيني ! فما الذي حدث واجبر امريكا على ذلك ؟ انه العراق ومقاومته العظيمة ، التي القت امريكا كلها ، وليس ادارة بوش وحدها، في اليم العراقي المهلك والمغرق ، لذلك لم يكن امام امريكا من خيار سوى التراجع عن سياسة الانفراد والهيمنةالمنفردة ، كي تحصل على دعم دولي فعال لها في العراق ، ليس للبقاء فيه ، فهذا يعني الانتحار لها ولمن يتورط معها في دخول العراق ، بل لمساعدتها على الانسحاب منه بطريقة تحفظ ماء الوجه .

كابوس العراق

هؤلاء جميعا يتحدثون عن شيئ واحد ، وان اختلفت التعابير : يجب ان ننسحب من العراق قبل ان نزداد تورطا فيه . وبطبيعة الحال ان هيمنة هاجس ، بل لنقل لاجل الدقة في التعبير ، كابوس العراق ، على امريكا الرسمية والشعبية ، قد دفع الادارة الامريكية عقب معركة الفلوجة الاولى ، في نيسان – ابريل الماضي ، الى اتخاذ قرار حاسم ، وهو الانسحاب من العراق ، وترك تحديد وقته للجنرالات ، بالتنسيق مع الادارة . وهذه حقيقة كتبت عنها ، وكررتها ، في مقالات ودراسات ومحاضرات ، نشرت في مواقع انترنيت عديدة، في مقدمتها موقع البصرة ودورية العراق منذ نيسان – ابريل الماضي ،اي قبل ان يعترف هؤلاء بالامر الواقع ، ومن تلك المقالات :( اذا الفلوجة توقدت واذا الثورة ارعدت )، و (هل أكملت أميركا استعدادات الهروب من العراق؟)، و(هل ستدخل حرب تحرير العراق مرحلتها الرابعة ؟) و(الثورة العراقية تسقط اوهام المخمورين) و(معركة الفلوجة : من وقع في الفخ؟ المقاومة؟ ام امريكا؟)،و(وعراق ما بعد التحرير: كيف سيكون؟)
و(ملاحظات سريعة حول معركة الفلوجة واعلان الطوارئ)، كما نشرت صحف عربية تاكيدي ان امريكا هزمت وقررت الرحيل ، مثل الاهالي المصرية (السياسي والباحث العراقي صلاح المختار:المقاومة مستمرة و أكثر تنظيما وإصراراً علي كسب المعركة) ، والشروق التونسية (صلاح المختار: المقاومون استخدموا دبابات أمريكية في معارك الفلوجة) و(السياسي العراقي صلاح المختار:الاحتلال الأمريكي وصل مرحلة الإعياء والعجز والانهيار صار وشيكا)، والوحدة الاردنية( امريكا ما قبل العراق وامريكا ما بعد العراق)، والمواطن (ها ولاتي ) الكردية العراقية التي تصدر في المنطقة الكردية المتمردة ،( صلاح ا لمختار : انصح القيادات الكردية بالالتحاق بالثورة المسلحة) وغيرها .

نعم ان امريكا قد قررت الانسحاب من العراق ، لتجنب تعرضها الحتمي لكارثة الانهيار التام لمشروعها الكوني الامبراطوري ، بعد ان صار ارنب في جزر القمر يتحدى امريكا ، دون خوف او خرف ، نتيجة هزائمها المريرة والكثيرة في العراق ، والنجاح الباهر للمقاومة العراقية في السيطرة الفعلية على اغلب مدن وقرى العراق .

خيار ما قبل الانسحاب

ان السبب الجوهري لاتخاذ قرار الانسحاب هذا ، هو انقلاب كفتي ميزان الربح والخسارة ، فبدلا من ان تجد امريكا في العراق مزرعة تنتج يوميا الالاف من الخراف السمينة ( النفط ) ، اصبح ( اي العراق ) اكبر مجزرة ( قصابة ) لامريكا وجنودها واموالها وسمعتها واحلامها العتيقة ! ورغم كل البدائل والسيناريوهات التي وضعت لايقاف الانتشار السريع للثورة المسلحة في العراق ، فان المقاومة بقيت تنتشر ، وفق معادلة هندسية غير ( مرتدة ) ، كما يفضل المناضل كاتب بيانات الحزب في العراق ان يقول ، ولا يمكن ايقافها . من هنا رأينا ادارة بوش تلجأ الى خيار ما قبل الانهيار الحاسم ، وهو اجراء انتخابات تعرف جيدا انها لن تكون الا مزورة وغير شرعية ، من اجل تحقيق هدفين جوهريين ، من بين اهداف اخرى ، وهما : هدف فبركة حكومة تتمتع شكليا بالشرعية ، كي توقع معها اتفاقيات عسكرية وامنية واقتصادية ، بعيدة المدى ( ربع قرن على الاقل ) ، يتم بموجبها تسليم النفط العراقي لشركات امريكية ، وتقام قواعد عسكرية امريكية خارج المدن ، لضمان تنفيذ هذه الاتفاقيات .

اما الهدف الثاني فهو تهيئة العراق للتقسيم ، عبر فبركة شرعية دستورية تضفى على احزاب وكتل ومرجعيات، لاجل انشاء فدراليات في الجنوب والوسط والشمال ، يراد منها ان تدافع بالسلاح عنها (الفدراليات )، والتي تعني تقسيم العراق واقعيا ، حتى لو بقي موحدا شكليا ، لانها تنقل السلطة من المركز(العاصمة ) ، الى الاطراف ( الفدراليات ) . ففي اللحظة التي يفشل فيه سيناريو ما قبل الانهيار ، الذي ذكرنا اسسه ، تعطي امريكا اشارة البدء باستقلال الفدراليات ، ومحو اسم العراق من الخارطة . ان الاصرار الامريكي على اجراء الانتخابات ، رغم ان كل الظروف مجافية ، يستبطن الحقائق المشار اليها اعلاه ، واهمها الادراك الحاسم، لحقيقة ان بقاء امريكا مشتبكة ، في حرب دامية وباهضة التكاليف مستحيل .

اين تكمن الشرعية العراقية ؟

لئن كنا قد ركزنا على ما تفكر فيه امريكا ، وما قررته وما فعلته ، فلاننا كنا نريد ان نمهد لمناقشة خيار الشعب العراقي التاريخي، في مواجهة خطط الصهيونية الامريكية . ولعل من اهم ما يجب التذكير به هو ان ( الغطاء لشرعي ) ، اي الانتخابات ، الذي لجأت اليه امريكا هو ، في الواقع ، خال من اي شرعية ، لان الاحتلال عمل غير شرعي ، وفقا للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة ، ولذلك تفرض القاعدة القانونية المعروفة : ( ما قام على باطل فهو باطل ) نفسها ، وتزيح ما عداها . ومن يظن ان صدور قرار من مجلس الامن كاف لشرعنة احتلال العراق ، واهم تماما ، لان الميثاق والقانون الدولي قاما ، اصلا ، على قاعدة سيادة الدولة القومية ، لذلك فهما لاستطيعان تشريع ما ينقض اساسهما ، اي منح الشرعية لاحتلال دولة ذات سيادة .
يضاف الى ذلك ان ما جرى في العراق ، تحت يافطة الانتخابات ، كان محض تزوير فاضح لم يسبق ان جرى مثله من قبل على الاطلاق . فالمواطن لايعرف اسماء المرشحين لانهم سريين ! ومراكز الاقتراع سرية هي الاخرى ! وجرت عملية منح اكثر من مليون من غير العراقيين بطاقات الاحوال المدنية العراقية المزورة ( هوية المواطنة العراقية ) ! بعد ان احرقت عمدا كل وثائق الاحوال المدنية من قبل عصابات الاحتلال ، وانشأ الاحتلال ، وليس الامم المتحدة ، ما سي ب( المفوضية العليا للانتخابات ) ، والتي ضمت الاف العراقيين والاجانب من انصار الاحتلال ، لتشرف على الانتخابات، ( حاميها حراميها ) ، كما يقول المثل العراقي !
اكثر من ذلك لقد منع الاعلام من تصوير مشاهد الانتخابات ، وسمح فقط بتصوير خمسة مراكز منتقاة بعناية ، ومع ذلك ظهر الرقم الحقيقي للمشاركين وكان متدنيا بشكل هائل . واستخدم التهديد بسحب البطاقة التموينية ، وهي الوسيلة الرئيسية لحصول المواطن على غذاءه ، من الذي لا يصوت ! ومنحت مكافأت لمن يشارك تتراوح بين 50 – 100 دولار ، وهددت عوائل كثيرة بالقتل ان هي لم تشارك في الانتخابات ....الخ .

ورغم هذه الفبركات والتزويرات ، فان نسبة من سجلوا في خارج العراق وداخله ، فعليا ، لم يتجاوز 20% من مجموع من يحق لهم الانتخاب ، وطبقا للمصادر العميلة للاحتلال فان من ادلى بصوته من هذه النسبة لم يتجاوز 80 % ، لذلك ، وحتى لو افترضنا نزاهة الانتخابات ، لا يحق لاقل من 20 % من السكان تقرير مصير الشعب والوطن . وهنا يجب ان نستثني المنطقة الكردية من هذه الارقام.
نأتي الان الى النقطة المركزية وهي: من يمثل الشعب العراقي ؟ ان من يظن ان الشعب العراقي ليس له ممثل حاليا واهم تماما ، فالتمثيل ، اساسا ، هو قدرة تتولد من دعم الشعب ، وقد يعبر عنها من خلال الانتخابات ، لكنها تصبح مستحيلة في ظل الاحتلال وسلب ارادة الشعب ، فيعبر عنها بطريقة اخرى اكثر دقة وصدقا من الانتخابات ، وهي دعم المقاومة المسلحة ، او الاشتراك فيها . فالشعب ، وقد وجد نفسه عرضة لكل انواع الاذلال والقتل وانهب ، يلجأ الى المقاومة المسلحة ، كتعبير شرعي عن حقه في الحياة الحرة الكريمة ، ومن ثم فأن الشرعية الثورية للمقاومة تصبح هي الشرعية الوحيدة التي يصنعها الشعب ، ويمنحها لمن يفتدي الوطن بروحه ودمه ،لان الوطن ليس فندقا يستخدم للراحة ، ويؤكل عند الجوع ، كما فعل من افتى بعدم مقاومة الاحتلال.

وهذه الحقيقة برزت ، وتبلورت ، وفرضت نفسها في كل حروب التحرير ، مثل التي دارت في الجزائر وفيتنام وكوبا والصين وغيرها . والسبب في ذلك معروف ، وهو ان القانون الاساسي لنجاح اي ثورة مسلحة ، هو حتمية دعم اغلبية الشعب لها ، وقد عبر عن ذلك بالمقولة المشهورة : ( ان الشعب هو الماء الذي تسبح فيه سمكة المقاومة المضادة للاحتلال ) . فبدون الماء تموت السمكة ، وبدون الدعم الشعبي للمقاومة تموت الاخيرة . ويترتب على هذه الحقيقة حقيقة اخرى ، وهي ان انتشار المقاومة ، بعد تثبيت اركانها ، والفشل في القضاء عليها ، يعني ، ويؤكد ان الشعب يدعمها ، ويغذيها ، ويحميها . من هنا فان الشرعية ، في ظل الاحتلال ،لا تتجسد الا في المقاومة المسلحة ، وما عداها هوامش وملحقات ، من يرتبط منها بالمقاومة المسلحة ، كامتداد لها ، يكتسب الشرعية ، ومن يناهض المقاومة يعجز عن اكتساب اي صفة شرعية ، حتى لو تمتع بدعم شعبي جزئي .

في ضوء ما تقدم ، نفهم بوضوح امرين مهمين جدا : الاول هو لم كانت حركات المقاومة والتحرير توصف بانها ( الممثل اشرعي والوحيد للشعب ) ، والثاني هو ان المقاومة العراقية المسلحة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي ،خصوصا لانها تمسك فعليا بارض العراق ، ونجحت في جعل الاستعمار الامريكي يتقيأ دما ويقرر الانسحاب . ولذلك لا مجال لبروز شرعيتين في العراق على الاطلاق . والانتخابات ، بما ستفرزه من ( شرعية زائفة ) ، سوف لن تستطيع تغيير مجرى الاحداث في العراق ، وستبقى الشرعية الوحيدة هي شرعية البندقية المقاتلة ، المدعومة من قبل الاغلبية الساحقة من العراقيين .

لماذا ستهرب امريكا ؟

ان التخطيط للانسحاب من المدن ، بعد تعزيز ما سمي ب ( الحرس الوطني ) ، والتمركز في في مناطق نائية ، لتجنب الاشتباك مع المقاومة ، وهو الخطر الاعظم على امريكا ، لن ينجح ابدا ، فالمقاومة المسلحة لم تكن نتاج رد فعل على الغزو ، بل كانت ثمرة تخطيط واعداد قديمين يعودان الى عام 1990 ، ووضعت خطتها النهائية قبل عامين من الغزو ، ومن المؤكد ان من بين البدائل القتالية ،التي حددت ووضعت، هي ضمانات نجاحها في مقاتلة الاحتلال الامريكي بعد انسحابه من المدن الى مناطق نائية .
ان الخطة الاساسيةللمقاومة ، في هذا المجال، هي الاستمرار في تحطيم اي محاولة لبناء جيش عميل ، وهي خطة نجحت بشكل تام ، وتؤكد كل التصريحات الامريكية وواقع الحال في العراق ، انه لن يكون ممكنا على الاطلاق انشاء جيش عميل مؤثر ، ما دام الجيش العراقي الوطني والشرعي يشكل عماد المقاومة المسلحة وقوتها الضاربة . وهذا الواقع سيتكرس بشكل حاسم في الاسابيع القادمة ، من خلال تعزيز سيطرة المقاومة على المدن ، ومنع بروز اي تكتل او قوة ، تمد حبل انقاذ للاحتلال ، وبذلك يوضع الاحتلال امام خيارين احلاهما مر : بقاء قوات الاحتلال خارج المدن وتجنب دخولها ، وذلك خيار يعني عمليا اعلان المقاومة حكومتها الثورية واسقاط كل الاتفاقيات والمعاهدات ، فتوضع امريكا امام تحديات بالغة الخطورة ، او العودة الى المدن لمقاتلة المقاومة ، وهذا هو بالضبط ما تريده القيادة المركزية للمقاومة ، لاجل مواصلة استنزاف امريكا بشريا وماديا، ودفعها للسقوط والانهيار ، كما حصل للاتحاد السوفيتي ، بعد ان عجز عن تحمل عوامل التفكك فيه
.
واخيرا لابد ان نشير الى ان المقاومة تملك الامكانيات الكاملة لجعل المعسكرات والقواعد الامريكية خارج المدن في جحيم دائم ، من خلال العمليات الاستشهادية من جهة ، والقصف الصاروخي الكثيف والدائم والمهلك ، من جهة ثانية . لذلك لا يبقى اي خيار امام امريكا سوى اثنين : الهزيمة المذلة والمهينة ، او الهزيمة المنظمة .
والان هل عرفتم لم اختار رامزفيلد صمت الخرفان وتوقف عن الثغاء، فحرمنا، وحرم العالم معنا، من رطانته ؟


salahalmukhtar@hotmail.com
للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــد

خسائر العراق والنهب السرقة لثرواته جراء العدوان الاميركي والاحتلال


المخططات الاميركية لاستنزاف ثروات العراق وسرقة امواله ..ارقام وحقائق


الجزء الثالث

((خسائر العراق والنهب السرقة لثرواته جراء العدوان الاميركي والاحتلال))


محمد القيسي

قبل الخوض في تفاصيل الخسائر التي تكبدها العراق وعمليات النهب السرقة لثرواته التي تعرض لها جراء العدوان الانكلوـ اميركي ومن ثم الاحتلال لابد من التطرق الى بعض الحقائق المهمة عن طبيعة ادارة الاقتصاد العراقي خلال فترة الحصار وما قبل نشوب هذه الحرب العدوانية وهي :
1 ـ منذ عام 1986 الذي انخفضت فيه اسعار النفط بشكل حاد الى اقل من النصف تقريبا وانعكاسه المؤثر على الاقتصاد العراقي المتأزم بسبب ظروف الحرب الطويلة مع ايران , و انخفاض سعر الدولار الاميركي المتزامن مع احتلال القوات الايرانية لشبه جزيرة الفاو العراقية , وفي اطار سياسية الاقتصاد التعبوي الذي فرضته حالة الحرب ، فقد اتخذت القيادة العراقية عدة اجراءات الاهم من بينها هو ان يكون هناك حساب خاص يضع تحت تصرف القيادة السياسية يسمى حساب الدفعة الخاصة , كي يعتبر معين استراتيجي تحت تصرفها للحالات الطارئة القصوى وقد ابتداء بمبلغ 3 مليار دولار حول من البنك المركزي من عائدات النفط ومع مرور الوقت اعتمد ذلك سياق عام تحول الى مايسمى الحساب الخاص والذي كان يصل رصيده في بعض الاحيان الى الـ 10 مليار دولار , و الحقيقة انه كان يستخدم كمعين للقيادة في تلبية طواريء حالة الحرب ـالدفاع والامن والتجهيزات الطارئة ... الخ ـ كذلك كاداة من ادوات السيطرة على احتياطي استراتيجي يبقى خارج المتداول وفق الاجراءات الاعتيادية للاحتياطيات الرسمية للدولة لتلبية حاجة الانفاق العاجل طبقا لمنهج اقتصاديات الحرب , علما ان تلك الاموال كانت تحول بشكل رسمي من ارصدة البنك المركزي العراقي الى ذلك الحساب الخاص بموجب قيود مستندية رسمية وتسجل كقيد دائن على الموازنة الخاصة بالرئاسة التي كان تعد ذلك بشكل سري باشراف القيادة وبالتنسيق مع محافظية البنك المركزي وأن مثل هذا الاجراء تستوجبه سياسية التعبئة لبلد في حالة حرب واستهداف مباشر.
وللحقيقة لا بد ان نعترف ان هذا الاجراء كان ذو فائدة في كثير من الظروف الاستثنائية التي عاشها العراق رغم ان بعض الاختصاصيين لا يؤيدون ذلك حيث ان تمويل هذا الاحتياطي لم يظهر ضمن كشوفاتالحسابات القومية لاسباب تتعلق بالامن القومي للعراق "المهدد والمحاصر فيما بعد" وما له من تاثير على اجمالي عملية التخطيط الاقتصادي وتقييم اداء الاقتصاد الكلي، كون تمويل ذلك الحساب الخاص كان يتمتع باولوية خاصة ، ولابد ايضا من الاشارة الى ان هذا الاجراء قد استغل وخضع في احيان كثيرة للتبذير من قبل بعض الجهات القطاعية وخصوصا هيئة التصنيع العسكري إبان اشراف حسين كامل عليها .
وقد اعتمد هذا الاجراء كسياق عام في السنوات اللاحقة, الا انه في عام 1988 اصبح حساب الوديعة الخاصة بقسمين ، الاول و يبلغ رصيده من 2 الى 3 مليار يحتفظ به نقدا اجنبيا وذهبا لدى الرئاسة والتصرف به من قبل الرئاسة وحدها , كمعين استراتيجي لاغراض الطواريء الخاصة جدا .
والجزء الاخر هو حساب الوديعة الخاصة لدى البنك المركزي والتصرف به بموافقة الرئاسة أيضأ للاحتياجات الطارئة لقطاعات الدولة الحيوية كالدفاع ,التصنيع العسكري والقطاعات الصناعية المرتبطة به او ذات مساس مباشر بديمومة عمل الدولة في مرافقها الحيوية التي تخدم الحالة التعبوية او تلبية المتطلبات الدفاعية , الامن , واحيانا الطلبات الحكومية الملحة الواجب تلبيتها خارج السياقات المعتادة والتخصيصات المقررة بموجب خطط الموازنة العامة ، لكون العراق كان في حالة حرب مستمرة ، وقد استمر الحال هكذا طيلة السنوات اللاحقة وهكذا اصبح الامر يسير باتجاهين الاول ، الدولة وكيانها القائم على اساس التكيف مع الموارد المحدودة والمحددة لها بموجب الموازنة المالية الرسمية , و الثاني هو القيادة ومسوؤليتها في الحفاظ على ديمومة المتطلبات ذات الطابع التعبوي من خلال الاحتياطيات التي تحت اشرافها
وهذه هي حقيقة المبالغ التي وجدت في المقرات الرئاسية والمجمعات الخاصة و تم الاستحواذ عليها من قبل قوات الاحتلال حين دخولها الى بغداد ، وليس كما اشيع من ادعاءات باطلة ودعايات رخيصة بثها المحتلين واعوانهم بانها اموال الرئيس صدام حسين او افراد عائلته، وما تلك الادعاءات الا لتغطية الفصل الاجرامي للغزاة واعوانهم اللصوص في استباحة العراق وسرقة امواله .

2 ـ بسبب قرارات الحصار الجائر الذي فرضته الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها على العراق فلقد فقد الكثير بسبب عدم امكانية الاستفادة من ثرواته النفطية وبقية موارده وقدراته بسب ذلك الحصار ولم يتح له تصدير النفط إلا في عام 1996 طبقا لاتفاق النفط مقابل الغذاء الذي كان يحدد مقدار عائد التصدير وفقا لالية تسعير معينة وليس وفقا لكمية النفط المصدر( في البداية كان يسمح للعراق ببيع ما قيمته 2 مليار دولار من النفط كل ستة أشهر ثم عدل الى 5.26 مليار دولار كل ستة أشهر وفي كانون الأول/ديسمبر 1999، ألغى مجلس الأمن الحد الأقصى لهذا المبلغ). و يخصص ثلثي مبلغ العائد من أجل تلبية الحاجات الانسانية للشعب العراقي في الغذاء والدواء والمستلزمات الانسانية الاخرى والثلث الاخير لتسديد تعويضات حرب الخليج ونفقات لجان التفتيش التابعة للامم المتحدة ومكاتبها واعمالها في العراق ما فيها نفقات لجان التفتيش عن الاسلحة ، واعمال لجان البرنامج نفسه وكل ما يتعلق بالشأن العراقي في المنظمة الدولية والهيئات التابعة لها طبقا لنص القرار رقم 986 الذي أنشأ برنامج “النفط مقابل الغذاء” والذي اوجب تغطية مختلف أنشطة الأمم المتحدة المتصلة بالعراق من عائدات النفط العراقي (من المثير للسخرية ان منظمة الامم المتحدة كانت تغطي كلفة اي عمل فيه ذكر لاسم العراق مهما كان حجمه او نوعه من عوائد النفط العراقي حتى لو كان مجرد ورقة مطبوعة ورد فيها اسم العراق ، وقد وصل الامر بهم ان وفود دولية تسافر الى شتى بقاع الارض لاغراض لاتتعلق بالشان العراقي ولكنها تتطرق لامره في احاديث او مطبوعات فيتم في ضوء ذلك تحميل كل نفقات الوفد على حساب العراق !!! ) . وكان العراق يرصد كل ذلك ويقدم المذكرات الاحتجاجية ضد حالة التجاوزات والفساد الذي يلف تنفيذ هذا البرنامج في مجال الانفاق والتعاقد وتسديد التعويضات ونفقات الامم المتحدة وغيرها و لم تكن تلك الاحتجاجات تلقى اهتماما حقيقا غير الوعود والمماطلة من قبل المنظمة الدولية المحكومة بالخضوع للادارة الاميركية وحلفائها، حيث استمرت حالة الفساد هذه ما يقرب من سبعة أعوام من عمل البرنامج ، و الان فقط بداءت في هذه الايام تنتشر فضائحها حيث قرر كوفي أنان أمين عام الأمم المتحدة أخيرا أجراء التحقيقات مع المسئولين عن برنامج النفط مقابل الغذاء بعد ثبوت شواهد اختلاسات في أموال البرنامج في ضوء ماورد في تقرير رفعته الهيئة المحاسبية التابعة للأمم المتحدة !!! ، وستكشف الايام لاحقا أن الامم المتحدة والدول المعنية ضالعين بعمليات فساد واختلاسات خطيرة في هذا البرنامج على حساب العراق ومصلحة الشعب العراقي حيث يحاولون الان خلط الاوراق و ترويج بان حالة الفساد والتلاعب بامول هذا البرنامج تطال ايضا الدولة العراقية التي دمروها واحرقوا دوائرها واستحوذوا على كل وثائقها والحقيقة أن هذه الادعاءات تتناقض تماما مع الواقع والمنطق ايضا ، حيث ان العراق كان هو المتضرر الوحيد من اجراءات الحصار والنفط هو نفطه والاموال امواله .
المهم ان الامر الذي يخص بحثنا في هذا المجال هو انه و بسبب الشروط القاسية للجنة الـ 661 المكلفة باقرارعقود الاستيراد وفق برنامج النفط مقابل الغذاء فكثيرا ما كان يجري رفض المصادقة على عقود كثيرة بحجة ازدواجية الاستخدام ( اي للاغراض المدنية والعسكرية على حد سواء ) مما اعاق تلبية الكثير من الحاجات الاساسية للمجتمع والدولة .وهذا ما اوجد تراكما كبيرا في الارصدة المتحققة للعراق في حساب هذا البرنامج جراء تصدير النفط العراقي ،و لم يتمكن العراق من الاستفادة منها بسبب اجراءات وتعقيدات اليات اقرار العقود التي فرضتها لجنة 661 ، فقد دفع ذلك الحكومة العراقية الى اللجوء الى اسلوب اخر لتوفير الاموال اللازمة لتغطية هذه المتطلبات عن طريق تصدير النفط عبر الحدود والذي كانت تتراوح كمياته مابين 100 الى 200 الف برميل يوميا او يزيد احيانا وكان ذلك يجري خارج برنامج النفط مقابل الغذاء , ولكنها في الحقيقة ليست كميات منتظمة، بالاضافة الى تصدير منتجات نفطية كزيت الغاز ، كما فرضت الحكومة العراقية في كانون الثاني /ديسمبر 2000 ضريبة من 25-30 سنتا على البرميل الواحد من النفط المصدر ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء ، ومن خلال هذا الاجراء استطاعت الحكومة العراقية الحصول على اموال جيدة تمكنت من خلالها من بناء ارصدة تراكمية من النقد الاجنبي للدولة العراقية ولاغراض الحسابات الخاصة انفة الذكر وهي ( الحساب الخاص باشراف الرئاسة و حساب الوديعة الخاصة لدى البنك المركزي )
3 ـ في اطار استعداداتها واحتياطاتها لمواجهة التهديدات الاميركية بشن الحرب على العراق فان القيادة العراقية السابقة قد خططت لمواجهة حرب قد تدوم لمدة سنة على اقل تقدير ولذلك قامت بعد اجراءات على الصعيد التعبوي من بينها :
ـ تم ايداع أموال عراقية خاصة على حساب الوديعة الخاصة التي باشراف الرئاسة والوديعة الخاصة باشراف البنك المركزي في بنوك عربية وأجنبية في سوريا و الأردن و لبنان و روسيا البيضاء ، و تقدر هذه الاموال بحدود ثلاثة مليارات دولار ونصف لتلبية الحاجات الطارئة خلال فترة الحرب ، وتم ترتيب ايداع تلك الاموال بطريقة سرية تحافظ عائديتها حتى لاتتعرض للحجز أوالتجميد من قبل دول العدوان ، ولابد من الاشارة ان جميع تلك الدول ارسلت اشارات الى الاميركان تكشف عن قيام العراق ايداع اموال خاصة لديها حين راحت الادارة الاميركية تدق طبول الحرب على العراق وقد اعترف بذلك خوان زارات مساعد وزير الخزانة الأميركي "لمراقبة تمويل الارهاب والجرائم المالية" بان هذه الدول تعاونت مع الادارة الاميركية وبدأت تكشف عن اموال عراقية مودعة لديها عشية اندلاع الحرب !!!.

ـ تخزين كميات كبيرة من المواد الغذائية والسلع والمنتجات النفطية لتلبية احتياجات البلد و خلال فترة الحرب ، بحيث لا تكون مضطرة لاستيراد اية سلعة من الخارج خلال الستة اشهر الاولى من الاحتلال على اقل تقدير وفق التخطيط التعبوي المعتمد منذ ايام الحرب العراقية الايرانية .

رابعا ـ خسائر العراق بسبب الحرب العدوانية الاخيرة والاحتلال الانكلو اميركي الذي لازال مستمرا
ان الحرب الانكلو ـ اميركية التي شنت على العراق و اطاحت بدولته و ادت الى احتلاله , اسقطت خلالها الاف الاطنان من القنابل والمتفجرات لتدمير البنى التحتية للعراق و كافة المرافق العسكرية وشبه العسكرية والمنشاءات المدنية للدولة والمجتمع ولم تبقي منشاءة او مرفقا , مهما كان نوعة او حجمه لم تطاله تلك المتفجرات والقنابل التي كانت تقذف بهدف ان تلحق بها اكبر قدر ممكن من التدمير , من اجل تعطيلها بالكامل و اخراجها نهائيا من الخدمة , مضافا لذلك عمليات السلب والنهب والتخريب عقب دخول قوات الاحتلال الي بغداد والتي اتت على ما تبقى منها والتي كانت تجري تحت اعين قوات الاحتلال واحيانا تحت حمايتهم او بالتحريض منهم او من اعوانهم, كي يعود العراق الى الوراء سنوات عديدة , حيث اضحى لا يمتلك شيئا الا الخراب والدمار الذي عم جميع مرافقه ومنشاءته , واصبح في امس الحاجة الى المساعدة في شتى مجالات الحياة التي انتهت عند المواطن العراقي في نقطة صفر اخرى , كي تبداء معاناته من جديد.
لابد من تحديد الاثارالسلبية للاحتلال الأميركي على الاقتصاد العراقي بالارقام والحقائق وفقا للتقديرات الاولية التي يتداولها الخبراء العراقيين المعنيين في هذا المجال والمبنية على حجج ومعلومات و حسابات جرت في العراق والتي سنحاول تبيانها في الفقرات التالية :
ـ الخسائرالمباشرة ... لقد قدرت خسائر المباشرة للعراق جراء الحرب العدوانية والاحتلال بأكثر من أربعمائة وخمسين مليار دولار عدا عن الخسائر البشرية, ويشمل هذا الرقم كافة النفقات التي صرفت لبناء الجيش العراقي الذي تم حله بقرار لايمتلك اي شرعية , لاغراض التسليح والاعداد والتدريب وتلبية كافة احتياجاته ومتطلباته من الناحية البشرية والاسلحة والعتاد والمعدات وكذلك المنشاءات والمرافق العسكرية كمعاهد التدريب والمعسكرات والمطارات والمقرات والمصانع الحربية ومراكز الصيانة وكل المستلزمات والاجهزة الاخرى, وان كل ما نتج عن هذا الانفاق التراكمي المستمر لاغراض الجيش العراقي وعلى المصانع الحربية, قد تم تدميره بالكامل من قبل الاحتلال خلال الفترة الماضية, وان جزء مهم منها تم تقطيعه وبيعه على شكل خردة الى الدول المجاورة وباثمان بخسة جدا ذهبت عوائده الى الاحتلال مباشرة أو عبر متعاونين معه وتجار الحروب من مختلف الجنسيات الذين استولوا على تلك المعدات بدعم من الاحتلال , ويشمل ذلك كل مشتريات المعدات والاليات العسكرية والاسلحة الخفيفة والثقيلة و كذلك معدات المطارات و المصانع العسكرية وكل ما كان يشتريه العراق من العتاد عبر كل السنين الماضية ، ولاغرابة من قيام الاحتلال بذلك اذا علمنا بان الجنرال المتقاعد جاي غاردنر الذي عنيه الاحتلال في بداية الامر كمسؤول عن الادارة المدنية في العراق كان يعمل في السابق قبل مجيئه الى العراق في تجارة الاسلحة والمعدات العسكرية وقد سبق له وان عمل في "اسرائيل كمستشار لهذا الغرض . ويقدر الخبراء العراقيين بان تلك المعدات والاسلحة اذا ما بيعت كان يمكن أن تسترجع ما يزيد على مائة مليار دولار , ولكن حقيقة الذي جرى هو ان معظم الأسلحة كانت صالحة للاستخدام ,اما دمرت من قِبَل قوات الاحتلال او اخرجت عن طريق التهريب و بعلمها وبموافقتها التي منحت ايضا للمتعاونين لتقطيع اجزاءا كبيرة منها وبيعها كخردة والاستحواذ على عائدها من قبل المنتفعين من هذا النهب والسرقة المنهجية .
كذلك البنى التحتية للعراق التي تم تدميرها و تشمل خطوط الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية وخطوط مياه الشرب والصرف الصحي. المراكز الصحية والتعليمية،, محطات الري , الطرق والجسور و المباني و المصانع والمنشاءات الحكومية والمرافق العامة والمخازن الكبيرة والمستودعات , التی تم حرق الكثير منها وتدميرها والمختبرات الجامعية , وكذلك مراكز ومختبرات الابحاث العلمية تم تدميرها بالقصف و نهب وحرق المتبقي منها , وقد تم تدمير الخدمات الاساسية وقطاعي الزراعة والصناعة كليا , بالاضافة الى تدمير كميات هائلة من الخزين الاستراتيجي من مختلف المعدات والاجهزة والمستلزمات اللازمة لديمومة الحياة اليومية للدولة والمجتمع بكل نواحيها
واخيرا الثروة البشرية التي انفق عليها العراق الكثير من ألاموال في تكوين واعداد كفاءات علمية عراقية مدنية وعسكرية و كل ما يتعلق بعملية بناء الإنسان وتكوينه العلمي والمهني من نفقات دراسية وتدريبة في داخل العراق وخارجه , أُستقطعت من ثروة العراق، و من أموال الأجيال، هذه الثروة البشرية تم هدرها من خلال قرارات الطرد والاستبعاد والتسريح اوالغاء المؤسسات والادارات العراقية التي تعمل بها هذه الكفاءات والكوادر.. ناهيك عن عمليات التهجير الاجباري والقتل الذي تتعرض له هذه الثروة الوطنية .
بالاضافة الى الخسارة الفادحة التي لا تقدر بثمن والمتمثلة في الآثار والمتاحف والمخطوطات التي تحكي تاريخ العراق فهناك بعض التحف والمخطوطات تتعدى أسعارها ملايين الدولارات الى المليارات .


ـ الاموال العراقية المنهوبة و المهدورة .. وهي الاموال التي تم الاستحواذ عليها من قبل الادارة الاميركية وسلطات الاحتلال واتباعهم خلال ايام العدوان أوبعد دخولهم بغداد وفرض سيطرته على العراق وعلى موارده وامكاناته فيمكن اجمالها اليها وفقا لمايلي :
1 ـ اصدرت الادارة الاميركية في عام 2003 واثناء العمليات العسكرية على العراق قرارا بوضع اليد على الاموال العراقية الموجودة في مختلف انحاء العالم والتي اشرنا اليها انفا والبالغ حجمها اكثر من 13 مليار دولار ، ثم الحقته بقرارا اخر صدر عقب احتلال العراق سمح للولايات المتحدة بالاستيلاء على الاموال العراقية الموجودة داخل الولايات المتحدة ومصادرتها والبالغة اكثر من ثلاثة مليارات دولار واجازت الادارة الاميركية لنفسها التصرف باموال العراق المجمدة . حيث بدأت لاحقا تتسرب الانباء عن قيام الادارة الاميركية بالاستحواذ على الاموال العراقية المجمدة تباعا منها ما اعترف به بنك "يو بي إس" ثاني أكبر بنوك سويسرا في اذار 2003 عن قيامه بتحويل أرصدة عراقية لديه إلى الحكومة الأمريكية دون إذن من السلطات الرسمية . و لم يكشف البنك عن حجم هذه الأموال، في حين ان المتحدث باسمه "إكسل لانغر" ابلغ وكالة الأنباء السويسرية بأن مصادرة الأموال تأتي بعد أن جمدت الخزانة الأمريكية أرصدة العراق في 17 بنكا أمريكيًا، من بينها فرع "يو بي إس" في الولايات المتحدة.
وقد سبق للبنك المركزي السويسري وان اعلن عن وجود أرصدة التي تعود للحكومة العراقية مسجلة في عدد من البنوك السويسرية . ثم افشت النيويورك تايميز في تشرين الاول من عام 2003 بان الادراة الاميركية تمكنت من مصادرة مليار و700 مليون دولار اخرى من الارصدة العراقية المجمدة ، والحقيقة الثابتة انه بعد غياب الدولة العراقية الشرعية اصبح بمقدور الادارة الاميركية مصادرة كامل الاموال المجمدة والبالغ مجموعها 13 مليار دولار والتصرف بها دون حسيب او رقيب ، ويعتقد جميع الخبراء ان هذا الامر بات محسوما منذ اول ايام الاحتلال .

2 ـ وضعت سلطة الاحتلال يديها وبموافقة الامم المتحدة على الرصيد المتراكم لاموال برنامج النفط مقابل الغذاء والتي كانت تتوفر للعراق لغاية اذار 2003 والبالغة مبلغ 21 مليار دولار، هي الرصيد المتراكم في الحساب الخاص المفتوح في البنك الوطني الفرنسي فرع نيويورك لتنفيذ برنامج (النفط مقابل الغذاء) الذي بداء العمل به منذ عام 1996 , واصبحت هذه الاموال تحت سيطرة سلطة الاحتلال التي اضحت هي المسؤل الفعلي عن كل ما يتعلق بالعراق وامواله .
3 ـ منذ الأسابيع الأولى للاحتلال جمعت القوات الأمريكية فقط في بغداد ومن القصورالرئاسية والمجمعات الخاصة عدد من المليارات ، بلغ اجمالي ما اعلن عنه حوالي 6 مليارات دولار، كما انها استحوذت على ما قيمته 4 مليارات دولار هي ارصدة البنك المركزي العراقي وبقية المصارف العراقية من النقد الاجنبي.

4 ـ استحوذت الادارة الاميركية على الاموال العراقية المودعة في البنوك العربية والاجنبية على حساب الودائع الخاصة المشار اليها انفا فقد استطاعت ان تجمع حوالي مليارين من هذه الاموال وقد استقطعت بعض تلك الدول كسوريا والاردن جزءا من تلك الاموال مدعية ان ذلك تم لغرض تسديد التزامات معلقة على العراق !!. ومثال على ذلك ما صرحت به السفارة السورية في واشنطن ذلك، لـو كالة الصحافة "اسوشييتد برس" ، ان المبالغ العراقية الخاصة المودعة في سوريا هي 780 مليون دولار، وبقي منها 264 مليونا بعدما سويت مطالب بعض الدائنين السوريين الذين تدين لهم بغداد باموال. وان هناك طلبات لدائنين سوريين اخرين لا زات معلقة .وذلك الحال بالنسبة للاردن التي استقطعت اكثر من ثلاثمائة مليون دولار لحد الان تحت نفس الذريعة، متناسين تسوية الالتزامات المستحقة للعراق على هذه الدول حيث يجب ان تتم التسويات وفقا لاتفاقات وبروتكولات محددة باتفاق الطرفين ، و لم يشهد تاريخ العلاقات المالية والتجارية الدولية من قبل ان تجري تسوية الالتزامات المتقابلة بهذه الطريقة الشاذة التي لايمكن وصفها الا بكونها نوع من التسليب !!.
5 ـ لابد من ألتذكير مجددا بأن الاحتلال والمتعاونيين معه قد استحوذوا من جانب اخر , بعد الغاء للدولة العراقية واجهزتها المعنية وتدمير بنيتها , على كل الوثائق الرسمية والحسابات التفصيلية الخاصة بالالتزامات المالية للدولة العراقية ـ الموجودات والاصول والمطلوبات والمستحقات .. والاكيد اننا جميعا راْينا الدبابات الاميركية وهي تقصف وبشكل عنيف ومتعمد ابنية وزارة التخطيط التي تضم مكاتب الادارات المتخصصة والتي يحوي ارشيفها اهم الوثائق الاقتصادية وهكذا الحال بالنسبة لبقية الادارات الحكومية المعنية حيث تم تدميرها واحراقها بعد افراغها من الوثائق المهمة ، وقد تسربت الكثير من الاخبار عن مساومات ومفاوضات مع الدول المعنية للتلاعب بالالتزامات العراقية على الغير مقابل حصول المعنين على حصة من تلك الاموال ، ومن بين القائمين بهذا العمل المنافي لكل القيم والاعراف اشخاص مرتبطين بالاحتلال و مؤسسات مالية و حكومية ، وسنتناول ذلك لاحقا ، كما تم التلاعب من جهة اخرى بمقدار حجم الديون المترتبة على العراق لذات الاغراض الدنيئة .

لم تكتفي الادارة الاميركية بكل هذا الذي جرى على ايدي قواتها وسلطة التحالف التي اقامتها في العراق من عمليات نهب وتدمير، بل لقد تمكنت ومن خلال استخدامها لوسائل الضغط المعروفة التي تمارسها من استصدار قرارمجلس الامن المرقم 1483 ينص على أن مجلس الأمن يعترف بموجبه بمشروعية الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق، وهو إجراء غير مسبوق في التاريخ ، خاصة أن الحرب على العراق التي انتهت باحتلاله لم تكن مشروعة بنظر القانون الدولي، ولم تحضى حتى بموافقة مجلس الأمن , وقد نص هذا القرار على تشكيل صندوق لتنمية العراق وان الاموال في هذا الصندوق تصرف من قبل سلطة الاحتلال بالتشاور مع الحكومة الانتقالية وقد تضمن القرار أن يحصل صندوق التنمية المذكور على عائدات النفط العراقي في إطار الأسعار الدولية وقت البيع، ولكن دون أن يحدد الكميات أو السياسات النفطية للعراق، تلك التي تركها بيد سلطة الاحتلال, وهذ يعني أن واشنطن حصلت على النفط العراقي خارج إطار منظمة أوبك التي ينتمي إليها العراق، انه في الحقيقة يعني اعطاء الحرية للادارة الاميركية لتصرف بالثروة النفطية العراقية وعوائدها وبكل ما يتعلق بالسياسة النفطية لدولة العراق التي تم الغاء دورها.
وقد قامت السلطة المؤقتة لادارة العراق التي ترآسها السفيرالاميركي "بريمر" بفتح حساب لهذا الصندوق في البنك المركزي الاميركي فرع نيويورك ( خلافا لما نص عليه القرارأنف الذكر بان الحساب يجب ان يفتح في البنك المركزي العراقي ) تودع فيه اموال عائدات تصدير النفط العراق والاموال الاخرى التي يحصل عليها العراق المخصصة لاعادة الاعمار, حيث تدار كافة اعمال هذا الصندوق بسرية تامة من قبل الامريكان .
ورغم كل ما توفر من مبالغ اشير اليها اعلاه لم يتسنى للعراق الحصول على شيء من تلك الاموال عام 2003 , حيث ان السلع والبضائع والاغذية التي استأنفت تدفقها الى العراق في ذلك العام فهي جاءت في اطار تنفيذ صفقات كانت الحكومة العراقية السابقة قد تعاقدت عليها ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء حيث انها عقودا سنوية واجبة التنفيذ خلال الدورة السنوية الواحدة طبقا للسياقات المعمول بها في هذا البرنامج .

وقد كان يمكن للعراق ان يستفيد من امواله تلك سواءا المجمدة او المتراكمة في حساب النفط مقابل الغذاء وكذلك الاموال التي تم الاستحواذ عليها داخل العراق والودائع الخاصة في الخارج التي بلغ الاجمالي لها 46 مليار دولار , لاستخدامها في عمليات اعادة البناء والاعمار لو تسنى له الحصول عليها واعادتها الى العراق ، مع العلم ان هذا الاجمالي لا يتضمن الاموال المتحققة عن تصدير النفط والتي سنشير اليها لاحقا بفقرة خاصة .
وهنا لابد من الاشارة الى ان محافظ البنك المركزي بالوكالة فالح داود سلمان "بعد الاحتلال " وجه رسالة بهذا الصدد , بعيد الاحتلال, الى مجلس الامن والامانة العامة للامم المتحدة لاعادة تلك الاموال ولكنها لم تلقى اي صدى اواستجابة او حتى اي نوع من الرد من قبل تلك الجهات وتم اخراج المذكور من منصبه حيث قامت سلطة الاحتلال بتعيين شخص اخر بدلا عنه هو "سنان الشبيبي" من القادمين الى العراق مع قوات الاحتلال.
ولابد من التنويه الى اعتراف المحققون في مكتب المحاسبة العامة الاميركي حين قالوا في الثلاثين من نيسان/ ابريل 2004 بانه كانت هناك حوالي 58 مليار دولار من مصادر مختلفة متاحة امام العراق لاستخدامها في أعادة اعمار العراق . وقبل طرح السؤال الكبير عن مصير هذه الاموال يجدر ان نتطرق الى مثال واحد يعبر عن نوايا المحتلين الا و هو موضوع الكهرباء حيث يعاني العراق من مشكلة النقص الشديد في الكهرباء وعدم توفرها خلال فترة ستقارب السنتين من الاحتلال الاميركي للعراق والسيطرة على مقدراته، فقد اعترف محققون بالكونجرس الاميركي ان المشروع الاميركي لتحسين شبكة الكهرباء في العراق قدرت قيمته بـ 1,4 مليار دولار وانهم قد فشلوا في تحقيقه بالرغم من انفاق 13 مليار دولار من أموال العراق خلال العام الاول من الاحتلال لاغراض اعادة الاعمار مبررين ذلك الفشل بسبب المقاولين وعدم وصول المواد الى مواقع المشروع والتأجيلات العديدة بسبب مشكلات أمنية !!! في حين راحت لم تظهر لاعادة الاعمار في مدن وساحات العراق وشوارعه اية شواهد غير تلك الكتل الخرسانية التي تحيط بمقرات الاميركان واتباعهم .
وهنا نعود الى السؤال الكبير الذي يطرح نفسه اين ذهبت هذه الاموال ؟؟
الحقيقة أن الاجابة النموذجية على التساؤل ،، هي ان الاموال نهبت وسرقت وكلها ذهبت الى جيوب الاميركان وجزء منها بالطبع الى ذهب جيوب عملائهم والمتعاونيين معهم في مشروع احتلال العراق واستباحته ، وربما نجد في المقتطفات المبينة ادناه والتي تكشف عن عمليات السرقة الكبيرة هذه باعترافهم واعتراف هيئات ومنظمات دولية متخصصة ، امثلة تؤكد الاجابة على هذا التساؤل :
ـ كشفت هيئة الاستشارات والرقابة الدولية التي تم تشكيلها طبقا لقرار مجلس الأمن 1483 الصادر في 22/5/2003 في احد تقاريرها وقائع مهمة عن هدر أموال "صندوق التنمية العراقي" المودعة فيه ابان وجود سلطة الادارة المؤقتة التي كان يترأسها بول بريمر و البالغة 20 مليارا و200 مليون دولار ، وتضمنت عائدات النفط العراقي بحدود 11 مليار دولار، وبعض الأموال التي نقلت من حساب برنامج النفط مقابل الغذاء بحدود 7 مليار دولار. ، وقد انفق منها 11 مليارا و300 مليون دولار ، كما قام بريمر في اخر ايامه "وفقا لاحد المسؤولين الامريكان "وتحديدا في يومي 25 و28 حزيران بتوزيع عدد من المليارات على عجالة قبيل مغادرته العراق كانت حصة حزبي الطلباني والبارزاني منها ملياراً و800 مليون دولار من فئة 100 دولار بلغ وزنها الكلي 14 طناً وحملتها 3 مروحيات إلى "كردستان" ، وقد اكدت ذلك هيئة الاذاعة البريطانية في تحقيق اجرته حول الموضوع وقالت ان مصير هذه المبالغ يعتبر لغزا محيرا . في حين أن صحيفة "الفاينانشيال تايمز" اللندنية ذكرت أن هذه الأموال مودعة حالياً في بنك كردي مجهول في جنيف ، وتم التفاوض مع شركة أميركية لتمثل "الحزب الديمقراطي الكردستاني" في واشنطن لتوظيفها في البنوك السويسرية. وهذه قد أسسها اثنان من مساعدي الرئيس بوش، والرئيس السابق لمستشاري البيت الأبيض حول العراق .
ـ وكالة الرقابة المالية، التابعة للأمم المتحدة، انتقدت سلطة الإحتلال بسبب الطريقة التي أنفقت بها أكثر من 11 مليار دولار من عائدات النفط العراقي... وذكرت الوكالة تقرير نشرته الفايننشيال تايمز، أن صندوق تنمية العراق الذي تديره سلطة الادارة المؤقتة برئاسة " بريمر" وتقوده أمريكا، والذي يحول عائدات النفط إلى "مشاريع إعادة الإعمار" كان عرضة لأعمال النصب والإحتيال.

ـ تقارير مالية أمريكية رسمية كشفت أن إدارة الاحتلال الأمريكي للاقتصاد العراقي شهدت فسادا وانحرافات مالية وسوء إدارة لتلك المليارات من الدولارات وجاء في تقرير صادر عن "منظمة مراقبة إيرادات العراق" في نيويورك ، وهي منظمة كلفة بمراقبة الشئون المالية للبلاد ، أن المخالفات المحاسبية ونقص الإشراف على العقود كانت أمرا اعتياديا في ظل سلطة الاحتلال التي قادتها الولايات المتحدة ، والتي أدارت الأموال المخصصة لإعادة اعمار العراق ، وقد استمرت الحكومة المؤقته التي عينتها واشنطن بالسير على خطاها في الفساد والهدر.
ـ منظمة "كرستيان ايد" البريطانية كشفت ان بريمر سرق 4 مليارات ، و في تقرير اخر لها ابلغت المنظمة عن مجهولية مصير عشرين مليار دولار من الاموال العراقية و تسائلت المنظمة اين ذهبت تلك الـ 20 مليار؟ . ولم يصدر لحد الان اي توضيح لا من سلطة المؤقتة المنحلة ولا من الادارة الاميركية ولا من قبل الحكومة المؤقتة عن مصير تلك الاموال ، في حين ان شركة المحاسبة «كيه. بي. ام. جيه» التي اضطلعت بمسئولية التدقيق لحسابات صندوق التنمية ان المسؤولين الأميركيين الذي اداروا العراق تحايلوا في التعامل مع نحو 20 مليار دولار انفقت خلال الاحتلال ، مشددة على أن كثيرا من العقود التي أبرمت من قبل جهة السلطة المؤقتة المنحلة لم يطلع عليها مجلس الحكم المنحل ، ولا الشعب العراقي ولا اية جهة رسمية معنية ولا حتى هذه الشركة رغم مطالبتها بذلك ، مشيرة ايضا الى تلك المليارين دولار التي قد صرفها بريمر في اليومين الاخيرين لوجوده والتي اتضح انها اعطيت الى "البارزاني والطلباني " ، اضافة 3 مليارات لعقود مبرمة في نهاية فترة بريمر ايضا ، وكل هذه المبالغ لا يعرف عنها او عن وثائقها اي شيء ، ومن بين ما اوردته ايضا ان هناك 4 مليارات و600 مليون دولار رصدت لإلتزامات معلقة ولم يتم التعرف على هذه الالتزامات .
وقد ايدت هيئة الاذاعة البريطانية فيا لتحقيق الخاص الذي اجرته مرخرا في نهاية كانون الثاني / يناير من هذا العام بها ما ذهب اليه " منظمة كريستيان ايد" حيث كشف التحقيق عن نهب مليارات الدولارات من الثروة النفطية العراقية، بمشاركة وتواطؤ كل من قوات الاحتلال الاميركي وعدد من الشركات الاميركية، خصوصاً في الفترة السابقة لحل مجلس الحكم العراقي. وقال احد المشاركين في التحقيق انه قياساً على عمليات السرقة والفساد والنهب التي اعقبت الاحتلال فإن إعادة إعماره تنذر بأن تكون من اكبر فضائح الفساد في التاريخ. وقالت الاذاعة بان ما يزيد على 20 بليون دولار من ثروة العراق النفطية بددت سرقة ونهباً ورشوة.
ـ الضابط الاميركي الذي كان ناطقاً باسم قوات التحالف في العراق الكولونيل تشارلز كرون قال أن قوات التحالف التي كانت مسؤولة عن ثروة العراق بصفتها قوة احتلال !! استولت على مبالغ نقدية كبيرة وجدتها في القصور والمجمعات الرئاسية والدوائر الرسمية العراقية ويقول... لا أدري ما حصل لها، الكثير منها نقل بطائرات الى مواقع مجهولة ربما نقلت خارج العراق او ربما اعطيت للقادة (العسكريين) ليصرفوها في مناطق قيادتهم بحرية
ـ وجد مدققو حسابات من الحكومة الاميركية ان 8.8 مليار دولار من الاموال التي يفترض ان تكون قد صرفت في العراق «مفقودة» ولا توجد سجلات حسابات تشير الى أوجه صرفها او الى الجهات التي تلقتها او أخذتها. ويلوم المدققون سلطة التحالف الموقتة في ضياع هذه الاموال لاخفاقها في ادارة الاموال حسب الاصول المعتادة.
ـ احد العراقيين العائدين الى العراق بعد دخول قوات الاحتلال وكان من بين العاملين مع تلك القوات هو الدكتور عصام الخفاجي ادلى بشهادته قائلا ان القصور والممتلكات الاخرى التي كانت لحزب «البعث» الحاكم والرئيس صدام حسين وابنيه عدي وقصي وزعت بقرار من جهة غير معلومة على أفراد «النخبة» العراقية الجديدة التي دخلت العراق مع قوات الاحتلال ونهبت عشرات السيارات الثمينة من دون ان يقدم أحد كشوفاً وحسابات بما جرى لها.
ـ اتهم محمد بحر العلوم عضو مجلس الحكم المنحل ، رئيس سلطة الادارة المؤقته السابقة بول بريمر بممارسة عمليات احتيال وهدر للمال العام العراقي ، وارتكاب العديد من الخروقات المالية. قائلا ان ما صرف في عهد التحالف في العام الماضي يثير التساؤل " داعياً الحكومة الحالية إلى التدقيق في مجمل مداخيل صندوق التنمية العراقي الذي أنشئ بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1483 الصادر في 22/5/2003.وأوضح في بيان نشر في صحيفة الوطن السعودية أن " مجمل المداخيل الخاصة بصندوق التنمية ، كانت حوالي 20 مليار دولار، وتضمنت عائدات النفط العراقي بحدود 11 مليار دولار، والأموال التي نقلت من حساب برنامج النفط مقابل الغذاء بحدود 7 مليار دولار. ثم كشف ابنه إبراهيم بحر العلوم وزير نفط / مجلس الحكم المنحل في لقاء موسع مع صحيفة (البينة) عن سرقات أمريكية وعمليات نهب منظم لأموال العراق جرت بشكل سري وتحت أغطية رسمية وغير مشروعة قادها الحاكم المدني السابق بول بريمر. وقال بحر العلوم أن السرقات تمت من خلال مسؤولين أمريكيين تولوا مناصب رسمية في العراق بعد الاحتلال ، موضحا أن بول بريمر ، ، قام بسرقة أكثر من 25 مليار دولار من أموال العراق ممثلة بأرصدة نقدية وكميات كبيرة من الزئبق وغيرها من الموجودات .

ـ كشف تقرير أعده المفتش العام لإعادة الإعمار في العراق الحقوقي ستيوارت باون ان سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق التي كان يقودها الأمريكي بول بريمر أضاعت حوالي تسعة مليار دولار كانت مخصصة لإعادة إعمار العراق .واشارة التقرير الى امثلة كثيرة من الفساد والاختلاس منها أنها قامت بدفع مبالغ على لائحة بالنفقات تضم اسماء 8206 لأشخاص غير موجودين أوغير حقيقيين ، وإضافة إلى ذلك انها وقعت عقود بملايين الدولارات في غياب أي وثائق او آليات أصولية للتك العقود مما يشير الى وقوع عمليات اختلاس وسرقة .
ـ أما في اطار عملية اعادة الاعمار وعقودها فان السرقة فيها ايضا كانت واضحة تماما اذا ان تقرير "هيئة الاستشارات والرقابة الدولية"، التي أمر بتشكيلها قرار مجلس الأمن 1483 يكشف لنا عن فضائح استخدام الأموال العراقية مشيرأ الى ان استخدام الاموال العراقية تمثل حالة فساد مطلق وقد اوردت مئات الامثلة عن حالة الفساد هذه ندرج ادناه البعض منها:
ـ احالة مناقصة إعمار الهياكل الارتكازية إلى شركة "هاليبرتن" بمبلغ مليار ونصف المليار دولار دفعت بدفعة واحدة إلى هذه الشركة قبل حتى البدء بالتنفيذ ، وهذه الشركة كان يرأسها ديك تشيني قبل توليه منصب نائب الرئيس الأميركي .
ـ أمر المستشار الأميركي لوزارة النفط العراقية بصرف مبلغ مليون و600 ألف دولار لمقاولة لم يتم العثور على أي معلومات عنها
ـ أمر موظف في سلطة الاحتلال بالخطأ صرف مبلغ 3 ملايين دولار كدفعة أولية عن مقاولة ملغاة أصلاً، ولا علاقة للموظف بها ، وذهب الاموال الى جيوب مستلميها المجهولين ولم تعود .
ـ خصص أعضاء "سلطة التحالف المؤقتة" مبلغ 800 مليون دولار لمقاولات مجهولة الاساس يتم تلزيمها بعد مغادرتهم العراق.
ـ خصص بريمر مبلغ 10 ملايين دولار لشخص أميركي من أصل عراقي هو " كنعان مكية " ادعى أنه سيبني "متحف ضحايا صدام حسين" وسلم له المبلغ وطار هو ومشروعه والاموال عائدا الى مكان اقامته في الولايات المتحدة الاميركية دون ان يقدم شيئا يذكر.
ـ فشلت سلطة التحالف المؤقتة في تقديم اي توثيق او اساس لإنفاق مبلغ مليار دولار من الأموال العراقية التي صرفت في إعادة الإعمار.
ـ لم تقدم سلطة التحالف المؤقتة اية إثباتات لااموال كثيرة و متفرقة تم صروفها ، أدعت انها حصلت على خدمات ومعدات مقابل تلك الاموال .
وقد اشار التقرير الى أن السلطة التحالف المؤقتة حكمت العراق من مايو/أيار من عام 2003 وحتى 28 يونيو/حزيران 2004 تاريخ تسليم السلطة إلى الحكومة العراقية المؤقتة، واستعملت في هذه الفترة أموال الدولة العراقية وعائدات النفط ، لما يسمى باعادة اعمار العراق ، وكل الذي استطاعت ان تقدم به وثائق واسس مشروعية للصرف هو تمويل قرابة 1.928 عقد و بلغت قيمتها 847 مليون دولار فقط !!!.


السيطرة على انتاج النفط والتصرف به وبعائداته

في اطار الحديث عن هذا الموضوع لابد من الاشارة بشكل سريع الى الاليات الرسمية المعتمدة في عمليات تصدير النفط العراقي من قبل الدولة العراقية قبل الاحتلال وفقا للانظمة والتعليمات الخاصة بذلك ، حيث ان عمليات تصدير النفط تتم من خلال هيئة تسويق النفط العراقية ـ سومو ـ باسلوب العروض او المزايدة وفقا لشروط تعاقدية مقررة من قبل الحكومة العراقية وتقوم لجنة مختصة في الهيئة المذكورة بدراسة العروض واقرارها او انها تتم لتنفيذ عقود واتفاقات حكومية تم توقيعها بين العراق والدول المعنية. وتعرض تفاصيل كل هذه العمليات على وزير النفط و الدوائر الاختصاصية ذات العلاقة و الرئاسة اولا باول وبشكل تفصيلي .
ان التعاقدات الرسمية ترسل نسخة من عقودها الى الامم المتحدة ـ اللجنة الخاصة بالاشراف على برنامج النفط مقابل الغذاء مع اشعار الى البنك الوطني الفرنسي الذي يتولى تحصيل العوائد المتحققة من عملية التصدير ويرسل بها اشعارات لكل من الحكومة العراقية ممثلة بـ SOMO , والامم المتحدة ـ اللجنة الخاصة .
مع الاخذ بنظر الاعتبار ان عمليات التصدير النفط خارج اطار برنامج النفط مقابل الغذاء التي تتراوح مابين 100 الى 200 الف برميل يوميا فانها تتم في اطار صلاحيات محددة لوزير النفط وباشراف مباشر من الرئاسة.
بالاضافة الى تصدير النفط الى الاردن الذي يجري تنفيذه ضمن البرتكول الخاص" لدعم الاقتصاد الاردني الضعيف " وبالاتفاق مع الامم المتحدة وينقل بصهاريج الشاحنات البرية وكانت تحتسب قيمته باسعار خاصة اقل بكثير من الاسعار المعلنه تصل الى حد سعر الكلفة ، وقد قررت القيادة السابقة اعتبار جزءا من كلفة هذا النفط هو منحة للاردن الشقيق دون مقابل !! واستمر هذا الحال طيلة سنوات الحصار المفروض على العراق وحتى ساعة شن العدوان عليه في كانون الثاني من عام 2003 حيث ساهم الاردن فيه بشكل مباشر ردا للجميل !!!

نهب وسرقة الثروة النفطية العراقية

ـ لقد كانت هناك نوايا و استعدادات مسبقة لدى المحتلين واعوانهم من أجل سرقة العراق ونهب ثرواته فقد اشارت جمعية خبراء النفط العراقية (IPEA) بانه بعد أسر بغداد من قبل الأمريكان، وفقدان القانون والنظام فأن إدارة صناعة النفط فقدت السيطره عليها وكانت غير قادرة على منع أي من الأعمال غير القانونية ضد تجهيزات النفط. وقد وجدت المافيا التي دخلت العراق مع الاحتلال او انها قد تشكلت لهذا الغرض طريقا سهلا للقيام باعمال تهريب النفط الخام والمنتجات النفطية . وان قوات التحالف لم تتخذ أي إجراء لتوقّف هذه العمليات غير الشرعية
واوردت الجمعية في تقريرها في كانون الثاني 2004 بانه بعد بضعة أيام من الاحتلال فان كميات كبيرة من النفط الخام من حقول النفط في جنوب العراق حملت على الشاحنات عبر حدود العراقية الكويتية. وقد شوهدت على أحد القنواة الفضائية العربية، التي كانت قد عرضت لقاءا مع إحد مسؤولي شركة النفط الجنوبية (السيد مهدي بديع) الذي كان مسؤول عن عملية الحقول في ذلك الوقت وهو يتحدث الى مندوب الفضائية بينما خط طويل من الشاحنات كان يتحرك خلفه. وكان المسؤول المذكور يشير بيديه ان هذه الشاحنات كانت تحمل النفط الخام وتنتقل إلى الإتجاه المجهول ( اي باتجاه "طريق البصرة صفوان ") و في نفس الوقت فأن آلة التصويرلتلك الفضائية كانت تظهر عدد من العجلات الاميركية المحملة بالجنود تحرس قافلة تلك الشاحنات المحملة بالنفط !!، وعلينا ان نتسائل كيف تسنى لهذه المافيات المجهولة ان تقوم بهذا العمل في خضم العمليات العسكرية وتسير الشاحنات المحملة بالنفط بالاتجاه المعاكس على طريق مليئة بالاليات والعجلات العسكرية الاميركية الداخلة الى العراق ؟ . وقد اكدت الجمعية في تقريرها بأن عمليات التهريب هذه إستمرت لأكثر من ثلاثة شهور .
كما قالت الجمعية المذكورة ان مافيا التهريب هذه قد اخترعت طرق أخرى لرفع النفط الخام بوضع محطة ضخ على خطوط أنابيب النفط الخام قرب جسر الزبير على شط البصرة. كي تمكن المراكب الصغيرة من تحميل النفط الخام ونقلها إلى ناقلات أكبر رست خارج خور الزبير علما بان الممرات المائية لخور الزبير وشط البصرة كانت تحت سيطرة القوات المسلحة البريطانية ولايمكن لاي مركب صغير جدا يمكن أن يبحر خلال هذه ممرات مائية بدون ان اشراف ومراقبة القوات البريطانية وقالت الجمعية المذكورة بأن عملية التهريب الكاملة صورت على الفيديو من قبل بعض مسؤولين شركة النفط الجنوبية وسلمت إلى المسؤولين الأمريكان البريطانيين في بغداد والبصرة. وكان الجواب ان قوات التحالف لها أشياء أكثر أهمية لتعمل عليها من ملاحقة مهربي النفط !!!.
كما اشارت في تقريرها بأن المنتجات النفطية في الجنوب كانت تهرب خلال مراكب صغيرة محملة (500-1000 طن)، ثم تنقل إلى الدول الخليجية وإيران ، كما يتم التهريب عبر الحدود الأردنية، الحدود السورية والمنطقة الشمالية للعراق (كردستان). وان كميات كبيرة لزيت الوقود وزيت الغاز تتحرك من خلال هذه المخارج .

ـ الجميع مازال يتذكر قيام القوات الأمريكية عند دخولها الى بغداد بحماية وزارة النفط والهيئات التابعة لها في بغداد وفي الموصل وغيرها من مناطق الإنتاج المهمة وعدم تركها عرضة للسلب والنهب كما تركت غيرها من الوزارات والادارات والمنشاءات الحكومية ، وذلك بغرض الحفاظ على عقود النفط التي كانت قائمة، والتعرف على حجم الإنتاج الذي كان قائما قبل الحرب، وحالة الآبار الفعلية وهو ما يمكن من الوصول لتقدير صحيح لإمكانيات الإنتاج النفط العراقي حينذاك او في المستقبل. خاصة أن حجم الإنتاج المعلن في حينه لم يكن يتضمن حجم النفط الذي يتم اخراجه وبيعه عبر الحدود خارج اتفاق النفط مقابل الغذاء، وهو ما يمكن أن يصل إلى كميات كبيرة قد تصل إلى نحو نصف مليون برميل يوميا .
ان اول عمل قام به جاي غاردنر الرئيس السابق لمايسمى بالادارة المدنية الامريكية الامريكي ـ بعد احتلال بغداد من قبل قوات التحالف ـ هو تشكيل هيئة استشارية للقطاع النفطي يتراسها الاميركي فيليب كارول ويكون نائب رئيسها العراقي فاضل عثمان وهذه الهيئة هي المسؤولة عن موضوع النفط استخراجا وانتاجا وتسويقا ـ اي من الالف الى الياء بكل مايتعلق بالنفط العراقي ـ وقد استولت اللجنة على كافة الملفات المهمة الخاصة بذلك ونقلتها الى مقر الادارة المدنية الامريكية .
وتضم اللجنة المذكورة عدد اخر من الاميركان و كذلك مساعدين عراقيين من حملة الجنسية الاميركية الذين قدموا الى العراق مع قوات التحالف .
ان فيليب كارول هو رئيس سابق ومدير عام لشركة شل اويل ومدير سابق لشركة فلويور للهندسة والبناء ـ التي تشارك الشركة هليبرتون الام في حملة اعادة اعمار العراق ـ
اما فاضل عثمان فقد كان يعمل سابقا مديرا للتسويق في شركة النفط العراقية الملغاة ـ وتسلم ايضا مناصب في وزارة النفط العراقية قبل ان يترك العراق في عام 1980 ليقيم في الخارج
وكان يشرف على هذه اللجنة بشكل مباشر الاميركي تيم كروس نائب رئيس الادارة المدنية الاميركية في العراق جاي غارنر
وتحول الاشراف المباشر عليها لاحقا من قبل الرئيس اللاحق لسلطة الاحتلال بول برايمر
كما وان جاي غاردنر قد عين العراقي ثامر غضبان ( وزير النفط الحالي ) مدير التخطيط في وزارة النفط قبل الحرب ـ بمنصب المدير التنفيذي للادارة انتقالية لوزارة النقط والذي استمر فيه حتى تشكيل الحكومة التابعة لمجلس الحكم حيث اصبح ابراهيم بحر العلوم وزيرا للنفط
وقد قامت سلطة الادارة المؤقتة برئاسة "بريمر" بتعيين محمد الجبوري( وزير التجارة الحالي ) مديرا عاما لهيئة تسويق النفط ـ سومو ـ بدلا من مديرها السابق صدام زبن الحسن الذي تم اعتقاله .


تصدير النفط من قبل سلطة التحالف

اعلنت سلطة التحالف في نهاية مايس2003 انها اسست صندوق اسمته صندوق تنمية العراق تشرف عليه سلطة التحالف ومجلس الحكم الانتقالي العراقي خاص لادارة الموال العراقية بهدف استخدامها في اعمار العراق وتقوم بايداع عائدات النفط العراقي في هذا الصندوق الذي سيكون مدار من قبلها اي من قبل سلطة التحالف ـ طبعا هذا الصندوق يختلف عن الصندوق الذي اقرت الامم المتحدة مؤخرا انشائه لادارة الاموال الممنوحة لاعادة اعمار العراق.
وقد أعلن المشرف على وزارة النفط العراقية ثامر غضبان ان العراق باشر بعملية تصدير ما مقداره 700 الف برميل من النفط الخام يوميا من الجنوب بعد توقيع العديد من العقود النفطية الطويلة الامد مع العديد من الشركات النفطية العالمية.
لقد بداءت سلطة التحالف منذ حزيران 2003 بتصدير كميات النفط العراقية المخزونة والتي كانت معدة للتصدير من قبل الحكومة السابقة في المنشاءات النفطية الحنوبية والبالغة 8 ملايين برميل و ان عمليات التصدير جرت باشراف السلطة المذكورة وبصيغة الاحالة المباشرة ( وهذا يحصل لاول مرة لانه وخلافا لكل السياقات المتعارف عليها) و باسعار لم يعلن عنها !! والشركات المشتريه هي شركات اميركية وبريطانية وكندية واوروبية ـ من بينها شركة شفرون تكساسكو , شل , بي بي , توتال , نورث اتلانتيك , ريفاينينك , ريبسول ..الخ بالاضافة الى شركات اسيوية من الصين واليابان .
وقد سبق لثامر غضبان ان اعلن ذلك في أحد من مؤتمراته الصحفية واكده ايضا محمد الجبوري " وزير التجارة الحالي " الذي عينه الاحتلال مديرعاما لـ سومو ، ((الجبوري هذا للاسف كان عضو فرقة في حزب البعث ممن اغدقت علهم الدولة الكثير من اجل تأهيله العلمي والوظيفي ، ولكن ماذا تقول لنفس البشرية لدى البعض واستمرائهم الخيانة والكسب على حساب مصلحة شعبهم )).
كما ان غضبان اكد ايضا انه قد تم البدء في تموز 2004 بتصدير كمية النفط العراقي التي كانت معدة للتصدير ايضا قبل الاحتلال ، عبر مرفاء جيهان التركي والبالغة 10 ملايين برميل وهي ايضا متجهة الى شركات اميركية واوربية .
هذا بالاضافة الى البدء بتصدير الكمية التي اعلنت رسميا والبالغة 700 الف برميل يوميا من انتاج النفط في ذلك الوقت ، حيث أعلن ثامر غضبان بصفته المشرف على وزارة النفط العراقية في حينها ان العراق باشر بعملية تصدير ما مقداره 700 الف برميل قابلة للزيادة لتصل الى المليون برميل يوميا .

ان عمليات التصدير هذه تتيح للعراق الحصول على عوائد كبيرة ،واذا ما اعتبر أن عمليات تصدير النفط العراقي بدءات في نهاية حزيران او في مطلع تموز 2003 فانها ولغاية نهاية كانون الاول 2004 تكون قد حققت عائدات بحدود 40 مليار دولار لمعدل تصدير يبلغ بحدود 2 مليون برميل يوميا حسب الارقام المعلنة للتصدير طيلة تلك الفترة ، وهذا العائد هو باحتساب الحد الادنى لسعر البيع لنفس تلك الفترة وعلى اساس 37 دولار للبرميل الواحد ، واما اذا احتسبت الطفرات المتتالية لاسعار النفط خلال تلك الفترة والتي جاوزت الـ 50 دولار للبرميل الواحد ، فان هذه العائدات حتما ستزيد عن الـ 50 مليار دولار لنفس معدل تصديرالنفط العراقي اي 2 مليار برميل يوميا . اسئلة كثيرة تثار هنا ... اين ذهبت هذه الاموال ؟ و لماذا تتم عمليات التصدير واتفاقات التعاقد عليه بهذا الشكل من السرية المتعمدة وحسب اجراءات شاذة لايحكمها اي نظام او اليات وفقا للمعتاد ؟ و كيف يتم تحويل مبالغ عوائد تصدير النفط اي وفق اية الية ؟ ولمن ؟ ولماذا هي مودعة لدي الاميركان ؟ واين اصبحت ؟ ومن هو الذي من حقه معرفة كيفية ادارة هذه الاموال والتصرف بها ؟ ولماذ لم يستخدم اي جزء منها لاعادة تأهيل الصناعة النفطية العراقية التي كانت بحاجة الى 13 مليار دولار لتصل بانتاج النفط العراقي الى سابق عهده بمعدل 3 مليارات ونصف يوميا !! طبقا للدراسة الفنية الرسمية للحكومة العراقية السابقة والتي اعلن ثامر غضبان "وزير النفط الحالي" في اكثر من محفل تاييده لتقديراتها وقد اقر بها الاميركان أيضا ؟ كل هذه الاموال التي توفرت للعراق وما زالت تتضاعف ارقامها ومازال النهب والسرقة مستمران ، في ذات الوقت الذي تصرخ الحكومة العراقية والادارة الاميركية ليل نهار انهم بحاجة للاموال من اجل العراق !!!. اسئلة كثيرة لابد من محاولة لنفك طلاسمها .
ولابد وان تكون اطرافا عديدة قد اشتركت ولا زالت بعملية اغتصاب عوائد النفط العراقية وسرقتها وبطرق ملتوية و بالتأكيد ان اصابع الاتهام ستشير الى الكثيرين وفي مقدمتهم بطبيعة الحال هم الاميركان من خلال الادارات التي عينوها في العراق و كل المتعاونيين معها من أعضاء مجلس الحكم المقبور و وزراءه والمسؤولين الذين عينوهم لادارة وزارة النفط ، و الحكومة المؤقتة التي تتبع توجيهات السفير نغروبونتي وموظفيه ومن ثم اتباع الاحتلال والمتعاونيين معه من عملاء وخونة وسماسرة وانتهازيين .

// يتبع ...
للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــد

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker