Articles to read...

Friday, April 29, 2005


كتبَ الاستاذ صلاح المختار موضوعاً جميلاً لمناسبة ذكرى ميلاد المجاهد الكبير الرئيس صدام حسين وفيما يلي مقدمة الموضوع .. ويمكن لمن يرغب الاطلاع على كامل المقال في الرابط الموجود في نهاية ما نقلتهُ من المقال:


لمناسبة الميلاد الميمون: لماذا نتمسك بقيادة صدام حسين ؟


صلاح المختار

ربما يظن نفر ممن طلقوا المنطق السليم ،واستسلموا للاعقلانية موتورة ،ان تمسكنا بقيادة الرئيس صدام حسين ،هو محض عواطف لا سند عقلاني او منطقي لها ، لذلك ، ولمنع اي خطأ في الفهم ، يجب ان نوضح لم نتخذ هذا الموقف . ان ثمة دوافع عديدة لموقف اغلبية الشعب العراقي المتمسك بقيادة الرئيس ، ويمكن تلخيصها بابرزها وهي الدوافع الوطنية والعملية والاخلاقية والتقاليدية.


الدافع الوطني

اذا اردنا ان نناقش الدور الذي تلعبه المشاعر والالتزامات الوطنية فان اول ما يجب التذكير به هو ان الوطني الحقيقي هو الذي يقف ليس فقط مع وطنه ، عند تعرضه للعدوان او الغز ، بل ايضا مع قيادة بلده ، مهما كان رايه فيها ، لان الدفاع عن الوطن يصبح مستحيلا اذا تجاهل المواطن ان من يقود البلد ، اثناء الحرب هو الحكومة الوطنية ، ومن ثمة لامجال للدفاع عن الوطن الا بالتعاون معها . فهي تضع خطط الدفاع وتملك السلاح والاعلام وكل مستلزمات الدفاع ، لذلك تبلور تقليد وطني قديم ، لدى كل لشعوب، يقوم على اساس ان الحرب، او الازمات الخطيرة التي يواجهها الوطن، توجب اقامة تحالف وطني عريض للدفاع الوطني يضم كل وطني مهما كنت علاقته بالحكومة .

واستند هذا التقليد على محاكمة منطقية وعقلانية قديمة جدا ، وربما هي من اقدم مكونات الثراث الانساني ، تقول ( انا واخي على ابن عمي ، وانا وابن عمي على الغريب ) ، كما حدد المثل العربي القديم . والترجمة الحديثة لهذا المثل تتجسد في النظرية السياسية المعروفة القائمة على التمييز بين التناقض الثانوي والتناقض الرئيسي ، فالتناقض بين ابناء الوطن الواحد يصبح ثانويا ، مهما بلغت حدته ، حينما يتفجر صراع رئيسي مع طرف اجنبي معاد للوطن ، والسبب في ذلك هو ادراك كل طرف وطني ان ابقاء الصراع الثانوي مشتعلا وعدم تجميده ، حتى بعد ان يبدأ العدو المشترك لكل ابناء الوطن بحربه ضد الوطن ،سيؤدي حتما الى قيام العدو المشترك باستغلال الصراع الداخلي ،وتصفية الاطراف الوطنية واحدا بعد الاخر ، من خلال التحالف مع الاول ضد الثاني ، وما ان يقضي على الاول حتى يصطنع خلافا جديدا من اجل تصفية الثاني .

وقد عبر الامام علي كرم الله وجهه عن ذلك بعبقرية المجرب ذو العقل السليم ، حينما قال ( لقد اكلت يوم اكل الثور الابيض ) ، والذي عناه الامام هو ان العدو يبدأ بتقسيم ابناء الوطن الواحد ، او الدين الواحد، ثم يقضي عليهم كلهم بالتدريج ، بعد ان يخدعهم بالادعاء انه ضد احدهم فقط . هذا التراث العربي القومي والديني فولذ نظرية التناقض الرئيسي والثانوي، تماما كما بلور المثل الشهير ( انا واخي ......) ، وجعلهما يحتلان مركز الصدارة في التمييز بين العاقل وصاحب المنطق السليم ،وبين الجاهل والموتور وفاقد العقلانية والمنطق .

ان الوطن ، وليس الاحقاد والخلافات ، هو العنصر المتحكم بالانسان السوي ، ويؤكد تاريخ الشعوب كلها هذه الحقيقة ، فالامريكيون ، ورغم ان حكومتهم معتدية وترتكب جرائم ضد الانسانية ، يقف اغلبهم معها ويدافع عن سياستها ويمول حروبها العدوانية ، بالضرائب التي يدفعها ، والتي لولاها لما توفر مال لتمويل الحرب . كما انه ينتخب الرئيس واعضاء الكونغرس وهو يعلم انهم يتخذون قرار الحرب ضد شعوب بريئة ، ويرتكبون جرائم ضد الانسانية ! ان المثال الامريكي ، وتجسيده الاوضح اعادة انتخاب جورج بوش رئيسا ، حتى بعد ان تم اعترافه بان غزو العراق قد استند الى اسباب كانت كلها محض اكاذيب لفقت عمدا لتسويغ الغزو ، والاهم من ذلك هو ان الراي العام الامريكي ادرك ان جيشه قد ارتكب جرائم بشعة في ابو غريب وغيره ، ومع ذلك حصل بوش على اصوات فشل في الحصول عليها في الدورة الانتخابية الاولى ، والتي فاز فيها برئاسة بقرار قضائي وليس باغلبية الاصوات !

صحيح ان هذا النموذج بشع ويورث الاحقاد بين الشعوب ، وينقلها من جيل الى جيل ، ولا يسمح ببقائها بين الحكومات ، الا ان مفهوم التعاضد بين ابناء الوطن الواحد يستغل لتسويق حتى السياسات الاجرامية !من هنا فان من يدافع عن وطنه اثناء الحرب والغزو يعبر عن النزعة الانسانية،المصنفة كسلوك طبيعي ومن بين اهم شروط الوطنية وسلامة المنطق والعقل .وحينما تعرض لعراق للغزو من قبل اشد اعداء العرب والمسلمين حقدا ، وهو طغمة المحافظون الجدد في امريكا ،الذين لم يخفوا اهدافهم الصهيونية والاستعمارية، كان من الطبيعي ان يقف شعب العراق بغالبيته الساحقة ضد الغزو ، ومن ثم ، واستنادا للمنطق السليم وتقاليد الشعوب الحرة ، دعم قيادة البلد وهي تدافع عن الوطن والدين والقيم والاستقلال ، والمصلحة الوطنية والقومية العليا .

نعم لقد وقف العراقيون الاصلاء وقفة رجل واحد ضد الغزاة وعبروا ، بالموقف الواضح والصلب ، عن دعمم لقيادة العراق الوطنية والشرعية ، وهي تخوض حرب الدفاع المقدس عن الوطن ، وانخرط ملايين العراقيين في عملية الدفاع المجيد عن العراق ، واستشهد الالاف منهم في سوح الشرف والعز ،دون ان يقعوا فريسة الاثم الاعظم اثناء الحرب وهو تذكر الخلافات الداخلية، والعمل طبقا لتاثيراتها العاطفية والسلبية . لقد كان المحرك الاعظم للعراقيين هو الدفاع عن الوطن ، وهذا المحرك جعلهم يضعون انفسهم تلقائيا تحت قيادة البلاد الشرعية والرسمية ، وينفذون اوامرها وخططها، تماما مثلما فعل ويفعل انصار الحكومة .
وبعد ان حصل الغزو واسقطت الحكومة الوطنية والشرعية للعراق ، مما اجبرها على النزول تحت الارض لمواصلة الدفاع عن الوطن وتحريره ، فان من ابسط مقومات وشروط الوطنية العراقية شرط التمسك بالقيادة الشرعية للعراق ، والعمل تحت قيادتها ، من اجل تحرير العراق ، خصوصا وانها تقود عملية المقاومة المسلحة ضد الغزو ، بعد ان اعدت لها بشكل رائع قبل الغزو . لكن بعض الشراذم العميلة استغلت الغزو ، وشرعت بالترويج لفكرة اقامة حكومة عميلة بديلة ، ومن الؤسف ان بعض الوطنيين قد وقع في فخ الاستعمار حينما قبل لعبة تنصيب حكومة بديلة، وكأن ما جرى امر طبيعي ،وان الذي يحاول اقامة حكومة بديلة هو الشعب العراقي وليس قوات الاحتلال الاستعماري !

ان من تخلى عن حكومته الوطنية بعد الغزو، واخذ يتعامل مع نتائج الغزو ، لا يلحق الضرر بوطنه فحسب ، بل هو محاولة لتمزيق كل الثراث الوطني والديني والعقلاني ،الذي يوجب الوقوف مع قيادة الوطن ضد الغزاة وعدم استغلال فرصة الغزو لتصفية خلافات ثانوية مع القيادة الوطنية . بل ان هذا البعض يلوث تاريخه واسم عائلته الى ابد الابدين، ويحرم اولاده واقاربه من شرف الحفاظ على وطنيته ! لقد احتقرت الشعوب الحرة من قبل بنتائج الغزو وتعامل مع الاحتلال وتخلى عن قيادته الوطنية ، ولعل اوضح دليل على ذلك هو ان قوانين ودساتير الامم الحرة تعد قبول نتائج الغزو والتعامل معها بصورة ايجابية خيانة وطنية عظمى .

اننا اذ نذكر بكل ذلك فلاننا نريد اعادة القول بان دعمنا للرئيس صدام حسين ،وقيادته للعراق، انما ينطلق من هذه المفاهيم الوطنية السائدة والمعروفة ، خصوصا وان من اسقطه هو الاستعمار الامريكي والصهيونية العالمية، كما تاكد واصبح واضحا . اننا لا ننشأ قاعدة جديدة بل نفعل ما فعله احرار الشعوب الاخرى قبلنا ، لذلك نعد من تخلى ، من الوطنيين ، عن قيادة الرئيس منحرفا عن الخط السليم ، وواقعا تحت تاثير التناقضات الثانوية، في وقت نواجه فيه تناقضا رئيسيا هو الاخطر في كل تاريخنا الوطني والقومي والديني .
وتزداد غرابه وتخريبية هذا الموقف اذا تذكرنا ان من يقود حرب التحرير هو البعث ، وان من خطط لها ووفر مستلزمات اشتراك كل عراقي فيها هو الرئيس صدام حسين . وكان ممكنا ان نتفهم قبول البعض بنتائج الغزو ، ومنها اسقاط النظام الوطني ، لو ان قيادته والحزب الذي كان يقوده قد تلاشيا ولم يعد لهما وجود ، عندها يكون من الطبيعي ان يطرح بديل اخر ، اما ان تكون قيادة المقاومة هي نفسها قيادة السلطة الوطنية التي اسقطها الغزو ، فان ذلك يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول دوافع موقف هذا البعض ، ويجعله موضوعيا ، وبغض النظر عن النوايا ، في صف من يخدمون الاحتلال ، على الاقل بتشكيكهم بشرعية القيادة العراقية ، والذي يعد اهم اهداف قوات الاحتلال بعد وقوعه .

الدافع العملي

هذا الدافع هو المعبر الاساس عن وعي كتلة كبيرة من العراقيين ، توصلت الى قناعة ثابتة وتامة ،بعد ان شاهدت جرائم الاحتلال وعملاءه ، وهي ان الاحتلال قد دمر العراق تدميرا شاملا ، تمثل في الازالة الشاملة لكل مظاهر التقدم فيه ، كالمعامل والصناعة والمنظومات الكهربائية ، وحرق الجامعات والمستشفيات والقضاء على وزارات الدولة ، بالنهب المنظم او الحرق او التهديم ، وتخريب الطرق واجهزة الاتصال ، حتى اصبح العراق بلدا شكله العمراني ينتمي للقرن العشرين ،لكن خدماته ونمط حياته ينتمي الى القرون الوسطى، وهو ما هدد به جيمس بيكر وزير خارجية امريكا المناضل الكبير طارق عزيز اثناء المفاوضات الي جرت قبل شن العدوان الثلاثيني عام 1991 ! كما شاهد المواطن العراقي،او اصبح ضحية ،القتل الجماعي واغتصاب النساء والرجال والاطفال جنسيا ، وتعذيبهم جسديا ببشاعة ودون رحمة ، ونهب ثروات العراق الوطنية ،ومدخرات المواطنين الفردية من قبل جنود الاحتلال ، واخيرا وليس اخرا اصبح يعيش في بلد شكلت فيه ،وعمدا، عصابات القتل والنهب ونشر المخدرات والدعارة والايدز .

هذا الوضع المأساوي الذي احدثه الاحتلال اصبح الجحيم بعينه ، لذلك لم يعد امام اي مواطن عراقي ان يتهرب من السؤال التالي : هل يمكن ، حتى للمجنون ، ان ينسى ان الوضع السابق للغزو كان يؤمن للمواطن الكرامة والامن واللقمة الشريفة والحرية والخدمات شبه المجانية، وحماية استقلال العراق وسيادته ، رغم كل التحديات الشرسة ؟ وكان جواب الاغلبية الساحقة من العراقيين هو التالي : مهما اختلفنا في موقفنا من النظام الوطني فانه كان جنة للعراقيين مقارنة بجحيم الاحتلال . من هنا لم يتردد ملايين العراقيين عن الجهر بتمسكهم بنظام الرئيس صدام حسين وتمنياتهم بعودته ، خصوصا وانه هو النظام الشرعي الذي اسقطه الاستعمار عدو الشعب العراقي، رغم الارهاب الدموي لقوات الاحتلال وللمرتزقة من عملاء ايرانيين ( فيلق بدر ) والبيشمركة .
ان وعي المواطن هذا يعكس تجربة عملية عاشها لمدة تزيد على ثلاثة عقود تمتع فيها بعصر فريد من الرفاهية وزوال الفقر والتعليم والطب المجانيين ، وبالاسعار المخفضة والمدعومة من الدولة، للمواد الغذائية والملابس والكهربائيات والماء والكهرباء والمواصلات والاتصالات والنفط والغاز والسكن ، اضافة لهيبة الوطن العالية وامنه واستقراره وخلوه من الجريمة المنظمة والمخدرات والايدز . وعند مقارنة وضع المواطن انذاك بوضعه في ظل الاحتلال يدرك فورا ، وبدون عناء تفكير انه فقد الجنة ودخل جهنم .


الدافع الاخلاقي

وثمة التزام اخلاقي من الصعب تجاهله ، فالشعب العراقي الذي بايع الرئيس واختاره بمحض ارادته ، ملزم اخلاقيا باحترام مبايعته . ان المبايعة ليست مجرد اجراء شكلي يمكن التنصل منه ، ولا هو اختيار انتهازي اريد منه خدمة مصلحة شخص، او فئة بل هو مشاركة فعلية في تحديد مستقبل العراق واتجاهه السياسي، وهو كتحصيل حاصل ، التزام اخلاقي اختاره افراد وجماعات ، لذلك ليس من الممكن التنصل منه ونسيان مفاعيله واثاره ، فالذي بايع لم يجبر على ذلك ، بل اختار ذلك بنفسه وبمحض ارادته الحرة ، اما اذا كان من بايع يريد تحقيق مكاسب انتهازية ، من خلال اعتقاده بان المشاركة في المبايعة هي وسيلة مؤقتة، بامكانه التحرر من الزاماتها، فهو مخطأ تماما لانه ساهم في تحديد خط واتجاه معينين للقطر ، وهو لذلك يتحمل ، اخلاقيا وقانونيا ما يحصل من جراء ذلك .

اما اولئك الذين يدعون انهم اجبروا على مبايعة الرئيس ، فان ادعائهم مردود من اساسه ، فقبل كل شيئ انه تم بمحض الارادة الحرة ، ولم يجبر احد على ذلك ، بدليل ان الكثير من العراقيين لم يشاركوا فيها ، ومع ذلك لم يحاسبهم او يعاقبهم احد . ولكن دعونا نفترض ، ولاغراض النقاش ، ان من بايع قد تعرض لضغط فهل يدل ذلك على وجود شجاعة واحترام للذات لدى هذا الصنف من الناس ؟ ان من يقبل تحت الضغط ان يبايع رئيس بلاده مستعد لبيع زوجته ايضا تحت الضغط ! ان هذا الاستنتاج طبيعي ، لان الرضوخ للضغوط يفضي الى نتائج متشابهة او متطابقة ، فاليوم بايع تجنبا للضغط ، وغدا سيتعاون مع الشيطان لتجنب شروره ، وهكذا تبدأ سلسلة بيع الضمير والنفس ، وهو بداية حتمية لبيع الوطن والشرف.

ان قضية الالتزام الاخلاقي واحدة ولا يمكن تجزئتها ، فسرقة دينار ، من حيث المبدأ لا تختلف عن سرقة مليون دينار ، فالسرقة هي سرقة ، وبغض النظر عما يسرق ، وقد يراعي القانون الفرق في السرقات ويصدر حكمه بناء على ذلك ، لكن القيم الاخلاقية تختلف عن قيم القانون ، لانها تتعلق بكبرياء وكرامة الانسان وصورته في مجتمعه ، لذلك فالحكم الاخلاقي اشد واقسى من الحكم القانوني . ان الانسان الذي يدعي انه بايع تحت الضغط فاقد لاهم شروط الكرامة الانسانية، وهو رفض الرضوخ للضغوط وتحمله تبعات ذلك مهما كانت .

لقد بايعنا الرئيس بصدق واخلاص تام للوطن وقائده الشرعي لهذا لن نحيد عن مبايعتنا ابدا ، ويزداد هذا الاصرار حينما نلاحظ ان عدو رئيسنا هو الاستعمار الامريكي و الصهيونية . نحن بشر نحترم انفسنا ونقدس كلمتنا ، ونربط شرفنا بوعدنا وعهدنا ، لذلك يجب ان يعلم كل عراقي ان هذه اللحظة هي لحظة اختبار لشرفنا ووعدنا وكلمتنا ، ووفائنا ، ومن سيسقط في هذا الاختبار سيفقد انسانيته ،ويصبح محض حيوان لا هم له سوى البحث عن البرسيم ، والحصول عليه، حتى لو تطلب ذلك ان يعتلي منصة الرقص ليرقص بخلاعة امام من كانوا يعتقدون انه محترم .


الزامات التقاليد

ان بعض شيوخ العشائر قد وضعوا انفسهم وابناء عشيرتهم في موقف لا يحسدون عليه ، فلئن كانت المبايعة بالنسبة لابناء المدن التزام اخلاقي وواجب وطني ، فان الامر اعقد بالنسبة للعشائر وشيوخها . ان القيم القبلية اكثر حدة ودقة ووضوحا من تقاليد المدينة ، فالقبلية لها امتدادات تاريخية اقدم من المدينية ، ولهذا يلاحظ علماء الاجتماع ان ابن القبيلة، الذي لم تغيره المدينة ،يتمسك بتقاليد القبيلة بشكل تام ،ويعدها من شروط الاحتفاظ بشرفه وحمايته . لقد بايع شيوخ العراق قائدهم صدام حسين ، واوفى القسم الاكبر منهم بعهده ، لكن البعض لم يوفي بعهده ، لذلك سقط ليس فقط بنظر الشعب العراقي بل ايضا ، وبشكل اشد ، بنظر ابناء العشائر ، الذين يعدون ان الكلمة والحفاظ عليها من متطلبات الشرف والكرامة ، ومن شروط المشيخة . ان الشيخ الذي يحمي من يلجأ اليه ، ويتحمل في سبيل ذلك الخصومة مع شيوخ اخرين ، بما في ذلك تحمل القتل ، سيبدو سخيفا وتافها بنظر ابناء العشائر ،حينما يتقلب ولا يحافظ على مبايعته لرئيسه الشرعي ، وهو رمز الوطن وعنوان كرامته وسيادته . لهذا على بعض الشيوخ الذين اهانوا عشائرهم وانفسهم بالانقلاب على رمز وطنهم واقدامهم على التعاون مع قوات الاحتلال ، على هؤلاء ان يعيدوا النظر قبل فوات الاوان .

ان الرجولة والشرف لا تكتملان الا باحترام التقاليد الايجابية ومنها التمسك بالوعد والعهد وعدم بيعهما في سوق النخاسة .


تجديد البيعة

اليوم وعراقنا يقترب بسرعة مذهلة من التحرير ، علينا ان نقف الموقف الذي تفرضه الوطنية وتعاليم الدين ، وتقاليد القبيلة والزامات الاخلاق ، واخيرا وليس اخرا ، ما حققه صدام حسين لشعب العراق والامة العربية، من مكاسب معنوية ومادية ،اجبرت الاعداء التقليديين للعرب والمسلمين ان ينظموا حملات حربية ضخمة ،للتخلص من رمز عزة العرب واول قائد في العصور الحديثة يحقق للعرب ما حرموا منه منذ انحطت الدولة العباسية ، وهو بناء دولة عظمى اقليميا ، ومؤثرة دوليا ، الى الحد الذي فجر الصراع الاعقد والاخطر في التاريخ العربي الاسلامي . نعم ان من مفاخر صدام حسين هي انه نجح في بناء انموذج مشرق ومشرف للنهضة العربية الحديثة ، ولذلك اصبح بنظر الغرب الاستعماري هدفا يجب تدميره قبل ان ينجح في تحقيق الوحدة العربية ، عبر جاذبية الانموذج القائم على تحقيق المنجزات الضخمة وليس الشعارات فقط .

هل يحق لاي عربي وعراقي ان لا يقف اجلالا واحتراما لصدام حسين في يوم ميلاده المجيد، بعد ان حقق كل هذه المفاخر واخرها تنظيمه لاعظم مقاومة مسلحة في التاريخ ؟ نعم نحن نتحدى كل اشرار العالم باسم صدام حسين ، ونرفع رؤوسنا عاليا بفضل انجازات صدام حسين ، ونعلن هويتنا بكل اعتزاز ،سائرين على درب البطولة الذي بناه صدام حسين ، سواء في السلطة او بعد الاسر . ان شعبا لديه قائد يضحي بولديه وحفيده وعائلته والسلطة ، ويتعرض للتعذيب والموت من اجل العراق والمبادئ، هو شعب حي وخلاق ، ولذلك لم تستطع امريكا ،بكل جبروتها ووحشيتها ، ان تهزمه ، بل انه يهزم امريكا الان ويذيقها المر الذي اطعمته له في سجون ابو غريب وغيره .

تحية للقائد التاريخي العظيم صدام حسين في يوم ميلاده الميمون .
وعهد منا على ان نواصل رسالتك المقدسة ، واولها تحرير العراق وعودة الحق الى نصابه .
العمر المديد لصدام العرب والمسلمين .

عاش البعث اعظم رايات العرب، وهو يحمي هويتهم القومية ، وعرضهم وارضهم المقدسة .
العار كل العار لامريكا وكل الاستعماريين .
الخزي واللعنة على الخونة والمتعاونين مع الاحتلال .
عاش العراق حرا عربيا ...عربيا .
عاشت فلسطين حرة عربية من النهر الى البحر .
الله اكبر والنصر او النصر .


للعودة الى موقع: سيبقى ألعِــراق إلى ألأبـــــد

Thursday, April 28, 2005

أسماء الوزارة العراقية العميلة الجديدة-القديمة

Wednesday, April 27, 2005



وبدأت معركة بغداد الكبرى


طلعت رميح
(المصدر: مفكرة الإسلام)


* إننا نشهد الآن معركة بغداد الكبرى معركة بغداد الكبرى الراهنة هي على طريقة الحرب الجهادية
* يهدف المجاهدون إلى دفع قطاعات من الذين يُسمون بقوات الحرس الوطني إلى الهرب وترك الخدمة، أو تسليم أسلحتهم للمجاهدين.
* تم استدراج أو جر قوات الاحتلال إلى معارك غير محسوبة، وخلالها كانت كمائن المقاومة تخرج إليهم من حيث لم يتحسبوا؛ لتذيقهم نار الموت ولهيب الجهاد.
* خلال الأيام القادمة أن تفتعل قوات الاحتلال وعملائها فتن أخرى في المناطق المحيطة ببغداد.
* بتصعيد العمليات في أماكن أخرى خارج بغداد.وهنا ستكون قوات الاحتلال قد وصلت إلى حالة الثور في المصارعة حينما تخار قواه، والأغلب أن العملاء لن يكونوا بانتظار تلك اللحظة إذ كل منهم ساعتها سيكون قد عاد إلى حيث أتى.


بحمد الله وفضله بدأت معركة بغداد الكبرى؛ فالذي يجري في بغداد الآن مختلف عن كل ما جرى في عمليات المقاومة السابقة، والتي كانت في كل مرحلة منها ذات أهداف أخرى خلاف أهداف الأعمال الجهادية والمقاومة الجارية الآن في بغداد، فنحن أمام تطور حاسم في استراتيجية حرب تحرير العراق.نعم.. لقد شهدت بغداد بداية انطلاقة المقاومة.نعم.. شهدت بغداد من قبل قصفًا للمنطقة الخضراء أو منطقة القصور التي تتمركز فيها قوات الاحتلال وسفارتها وكافة مؤسسات الدولة العميلة التي يحاولون عبثًا بناءها على أرض العراق؛ لإعطاء احتلالهم البغيض شرعية الوجود، وللحصول على صك مزيف باسم الشعب العراقي من عملاء لهم ببقاء قوات الاحتلال .نعم.. تمكنت المقاومة من اختراق المنطقة الخضراء باستشهاديين دخلوا إليها رغم كل الحراسة حول "البروج المشيدة "، وقتلوا جند الأعداء ومن والاهم، وعلى الحواجز أمامها كانت عمليات استشهادية أخرى.

نعم.. شهد شارع "حيفا" عمليات عبقرية على مستوى التكتيك العسكري، جرى فيها استدراج أو جر قوات الاحتلال إلى معارك غير محسوبة، وخلالها كانت كمائن المقاومة تخرج إليهم من حيث لم يتحسبوا؛ لتذيقهم نار الموت ولهيب الجهاد.نعم.. شهدت بغداد من قبل عشرات بل مئات العمليات الاستشهادية، جرى بعضها ضد قوات الاحتلال وجرى بعضها ضد ما يسمى زورًا بالحرس الوطني، وجرى بعضها لإنهاء حياة عملاء للاحتلال من هذا الصنف أو ذاك.نعم.. سقطت طائرات من قبل، أحدها طائرة شحن كبيرة، وبعضها طائرات هليكوبتر عسكرية من مختلف الأنواع، وكانت الخسائر فيها وخيمة على القوات الأمريكية والبريطانية.نعم.. تحول طريق المطار إلى طريق للموت لأعداء العراق ومحتليه، وكاد يصبح مصيدة يومية ينصب فيها المجاهدون كمائن السيارات التي يقودها شهداء أحياء، أو الكمائن المحمولة على السيارات للاشتباك أو السيارات الملغمة، وأصبح المجاهدون على هذا الطريق كمن ينصب أفخاخًا للفئران في داخل منزله؛ يسقط فيها الفئران في كل يوم.

نعم.. شهدت بغداد أيامًا مجيدة، فكل يوم مر عليها منذ الاحتلال كان يومًا مجيدًا. لكن العمليات الجارية الآن في بغداد من صنف آخر، ونوع مختلف، ووفق رؤية سياسية وعسكرية استراتيجية وتكتيكية مختلفة. إننا نشهد الآن معركة بغداد الكبرى معركة بغداد الكبرى الراهنة هي على طريقة الحرب الجهادية، وليست على طريقة الحرب النظامية، وذلك أمر مهم لنفهم ما يجري، فنحن لسنا أمام معركة بين جيشين متحاربين يهزم فيها الأول الثاني بضربة أو عدة ضربات أو من خلال معركة أو عدة معارك، وفى وقت زمني قصير، وإنما نحن أمام معركة طويلة فيها كر وفر، يهدف المجاهدون والمقاومون فيها توجيه الضربات المتفرقة في داخل "بغداد"، وبشكل مكثف بين منطقة وأخرى لإرهاق هذه القوات، وإفقادها روحها المعنوية، وإفقاد القوات الأمريكية قدرتها على التركيز في المواقع الطرفية خارج بغداد، ولرفع معنويات المواطنين بما يدفعهم للتحرك في مظاهرات وأشكال متعددة من إشكال الاحتجاج، كما يستهدفون تقليل قدرة قوات الاحتلال على الحركة داخل بغداد؛ بما يسمح بظروف أفضل للمجاهدين وأكثر مباشرة في الالتحام بالناس، كما يهدف المجاهدون إلى دفع قطاعات من الذين يُسمون بقوات الحرس الوطني إلى الهرب وترك الخدمة، أو تسليم أسلحتهم للمجاهدين...إلخ.وكل ذلك وفق رؤية استراتيجية جديدة متكاملة.

المرحلة السابقة من يعود إلى متابعة أعمال المقاومة التي جرت من قبل بدء معركة بغداد الحالية، يلاحظ أن تلك العمليات أهدافها كانت كالتالي:

أولاً: عمليات للإعلان عن المقاومة، ومواجهة فكرة هزيمة الشموخ العراقي بعد احتلال بغداد، حيث جرت مجموعة من العمليات كان هدفها الرئيس هو إعلان ظهور المقاومة، ومنع أي انهيار للروح المعنوية للإنسان العراقي، وهو ما يسمى بعمليات الدعاية المسلحة. وقد تم اختيار بغداد وليس غيرها لمثل هذا النمط من العمليات؛ لصعوبة إخفاء عدو المقاومة للعمليات بسبب الوجود الكثيف لأجهزة الإعلام في العاصمة، وبسبب العمق البشري الكبير، حيث لا يمكن إخفاء مثل هذه العمليات عن العراقيين.

ثانياً: عمليات لمنع اختلاط الأمريكان بالسكان، وقد جرت عدة عمليات استهدفت منع العدو المحتل من عبور المسافة بين قوات الاحتلال والمواطنين، حيث كان أفراد قوات الاحتلال قد بدءوا خطة مدبرة للاختلاط بالسكان من خلال النشاط التجاري والنشاط الترفيهي.

ثالثاً: عمليات تستهدف هز رمزية وجود الاحتلال، حيث جرت مجموعة من العمليات التي استهدفت المنطقة الخضراء، والهجوم على السفارة الأمريكية بها، واختراق المنطقة الخضراء ومحاولة اصطياد أو قتل نائب وزير الدفاع الأمريكي...إلخ

رابعاً: عمليات لمنع القوات الأمريكية من توزيع قواتها في المناطق الأخرى، أو لتشتيت قدرتها على التركز، وهي عمليات جرت خلال معركة الفلوجة الأولى بشكل خاص، وتركزت في شارع حيفا وعلى طريق أبو غريب الفلوجة، وجاءت ضمن خطة منع قوات الاحتلال من نقل قوتها من بغداد إلى الفلوجة، أو للسيطرة على طرق الإمداد والتموين البري. وهو ما فهمته قوات الاحتلال في معركة الفلوجة الثانية حينما "استوردت " عدة آلاف من القوات البريطانية؛ للحلول محل قوات أمريكية في بعض المناطق، بما مكنها من حشد قوتها بكثافة ضد الفلوجة في المعركة الثانية، غير أن المقاومة كانت قد غيرت تكتيكها في المعركة الثانية بالانتشار وليس التركز.

خامساً: عمليات لمواجهة تغلغل الموالين للاحتلال في أنحاء العاصمة، وقد جرى خلالها القيام بهجمات على مقار "الأحزاب " ـ العصابات المرتبطة بالاحتلال ـ وكان القصد منها منع هذه العصابات من التغلغل والانتشار، حيث بات معلومًا أن هذه المقرات هدف للمقاومة فلا يجب أن يقترب منها أحد.


الجديد في المعركة الحالية كانت تلك بعض من أهداف عمليات المقاومة في المرحلة الماضية، غير أن معركة بغداد الراهنة لها أهداف أخرى، يمكن تلخيصها في التالي:


أولاً: منع قوات الاحتلال وحلفائها من تثبيت نتائج الانتخابات الهزلية التي جرت مؤخرًا، وذلك عن طريق رفع ألسنة نيران اللهب والدخان فوق كل أشكال الحكم الجديد. وهنا لم تأتِ فقط عملية اصطياد علاوي ومحاولة اغتياله، في لحظة المساومات الأخيرة بين حلفاء الاحتلال على توزيع مغانم الاحتلال، بل كانت العمليات الجارية أيضًا ردًا على لعبة اختيار رئيس للبرلمان العراقي المزور من السنة، وأيضًا ردًا على تصريحات من سماه الاحتلال رئيسًا للعراق بأنه سيتفاوض مع المسلحين، وأنه مع إدخال الميليشيات في المسمى زورًا بالحرس الوطني.

ثانياً: جذب القوات الأمريكية التي سبق أن أجبرت على الانتشار خلال معركة الفلوجة الثانية إلى بغداد مرة أخرى، بما يمكن قوات المجاهدين من تحرير عدة مدن دفعة واحدة، أو على الأقل بما يخفف الضغط الأمريكي على الرمادي والموصل وحديثة والقائم والفلوجة. فكما أشرنا قامت معركة الفلوجة الأولى على "الاستفراد " بالقوة الأمريكية في الفلوجة، وعزلها عن القوات الأخرى وقطع خطوط الإمداد والتموين الواصلة إليها، وقامت معركة الفلوجة الثانية على تشتيت القوات الأمريكية وحلفائها في مناطق متعددة، خاصة الموصل والرمادي ،واليوم تأتى خطوة معركة بغداد بعد أن ثبتت قوة وقدرة المقاومة في كثير من المدن العراقية في الوسط والشمال مع عمليات متصاعدة في الجنوب؛ لوضع قوات الاحتلال الآن أمام خيارين كلاهما مر:إما أن تركز قوتها فى بغداد على حساب وجودها وانتشارها فى مواجهة المدن الأخرى، وفى هذه الحالة تسيطر المقاومة بصفة كاملة على عدة مدن دفعة واحدة .وإما أن تترك بغداد لما فيها من قوات فتهتز كل "منجزات" الانتخابات وتنجح المقاومة في السيطرة على أجزاء من العاصمة، وإذا اختارت قوات الاحتلال العودة إلى فكرة جلب قوات جديدة من الولايات المتحدة؛ فإن المعركة تصبح أفضل للمقاومة على عكس ما يتصور؛ إذ كلما كثر عدد قوات الاحتلال على الأرض كلما كان صيد المقاومة وافرًا.

ثالثاً: كما تستهدف المقاومة بناء قواعد راسخة لها في بغداد خاصة في الضواحي، وهو ما تستفيد منه المقاومة على عدة مستويات، منها:تسهيل الإعداد لانتفاضة مسلحة واسعة النطاق ضد كل رموز الحكم العميل في العاصمة، حينما تحين اللحظة المناسبة، وكذا البدء بعملية الخنق التدريجي لقوات الاحتلال ومن معها، أو تحويل بغداد إلى حالة الموصل والرمادي حيث السيطرة على الأرض بصفة شبه كاملة للمجاهدين، بينما ليس في مقدور قوات الاحتلال إلا القيام بإغارات سواء جوية أو من خلال الآليات، تقابل بمواجهة وقتال، وأيضًا تحويل بغداد إلى مدينة تسيطر عليها المقاومة ليلاً لتفعل ما تشاء وتنسحب منها نهارًا، إلا من كُلف بعمليات ضد قوات الاحتلال نهارًا ،وأخيرًا دفع قوات الاحتلال للتركيز على الاحتماء بالمعسكرات المحصنة بما يسهل إمكانية قصف المعسكرات هذه، وكذا بما يسهل عمليات اقتحام الأماكن الأخرى الأقل تحصينًا كما جرى منذ أيام قليلة في عملية سجن أبو غريب.


رابعاً: التمكن من القيام بعمليات نوعية ذات تأثير عالي في الضغط على الإدارة الأمريكية، وذلك من خلال إيقاع خسائر كبيرة في عملية واحدة، أو رفع نزيف الخسائر بشكل متصاعد، أو اصطياد رتب كبيرة في الجيش والمخابرات الأمريكية ومقراتها في بغداد، أو اصطياد رموز الحكم العميل..إلخ


خطة المقاومة وخطة الاحتلال وعملائه

كان ما جرى في مدينة "المدائن" هو الكاشف لكل ما سيجرى في معركة بغداد. وإذا كانت معركة معتقل "أبو غريب" هي بداية الإعلان عن بدء معركة بغداد، فإن ما حدث في مدينة المدائن كان مؤشرًا على خطة الاحتلال وعملائه، وعلى الطريقة التي سيواجهون بها خطة المقاومة.فإذا كانت المقاومة تستهدف تطويق وخنق قوات الاحتلال ومؤسسات الحكم العميل، بشكل تدريجي من الضواحي إلى قلب المدينة، وإذا كانت خطة المقاومة هي القيام بعمليات في الأطراف [أبو غريب – طريق المطار...إلخ]، فإن الاحتلال وأعوانه بدءوا خطة المواجهة من خلال محاولة إيجاد بيئة سياسية غير مواتية في محيط بغداد؛ لكي لا تتمكن المقاومة من تطوير قواعدها فيها، وذلك عن طريق إذكاء نار الفتنة بين السنة والشيعة.إن ما شاهدناه من مسرحية إعلامية حول الرهائن في مدينة المدائن، ثم حول الجثث التي اكتشفت، لم يكن مقصودًا منه المعنى العام أو الحالة العامة للفتنة في العراق، وإنما كان مقصودًا به محاولة إفشال خطة المقاومة في الخنق التدريجي لقوات الاحتلال والعملاء في بغداد من الخارج إلى الداخل، أو خطة بناء قواعد مستقرة لها تنطلق منها، أو مواجهة خطة المقاومة لتحرير "ريف " أو أطراف بغداد.وقد أدركت المقاومة خطة أعدائها فصدرت البيانات تفضح اللعبة وتنفي وجود فتنة أو رهائن، وقد كان ذلك أمرًا لافتًا ومتميزًا من المقاومة، والأهم أن إدراكها لهذه اللعبة قد جعلها تعاجل أعدائها بإسقاط الطائرة الهليوكوبتر، وبعمليات شارع المطار وغيرها.والمتوقع خلال الأيام القادمة أن تفتعل قوات الاحتلال وعملائها فتن أخرى في المناطق المحيطة ببغداد، كما يتوقع أن يأتي الإعلان عن تشكيل حكومة المتعاونين مع الاحتلال مصحوباً بحملة عسكرية جديدة في بعض أطراف بغداد، غير أن المتوقع أيضاً أن تتمكن المقاومة من إفشال خطط إشعال الفتنة، وأن تتمكن من معالجة الهجمات الأمريكية المكثفة والمجنونة ـ بحكم حالة الانهيار ـ بحالة من المرونة التكتيكية وخفة التنقل والحركة، وبمشاغلة قوات الاحتلال حتى لا تتمكن من حشد قوتها ضد مكان بعينه، وبتصعيد العمليات في أماكن أخرى خارج بغداد.وهنا ستكون قوات الاحتلال قد وصلت إلى حالة الثور في المصارعة حينما تخار قواه، والأغلب أن العملاء لن يكونوا بانتظار تلك اللحظة إذ كل منهم ساعتها سيكون قد عاد إلى حيث أتى.ومجددًا ليس هذا أمرًا حالاً غدًا، وإنما هي قراءة لمرحلة معركة بغداد التي هي مرحلة طويلة ومعقدة.وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم


للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــــد

Saturday, April 23, 2005

ايها الرفاق : ارفعوا رؤسكم فانتم بعثيون


ايها الرفاق : ارفعوا رؤسكم فانتم بعثيون

صلاح المختار


من يظن ان حرب العراق، التي تصل الان مرحلة الحسم، كانت من تخطيط العدو المتعدد الاطراف (امريكا واسرائيل وايران) فقط مخطئ تماما، فالعراق، ما ان تيقنت قيادته ان العدو المتعدد الاطراف قد اتخذ قرارات حاسمة بتدميره بعد غزوه، وضع خططا مضادة متعددة لاعداد العراق كله لخوض حرب التحرير، وفق ستراتيجية حرب الشعب، بعد استنفاد اخر امكانات الحرب النظامية. ان ام المعارك كانت، ومازالت في وعي الطليعة العراقية المقاتلة، هي الرد التاريخي والستراتيجي المضاد المقابل للارميجادون، أي حرب الحسم الاخير، التي يخوضها الصهاينة وانصارهم ضد - اعداء المسيح - كما يقولون. فالاعداء خططوا لتدم ير العرب والمسلمين في معركة الارميجادون، ونحن اعددنا للرد الحاسم في ام المعارك، باغراقهم في حرب اشباح لا تنتهي الا وقد انهاروا وهزموا.

ان ما قام به البعث في هذا الاطار يعد مفخرة لكل الاجيال العربية ولكل الانسانية المحبة للحرية والاستقلال، ويوم 11-4- 2003 الذي شهد عقد اجتماع الدور، في مدينة الدور، لقيادة قطر العراق للحزب، واعلان الانتقال الى مرحلة خوض حرب الشعب، وايصال معركة الحواسم الى نهايتها الظافرة (وهي اخر معارك ام المعارك)، دخل التاريخ بصفته يوم اهم مفاخر العرب والانسانية في العصر الحديث. ففي ذلك اليوم المجيد انتهت مرحلة المقاومة العسكرية النظامية، بعد تدمير القوة الاساسية من القوات المسلحة، ونزل الحزب وقادته ومقاتليه تحت الارض، وباشرت القيادات الاحتياطية السرية جدا، والتي شكلها الرئيس صدام حسين (فك الله اسره) قبل الغزو بسنتين، مسؤوليتها، وتراجعت اغلب القيادات المكشوفة الى الخلف ولم تسلم أي مسؤولية في المقاومة، لتبدأ اعظم ملحمة وطنية، في كل التاريخ العراقي المجيد، وربما في كل التاريخ الانساني، اذا اخذنا بنظر الاعتبار انفراد امريكا بحكم العالم بالحديد والناروعدم وجود دعم للثورة العراقية المسلحة الا من الشعب العراقي وجماهير الامة العربية المجيدة .

ورغم الالم ومشاعر الصدمة التي استحوذت على مشاعرنا لرؤية خنازير العالم تحتل حبيبتنا بغداد، وتنظم ابشع هولوكوست في التاريخ الانساني لشعب العراق وحضارته وهويته وانجازات البعث العظيمة فيه، فان حلم عقود الاضطهاد التي مارسها الغرب الاستعماري ومعه غطاءه الكبير : النفوذ االصهيوني، بان نمرغ انف هذا الغرب الاستعماري الحقير في اوحال الهزيمة المرة، عبر اغراقه في حرب عصابات مدن، حينما تبدأ لن تنتهي الا وقد اصبح الغرب يعرف حدوده ويتقيد باحترام حقوق واستقلال وكرامة الانسانية كلها، بما فيها الشعب العربي .

كنا نحلم ان يكون لنا اكثر من جيفارا يقاتل الاستعمار الغربي والصهيونية، من موريتانيا حتى عمان، مرورا بالعراق وفلسطين، وكنا نحب كاسترو لانه مرغ انف امريكا في الوحل، وكنا ندرس ونكتب بفخر عن الجنرال جياب القائد العسكري الميداني للثورة الفيتنامية، ونتخيل الوطن العربي وقد اصبح منطلقا للثورة والتحرير في العالم، كنا نتمنى ان تصبح السلطة واجبا وليس امتيازا وان يكون المسؤول الكبير اول المضحين واخر المستفيدين، كنا نريد لبيروقراطية الدولة ان تلجم بسلاح مبادئ الحزب وان يبقى الحزب هو القائد والمرشد للدولة بكافة اجهزتها ....الخ .

كنا نريد كل ذلك، ونحلم بكل ذلك، ونعمل بكل طاقاتنا من اجل ان يتحقق كل ذلك، لكن العدو كان يعلم علم اليقين انه اذا تركنا نحقق كل ذلك، وبالصورة المطلوبة والمقررة في مؤتمرات الحزب، فان تاريخ الشرق المتقدم سيبدأ، انطلاقا من عراق البعث، وان هيمنة الاستعمار الغربي ومعه صنيعته واداته الصهيونية العالمية، ستتراجع وتعزل وربما تنتهي، ويقوم عالم عادل لا كبير فيه يلتهم الصغير، ولا القوي يغتصب الاقل قوة او المجرد منها، لذلك نفذ الغرب الاستعماري والصهيونية العالمية ستراتيجية اغراق ثورة تموز بالازمات والمشاكل والحروب والتحديات كي تعجز عن تنفيذ برامجها .

وحينما انطلقت المقاومة الفلسطينية هتفنا لها وكتبنا عنها، ونسجنا خيوط حياتنا بها، وراينا فيها الامل والمستقبل، وحلمنا بامتدادها الى عقول وازقة الوطن العربي الكبير، لتحدث ثورة المحرومين والمضطهدين، وتمهد الطريق لوحدة العرب الشاملة، لكن هذا الحلم اغتيل يوم خنقت ايادي الحكام العرب قبل الدبابات الاسرائيلية الثورة واخذت تغتال الحلم، عندها دخلنا نفق العتمة، وتمزقنا ونحن نرى الثورة تغتال على ايادي من كانوا يجب ان يحموها!


وحين قامت ثورة الامل البيضاء في العراق بقيادة الرئيس صدام حسين انتعش الامل، وتسارعت دقات قلوب المنتظرين يوم الاستشهاد على عتبات المقدس المحتل من موريتانيا حتى عمان، وتحقق في العراق ما مات القائد العظيم عبدالناصر دون تحقيقه، رغم انه حقق المستحيل من اجل دحر قوى الشر، فنهض العراق الجديد مشعا وقويا، يحمل في يد علم فلسطين وفي الاخرى حزمة من الانجازات التاريخية التي حرمت على العرب .

في زمن صدام حسين استأنف العراق دوره الحضاري بعد سبات قرون، فازيلت الامية والفقر والامراض المزمنة، وانشأ جيش العلماء والمهندسين، وصنعت صواريخ الحسين والعباس، في رسالة حب لعبدالناصر تقول : ان شعب العراق قد اكمل ما اردت صنعه من صواريخ ناصر وظافر ، ففهم الغرب ومعه صنيعته واداته الصهيونية، معنى رسالة البعث ولم هي خالدة، وانسانية، فصار صدام حسين هو الاسم السري لحركة النهضة العربية الحديثة، مع ما يترتب على ذلك من اثار على الحركة الصهيونية وعملية نهب ثروات العرب، لذلك قرر الغرب الاستعماري اغتيال تجربة النهضة القومية في العراق عبر اغتيال الانموذج البعثي المبدع .

يوم احتلال بغداد لم يكن سوى بداية لصراع الحسم بين مشروعين لم تعد الارض تستوعبهما سوية: مشروع النهضة العربية في العراق ومشروع الغزوالصهيو امريكي. انها معركة الحواسم من ام المعارك، فلقد انتهت لعبة شد الحبل بينهما وحلت لحظة الحقيقة، فطوال ثمانين عاما تقريبا جرى صراع متعدد الاشكال بين القومية العربية والتحالف الصهيوغربي، كانت محطته الاهم احتلال فلسطين، وما اعقب ذلك من انتفضات وتبدلات ثورية وانقلابية في الوطن العربي، وحروب مع اسرائيل، وبروز تحالفات اقليمية ضد الامة العربية، شاركت فيها بلدان اسلامية (ايران وتركيا) محيطة بالعرب دعما لاسرائيل والغرب الاستعماري. وكان التطور الاكثر خطورة بعد احتلال فلسطين هو تعمد الغرب اجهاض أي محاولة للنهضة العربية واقامة كيان عربي متقدم وموحد، لذلك راينا الغرب يدعم الجهد الاسرائيلي ل منع عبدالناصر من تحقيق برنامجه التحرري والتقدمي، عبر اغراق مصر بحروب وازمات وصراعات استنزاف، كانت نتيجتها اجهاض المشروع القومي الناصري. لكن القومية العربية بحيويتها وتجذرها تبرعمت وأخضوضرت في ارض الرافدين، بانطلاقة ثورة تموز عام 1968 ، التي وقفت متسلحة بتجربة ثورة عبدالناصر، بعد ان تخلصت من عناصر ضعف الخبرة فيها ، فكان اول واهم ما فعلته هو النجاح في بناء دولة متقدمة وقوية تملك المقومات الاساسية للنهضة والتقدم الذاتيين، وتلك هي مقومات منع الردة من الداخل كما حصل في مصر، فاصبح العراق محصنا ضد التخريب الداخلي والردة، لذلك صار غزو العراق هو الطريق الوحيد المفضي الى تدميره واجهاض تجربة النهضة القومية فيه .

ثورة البعث تفجرت وهي تحمل هواجس ومخاوف ودروس الاخفاقات السابقة، لذلك كانت تتعامل مع الاوضاع الاقليمية والدولية من منطلق ستراتيجي واضح وشامل، مكنها من تحقيق نجاحات مذهلة، على مستويات التكنولوجيا والعلم والقضاء التام على اخطر امراض المجتمعات العربية : الفقر والامية والامراض المزمنة والظلم الاجتماعي. لقد تجاوزت ثورة العراق الخطوط الحمر الاساسية التي وضعها الغرب امام العرب وحذرهم من تجاوزها، وبذلك تفجرت، منذ تاميم النفط العراقي عام 1972 الحرب الشاملة والفعلية بين الامة العربية ممثلة بالعراق، والتحالف الغربي – الصهيوني، وتعرض العراق في تلك الحرب الطويلة الى مؤامرات وضغوط وعمليات تخريب وارهاب، من دول الجوار ودول كبرى وكانت اسرائيل دوما المحور الاساس في كل اشكال الحروب التي تعرض لها العراق .
وافتعلت ازمة الكويت، تماما كما فرضت ايران الحرب على العراق، في اعادة منقحة ومضخمة لسيناريو اجهاض تجربة عبدالناصر، وفرض الحصار بعد ان فشل العدوان الثلاثيني في عام 1991 في غزو العراق، واصبح واضحا ان الهدف الاساس هو تدمير النهضة العربية الحديثة في مركزها الجديد : العراق. لكن قيادة البعث التي تعلمت من تجربة عبدالناصر كانت قد استعدت لام المعارك منذ تاميم النفط، بتبني الستراتيجية الوحيدة القادرة على تحييد التفوق الامريكي المطلق في المجالات كافة، خصوصا العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية، وهي ستراتيجية حرب الشعب، التي عمادها اشراك كل الشعب في الدفاع عن الوطن، وهذه الستراتيجية تتطلب في المقام الاول اعداد الشعب للقتال ضد غزو خارجي عظيم القوة، فاعدت ملايين المدربين على الحرب النظامية وحرب العصابات وحرب المدن، وسلحت الشعب بملايين قطع السلاح، وامنت، عبر التصنيع العسكري، المصادر الذاتية للعتاد والسلا ح لتجنب المقاطعة العسكرية .

وقبل هذا وذاك كانت برامج تسخير الثروة الوطنية لخدمة الشعب، باقامة مجتمع خال من الفقر والامية ويسود فيه الامن والامان، من اهم دعائم تعزيز المشاعر الوطنية والقومية، لان تحقيق مكاسب مادية وتعليمية جبارة، شدت المواطن اكثر الى وطن احترم ادميته ووفر له التعليم والطب المجانيين والكرامة والحرية وازال الفقر نهائيا واقام مجتمع الرفاهية .

اذن ام المعارك، وفقا لمفاهيمنا، والارميجادون وفقا لمفاهيم الغرب الاستعماري والصهيونية، التي ابتدات مرحلتها الحاسمة عام 1991 لم تكن نتاج تطور خطط له الاعداء فقط بل ان القيادة العراقية، وقد ادركت في السبعينيات انها مقدمة على تجاوز الخطوط الحمر، اعدت نفسها والشعب العراقي لخوض صراعات طويلة ومعقدة وخطرة، دفاعا عن الامة العربية وحقوقها ومستقبل ابنائها، وكان اهم ما في هذا الاعداد هو المعرفة التامة ان العدو اقوى ماديا وعسكريا وتكنولوجيا بمراحل عديدة من العراق، لذلك كان مطلوبا تحييد هذا التفوق المعادي بالاستعداد لخوض معركة الحواسم في ام المعارك الخالدة عبر حرب الشعب وليس الحرب النظامية .

من تصور ان انشاء جيش القدس، قبل الغزو، وتشكله من حوالي 6 ملايين مدرب على حرب الشعب، كان مجرد خطوة دعائية، او عاطفية او ارتجالية، لا يفهم ما كانت تفكر فيه القيادة العراقية، لان هذا الجيش العظيم لم يكن واجبه خوض حروب كلاسيكية، ولا استخدام كل من تدرب، بل ايجاد منبع لا ينضب للمقاتلين المدربين على حرب الشعب، بجعل الشعب العراقي قادرا على التصرف القتالي الذاتي والفعال عند تعرض العراق للغزو وتدمير القوات المسلحة العراقية. ان قناعة القيادة العراقية وبالاخص الرئيس صدام حسين بان الغزو قادم لا محالة، واقتران ذلك ببديهة ان من الصعب اخبار الشعب بان العراق سيحتل، قد دفع الى توفير ضمانة ان يستطيع كل عراقي ممارسة قتال المدن، وان تتوفر فرص تشكيل منظمات قتالية مستقلة اذا تم الغزو، وهذه الحقيقة تنطبق على انشاء منظمة (فدائيو صدام) البطلة، واعداد الحرس الجمهوري وفرق الجيش الاخرى لخوض (حرب ح افات المدن)، اضافة لحرب المدن، واعادة تنظيم العشائر وتنظيمات علماء الدين، لتكون جزء من الجهد الوطني القتالي بقيادة مقاتلي البعث .
لقد شهد العراق منذ شن ايران حربها ضده اوسع وانشط عمليات التدريب الجماعي للشعب، بعثيين وغير بعثيين، على استخدام كافة انواع الاسلحة الخفيفة والثقيلة والمتوسطة، واقترن ذلك بتخزين ملايين قطع السلاح او توزيعها على الشعب، وانشاء معامل لصنع السلاح وعتاده، وهكذا اصبح العراق لديه اسلحة اكثر مما لديه من نخيل، وصار لكل مواطن اكثر من قطعة سلاح، وانتشرت ثقافة التدرب على استخدام السلاح وجعله من اهم ما تقتنيه العائلة العراقية، ونشا جيل من العراقيين يتبارى في اثبات تفوقه في التنشين واستخدام بنادق القناصة
.
وثقافة الاستعداد الشامل للقتال لم تكن احادية الجانب بل كانت متعددة الوجوه لان جوهرها كان تاكيد دروس التاريخ القديم والحديث الخاصة بخطط القوى المعادية للامة العربية، خصوصا المطامع في الارض العربية والعداء للهوية العربية وخطط الغزو الصهيونية والغربية والايرانية، الموضوعة لنهب وتدمير الامة العربية، لذلك كان الوعي القومي والوطني في العراق متحكمان بثقافة الاستعداد للقتال .

اليوم ونحن نحتفل بمرور عامين على انطلاقة الثورة العراقية المسلحة، والتي لم تعد تقتصر على مقاتلي ومنظمات البعث بل صارت ثورة كل العراقيين، نشعر، نحن البعثيون، بالفخر بحدوده العليا، وتتملكنا احاسيس الشرف باعمق ما يمكن للشرف ان يصل اليه، لاننا نعيش في عصر تحققت فيه اكثر واهم احلامنا وتطلعاتنا : فلقد صار لدينا اكثر من جيفارا، فكل مقاوم عراقي لا يقل انسانية وبطولة عن جيفارا، بل ان ظروف العراقي وهو يقاتل امريكا، مجردا من الدعم الدولي والاقليمي، يجعل بطولات المقاومين العراقيين هي الاعظم في التاريخ الانساني. وصار لنا قادة يستشهدون هم واولادهم قبل المواطن العادي، وامتكلنا رئيسا يضحي بولديه وحفيده والسلطة ويشرد عائلته من اجل الوطن والشرف والمبادئ، واقترن اسم البعثي باوضح تعبيرات الفروسية والاستعداد للاستشهاد من اجل الوطن والدين والكرامة .

نحن البعثيون من حقنا، ان نفتخر ببعثيتنا، فنحن وليس غيرنا من تطوع ليكون طليعة من يتصدون لامريكا ويقاتلونها بعد ان اصبحت سيدة دول العالم، وحيدت شعوب الارض وهي تشهد استكلاب الوحش الامريكي، وانتظرت ان يتقدم الصفوف شخص او حزب او شعب اخر، فلم يتقدم سوى صدام حسين ومعه البعثيين اشجع واعظم مقاتلي العصر الحديث، ليوقدوا نيران ما سيصفها التاريخ حتما كاعظم ثورات التحرر الوطني في التاريخ كله. وبعد ان تقدم البعثيون الصفوف واطلقوا الثورة المسلحة وقادوها، التحقت بهم جموع الاحرار في العراق، من عرب واكراد وتركمان وشيعة وسنة ومسيحيين ، ومن يسار ويمين ووسط وليبراليون وطنيون .

سيذكر التاريخ بمداد اسود ان الكثير من الوطنيين قد ظلموا البعث وقائده صدام حسين، وان هؤلاء لم يتعلموا من التاريخ بكل صفحاته المضيئة، ان التاريخ لا يصنعه الحاقدون والانانيون، مهما كانت وطنيتهم واخلاصهم، بل ذوي القلوب الكبيرة والمتسامحة التي تتسع لكل وطني مهما كان مضللا ومؤذيا للثوار، فنحن نقاتل ليس من اجل البعث، بل من اجل عراق للجميع، وفي جمهورية العراق الثانية لن يكون هناك انفراد بالسلطة لاي كان، بل حكم جبهوي يضم كل من قاتل الاحتلال ورفضه بصدق بسلاحة او قلمه، لذلك علينا ان نتحمل من يسيئ الينا من الوطنيين العراقيين، وان نبقى في حوار ديمقراطي معه الان وبعد التحرير، فالعراق للجميع وليس لنا وحدنا، حتى لو كنا شهداء العراق ورموز البطولة في العصر الحديث، والاكثر تضحية .

ان عظمة حزبنا تكمن في شعوره بالمسؤولية عن مصير ومستقبل العراق، لذلك لا مفر من التسامح وسعة الصدر، السنا ندعو لقيام جبهة وطنية تحكم العراق بعد التحرير؟ انني ادعو رفاقي البعثيين من موريتانيا حتى عمان لتعميق الشعور بالفخر ببعثيتهم، التي جعلت من رفاقهم في العراق اعظم رموز البطولة في العصر الحديث واهم ناشري دعوة التوحيد والايمان، تماما كما فعل اجدادنا العراقيون الذين تشرفوا بنشر الدعوة الاسلامية في العالم. ان من يدحر امريكا، اعظم واشرس ديكتاتورية في التاريخ الانساني، لا يحق له ان يتورط في الصغائر، بل عليه ان يبقى كبيرا، واعظم تجليات العظمة هي التواضع والتسامح وسعة الصدر، وتحمل الاخر. الم نقرر تحرير الانسانية من الوحش الامريكي انطلاقا من العراق؟ اذن علينا قبل ذلك ان نكمل تحرير انفسنا من بقايا التخلف، وان نكمل الانقلاب على الذات الانانية، ونيران الثورة ا لمسلحة وجدت ليس فقط لحرق الاحتلال بل ايضا لتطهير انفسنا من اخطائنا وعثراتنا، الطبيعية في حياة البشر، كما قال القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق، رحمه الله، منذ الاربعينيات.

لو لم تكن للبعث من مأثر كبرى، وهو بالتاكيد لديه عدد لا يحصى منها، فيكفيه فخرا انه مهندس ومطلق وقائد اعظم الثورات المسلحة في التاريخ كله. ولو لم تكن لنا انتصارات، ونحن لدينا عدد لا يحصى منها، فيكفينا شرفا اننا وحدنا، ثم التحق بنا اخرون، من مرغ انف امريكا في وحل الهزيمة في العراق في زمن انفراد امريكا بحكم العالم. ولو لم يكن لدينا قادة ستراتيجيون وثوريون، ونحن لدينا عدد مهم منهم، فيكفينا فخرا ان المقاومة العراقية تزهو بالبعثيين الذين اذاقوا امريكا الويل، ونجحوا في تنظيم خطط عسكرية تفوقت في عبقريتها على خطط جنرالات البنتاغون .
ايها البعثيون : ارفعوا رؤوسكم بتواضع الثوار، فانتم امل الامة في التحرير والوحدة العربية، وانتم صمام الامان الذي يحمي تجربة الحكم الائتلافي في العراق المحرر، لانكم قاتلتم سوية مع اخوة لكم من التيارات الاسلامية والقومية والوطنية ونزفتم الدم سوية، وتشاركتم في قطعة الخبز والرصاص والخبرة العسكرية، لذلك فانتم حماة وحدة الثوار، وانتم ضامنو نجاح الثورة في مرحلة اعادة البناء القريبة انشاء الله .

اما انتم يابعثيو الوطن العربي من موريتانيا حتى عمان، فانتم مسؤولون عن تامين دعم الشارع العربي لرفاقكم في العراق، لانكم الحزام القومي لهم، والمدد الذي لا ينضب الذي يوفر لهم الشعور بانهم ليسوا وحدهم، وبأن امة العرب تبعث من جديد على يدكم.

المجد والخلد لشهداء المقاومة العراقية .
تحية لمهندس ومفجر وقائد الثورة المسلحة صدام حسين وهو في اسره .
تحية لكافة القادة الميدانيين للثورة المسلحة وعلى راسهم الرفيق العزيز عزة الدوري القائد العام الميداني الباسل للثورة .
تحية للاخوة المجاهدين الصوفيين والاسلاميين من غير البعثيين، والقوميين واليساريين، الذين يدافعون عن العراق والاسلام التقدمي مع ااشقائهم البعثيين .
تحية للمستقلين من المقاتلين الابطال .
تحية للمجاهدين العرب الذين يساهمون، باعداد رمزية، في الجهاد المقدس، وفي ضيافة اشقائهم العراقيين .
تحية لاحفاد صلاح الدين الايوبي من المقاتلين الاكراد دفاعا عن وطنهم ودينهم .
تحية لاتباع عيسى عليه السلام الذين يحملون السلاح دفاعا عن عراقهم العظيم .
تحية للتركمان البواسل الذين سطروا اروع صفحات البطولة وحب العراق وسفحوا الدم الغالي من اجل عراقهم .
وتحية والف تحية للسائرين على درب سيد الشهداء الحسين عليه السلام من شيعة على كرم الله وجهه، والذين يقودون المقاومة المسلحة في البصرة والعمارة والناصرية وبقية مدن الجنوب العراقي الثائر.
تحية لعلماء الدين وشيوخ العشائر المجاهدين في سبيل الله والوطن .

لنجعل من يوم 11-4-2003 يوم احتفال سنوي بالرد العراقي الحاسم على الغزو وبداية مسيرة تحرير العراق والامة العربية والبشرية من الغول الامريكي .

لكل هؤلاء نقول : لقد اقترب النصر والعدو يزداد تشتتا وانكسارا، والمقاومة تزداد قوة وانتشارا وفاعلية ووحدة .
الله اكبر والنصر او النصر
.
للعودة الى موقع: سيبقى العـراق الى ألأبــــــد

Thursday, April 21, 2005

حرب الدعاية والمعلومات بين المقاومة والإحتلال ... أيهما سينتصر ؟


حرب الدعاية والمعلومات بين المقاومة والإحتلال ... أيهما سينتصر ؟


د. محمد العبيدي

الدعاية:

كتب أحد الصحفيين الغربيين قائلاً، "أثبتت الحرب الدعائية داخل العراق أنها تُشَنّ من جانب واحد، ألا وهي المقاومة العراقية، الأمر الذي قاد فصائل المقاومة إلى تجنيد عراقيين عاديين بوسائل متعددة منها على سبيل المثال إسطوانات مدمجة تعرض لقطات مصورة لوحشية قوات الإحتلال الأمريكية في العراق. وقد أكدت لي تلك اللقطات المصورة أولاً أن قوات الإحتلال قد إستهانت بالمقاومة لأنها غير معروفة لهم لحد الآن، وثانياً أن المواطن العراقي العادي مهان ومحتقر من قبل قوات الإحتلال".

بالرغم من حقيقة إنتصار المقاومة دعائياً في الوسط الشعبي العراقي، إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: هل نجحت المقاومة الوطنية العراقية في حربها الدعائية خارج العراق أيضاً ؟

الجواب بالتأكيد كلا. فالمقاومة الوطنية العراقية تواجه ماكنة إعلامية غربية متخصصة في إيصال ما تريده إلى المواطن الغربي، والأمريكي منه بالذات. كما أن «تقارير» وسائل الإعلام الأمريكية وأسلوبها ومحتواها، وخاصة اللغة التي تستعملها، تمثل صدىً لسابقيهم من النازيين وحاضرهم من الصهاينة. وحيث أن العالم أجمع قد شاهد وسمع سابقاً وشاهد وسمع اليوم، أن هناك جيوشاً بربرية لغزو الدول وتسوية المدن بالأرض وذبح المدنيين، في حين أن وسائل الإعلام من أذيال السلطة والمرتبطة بها بشكل أو بآخر قد حرفت تلك الحقيقة وساعدت بل وشاركت بشكل فعال في إقناع المواطن العادي بعدالة تلك الحروب على الشعوب التي شنتها ألمانيا النازية والصهيونية العالمية وأمريكا الإمبريالية.

وكما هو الحال في وسائل الإعلام النازية، لم تعلن الصحافة وشبكات الراديو والتلفزيون الرئيسية في الولايات المتحدة إلا عما يطلقون عليه «خسائر عسكرية»، وأنها لم تعلن عن قتل المدنيين الأبرياء منذ بدء الحرب على العراق وإحتلاله ولم تعلن عن آلاف القتلى والجرحى من الشيوخ والنساء والأطفال منذ بدء الهجوم على مدينة الفلوجة، على سبيل المثال. كما تبرز وسائل الإعلام الأمريكية تقاريراً تطلق عليها عبارة «غير مؤكدة» ترد إليها من الجيش الأمريكي حول عمليات قتل وإعدام وإختطاف تقوم بها، حسب إدعائهم، «منظمات إرهابية»، كما تظهر وسائل الإعلام تلك دعمها غير المحدود حيال عمليات القتل للمدنيين الآمنين في تقاريرهم عن القصف الأمريكي الجماعي للعديد من المناطق والمدن العراقية. فمثلاُ بالنسبة لشبكة NBC الأمريكية، كان الهدف من إسقاط قنابل من زنة 500 رطل على مدينة الفلوجة هو إستهداف «شبكة أنفاق للمتمردين بالمدينة». ولكن المنازل والأسواق والمحلات التجارية والأمهات والأطفال والشيوخ الذين كانوا يسكنون فوق تلك الأنفاق المزعومة قد تبخروا وأصبحوا «ضباباً»، ولم يقر بوجودهم المراسلون والإعلاميون المرتبطون مباشرة بقوات الإحتلال الأمريكية.

وبالرغم من معرفة العالم بأجمعه أن العراقيين يرفضون الإحتلال والسلطات التي عينوها، إلا أننا نجد أن وسائل الإعلام الأمريكية تشير إلى الوطنيين العراقيين الذين يدافعون عن بلدهم ضد الغزاة المستعمرين بلفظ «المتمردين»، في محاولة للتقليل من شأن المقاومة العراقية الوطنية الشجاعة. ويتمثل إستخدام ألفاظ غير واقعية في الإشارة بإستمرار إلى قوات الإحتلال الأمريكية، إضافةً إلى المرتزقة من الجنود الخاضعين لتوجيه وسيطرة هذه القوات بـ «قوات التحالف» كأحد المظاهر الرئيسية للحملة الدعائية الأمريكية المقصود منها خداع الشعب العراقي بأن القوات الأمريكية هي «قوات متحالفة مع العراق» وليست قوات إحتلال له.

لقد وصفت وسائل الإعلام الأمريكية على الدوام عمليات القصف الإجرامي للمنازل والمستشفيات والمساجد بواسطة مئات من الطائرات والمروحيات الحربية في الفلوجة، على سبيل المثال، بأنها «تأمين للمدينة لضمان حرية الانتخابات» !!!. وحسب الإعلام الأمريكي فإن جرائم القتل المنظم لأصدقاء وجيران وأقارب كل عراقي يسكن مدينة الفلوجة يسمى عملية «تحرير المدينة من المتمردين». كذلك، فإن قطع المياه والكهرباء والمساعدات الطبية عن 300000 (ثلاثمئة ألف) مواطن في المدينة وتعرّض عشرات الآلاف لتهديد الأوبئة والأمراض تعني عملية «تطويق المتمردين». كما أن عملية «إحلال السلام بالمدينة» تتضمن برأي الإعلام الأمريكي تحويلها إلى أنقاض مسممة معزولة تماماً.


فلماذا تلجأ واشنطن ووسائل الإعلام المرتبطة بالإدارة الأمريكية إلى إخفاء الحقائق وإلى الكذب المنظم ومحاولة إستخدام ألفاظ جميلة تخفي جرائمها ضد الإنسانية؟

إن الهدف الأساسي من ذلك هو تعزيز الدعم الإعلامي الداخلي لعمليات القتل الجماعي التي تتم في العراق على أيدي الجيش الأمريكي والقوات الأمنية العراقية المرتبطة بها، حيث تختلق وسائل الإعلام شبكة من الأكاذيب لتأمين بريق مشروعية الطرق الإرهابية والإجرامية حتى تتمكن قوات الجيش الأمريكي من متابعة عملية تدمير المدن العراقية في ظل حصانة ضد محاسبتها على ذلك.

والطريقة أعلاه التي أتقنها غوبلز في ألمانيا إتبعتها الولايات المتحدة قبل وبعد إحتلالها للعراق، حيث أنها تنطوي على الكذب المستمر ومحاولة إستخدام ألفاظ جميلة لجرائم مروعة يندى لها جبين الإنسانية حتى تصبح «حقائق» مقبولة ويتم تداولها في اللغة اليومية للمواطن الأمريكي. وقد تولت قوات الإحتلال الأمريكية في العراق بشرح الإهتمامات التكتيكية التي تهم قادة عمليات القتل والرعب والإرهاب الأمريكي في العراق أو ما يسمونه «إحلال الأمن» للمراسلين الإعلاميين المنساقين معها والمرتبطين بها وكذلك مراكز الأخبار المشهورة لكي يتداولها ملايين الأشخاص سواء بالإستماع إليها أو بمشاهدتها. ولقد تم توحيد الهدف بين وكالات القتل الإعلامي الجماعي والحياة العامة اليومية للأمريكيين من خلال «التقارير الإخبارية» وخصوصاً تلك التي يشاهد فيها المواطن الأمريكي الجنود الأمريكان يكتبون أسماء الزوجات والحبيبات على الدبابات والمدرعات التي تدمر مساكن العائلات العراقية وتحول مدينة كالفلوجة إلى أطلال.

وبعيداً عن الإستثناءات، فإن وسائل الإعلام المرتبطة بالإدارة الأمريكية تتبع عدة أساليب، من أجل «تهدئة» روعة «ضمير» الجنود والمواطنين الأمريكيين. ويتمثل أحد هذه الأساليب في «خلط الأدوار» بحيث تُعزى الجرائم التي ترتكبتها قوات الإحتلال إلى الضحايا وعلى النحو التالي: الجنود الأمريكيون ليسوا هم المسؤولون عن تدمير المدينة، ولكن العائلات العراقية هي التي فعلت ذلك لقيامها «بحماية الإرهابيين» وبذلك «جلبوا لأنفسهم عمليات القصف»!!!.

أما الأسلوب الثاني فيتمثل في الإعلان فقط عن مقتل وإصابة الجنود الأمريكان من حاملي الجنسية الأمريكية التي تحدث نتيجة عمليات المقاومة الوطنية والتي يشاهدها مراسلون مستقلون أو مواطنون عراقيون، وبذلك لا يرد أي ذكر لمقتل وإصابة الجنود «الأمريكان» من حاملي «البطاقة الخضراء» المرشحين للحصول على الجنسية الأمريكية أو لآلاف القتلى من المواطنين العراقيين جراء القصف الأمريكي وإطلاق النار العشوائي. وكما في وسائل إعلام ألمانيا النازية نجد أن الإعلام الأمريكي يمتدح «بطولة» و«نجاح» قوات بلاده (قوات الشرطة الخاصة النازية والبحرية الأمريكية) في قتل «الإرهابيين» أو «المتمردين»، إذ أن قتل كل مدني يُبرر بأنه «متعاطف مع إرهابي مشتبه به».

وحول الشبه بين القوات النازية وقوات الإحتلال الأمريكية، فإن القوات الأمريكية تعتبر أن كل مبنى مدني هو عبارة عن «مخبأ» لـ «الإرهابيين» وهذا بالطبع يعد خرقاً كلياً وفاضحاً لكل قوانين الأرض ومنها قوانين جنيف الخاصة بالحروب، وأن تدمير تجمعات سكنية ومدن بأكملها من قبل كل من ألمانيا النازية والولايات المتحدة هو نفس الإجراء العسكري الذي تتبعه إسرائيل ضد الفلسطينيين. فقوات الإحتلال الأمريكية، على سبيل المثال، تمارس جرائم لا توصف بحق «المشتبه بهم» من السجناء العراقيين الذين يتم إلقاء القبض عليهم، وبالنسبة للعديد من عامة الأمريكيين، تعتبر هذه الإجراءات جزءاً من «قصة النجاح» الأمريكي حيث تعلن قوات الإحتلال لهم أن هؤلاء هم «الإرهابيون» الذين يريدون تفجير منازل الأمريكيين. كما أنه بالنسبة للغالبية من الشعب الأمريكي، فإن وسائل الإعلام قد أقنعتهم بأن عمليات إبادة آلاف المواطنين العراقيين تمت من أجلهم حيث يمكنهم الآن النوم في سكينة، طالما أن «أبنائنا» يقتلونهم «هناك».

وفوق كل ذلك، فإن وسائل الإعلام قد قامت بكل ما هو ممكن لمنع الوعي المقاوم لدى العراقيين. ففي كل يوم وبكل وسيلة ممكنه يتم الإشارة إلى الولاء الديني والهويات العرقية والطائفية والمسميات غير السياسية. والهدف من وراء كل ذلك هو تقسيم العراق، ليتم بعد ذلك إخراج عراق «فوضوي» مجزأ للعالم ليس به قوى متوحدة ومستقرة إلا النظام الاستعماري الأمريكي. والغرض من الهجمات الإجرامية المتوحشة والمسميات السياسية هو تدمير الفكر العربي وفكرة الوطن العراقي المستقل الموحد على أن يتم إستبداله بمجموعة من الكيانات الصغيرة التي تتم إدارتها بواسطة ولاة مطيعين لواشنطن ومنفذين لسياستها.


من هنا يتبين أن المقاومة العراقية، رغم نجاحها الدعائي داخل العراق لحد الآن، بحاجة إلى تفعيل حملتها الدعائية ليس فقط من أجل تجنيد مقاتلين في صفوفها، بل أيضاً من أجل توجيه ضربة قاصمة للدعاية المضادة التي تشنها عليها أجهزة الدعاية الأمريكية ووسائل الإعلام العراقية المرتبطة بها.

المعلومات:

قد يعلم البعض أن هناك مكتباً تابعاً للبنتاغون يسمى «مكتب المعلومات الستراتيجية»، والذي تم تغيير إسمه بعد أحداث 11/ 9 ليصبح «مكتب التأثير الستراتيجي»، ولكن ما لا يعرفه القارى هو مهمة هذا المكتب. فبالإضافة إلى الأخصائيين الإعلاميين العاملين فيه، إستأجر هذا المكتب شركات علاقات عامة يدفع لها الملايين من الدولارات من أجل مساعدة البنتاغون فيما يسمى بالدعاية «السوداء» أو باللغة العامية الدارجة «الكذب» لبثها إلى العالم، وعلى وجه الخصوص إلى المواطن الأمريكي، بالإضافة إلى العديد من وسائل الإعلام المرتبطة بصانعي القرار السياسي والعسكري وكذلك باللوبي الصهيوني. ومن بين شركات العلاقات العامة التي يتعامل معها البنتاغون هي مجموعة شركات «راندن» التي قامت بأعمال كبيرة للمخابرات المركزية الأمريكية ولمشايخ الكويت، إضافة إلى حزب الجلبي، المؤتمر الوطني. وقد شاركت هذه المجموعة من الشركات بحملات دعائية لحساب بعض الدول العربية، وكان أهم عمل قامت به إحدى الشركات التابعة لهذه المجموعة (شركة هيل ونولتن) هو لحساب الكويتيين حول ما سمي في حينه قصة حاضنات الأطفال، التي تم فضحها لاحقاً حين تبين أنها كانت كذبة رخيصة.

ومن هنا لا يمكننا إلا القول بأن الدماء التي نزفت من الأبرياء في العراق وفي أنحاء أخرى من العالم على أيدي القوات الأمريكية تلوث أيدي القائمين على أجهزة الإعلام وشركات العلاقات العامة تلك، إذ حتى لو نشرت وسائل الإعلام هذه نصف الحقيقة فهذا لا يعني إلا كذبة، وكذبة كبيرة جداً. إن المعروف في الإعلام والدعاية أن نصف الحقيقة يساوي كذبة كاملة، وأن هناك أشكال متعددة وكثيرة للكذب تمارسها جميعها كافة وسائل الإعلام وشركات العلاقات العامة الأمريكية.

وهذا يؤكد أن الحكومة الأمريكية قد جعلت من دمج الدعاية ووسائل الإعلام جزءاً مهماً من تركيبة القيادة العسكرية للقوات الأمريكية المحتلة للعراق من خلال إعتبارهما أهم نوعين من أنواع «أسلحة المعلومات»، وبالطبع إضافة إلى إستعمالهما سياسياً من قبل الخارجية الأمريكية. ويذكرنا ذلك بالتأكيد الأكاذيب «غير المتقنة» لوزير الخارجية الأمريكية، كولن باول، في حديثة الشهير أمام مجلس الأمن قبل العدوان على العراق والذي ثبت بعدئذ كذب جميع ما صرح به من إدعاءات عن العراق.

وحسبما صرح به الخبراء الأمريكان أن السيطرة على المعلومات تتكون من جانبين مهمين، أولهما «بناء وحماية المعلومات» من خلال مكاتب تسمى بمكاتب «عمليات المعلومات» حيث الغاية الرئيسية منها هو السيطرة على المعلومات التي تعتبر بنظر القادة العسكريين ذات أهمية تعادل أهمية الحماية الشخصية للجندي. ومن أهم ما قامت به تلك المكاتب هو جمع وبث المعلومات إلى المراسلين بالشكل والطريقة التي يريدونها والتي كان لها أكبر الأثر على المستمع والمشاهد الغربي.

والجانب الآخر هو العمل على إنكار المعلومات التي يبثها «العدو» والحط من قيمتها إضافة إلى تدمير وسائله الإعلامية من خلال إستهداف تلك الوسائل، حتى عسكرياً. وأفضل مثال على ذلك، حسبما صرح به أولئك الخبراء الأمريكان، هو إستهداف مكاتب الجزيرة في كابول بإفغانستان وفي بغداد والبصرة، وأن جميع تلك العمليات العسكرية ضد وسائل الإعلام التي تعتبر معادية بنظر الأمريكان جرى الإعداد لها حسبما يسمى بـ «خارطة طريق عمليات المعلومات» التي حددها مكتب عمليات المعلومات التابع لرئاسة الأركان الأمريكية، بحيث وصل الأمر بأحد القادة العسكريين الأمريكان للقول «أننا سنعاقب حتى أصدقائنا إذا وقفوا ضد ما نقوم به أو ما نريد القيام به».

ومن هنا نرى أن إستهداف المعلومات المضادة للمحتلين يمثل مركز الأهمية بالنسبة لقوات الإحتلال لمرحلة ما بعد الإحتلال. وحسب وكالة مخابرات الجيش الأمريكية هناك الآن 15 مركزاً للسيطرة على المعلومات توجد في الولايات المتحدة والعراق والكويت وتعمل بدون كلل من أجل الحط من قدر المقاومة.

فهل ستستطيع المقاومة الوطنية الشجاعة ووسائل الإعلام المساندة لها من صد هذه الحملة ؟
ذلك ما يجب علينا جميعاً أن نتحمل وزره.

د. محمد العبيدي


20/4/2005

للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى الأبــد

Monday, April 11, 2005

مواجهة الاطماع الامريكية في العراق وانهاء الاحتلال لن ينجح الا بالمقاومة المسلحة



مواجهة الاطماع الامريكية في العراق وانهاء الاحتلال لن ينجح الا بالمقاومة المسلحة



المفكر القومي العراقي :خير الدين حسيب



المصدر: صحيفة المجد


توقع الباحث والمفكر القومي (العراقي) الدكتور خير الدين حسيب ان يشهد العراق المزيد من التدهور امنياً وفي مجالات القضايا الاساسية التي تهم الشعب العراقي في ظل الحكومة المنوي تشكيلها، حيث ستعجز هذه الحكومة عن معالجة هكذا قضايا لانها لن تختلف في طبيعتها عما كان يسمى مجلس الحكم الانتقالي او الحكومة المؤقتة•

وكشف هذا المفكر العراقي الذي كان يتحدث في ندوة اقامتها له نقابة الصحفيين المصريين، ان معظم اعضاء الحكومة العراقية المؤقتة يحملون الجنسية الاميركية، وان قسم الجنسية الاميركية يفرض الولاء الكامل لامريكا الى درجة حمل السلاح امام عدو تراه امريكا خطراً على مصالحها•
ورداً على سؤال وجه له على هامش الندوة قال ان الولاء لامريكا هو يجمع بين اطراف ما يسمى الائتلاف العراقي الموحد، مشيراً الى ان الائتلاف عبارة عن تكتل لثلاث مجموعات رئيسية جمعتهم الرغبة في خوض الانتخابات، الاولى هي المجلس الاعلى للثورة الاسلامية برئاسة عبد العزيز الحكيم، والثانية احد اطراف حزب الدعوة وهي المجموعة التي يرأسها ابراهيم الجعفري، ومجموعة احمد الجلبي رئيس حزب المؤتمر، وان هذه المجموعات الثلاث تختلف ولاءاتها، فهي تدين بالولاء للقوة الامريكية وان اختلفت درجات هذا الولاء، فالمجلس الاعلى مقسم في ولائه بين اميركا وايران، وكذلك حزب الدعوة، وفي حال ما تعارضت الامور سيكون حزب الدعوة اميل للولاء لامريكا، بينما يميل المجلس الاعلى للثورة الاسلامية الايرانية، اما الجلبي فحيث مالت يميل•

وقال حسيب انه سواء رأس الحكومة الجعفري، او علاوي فالامر لن يختلف لان ولاءهما للامريكان، والجعفري الذي يخشى من ولائه لايران سافر في مرحلة سابقة لامريكا وقابل كونداليزا رايس، وبالتالي فان الادارة الامريكية مطمئنة لما يحدث، خاصة ان لديها الورقة الكردية التي يمكن بها اسقاط الحكومة في اي وقت•

ورداً على سؤال حول اصرار بعض القوى العراقية على عدم المشاركة في صياغة الدستور، ومدى تأثير ذلك على شرعيته قال•
ان المأزق الآن ان قانون الادارة المؤقتة وضع بنداً نص على ان اي استفتاء على الدستور يشترط فيه موافقة ثلثي السكان في ثلاث محافظات والا يعتبر مرفوضاً وكان وضع هذا البند بالطبع لخدمة الاكراد، الا انه انقلب عليهم الآن، فاذا عرفنا ان هناك خمس محافظات لن تشارك في الاستفتاء على الدستور ومن ثم تصبح مسودة الدستور غير شرعية وبالتالي سينتج عنه ان يتم حل المجلس الوطني•• معنى ذلك ان المفتاح الآن في يد القوى التي رفضت المشاركة في الانتخابات، فإما يتم الاستجابة لمطالبها او يستمر الوضع على ما هو عليه من عدم الاستقرار•
وفي معرض تقييمه لتحرك وتأثير المقاومة العراقية، ثمن حسيب دور هذه المقاومة، وقال ان المقاومة الوطنية الشريفة ظهرت بعد يومين فقط من سقوط بغداد، وان هذه المقاومة موجهة اساساً للاحتلال والقوى المتعاونة معه، اما العمليات التي استهدفت خطف وقتل المدنيين فلا علاقة للمقاومة بها•

واوضح ان المقاومة العراقية الموجهة ضد القوات الامريكية المحتلة يمكن تقسيمها الى اربعة اقسام، المجموعة الاولى من لديه جنسية امريكية وهو ما يتم نشر اعداد القتلى والجرحى منهم•

والمجموعة الثانية من لديهم اقامة دائمة، والثالثة هم المتطوعون، والرابعة تشمل المقاولين الذين يصل عددهم الى 20 الفاً هؤلاء جميعاً لا يتم احصاء اعداد قتلاهم او جرحاهم•

اذن الارقام الامريكية التي تقدر عدد القتلى بـ 1500 وعدد الجرحى بين 18 الفاً الى 50 الفاً، هي في الحقيقة لا تمثل سوى المجموعة الاولى فقط، ولنا ان نتصور حجم الخسائر التي اوقعتها المقاومة بالقوات الامريكية وهي بالطبع تصل الى اضعاف ما يتم الاعلان عنه•

وقال ان المقاومة العراقية قوية وشهدت ايضاً تطوراً نوعياً وكمياً وهو ما اعترفت به الادارة الاميركية، وهي تكاد تكون يومياً حتى في الجنوب، ويكفي القول ان هناك 600 جندي امريكي نقلوا الى المستشفيات لعلاجهم من امراض عصبية كما سجلت نسبة الانتحار في الجيش الامريكي بالعراق أعلى نسبة انتحار للجيش الامريكي في اي حروب اخرى، مشيراً الى ان هناك ايضاً 3 الاف جريح بريطاني ومائة من القتلى، وكل هذه المؤشرات تؤكد على وجود مقاومة حقيقية، الا ان الاعلام لا يبرزها ويركز فقط على تلك العمليات التي لا تمت للمقاومة بصلة، ويستغلها ليصف المقاومة بالارهاب وهي براء منها•

وتوقع ان يقود المزيد من تدهور الوضع الامني في العراق الى مقدمة للانفراج في ظل تصاعد المقاومة وزيادة فاعليتها حيث انها ستشهد زيادة كماً ونوعاً، وهو ما بدأت ارهاصاتها بالفعل، فبعد ان كانت سياساتها اضرب واهرب باختيار نقاط الضعف، اصبحت الآن تضرب وتصمد وتحاول احتلال المواقع العسكرية الاميركية لتنتقل لاحقاً الى مرحلة اخرى وهي تحرير المدن، ويساعدهم على تحقيق النجاح ان القوات الامريكية بدأت تعاني من نقص في اعدادها، فبعد انسحاب 10 آلاف من قوات التحالف من العراق، وبعد ان اعلنت هولندا سحب قواتها، وبعد اعلان اوكرانيا سحبها لقواتها ايضاً، وتخفيف بولندا من حجم مشاركتها وتوقع سحب ايطاليا لقواتها بعد وقت قصير ان الجيش الاميركي مضطر ليحل بقواته محل هذه القوات المنسحبة، فاذا عرفنا ان من بين 4500 احتياطي امريكي طالب ألفان تأجيل الخدمة، فضلاً عن رفض 337 للدعوة للالتحاق بوحداتهم لاعادة تأهيلهم، ولجوء خمسة آلاف جندي امريكي الى كندا، ونقص عدد المتطوعين فبالرغم من اعلان امريكا عن فتح باب المتطوعين في شهر شباط الماضي الا انه لاول مرة لم يتقدم سوى ثلث العدد المطلوب وهو ما اوردته الصحف الامريكية•

هذا فضلاً عن انعكاس احتلال العراق على الاقتصاد الامريكي، فحتى الآن وصلت تكلفة الجيش الامريكي بالعراق الى 021 ملياراً، وطلبت وزارة الدفاع 08 ملياراً اضافية وبلغ العجز في الميزانية 500 مليار، ووصلت الديون الامريكية للخارج الى 8 تريليونات، فضلاً عن انخفاض الدولار الامريكي من 30 الى 35%، كل هذه مؤشرات توحي باحتمال حدوث ضغط داخلي لاجبار القوات الاميركية على الانسحاب من العراق•

قال خير الدين حسيب ان كل انواع المقاومة مطلوبة، مادام هناك احتلال فمن الطبيعي ان تكون هناك مقاومة، المقاومة السلمية مطلوبة لكنها لا تكفي وحدها لدحره، يجب الا ننسى ان امريكا جاءت للعراق تحركها اطماعها في ثرواته، ومن السذاجة ان نصدق ادعاء امريكا ان التدخل في العراق جاء بهدف التخلص من نظام ديكتاتوري، فالعراق ليس البلد الوحيد الذي لم يختر رئيسه بحرية، ولا الشعب الوحيد الذي لا يرضى عن حاكم ويعجز عن تغييره فلماذا العراق بالذات !! الاجابة تكمن في الاجندة الامريكية التي رصدت 200 مليار من اجل الوصول للعراق لتضع في النهاية يدها على كنوزه•

لذلك فان مواجهة الاطماع الامريكية في العراق وانهاء الاحتلال لن ينجح الا بالمقاومة المسلحة والدبلوماسية وكل انواع المقاومة فحيثما كان الاحتلال كان من الطبيعي ان توجد مقاومة لدحره.


للعودة الى موقع: سيبقى الـعِـراق إلى ألأبــــــــــــد

Saturday, April 02, 2005

الخطاب الاعلامي المساند للمقاومة


الخطاب الاعلامي المساند للمقاومة ما بين المسؤولية والتهريج

محمد البغدادي

لعل أخطر ما يمكن أن يفعله المرء عند تصديه كتابة للتعبير عن حالة المقاومة والرفض الشعبي للاحتلال الاميركي الصهيوني للعراق هو الوقوع في فخ إلخطاب الانشائي المبالغ فيه الذي يعتمد عدم الدقة في الطرح والتشتت في الرؤيا من جهة، او يقوم على اساس تغليب الأماني الشخصية على التصدي العقلاني والموضوعي لمخطط الاحتلال ومشاريعه من جهة اخرى، فيضع تحليلات تتصف بالفوقية وامورا لا تمت بصلة للواقع مبنية على معلومات مجتزأة ومغلوطة مع الاصرار العنيد على تبنيها كحالة راسخة للايحاء للمتلقي بقدرة الكاتب على استنباطها من صلب الاحداث و وقائعها، في حين أنها في حقيقة الامر تفتقد للواقعية ناهيك عن المصداقية كونها تجانب ما يجري على الأرض. هذا الخطاب الإنشائي يؤدي على المدى البعيد إلى إصابة المتلقي بالإحباط والفشل والشعور بالهزيمة والى تعميق حالة التردد التي لازال الكثير من ابناء شعبنا لم يتخلص منها، وبالتالي فان هذا النهج سيقدم مساعدة كبيرة ومجانية للعدو المحتل.

إن الحملة الشرسة والمزدوجة الجوانب التي يشنها العدو المحتل على بلدنا وشعبنا وهويتنا والتي تنفذ بامكانات هائلة في شتى المجالات تتطلب ان تتصف أساليب مواجهتها بالوعي التام والحكمة والحرص . فاذا كان عدونا يمارس تلفيق الاكاذيب وابتكار وتزوير الحقائق والتعتيم على ما يجري واخفاء النوايا الحقيقة لمخططاته فان هذا لايعطي الحق لاي شخص في ممارسة الاسلوب ذاته في التصدي بالكتابة عن قضية الوطن حتى لو كان الهدف مشروعا بدعوى ان العين بالعين والسن بالسن وما الى اخره من تبريرات. وليس من المقبول ان يتم التصدى للاحتلال عن طريق الخبر الكاذب والإدعاءات المفبركة التي سيتساوى فيها المعارض للاحتلال مع المؤيد له لأن هذا الاخير موجه توجيها مأجورا مدفوع الثمن لتلفيق الاكاذيب. فالمواطن بات يحس بوطأة ثقل الاعلام المفبرك « الماجور» على مجمل الحالة التي يمر بها واصبح الجميع يشعر بانه مستهدف عن طريق التسابق في ايصال الخبر الكاذب والايهام باشياء بعيدة عن الحقيقة وهذا جزء من خطة إعلامية كبيرة ضمن استراتيجية العدو المحتل لايصال المواطن العراقي بشكل خاص والعربي بشكل عام الى حالة من القبول بكل ما يعرضه من فبركات تهدف الى ايصاله الى حالة الاحباط واليأس والإحساس بالضعف، وهذا يستوجب منا ان نتمسك بالصدق وبالمعلومة الدقيقة والكتابة الموضوعية. فنحن اصحاب قضية واصحاب حق ونستند الى المشروعية الكاملة ولسنا بحاجة الى استخدام اساليب العدو التي باتت وبالا عليه بعد ان بدأت تتساقط وتنكشف كل ادعاته الكاذبة الواحدة تلو الاخرى امام كل العالم، اذا انه من الخطأ ان يتصور البعض ان الفبركات والمصطلحات الاستفزازية المركبة بصورة فنطازية هي الوصفة السحرية للوصول الى قلوب وعقول الاخرين، سواء من كان منهم في الصف الوطني او من عامة الناس، من خلال خلطها في الديباجات التي يراد بها التعبير عن الموقف الوطني المناهض للاحتلال، لأن عدونا قد اعد الحرفيين والمتخصصين في كل المجالات من أجل الفوز في المواجهة الاعلامية حيث يستخدم كل اساليب الخبث والدهاء في عالم السياسة والثقافة والاعلام والحرب النفسية من خلال توظيفه المتخصصين في علم النفس الاعلامي المضاد من أجل هذه المهمة. لهذا لا بد لنا ان لا نعطيه اية فرصة لفرض تاثيراته وذلك يتحقق باستنادنا الى اسس الحقيقة والشرعية والمصداقية والموضوعية التي هي اشد واخطر على كل خططه واستراتيجياته، والتي يجب ان نعمل عليها بشكل متفاني ونكران ذات حقيقي من اجل قضية الوطن وحدها فقط دون اي شيء اخر.

ان مواجهتنا مع العدو مواجهة جماعية تلاحمية ليس فيها من هو صغير أو كبير، وانما يتقدم صفوفنا فقط المجاهدون المقاومون الذين نقف لهم اجلالا واحتراما وتقديسا لفعلهم البطولي وتضحياتهم العظيمة وعلينا اسنادهم بالكلمة الصادقة الموزونة الرصينة. كما وعلينا ان لا نحملهم المزيد من وزر سلبيات الخطاب الاعلامي الانشائي الذي لايغني ولا يسمن، فرفقا ايتها الاخوات وأيها الاخوة بالمقاومين الابطال، فما عاد مقبولا التمادي في هذا النهج المضر، فهناك امثلة كثيرة مما يكتب وله إنعكاسات سلبية على المقاومة وعلى موقف الشعب العراقي الرافض للاحتلال اذ ليس من المقبول على سبيل المثال ان تكتب احدى الاخوات المناهضات للاحتلال ان تاريخ انطلاق المقاومة هو يوم الحادي عشر من نيسان من عام 2003 وتدعو الى الاحتفال في هذه اليوم، ولا ندري من اين اتت بهذا التاريخ، فالكل يعلم بان المقاومة انطلقت شرارتها بتاريخ التاسع من نيسان في تجتمع خاص وفي اليوم الذي زار الرئيس صدام منطقة الاعظمية في بغداد، وفي ذات اليوم الذي كانوا يعرضون فيه مسرحية اسقاط التمثال، وقد اعتبر المجتمعون انطلاق المقاومة هو امتداد لجهاد الشعب العراقي ضد العدوان الامريكي القائم والمستمر ضد العراق منذ التسعينات، وانطلق كل لتأدية واجبه. وقد سبق لحزب البعث العربي الاشتراكي أن اعلن في العديد من بياناته بان التاسع من نيسان 2003 هو يوم انطلاق المقاومة، واخرها البيان الصادر في في التاسع عشر من آذار 2005 ، وحتى التقارير الرسمية ألاميركية اعترفت بأن المقاومة العراقية بدأت نشاطاتها ضد قوات الاحتلال في اليوم التالي لإحتلال بغداد أي يوم الخميس العاشر من نيسان 2003.

وذات الاخت كتبت غير مرة ولم تصب، منها تأييدها المطلق لسوريا في مقال بعنوان ( كلنا سوريا ..الخ)، سوريا التي خانت العهد والمواثيق والايمان واضرت بالمقاومة الكثير، وما كان مقبولا ان يكون الموقف هكذا تهريجيا بعيدا عن اية رؤيا سياسية ناضجة، مما يشعر المواطن ان الخطاب الانشائي غير الواعي هو المسيطر على تفكير المحسوبين على اعلام المقاومة ويصوره أنه حالة اشبه بالتهريج. وقد يكون للمقاومين والمواطنين كل الحق في الامتعاض من ذلك وهم يجدون مثلا احد الاخوة الاعلاميين قد اطلق العنان لنفسه اذ يكتب مصرا على انه اصبح رمزا للمقاومة وان اسمه راح يطلق على شوارع بغداد الجريحة، ثم يستعجل بطلب تشكيل حكومة للمقاومة وفورا ولا يعطي اي عذر للتأخير. الحقيقة ان هذا النوع من الخطاب هو ما يرغب به الصف المعادي للايحاء للناس بان خطاب المقاومة هو خطابا فوضويا وتهريجيا، وأن المقاومة هي مجرد انفار وانها لا تمتلك اي رصانة في الموقف السياسي والتخطيط التعبوي والاعلامي. كما وأن بعض الاخوة كتبوا رسالة الى الهيئات والمنظمات الدولية يطالبون فيها اطلاق سراح الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال وهم يهددون في رسالتهم بالقتل ويقولون ان كل اسير او سجين بعشرة. ولا ادري كيف غاب عن بالهم تأثير ذلك في تشويه صورة المقاومة جراء وصفها بهذا الشكل الذي يبحث عنه المحتل جاهدا.

ان غياب الخبرة السياسية والاعلامية المستندة الى اسس تعبوية سليمة والقادرة على مواجهة التحديات بحنكة وحرص، وعلى انجاز كتابات نوعية، لا يعفي البعض من الكتاب من مسؤولية الاخطاء التي يرتكبونها. فبالله عليكم ايتها الاخوات وأيها الاخوة الاعلاميون تمهلوا وتبصروا باهلكم وبمقاومتكم ونرجو ان لا تكون كتاباتكم غير دقيقة وخليطا من الخطاب الانفعالي والاستفزازي الشاذ او مستندة الى معلومات غير موثقة يطلقها هذا الطرف او ذاك ممن يدعون التصاقهم بما يجري لبلادنا باحثين عن النجومية الاعلامية على حساب الوطن المحتل والشعب المضطهد واعلموا ان صراعنا طويل ومرير مع المحتل والمواجهة قد ستستمر سنوات ولكن الله ناصر الحق واهله مهما طال الزمن. ويجب ان لايغيب عن بالكم ان خطاب المقاومة العراقية الباسلة خطاب متأني ومبني على اسس موزونة تتصاعد تراكميا في الرؤيا والموقف السياسي والاعلامي والتعبوي طبقا لطبيعة المواجهة طويلة الامد مع العدو المحتل، وان تهيئة الناس والهمم لهذا الصراع التاريخي لابد ان يتم بشكل سليم.

وحتى لا يكون خافيا على احد، لابد من الاشارة الى ان واحدة من اهداف العدو في مجال الحرب الاعلامية والنفسية للتاثير على الطرف الاخر هو خلق حالة من التشتت في تفكير الجهد الاعلامي لهذا الطرف من خلال جعل خطابه تائها لا يمتلك رؤية سياسية موضوعية يستطيع ان يصل بها الى عقول الناس بالاقناع ودفعه الى اللجوء الى استخدام ادوات الخطاب الانشائي المليء بالعبارات الاستفزازية ذات التاثير الاني المحدود بسبب بهرجتها التي تتلاشى وتتناساها الناس بعد حين، ومن جهة اخرى تجعل اصحابها يعيشون في دوامة البحث عن عبارات رنانة وفرقعات بديلة بعد انتهاء مفعول ما سبقتها وتتحول مهمة الكاتب في هذه الحالة الى باحث عن وجود شخصي له بدلا من أن يكون صاحب قضية، وبالتالي يطغى الشأن الذاتي على الشأن العام وتتداخل عنده الطموحات وتختلط ويصبح راكضا في كل اتجاه من اجل تثبيت وجوده في الساحة السياسية والاعلامية متسابقا مع غيره لذاته ، وهكذا نفتقده كواحد من الاعلاميين الداعمين للقضية وهذا هو بالضبط ما يريد اعلام الاحتلال.

وعليه فانه على الاخوة الكتاب ان يتجنوا الوقوع في هذا الفخ وان يركزوا على كتابة خطاب اعلامي موجه لشعبنا والعالم لكشف حقيقة الاحتلال ونواياه ومخططاته وجرائمه وامداد العالم اجمع بمعلومات موثقة عن جرائم الاحتلال و الرد على الاعلامين المأجورين من اجل كشفهم، وتثقيف المواطنين ايضا على حقيقة ما يجري وتحذيرهم من نوايا الاحتلال، والكتابة عن تأصيل حالة الانتماء الوطني للعراق والتثقيف على المقاومة. وهذا هو الجهد الخير الذي سيسجله شعب العراق لهم. وكلنا ثقة من ان الاخوة الاعلاميين الذين لازالوا لم ينتبهوا الى حجم الضرر أن يقوموا بتصحيح الامر وتلافيه ونأمل ان لا نتلقى منهم الجفاء والاصرار على نفس الموقف، لان قضية الوطن هي بأمس الحاجة لاي جهد، وارجو ان يقرأوا مساهمتي البسيطة هذه بتمعن لانها لا تهدف الا لخدمة قضية الاعلام الوطني، اذ ان دعم المقاومة اعلاميا مثلما هو واجب وطني على كل من هو قادر عليه فهو ايضا مسؤولية وطنية كبيرة لان اداء هذه المهمة النبيلة لا يتم الا من خلال الالتزام بالقضية بوعي وموضوعية وحكمة، بالاضافة الى التعلم من التجارب، فكل الأهداف الكبيرة تحتاج إلى جهود كبيرة وطويلة الأمد والمفعول ، والمقاومة ليست بحاجة الان لاحتفاليات خطابية او ابراز للرموز.

محمد البغدادي

للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــد

قصة محتالة بغدادية ضحكت على أميركا




قرأت المقال الذي كتبهُ الاستاذ محمد عارف في صحيفة الاتحاد الاماراتية وضحكت ثُمّ عادَ إليَ حُزني من جديد ..
ضَحِكت لأن مَن يحتل العِراق هُم بعقلياتٍ وإمكانات أضعفُ من أن تكتشفُ كِذب الكلب أحمد وذَنّبهُ عّلاوي .. وعاجِزة عن إكتشاف كِذب إحدى بائعات الهوى (كما يُسميها الاديب نجيب محفوظ في قصصهِ!) .. ولكنني عُدتُ لِحُزني لأنّ العرب مازالَ فيهِم من يَعتقِد أنّ أميركا ومُجرميها وصحافتها ومحققيها بِهذهِ الجهالة (!!) .. وأقول لكافة من يعتقد أنَ الامريكان ضحية أكاذيب وإفتراءات العملاء (مثل علاوي والكلبـــ....ـي!) أو أكاذيب قوادين (مثل الطالباني!) أو إيرانيين شعوبيين يحلمون بإحتلال العراق كما كان قبل ألإسلام (أمثال التباتبائي وألأشيقر والسيستاني!) .. أقولُ لَهُم أنّ أميركا تعلم بِكذبِ هؤلاء.. وهي التي تشجعهم على الكذب وتعطيهم مايحتاجونهُ مِن معلومات يحبكونَ بها قصصهم (وأعتقدكم لم تنسو من دّربَ نيرة إبنة السفير الكويتي صباح الصباح!) .. فأميركا تستخدم القصص الملفقة لِتغطي جَرائمها لمرحلةٍ معينة تكون خِلالها قد مَلَئَت المكتبات ومراكز المعلومات والعقل العربي (المشلول والذي لم يصحو بعد من هول الهجمة الامريكية) .. وبعد ذلك لن يَهُم أميركا سواء تمّ إكتشاف كذبها وكذب عملائها وزانياتها وديوثيها، أو لم يكتشف.. فما حققتهُ من تشويه لمعالم مسارح الجرائم التي إقترفتها أيادي قواتها المجرمة وميليشيات عُملائها قد حصلت وحققت أهدافها.. ثُمَ تَعود بينَ آونةٍ وأخرى لتؤدي دور الضحية للكذابين الذين أوقعوا بها!!.. ولِتُبيضَ صفحتها من جَديد.. فأميركا دولة تَكُنُ المشاعر الصادقة والحقيقية للشعوب وحرياتها.. وأنها تُضحي بأبنائها في سبيل تلك الشعوب .. وأنها قد تستعجِل لأحتلال الدول بسبب صرخةٍ (لِزانية!) أو دعوةٍ مِن (دَيوث!) أو طلب النجدة من (لصٍ مطلوب للأنتربول!) .. ورغمَ ذلك فلا تتوقف عن إتمام رسالتها (الصليبية) فتستخدم نفس النماذج من الديوثينَ واللصوص والشواذ والشُذاذ لمحاولة ضَربِ شعبنا في سوريا ولبنان..
وأعتذرُ للأستاذ محمد عارف فأعتقدهُ يُدرك كل ذلك.. وهو مشكور على تقديم هذهِ المعلومات كي يمسح بها ما تَرَسبَ في ذاكرة البعضِ مِنا مِمَن يُصّدقوا حكايات العلوج أو عملائِهم.. :


قصة محتالة بغدادية ضحكت على أميركا


بقلم: محمد عارف


تذكر أقصر نكتة عراقية أن قطة حشّاشة قالت لصاحباتها القطيطات: نسيت كيف أصّرخ. ميووو، أو يبووو؟- "يبووو" صرخة استغاثة تطلقها العراقيات عند وقوع فاجعة. وألف "يبووو" على أميركا، التي ضحكت عليها محتالة بغدادية. فيما يلي قصتها، التي تعكس وضاعة المتورطين في احتلال العراق والمتعاونين معهم.

جُمانة ميخائيل حنّا صحبت في يوليو عام 2003 عدداً من مسؤولي سلطات الاحتلال إلى "سجن الكلاب السايبة" في بغداد، وأخبرتهم أن عشرات الجثث مدفونة تحت أرض باحة السجن. وأطلعتهم على رسائل وبطاقات شخصية وصور وتربة للصلاة أودعتها لديها زميلاتها السجينات، اللواتي توفين تحت التعذيب، وهي الوحيدة التي بقيت على قيد الحياة. وأشارت إلى جذع شجرة ملقى على الأرض، وذكرت أنها كانت تُصلبُ عليه... وتعذب في مواقع حساسّة من جسمها.

وذكرت جُمانة أن مأساتها بدأت عند زواجها من هيثم جميل أنور، الهندي الجنسية، والقوانين، حسب ادّعائها تحرّم على العراقيات الزواج بالأجانب. كانت تدير آنذاك "بوتيك" للأزياء في حي عرصات الهندية ببغداد، وكانت تقصدها ساجدة زوجة صدام حسين، وهي حسب قولها فلاّحة جاهلة لم تكن تعرف كيف تضع ساقاً على ساق. علّمتها جُمانة فنون التصرف، وصمّمت لها ملابس نوم سوداء مغرية لتحظى بحب صدّام. وعندما علمت ساجدة بمحنتها حصلت لها على موعد لمقابلة ابنها عُدي للحصول على مرسوم يجيز لها الزواج من الهندي. وذهبت للموعد في أحد أيام أغسطس عام 1993 في مقر اللجنة الأولمبية، التي كان عدي يرأسها. هناك احتجزها مساعدوه واغتصبوها. وقالت إنها كانت عذراء، وعندما اغتصبوها غطوا عينيها حتى لا تتعرف عليهم، لكنها سمعتهم يسألون "أستاذ عُدي" ما يفعلونه بدمائها السائحة على الأرض، فطلب منهم أن يملّحوا به حافة كاس الويسكي، الذي يشرب منه.

صحيفة "واشنطن بوست" أوردت هذه المعلومات في تقرير بعنوان "امرأة وحيدة تشهد على عهد الإرهاب العراقي" على الصفحة الأولى في 21 يوليو 2003. ونشرت الصحيفة، التي تُعتبر من أكثر صحف العالم موثوقية وتحققاً صورة جُمانة، وهي تلطم على رأسها خلال مرافقتها للمسؤولين الأميركيين في السجن، وذكرت أنها العراقية الوحيدة، التي جرؤت على تقديم شهادة عن اغتصابها من قبل زبانية النظام البعثي. وصرّح للصحيفة دونالد كامبل، قاضي المحكمة العليا في نيوجيرسي، ورئيس هيئة المستشارين القانونيين لسلطات الاحتلال بأنه حقق في جرائم فظيعة في 72 دولة، لكنه لم يدوّن شهادة تماثلها بالصدقية والمأساوية. وذكر برنارد كريك، رئيس شرطة نيويورك، الذي عيُن مشرفاً عاماً على وزارة الداخلية العراقية أنه أوشك على التقيؤ حين شاهد جذع الشجرة، التي كانت تُعلق منها، والأدوات التي كانت تُستخدم في تعذيبها. وفي شهادة عنها في مجلس الشيوخ ذكر مساعد وزير الدفاع الأميركي بول وولفوفيتز أنه زار "سجن الكلاب السايبة" في بغداد، وتحقق من صحة معلوماتها، "التي قد تساعد دول التحالف على اجتثاث البعثيين القتلة".

وخشية على حياتها تقرّر نقلها مع طفليها وأمها البالغة 72 عاماً من العمر إلى مقر سلطات الاحتلال داخل "المنطقة الخضراء". وخُصّصت للعائلة حافلة سكنية على مسافة بضعة أقدام عن حافلة حاكم الاحتلال، السفير بول بريمر. ومنحتها "إدارة التحالف الانتقالية" وسام الشرف، وعيّنت 4 حراس أمن للمناوبة على حراستها 24 ساعة يومياً. وتحولت جُمانة في أعين الأميركيين إلى رمز للبطولة والتحرير. اعتُبرت قضيتها بحد ذاتها كافية لتبرير الحرب. ونقلتها طائرة عسكرية خاصة إلى سان فرانسيسكو، حيث تقيم في عنوان سري منذ ذلك الحين. وتنافست دور النشر الأميركية على حقوق نشر مذكراتها، واختيرت لكتابتها ساره سولوفيتش، المعروفة بمقالاتها في "واشنطن بوست" وغيرها من المطبوعات الأميركية الكبرى. ذكرت سولوفيتش أنها وافقت على توقيع عقد الكتاب بعد لقائها بجُمانة، التي استمالتها حميميتها، ووجهها الصريح المعبر، وابتسامتها المُرحبة، وعيناها المستعطفتان. كانت تكرر على مسامعها عبارات الحب بصوت شجي: "أنت صوتي، أنت شمعتي. إنك لست كاتبتي. بل أنت الآن أنا". واستهوتها ذكريات جُمانة عن نشأتها في عائلة مسيحية آشورية غنية، تسكن في عرصات الهندية، وسحرتها ذكريات حفلة التخرج، التي أقيمت لها في نادي الهندية ببغداد. ذروة الحفلة كان صعود جُمانة على سُلّم للوصول إلى أعلى الكعكة الشاهقة وقطعها بسيف بدوي!.

وقصة تلد قصة أخرى مع التقدم في تدوين ذكريات جُمانة، ومقابلة المسؤولين، الذين حققوا في قضيتها، ومقارنة شهادات معارفها وأقربائها. احتلت القصة الجديدة 10 صفحات في عدد يناير للمجلة الأميركية المرموقة "إسكواير"، وتحدثت فيها الكاتبة سارة سولوفيتش عن بداية شكوكها في صحة ما ذكرته جُمانة حول حصولها على شهادة ماجستير بالمحاسبة من جامعة أكسفورد في بريطانيا. خريجة أكسفورد، ولا تتقن الكتابة بالإنجليزية؟! حاولت تعليل ذلك بأن ضحايا التعذيب يتعرضون إلى اختلاط ذهني يربك ذاكرتهم. ثم أظهر الفحص الطبي عدم وجود آثار للتعذيب في جسمها، ولم يُعثر حتى على كلمة "خائنة" بالعربية، الذي ادّعت أن الجلادين وشموا ثديها الأيسر بها لزواجها من الهندي. وأين اختفت المقبرة الجماعية في أرض السجن، التي ضغط بول بريمر على المحققين بشدة لإيجادها؟ لم يعثر التنقيب فيها 4 شهور إلاّ على عظام بقرة! ولا وجود لمتحف يحمل اسم جُمانة في موقع السجن، وزوجها، الذي ادّعت "واشنطن بوست" أن السجانين قطّعوا جسمه إرباً حي يرزق في بغداد، وهو ليس هندياً. ولم تُسجن جُمانة بسبب الزواج منه، بل لممارستها الزنا، حسب اعتراف أمها، التي قالت أيضاً إن ابنتها لم تتخرج من جامعة أكسفورد، ولم تذهب إلى بريطانيا في حياتها. ولا صحة لادّعاء جُمانة أن مقتدى الصدر أصدر فتوى ضدها لكشفها أن شقيقته شكرية اغتُصبت معها في السجن.

كيف أغفل هذه الحقائق القاضي كامبل وفريق مساعديه في بغداد، الذي ضم 20 محاميا أميركيا و50 عراقيا؟ الأجوبة التي حصلت عليها الكاتبة أقبح من أكاذيب جُمانة. اللواء العسكري أحمد إبراهيم، وكيل وزارة الداخلية سابقاً، ومساعد ممثل العراق في الأمم المتحدة حالياً، عبّر عن انزعاجه لأن العسكريين العراقيين التسعة، الذين ذكرت جمانة أنهم عذبوها، وأشرف هو شخصياً على اعتقالهم أطلق سراحهم جميعاً، وحصلوا على تعويضات. وظهر أن أبرزهم اللواء صلاح محمود كاظم، المرشح قبل اعتقاله لمنصب مدير الشرطة العام، كان يتعاون مع سلطات الاحتلال في تعّقب قادة المقاومة. والرقيب دانييل درايدن، الذي أشرف على التنقيب عن الجثث في "سجن الكلاب السائبة" قال إنه لن يهتم حتى لو اعترفت له جمانة الآن بأنها كذبت عليه. فهو مسرور، لأن اختياره لمهمة التنقيب أبعده عن جبهة القتال، ووفر له فرصة قضاء 4 شهور في "المنطقة الخضراء"، في قصر مكيّف الهواء، مجهز بالهاتف والإنترنت، وتعرّف فيه على مترجمة جميلة سيتزوجها!.

محمد عارف
للعودة الى موقع: سيبقى العراق إلى ألأبـــد

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker