Articles to read...

Thursday, June 29, 2006

لا مصالحة ولا مفاوضات الا بقبول شروط المقاومة المسلحة .للأستاذ صلاح المختار


صلاح المختار :
لا مصالحة ولا مفاوضات الا بقبول شروط المقاومة المسلحة .
حاوره هشام عودة – جريدة شيحان الاردنية 28 – 6 - 2006
قلل السياسي العراقي المعروف صلاح المختار من اهمية المبادرات التي تطرح بين فترة واخرى في العراق تحت مسميات المصالحة الوطنية، واصفا القائمين عليها بأنهم يريدون ضم المزيد من القوى للمعسكر السياسي الذي يقوده الاحتلال.
واضاف المختار ان النصر في العراق بات قريبا وان الادارة الاميركية تبحث الان عن مخرج يحفظ لها ماء وجهها امام العالم، بعد ان تأكد فشل مشروعها الامبراطوري الكوني.

وفيما يلي نص الحوار
س 1 : لدي معلومات موثوقة من مصادر عراقية عن عقد جلستي مفاوضات بين قيادات بعثية وزلماي زادة تمت في منزل علاوي في عمان، الأولى في شهر كانون أول الماضي قبل الانتخابات والثانية في شباط الماضي. والله اعلم
ج 1 : اعلن الحزب وكرر ذلك في كل مناسبة بانه لا توجد مفاوضات بين البعث وزلماي ، او غيره من ممثلي الادارة الامريكية ، واذا حضر اجتماع كهذا أي بعثي فهو يمثل نفسه فقط ويخرج على خط الحزب المبدأي الثابت والمعلن ، وهو انه لا مفاوضات مع الاحتلال الا اذا قبل الشروط المعلنة للمقاومة الوطنية المسلحة ، وحتى الان لم يبدي الاحتلال الاستعداد لذلك ، لهذا لاتفاوض معه والعمل المسلح هو الاسلوب الاساس لطرد الاحتلال ، او اجباره على التفاوض المشروط . كما يجب التذكير بان البعث لن يفاوض منفردا بل هو شريك لاخوة ورفاق في الجهاد واي تفاوض يجب ان يحظى بموافقة الفصائل الجهادية الرئيسية ومشاركتها فيها .
س 2 : بعد ثلاث سنوات على الاحتلال.. كيف تقرأ المشهد السياسي الراهن في العراق.. وما هو مستقبل الاحتلال؟
ج 2 : المشهد السياسي للاحتلال الان هو مشهد وصول الاحتلال وادواته الى حافة الانهيار وهو لذلك يعد نفسه للهروب من العراق ، محاولا قبل ذلك تجربة امكانية احتواء شخصيات او منظمات ثانوية محسوبة على المقاومة المسلحة او على الحركة الوطنية العراقية . لقد انهارت قدرة الاحتلال وادواته الايرانية وغيرها على الصمود بوجه التزايد المذهل للعمليات العسكرية للمقاومة الوطنية المسلحة، والدليل على ذلك ليس فقط التصريحات الرسمية وشبه الرسمية ، التي تعترف بان امريكا تواجه كارثة ستراتيجية في العراق هي الاسوأ في التاريخ الامريكي ، بل ايضا العمليات التدميرية المنظمة التي تنفذها المخابرات الامريكية والاسرائيلية ، بالتوافق والتنسيق التامين مع ايران ومخابراتها وعملاءها ، سواء بالقتل الجماعي على الهوية الطائفية اوبتدمير الجزء الذي لم يدمر عند حصول الاحتلال ! ان العراق يشهد الان (التطبيق الخلاق) لتهديد جيمس بيكر باعادة العراق الى عصر ما قبل الصناعة ، عند تفاوضه مع الوفد العراقي برئاسة المجاهد طارق عزيز فك الله اسره قبل شن العدوان الثلاثيني في عام 1991 . وهذه الحقيقة التي نراها في واقع العراق تعني ان امريكا لو كانت تريد الاستمرار في تنفيذ الخطة الاصلية التي تم الاحتلال وفقا لها ، وهي تحويل العراق الى مستعمرة امريكية ، لما قامت وتقوم بهذه الاعمال الاجرامية البشعة والتي تستبعد كليا أي احتمال لاستثمار او اعادة بناء للعراق المدمر . فالكل يعلم ان استعمار بلد ما يتطلب الاستقرار لان الاستثمار في ظل الفوضى المنفلتة غير ممكن لعدم وجود ضمانات المحافظة على راس المال والحصول على الربح .
ان امريكا تتبع الان سياسة الارض المحروقة في العراق لانها تعرف انها ستغادره مرغمة في وقت قد يكون مفاجئا . من هنا فاننا واثقون اليوم واكثر مما مضى بان النصر قريب وان عمر الاحتلال الاستعماري للعراق قد قارب نهايته . وبعكس ما قد يظن البعض فان الاعمال التدميرية للبشر والعمران في العراق هي اعمال امريكية وايرانية مشتركة وهي دليل حاسم على افلاس الطرفين بعد نجاح المقاومة في تحييد قدرة امريكا على مواصلة الاحتلال ماديا وبشريا ونفسيا ، وعلى التحييد شبه التام لفيلق بدر الذي لم يعد هو نفسه الذي دخل مع احتلال العراق بل انه الان يتشكل اساسا من مرتزقة هدفهم الراتب المغري . ومشروع المصالحة الذي عرضه نوري او جواد المالكي الايراني الجنسية ، ليس سوى تعبير دقيق عن حالة فشل المشروع الاستعماري في العراق لكل من امريكا وايران .


س 3 : تناقلت وسائل الإعلام معلومات عن مفاوضات بين الإدارة الأمريكية وقيادات بعثية.. من خلال متابعتك ما هي ثوابت البعثيين وشروطهم في مثل هذه المفاوضات، وكيف ترى مستقبلها.
ج 3 : كما قلت لا مفاوضات بين البعث والادارة الامريكية بل وقع تصرف فردي خاطئ تم بموجبه اتصال ما نعرف تفاصيله ، لكن الحزب حسم الامر واكد انه تصرف فردي وان من قام به غير مخول على الاطلاق وانه اجتهد تحت ظروف معقدة . اما شروط البعث فهي نفسها شروط فصائل الجبهة الوطنية العراقية المقاتلة من حيث الجوهر ، وهناك اتفاق عام عليها ، واهمها الانسحاب التام وغير المشروط لقوات الاحتلال ، وفي فترة زمنية لا تتجاوز الحاجة الفعلية لسحب قوات الاحتلال . وكما دخلت في 21 يوما فانها مطالبة بالخروج في فترة عملية تؤدي الى سحب القوات دون أي تأخير او مماطلة ، والفترة سيحددها العسكريون العراقيون الذين يعرفون كم تستغرق فعليا عملية الانسحاب . والشرط الاخر تعويض العراق على تدمير دولته ومجتمعه تدميرا شاملا ومنظما بما يضمن اعادة بناء الدولة بكافة مؤسساتها وفي مقدمتها القوات المسلحة العراقية . والشرط الثالث هو تعويض كل مواطن تضرر من الغزو الاستعماري سواء بالقتل او الجرح الجسدي والمعنوي او بنهب او تدمير ممتلكاته . وهناك شرط مهم وهو الغاء كل القوانين والقرارت التي اصدرها الاستعمار الامريكي في العراق . وانا شخصيا انصح الادارة المريكية بان من الافضل لها ان تتفاوض مع المقاومة اليوم وليس غدا بقبول شروطها ،لان كل يوم يمر يزيد خسائرها ويعقد مسالة المفاوضات ويقلل من رغبة المقاومة في التفاوض ، ويغلب الراي الذي أخذ يتعزز وينتشر ويقول بان المقاومة يجب ان لا تتفاوض مع امريكا حتى لو قبلت بالشروط وانما يجب تدمير ليس الاحتلال الامريكي للعراق فقط ، وهو امر حتمي كما تدل كل المؤشرات ، بل يجب ان يدمر المشروع الامبراطوري الامريكي العالمي من خلال اجبار امريكا على مواصلة القتال في العراق وعدم السماح لها بالانسحاب لاجل تقريب انهيارها المالي والاجتماعي وتفجير كل نقاط ضعفها القاتلة .

س 4 : بعد رسالة عزة الدوري الصوتية، أعيد خلط الأوراق السياسية في العراق، كيف قرأت انعكاسات تلك الرسالة على الشارع العراقي بكل أطيافه، وكيف استقبلتها الإدارة الأمريكية ؟
ج 4 : كانت هناك حملة منظمة وجهتها المخابرات الامريكية قامت على التشكيك بدور البعث في المقاومة ومحاولة خلق مشاكل بينه وبين الفصائل الاخرى، عبر التقليل من شأنه بواسطة كتاب مأجورين هنا وهناك ومنظمات وهمية اسستها مخابرات أقليمية تنفيذا لاوامر امريكية ، ومن ابرز ما ركز عليه هؤلاء هو القول بان المجاهد عزة الدوري القائد الميداني للمقاومة العراقية مات منذ زمن وان هناك من يكتب الرسائل باسمه ! وكنا نعرف ان احد اهم الاهداف من وراء هذه الحملة هو هدف تتبع قادة البعث والمقاومة من خلال رسائلهم الصوتية او اتصالاتهم او ردودهم وما قد تحويه من معلومات او غيرها ، اثناء الرد على هذه الدعاية بمحاولة اثبات ان المجاهد الدوري حي يرزق . ولاجل طمأنة الشعب العراقي فقد تركت فسحة زمنية طويلة بين طرح هذه الدعايات الاستفزازية وبين ما كان ضرورة معنوية بالنسبة للشعب العراقي ، وهي اسماع صوت المجاهد الدوري صوت العراق الشرعي بعد انقطاع طويل اعقب اسر السيد الرئيس صدام حسين الرئيس الشرعي للعراق ومهندس ومفجر المقاومة فك الله اسره .
ان بث الرسالة الصوتية ، ورغم منع بث اغلبها ، وكما كان متوقعا كان ضربة شديدة الوقع على راس امريكا التي كانت تتمنى تصديق اكاذيبها واكاذيب عملاءها القائلة ان المجاهد الدوري قد مات . كما كانت صفعة قوية على وجه عناصر تافهة تولت مهمة نشر الاكاذيب التي تشوه صورة البعث وتستفز مناضليه لجرهم الى معارك جانبية . واخيرا اوجدت الرسالة رد فعل حماسي قوي في الاوساط الشعبية العراقية الواسعة عززت اصرارها على مواصلة دعم المقاومة المسلحة . وهنا يجب ان نشير الى ان الحقد الامريكي على الشعب العراقي وطليعته الباسلة البعث وصل حد شن حملة عسكرية ضخمة في مناطق سامراء والدور وتكريت شارك فيها الاف الجنود لاجل العثور على المجاهد الدوري بعد بث الشريط وتم اعتقال مئات الاشخاص من تلك المناطق لاجل الحصول على معلومات منهم حول مكانه ، لكن الاحتياطات الامنية والحزبية كانت قد اتخذت لاحباط محاولات كهذه .


س 5 : اعتراف الإدارة الأمريكية على لسان رايس بارتكاب آلاف الأخطاء في العراق قد يكون مقدمة لقرارات أمريكية، ما الذي تراه من خلال هذه التصريحات، وما هو السيناريو الأمريكي المقبل؟
ج 5 : دون ادنى شك ان الادارة الامريكية تمهد عبر الاعلام ومراكز البحوث والخبراء والقادة العسكريين للانسحاب بطريقة تحفظ ماء الوجه ، وكما ان الاحتلال والحرب قد مهد لهما بحملات اعلامية طويلة لتهيئة الراي العام لتقبل الحرب والغزو ، من خلال شيطنة العراق وقيادته الوطنية بتلفيق الاكاذيب وتصوير البعث وقيادته انهما خطر على العالم فان الانسحاب من العراق لا يمكن ان يصور على انه تم بقرار امريكي وليس نتيجة هزيمة الا اذا اعيد تثقيف النا س وفقا لدعايات جديدة وافكار جديدة .وهذه الضرورة تحتاج لاعادة تثقيف للراي العام وفقا لاقوال واعترافات جديدة تضع الراي العام الامريكية في بيئة تتقبل الانسحاب بصفته اكمال للمهمة . وما نسمعه منذ اكثر من عام من تصريحات تعترف بقوة المقاومة وتوسعها والحاجة لزمن طويل يصل الى عقود من الزمن لاحتمال التغلب عليها والكشف عن فضائح واخطاء ارتكبتها القوات الامريكية هو احد اهم ممهدات الانسحاب !
لذلك فان ما قالته كونداليزا رايس حول الاف الاخطاء التي ارتكبتها امريكا في العراق ليس سوى خطوة على طريق اعادة تثقيف الناس واعدادهم لتقبل الانسحاب على انه عبارة عن ثمرة لاكمال المهمة في العراق . اما السيناريو المتوقع فهو الانسحاب من المدن بعد تشكيل الحكومة الجديدة وترك الامن للجيش والامن الذي انشأه الاحتلال ومراقبة تطور الاوضاع ثم تقرير الخطوة التالية ، هل هي الانسحاب الكامل من العراق في حالة تمكن المقاومة من سحق ما تبقى من قوات موالية للاحتلال والاستمرار في استنزاف امريكا ماديا وبشريا ؟ ام البقاء اذا نجحت تلك القوات الامريكية والعميلة لها في الصمود امام هجمات المقاومة ؟ انني اعتقد بان الحكومة الجديدة ستفشل اكثر من سابقتها لانها مجردة من الدعم الشعبي وعاجزة عن العمل خارج المنطقة الخضراء وحماية قوات الاحتلال ، لذلك ستشهد المرحلة القريبة القادمة تطورات عسكرية مهمة جدا لصالح المقاومة تعجل بتحرير العراق . ومن بين ابرز مظاهر الانهيار خصوصا بالنسبة لايران وعملاءها هو المظاهرات القوية والكبيرة التي اجتاحت مدن الجنوب مثل البصرة وكربلاء والنجف والكوت وغيرها ضد ايران ومهاجمة قنصلياتها والمطالبة بغلق سفارتها ، دون ان يتمكن عملاء ايران من الرد على هذه المظاهرات رغم ان جنوب العراق كان المركز الرئيسي للغزو الايراني . وانتفاضة الجنوب ضد ايران وامريكا ، والتي هي نتاج تعاون وثيق بين المقاومة والقوى الوطنية العراقية من جهة وشيوخ العشائر الجنوبية وعلماء الدين من جهة اخرى ، مؤشر لا يخطأ لاستكمال متطلبات طرد الاحتلال.

س6 : هناك دعوة لحوار أمريكي إيراني حول العراق، لماذا هذا الحوار الآن، وهل تراه مرتبطا بسياسات أخرى في المنطقة؟
ج6 : الدعوة للحوار ما هي الا اعتراف اخر جازم وواضح بان امريكا وايران قد فشلتا في مواجهة المقاومة الوطنية العراقية رغم تعاونهما القوي منذ ما قبل الغزو واثناءه وبعد حصوله . لقد اوصلت المقاومة المسلحة امريكا وايران الى حد اليقين بان عدم تعزيز وتقوية تعاونهما لمواجهة التقدم الهائل للمقاومة سيؤدي الى انقلابات ستراتيجية في المنطقة والعالم تلحق ضررا بالغا بمصالح الحليفين امريكا وايران . لذلك فان الحوار هو حاجة ماسة بالنسبة للطرفين هدفه الاساس عقد صفقة جديدة بينهما تقوم على اقناع ايران بارسال قوات الى العراق واقناع اطراف اخرى بنفس الهدف ، وبذلك يكون تحرك ايران عبارة عن تمهيد الطريق لارسال قوات عربية واسلامية ودولية الى العراق ، وفق قرارات من مجلس الامن والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي ستصدر بعداكمال الاتفاق الامريكي – الايراني . كما ان الحوار لن يصل الى النجاح ما لم يشمل صفقة امريكية – ايرانية تشمل المنطقة كلها ، يتم بموجبها منح ايران نفوذا ومصالح مهمة في الخليج العربي خصوصا على حساب العرب ، وستكون البحرين والسعودية اكثر المتضررين من هذه الصفقة . وهذا التطور هو جزء من حلف اقليمي خططت له امريكا واسرائيل يراد له ان يضم ايران ( بعد اكمال عملية تطويعها سلميا ) وتركيا واقطار عربية واسرائيل . وما يجب التنبه اليه هو ان الموضوع النووي ليس سوى خلاف مصطنع من قبل الطرفين الهدف منه هو اعادة تحديد الخطوط التي تفصل مناطق نفوذهما في العراق المحتل والخليج العربي والجزيرة العربية ، بعد ان دخلت ازمة الاحتلال الامريكي – الايراني للعراق مرحلة الخطر والحسم .
س 7 : اعلن الطالباني وغيره ان سبعة منظمات مقاومة تتحاور مع الحكومة من اجل الانخراط في المصالحة الوطنية ، فهل هذا صحيح ؟
ج 7 : يجب اولا التذكير بحقيقة ان الطالباني ومن ينطق باسمه قد اعلن في الشهور الماضية حوالي سبع مرات عن وجود حوار مع مسلحين لاجل دمجهم بالعملية السياسية ، ولكن تبين فيما بعد ان ذلك غير صحيح وانه كان جزء من المحاولات اليائسة للاحتلال ولمن يخدمه مثل الطالباني لاطالة بقاءهم في السلطة وتضليل بعض الناس ، والان تتكرر نفس الادعاءات ! وما يجب ان نؤكد عليه هو ان أي فصيل او أي شخصية عسكرية او مدنية يقبل بالتعاون مع الاحتلال ومهما كانت خلفيته وموقعه سيسقط فورا ويعزل تماما ، لان المصالحة لا تعني الا امر واحد وهو ضم اخرين لقائمة المتعاونين مع الاحتلال واطالة عمره مع انه يقصر يوميا ، وبغض النظر عن التبريرات التي تساق . ان المقاومة بفصائلها الرئيسية ، وهي القوة الحاسمة والمقررة لمجريات احداث العراق ، متفقة على انه لا مفاوضات مع العدو الا اذا قبل سلفا شروط المقاومة ، وفي مقدمتها الانسحاب التام وغير المشروط والسريع ، وبدون تلك الشروط فان أي مفاوضات او اتصالات سواء مع الراس ، وهو امريكا ، او الذيل ، وهو الحكومة التي شكلها الاحتلال، يقدم عليها اشخاص أيا كانت صفتهم واعدوا للتحدث برطانة وطنية ، او تكتلات عسكرية او مدنية تتحدث عن (انقاذ العراق ) ولكن عبر التعاون مع امريكا ضد ايران (!!!)، لن يكون سوى التحاق بمعسكر من يبيعون العراق ويسهلون عملية استعماره وتشكيك بقدرة الشعب على تحرير وطنه .
ويجب هنا التذكير بحقيقة ستنقذ رؤوس من نساها ، اذا احترمها ، وهي ان المقاومة الوطنية العراقية ، وبكافة فصائلها المقاتلة ، هي ، وليس غيرها، الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي ، ولذلك فان من يتجاوز عليها وعلى دورها ويتصل بالعدو او خدم العدو دون موافقتها وتخويلها المسبقين سيعد تعاملا مع العدو في زمن الحرب وبغض النظر عما يعلن ويقال . وعلى بعض الضباط الذين اخذوا يتعاونون مع الاحتلال باسم (انقاذ العراق) ان ينتبهوا الى انفسهم ويتذكروا الحقائق الميدانية واحداث التاريخ القريب للعراق ، والتي اكدت ان أي ضابط او شخصية مهما كانت طبيعتها تتجاوز على الخطوط الحمر للحركة الوطنية العراقية تلقى مصيرا مؤلما جدا يعيد الذاكرة الى ما حصل للمرحوم عبدالكريم قاسم مثلا ، الذي اعدم رفاقه وحاول تغيير هوية العراق العربية منطلقا من شعور زائف بانه مدعوم ويملك عناصر قوة كافية لبقاءه . وهذه النصيحة المباشرة تصلح للانطباق على أي سياسي مدني يظن ان تاريخه او من يدعمه الان سيشفع له وينقذه من حكم الشعب اذا تراجع في منتصف طريق التحرير والحرية وساوم العدو المحتل وتراجع عن مواقفه السابقة . ان العراق ممسوك بقوة من قبل القوى الوطنية وطليعتها المقاومة المسلحة ولا توجد قوة مهما كانت تستطيع تغيير توازن القوى على ارض العراق الثائر ، سواء بانقلاب عسكري تدعمه امريكا هدفه خلط الاوراق وتمهيد طريق المساومة لمن تعب او غلبه اغراء النهب ، وسيواجه نفس مصير من خانوا الشعب في السابق من حكام ، لان امريكا المهزومة لن تستطيع حماية من يخون وطنه ، او بمساومات يراد لها ان تؤدي الى مد حبل انقاذ للاحتلال ولو مؤقتا .

Thursday, June 22, 2006

تهانينا لقادة العراق المخلصين لوطنهم جدا!! لزيارة سيدهم بوش: الدكتور عبدالإله الراوي

تهانينا لقادة العراق المخلصين لوطنهم جدا!! لزيارة سيدهم بوش

الدكتور عبدالإله الراوي
من المؤكد بأن ما يطلق عليهم قادة العراق فرحوا وزمروا لزيارة سيدهم المفاجئة إلى وطنه... العراق!! واعتبروها شرف وأي شرف بأن يتنازل سيدهم ويقوم بزيارتهم ، وطبعا لم يشعروا بأي غرابة لعدم تبليغهم بذلك لأنهم ليسوا إلا عملاء صغار لا قيمة لهم، ليس الآن ولكن منذ أن وافقوا على بيع وطنهم وكرامتهم إلى ألد أعداء أمتنا.
ولكن هذا ليس موضوع كلمتنا هذه.. لأن ما نريد أن نثيره هنا هو كيف تمت زيارة بوش وما هو سبب هذه الزيارة المفاجئة.

أولا : كيف تمت الزيارة:
الكل يعلم بأن زيارة بوش الأخيرة يوم13/6/2006 كانت ككل الزيارات السابقة له ولوزرائه، سرية طبعا.
وهذه قضية منطقية جدا !! ضمن الظروف غير المستقرة التي يعيشها وطننا الجريح. وبالأخص فإن بوش رئيس أكبر دولة في العالم ورغم ما تملكه من إمكانيات عسكرية وتقنية متطورة جدا فإنه يخشى علم المقومة العراقية بهذه الزيارة لأنها في حالة علمها ستهيئ له احتفالا خاصا.
وهذا يعني اعترافه الصريح والمباشر بقوة المقاومة وإن كافة إمكانيات أمريكا لا تستطيع حمايته من غضب مقاومتنا البطلة ولمنعها من القيام بالاحتفال على طريقتها الخاصة.
ولكن القضية الغير منطقية والغير طبيعية والملفتة للنظر أن زيارته هذه قد تمت دون علم أي مسئول عراقي!!
أي حتى ما يطلق عليه ظلما رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو الوزراء... نعم لم يتم إعلام أي منهم بهذه الزيارة.... لماذا؟
سؤال من حقنا ومن حق أي قارئ طرحه... حسب قناعتنا لو أن الرئيس الأمريكي ينوي زيارة أية ولاية من الولايات الأمريكية الخمسين فمن المؤكد سيتم إبلاغ حاكم الولاية مع تحديد جدول الزيارة.. ولكن بوش عندما يرغب بزيارة ولايته ال 51 أو ال 52 – إذا أخذنا بنظر الاعتبار أفغانستان هذا دون وضع بريطانيا في الحساب – فالقضية تختلف لأن هذه لا تتمتع حتى بصفة ولاية أو محمية.
نعم له كل الحق أن يزور العراق بهذه الصفة.. هذه قضية لا اعتراض عليها !! لأن عراقنا الحبيب يعيش تحت الاستعمار الأمريكي ولذا فهو لا يحتاج أن تتم دعوته من قبل رئيس الجمهورية تطبيقا للأعراف الدبلوماسية بين دولتين مستقلتين..
ولكن يوجد، مع ذلك، سؤال مهم يفرض نفسه.. لماذا لم يعلم.. مجرد إعلام مجاملة إما رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء المعينين من قبله أو كليهما؟
وفق قناعتنا هناك سببين. الأول : إن الرئيس الأمريكي لا ينظر إلى هذين النكرتين وإلى ما يطلق عليها السلطات العراقية إلا نظرة السيد إلى عبيده ولذا فهم لا يستحقون حتى أبسط أنواع المجاملة.وثانيا : إنه ليس غبي إلى هذه الدرجة، بل يعلم جيدا بأن من يخون وطنه ويبيعه لألد أعدائه ممكن أن يخون سيده.
ولهذين السببين فهو على حق بعدم إعلام هؤلاء العملاء بزيارته.

ثانيا : أسباب الزيارة :
حسب تصريحات بوش فإن أسباب الزيارة بسيطة جدا، إن وراء هذه الزيارة سببين لا أكثر وهما :
الأول : تهنئة الحكومة العراقية بمقتل الزرقاوي. (فضائية الجزيرة. 14/6/2006) هذا رغم علمه بأن ومجموعته لا يشكلون، وفق تصريحات قادته العسكريين، أكثر من 5% من المقاومة العراقية البطلة.. ولذا فإن مقتل الزرقاوي سوف لا يؤثر، بأي حال من الأحوال، على فعالية المقاومة. بل ربما العكس أي سيكون دعما للمقاومة العراقية الشريفة التي توجه هجماتها وأسلحتها إلى قوات الاحتلال وأعوانهم فقط، هذا إذا كان الزرقاوي ومجموعته، فعلا، وراء السيارات المفخخة التي تطال المواطنين العراقيين الأبرياء.
وقول بوش هذا يذكرنا بموضوع إلقاء القبض على صدام حسين الرئيس المخلوع، حينها طبل وزمر بوش ورجال إدارته وعملاؤه في العراق متصورين بأن المقاومة سوف يتم إجهاضها أو على الأقل ستعاني من الانهيار والضعف.. ولكن ما تم فعلا هو العكس لأن الشعب العراقي لا يموت بموت أو اعتقال أحد رجاله.. وإن الشرفاء من أبناء وطننا استطاعوا دعم المقاومة الباسلة التي استمرت بالتطور والنمو غير المتوقع والبعيد عن تصورات بوش وعملائه وهي تمتد لتشمل، ليس المثلث السني كما يدعون، لتشمل كافة مناطق العراق، وخصوصا بعد أحداث البصرة والعمارة الأخيرة.
الثاني : قال بوش : زيارتي بددت الشكوك حول تصميم المالكي على إحلال السلام.
لا ندري عن أي سلام يتكلم بوش.. إذا كان يقصد بيع العراق إلى إيران وإلى الكيان الصهيوني من خلال تطبيع العلاقات معه فهو على حق. أما إذا كان يقصد إحلال السلام في العراق فهو غير مصيب.
لأن نوري العميل بمحاولته دمج الكتائب التابعة لملالي إيران إلى ما يطلق عليها القوات العراقية ستؤدي ليس إلى إحلال السلام في العراق بل على العكس ستؤجج نار الفتنة الطائفية وتسليم العراق على طبق من ماس إلى النظام الصفوي وإلى الكيان الصهيوني.
وفي هذا المجال يحلو لنا ذكر تصريحات اللواء محمد الشهواني مدير جهاز المخابرات العراقية، المعين من قبل الأمريكان، الذي حذر من دمج هذه الكتائب في قوات الأمن العراقية، والذي قال : أن ذلك سيمنحها غطاءا رسميا لممارسة أنشطتها.(شبكة محيط. 11/6/2006)

في الحقيقة إن الدافع لزيارة بوش هو محاولة إيجاد مخرج من المستنقع العراقي.. وبالأخص بعد تدهور شعبيته والضغط المتزايد من قبل الكثير من المسئولين الأمريكيين لسحب القوات الأمريكية من العراق. ونحن نعلم بأنه قبل زيارته للعراق اجتمع مع العديد من مساعديه لمناقشة سحب جزء من قواته من العراق (ميدل ايست اونلاين. 12/6/2006(.
وهناك من يعتقد بأن بوش ربما سيلتقي مع صدام حسين لوضع خطة أو اتفاق على جدولة الانسحاب من العراق (أبو غيث : عاجا..! نكتة بطلها بوش..... شبكة البصرة 13/6/2006(
أي أن بوش يحلم بالخروج من العراق مع إبقاء عدة قواعد أمريكية فيه تضم 50 ألفا من جنوده لسنوات طويلة.(العرب اونلاين.12/6/2006(
أي إبقاء العراق مستعمرة أو محمية أمريكية.
لا نريد أن نطيل حول أحلام بوش وأزمته في العراق لأننا نقوم حاليا بتهيئة دراسة حول الموضوع نأمل تقديمها للقارئ ن على حلقات، قريبا.. إن شاء الله.

ولكننا نقول لبوش : لا مقتل الزرقاوي ولا جواد نوري العميل ولا الطالباني الصهيوني سيؤثرون على المسيرة الظافرة لمقاومتنا العراقية البطلة والتي بإرادتها الحديدية سترغمك أنت وعملاءك على الهروب من العراق غير مأسوف عليكم.. هذا إذا سنحت الفرصة للعملاء للهروب قبل أن تتم تصفيتهم من قبل أبناء شعبنا البررة والمخلصين. وإن غدا لناظره لقريب.

الدكتور عبدالإله الراوي
دكتور في القانون وصحافي عراقي سابق مقيم في فرنسا
hamadalrawi@maktoob.com
الخميس 19 جماد الاول 1427 / 15 حزيران 2006

رد على تعليق اللواء سويد : معن بشور

رد على تعليق اللواء سويد
هل من المثالية ان نرى المشروع الامريكي متعثرا في العراق
معن بشور

قل لمن يبكي على رسم درس*****واقفا، ما ضرّ لو كان جلس
عزيزي اللواء
افهم تماماً تفجعك على حال الامة العربية، في صفحة "اراء وقضايا" في جريدة "النهار" 19/6/2006، واقدره، ولكن لا افهم ما علاقة هذا التفجع بمقال لا تزيد كلماته عن (2200) اردت من خلاله ان انبّه الى ضرورة الاستفادة من مفاوضات الملف النووي الايراني لكي نذكر العالم ببند من قرار دولي صدر عام 1991 تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة (فصل العقوبات) يشير الى انه بعد التأكد من خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل ينبغي العمل على تجريد منطقة الشرق الاوسط باسرها من هذه الاسلحة.
هذا في الشكل، اما في المضمون فمن حق اللواء سويد، كما من حق غيره، ان لا يرى في الامة العربية سوى الجانب القاتم من واقعها الراهن، ولكن من واجبنا أن نذكر اللواء سويد وغيره ان اليأس من الامة هو اقصر الطرق الى الاستسلام لاعدائها، وان هذا الاستسلام هذا حلم ما زال يراود هؤلاء الاعداء منذ مئات السنين، وما نجحوا، وهو حلم لا يراود اللواء نفسه فيما حتما، يملأ المكتبة العربية بالانجاز الثقافي بعد الاخر، فلو كان يائساً فلماذا يكتب، ولمن يكتب.
فهل من المثالية يا حضرة اللواء ان نرى المشروع الامريكي يتهاوى في العراق تحت ضربات المقاومة العراقية الباسلة رغم كل محاولات التعتيم والتضليل والتشويه ومحاولات ربط هذه المقاومة بعمليات بشعة تستهدف قتل المدنيين واشعال الفتنة، وهل من المثالية ان نرى المشروع الصهيوني مربكا في فلسطين امام انتفاضة وعد شارون بسحقها بمئة يوم فاذا بها تستمر ست سنوات رغم كل محاولات الانقسام والاقتتال الجارية حولها، وهل هو مجرد حلم ان نرى لبنان يتحرر بفعل مقاومته الباسلة على الاحتلال وان يصون تلك المقاومة رغم كل الضغوط والاختلافات، وهل هو امر غير واقعي ان نرى سوريا تصمد بوجه كل ما يحيط بها من تهديدات ومؤامرات، رغم كل ما ينطوي عليه وضعها الداخلي من ثغرات وشوائب.
وهل من المثالية الحالمة، اخي اللواء، ان نرى ما تشهده مصر من حراك في شارعها وصحافتها وجامعاتها وقضائها، وان نرى الممانعة السودانية بوجه التدخل الاجنبي، وان نواكب حسم "المحاكم " في الصومال لحرب اهلية دامت عقود، وان نشهد خروج الجزائر من حال الحرب الى مشروع الوئام رغم كل الملاحظات، ودخول المغرب باب المصالحة والانصاف رغم كل النواقص، ونجاح اليمن في الحفاظ على وحدته ورغم كل ما يثار حوله وعنه من ملاحظات ، بل هل من الخيال ان نرى هذا الحراك الواعد الذي يغمر مجتمعاتنا في الجزيرة العربية والخليج وما يجري في الكويت مثالاً.
عزيزي اللواء...
حال امتنا كحال كأس الماء الفارغة، فالبعض لا يرى سوى النصف الفارغ فيقع في اليأس والقنوط، والآخر لا يرى سوى النصف المليء فيقع في الاسترخاء والغرور، فيما المطلوب ان نرى الكأس كما هي، نستمد من المليء منها الثقة بالنفس والعزم على مواجهة الشدائد، ونقرأ في الفارغ منها الثغرات التي تفتك ببنانا السياسية والثقافية والاقتصادية والامنية والاجتماعية فنسعى الى تجاوزها، كما تفعل الدول الراقية.
عزيزي اللواء ...
بالله قل لي، وانت المؤرخ والعسكري المعروف، كم تأخذ قضايا هذه المنطقة العربية والاسلامية من وقت صانعي القرار في واشنطن وغيرها، بل كم تأخذ مشاريع الهيمنة عليها من جهودهم ومواردهم وارواح مواطنيهم، فاقول لك: اذا كانت امتنا جثة هامدة أم لا ...
عفوا، ربما كنت تقصد الحكام العرب في مقالتك، حينها لن يكون هناك مبرر لمقالتي هذه، فامتنا بخير، رغم العديد من حكامها، وهي الباقية وهم الى زوال.
19/6/2006

Wednesday, June 21, 2006

من تواطأ مع امريكا في اغتيال المحامي خميس العبيدي ؟ للأستاذ صلاح المختار

من تواطأ مع امريكا في اغتيال المحامي خميس العبيدي ؟
صلاح المختار

اليوم اغتيل المحامي الشهيد خميس العبيدي ، احد محامي الدفاع عن القيادة العراقية الشرعية التي اسرها الاحتلال ، وباغتياله يصبح عدد من اغتيل من المحامين ستة ، على يد عصابات لا يلقى القبض عليها لان هناك من يريد كتم صوت العدالة والتعتيم على الجرائم التي ترتكب في العراق من قبل الاحتلال والعصابات التي شكلها او جاء بها معه عند احتلاله للعراق . من المسؤول عن الاغتيال ؟ من البديهي ان الاحتلال الامريكي هو المسؤول الاول عن الاغتيال ليس فقط لانه مسؤول عن امن البلد الذي يحتله بل أيضا لانه هو الذي قرر الاغتيال وكلف العصابات بتنفيذه كما حصل في المرات السابقة . ان ما تريده امريكا هو التخلص من القيادة العراقية وبالاخص السيد الرئيس صدام حسين فك الله اسره ، عن طريق محاكمة صورية لا تتوفر فيها حتى الحدود الدنيا من القانون ، والتي توفرت في محاكمة ميلوسوقيتش مثلا ، بل هي عبارة عن تلفيق مفضوح وصريح واجراءات تفتقر لاي قاعدة قانونية معروفة في العالم . فبالاضافة لكونها محكمة شكلها الاحتلال الامريكي ، وهو لا يملك الحق في ذلك قانونا ، فان ما جرى ويجري فيها هو عار على العدالة الامريكية بعد ان دخلت التاريخ بكل التزوير والقمع للشهود والمتهمين وحرمانهم من ابسط الحقوق وهو حق الحديث والدفاع عن النفس !
وعار العدالة الامريكية يشاهده العالم من شاشات التلفزيون كلما عقد مشهد الزنا المسمى محكمة جلسة جديدة ، حيث يأخذ القاضي الاحمق والغبي بتجريد من اجبروا على حضور المحاكمة من أي حق في الرد ، واذا تحدث احد ممن اتهم فانه يتعرض للضرب والتعذيب ! اما الشهود فانهم يتعرضون للسجن والتعذيب والتهديدات ! لذلك وكجزء من خطة التعتيم على الحقيقة فان اغتيال المحامين كان من بين اوضح دلالات العار الامريكي ، فبالرغم من تكرار الاغتيالات، وبالرغم من المطالبات الدولية من قبل جهات قانونية محترمة بنقل المحاكمة الى خارج العراق توفيرا للشروط المطلوبة للمحاكمة القانونية ، فان امريكا رفضت نقل المحكمة للخارج ! كما ان القوات الامريكية التي تعهدت بحماية المحامين والشهود لم تقم بدورها وتخلت رسميا عن حمايتهم مؤخرا ، مما ادى الى اعتقال شهود الدفاع بصورة غير قانونية وتعذيبهم لانهم كشفوا الاكاذيب التي لفقها الادعاء العام بتوجيه من امريكا ، ثم ابلغ المحامون من قبل القوات الامريكية بان الحماية قد رفعت عنهم ،وكانت النتيجة اغتيال المحامي الشهيد خميس العبيدي . وفي ضوء ما تقدم فقد اصبح امرا لا يقبل الشك ان امريكا تريد محاكمة شكلية للقيادة العراقية تؤدي الى اعدامها والتخلص منها نتيجة قرار اسرائيلي وضغط ايراني ونزعة انتقام امريكية من السيد الرئيس وقيادة العراق الشرعية التي تجاوزت الخطوط الحمر التي وضعتها الصهيونية والغرب .
ولئن كانت امريكا مسؤولة عن الاغتيال مباشرة بصفتها دولة احتلال من جهة ولانها رفعت الحماية عن المحامين من جهة ثانية ، فان هناك اطراف اخرى مسؤولة عن الجريمة وسهلت ارتكابها ، فمن هي هذه الجهات ؟ انها اتحاد المحامين العرب ، كمنظمة ومحامين عرب كافراد ، وجمعيات حقوق الانسان واحزاب سياسية ، وكل المنظمات التي تطلق على نفسها اسم (منظمات المجتمع المدني) ، والتي كانت وما زالت عالية الصوت في احتجاجاتها وادانتها وضغوطها حينما يتعلق الامر بقضية تقف امريكا ورائها وتريد اثارة الضجيج حولها ! والمثال الحي الان هو الحملة المصطنعة ضد سوريا بسبب اعتقالات طالت اشخاص تحدثوا بلغة معينة واعلنوا دعمهم للمشروع الامريكي ضد سوريا ! هؤلاء ، (ابطال منظمات المجتمع المدني ) سمعنا اصواتهم عالية وقوية النبرات وهي تشجب وتدين وتديم الصراخ ضد سوريا مع ان مقارنة ما يجري في سوريا الان بما يجري في العراق يجعل المرء يتسائل : هل يمكن لمن يدين اعتقال اشخاص ان يسكت عن اغتيال شعب كامل وتدمير دولة ونقل ذلك من خلال شاشات التلفزيون لاجل ابتزاز العالم ؟
ان صمت ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني ، خصوصا اغلب المنظمات القانونية واغلب رجال القانون العرب يثير تساؤلات مشروعة عن الاسباب الحقيقية التي تجعلهم صامتين واحيانا منحازين لجرائم امريكا ! فالجرائم التي ترتكب في العراق علنية وبعضها ينقل تلفازيا وبعضها الاخر تعترف امريكا بارتكابه ومع ذلك فان الصمت هو الغالب ! ما تفسير ذلك ؟ هل هو الكره الشديد للبعث والقيادة العراقية مع ان رجال القانون يجب ان يدافعوا عن العدالة بغض النظر عمن يقف متهما ؟ ام هو الخوف من امريكا ؟ واخيرا وليس اخرا هل هو التوافق مع امريكا او تأييد ما تقوم به في العراق الذي يجعل الصمت على اهانة العدالة وخرق كل انواع القانون هو الموقف الطبيعي لهؤلاء ؟

وما دمنا بصدد التساؤلات فاننا يجب ان لاننسى ابدا تلك الاصوات التي كانت عالية وتتحدث باسم القانون والعدالة حينما كانت هناك حملات امريكية ضد العراق قبل الغزو تستهدف شيطنته تمهيدا لغزوه وهو ما ثبت الان ! اين هؤلاء الذين كانت بيانات ادانتهم للعراق وقيادته لا تتوقف ولايجف حبرها ولا يشح ورقها ؟ لماذا صرخوا ضد جرائم مفترضة ثبت الان انها كانت محض اتهامات كاذبة بينما هم الان كالاموات صامتين مع ان الجرائم الامريكية ثابتة وتنقل عبر شاشات التلفزيون ويعترف بها المجرم مثل جرائم ابو غريب وحديثة والفلوجة والاسحاقي ، وجريمة تحويل اسرى الحرب الى متهمين تعد لهم المشانق ؟ هل هو موت الضمير ؟ ام انه موت الكرامة ؟ ام انه تخلف في بناء الشخصية يصل حد ان من يفترض ان يكونوا رجال عدالة وقانون يتلاعبون بتفسيرات القانون خدمة لنزوات شخصية ؟
ان اغتيال الشهيد خميس العبيدي جريمة لا تتحمل امريكا وحدها مسؤوليتها بل ان كل الصامتين على مايجري في العراق من منظمات حقوقية او مدافعة عن حقوق الانسان او شخصيات قانونية تتحمل مسؤوليتها . ان الصمت على الجريمة مشاركة فيها يحاسب عليها القانون ، واذا تصور من يصمت الان عن هذه الجرائم ان صمته سيمر ويطويه النسيان فهو واهم لان ما يجري في العراق هو مزيج واضح وثابت من جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم عصابات منظمة يشرف عليها الاحتلال وايران وهي لا تسقط بالتقادم ، ولذلك لا مجال للنسيان وسياتي اليوم الذي سيسال القانون من يصمت الان لماذا صمت على جرائم ثابتة واعترض وصخب على اتهامات غير ثابتة ؟ والغد ليس ببعيد ولن ننسى الاسماء ولا الوجوه التي تثرثر باسم الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة لكنها تلمع حذاء جنود امريكا .
المجد والخلود للشهيد خميس العبيدي وكل شهداء العراق .
العار للصامتين تواطئا من رجال القانون وجمعيات حقوق الخرفان .
الخزي للجبناء المرتعشين خوفا من بطش خصيان السلطان .
تحية للمجاهدين الفدائيين ابطال هيئة الدفاع الذين يتحدون الموت والاحتلال بفروسية نادرة ويحفظون للعدالة العراقية والعربية كرامتها وسمعتها .
تحية لوجه مصر العظيمة الشجاع في هيئة الدفاع .
تحية لوجه الاردن المشرق في هيئة الدفاع .
تحية للمحاميين الامريكيين في هيئة الدفاع .
وتحية عطرة لارزة لبنان العلوية الماجدة البطلة بشرى الخليل .
وتحية والف تحية للماجد الاول والفارس الاول والعراقي الاول السيد الرئيس القائد صدام حسين وهو يتحدى امريكا اسيرا كما تحداها رئيسا وقائدا حماه الله وفك اسره .

Tuesday, June 20, 2006

الى الرئيس (!!) جلال الطالباني: هل هذه صفات القيادة يا سيادة الرئيس؟

الى الرئيس (!!) جلال الطالباني
هل هذه صفات القيادة يا سيادة الرئيس؟

(أرجو ملاحظة أنّ علامة التعجب !! المحصورة بين قوسين قد وضِعَت من قبَل إدارة الموقع التي تؤمن أن الطالباني هو عميل ملطخة أياديه بدماء العراقيين والاتراك والايرانيين الاكراد وبدماء التركمان والعرب والكلدان الاثوريين وبدماء كل شريف قضى خلال تقلب هذا العميل بين مخابرات بريطانيا واميركا والاتحاد السوفييتي السابق.. وأن هذا العميل بلا سيادة.. وأنّ الرئيس الشرعي الوحيد هو السيد المجاهد الاسير الرئيس صدام حسين.. وبأن القوى الامبريالية التي جاءت الى العراق لم تأتِ إلا لهدفٍ واحد هو النفط ..ولأبتلاع نفط العراق جاءت بمجرمين لينفذوا مشروع ذبح العراق بكلِ طوائفهِ –وبلا استثناء- وأن أي تناسي لهذه الحقائق سيؤدي الى إطالة البقاء الامبريالي والمزيد من أنهر الدماء العربية والكردية والتركمانية والاشورية ودماء كل الطوائف المنتمية للأعراق المذكورة..ولذا وجب التنويه )

بقلم: شماشا خوشو
كما نعلم و بحسب الاعراف و البروتوكولات الدولية ، يعتبر رئيس الدولة ممثلا لشعبه ، و على اساس هذه القاعدة يحترم من قبل رؤساء و كبار مسؤولي الدول . من هذا المنطلق يستوجب على رئيس الدولة ان يحترم بدوره كافة مكونات شعبه بدون تمييز، و ان يكون عادلا نزيها يمارس رحمة واسعة تجاه الضعفاء من ابناء شعبه و يدافع عن حقوقهم لكي لا تشعر اي فئة من شعبه بالغبن و التهميش . لكن ما نشاهده اليوم في العراق يختلف كليا عن هذه القاعدة ، فسيادة الرئيس (!!) الطالباني لا يعير اي اهتمام للفئات الضعيفة من الشعب العراقي ( والقصد من الضعف هنا هو قلة العدد بموجب الحسابات الرياضية ) فهؤلاء لا توجد لديهم ميليشيات مسلحة تقتل و تخطف و ترهب الاخرين، وليس لهم من يناصرهم خارج حدود العراق ، لهذه الاسباب يعتقد رئيس الجمهورية العراقية (!!) و الساسة الاكراد و البعض من كبار المسؤولين في العراق الجديد ، ان الفئات الضعيفة لا اهمية لها و ذكرها من عدمه ( لا يوَدّي و لا يجيب ).

ليست المرة الاولى و لن تكون الاخيرة التي يتجنب فيها رئيس العراق ذكر المكونات الصغيرة من الشعب العراقي في سياق كلامه ، فهو و غيره من الساسة القوميين يقيسون فئات هذا الشعب بحسب اعدادها و تأثيرها على الساحة حاليا..

في لقاء الرئيس مع ممثل توني بلير رئيس وزراء بريطانيا لحقوق الانسان، وامام شاشات التلفزة يوم 7 / 5 ، شاهدنا الرئيس الطالباني واقفا مع الزائر ( او الزائرة بالاحرى ) و التي لا يهمنا ذكر اسمها ولا ما قالته في ذلك اللقاء . لكن ما يهمنا في هذا الموضوع هو ما قاله رئيس الجمهورية (!!) و فحوى الرسالة التي اراد تبليغها الى الزائرة الكريمة (!!). فمما قاله الرئيس في سياق حديثه و بعد ان قطب جبينه كعادته ، قال: ان العراق هو وطن لكل الشعب من العرب و الاكراد و التركمان و الآخرين. انتهى!

هنا نطرح سؤالا على سيادته و نقول : من هم الآخرين يا سيادة (!!) الرئيس؟ هل انهم قبائل رحل يسكنون في بعض اجزاء العراق بصورة مؤقتة ؟ و حتى اذا اراد احد من الساسة ان يحترم مشاعر هؤلاء ( الآخرين ) فيقولها بدبلوماسية ..((" و الاقليات الاخرى" )) – دون ان يذكر اسماءها.. لماذا؟ لكي تتذكر دائما هذه المكونات الصغيرة بأنها ادنى مستوى من الاقوياء. أليست هذه هي الحقيقة يا اقوياء العراق ؟

وا اسفاه – بالامس كنتم تطرقون ابواب الدول الكبرى و تذرفون دموعكم امامهم طالبين منهم التدخل لانقاذكم من براثن الدكتاتورية (!!). لماذا؟ لانكم كنتم مظلومين و مهمشين و مطرودين من دياركم (!!). و ها انتم تجلسون اليوم على نفس الكرسي الذي جلس عليه القائد الرمز ، و تسايرونه في كل سلوكياته . كان الدكتاتور واحدا (!!)، و اليوم هناك اكثر من واحد. تهمشون الاخرين و تصادرون حقوقهم و تسلبوهم لقمة العيش ، إلا إذا قبلوا بالتبعية و بالدونية التي تفرض عليهم ، تبعدوهم عن الوظائف التي هي حق لكل عراقي و تضيقون الخناق عليهم، إلا إذا انتسبوا لاحزابكم، تلوحون بخناجركم و بسيوفكم المصبوغة بالدم في وجوههم ، اذا عارضوكم في طموحاتكم التوسعية .

بالامس حاول النظام البائد (!!) تعريب من ليس عربيا في المناطق الشمالية من العراق، و اليوم يمارس الحزب الديمقراطي الكردستاني نفس الاسلوب في تكريد الشعوب الاخرى و في المنطقة ذاتها. فهل هناك فرق بين دكتاتور و آخر؟

بالله عليكم ، لماذا لا تحاسبون انفسكم يا سادة (!!) العراق ؟ كيف تأخذون اللقمة من فم الضعفاء و تأكلونها بصلافة . أليست هذه جريمة بحق الانسانية ؟؟

فاذا سكتت عن الممارسات اللاانسانية الصهيونية العالمية هذه ، فالله لن يسكت عن حق المظلومين . و الظلم لن يدوم واذا دام دمر .

هل ان الاقليات التي تصادرون حقوقها اليوم كانت بالامس ضد طموحات شعبكم ؟

أ لم تكن هذه التي تنعتونها بالاقليات شريكة لكم في السراء و الضراء ؟ كم من الجرائم ارتكبت بحق هذه الشعوب بسببكم ، هذه الشعوب التي تخجلون من ذكر اسماءها القومية اليوم ؟

ألم تدمر ما يقارب المئتي قرية من قرى الكلدواشوريين على يد الانظمة السابقة ؟

ألم ترتكب مذابح بحق هذا الشعب الآمن بسبب محاربتكم للسلطة في سبيل نيل حقوقكم ؟

يكفي هنا ان نذكر مذبحة صوريا عام 1969 و التي راح ضحيتها اكثر من سبعين شخصا بريئا. أ لم تجرد مئات العوائل من ممتلكاتها و مقتنياتها على يد افواج المرتزقة من الكرد ؟ و اسواق الموصل و المدن الاخرى تشهد على ذلك .

في ربيع عام 1961 جرى احصاء للجماعات التابعة لمطرانية زاخو ، و قد شمل ذلك الاحصاء القرى التابعة لقضاء زاخو ، بضمنها دهوك المدينة فقط. و قد بينت النتائج الاخيرة على ان هناك اثنا عشر الفا وواحد و ثلاثون انسانا من الطائفة الكاثوليكية الكلدانية، كانوا متواجدين في قراهم و بلداتهم في ذلك الوقت ( اي قبل 45 سنة من الان ، اما ما بقي من هؤلاء على ارض الاجداد اليوم، قد لا يتجاوز عددهم الستة آلاف نسمة.
و السبب هو قيام الثورة الكردية و ما رافقها من اوضاع شاذة و مؤلمة في المنطقة عصفت بهؤلاء الناس خارج منطقتهم، و بالتالي هاجر الكثير منهم الى خارج وطنهم .

بعد قيام الثورة الكردية عام 1961 و على ضوء الوعود التي قطعها الاكراد مع الكلدوآشوريين و مناداتهم بالاخوة الصادقة و بالشراكة في الارض وفي الحقوق ، مدّ الكلدوآشوريين يدهم و بكل صدق و اخلاص الى الاكراد و حاولوا نسيان الماضي بكل ويلاته و مظالمه، وارادوا بذلك فتح صفحة جديدة بيضاء ناصعة ، على امل ان ينقش الشعبين الكلدوآشوري و الكردي و بنيّة صادقة شعارات المحية و الاخاء و المساواة في الحقوق و الواجبات . و على هذا الاساس ضحى هذا الشعب المظلوم بامواله و بدمائه في سبيل انجاح الثورة الكردية و هناك الكثير الكثير من التضحيات لا مجال لذكرها هنا.

و عندما جاءت الدول الاستعمارية في ربيع 1991 و فتحت معها ابواب الحرية و الامان لشعوب المنطقة (!!) ، بدأ الاكراد بتهميش الكلدو آشوريين و بالتقليل من دورهم كشركاء اصليين في الوطن و في الحقوق الى ان وصل بهم الامر الى عدم الاعتراف بقومية هؤلاء و هويتهم الحضارية التي تمتد في عمق تاريخ بلاد ما بين النهرين . و اعتبرتهم الشوفينية الكردية مجرد فرق دينية فقط, و الهدف هو الغاء الاخر المغاير ، على هذا الاساس تم تشكيل لجان في السنتين الاخيرتين تحت تسمية لجان شؤؤن المسيحيين في المناطق التي يتواجدون فيها. كما ترتبط هذه اللجان بالسيد سركيس اغاجان وزير مالية الاكراد.

و الفكرة هذه ليست جدبدة بل كان قد طرحها الحزب الديمقراطي الكردستاني على الكلدوآشوريين السريان في السبعينات من القرن الماضي ، عندما كانت المفاوضات جارية بين المسؤؤلين الاكراد و السلطة المركزية آنذاك. لكنها لم تثمر و لم تطبق على ارض الواقع بسبب الظروف الامنية آنذاك.

فطريقة تهميش هذا الشعب و الغاء هويته القومية ليست جديدة ، وهو اصلا كان مهمشا بعد ان اغتصبت اراضيه و صودرت ممتلكاته في الماضي ، و الغاصب ينظر الى صاحب المال بعين الريبة دائما لذلك يحاول اضعاف و تهميش او حتى طرد صاحب المال من وطنه لإسكات صوته الى الابد .

المتعصبون الاكراد لا يطيقون رؤية من ليس كرديا على ارض كردستان، تجلت هذه الحقيقة بعد عام 1991 و بصورة خاصة بعد ان اصبح شمال العراق يعرف باسم كردستان ، فمن خلال هذا الوضع الجديد، يعتبره المتشددون من الاكراد وطنا خاصا بهم فقط دون غيرهم من شعوب المنطقة. قبل هذا التاريخ كانت هذه المنطقة تسمى شمال العراق، و كانت موطنا لكل العراقيين شأنها شأن الاقاليم الاخرى ، فكان يعيش فيها الكردي و الكلدو آشوري السرياني و اليزيدي و التركماني و الشبكي و العربي. فكان شمال العراق يمثل صورة جميلة لتركيبة الشعب العراقي الاجتماعية. اما اليوم فقد تغير وضع الاقليم كليا ، و اصبحت ارضه ارضا كردية بحسب القوميين الاكراد , و الاخرين الذين يعيشون في كردستان اليوم يعتبرون شعوبا طارئة دخيلة على المنطقة . و الذي يقبل من هؤلاء ان يكون تابعا ذليلا لاصحاب الارض فأهلا به في كردستان ، و الذي يرفض ذلك فعليه ان يرحل ..!

كلمة اخيرة نقولها للقوميين التوسعيين : " اذا اردتم ان يعيش شعبنا و الشعوب الاخرى معكم بسلام و اخوة صادقة ، فعليكم ان تتعاملوا مع هؤلاء كشركاء في الوطن و ان تعترفوا بهوية تلك الشعوب و منهم شعبنا الكلدو آشوري السرياني فذلك ليس هبة منكم او مكرمة من الاخرين "

فالزمن الذي كان يضطهد فيه الكلدوآشوريين السريان، و كان يخشى حتى ان يجر الاهات و الحسرات خوفا من بطشكم قد ولى الى غير رجعة ، فهؤلاء لن يقبلوا ابدا بالذل و الهوان ، و صراخهم سوف يملأ فضاء الكرة الارضية التي اصبحت اليوم قرية صغيرة بواسطة التكنولوجبا الحديثة. و شكاوى الكلدوآشوريين السريان ستزداد يوما بعد آخر , وقد تأخذ طريقها الى المحافل الدولية مستقبلا. فلا يغشكم عملاؤكم الانتهازيين الذين باعوا ضميرهم مقابل حفنة من الدولارات ، و اذا استطعتم شراء ذمم تلك الفئة الضالة ، فلن تستطيعوا شراء ذمم الشرفاء من ابناء الامة الكلدوآشورية السريانية مهما اوتيتم من قوة .

و انتم تعرفون طبيعة هذا الشعب الاصيل الذي لن يفرط ابدا بدينه او بحضارته .

شماشا خوشو

للعودة الى الصفحة السابقة

Thursday, June 15, 2006

البطولة: للأستاذ عبد الكريم هاني

البطولة

عبدالكريم هاني
تحفل آداب الشعوب بقصص البطولة و يتغنى شعراؤها ببطولات أبنائها مفاخرين الآخرين بأبطالهم و بما تحفظه الذاكرة الجمعية من مآثرهم , و كان ذلك أيام كانت الفروسية عنوان الأخلاق و الشهامة و سر الرجولة و البطولة قبل انحدارالعالم الى هاوية الجشع المادي الذي بدأت تشيعه عولمة اللاحضارة باسم التقدم و حين صارت النفعية و الانتهازية مقياس نجاح من صاروا يباهون بنجاحاتهم . فقد صارت البطولة اليوم ادعاء أجوف داخل الغرف المغلقة بينما صار العملاء يفخرون بذلتهم و يوهمون الناس أنها بطولة متناسين قول الشاعر :" لا افتخار إلا لمن لا يضام " و لعلهم لا يرون تلك الذلة ضيما جريا على قاعدة " ضرب الحبيب ألذ من أكل الزبيب " . هنا تبرز أهمية البطولة الحقيقية يسجلها أبطال حقيقيون صرخوا "لا " قوية بوجه الطغيان و الطغاة , لا ترهبهم القوة و لا يخيفهم التهديد بالجوع و الحرمان .
البطل الذي يبرزفي الواجهة بكل فخر دبلوماسي برازيلي ، واجه واشنطن في أكبر معركة يخوضها شخص في تأريخ العلاقات , و هو كما يصف نفسه في جوابه على أسئلة الصحفيين عن أصله العربي أنه "برازيلي يتحرك بدماء عربية". اسمه خوزيه بستاني بلغة البرازيل أو جوزيف بستاني , و قد عمل في الدبلوماسية البرازيلية منذ تخرجه عام 1967 و بدأ من أسفل السلم حتى وصوله لمنصب سفير عام 1995 . ثم انتخب بعدها عند إنشاء" المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية " أول مدير عام لـها . و أعيد انتخابه بالإجماع لدورة ثانية بعد الإشادة بجهوده و بالنجاح الذي حققه خلال السنوات الخمس الأولى من عمر المنظمة إذ استطاع أن يزيل مليوني قطعة سلاح كيماوي ويفكك نحو ثلثي وسائل صنعها , كما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية دفاعا عن بستاني عندما كانت واشنطن تدبر مؤامرة لعزله في عام 2002تمهيدا لغزو العراق لأنه ارتكب " خطأين " فادحين من وجهة النظر الأميركية , فقد طالب الولايات المتحدة بفتح مستودعاتها لمفتشي المنظمة أسوة بباقي الدول الأعضاء , و الثاني إقناعه العراق بالانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية فقد كان ذلك سيسهل التأكد من خلوه من الأسلحة الكيماوية , و هو ما لم تكن تريده الولايات المتحدة .
جندت واشنطن أسوأ موظفيها الدبلوماسيين سمعة، وهو جون بولتن، ممثلها الحالي في مجلس الأمن للقيام بمهمة عزل بستاني فلجأ هذا إلى أساليب التهديد و الابتزاز التي سبق و مارستها لتمرير قرار تقسيم فلسطين قبل أكثر من خمسين عاما , وفي تقرير في "الغارديان" في اليوم التالي للتصويت على عزل بستاني أن جون بولتن قام بأعمال لا يقوم بها حتى سفراء دكتاتوريات "جمهوريات الموز". فكشفت عن تقديمه رشوة لبعض الوفود، ووعود كاذبة بترشيح شخص بديل من قارة أميركا اللاتينية، وتهديده بالقضاء على المنظمة الدولية، وحتى التهديد باغتيال أي موظف أميركي يسرّب هذه المعلومات للصحافة.
وهكذا أفلحت مؤامرات واشنطن في عزله من منصبه. فكانت تلك أول مرة يُقصى فيها رئيس منظمة دولية. وكان خطابه غداة التصويت على عزله في نيسان عام 2002 وثيقة تأريخية في العلاقات الدولية، أكد فيه على التزامه خلال خمس سنوات "بعدم اعتبار أي عضو في المنظمة الدولية أكثر مساواة من الآخرين", ورفضه "القاطع لمحاصصة المساواة تبعاً لحجم مشاركة الدولة العضو في موازنة المنظمة". وأعلن بستاني أمام ممثلي 145 دولة عضو في المنظمة رفضه القبول بمساومة "مشرّفة" عرضتها واشنطن، قائلاً "لست أريد أن أغادر كالأبطال، لكن إذا كان خروجي بمشيئتكم فذلك شرف لي". و حذر بستاني المجتمع الدولي من "أولئك الواثقين تماماً بقدرتهم على تحريك أي قطعة على رقعة الشطرنج الدولية، من دون استشارة أو تقديم توضيح لباقي العالم" فكأنه كان يتنبأ بكارثة غزو العراق .وأعلن في كلمته أن موقفه من العراق كان سبباً أساسياً في عزله، و تابع معركته ضد واشنطن حتى النصر. وفي سابقة لا مثيل لها في تاريخ الأمم المتحدة أقام دعوى ضد قرار عزله أمام "المحكمة الإدارية للمنظمة الدولية"، وهي الهيئة القضائية التي تنظر في الدعاوي الشخصية لوكالات الامم المتحدة. وأصدرت المحكمة قرارها في تموز عام 2003 القاضي بعدم قانونية التصويت على عزله. ولم يطالب بإعادته إلى منصبه فاكتفت المحكمة بدفع تعويض له عن مرتباته البالغة أكثر من 61 ألف دولار شهرياً تبرع بها إلى صندوق الدول الفقيرة الأعضاء في المنظمة التي أسّسها. و هو يشغل منذ ذلك الحين منصب سفير البرازيل في بريطانيا.

البطل الثاني عربي من العراق , فقد أعلن الدكتور موسى الحسيني و هو يقدم برامج فضائية (أي.إن.إن.) يوم 9/4/2006 وكما أشارت هذه الجريدة في العدد الماضي أنه يرفض العمل في المحطة بعد أن تجاهلت طلبه تقديم برنامج خاص عن احتلال بغداد الذي صادف نفس اليوم فأعلن على الهواء استنكافه تقديم برنامج آخر "وفاء للشهداء الأبرياء الذين تحصدهم مفخخات المحتل و عملائه" لأن بغداد "غالية و عزيزة تستحق منا التضحية بكل غال و نفيس, المال و الأرواح " . جرى هذا و الكل يعلم موقع الدكتور موسى الحسيني و أحواله بينما كان أدعياء بطولة الصالونات يستجدون نظرة عطف يجود بها عليهم ممثل سلطة الاحتلال و يتزاحمون على موقع يجود به عليهم في الوقت الذي كانت فيه المدن العراقية تُدَك الواحدة بعد الأخرى فلا يجرؤ أحدهم على الاحتجاج لئلا يكلفه ذلك هبوط أسهمه في سوق النخاسة في المنطقة الخضراء .
البطولة ليست عربية فقط , لكنها " بطولة " من نوع آخر ! فقد أعلن اثنان من الجنرالات الأميركان وجود فرق الموت المدربة و الموجهة أميركيا , و في نفس الشهر تحدث الجنرال وليم بويكن نائب وكيل وزارة الدفاع للمعلومات الى النيويورك تايمز فقال " أظن أننا نعمل ما كان برنامج فينكس مخططا له أن يعمل , و بدون السرية " فقد قتلت فرق الموت الأميركية ما يقرب من 40000 شخصا في فيتنام قبل أن يوقف الكونغريس " برنامج فينكس ". كما أكد الجنرال المتقاعد وبن داوننغ الذي كان رئيس قوات العمليات الخاصة أن فرق الموت التي تقودها أميركا بدأت العمل بعد الغزو في آذار 2003 فورا و قال لمذيعة الأن بي سي المذهولة " ان الوضعية الآن في العراق سيئة و هذا قد يساعد على تحسينها ".
قال الثائر اميليانو زاباتا " أن تموت واقفا على رجليك أحسن من أن تعيش طول حياتك جاثيا على ركبتيك " و الشاعر العربي قد سبق زاباتا حين قال في ما يكاد يكون نفس القول "عش عزيزا أو مت و أنت كريم" كما قد قال آخر
لا تسقني كأس الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس العلقم
تحية من القلب لذكرى زاباتا !
تحية للبطل خوزيه بستاني !
تحية للبطل الدكتور موسى الحسيني !
تحية لكل من يرفض اللقمة مغمسة بذل الخنوع و الخضوع !
تحية لكل من قال لا بأنفة و قوة و إباء !
9/5/2006
نشر في العدد 107 من جريدة راية العرب في 11/6/2006

Tuesday, June 13, 2006

هدى الفلسطينية: علي السوداني

هدى الفلسطينية

علي السوداني

ليس من العدل الأفتاء بأن كأس العالم بكرة الأرجل المشهور الآن في المانيا الموحدة قد خصص وصمم ليشاهده الاغنياء فقط فأنا اعرف صديقا من سكنة واحد من مخيمات الشتات وضع على رف النسيان وجعه القادم من رنين تشمع الكبد وذهب الى دكان بيع بطاقات فك شفرة المتعة وأتى بالعالم وبكأسه وبجنونه حتى عتبة الدار . انا اعشق كرة القدم واذوب فيها واسكر على مشهد تدحرجها الا ان صاحبا لي كان شمر مكتوباً مستعجلاً في جوف بريدي ، أسرني فيه ان ثمة قنوات لا تعرف اراضيها ستلتف على حصار الفقراء والمعوزين وتنقل اليك كاس العالم على طبق لا يكلف صاحبه سوى كبسة ابهام واثقة على زر، والزر هنا لا صلة له بتأويل الزر في اللهجة العراقية البديعة !!

دورت وفتشت ودخت فلم اجد شاشة رحيمة كريمة كما وصفت وفق مخيال الصديق لذا قررت الاحتجاج على طرائقي الراسخة ومقاطعة كأس الكرة الارضية والاقتناع بنتائج المباريات المتاحة مجاناً والمكوث في منطقة الجد والقهر واستضافة انباء الألم والمهانة التي ترشها على ظهيراتي ومساءاتي شاشات السياسة ودكاكين اللعبة فكان اول فلم ملون ساخن صائح نائح قنصته عيناي الدامعتان هو عن طفلة فلسطينية اسمها هدى . بنت سمراء ضئيلة شعرها مقترح زفة ضفائر سود او يوم آخر في مدرسة ابتدائية من حروف واناشيد وحلم مؤجل بوطن ممكن . هدى الحلوة الحبّابة المشاكسة الشاطرة اقنعت اباها التعبان والعائلة بالرحيل الى شاطىء غزة حيث الصيف والشمس والرمل ومويجات البحر البيض الما زالت تركض بعضها خلف بعض منذ اكتشاف الماء حتى ظهيرة تاريخ آخر ضحكة سمينة مسجلة على ذمة ثغر هدى - وجه هدى الفلسطينية يشبه تماما وجه ابنتي طيف العراقية -

عائلة الله الفلسطينية حطت رحالها على شاطىء غزة واثثت خاصرة الساحل بما تيسر من متاع قنصت منه الكاميرا لعّابة صبر لرضيع الثدي الثاني وعربة وقندرة ونعال وفرشة ملونة وقدر وصينية وماعون . في عمق البحر كان ثمة زورق حربي اسرائيلي يتشمم رائحة الدم الفلسطيني الحار ويبحث عن وسام مجد جديد تشيله ساريته العالية فكانت عائلة الحلوة هدى ولذة النصر المبين على الاطفال .

هدى الصغيرة المشاكسة كانت ابتعدت عن دكة العائلة المزروعة على شاطىء النزهة واذ صمت اذنيها هلاهل وحمم وقنابل زورق الجريمة هجرت ماء الشط ومشروع بيت رمل رطب وركضت مسبية صوب مسرح اهلها المهروسين .

كان كل شيء قد انتهى . بطر منقل الشواء . سباحة حرة على انغام ولولة الأم وحذر الأب الذي منح ظهره المكسور لرمل غزة الحار ولم يعد بمقدوره ان ينصت لصيحات هدى :

بابا حبيبي ابويه وينك !!!

اسرائيل المجرمة امرت بالتحقيق في المجزرة تماما مثلما صنعت امريكا التي فتحت تحقيقا في واقعة حديثة التي من اضحياتها خمسة اطفال حلوين اكبرهم ما زال يلثغ براء العراق !!

في اول اليوم زعلت على ابنتي المجدلة طيف . طيف تشبه تماما هدى الفلسطينية .

بعد منتصف الليل نامت طيف الحلوة مقهورة وزعلانة . انا زرعت عند سريرها كرسي الوحشة . جدائلها السود تخفي مهوى الاقراط . من يأتي بالصبح يا طيف .

كم وودت لو كنت - ايتها الحبيبة - بجانبي فتأكلين بعض حزني على شبيهتك هدى الفلسطينية التي ستعيش كل سنينها تتشمم رائحة شواء جسد العائلة .

سؤال اليوم :

هل تؤيد عرض فلم شاطىء غزة وفلم مذبحة حديثة في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة العربية القادم ؟

alialsoudani61@hotmail.com

للعودة الى الصفحة السابقة

قيادي بعثي بارز : البعث يقود جبهة وطنية لمقاومة الاحتلال

قيادي بعثي بارز :
البعث يقود جبهة وطنية لمقاومة الاحتلال

هشام عودة - الوحدة

بثقة المناضلين كان عضو مكتب تنظيم بغداد لحزب البعث العربي الاشتراكي حسان غالب يتحدث "للوحدة" عن دور البعث ومكانته الراهنة في المشهد السياسي العراقي, وعن عملية اعادة بناء الحزب في مناطق العراق كلها.

حسان غالب الذي يشغل في الوقت نفسه عضوية مكتب العلاقات والتنسيق القطري في البعث تحدث باسهاب عن تشكيل الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية وعن الحوارات التي يجريها البعث مع مختلف الاطراف, من موقع العارف بالاسرار والمشارك في صياغة القرار.

القيادي البعثي اشار في بداية حديثه ان البعث تخلص من اعداد كبيرة من الانتهازيين الذين دخلوا صفوفه بسبب مغريات السلطة، وان الحزب يقود الجناح السياسي للمقاومة العراقية التي تتشكل من فصائل ومرجعيات مختلفة.

وفيما يلي نص الحوار:

* اين هو حزب البعث الآن وما هي برامجه؟

- بعدالاحتلال الامريكي الغاشم والاعمال التخريبية التي شملت مؤسسات الدولة وهياكلها وتدمير البنى التحتية, وجريمة حل الجيش والقوات المسلحة والاجهزة الامنية, عمت الفوضى بشكل كبير في البلد, واوجد الاحتلال الاف المرتزقة الذين اصدروا الصحف وفتحوا الفضائيات المشبوهة التي تخصصت بمهاجمة كل ما هو عربي وقومي في العراق, وبخاصة الهجمة الكاذبة وغير الاخلاقية على البعث والرفيق القائد صدام حسين، وتم اعتقال الالاف من البعثيين واصدقاء الحزب واغتيال المئات من المناضلين.
في هذه الظروف الاستثنائية تداعت قيادة الحزب, او ما تبقى منها خارج الاعتقال, مع الكادر المتقدم لاعادة تنظيم الحزب في بغداد, بحيث يكون خالياً من الشوائب التي جاءت بها السلطة وامتيازاتها في السابق, كان ذلك في آواخر نيسان 2003، واحتاجت عملية اعادة التنظيم في بغداد لشهرين فقط, ثم انتقلت العملية الى باقي محافظات العراق.
وهنا لا بد من القول ان اعداء البعث وبعض القوى السياسية المهززوة بدأوا التركيز على ما يسمونه اخطاء تجربة البعث, وان بعض القوى التي حاورناها بدل ان تتفرع لمقاومة الاحتلال, بدأت تطالب بنقد التجربة السابقة, وقد تعاملنا في البعث مع هذه الدعوات بنظرة واقعية وموضوعية بعيدة عن التشنج والانفعال, لكي نتفاعل مع الواقع الجديد الذي نريده قوة فاعلة ضد الاحتلال واعوانه فصدرت في نهاية 2003 دراسة عن الحزب حملت عنوان "استراتيجية البعث والمقاومة" وطرحنا من خلالها اهمية ولادة جبهة وطنية تضم كل الاطراف المناهضة للاحتلال, وقلنا في كل الادبيات الصادرة عن البعث اننا مع الحوار الايجابي مع كل القوى الوطنية والقومية والاسلامية, بهدف اقامة نظام وطني تعددي ديموقراطي, يتم فيه تداول السلطة بشكل سلمي معتمداً على ارادة الشعب العراقي, ويمثل هذا موقفاً مشجعاً لكل الاطراف التي رأت فيه اعادة نظر في بعض جوانب التجربة البعثية في العراق, وقد كان للقوى الوطنية المناهضة للاحتلال دور كبير في اغناء مشروع الجبهة الوطنية, التي ولدت بارادة واعية في اواسط عام 2004، ولم يتم الاعلان عن اطرافها حفاظاً لسرية العمل، ولنتمكن من قيادة الجهد السياسي ضد الاحتلال، وبذلك نكون قد اسقطنا كل الذرائع لدى الاحتلال واعوانه الذين يريدون عزل العراق عن عمقه العربي

* بعد اعادة بناء التنظيم .. ما هو النشاط الذي تمارسونه اليوم في العراق؟

- لحزبنا تجربة نضالية طويلة في العمل السري في العراق، لذلك لم يكن صعباً علينا ان نعيد تنظيم الحزب بشكل هادئ وسري وفاعل، ولكي لا نتكلم بحديث يستفيد منه العدو، فانني اقول لكل الخيرين خارج العراق, انه لم تبق مدينة ولا قرية ولا قصبة في كل انحاء العراق، من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، الا وفيها وجود منظم للحزب, واقول ايضاً ان قرارنا في الحزب هو الابتعاد مؤقتاً عن النشاطات الجماهيرية العامة, لان المرحلة تقتضي منا بناء تنظيم حديدي لكي يكون عوناً للمقاومة وموجهاً لها وقائداً لحركتها في حرب التحرير، ولنا نشراتنا وبياناتنا وطرق اتصالنا باعضاء التنظيم في الوقت الذي نريد.
وفيما يتعلق بالاتصال بالقوى والاحزاب السياسية الاخرى لنا مكاتب متخصصة لذلك, وهدفنا الدفاع عن وحدة العراق وعروبته في وجه التدخل الايراني البشع والاحتلال الامريكي الغاشم.

واقول ايضاً انه منذ اواسط عام 2005، دبت صحوة كبيرة في اوساط العشائر العربية في محافظات جنوب العراق ضد التدخل الايراني الصفوي الحاقد, وقامت هذه العشائر بمطالبة عمرو موسى التأكيد على وحدة العراق وعروبته, كونهم يستشعرون حجم الخطر الايراني على العراق.

* بات معروفاً الدور القيادي والرائد الذي يضطلع به البعث في المقاومة العراقية، لماذا ينأى بنفسه عن اصدار البيانات حول العمليات العسكرية التي يقودها؟

- ان المقاومة التي يقودها البعث لها تسميات كثيرة, وان هذه التسميات لم تأت من باب المفاخرة لاظهار قوة البعث في المقاومة, وانما لارباك العدو اثناء محاولته البحث عن مرجعياتها. وقررنا في البعث منذ البداية ان لا ننجر الى الاعلان عن العمليات العسكرية لان المقاومة واجب وطني وقومي وليست عملاً دعائياً, بالاضافة للحفاظ على المقاتلين, لان الهدف الرئيس للمقاومة التي يقودها البعث وشركاؤه في القوى الوطنية والقومية والاسلامية هو ارباك العدو وايقاع اكبر الخسائر في صفوف قواته لاجباره على الرحيل.

* هل هناك تنسيق بين البعث وباقي فصائل المقاومة؟

- نعم، وفي اعلى درجات التنسيق, ونحن معاً في حالة جبهوية عريضة، لكن ما يجب الاشارة اليه ان السيارات المفخخة التي يتم تفجيرها في الاماكن العامة انتقلت الى بعض اطراف الائتلاف بعد تصاعد حدة الخلاف بينهم على رئاسة الحكومة.

* بعد اكثر من ثلاث سنوات على الاحتلال وانطلاق المقاومة, هل هناك ذراع سياسي للمقاومة العراقية؟

- ان الظروف الحالية التي يمر بها العراق, والجرائم البشعة التي ترتكبها يومياً قوات الاحتلال والسلطة العميلة لها, لا تشجع على ظهور جناح سياسي للمقاومة, لكن في حقيقة الامر ان مثل هذا الجناح موجود على الارض, ويتخذ عدة اشكال, اولها الجبهة الوطنية التي تم الاشارة اليها من قبل التي يشكل البعث القوة الرئيسة فيها والثاني يتمثل في القوى الوطنية والقومية والاسلامية المناهضة للاحتلال والتي لم تشارك في العملية السياسية.
اضافة للشخصيات الوطنية والقومية والاسلامية, وبذلك يكون الذراع السياسي للمقاومة العراقية واسعاً ويمثل قطاعات واسعة من ابناء الشعب العراقي، وهو ذراع يمثل مختلف الوان الطيف السياسي مما يشكل دعماً سياسياً قوياً للمقاومة ومشروعها الجهادي، سواء بشكل مباشر كما هو دور البعث او بشكل غير مباشر كما هو دور القوى والاحزاب والشخصيات الاخرى.

ولا بد هنا من الاشارة ان هذا الذراع السياسي الواسع للمقاومة لم يقم ابداً باجراء اي نوع من المفاوضات مع قوات الاحتلال او السلطة العميلة لها، رغم ادعاءات الحكومة الكاذبة باجراء مفاوضات مع بعض فصائل المقاومة.

*هناك فصائل متعددة وتسميات كثيرة في المقاومة العراقية, ما هو دور الجيش والقوات المسلحة في هذه المقاومة؟

- من المفيد هنا التأكيد على ان المقاومة العراقية لم تكن وليدة لحظة الاحتلال، لان البعث وقيادته ادركوا منذ نهاية عام 1996 حقيقة وقوع العدوان الامريكي الغاشم على العراق، وقد اعد آلية للمقاومة ومواجهة الاحتلال منذ ذلك الحين، ويمكن اعتبار جيش القدس نموذجاً لهذه الاستعدادات المبكرة، لذلك فان نهوض المقاومة العراقية، كأسرع مقاومة للاحتلال في التاريخ، لم يكن مفاجئاً لنا، لانها كانت موجودة في اذهان البعثيين وعقلياتهم، لادراكنا المبكر بان العراق بنوعية التسليح الذي يملكه بسبب سنوات الحصار، لن يكون قادراً على الصمود طويلاً امام الهجمة العسكرية الامريكية البشعة.
فالمقاومة بهذه الحالة هي الابنة الشرعية للجيش والقوات المسلحة والاجهزة الامنية، ولم يكن هناك صعوبة فنية او تسليحية او عددية لانطلاق المقاومة بهذا الحجم، وقد اعتصمت بالصمت ولم نذهب الى طرق ابواب وسائل الاعلام للاعلان عنها، لان التركيز كان دائماً على الفعل المؤذي للعدو، وان البعث الذي يملك المقاتلين والخبرة على مدى خمسة وثلاثين عاماً وظفها لمقاتلة الاحتلال والدفاع عن العراق.

* ما هي برأيك اهم اسرار قوة المقاومة العراقية؟

- كثيرة هي اسرار قوة المقاومة العراقية, ومن ابرزها انها لم تذهب الى استعراض قوتها امام وسائل الاعلام، وان دقة عمل المقاومة وسريتها وتفاعلها مع المجتمع، حرم العدو من اختراق صفوفها.
المقاومة الآن موجودة في كل مناطق العراق في الشمال والوسط والغرب، في الفرات الاوسط والجنوب وقد تمرست في مواجهة العدو، وتوقع في صفوفه خسائر فادحة يومياً.

ومن المفيد هنا القول ان البعث الذي يملك الخبرة والمقاتلين، عدداً وعدة، لم يذهب يوماً للاستئثار بهذه المقاومة رغم دوره المحوري فيها، وبما انه يمثل الطليعة القادرة على قيادة دفة النضال الوطني, الا ان شرف مقاومة الاحتلال وتحرير العراق سيكون لجميع المقاتلين الشرفاء من كل المرجعيات.

* في حال قررت قوات الاحتلال الانسحاب المفاجئ من العراق, كيف ستواجهون هذا السيناريو؟

- رغم التصريحات التي تصدر بين حين وآخر عن بوش واركان ادارته, ورغم المساومات التي حاولت رايس ورامسفيلد اجراءها مع الرئيس الاسير صدام حسين، الا انه بات واضحاً ان المشروع السياسي والعسكري للاحتلال قد فشل فشلا ذريعاً في العراق والمنطقة، بسبب الضربات الموجعة للمقاومة العراقية، لقد بات الطريق مسدوداً امام بوش وادارته، وهناك صراع بين المخطط "الاسرائيلي" الذي يريد تدمير العراق وتجزئته ومخطط بعض اطراف الادارة الامريكية التي تحلم بشرق اوسط كبير، وصار واضحاً ان قوات الاحتلال تبحث الآن عن صيغة للرحيل تحفظ بها ما تبقى من ماء وجهها.
ولا اذيع سراً اذا قلت ان لدينا الجاهزية الكاملة لاعادة فرض النظام في كل مناطق العراق، من خلال الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية التي يتشرف البعث بقيادتها، باقل الخسائر، وان الحديث عن نشوب حرب اهلية هو وهم يسعى الاحتلال واذنابه لترويجه عبر وسائل اعلامهم، ونملك خطة وطنية شاملة اتفق عليها كل الخيرين وفي مقدمتهم البعث من اجل العمل على بناء دولة ديموقراطية تعددية تضمن حرية العراق ووحدته وعروبته, مع طرح حل مثالي للمسألة الكردية ضمن اطار الدولة المركزية.

* تتواصل جلسات محكمة الرئيس صدام حسين ورفاقه, كيف ترون انعكاسات هذه المحاكمة على الشارع العراقي؟

- ان اختيار قضية الدجيل لمحاكمة الرفيق القائد صدام حسين ورفاقه يأتي ضمن مخطط مدروس لاظهار القضية في اطار طائفي، وليست محاولة اغتيال لرئيس الدولة من جهة مدعومة من الخارج.
لكن الادلة والوثائق والشهود قلبوا مجريات المحكمة والذين خططوا لها، واظهرت انها مؤامرة من حزب الدعوة المرتبطة بايران.

قبل ان يظهر شهود الدفاع بالشكل الذي ظهروا عليه, سبقت ذلك حملة اعلامية مدروسة تتحدث ان بعض اعضاء القيادة سيشهدون ضد الرئيس صدام حسين لزعزعة القناعات, الا ان مجريات المحكمة اعادت الامور الى نصابها.

وقد فشلت قوات الاحتلال واعوانها في اظهار تجربة حكم البعث في العراق وكأنها تجربة طائفية, لان المعروف لكل الناس ان سبعة وثلاثين قيادياً من اصل خمسة وخمسين هم من الشيعة.

للعودة الى الصفحة السابقة


Sunday, June 11, 2006

مجزرة حديثة : خطأ فردي؟ ام نهج رسمي ؟ (2) للأستاذ صلاح المختار


مجزرة حديثة : خطأ فردي؟ ام نهج رسمي ؟ (2)

صلاح المختار

تواتر ( الاخطاء ) : ماذا يعني ؟
حينما كشفت فضيحة ابو غريب ، لاسباب عديدة مقصودة ، افترض بعض حسني النية ، في امريكا بشكل خاص ، انه خطأ فعلا ، ولكن في الكونغرس كان هناك من يعلم انه لم يكن خطئا بل كان عملا متعمدا جرى تسريبه عمدا لاجل ارهاب العراقيين وادخالهم نفق الرعب الذي لم يسمعوا به من قبل ، ولذلك كانوا يعرفون انه بعد ابو غريب سيأتي الف ابو غريب ، كما كان قبل ابو غريب الف ابو غريب ، اسوأ واكثر قذارة ووحشية ! ومن رأي دفاع مرتزقة امريكا في محطات التلفاز العربية ، بقولهم ان من كشف ابو غريب هو امريكا وليس غيرها ومن ثم فانه خطأ فردي لا يمثل امريكا ولا قيمها الحضارية والاخلاقية ، أصيب بدهشة لان تزويق الجريمة صار الوظيفة الرسمية لهؤلاء ! أكثر من ذلك فقد ذهب هؤلاء ابعد فمجدوا شجاعة امريكا بالاعتراف بوجود اخطاء ارتكبها جنودها ، بعد ان احيلت الى المحكمة المجرمة المتوحشة التي كانت تجر عراقيا عاريا من رقبته مثل جر الكلب ، واشاروا الى ان النظم العربية لا تعترف بما يحصل داخل بلدانها من جرائم .

وهنا استبدلت عناصر اللعبة او غيرت عمدا من اجل جعل المسالة الاساسية هي النقد الذاتي وليس الجريمة ذاتها ، وفق شعار اصبح مألوفا في سلوك الغرب الاستعماري ويمكن تلخيصه بعبارة : أقتل واعتذر تعفى وأقتل وانكر تدان ! ولعل افضل تجسيد لظاهرة عهر الضمير هذه هو ان بعض الامريكيين اخذوا ينتقدون ابادتهم للهنود الحمر من منطلق اخلاقي ، مع ان العقاب مستبعد تماما لان القتلة شبعوا موتا منذ زمن طويل . أضافة لذلك فان عهر ضمير نخب امريكا والغرب الان ، التي تنتقد جرائم ماض بعيد ، يظهر في ابشع مظاهر انحطاطه حينما تتجاهل هذه النخب ان امريكا تقوم الان بأبادة كل (الهنود الحمر) الجدد في العالم وعلى راسهم العراقيين والفلسطينيين ، ومن المؤكد انه بعد قرن او اكثر او اقل سيظهر من يعد ابادة الفلسطينيين والعراقيين خطئا بشعا !

وهذا ينطبق على الديناصور الاستعماري جاك سترو ، وزير خارجية بريطانيا السابق ، الذي كان من بين اهم المحرضين على غزو العراق ومن المساهمين مباشرة في ابادة اكثر من ربع مليون عراقي هم ضحايا غزو العراق ، الذي قامت حكومته وهو وزير خارجيتها بالتخطيط له وتنفيذه بحماس اشد من حماس الامريكي القبيح . ومع ان يديه ووجهه وملابسه تقطر دما عراقيا فانه حاول اخفاء عهر ضميره لحظة انتقد فيها جرائم الاستعمار البريطاني القديمة ، ولكن ايضا دون دفع الثمن لان القاتل البريطاني التهمه دود القبر ! ويبقى مرتكب جرائم الابادة الحالي (بوش وبلير وكويزومي اليابان وازنار اسبانيا وبرلسكوني ايطاليا ) بعيدا عن النقد والانتفاد حتى وفق معايير العاهرات ما دام حيا .

ان جريمة امريكا وبريطانيا اهملت تماما ، وطغت عليها اخلاقيات عاهرة تمارس النقد والنقد الذاتي بالحديث عن ادانتها لممارسة العهر وهي تحت رجل نجس مثلها ، لكنها تهاجم بعنف عاهرة اخرى لانها تمارس العهر دون نقد ذاتي ، على طريقة انصار الاحتلال من الشيوعيين العراقيين ! وبين هذه وتلك يقف قوادون عرب من الليبراليين الجدد بصلافة عاهرة تقاعدت ليحاضروا حول عظمة الاخلاق والديمقراطية في امريكا التي تعترف بالقتل وتنتقد من قام به ! وهكذا صارت المسألة الاساسية هي النقد وليس العهر .

ولكن كل هذا التمثيل البارع لم ينجح لان جرائم امريكا في العراق ليست محدودة كي يمكن التستر عليها او تبريرها ونسبها لتصرفات فردية ، فبعد ابو غريب وقبل ابو غريب كان الشعب العراقي يعرف بحكم مأساته ما يجري حتى لو عتم الاعلام عليها ، لان الضحايا في كل مكان شهود على الطبع الاجرامي للنخب الحاكمة في امريكا . فالعراقيون شاهدوا كل شيء وعرفوا كل شيء ، فلقد شاهدوا وروعوا بما حدث في الفلوجة حينما دمرت عن بكرة ابيها ، وهدمت الدور على رؤوس الاف البشر ودفنوا حتى الموت تحت الانقاض ، او ماتوا من الجوع وصارت جثثهم طعاما للكلاب والقطط التي جاعت بسبب التدمير الشامل للمدينة ، او رأوا الجنود الامريكيين يغتصبون النساء في بيوتهن او في الجوامع او الطرقات او المعسكرات ، او شاهدوا القناصة الامريكيين يتسلون بقتل الاطفال وهم يهربون من الموت وبايديهم اعلام بيض للتعريف بانهم ليسوا مقاتلين ، او بقطع الماء والكهرباء والطعام والدواء عن 300 الف مواطن في الفلوجة لاسابيع اكلوا خلالها جثث الحيوانات النافقة كالكلاب والقطط ، او قتل الامريكيين للناس عند نقاط التفتيش ، او بقر بطون الحوامل وقتل الاجنة او قتلهن مع الاجنة ، او نهب كل ما لدى المواطن من مال واشياء ثمينة ، او استخدام الاسلحة المحرمة مثل الفسفور الابيض ، واخيرا وليس اخرا التهديد العلني وامام الملأ باغتصاب النساء اذا لم يسلم المقاتلون انفسهم واعتقالهن لضمان تسليم ازواجهن او اخوتهن لانفسهم لقوات الاحتلال !

ان قائمة جرائم امريكا في العراق لها بداية ولكنها بلا نهاية ، ومن يقول ان امريكا شعبا وحكومة وكونغرس واعلام لا تعلم جاهل او متجاهل ، ففي كل يوم هناك من ينشر عن جريمة امريكية في العراق ، تكفي واحدة منها لهز ضمير السادة الحمير لكن السادة اعضاء الكونغرس يتمتعون بالحديث عن تقسيم العراق الى 3 دويلات للتخلص من كارثة العراق بدل ان يقرروا ان تنسحب جيوشهم وتترك العراق لاهله ! بين جريمتي الفلوجة وحديثة شممنا ونشم رائحة الموت والدم في القائم والرمادي وعنة وراوة والكرابلة والاعظمية والكاظمية والموصل والبصرة والدورة واللطيفية واليوسفية وديالى والنجف . ومع كل رائحة كنا نرى منجل الموت الامريكي كبيرا يقطر منه سائل لونه احمر اسمه الدم العراقي . ولعل أسوأ الروائح التي ( عطرت ) بها الحرية الامريكية اجواء العراق هي رائحة الاغتصاب النتنة التي ما زالت منتشرة في كل العراق ، فلا تخلو منطقة او حارة من امرأة اغتصبها الاحتلال ، تماما كما لا يخلو بيت من جريح او معوق ومن سرقة الامريكيين لاموالهم عند تفتيش البيوت !

اذن امريكا تنتج الجرائم وفقا لاسلوب الانتاج الراسمالي وطبقا لاليات منه ، فما لم تكن دورة الانتاج الجديدة اكثر سلعا من سابقتها فان الراسمالية تنهار ، وكذلك الجريمة المنظمة في العراق التي تنفذها القوات الامريكية مباشرة بنفسها او بواسطة ايران والكويت ومرتزقة كثيرين ، اذ يجب ان تكون كل حملة اكثر قتلا من سابقتها ، وابشع في التفنن في الحاق الاذى بالعراقيين . ان الثورة العراقية المسلحة ضد الاحتلال تتقدم وتتسع مما يعني ان ما جاءت امريكا من اجله الى العراق وهو النهب لم ولن يحصل ، بالصورة التي خططت لها ، بل الذي يحصل هو العكس اذ ان امريكا اخذت تمول الغزو من ميزانيتها العاجزة ، لهذا استسلمت الادارة الامريكية والكونغرس لعقلية المقامر في احد كازينوهات لاس فيجاس ، وهي عقلية تستمر في المقامرة وتزداد اصرارا عليها كلما خسرت اكثر . لكن عقلية المقامر الخاسر تتحول الى عقلية المغامر المتأمر وهي انتحارية غالبا ، وغالبا جدا ، خصوصا لمن تشبع بثقافة لاس فيجاس كبوش وتشيني ورامزفيلد ، لهذا ينتهي المقامر هناك اما الى رميه وهو سكير الى الشارع او سوقه الى السجن او اقدامه على الانتحار ، مثلما ينتهي المغامر برمي جثته في سلال الزبالة !

لقد دخلت امريكا (دورة انتاج) خاسرة في العراق ، وهي تشبه ما يسمى ب ( الحلقة المفرغة ) فكلما قتلت امريكا المزيد من العراقيين وكلما تفننت في تنفيذ القتل والاغتصاب كلما ازداد نمو المقاومة المسلحة وتعززت امكانية دحر امريكا ورميها ، وهي شبه فاقدة للوعي بسبب سكر الحرب ، في زبالات التاريخ . ان العمل حينما يكون مخططا ومتعمدا ثم يوصف بانه غير متعمد ، او حادث فردي عابر، يضع الاحتلال او من يقوم بذلك على سكة الانتحار البطيء والمؤلم للطرفين . فانكار امريكا للقصدية في ارتكاب الافعال بلسانها تنقضه بأعمالها بجريمة اخرى واخرى ، الى ان تصبح عاجزة عن التبرير وممارسة الكذب ، وهنا تبدا السفارة الامريكية بالاستعداد لاستقبال المروحيات على سطحها لتهريب السفير الامريكي زلماي خليل زادة والنخبة الامريكية الحاكمة في العراق المحتل من المنطقة الخضراء ، تماما كما حصل في سايجون في فيتنام رغم ان الرئيس الامريكي وقتها كان يقول لن ننسحب حتى النصر وعلى وجهه ترتسم ابتسامة بلهاء لا تختلف عن بلاهة ابتسامة بوش !

ان تواتر (الاخطاء ) وتكرارها وعدم الجدية في معاقبة من يقوم بها يؤكد انها اعمال مقصودة ومقررة من قبل اعلى المستويات الحكومية ، لان من طبيعة الخطأ ومن اهم مميزاته هي انه يجب ان لا يتكرر حتى يحسب خطئا ، اما اذا تكرر فانه حتى لو كان بحسن نية يعد عملا يستحق العقاب ، وتلك حقيقة يعرفها طالب في المدارس الابتدائية الامريكية وغيرها .

القوة المفرطة تفرخ الجريمة المنفلتة
ان الجندي حينما يؤمر باستخدام القوة المفرطة ضد العدو لا يفهم من ذلك الا انه يجب ان يستخدم كل ما لديه من سلاح وعقل وخبرة وفي اقصى مدياتها لاجل اخضاع العدو ، فكيف يكون استخدام القوة المفرطة اذا اقترن ب(هوس الخوف المرضي) من العدو وهو هنا اهل البلد المحتل ؟ ما معنى القوة المفرطة ؟ وما معنى هوس الخوف المرضي ؟ دعونا نشرح الامر الاول طبقا للعلم العسكري والثاني طبقا لعلم النفس . في كل حرب او توتر بين بلدين تستخدم القوة طبقا للحالة السائدة ، وتعتمد درجة استخدام القوة على درجة التوتر او حالة الحرب . فحينما تبدا الحرب التقليدية ، وفي حالة التوازن النسبي او المطلق بين قواهما في الصنوف المختلفة ، تستبعد الضربة الصاعقة او المفاجئة ، وتتصاعد تدريجيا ويحرص طرفيها على عدم جعل كل منهما يعرف بما يخبئه الاخر له . ومن بين ذلك عدم استخدام ما لديه من عوامل قوة مخفية وزجها تدريجيا حتى تصل الحرب الى مراحل الحسم عندها يبدأ طرفيها باللجوء الى استخدام الاحتياطيات المخفية لتكون عناصر ردع او مفاجئة للطرف الاخر ، ومن بين اساليب وصول الحرب ذروتها استخدام القوة المفرطة للتعجيل بانهاء العدو او انهاء الحرب وفق قاعدة لا غالب ولا مغلوب .

اذن القوة المفرطة هي من مظاهر وصول الحرب ذروتها واقتراب الحسم ، ومن اهم مميزاتها انها شديدة التدمير وتتخطى قواعد الحرب غالبا ، والتي وضعت اصلا لضبط استخدام القوة المفرطة بالذات ، لانها تحمل في احشاءها بذور الوحشية وانفلات الوحش الكامن في الانسان من كل قيد فرضته عليه القوانين والتقدم الاجتماعي والحضاري . ولان القوة المفرطة تقترن دائما بوجود قدر كبير من سايكولوجيا المقامر، أي الانتحار بمواصلة الخسارة مع ان المقامر يعرف انه لن يربح ، فانها تخرق القواعد والمنطق وتعتمد كليا على فكرة وجود احتمال ولو ضئيل جدا بتحقيق الانتصار مهما كان الثمن ومهما كانت اساليب تحقيقه خارجة عن المألوف والمطلوب قانونا وعرفا واخلاقا وانسانية . وفي حروب اوربا في القرون الثلاثة الماضية كان موضوع القوة المفرطة من بين اهم دوافع بلورة قوانين الحرب الحديثة ووضع القانون الدولي والقانون الدولي الانساني . ان الجرائم التي ارتكبت اثناء تلك الحروب الدموية والتي فاقت بوحشيتها أي حرب اخرى سبقتها في التاريخ الانساني ، حركت الساسة ورجال الفكر واصحاب راس المال الكبير لوضع قواعد تحد من الاستخدام المفرط للقوة ، وهكذا صار لدى الانسانية قوانين وضعت ووضحت حدود استخدام القوة وتسمي ما يتجاوز على تلك الحدود خرقا لقوانين الحرب ومن بينها الاستخدام المفرط للقوة .

من هنا فان الاستخدام المفرط للقوة هو عمل وحشي تحرمه قوانين الحرب والقانون الدولي والقانون الانساني الدولي اضافة لتعاليم الاديان والقيم الاخلاقية المتعارف عليها . ان امريكا حينما تأمر عسكرييها باستخدام القوة المفرطة كما حصل في الفلوجة وغيرها تحرر العسكري من كل الضوابط التي وضعتها هي واوربا باسم (الدول المتحضرة ) كما يقولون ، وتخولهم صلاحية القتل او التعذيب وفقا لما يروه لحظة القتال ، دون رقيب او ضابط ، يكون من الطبيعي ان نرى جنودا امريكيين يقتلون جرحى عراقيين مدنيين التجأوا الى المساجد لحمايتهم من الاستخدام المفرط للقوة ، لكن الجندي الامريكي الواقع تحت تأثير رعب حرب لم يألفها ولم يشهد مثيلا لها حتى في فيتنام ، يضطر بحكم التخويل الرسمي وبحكم التركيب السايكولوجي للقتل بلا حدود ، ولارتكاب كل ما من شأنه توفير احساس له بان القوة هذه قد تستطيع انقاذه من موت محقق ، وهنا نتحول الى مفهوم ( هوس الخوف المرضي ) .

يجب اولا التذكير بحقائق تتعلق بالسايكولوحيا الامريكية لانها تختلف عن سايكولوجيا العراقيين واغلب شعوب الارض ، لانها نشأت اصلا في اجواء غير سوية ، وهي اجواء الجريمة بكافة اشكالها والاضطهاد . لقد نشأت امريكا من هجرة مهاجرين اغلبهم مجرمين ابعدتهم بريطانيا الى العالم الجديد تخلصا منهم نتيجة اكتضاض السجون وعدم القدرة على فتح المزيد منها، لذلك قررت نفيهم الى القارة الامريكية الشمالية واطلقت يدهم فيها يفعلون ما يشاءون . اما المصدر الثاني للمهاجرين فكان الفقر المدقع الذي اجبر الالاف على الهجرة من بريطانيا اولا ثم من باقي اوربا وغيرها الى العالم الجديد بحثا عن فرصة عمل ، وهؤلاء كانوا يتميزون بسايكولوجيا الشعور بالظلم الاجتماعي وحرمانهم من فرص عادلة للعمل ومن ثم طغت على سلوكياتهم انانية النهب المنظم والفوضوي واستسهال قتل الاخر لخطف فرصة عمل او ربح غير مشروع منه في عالم تسوده شريعة الغاب . يبقى المصدر الثالث وهو المضطهدين دينيا والذين هربوا من اوربا الى العالم الجديد للعثور على ملاذ امن لهم . ما هي السمات المشتركة لكل هؤلاء ؟

اول واخطر سمة في المجتمع الجديد (الامريكي ) هي سمة غياب او ضعف الاحترام لحياة وحقوق الناس الاخرين مما ولد ظاهرة الانحراف الاجرامي ، وما يقترن به من تجليات سلوكية مريضة لا تحترم قانونا او اخلاقا وليس لديها قيم عليا وروادع انسانية . ولذلك لم يكن غريبا ان تسجل امريكا دائما اعلى نسب الجريمة في العالم رغم ثرائها الفاحش ، وميزة الكثير من تلك الجرائم انها لا ترتكب لسرقة ما يؤكل او يسد الرمق بل انسياقا وراء انحراف متوارث . وتشتهر امريكا بارتكاب نمط من الجرائم غير مألوف في غيرها وهو القتل لاجل القتل ومن لا يجد شخصا يكرهه ليقتله يذهب الى الشارع ويقتل اول من يشاهده ! وسمة الانحراف الاجرامي بهذا المعنى هي نتاج سايكولوجيا منحرفة قبل ان تكون نتاج الحاجة المادية ، وهذه السمة انتجتها عقلية المجرمين المنفيين من بريطانيا .

والسمة الثانية هي مزيج من الدارونية الاجتماعية ، والتي تعني العيش في عالم متوحش البقاء فيه للاقوى والافضل هو الاقوى ، ومن الفلسفة البراغماتية ، والتي تعني ان الصحيح هو ما يوفر المكاسب والمنافع حتى لو تناقض مع القانون او الاخلاق . ولذلك تزاوجت الداروينية مع البراغماتية بصورة خلاقة ومبدعة لتنتج لنا نوعا من البشر لا رادع معياري له سوى المال وقيم المال وثقافة المال ! وتلك المفاهيم يدرسها الامريكي منذ طفولته في المدرسة الابتدائية ويلقن عليها لتكون محركا تلقائيا لسلوكه اليومي . وهذه السمة انتجتها عقلية الفقراء حد الهرب من بريطانيا وعبور محيط مخيف وخطر وقتها بحثا عما يمنع الموت جوعا او مرضا . ولكن هؤلاء الهاربين من الظلم الاجتماعي لم يسلموا من اثاره المتوارثة جيلا بعد جيل، فتكونت لديهم طبيعة ثانية محركها الاساس الشعور الكامن والمتجذر في الوعي وفي اللاوعي بان الانسان مهما اغتنى فانه مهدد بالافلاس خلال ساعة واحدة نتيجة غياب الضمانات ، وذلك هو المصدر الاجتماعي – السايكولوجي لنزعة الاستيلاء على ثروات واراضي الغير، بصفته حقا تفرضه طبيعة المجتمع البشري القائم على القانون الاساس للداروينية ، وهو الصراع من اجل البقاء حتى لو تطلب ذلك ابادة الاخر للاستيلاء على ثرواته .

ويمكنني تلخيص هذه الحالة السايكولوجية بالقول تشبع البطن لكن العين لا تشبع ، لان البطن حيز صغير لا يتحمل اكثر من قدر معين من الطعام والشراب يخلق التخمة والتوقف الاجباري عن الاكل ، اما جوع العين ، وهو كناية عن الطمع ، فانه لا حدود له لان الانسان ينظر حوله وفوقه بلا حدود وبدون الام او مشاكل بصرية . ولشرح هذه النقطة اقدم المثال التالي ، حينما كنت اعمل في الهند كان يحضر الى دعوات الاستقبال مئات الاشخاص وكنت في كل وليمة اشاهد اكثر من شخص يأتي بلا دعوة وهو يرتدي ملابس رثة لا تصلح الا لشحاذ ويهجم هؤلاء على الاكل كما الضبع الجائع جدا ، يأكل بسرعة ونهم وكان احدا يطارده او كأن الاقل قليل مع لا احد يطارده ولا الاكل قليل . ثم لاحظت ان البعض من هؤلاء يدس في جيوبه اكلا غير سائل قبل ان يخرج مباشرة بعد انهاء الاكل ! وقد استوقفتني تلك الظاهرة وسألت من يكون هؤلاء ؟ وكيف دخلوا القاعة بدون بطاقة فأتاني الجواب الصاعق : ان هؤلاء مليونيرية معروفين !!! هذا الميونير المتشحذ الذي يأكل بنهم وياتي بلا دعوة يمثل ظاهرة توارث جوع العين اجيالا ، قضاها في حرمان شديد علم اجداده ان يتعاملوا مع الاكل بطريقة من لا يضمن العشاء اذا حصل على غداء . وحينما اغتنت عائلته لم يختفي جوع العين ، لانه جوع عتيق ، كما نطلق عليه نحن في العراق ، وبقي يحرك بقوة اللاوعي هذا الذي ورث ثقافة جوع العين !

ان امريكا بغزواتها ونزعة ابادة الاخر لديها هي نتاج جوع العين وليس البطن ، لان امريكا ملآنة البطن ولديها فائض كبير وتستهلك 80 % من اغلب موارد العالم المهمة وباقي العالم يستهلك 20 % فقط منها ! لكنها ، ورغم هذه الحقائق ، تتصرف وكانها ستتعرض للمجاعة بعد ساعة ، لذلك يجب ان تبقى تنهب وتقتل وتتوسع استجابة للشعور بعدم الاكتفاء والافساد النفسي والثقافي المنظمين ، وما يحصل في العراق منذ الغزو الامريكي يقدم صورة انموذجية تثبت ذلك .

اما السمة الثالثة فهي سمة تحويل الدين الى مرقد مقدس ، والغاء جوهره ، وهو انه قوة روحية حية وجبارة ، تطلب وساطته ( المرقد ) للغفران عن الجرائم التي يرتكبها الامريكي ، لانه في النهاية انسان مهما كيفت سايكولوجيته يبقى لديه احساس دفين او علني بان الاخر حتى لو كان (ادنى مرتبة) فان حياته يجب ان لا تمحى ! وذلك نوع من انواع غسل الضمير ، بالضبط كغسيل الاموال ، كلما تراكمت عليه دماء الضحايا لتوفير الراحة ولكن دون التوبة . من هنا تصبح دورة ارتكاب الجريمة ثم الذهاب للكنيسة الية امريكية مميزة من اليات التوفيق بين ابادة الاخر والتكفير اللاحق شكليا عن ذلك ، ودون دفع الثمن او تلقي العقاب او تصحيح الجريمة بالتوقف عنها ، أنظروا الى جورج بوش كيف يقتل الالاف يوميا ثم يذهب للكنيسة وكيف يقول بخبال عالي الجودة ان ربه يزوره ويأمره ! وهو أيضا ما يفعله بعض الامريكيين الان عند التطرق للهنود الحمر ، الذين ابيدوا ولم يبق من مجموعهم الذي كان يبلغ 112 مليون انسان سوى بضعة الاف الان ، مع ان اوربا في زمن ابادتهم كان عدد سكانها 55 مليون نسمة ، أي ان من قتلهم المهاجرون في امريكا من السكان الاصليين لو بقوا احياء الى الان لبلغ عددهم وكحد ادنى 350 مليون انسان قياسا باوربا التي اصبح عدد سكانها الان اكثر من 300 مليون انسان !

ان زيارة المراقد ، وهي هنا الكنيسة ، للتنفيس عن مشاعر الاثم دون تغيير السلوك ، من جهة ، ونتيجة للخوف من الاخر ، أي الضحايا ، الذي يهدد بتغيير الوضع في كل لحظة والذي فرض بالابادة ، فيلجأ الامريكي الى الغيبيات هربا من الواقع ورغبة في الحماية ، وتصورا مرضيا ان الله الذي يعبدونه هو إلههم فقط وانه يغفر لهم خطاياهم مهما كانت حتى لو لم يتوبوا . ووجود اله خاص بهم ولهم فقط جعلهم يفسرون الدين على انه اداة متعة ومنفعة بالدرجة الاولى . ويترتب على ذلك تبلور قناعة بنفي الديانات الاخرى واسقاطها من حسابات الامريكي ، مستهدفا نهب اتباعها بافتراض انهم اعداء الله والمسيح او انهم ليسوا بشرا كالمسيحيين بل هم مخلوقات دنيا وجدت لخدمة المسيحي ، وهو ما فعله الانكلوسكسون في امريكا مع السكان الاصليين وكرره ابناء اعمامهم في نيوزلندا واستراليا ،كما ان ما يفعله الجيش الامريكي في العراق يندرج ضمن هذه الحالة .

ولهذا نرى الامريكي يمارس ازدواجية مفضوحة ، فحينما يتدين يفصل سلوكه التجاري والاجتماعي ، وهو اساس حياته ، وكيفية تحقيق المنفعة ، يفصل كل ذلك عن الدين وقيمه وروادعه ، ويحل محله نزعة براغماتية تنسف اصول كل دين بما في ذلك المسيحية ، من خلال تسويغ وتبرير القتل والنهب وممارسة كل انواع الفحش الاجتماعي داخل امريكا واسوأ انواع الغزو الاستعماري خارجها . ولذلك لم يكن غريبا بروز البراغماتية في امريكا بصفتها التيار الفلسفي الاقوى تأثيرا في السلوك العادي للانسان وفي ممارسة العلاقات الدولية .

هذه البيئة السايكولوجية طبعت بمياسمها امريكا كلها ، مجتمعا وبشرا ودولة ، فالامريكي هو مخلوق يبحث قبل كل شيء عن الثراء حتى لو كان مليونيرا ، وحينما يعثر على مصادره يستولي عليها بالقوة ويقتل اصحابها الشرعيين اذا قاوموا دون شعور حقيقي بالذنب ! والخطير في الامر ان الامريكي يستطيع خداع نفسه ، باعادة تكييف قناعاته ، بالاعتقاد بان كل ما يعمله صحيح في وقته حتى لو كان قد اقتنع بغير ذلك سابقا ، وقصة تعاون امريكا مع المجاهدين الافغان ضد السوفييت ثم ضربهم بعد اندحار السوفييت تمثل رمزا موحيا للنمط الذي تتصرف به الشخصية الامريكية .

وتنطوي هذه السايكولوجيا على ازدواجية خطرة ، فالامريكي لاحدود لاستعداده لابادة الاخر اذا كان قادرا على ذلك ، لكنه حينما يواجه مقاومة مؤذية من الضحية تنهار قوته ويظهر قاعه الاصلي وهو انه جاء الى امريكا لاجل التخلص من الموت او الاضطهاد وتحقيق الاستقرار والثراء وليس للموت ، لذلك تبدأ عوامل الجبن والخوف تستولي على الامريكي في ساحات الحرب وهو يواجه عدو شجاع مستعد للموت ، وكانت حرب فيتنام هي التجربة الاهم التي اكدت ذلك وثبتته باسم ( عقدة فيتنام ) . وهذه العقدة تنطوي على امر خطير وهو ان العسكري الامريكي حينما يقتنع بان العدو موجود في كل مكان وانه سينال منه حتما ينهار نفسيا او يصل الى حافة الانهيار، وعندها تظهر الحالة النفسية المسماة هوس الخوف المرضي . ما هي اهم مظاهر هذا المرض النفسي ؟

في معركتي الفلوجة الاولى والثانية تحدث جنود وضباط أمريكيون عن رؤيتهم لاشباح تقاتلهم حتى اثناء التوقف المؤقت للقتال ، ونشرت صحف ومجلات امريكية قصصا كثيرة نقلا عن هؤلاء ، من بينها انهم كانوا يصابون بهستيريا نتيجة تصورهم ان العدو يهاجمهم فيطلقون النار عشوائيا ويصيبون الكثيرين نتيجة الوهم بوجود هجوم ، بما في ذلك اصابة زملائهم الامريكيين مع انه لا يوجد هجوم وقتها وانما الذي يوجد هو تخيلات تفرضها حالة الفزع من المقاومين العراقيين . وهذا يسبب ما يوصف احيانا بالاصابة ب(نيران صديقة ) ، وهي لاتعني كلها ان خطئا قد حصل واصيب صديق بل تعني احيانا ان جنديا امريكيا يصاب بهوس الخوف المرضي الذي يجعله يطلق النار على من يقف قربه حتى لو كانوا جنودا امريكيين ! انه الفزع وقد وصل اقصى مدياته عند انسان بني سايكولوجيا اصلا على التمسك المفرط بالحياة ولدرجة الانانية الكاملة ، بعد ان هرب هو او جده من الخوف والحرمان والسجن مقررا ان يعيش بأمن وامان ورفاهية .

والسؤال المناسب هنا هو التالي : كيف تكون حالة هذا العسكري الامريكي وهو يواجه جند الله في العراق وهم يقاتلون بطريقة لم تألفها الحروب الاستعمارية الامريكية كلها ؟

من المؤكد ان الجيش الامريكي قد انهار معنويا ، وهو ما اعترف به قادة امريكيون كثيرون ، وان انهياره العسكري اصبح مسألة وقت لا غير. ولذلك وباندماج سايكولوجيا هوس الخوف المرضي مع الامر باستخدام القوة المفرطة ، في اجواء الاقتناع العام في امريكا وجيشها بان الهزيمة الامريكية حتمية ، نجد امامنا جيشا امريكيا يقتل لدفع الخوف المرضي ، ويغتصب ويدمر حتى ما لا يحتاج الى تدميره للانتقام وانتهازا للفرصة قبل الرحيل من العراق او من الدنيا ، وينهب الناس للحصول على مكسب من منجم ذهب دخلوه لاجل السرقة فانهار واغلق طريق الخروج عليهم ولم تبقى الا كوة صغيرة للهرب فقط . لقد اعلنت المصادر الطبية الامريكية ان حوالي 40 % من جنودها وضباطها الذين حاربوا في العراق أصيبوا بعوق نفسي او بدني اخرجهم نهائيا من الحياة الطبيعية وليس من الجيش فقط ، وحولهم الى اشباه بشر واشباه احياء واشباه أسوياء ، لكنهم في كل الاحوال خرجوا من جنس البشر الطبيعي الى الابد .
ان ما حصل في حديثة وغيرها وما يحصل اليوم في العراق له صلة بهذه الحقائق السايكولوجية والعسكرية .


الضربة الاستباقية : المكون النفسي
وثمة مكون اخر في سايكولوجيا الحرب ضد العراق ، وهو طبيعة ستراتيجية امريكا الرسمية التي يطلق عليها اسم (الضربة الاستباقية ) ، والتي تقوم على عناصر جوهرية تنمي نزعة القتل العشوائي ونزعة القتل الغائي . ما المقصود بهذين المصطلحين ؟ ان الفكرة الاساسية في الضربة الاستباقية هي ان امريكا يجب ان تضرب العدو قبل ان يبادر بضربها ، حتى لو كان العدو هو حاليا ليس عدوا بل ربما يكون محايدا او حليفا ، او ان العدو ربما لم يولد بعد ومازال في رحم امه لذلك يجب قتل الام لمنع ولادة الابن الخطر ! والسبب في ضربه هو ما يلي : هذا الطرف يتقوى وبعد عقد من الزمن او اكثر سيمتلك القدرة على ضربنا، وبما اننا قررنا ان يكون هذا القرن قرنا امريكيا اذن يجب ان نمنع هذا الطرف من التقدم وامتلاك عوامل القوة ليس العسكرية فقط بل التكنولوجية والاقتصادية .

لذلك فان احد اهم اسس هذه الستراتيجية هو ان امريكا ستحاول ان تمنع أي دولة من منافستها او التفوق عليها ، حتى لو كانت حليفة مثل اليابان او اتحاد اوربا ! وطبقا لهذه الستراتيجية فان امريكا اعلنت رسميا انها وجهت صواريخها الذرية لضرب اهداف كثيرة منها الصين وروسيا والعراق (قبل الغزو طبعا) وسوريا وكوريا الشمالية وغيرها !

والضربة الاستباقية ليست من اختراع ادارة بوش الابن بل هي متجذرة في السايكولوجيا الامريكية منذ نشأت امريكا ، فما قامت به منذ بدء الهجرة من اوربا الى امريكا وحتى الان ما هو الا ضربات استباقية لمنع خطر متوهم او محتمل قادم . والحتمية في بروز الخطر ليست مطلوبة او ضرورية بل يكفي ان تقتنع النخب الامريكية بوجود خطر للقيام بتوجيه ضربة استباقية لطرف هو في حالة غفلة ، لانه لا يتصور ان يهاجم مع انه لم يخطط ابدا للعدوان على من هاجمه ، كما كان حال الهنود الحمر . بل احيانا ، وهي كثيرة ، تخترع النخب ( الخبراء والمسؤولين ) الخطر من لا شيء وتبدأ ، مستخدمة الاعلام الجبار الذي تمتلكه ، بخلق بيئة تساعد على توجيه الضربة ، والمثال الابرز هو كيفية التخطيط لعدة سنوات لضرب العراق وغزوه رغم انه لم يكن خطرا على امريكا باي شكل ، كما اثبتت الحقائق التي كشفت المصادر الرسمية الامريكية نفسها عنها ، ومنها ان العراق لم يكن يملك اسلحة دمار شامل ولم تكن له صلة بالقاعدة وهما السببان الرسميان لغزوه ! لقد كان الهدف الحقيقي الذي عرفه العالم الان هو ان تدمير العراق كان لاجل نهبه واعادة بناءه بواسطة الشركات الامريكية واستعماره لعدة قرون ، وتلك مصلحة ستراتيجية ومادية اساسية ، اضافة لتحقيق اهم مطلب اسرائيلي وهو التخلص من أي قطر عربي يمتلك مصادر القوة والتقدم ، رغم ان هذه المصلحة ادت الى قتل اكثر من ربع مليون عراقي بعد الغزو وتدمير شامل للعراق وتحويله الى مسلخ رهيب ، اضافة لقتل امريكا مليوني عراقي بسبب الحصار .

ان ثقافة الضربة الاستباقية مكون اساس في نفسية الامريكي نتيجة هواجس ومطامع التوسع على حساب الغير ، وحينما تعبر هذه السايكولوجيا عن نفسها على المستوى الفردي تتخذ شكل سلوك هجومي عدواني مبني على اوهام هوس الخوف المرضي او على طمع النهب . وافضل تعبير عن ذلك هو اصدار اوامر رسمية للجنود الامريكيين في العراق بفتح النار على أي شخص او جماعة لمجرد الاشتباه دون التأكد من وجود نية عدوانية ضدهم . ولذلك فان مئات المدنيين العراقيين قتلوا في الشوارع وعند نقاط التفتيش وفي بيوتهم لمجرد وجود خوف مرضي لدى الجيش الامريكي ، ونتيجة لثقافة الضربة الاستباقية التي علمتهم انهم اذا شكوا ، مجرد شك ، فيجب ان يضربوا بلا تردد ! وتبين في كل تلك الحالات ان من قتل كان عابر سبيل ! بل ان القتل بتأثير ثقافة وسايكولوجيا الضربة الاستباقية وصل حد قتل نساء حوامل غير مسلحات كما حصل في نقطة تفتيش في سامراء ، وفي كل الحالات كانت الادارة الامريكية تقول ان القتل تم لتجنب (هجمات انتحارية ) !

اذن فان نزعة القتل العشوائي هي ضربة استباقية تتخذ شكل عمل يحركه خوف آني غير مسيطر عليه ، يجعل المبادرة بالقتل حق مشروع لتجنب خطر موهوم او مفترض فبركته هستيريا الخوف الذاتي والياتها . اما نزعة القتل الغائي فهي نتاج وجود تصور مسبق بان الطرف او الشخص الفلاني هما مشروع عدو مستقبلي لذلك يجب قتلهما الان قبل ان يكتمل عنصر العداء الافتراضي ، لان هذا الاكتمال سيجعل من الخطر مميتا وقد تستحيل عملية تجنب ضرباته ! في العراق نرى كلا النزعتين تعبران عن نفسيهما باعمال قتل العراقيين ، الاولى تنتج عن مبادرة العسكري الامريكي مدفوعا بمخاوف هستيرية من الشعب العراقي فيقتل تجنبا لقتله من قبل اشباح تحيط به وتؤرقه وتسلب منه امكانية النوم او ضبط النفس ، والثانية تنتج عن اوامر صريحة بقتل اشخاص وجماعات تشك امريكا انها معادية او يمكن ان تصبح غدا او بعد غد معادية لذلك يجب التخلص منها قبل ان تبادر بالهجوم !

واخيرا يجب ان نشير الى ان محاولات امريكا اضعاف مقاومة الشعب العراقي للغزو تتخذ صيغ ضربات استباقية جماعية تتمثل في اثارة الفتن الطائفية والاثنية بمهاجمة الجوامع والحسينيات والكنائس والقاء المسؤولية على اطراف عراقية لا صلة لها بها ، لكي تضمن امريكا تحييد مقاومة الشعب العراقي للاحتلال من خلال تحويل الحرب من حرب تحرير العراق من الغزو الى حرب طائفية وعرقية لا تبقي من قوة العراق ما يمكن به طرد امريكا . وفي ضوء ما تقدم يتبين لنا ان اعمال القتل العشوائية والغائي ما هي الا نتاج تربية سايكولوجيا – اجتماعية ، اوثمرة اعداد طويل ومبرمج .

كثرة الاخطاء ماذ تعني ؟
اذا قبلنا بادعاء ان ما يرتكب من جرائم هو خطأ فردي فان تكرار هذه الاخطاء على نحو كبير وملفت للنظر يعني ان هناك انفلاتا في الجيش الامريكي وغياب او ضعف الضبط العسكري ، فهل هذا صحيح ؟ من المعلوم ان الجيش الامريكي هو من بين اكثر جيوش العالم تركيزا على مطلب الضبط العسكري لانه جيش اعد اصلا للغزو والعدوان وتوجد في امريكا افضل الاكاديميات العسكرية في العالم والامريكيون يفتخرون بذلك ومنهم بوش الابن الذي كرر القول بانه يفخر بعظمة الجيش الامريكي . اذا فقد الجيش الامريكي الضبط وقام كل عسكري بما يريد فانه لا يفشل في تحقيق اهداف التوسعية الاستعمارية الامريكية فقط بل هو ايضا سيواجه التفكك الداخلي . وهذا امر غير وارد ولم يحصل لان الضبط العسكري الامريكي ممتاز كما هو معروف عالميا . لذلك فان الادعاء بان الاخطاء سببها تصرفات فردية ، مع انها تعد بالالاف وليس بالمئات، انما هو اتهام مباشر للجيش الامريكي بانه جيش متخلف ولدولة متخلفة لا تعرف كيف تضبط جيشها مع ان الضبط العسكري هو من اهم متطلبات قيام جيش يعتد به ويعتمد عليه . فاذا استبعدنا فرضية ان الجيش الامريكي غير منضبط واعترفنا بانه منضبط ، نتوصل الى الحقيقة الساطعة وهي ان اعمال القتل والاغتصاب كانت وما زالت تتم باوامر عسكرية صريحة ومباشرة وليس بالايحاء او نتيجة تصرف فردي .

يتبع

salah_almukhtar@yahoo.com

للعودة الى الصفحة السابقة

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker