Articles to read...

Friday, December 30, 2005

فتوى علماء اليمن في وجوب الجهاد ونصرة المجاهدين

فتوى علماء اليمن في وجوب الجهاد ونصرة المجاهدين
ومقاطعة المحتلين في العراق وارض المسمين المحتلة الاخرى

بسم الله الرحمن الرحيم

فتوى علماء اليمن في حكم القتال في العراق وبقية بلاد الإسلام التي دخلها أو يدخلها الكفار والمحاربون وحكم المعارضة التي يستعين بها الكفار في الدخول إلى بلاد الإسلام وحكم من عارض فتاوى الجهاد وحكم من تعاون مع الغزاة المحاربين وواجبات الدول والحكومات والشعوب . أقـرّها ووقع عليها أكثر من مائة عالم

مقدمة :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين وبعد ....

فإن العالم يرى المجازر التي يرتكبها الأمريكان ومن تحالف معهم من دول أوربا وغيرهم ضد المسلمين في العراق , فمنذ الغزو الأمريكي للعراق وحتى اليوم تمادى الأمريكان وأسرفوا في القتل وسفك الدماء وأرتكبوا مجازر مروعة لم يسبق لها مثيل , أغتصبوا النساء , ودمروا مدناً وقرى وهدموا المنازل على من فيها , واستخدموا أسلحة دمار شامل هائل مروع وطائرات ودبابات ومدرعات وصواريخ وقنابل والأسلحة المحرمة دولياً مثل الكيماوي والقنابل الأنشطارية وغيرها , وهدموا المساجد وأهانوا وقتلوا من لجأ إليها من الجرحى المدنيين وأجهزوا عليهم بداخلها وسفكوا دماء المسلمين فيها , ولم يراعوا دور العبادة التي أتفقت على حرمتها وقداستها جميع الشرائع السماوية , وقتلوا النساء والأطفال والشيوخ والعجزة كما يحدث الأن في بغداد وبقية المدن والقرى العراقية الأخرى مثل الفلوجة والقائم والرمادي والأنبار وغيرها حيث يحاصرون المدن بمن فيها من المسلمين ثم يقصفون بجميع الأسلحة الجوية والبرية للإبادة الجماعية , ويمنعون عنهم الغذاء والدواء والماء ويمنعون سيارات الإسعاف من إسعاف الجرحى والمصابين ويقصفون المستشفيات بمن فيها من الجرحى والمرضى , ويمنعون العراقيين من دفن شهدائهم وإسعاف جرحاهم كما يفعلون في غيرها من بلاد الإسلام كالأفغان وغيرها , وكما يفعل إخوانهم من اليهود من كفرة أهل الكتاب في فلسطين.

وقد أصدرت هيئة العلماء في العراق في وقت سابق نداء يطلبون فيه من الدول والشعوب الإسلامية والجماعات والأفراد نجدتهم وإعانتهم وإنقاذهم من عدوهم , وهذا الطلب يؤكد الواجب العيني في نصرتهم وأثم من تخلف عنهم , وأقل النصرة بالمال والدعاء لمن عجز عن نصرتهم بالبدن والنفس حُكم القتال في العراق

من المعلوم من الدين بالضرورة عند جميع علماء الإسلام أن الجهاد فريضة من فرائض الدين المُحكمة , قال تعالى { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ..... }{ 216 } البقرة , أي فرض عليكم القتال وهو شاق عليكم , وقال تعالى :{.. فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ...}{ 5 } التوبة , وقال تعالى { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ...}{ 193 } البقرة , أي لا يكون شرك ويكون الدين كله لله , والجهاد على نوعين .

النوع الأول : جهاد هجوم ( جهاد الطلب أو جهاد الفتح ) وهو أن نبتديء نحن معاشر المسلمين بالقتال ضد الكفار , وهو من الفروض الكفاية ولسنا الأن بصدد بيان أحكام هذا النوع.

النوع الثاني : جهاد الدفع ( قتال الدفع ) وهو : إذا هجم العدو على بلد من بلاد الإسلام فيجب على أهل ذلك البلد دفع العدو الكافر الغازي بكل وسـيلة يصـبح القـتال - عند إذ ٍ – فرض عين على الرجال والنساء والكبار والصغار وتخرج المرأة دون إذن زوجها والأبن دون إذن الأبوين , والمدين دون إذن الدائن , باتفاق العلماء وكما نص العلماء على خروج الأطفال دون سن البلوغ دون إذن الأبوين و لأن الكافر الحربي نزل ببلادهم فأصبح القتال فرض عين على الجميع فإذا عجز اهل تلك البلاد عن دفع العدو أصبح فرض على من بجواريهم من الدول والحكومات والشعوب , فإن عجزوا أتسع فرض العين حتى يشمل جميع بلاد الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها .

وهذا الحكم ينطبق على أهل العراق وفلسطين والأفغان والشيشان وكشمير وكل بلد مسلم يهجم الكافر الحربي عليه .

الأدلـة الشرعـية من الكتاب والسنة :

الأدلة من الكتاب :


أولاً : أن الله أمر المسلمين جميعاً
, وأمر كل أحد أن يقاتل من قاتله حتى لا يبقى كافر يعتدي على المسلمين إلى يوم القيامة . قال تعالى : {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ }{190}البقرة , خطاب لجميع المسلمين , أمر كل أحد أن يقاتل من قاتله أذ لا يمكن سواه , ألا تراه كيف بينها في سورة براءة بقوله تعالى {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار} (التوبة) , وذلك أن المقصود أولاً أهل مكة فتعينت البداءة بهم , فلما فتح الله مكة كان القتال لمن يلي ممن كان يؤذي حتى تعم الدعوة وتبلغ الكلمة إلى جميع الأفاق ولا يبقى أحد من الكفرة , وذلك باق ممتد على يوم القيامة ممتد إلى غاية هي قوله صلى الله عليه وسلم ( الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ) , وقيل غاية نزول عيسى عليه السلام , فكان صلى الله عليه وسلم يقاتل من قاتله ويكف عنه حتى نزل قوله تعالى :{فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} {5}التوبة

( راجع القرطبي 2 / 337 ) , وقوله تعالى { وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}{36} التوبة , فأمر - تعالى - بالقتال لجميع الكفار وقد نص علماء السلف أن هذه الآية محكمة , أي قاتلوا الذين هم بحالة من يقاتلوكم . ( راجع القرطبي 2 / 345 ) .

ثانياً : الأدلة بالقتال بوجه عام :
قال تعالى { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } { 39 } الحج , هذه الآية الإذن نزلت في القتال عامة لمن قاتل ولمن لم يقاتل من المشركين وهي ناسخة لكل مافي القرآن من إعراض وترك وصفح .

( راجع القرطبي 2 / 345 ) .

وجاء في أحكام القرآن لأبن العربي : كيف أن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بالبيان والحجة وأن الكفار يقابلونه بالجحود والأنكار وأن الباري سبحانه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأحتمال الأذى والصبر ويأمرهم بالإعراض تارة وبالعفو والصفح أخرى إلى أن أذن الله تعالى لهم في القتال فأنزل – تعالى –

{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ...} {39 } الحج , وأن لم يكن احد قاتلهم ,, ثم صار بعد ذلك فرضاً فقال تعالى { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ }{190} البقرة . ثم أمر الله بقتال الكل فقال تعالى {.. فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ..}{ 5 } التوبة .
( راجع أحكام القرآن لأبن العربي 1 / 144 ) .

ثالثاً : الله فرض على المؤمنين الجهاد وقتال الكفار وحرم عليهم الفرار حيث قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ {15} وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }{16} ( الأنفال ) أي إذا تدانيتم وتعانيتم - دنا بعضكم من بعض ورأيتم الكفار ورأوكم - فلا تفروا عنهم ولاتعطوهم أدباركم - والعبارة بالدبر متمكنة الفصاحة لأنها بشعة على الفار ذامة له - , فالله فرض على المؤمنين الجهاد وقتال الكفار وحرم عليهم الفرار . وحكم الآية نافذ إلى يوم القيامة ولا يختلف في ذلك أثنان .
وقد قرر العلماء أن لا يفر المسلمون من مثليهم ( مثلهم مرتين ) , قال أبن القاسم : لا تجوز شهادة من فر من الزحف ولا يجوز لهم الفرار وإن فر إمامهم لقـوله عـز وجـل :

{ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ....} {16} ( الأنفال ) , ويجوز الفرار من أكثر من الضعف وهذا مالم يبلغ عدد المسلمين أثنى عشر ألفاً , فإن بلغ أثني عشر ألفاً لم يحل لهم الفرار.

وإذ زاد عدد المشركين على الضعف ( واليوم عدد المسلمين مليار ونصف , فكم عدد الغزاة ؟! ) , والفرار من الزحف من الكبائر الموبقات كما جاء في الحديث الصحيح , قال صلى الله عليه وسلم { أجتنبوا السبع الموبقات ..... } وذكر منه (( التولي يوم الزحف )) متفق عليه .

وقد وقف جيش مؤته وهم ثلاثة آلاف في مقابلة مائتي ألف من الروم ومائة ألف من المستعربة , وفي فتح الأندلس في رجب 93 هـ كان عدد المسلمين ألف وسبعمائة مسلم بقيادة طارق مولى موسى بن نصير فألتقى بملك الأندلس في سبعين ألفاً فنصر الله المسلمين عليهم وكان فتح الأندلس ( راجع القرطبي 7 / 333 , 334 , 335 ) , وفي قتال المسلمين في القسطنطينية هاجم مسلم - لوحده - جيش الرومان فانكر عليه الناس فأنكر عليهم الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري- رضى الله عنه – وبين لهم صواب فعل المجاهد المسلم كما سيأتي بيانه عند ذكر قوله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة .. } وكما في صحيح الأخبار .

ونقل القرطبي عن كبار العلماء في المذاهب المُعتبرة إقرارهم على قيام الرجل المسلم بأقتحام الجيش العظيم لوحده بغرض النكاية وإرعاب الأعداء وتجرئة المسلمين على الأعداء وليظهر صلابة المسلمين في الدين وأجاز العلماء ذلك وكما فعل البراء بن مالك عندما طلب من الصحابة إلقاءه من فوق السور يوم اليمامة وقاتل اكثر من عشرة ألف لوحده وفتح باب الحديقة للمسلمين ( راجع القرطبي 2 / 361 , 362 ) .

ملاحظة : كل هذه البسالة والإقدام ومواجهة المقاتل المسلم لعشرات الآلاف لوحده ولا يفر من الزحف يحصل في جهاد الطلب أو ما يسمى بجهاد الفتح وهو ليس واجباً عينياً بل هو واجب كفائي إذا قام به البعض وأندفع به العدو سقط الإثم عن بقـية المسـلمين أما فـرض العين في الجهاد فإن أحكامه أقوى وأشـد كما سـيأتي بيانه – إن شاء الله - .

رابعاً : لولا الجهاد لأستولى أهل الكفر على اهل الإسلام :

{ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } {40} الحج .
لولا ما شرع الله تعالى للانبياء والمؤمنين من قتل الأعداء لأستولى أهل الشرك وعطلوا ما بنته أرباب الديانات من مواضع العبادات , ولكنه دفع بأن أوجب القتال ليتفرغ أهل الدين للعبادة , فالجهاد أمر متقدم في الأمم وبه صلحت الشرائع .. فكأن الله أذن في القتال فليقاتل المؤمنون . ثم قوى هذا الأمر بقوله تعالى { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ } أي لولا القتال والجهاد لتغلب على الحق في كل امة , فمن أستبشع من النصارى والصابئين الجهاد فهو مناقض لمذهبه , لولا القتال لما بقي الدين الذي يذب عنه ( راجع القرطبي 12 / 67 وقال تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ..} ) .

خامساً : أمر الله المؤمنين أن يجتمعوا لقتال الكفار :

{ .. وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً .. } {36}التوبة , ( َقَاتِلُوا ) أمر بالقتال , ( كَآفَّةً ) جميعاً . فالآية تحض على قتال الكفار والتحزب عليهم وجمع الكلمة بين المسلمين , فبحسب أجتماع الكافرين على المؤمنين وأجتماعهم على قتال المسلمين يكون فرض أجتماع المسلمين لقتال الكافرين .
( راجع القرطبي 8 / 25 / 325 ) .

سادساًً : أمر الله بمقاتلة الكافرين الأقرب فالأقرب :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}{123}التوبة . عـّرف الله المسلمين كيفية الجهاد , وأن الابتداء بالأقرب فالأقرب والأدنى فالأدنى من العدو , ولهذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسـلم بالعرب فلما فـرغ قصد الروم ( ... راجع القرطبي 8 / 270 ) , فالله أمر المسلمين بقتال الأقرب والأدنى من الكفار إلى بلاد الإسلام , ومثاله اليوم : على المسلمين - دول وشعوب - المجاورين لفلسطين أن يقاتلوا اليهود , وكذا الدول والشعوب المجاورة للعراق عليهم قتال الأمريكان في العراق , وكذا الحال في الأفغان والشيشان وكشمير وغيرها . هذا في القتال الكفائي , أما في الجهاد العيني فإن قتال الأقرب من الكفار الغـزاة لبلاد الإسلام فرض عين , فإن عجزوا أتسعت رقعة الفرض العيني حتى تشمل بلاد الإسلام قاطبة .

  1. الأدلــة من السـنة :

لقد أتفق العلماء على أن الجهاد أفضل من الحج والعُمرة ومن الصلاة والصوم تطوعاً كما دل عليه الكتاب والسنة , فمن الكتاب قول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} {10} الصف , والآيات في هذا الباب كثيرة جداً , ومن السنة ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن علو منزلة الجهاد بعد التوحيد والإيمان بالله . فقال صلى الله وعليه وسلم (( رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد )) رواه الترمذي وبن ماجه .
(( إن في الجنة لمائة درجة مابين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض أعدها الله للمجاهدين في سبيله )) متفق عليه .

(( من أغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار )) رواه البخاري.

(( رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه وإن مات أجري عليه عمله الذي كان يعمله وأجري رزقه وأمن الفتن )) رواه مسلم.

والأحاديث في هذا الباب لا تكاد تحصى ( راجع الفتاوى الكبرى 28 / 194 ) .

شرع الجهاد ضد الكافرين ليكون الدين كله لله ويقتل المعارض المحارب للإسلام ولو كان شيخاً أو أمرأة ..

يقول بن تيميه ( وأصل القتال المشروع هو الجهاد في سبيل الله ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله , وأن تكون كلمة الله هي العليا , فمن أمتنع عن هذا قوتل بأتفاق المسلمين , وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ والأعمى ونحوهم فلا يقتل عند الجمهور إلا أن يقاتل بقوله أو فعله - وإن كان بعضهم يرى إباحة قـتـل الجميع لمجـرد الكفر .. - ) ( راجع الفتاوى الكبرى 28 / 194 ) .
وهذه أقوال أئمة كثيرين من مالكية وغيرهم إضافة على قول الإمام أبن تيمية الحنبلي رحمهم الله جميعاً .

3. الأدلـة من أقوال المذاهب المُعتبرة على الجهاد المتعين ( فرض عين ) كما هو واقع في العراق وفلسطين والأفغان والشيشان أو أي بلد يدخلها الكفار المحاربون :

الأول : أقوال فقهاء الحنفية :

( ... وفرض عين إن هجم العدو على ثغر من ثغور الإسلام فيصير فرض عين على من قرب منه , فأما من وراءهم ببعد من العدو فهو فرض كفاية إذا لم يحتاج إليهم , فإن أحتاج إليهم بأن عجز من كان بقرب العدو عن المقاومة مع العدو أو لم يعجزوا عنها ولكنهم تكاسلوا ولم يجاهدوا فإنه يفترض على من يليهم فرض عين كالصلاة والصوم ولا يعهم تركه , ومن ثم وثم إلى يعم الفرض جميع أهل الإسلام شرقاً وغرباً على هذا التدرج ) ( راجع حاشية أبن عابدين وبدائع الضائع والبحر الرائق وفتح القدير لأبن الهمام ) .

الثاني : أقوال فقهاء المالكية :
الدسوقي ( أي يتوجه الدفع بفجئ العدو - مفاجأة على كل احد وإن أمرأة أو عبداً أو صبياً ويخرجون ولو منعهم الولي والزوج ورب الدين ) ( راجع حاشية الدسوقي ) .

القرطبي ( كل من علم بضعف المسلمين من عدوهم وعلم انه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضاً الخروج إليهم ) ( راجع القرطبي 2 / 253 ) .

الثالث : أقوال فقهاء الحنابلة :
( فإن دخلوا - يعني الكفار - بلدة وصار بيننا وبينهم دون مسافة القصر فيلزم أهلها الدفع حتى من لا جهاد عليهم من فقير وولد وعبد ومدين وأمرأة )

( راجع نهاية المحتاج للرملي ) .

الرابع : أقوال فقهاء الحنابلة :
أبن قدامة ( ويتعين الجهاد في ثلاث مواضع :

1. إذا ألتقى الزحفان وتقابل الصفان .

2. إذا نزل الكافر ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم .

3. إذا أستنفر الإمام قوماً لزمهم النفير
) .

الفتاوى الكبرى ( إذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب , إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة , وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم , ونصوص أحمد صريحة بهذا ) ( راجع المغني لأبن قدامة والفتاوى الكبرى لأبن تيمية ), وهذه الحالة تعرف بالنفير العام ( فأما إذا هجم العدو فلا يبقى للخلاف وجه , فإن دفع ضررهم عن الدين والنفس والحرمة واجب إجماعاً ) ( راجع الفتاوى الكبرى ) .

( أما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فإنه يصير دفعه واجباً على المقصودين كلهم وعلى غير المقصودين كما قال الله تعالى:{فإن أستنصروكم في الدين فعليكم النصر } , وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم , وسواء كان الرجل من المرتزقة للقتال أو لم يكن وهذا يجب بحسب الإمكان على أحد بنفسه وماله مع القلة والكثرة والمشي والركوب كما كان المسلمون لما قصدهم العدو عام الخندق ولم ياذن الله في تركه لأحد ) ( مجموع الفتاوى ) .
( فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شئ أوجب بعد الإيمان من دفعه) ( راجع الفتاوى الكبرى ) .

التحذير من الشبه :

الشبهة الأولى وردها بالدليل :
هنالك من يزعم أن الذاهب للقتال في العراق وإغاثة العراقيين والدفاع عن المسلمين والمستضعفين في العراق أنه إلقـاء بالـيد إلى التهلكة مسـتدلين بقـوله تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بايديكم إلى التهلكة ..} وهذه الشبهة تدل على جهل أصحابها بالدين وبإحكام الجهاد .

الدليل :
جاء في أسباب نزول الاية المذكورة قول أبي أيوب الأنصاري الصحابي الجليل رضى الله عنه عندما سمع من يزعم أن من هاجم الكفار لوحده وأقتحم جيش الرومان بنفسه , سمع من قال الأية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه وأظهر دينه قلنا هلم نقيم في أموالنا ونصلحها فأنزل الله عز وجل :{ وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بايديكم إلى التهلكة...} والإلقاء باليد إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد ( اخرجه أبو داود والترمذي والنسائي والحاكم والبيهقي وأبن حبان - راجع القرطبي 2 / 362 , ونيل الوطار 4 / 675 - ) فأخبر أبو أيوب أن الإلقاء باليد إلى التهلكة هو ترك الجهاد في سبيل الله وأن الآية نزلت في ذلك فيجب على من يفتي بأن قتال الكفار الهاجمين على بلاد الإسلام والجهاد في سبيل الله إلقاء باليد إلى التلهكة أن يعلن رجوعه عن هذا القول وتوبته عن خطأه وجهله أو عن قصده وتعمده .

الشبهة الثانية وردها بالدليل :
هناك من يزعم أن القتال في العراق لا يجوز بسبب عدم وجود السطان والراية للمسلمين , وهذا الزعم يدل على الجهل بالدين والجهل بأحكام الجهاد وبما قره علماء الإسلام . وعليه فليعلم هؤلاء بان فرض العين في الجهاد ضد العدو الكافر الحربي الصائل في بلاد الإسلام يكون أشد وجوباً عند فقد الإمام والسلطان والراية أو عند أسر سلطان المسلمين أو قتله أوضعفه , بل لو وجد الإمام وتكاسل أو ضعف أو جبن , يكون الواجب العيني أشد وجوباً , بل لو وجد السلطان وأمر بعدم الجهاد ضد العدو الكافر الحربي الصائل لا يطاع .

الأدلـة على ذلك :

الأول : قرر الفقهاء أن هذا النوع من الجهاد في هذه الحال ( فقد السلطان والراية ) يسمى جهاد الدفع ( قتل الدفع ) .

ثانياً : قرر الفقهاء أن هذا النوع من الجهاد والقتال لا يشترط له وجود الإمام والسلطان ولا يشترط له راية .

ثالثاً : كما قرر الفقهاء في هذه الحالة أن لا يشترط التكافؤ بين المسلمين والكافرين بل يجب قتل الدافع على كل احد بعينه .

أقوال الفقهاء في هذه المسألة :
الأول :
ابن قدامة : ( فإن عدم الإمام لم يؤخر الجهاد لأن مصلحته تفوت بتأخيره ) ( راجع المغني لأبن قدامة ) .

الثاني : أبن رشد ( طاعة الإمام لازمة وإن كان غير عدل مالم يأمر بمعصية , ومن المعصية النهي عن الجهاد المتعين ) ( فتح العلي لمالك للشيخ عليش ) .

الثالث : أبن تيمية ( وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين , واجب إجماعاً , فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شئ أوجب بعد الإيمان من دفعه , فلا يشترط له شرط - كالزاد والراحلة - بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك اصحابنا وغيرهم ) .

الرابع : وفي الصحيح : قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (( من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قـتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد وقتل دون أهله فهو شهيد )) .

قال الإمام الجصاص بعد هذا الحديث : لا نعلم خلافاً أن رجلاً لو شهر سيفاً على رجل ليقتله بغير حق , أن على المسلمين قتله ( أحكام القرآن للجصاص ).

فكيف بكفرة أهل الكتاب من الأمريكان وغيرهم الذين أسرفوا في سفك دماء المسلمين وأنتهاك الأعراض وأستباحة الحرمات والمساجد ودمروا البلاد ويعلنون ذلك بألسنتهم صباح مساء ؟ .

تحذير المسلمين مما تبثه بعض أجهزة الإعلام

1. يجب الحذر مما يشاع عبر أجهزة الإعلام بأن الأمريكان المحاربين سيخرجون من بلاد الإسلام بالطرق السلمية ووصف ما يحدث في العراق بأنه شأن داخلي .... الخ .
فهاهم الأمريكان يدعمون اليهود في أحتلال فلسطين منذ أكثر من نصف قرن , وهاهم الأمريكان بقواتهم في اليابان والمانيا وكوريا الجنوبية منذ ستين عاماً من عام 1945م في الحرب العالمية , وهاهم الأمريكان في الوطن العربي منذ خمسة عشر عام في الحرب الخليج الأولى , وهاهم في الأفغان .... الخ .

فهل سيخرج اليهود من فلسطين بالطرق السلمية ؟ وهل سيخرج الأمريكان من الأفغان والعراق والبلاد العربية بالطرق السلمية ؟ وهل سيخرج الهنود من كشمير والروس من الشيشان بالطرق السلمية ؟

وأذا خرج الأمريكان - فرضاً - من بلد عربي او بلاد مسلمة فلا أقل من أن يتركوا من خلفهم على مداهم وأهدافهم , وهذا شر يدوم على بلاد الإسلام ووطأة ذلك على المسلمين لا ينكرها أحد .

2. أما تسمية ما يحدث في العراق بأنه شأن داخلي فهذا من أكبر المكر الذي أكل بها الأعداء بلاد الإسلام وأنطلت هذه المقولة على جهلة المسلمين وأقروا بقاء الغازي الكافر في ديار الإسلام , وهكذا ذهبت الأندلس , والجمهوريات الإسلامية , وفلسطين وكشمير والأفغان والشيشان وقبل ذلك الخلافة الإسلامية بمعاهدة سايكس بيكو التي شتت أمة الإسلام , واليوم تعود نفس الدعاية ممن يقرون بقاء الروس في الشيشان ويقرون بقاء عباد البقر في كشمير ويقرون الأحتلال في بلاد الإسلام ويرفضون مقاومته .
وهذا مخالف لما قرره الإسلام كما سبق من توضيح الأدلة وأقوال فقهاء الإسلام في الجهاد المتعين على أهل البلدة التي يدهمها العدو الكافر الحربي وأنه إذا عجز أهلها أتسعت رقعة الفرض العيني على من يليهم حتى يشمل الجهاد كل بلاد الإسلام شرقاً وغرباً .

3. ولما قرره فقهاء الإسلام : أنه أذا أسرت أمرأة في شرق الأرض وجب على أهل المغرب نجدتها وإنفاق ما بأيديهم من أموال حتى لا يبقى لأحدهم درهم واحد .

4. أتفاق العلماء على أنه لا يجوز إقرار الكافر الغازي المحارب على شبر واحد من أرض الإسلام بل يجب محاربته ودفعه , فإذا أقر أهل البلدة ببقاء الكافر المحارب عليها لا يحل لبقية المسلمين السكوت على ذلك لأن البلاد الإسلامية بمثابة البلدة الواحدة لا يجوز

5. قرار الكافر على شبر منها , ومن تواطأ مع الكافر الحربي على بقائه في بلاد الإسلام فحكمه حكم الغازي . قال صلى الله عليه وعلى ىله وسلم : (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )) الحديث .

حرمة التعاون مع الأمريكان والكفار الغزاة للعراق ولبلاد الإسلام وحكم من فعل ذلك :
أولاً :
من خلال ما مر من الأحكام تبين أن الجهاد فرض عين على كل المسلمين لدفع الغزاة من الكفار المحاربين الصائلين في العراق وفي بقية بلاد الإسلام , وعليه فيحرم على المسلمين دول وحكومات وشعوب ومعارضة وجماعات وأحزاب وطوائف وقبائل وأفراد - يحرم عليهم جميعاً - أن يتعاونوا مع الغزاة الكافرين المحاربين بأي نوع من أنواع الإعانات سواء كان ذلك العون ضد المجاهدين والمقاومين في العراق أو فلسطين أو الشيشان أو الأفغان أو غيرها من بلاد الإسلام .

ثانياً : الأدلة الشرعية على حرمة التعاون مع الكفار المحاربين والأحكام المتعلقة بذلك :
فمن تعاون مع الكفار الغزاة المحاربين بالقتال أو التجسس أو بالدلالة على المجاهدين والمقاومين أوكشف أسرار بلاده ودولته للغزاة أو تعاون بأي شكل من أشكال التعاون يستفيد منه الغزاة ... الخ , فيترتب عليه الأحكام التالية :

الأول: أنه أرتكب محرماً عظيماً وجرماً جسيماً .
الدليل : قول الله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } , والتعاون مع الكفار ليس بعده إثم وليس بعده عدوان , وإعانتهم على عدوانهم على المسلمين مخرج من الملة .

الثاني : أن حكمه - أي حكم المتعاون مع الكفار المحاربين - هو نفس حكم الغزتة المحاربين.
الدليل :
{ يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم .. } .

الثالث : أن المتعاون مع الكفار خائن لله ولرسوله ولأمة الإسلام .
الدليل : {
يا أيها الذين أمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون } .

وبناء على ذلك فإن أي معارضة أو طائفة أو مذهب أو حزب أوجماعة أو فرد يتعاون مع الكفار الغزاة لبلاد الإسلام فإن حكمهم حكم الغزاة أنفسهم بل أشد , ولا عصمة لدمائهم ولا حرمة لها . ويلحق بهؤلاء أولئك الذين يصفون الفتاوى الشرعية بأنها إرهابية وأنها مصدر للإرهاب ويحرضون المؤسسات الدولية للقضاء على اهل الفتوى من العلماء , فهؤلاء يهدفون إلى إلغاء الأحكام الشرعية وحماية المحتلين الغزاة .

واجبات على الأمة الإسلامية - شعوباً وحكاماً ومحكومين وجماعات وطوائف ومذاهب واحزاب وأفراد من أجل تنزل النصر ودحر الغزاة الكافرين المحاربين :

1- يجب على حكام المسلمين أن يعودوا إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وإن يصطلحوا فيما بينهم ويتجاوزا الخصومات والخلافات والمنازعات التي بينهم وأن يوحدوا صفهم ويجمعوا كلمتهم ويصطلحوا مع شعوبهم فإنهم إن فعلوا ذلك قويت شوكتهم وهابهم عدوهم الذي يسعى لهلاكهم وأختلاف كلمتهم .

2- على الحكام ومعارضيهم القضاء على ما بينهم من خلافات فإن الغزاة لم يدخلوا على أمة الإسلام إلا من هذا الباب والأمثلة الدامية شاهدة على ذلك ما في فلسطين والعراق والأفغان والشيشان .... وغيرها من بلاد الإسلام .

3- على الحكام حمل شعوبهم على تعاليم الدين وإشاعة روح الأخوة والتسامح بين الطوائف والجماعات والمذاهب والأحزاب فإن ذلك يؤدي إلى الأمن والأستقرار للانظمة وشعوبهم ويصن الأمة من أختراق العدو لها , والعبرة بما حصل في العراق والأفغان ويحصل في السودان ولبنان وغيرها من البلاد .

4- على جميع الأمة بمذاهبهم وطوائفهم وأحزابهم وجماعاتهم وأفرادهم العودة إلى الله بالتوبة النصوح من كل المظالم والأثام وتقوية الإيمان بالله والأستمساك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وأله وسلم وأداء الواجبات وترك المحرمات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتوطين الأنفس على نصرة الإسلام وأهله واليقظة والحذر من العدو الذي يهدف إلى إيجاد الفتن والمذهبية والحزبية في بلاد الإسلام .

5- على أهل العراق – من المسلمين والمؤمنين – بطوائفهم ومذاهبهم وأحزابهم أن يقووا صلاتهم بالله ويثبتوا على دينهم , وأن يوحدوا صفهم ويجمعوا كلمتهم ويجاهدوا عدوهم مجتمعين لا متفرقين , وأن يحموا ذراريهم وارضهم وأعراضهم وممتلكاتهم , وأن يفوتوا الفرصة على الصليبي الغازي الكافر الحربي الذي يريد هلاكهم باختلافهم وأستمالة بعضهم ضد البعض الأخر ليفنى بعضهم ببعض كما هو حاصل من الأمريكان في أرضهم وديارهم .

6- يجب على جميع فئات وأفراد الشعب العراقي إعانة المجاهدين والمقاومين ضد الغزاة الكفرة المحاربين وتوفير أسباب الدعم المادي والمعنوي و وهذا واجب عيني على كل فرد من أفراد الأمة العراقية لأن الجهاد فرض عين في أرض العراق كما مر بيانه , وكل من خذل المجاهدين فهو آثم ولا يشك في هذا الواجب إلا من هو عون للغزاة المحاربين .

7- هذا الواجب على أهل العراق يسري على أهل فلسطين والأفغان والشيشان وكشمير وكل أرض إسلامية أو عربية يدهمها الغزاة المحاربون .

8 - على العلماء والدعاة وطلاب العلم توجيه الأمة ونشر العلم وبيان الأحكام الشرعية في النوازل بتجرد وإخلاص لله وحده وألا يتأثروا بترهيب أو ترغيب من السلطان وغيره , أو أن يكتموا أمراً عندهم فيه من الله علم وحجة , وأن لا يخشوا في دين الله احداً وأن لا يؤخروا البيان عن وقت الحاجة فقد توعد الله من كتم علماً بينه الله في كتابه بقوله تعالى : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون }

فمن أفتى بعدم جهاد الغزاة الكفرة المحاربين الصائلين أو قال قولاً يثبط به المجاهدين أويخذلهم أو قال قولاً يعين به الغزاة على بقائهم في أرض الإسلام فقد خالف النصوص الشرعية الصريحة وخالف منهج أهل السنة والجماعة وطالته هذه اللأية وجانب أهل الملة الإسلامية وليس من الإسلام في شئ ولا يريد إلا أختلاف الكلمة وتفريق الصف وشتات الأمة بإقرار الغزاة على فعلهم ببلاد الإسلام ولا يتبع إلا هواه وفلسفته المنحرفة عن الدين فهو أكبر معين للغزاة المحاربين , وضرره أشد على الإسلام وأهله من الكفرة المحاربين فحكمه حكمهم و قال تعالى : { ومن يتولهم منكم فإنه منهم عن الله لا يهدي القوم الظالمين} .

حكم من عارض فتاوى الجهاد ضد الغزاة الكفرة المحاربين :

إن الذين يعارضون الجهاد وفتاوى الجهاد في العراق وفلسطين والأفغان والشيشان وكشمير وغيرها من بلاد الإسلام التي يدخلها الكفار المحاربون وسواء كان هؤلاء المعارضون ممن ينتسب إلى العلماء أو من المعارضين السياسيين أو المعارضة التي يحتضنها الغزاة – فإنها من أشد أعداء الأمة الإسلامية – أو من المثقفين أو ممن ينتسب إلى طائفة أو مذهب أو حزب أو جماعة أو أفراد أو ما تبثه وسائل الإعلام فإنه تترتب عليهم الأحكام التالية :

أولاً : معارضتهم إنما هي معارضة لأحكام الشريعة الإسلامية .
ثانياً :
إنهم ينصرون أعداء الإسلام ويدافعون عن الغزاة المحاربين , وهذا يشير إلى ولائهم للغزاة ومحاربتهم للمؤمنين .
ثالثاً :
أنهم – بأقوالهم وفتاواهم تلك – مخالفون ومعارضون لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
رابعاً :
أنهم مخالفون لمنهج السلف الصالح ومعارضون لأئمة الإسلام ولأئمة المذاهب المعتبرة.
خامساً:
إن أقوالهم وفتواهم تلك تجرهم إلى الردة والكفر الصريح الذي لا تأويل له لأنهم إن كانوا عالمين ومدركين لأقوالهم وفتاواهم فهم كذلك وإن أدعوا الجهل فلا يقبل منهم لوضوح الأدلة القاطعة وأصوات العلماء تصدع بالبيان صباح مساء وضجت بها الدنيا مؤيدة بالأدلة الشرعية التي سبق بيان بعضها والتي لا يعارضها إلا من سبق وصفهم أنفاً .
سادساً:
أن حكمهم حكم المحارب الغازي بل أشد للامور التالية :

أ . لموقفهم وأقوالهم وفتاواهم التي سبق ذكرها .
ب. لأنهم يشرعون وقوون ويؤيدون الغزاة لبلاد الإسلام ويجرئون على سفك الدماء وأستمرار احتلال بلاد الإسلام والإفساد في الأرض .

جـ. أنهم يضعفون أمة الإسلام ويشككونها في شريعتها ويلبسون عليها دينها ويحدوثون البلبلة في صفوف المسلمين في أمر الجهاد والمجاهدين ويخذلون المجاهدين ويشككون في أمرهم .

سابعاً : يحرم على جميع المسلمين الأخذ بتلك الفتاوى والأقوال للأسباب السابق ذكرها , كما يجب على المسلمين فضح خطر تلك الفتاوى والأقاويل وتحذير المسلمين منها ومن أصحابها وخطرها على الإسلام والمسلمين .

وأخيراً :
هذا هو الحكم الشرعي في هذه النازلة التي نزلت بامة الإسلام , وهذه هي الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة وأقوال أئمة المذاهب المُعتبرة , وهذا الحكم ينطبق على العراق وفلسطين والأفغان والشيشان وكشمير وعلى أي بلد يتعرض للغزو من الكفار المحاربين , لا سيما وأن دول الكفر الصليبي قد أعلنت حربها الصليبية على بلاد الإسلام من أيام غزوها للافغان بل قبل قرن عندما أسقطوا الخلافة العثمانية وقسموا بلاد الإسلام بموجب معاهدة سايكس بيكو , ومنذ ما يقرب من خمسة عشر عاماً ودول الكفر تقود حرباً ضد الإسلام باسم الصليبية عندما رفعوا شعار( المجد للعذراء أو عاصفة الصحراء في الحرب الأولى على العراق) ومروراً بالأفغان ثم العراق تحت إعلان الغرب بأن الحرب صليبية كما صرح الأمريكان والأسبان وغيرهم أمام العالم و لا زالوا حتى الساعة يتوعدون بقية الشعوب الإسلامية – مثل السودان وسوريا ولبنان والسعودية وغيرها من بلاد الإسلام – بالغزو وتغيير الأنظمة ومناهج التعليم ومحاربة التدين وإثارة القلاقل والأضطرابات والفساد بين الحكام بعضهم بعضاً , وبين الحكام وشعوبها , والمعارضة وحكامهم ثم يقوم الأمريكان بأستغلال ما نتج عن ذلك فيتدخلون في بلاد الإسلام بالدمار والقتل والتخريب وإسقاط حكام المسلمين أو قتلهم أو أسرهم وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية ودعم المعارضة ضد الحكومات أو العكس وفتنة الناس في دينهم {والفتنة أكبر من القتل } .

نداء إلى الأمة :

يا أمة الإسلام :
إعلموا أنكم اليوم أحوج ما يكون إلى اتفاق الكلمة وتوحيد الصف , فأستمسكوا بكتاب ربكم وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم , أثبتوا على دينكم ودافعوا عن إسلامكم ودمائكم وارضكم وأعراضكم وذراريكم وأوطانكم وجاهدوا عدوكم وانصروا بعضكم بعضاً في جهاد عدوكم ولا تلتـفـتوا إلى المثبطين عن الجهاد الذين يفتون بعدم الجهاد ولا تلتـفتوا على الفتاوى السياسية التي يمليها الأعداء على قائليها أو الفتاوى التي تمليها الولاءات الطائفية والمذهبية والحزبية ويقولها الذين يوالون أعداء الأمة الإسلامية دفاعاً عن الغزاة المحاربين ويلبسون على الناس دينهم .

يا أمة الإسلام دولا ً وحكومات ومحكومين وطوائف ومذاهب وجماعات وأحزاب وأفراد :
أحذروا من أعدائكم من الكفرة أهل الكتاب المحاربين وأعوانهم وشدوا أزر بعضكم بعضاً وأجتمعوا على كتاب ربكم وسنة نبيكم صلى الله علـيه وسلم {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} ورصوا صفوفكم ووحدوها في مواجهة الأعداء { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنياناً مرصوص وأجتمعوا جميعكم لقتال عدوكم {وقاتلوا المشركين كافة} فهذا دين الله الأعظم يأمركم بذلك فإذا خالفتموه أو قصرتم أو أتبعتم اهواء الضالين والمضلين فماذا أنتم قائلون لربكم يوم القيامة إذا دخل على الإسلام شر من جهتكم , فاعدوا ليوم القيامة جواباً ينجيكم به الله من عذاب النار .

إننا نناشد كل العلماء ورثة الأنبياء في العالم الإسلامي الذين وصفهم الله الخشية منه وحده {إنما يخشى الله من عبادة العلماء} أن تؤيدوا هذه الفتوى بتوقيعاتهم عليها إبراء للذمة مما يحدث لأمة الإسلام , وهذا أقل ما يمكن أداؤه في هذا الوقت الذي تكالب فيه الأعداء على أمة الإسلام .

اللهم هل بلغنا اللهم فأشهد .
اللهم إنا نعتذر إليك ما يفعله بعض أهل الإسلام من التقصير, ونبرأ إليك مما يفعله الكفار والمنافقون بأهل الإسلام .

اللهم نصرك لأهل العراق ولأهل فلسطين والشيشان والأفغان وكشمير ولكل المجاهدين في كل مكان.

اللهم قاتل الكفرة من أهل الكتاب من اليهود والأمريكان وغيرهم الذين يصدون عن سبيلك ويقتلون أوليائك ويبغونها عوجاً .

اللهم عليك بهم وبأعوانهم من المرتدين والمنافقين .

اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرده عن القوم الكافرين فإنهم لا يعجوزنك فأنت على كل شيء قدير .

المصدر: دورية العراق

للعودة الى: سيبقى العراق الى الابـــــد

Sunday, December 25, 2005

الدور الاسرائيلي : كيف يجمع السيستاني والبارزاني؟


الدور الاسرائيلي : كيف يجمع السيستاني والبارزاني؟

صلاح المختار
حينما كنا نقول ان مخطط غزو العراق اكبر من جغرافية العراق، وانه بداية لمشروع اقليمي ستراتيجي، كان البعض يشكك والبعض الاخر يتردد في تصديق ذلك، لكن هذا المقال الاسرائيلي، يكشف فقط راس الجليد الطافي من المخطط، وهو ما يجري في شمال العراق من تغلغل اسرائيلي وتعميق تحالف الزعامات الكردية مع اسرائيل، من اجل اعادة تشكيل المنطقة كلها وليس العراق فقط. ولتحقيق الفائدة القصوى من قراءة المقال يجب ان نشير الى عدة حقائق اكدها :

1- يكشف المقال عن ان ما يجري في شمال العراق هو بناء قاعدة ستراتيجية ضخمة عسكرية واقتصادية ولوجستية وبشرية لخدمة وتنفيذ الخطوات اللاحقة من المخطط ، واهمها التقسيم الحتمي لتركيا وايران اذا نجح مخطط تقسيم العراق .

2- يكشف المقال حقيقة التغيير السكاني القسري في شمال العراق حينما يذكر ان عدد اكراد العراق هو الان ستة ملايين كردي! مع ان الاحصاءات الرسمية حتى تلك التي اجرتها الامم المتحدة اثناء الحصار، لتسهيل تنظيم البطاقة التموينية، اكدت ان عدد اكراد العراق لا يتجاوز ثلاثة ملايين ابدا. معنى هذا ان الزعامات الكردية، وبدعم امريكي اسرائيلي ايراني، قد نقلت ثلاثة ملايين كردي من تركيا وايران وادخلتهم العراق من اجل ليس فقط تأمين عدد كبير من السكان يدعم هدف الانفصال بل ايضا تغيير الطبيعة السكانية للعراق تمهيدا لتقسيمه. ويجب ان نشير الى ان تعمد امريكا تقسيم العرب الى سنة وشيعة سياسيا ، احد اهدافه الاساسية هو ازالة الاغلبية العربية الساحقة، التي تشكل اكثر من 85% من العراق، وجعل الشيعة العرب كتلة مستقلة عن السنة السنة العرب، وبهذا يصبح في العراق شيعة وسنة كل منهما عشرة ملايين نسمة او اكثر او اقل! ما هي النتيجة؟ النتيجة تقارب المكونات السكانية وانعدام القومية الرئيسية التي ضمنت وحدة العراق عبر الاف السنين، وتلك خطوة حاسمة لدفع العراق على نفس طريق يوغسلافيا ، اي التقسيم .

3- يشير التقرير الى ان هناك عمليات ضخمة تجري في شمال العراق للعثور على ثروات محلية لتمويل مشروع الدولة الكردية المستقلة، وهو امر تساعد عليه اسرائيل بدعم امريكي، ومانشر مؤخرا عن بدء التنقيب عن النفط في شمال العراق بواسطة شركة نرويجية يكمل صورة الاعداد لتقسيم العراق. كما ان الاصرار على تغيير الطبيعة السكانية لكركوك بالقوة والتطهير العرقي لصالح الاكراد يكمل عملية الاسراع بالاعداد لاعلان دولة كردية تستطيع الاعتماد على موارد خاصة بها، ولا تخنق اقتصاديا بمجرد عزلها كما هو معروف .

4- ان الكونفدرالية التي كرسها الدستور الصهيوني هي الاساس الشرعي الشكلي لانفصال شمال العراق، كما ان الانتخابات الاخيرة زورت لاعطاء شرارة البدء في انفصال الشمال، بحجة تعقد الصراع بين من يطلق عليهم السنة والشيعة بسبب الاعتراض على نتائج انتخابات اعدت سلفا وهو ما قلناه مرارا .

5- يحاول المقال اعطاء انطباع بان الاسرائيليين قد هربوا بعد كشف وجودهم، وهذا غير صحيح وهو مجرد تمويه، لانهم مازالوا هناك ويزدادون عددا ودورا، لان المشروع الانفصالي الكردي والصفوي في الجنوب، لم ينفذ ولم ينجح .

ومع تثبيت هذه الملاحظات يجب ان نذكر بان هذا المخطط مكتوب عليه الفشل الحتمي لانه مشروع معاد لكل العراقيين ،وبالاخص لاكراد العراق ، الذين تريد الزعامات الكردية تعريضهم للمأسي المتسلسلة لخدمة اهداف عوائل حاكمة وقوى اجنبية، فمنطقة شمال العراق، ومهما غيرت سكانيا وعسكريا واقتصاديا ستبقى في مكانها، اي انها ستبقى اسيرة الجغرافية، الامر الذي يجعل بامكان العراق ودول الجوار خنقها بسهولة وبدون حروب . اما اذا عمل العنصر الخارجي ، خصوصا الاسرائيلي الامريكي على دعم مشروع الانفصال ضد اردة شعوب المنطقة فعندها ستتحول منطقة شمال العراق الى بؤرة جحيم المنطقة، وستفرغ من السكان بسبب هذا الحجيم، بعد ان تصيب العرب والاكراد والاتراك والايرانيون الكوارث .

اننا نقول ذلك لاننا نعلم ان ما تقوم به اسرائيل، وهي تجر امريكا من قرونها الى مأزق خطير في شمال العراق، انما هو تكتيك استنزاف العراق وعرقلة اعادة بناءه بعد تحرره قريبا، ومنع ايران من الاتجاه للتعايش مع العرب، ووضع عقبات امام تحول تركيا سلميا الى دولة تنتمي الى العالم الاسلامي وليس الى اوربا او حلف الاطلسي .

لكن اسرائيل تعرف كما تعرف امريكا ان مصير الانفصال الكردي هو الزوال الحتمي مهما طال الزمن، لان مقومات البقاء خارج العراق شبه معدومة والعمليات التجميلية التي تجري الان لن تصمد امام الجحيم اذا صار شمال العراق بؤرة للصراع .

من صحافة العدو : في عُمق العدو

بقلم: تصادوق يحزقيلي وآخرين
يديعوت 2/12/2005

في منتصف الليل وصل الوزير كريم سنغري في سيارته المدرعة. هذا الشخص الذي لم يتردد اسمه أبدا بصورة مباشرة، وانما تردد اسمه السري فقط K. الوزير وصل محاطا بمرافقيه وجلب معه حركة فزعة. الهدوء في الموقع تبدد دفعة واحدة. الاسرائيليون قفزوا من أسرّتهم: خريجي الوحدات الخاصة، كل واحد منهم ذو رصيد قتالي في وحدات الجيش الاسرائيلي المختارة.

ارض العدو هذه كانت منزلهم في الاشهر الأخيرة. هم هناك يقومون بعمل خطير، ولكن من دون أي شائبة ايديولوجية، والأرباح التي يحصلون عليها أفضل من العمل كحارس في سوبرماركت أو في "الشباك". هم تركوا وراءهم عائلات كانت على قناعة أنهم يعملون في دولة صديقة. وفي إجازاتهم ايضا لم يُحدثوا أحدا عن عمليات التدريب على السلاح وتشكيل وحدات مكافحة الارهاب ووحدات الدراجات النارية السوداء وخلايا كشف المواد الناسفة، وسرية النساء المسلمات ومرافقي الشخصيات الهامة ووحدات الكلاب. كلهم هناك عرفوا أنهم اسرائيليون إلا أن أحدا لم يتحدث عن ذلك. حلف الصمت الذي تبناه المحليون هناك. ولكنهم اسرائيليون، ممثلون لشركات تجارية يُدربون مسلمين كانوا حتى فترة وجيزة من مواطني الدولة الأكثر عداءا لاسرائيل.

كل شيء كان اسرائيليا من حولنا في الموقع: التجهيزات والتكنولوجيا والالكترونيات والجدران وأبراج الحراسة والشركات الاسرائيلية الأكثر شُهرة من "موتورولا" وحتى "ميغيل". حتى الكلاب التي تجري هنا وهناك كانت ذات تربية اسرائيلية ومُدجنة على يد اسرائيليين. المخاطر في الموقع أُزيحت جانبا لأن المكان كان منجم ذهب هائل. ومجموعة من رجال الاعمال الاسرائيليين حصلت على امتياز أوحد للتنقيب عن الذهب. مئات ملايين الدولارات مرت هناك بين الأيدي. من استثرى من ذلك لم يكن المقاتلون المُتعبون في الميدان، وانما أسماك القرش الكبيرة التي تعرف كيف تجرُف الذهب بعذوبة وطلاوة خداعة.

الوزير K. الرجل القوي والمقتدر في هذه البلاد الصحراوية، فتح الباب للاسرائيليين. ليس من الممكن الدخول في هذه الدولة الملعونة من دونه. لا يتزحزح أمر من دون كلمته. حتى الامريكيون أنفسهم تزلفوا له، والكوريون ايضا نسجوا حوله اقتراحات مُغرية. K فتح الحواجز أمام الاسرائيليين ليس من فرط حبه لهم، وانما أكثر من ذلك بسبب إعجابه بأسطورة القوة الاسرائيلية. هو من أحفاد الحمولة العتيقة التي نسجت خلال عشرات السنين علاقات سرية مع اسرائيل، من منظمة نتيف وحتى الموساد. وعليه، في خلفية الامور تحالف قديم. ولكن المسألة كانت عبارة عن "بِزنس" أكثر من كل شيء. الوزير K والى أي حد سيبدو ذلك غريبا، شعر بالراحة أكثر مع الاسرائيليين من غيرهم. هم تحدثوا بنفس اللغة والمضامين "دوغري"، لغة تُحسم فيها الامور بكلمة أو بمصافحة باليد. الامور الهامة كانت تُحسم من قبل الوزير من خلال السير لنصف ساعة على طول مسار التدريب الرملي برفقة الاسرائيلي المسؤول في الموقع.

في تلك الليلة كان كريم سنغري، وزير الداخلية، عصبيا وهائجا. عليكم أن تغادروا المكان، قال، وبأكبر سرعة ممكنة. السر الأكبر بوجود اسرائيليين في المكان تسرب الى الخارج. الاشاعات بدأت تتردد حول اسرائيليين يقفون من وراء المشاريع الكبرى في شمالي العراق. عملاء التجسس الايرانيين بدأوا يتجولون في المواقع. هذا الامر كان سيئا لصورته وللصفقة التجارية، وكان من الممكن أن ينتهي بكارثة فظيعة لو نجح المتمردون أو أنصار القاعدة الموجودين فوق كل صخرة في السيطرة على الموقع الاسرائيلي. لم يكن في المنطقة كلها هدف أكثر جاذبية من الاسرائيليين في المكان. سنغري تخيل فزعا اختطاف الاسرائيليين الى كهف بعيد لتتحول المسألة بسرعة الى مسألة عالمية متفجرة وانتصار للارهاب على الأسطورة الاسرائيلية. اذا كانوا قد تغلبوا على الامريكيين هناك وصنعوا بهم العجائب، فماذا سيفعلون بالاسرائيليين من الوحدات الخاصة؟ سنغري كان قلقا من كشف النقاب عن علاقته الخفية مع اسرائيل. هذه كانت لتصبح ذروة الدراما في قصة الاسرائيليين مع العراق.

في هذه الحكاية يشارك سياسيون كبار من المؤسسة الأمنية سابقا ورجال اعمال مُجرِبين. هذه العملية معقدة وحاذقة، وقد بدأت قبل سنة ونصف، إلا أن اسرائيل تنفي ضلوعها فيها حتى اليوم.

في العشرين من أيار 2004، في ساعات المساء الدافئة، غاب في الطابق الأعلى من مطعم "يكيمونو" في تل ابيب عضو الكنيست داني ياتوم، رئيس الموساد السابق، ويعقوب بيري رئيس بنك همزراحي ورئيس "الشباك" سابقا، وموشيه عبري سوكينيك قائد ذراع اليابسة سابقا الذي كان ملحقا عسكريا في واشنطن، ويعقوب غرتسمان من كبار المسؤولين في موتورولا وغيرهم. المأدبة جرت في غرفة خاصة مغلقة وأدارها رجل الاعمال شلومي مايكلز.

مايكلز، الذي يُنادى احيانا بـ ميخالوفيتش، هو الشخص المركزي في الحكاية، وهو الذي يُحرك الاجتياح الاسرائيلي للعراق. هذا الشخص رجل ظل غامض جدا وحذر وسرّي، وهو لا يُجري المقابلات ولا يظهر أمام عدسات الكاميرا. اسمه ليس معروفا رغم أنه نشيط في الساحة التجارية منذ عدة سنوات. نظراءه يتحدثون عنه كمليونير. في آخر التسعينيات بعد أن خرج ياتوم من الموساد شكل مع مايكلز شراكة تجارية. اسمها كان "انتروب غروب"، واعتبروها شركة للاستشارات الاستراتيجية. الفكرة كانت أن يستغل ياتوم علاقاته السابقة ومواقعه كجنرال في الجيش ورئيس للموساد وسكرتير عسكري لرئيس الوزراء حتى يحقق للشركة عقودا في المجال الأمني. ياتوم أكد لنا أنه استغل علاقاته هذه فعلا لتحقيق المشاريع، وهو الذي قاد عملية الدخول الضخمة الى شمالي العراق. "بدأت اقامة علاقات عبر شخص ثالث في اوروبا، إلا أن الصفقة لم تكن قد تمت بعد وأنا في الشركة".

هل التقيت مع الأكراد؟ ياتوم أجاب: "التقيت مع ممثل الأكراد في واشنطن فرهاد برزاني. هو طلب مني أن أساعدهم في اعمال الوساطة والضغط في الولايات المتحدة لتحسين صورتهم أمام الادارة الامريكية".

ياتوم يدعي بشدة أنه قد أوقف نشاطاته تماما في تلك الشركة بعد دخوله الى الكنيست في شباط 2003.

ألا تعرف أنهم يعملون في شمال العراق؟

"لقد وردتني معلومات بأنهم يعملون في مجال البنى التحتية وبناء المطار، ولكن ليس في مجالات أمنية، فأنا لا أعرف شيئا ولا أريد أن أعرف".

ولكن في أيار 2004، كما اسلفنا، في ذروة المشروع الأكبر الذي كانت الشركة التي كان شريكا فيها، ضالعة فيه، ظهر عضو الكنيست ياتوم في مأدبة شارك فيها اسرائيليون يقومون بأعمال تجارية مع شركته في العراق. بعض رجال الاعمال الذين شاركوا في ذلك اللقاء السرّي أجروا مفاوضات في تلك الفترة مع "انتروب غروب" والشركة المنبثقة عنها "كودو" المسؤولة عن المشروع العراقي. وجود ياتوم في تلك المأدبة يثير اسئلة حول مدى مشاركته في تلك الاعمال.

في بداية عام 2004 وصل الى أربيل عدد من الاشخاص غريبي المظهر في لباس مدني. هم كانوا اسرائيليون رغم انهم حاولوا عدم الظهور ولم يتكلموا بالعبرية. عندما دخلوا الى المطار الصغير والمتواضع في أربيل عاصمة شمالي العراق، سجلوا ملاحظات في دفاترهم وخططوا ما الذي يتوجب بناءه هناك. منذ أن طرد الامريكيون صدام من الحكم، تحوّل شمالي العراق الى منطقة حكم ذاتي غير رسمية لستة ملايين كردي لم يخفوا أبدا تطلعهم الى اقامة دولة مستقلة. الأتراك يخشون من جيرانهم الأكراد خلف الحدود وخصوصا من حدوث انتفاضة قومية لعشرين مليون كردي تركي، ويخشون ايضا من مطالبتهم هم ايضا بالاستقلال. منذ أن قام بوش بإزاحة صدام، والأكراد يمرون في نهضة هائلة من التطور والتسلح وبناء أسس الدولة الوليدة، وكل ذلك تحت غطاء البنى التحتية المدنية والزراعية.

النهضة الكردية في العامين الأخيرين جرّت الى العراق شركات تجارية متحمسة للمشاركة في هذا المهرجان. أموال كثيرة تتدفق الى هناك من ميزانية الحكومة الكردية الضخمة ومن الامريكيين وبنوك الاستثمار. اليابانيون والكوريون والامريكيون والالمان، كلهم يتنافسون بجنون، والآن يتبين أن الاسرائيليين هم أكبر النجوم في سماء العراق.

المشروع الاول كان المطار المجاور لأربيل، الذي اعتبره الأكراد سفينة العَلَم خاصتهم. هم أرادوا مطارا دوليا مع منظومة متطورة من الحراسة، تماما مثل تطلع عرفات للمطار الفلسطيني. الاسرائيليون شخصوا الهدف الكلاسيكي بالنسبة لهم وانقضوا عليه.

من هو الرجل السري الذي ربط ياتوم بهذه المغامرة التجارية الهائلة في العراق؟

مايكلز (50 عاما)، هو منتوج اسرائيلي يجمع بين المناعة الجسدية والمظهر الرياضي والذكاء الجذاب والسحر والقدرة اللفظية والمهارة التجارية والقدرة على الاقناع. في رصيده سجل عسكري في سلاح المشاة ووحدة مكافحة الارهاب. في الحكاية الكردية يوجد ايضا اسم كلية نتانيا، المؤسسة الاكاديمية الصغيرة التي يعتبر ياتوم نفسه واحدا من مؤسسيها. ياتوم ايضا يترأس مركز الحوار الاستراتيجي في الموساد الذي يتفاخر بعشر نجوم شهيرة ومن بينهم ميخائيل غورباتشوف وجوليو أندريوتي ولويس بيري الذي كان رئيس الـ اف.بي.آي ويعقوب بيري وايضا البروفيسور شلومي مايكلز من جامعة كولومبيا.

في شهر تشرين الثاني 2004 أصدر الوزير سنغري وثيقة كُتب في أعلاها: "الموضوع: اجهزة لكشف المواد الناسفة. الاجهزة مخصصة لوزارة الداخلية من اجل العمل في مطار هاولر الكردي بجانب أربيل، ومن اجل حماية المطار". المبلغ الضخم الذي خُصص لذلك هو مائة مليون دولار في السنة، دُفع من قبل الأكراد واحيانا نقداً. الاشخاص الذين يتمتعون برؤية قوية استطاعوا أن يروا أن هناك شيئا ما غير عادي يحدث في معبر ابراهيم خليل في المثلث الحدودي سوريا - العراق - تركيا. هذه محطة حدودية مُغبرة مع صهاريج نفط وشاحنات للإمدادات وأماكن لبيع الطعام السريع وضجيج وفوضى عارمة. آلاف الناس يأتون ويذهبون كالبازار الحي المفعم بالنشاط - البوابة الرئيسة لشمالي العراق. الأتراك يفتحون عيونهم المرتابة على هذا المعبر محاولين اكتشاف منْ يُشتبه به كمساعد للأكراد في اقامة دولة. الى داخل هذه الجلبة دخل عشرات كثيرون من الاسرائيليين خلال السنة والنصف الأخيرة والذين جاءوا كلهم على دفعات متعاقبة مزودين بجوازات سفر اسرائيلية. هم طرحوا أنفسهم بأشكال مختلفة: "مهندس طرق"، "خبير زراعي"، "مستشار للري"، إلا أن أحدا منهم لم يكن خبيرا في هذه المجالات. هم كانوا مختصين في عمليات القتال الصغيرة والتدريب القتالي وحماية الشخصيات والمباني واكتشاف المواد الناسفة - الامور التي يُجيدها الاسرائيليون.

في بداية 2004 بدأ الاسرائيليون بالوصول الى العراق بصورة تقطيرية حذرة حتى لا يثيروا انتباه الأتراك في المعبر الحدودي. هدفهم لم يكن مطار هاولر في أربيل الذي يبنيه الاسرائيليون سرا فقط. الأمر الحقيقي كان إعداد المقاتلين الأكراد. هذا كان مشروعا سرياً. الاسرائيليون طولبوا بالصمت، وعندما سُئلوا الى أين هم مسافرون عرفوا أن من المحظور عليهم أن يقولوا أنهم متوجهون الى كردستان. اذا قام أحدهم بِذِكر الكلمة خطأ يقول له الأتراك ليس هناك مكان كهذا.

في المحطة الحدودية يكون بانتظارهم ميني باص لنقلهم الى مكان مجهول بجانب قرية زافيتا. هذا المكان المجهول سُمي Z. ثقب نسيه الله بعيدا عن الأعين وبعيدا عن المدن. من خلف الجدران بُنيت قاعدة تدريب مع تجهيزات، وجرت فيها كل عمليات التدريب خلال فترة طويلة. خلال شهرين نُقلت الى المكان أطنان من الاجهزة: دراجات نارية، تراكتورات. شركة اسرائيلية زودت اعضاء وحدة الدراجات النارية بالملابس السوداء، وأخرى وفرت لهم الخوذات والسترات الواقية وما الى ذلك. عشرات الكلاب ايضا نُقلت في عملية خاصة من اسرائيل الى كردستان العراق حتى تكشف عن المواد الناسفة. خلال أشهر عمل الاسرائيليون في ظروف قاسية - في العواصف الثلجية وعواصف الغبار الصحراوية والخماسين الحار. هم قاموا بتدريب الأكراد على السلاح، ولم يكتفوا فقط باقامة وحدة مكافحة الارهاب، وانما ايضا قاموا بتدريب مقاتلات كرديات. القُساة الأقوياء من اسرائيل الذين دربوا الكرديات على الإمساك بالمسدسات نظروا بتسلية الى ملابس الكاكي التي ارتدتها الشابات الكرديات وغطاء الرأس والصنادل. كل الأكراد الذين دُربوا في الموقع Z عرفوا أن المدربين اسرائيليين. العلاقات في البداية كانت حذرة. الاسرائيليون طولبوا بالتحدث بالانجليزية وعدم إظهار هويتهم، ولكن الحواجز سقطت بعد ذلك وأصبح من الصعب الحفاظ على السر.

قواعد اللعبة ألزمت الجميع بإظهار عدم المعرفة والتنكر. الأكراد أظهروا وكأنهم لا يعرفون أن لديهم اسرائيليين. كل شيء كان أشبه بمسرحية. التجهيزات والنقليات التي كانت تأتي من اسرائيل كانت تظهر وكأنها موجهة الى بلد آخر. مثلا، الطائرة الاوكرانية التي نقلت بعض التجهيزات لم تسافر من مطار بن غوريون الى أربيل مباشرة وانما توقفت في لارنكا حيث غُيرت هناك وثائق الرحلة لتبدو وكأنها قادمة من قبرص. البلد الأصلي الذي جاءت منه لم يعد مذكورا. شركة موتورولا ايضا أرسلت الى العراق عتادا من الولايات المتحدة واوروبا ولكنه كان في الواقع من اسرائيل.

الرحلة نحو الغد
من الناحية الخارجية كان من الممكن إزالة كل اشارة، ولكن في الغرف المغلقة كانت هذه شراكة تجارية اسرائيلية - كردية كاملة. "كودو" ذراع العملية الاسرائيلية التنفيذية أُقيمت بالتعاون بين الاسرائيليين والحكومة الكردية وسُجلت في سويسرا. من شاهد اعلان الشركة عن نفسها كان سيعتقد أنها هيئة من هيئات الامم المتحدة للتنمية الاقتصادية، أو مكتب لتنمية كردستان من اجل اجتذاب المستثمرين الاجانب: "ثروات نفطية هائلة وملاعب أعشاب هائلة وجميلة وقطيع أبقار كبير، أحد المناطق الأكثر ثراءا في الشرق الاوسط بالكنوز الطبيعية". كل هذه الكلمات تثني بالمديح على الحكومة الكردية التي تعتبر كلها رمزا "للعلمانية وللتسامح الديني". "كودو" تُمجد بالأساس رئيس الحكومة نحروين برزاني الذي اختار الاشخاص الأكثر مهارة من دون علاقة بانتمائهم السياسي أو الديني أو العرقي. شعار "كودو" يُذكر ببرنامج حزب عشية الانتخابات: "من اجل غد أفضل". ربما رغب النشطاء السياسيون الأكراد فعلا أن يطوروا بلادهم، وربما كان الاسرائيليون هناك من اجل اقتياد الأكراد الى غد أفضل، إلا أن الرحلة نحو الغد كانت مرصوفة بملايين الدولارات.

من وثيقة رسمية لشركة "كودو" صادرة في الثالث عشر من حزيران 2004 وموجهة الى الوزير سنغري، يتبين أن الشركة تطالب بالدفعات التالية: 1- منظومة آفكو لشركة موتورولا: 10.137.335 دولار. 2- وحدة الدراجات النارية: 971.363 دولار. 3- وحدة الكلاب: 683.721 دولار. 4- تطوير الكلاشينكوف: 90.318 دولار. 5- مدربون لاشهر أيار، حزيران وتموز: 285 ألف دولار. 6- تجهيزات: 221.818 دولار. 7- مجموع الدفعات هو: 12.389.557 دولار. وهذا ليس إلا نموذجا من أمثلة كثيرة.

وأينما توجد اموال كثيرة كهذه تظهر الصراعات عادة. العلاقات اليوم بين الشركاء لم تعد كما كانت. الشريك الامريكي مايكلز مثلا، فقد شريكه راسل ولسون في الآونة الأخيرة. صراع مفتوح يدور ايضا بين "لويدز"، شركة الحراسة، وبين مايكلز حول ديون لدفعات البوليصات التي لم يكن الاسرائيليون مستعدين للتوجه والمخاطرة في العراق من دونها.
من المحتمل أن يكون المهرجان قد أوشك على الانتهاء.
الأكراد يجدون صعوبة في مواصلة المسرحية. كل تلميح ولو صغير في صحيفة سعودية حول المشاركة الاسرائيلية العسكرية في العراق، كان يثير حفيظتهم وذعرهم. هم عرفوا أن كشف المشاركة الاسرائيلية في كردستان سيكون نهاية للتجارة المزدهرة. وهو ايضا نهاية لحرية تجوال الاسرائيلي في شمالي العراق.

عندما دخل سنغري الى القاعدة غاضبا، بادعاء أن الاستخبارات الايرانية قد كشفت القاعدة الاسرائيلية، رحل الاسرائيليون من هناك. ليس فورا، وليسوا كلهم، إلا أنهم فروا. ولكن خلال شهر لم يبق أي اسرائيلي هناك. ولم تكن أي اموال حتى لو كانت رواتب ضخمة، وحالمة، لتُبقيهم في ذلك المكان.


Saturday, December 24, 2005

صدام يخرج منتصرا

صدام يخرج منتصرا
عبد الباري عطوان
القدس العربي 23/12/2005

نجح الرئيس العراقي صدام حسين ورفاقه في تحويل محاكمته الي محاكمة للاحتلال الامريكي ورموزه، وجاءت وقائع الجلسات الاخيرة، لتثبت ان عهده كان افضل كثيراً من الصورة التي رسمها له معارضوه، والاعلامان العربي والامريكي، اللذان جري توظيفهما في خدمة مشاريع شيطنته لتبرير الحرب وتغيير النظام بالقوة.
فالرجل كان قوياً متحدياً منضبطاً واثقاً من نفسه، متأبطاً قرآنه، يتحدث بلغة سليمة، وحجج معززة بآيات قرآنية حفظها عن ظهر قلب، واستخدمها في السياق المناسب لإحداث اكبر قدر ممكن من التأثير في المشاهدين، والعراقيين منهم علي وجه التحديد.

هناك عدة ملاحظات سريعة يمكن رصدها من خلال متابعة جلسة امس السابعة من المحاكمة نوجزها في النقاط التالية:
اولاً: ظهر واضحاً ان استراتيجية الرئيس العراقي ورفاقه استغلال فترة المحاكمة لتمرير اخبار ومعلومات الي العراقيين ليس فقط حول احوالهم في المعتقلات والتعذيب الذي يتعرضون له، وانما حول ظروف اعتقالهم والكيفية التي تم بها. فالرئيس العراقي كشف انه اعتقل في سرداب، وانه يعرف من دل الامريكان عن مكان ولديه ولا يعرف من خانه وقدم معلومات للامريكان عن مكان وجوده. وكشف شقيقه برزان عن وفاة السيد محمد الزبيدي رئيس الوزراء السابق في السجن، مثلما كشف عن كيفية اعتقاله ومصادرة خمسين الف دولار وساعته من قبل الامريكان، بينما حرص طه ياسين رمضان علي ابراز التعذيب والاغراءات الامريكية في الوقت نفسه للكشف عن مكان اختباء رئيسه لأنه اعتقل قبله.

ثانياً: نجح الرئيس العراقي في تغيير طبيعة المحاكمة، وتحويل دوره من متهم الي ضحية، ووضع الادارة الامريكية في قفص الاتهام كإدارة كاذبة تمارس التعذيب وتعامل المتهمين بطرق غير انسانية.

ثالثاً: من تابع وجوه رئيس فريق الادعاء وزميليه اثناء المحاكمة، يلمس بوضوح حالة الرعب والخوف المرسومة عليها، واضطروا في اكثر من مناسبة للدفاع عن انفسهم في مواجهة المتهمين، ولكن بطريقة مرتبكة.

رابعاً: فضح الرئ يس العراقي الديمقراطية الامريكية، مثلما فضح هو والبقية طبيعة المحكمة، عندما اكدوا جميعاً انهم تعرضوا للضرب والتجويع، والمعاملة السيئة، وكشفوا ان معتقلي الدجيل (ضحاياهم) تمتعوا بمعاملة افضل من تلك التي يعاملون بها. فاذا كان هؤلاء اشتكوا من الماء الحار الذي كان يقدم اليهم للشرب فان المتهمين لم يجدوا الماء اصلاً، وتوسلوا الجنود الامريكيين للحصول عليه، وكانوا يتعرضون لتحقيقات ممزوجة بالاهانات والتعذيب والضرب والزحف علي البطون.

خامساً: ظل الرئيس صدام طوال الوقت يخاطب العراقيين العراقيين ، بكل طوائفهم واعراقهم، ويميز بين العراقي الوطني الاصلي والعراقي المزور القادم علي ظهور دبابات الاحتلال او المرتبط بقوي خارجية أي ايران دون ان يسميها، أي انه كان يلعب علي وتر القومية العراقية بذكاء شديد.

سادساً: لم يتوقف الرئيس صدام مطلقاً امام استشهاد ولديه، وظل دائماً يكرر اهتمامه بالعراق، أي انه قدم الهم العام علي الهم الخاص، بينما حرص شقيقه برزان علي ابلاغ الرأي العام العراقي باعتقال احد ابنائه، وسجنه في زنزانة مجاورة دون ان يتمكن من رؤيته، وقال ان ابنه المعتقل لم يمارس أي وظيفة وكان عمره ستة عشر عاماً فقط.

سابعاً: اكد الرئيس العراقي انه كان يحمل سلاحه ويواجه الاحتلال وقواته، وانه اختفي بعد ان ابلغه نائبه السيد رمضان بأن مقاومته انتحار وتخل عن المسؤولية، واراد بذلك ان يقدم نفسه كرئيس مقاوم شجاع لا يهرب من المواجهة.

ثامناً: جاءت شهادات الشهود سطحية وغير مقنعة ولا تدين أيا من المتهمين بجرائم ضد الانسانية، فمعظم الشهود كانوا اخوة ومن اسرة واحدة. واحدهم لم يزد عمره عن ثماني سنوات ساعة وقوع محاولة الاغتيال الفاشلة في الدجيل، واثنان منهم كانوا دون سن الرابعة عشرة.

تاسعاً: تكرار قطع الصوت اثناء مرافعات الرئيس العراقي ورفاقه، خاصة عندما كانوا يتحدثون عن طبيعة اعتقالهم والتعذيب الذي يتـعرضون له، وجه ضربة قاصمة للديمقراطية الامريكية التي تدعي الشفافية والحرية والقضاء المستقل العادل.

عاشراً: تحولت المحكمة الي قمة المهازل عندما اعتدي احد رجال الشرطة علي المتهمين وتوعدهم، وتهكم عليهم، واضاف بذلك سبباً اضافياً لعدم شرعية هذه المحكمة. فلم يحدث في تاريخ المحاكمات، في الدول الديمقراطية او الديكتاتورية ان اعتدي شرطي علي متهم. وبز المدعي العام جميع المحاكمات السابقة عندما هدد الرئيس صدام بأنه اذا لم يعجبه ان يكون معتقلاً لدي قوات التحالف، فانه سيسلمه الي القوات العراقية، أي للاجهاز عليه فوراً.

لا نعرف مدي تأثير هذا الاداء الذكي والمدروس للرئيس العراقي ورفاقه في اوساط العراقيين بمختلف طوائفهم واعراقهم، ولكن ما هو مؤكد ان هذه المحاكمات كانت الأكثر متابعة في تاريخ العراق، وربما المنطقة العربية، بأسرها. ولا بد ان الكثير من العراقيين قد اجروا مقارنات عفوية بين اوضاعهم الحالية المزرية تحت الاحتلال واوضاعهم قبله، وخرجوا بالنتيجة نفسها التي توصل اليها الدكتور ايا د علاوي ابرز رجالات العراق الجديد وامريكا، عندما قال ان ظروف العراق الحالية وانتهاكات حقوق الانسان اسوأ بكثير مما كانت عليه قبل الاحتلال.
الرئيس العراقي خرج الفائز الأكبر في الجولات السبع الاولي من محاكمته، واثبت قدرة غير عادية علي الصلابة والشجاعة، وتصرف طوال الوقت كرجل دولة، وقائد متمرس، وزعيم وطني، لا يخاف الاعدام، ولا يخشي سجانيه.
ومثل هذه المواصفات غير المتوفرة في الغالبية الساحقة من الحكام العرب هي التي تفسر لماذا هو حر في معتقله بينما هم سجناء في قصورهم.

صدام : البيت الأبيض كذاب.. وديمقراطيتهم سرقت ساعتي
قال : طز علي بوش وطزين على ابوه وبيريز ايضا.. وارفض وصفي بالمتهم

علق القاضي الكردي رزكار محمد أمين جلسات محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين وسبعة من معاونيه، حتي الرابع والعشرين من كانون الثاني (يناير) المقبل بعد الاستماع إلي الأخ غير الشقيق لصدام، برزان التكريتي، والذي كان يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات في جلسة مغلقة.

وهاجم الرئيس العراقي صدام حسين لدي بدء محاكمته في الجلسة الثانية امس التي شهدت عدة قطع للأصوات الولايات المتحدة وتهكم علي الديمقراطية الامريكية وشتم الرئيس بوش ووالده وقال ان الامريكان مزقوا ملابسه وسرقوا ساعته التي كانت اهدتها اليه احدي بناته، بينما اشتكي برزان التكريتي من وجود أشخاص وصفهم بالقرود يحضرون المحاكمة ويضحكون ويستهزئون من المتهمين.
وهاجم الرئيس بوش واباه بوش الوالد وقال طز علي بوش وط زين علي ابوه وأضاف انه لا يهمه إذا جاء بيريز (شمعون بيريز الزعيم الإسرائيلي) وجلس علي كرسي القاضي لمحاكمته مضيفا: طز عليه وعلي كيانه الصهيوني.

وفي مداخلة له عقب انتهاء الشاهد الأخير من روايته استهزأ صدام من الديمقراطية الامريكية، وقال ان دشداشته قد مزقت وسرقت ساعته من قبل الامريكان وأضاف انه اذا حصل سوء معاملة في دولة من العالم الثالث كما يقول الشهود فان ممتلكاتهم الشخصية كانت معهم بينما الديمقراطية الامريكية سرقت ساعة صدام حسين ومبالغ كانت معه واكد انه يعرف الهدف من ذلك هو إهانة صدام حسين لكن صدام حسين لا يصغر بهذه الممارسات وانما يكبر علي حد قوله.
وأضاف ان المدعي العام وصف حزب البعث بالدموي وانا امين سر هذا الحزب وقائد الشعب.
وبعد ان استمعت المحكمة لاول شاهد في جلسة امس تقدم صدام حسين ليحتج علي قطع كلامه امس الاول عن البث وعلي الاستماع لشهادة طفل عمره 8 سنوات عندما وقعت محاولة اغتياله عام 1982 منوها الي ان الاستماع لشهادة شخص غير بالغ امر غير شرعي اسلاميا وعرفيا.

وأضاف ان المسؤولين الامريكان والصهاينة يكرهونه وان البيت الأبيض كذاب عالمي لأنه قال إن في العراق أسلحة دمار شامل ثم صرح لاحقا انه لاوجود لها وأشار الي ان الامريكان صرحوا أمس ان كلامه عن تعرضه للتعذيب غير صحيح وشدد علي انه ثبت عمليات تعذيبه امام ثلاث بعثات طبية امريكية..

وعلي صعيد متصل طالب رئيس الفرع الإيطالي لمنظمة العفو الدولية باولو بوبياتي السلطات الأمريكية إلي الرد بشكل واضح وشامل علي اتهامات الرئيس العراقي السابق صدام حسين بخصوص تعرضه للتعذيب.

برزان: ضربوني واخذوا مني ساعتي و50 الف دولار
قال برزان التكريتي امس ان القوات التي اعتقلته اخذت منه ساعته وحقيبة بها 50 ألف دولار وصورا عائلية ولم يردوها له لحد الآن، وهددوه بجلب أولاده الأربعة اذا لم يدلهم علي مكان أموال صدام. ثم ضربوه ودفعوه بشدة الي الحائط ثم علم بعد ذلك ان ابنه الاكبر قد اعتقل ايضا.
وقال برزان انه تعرض للضرب خلال التحقيق معه ولم يسمح له بالاستحمام لشهرين، وقال ان المعتقل لم تكن فيه مراحيض لكن حفرت حفرة بعد ذلك.
وأشار الي انه مصاب بالسرطان والقانون ينص علي اطلاق سراح السجين المصاب به وانتقد منظمات حقوق الإنسان وقال ان أفرادها يتمتعون بالاستجمام علي بحيرات سويسرا ثم دافع عن صدام وقال انه كان يشجع المواطنين لرفع شكاوي ضد المسؤولين في الدولة.. وقد رد القاضي بان المحكمة قد قررت احالته الي بعثة طبية لمعالجته..

ووصف حراس جهاز المخابرات بالحمير وقال انه انقطع عن الدولة 25 عاما رافضا كل منصب فيها عرضه عليه صدام مفضلا البقاء سفيرا في الخارج.

واشار برزان الي ان المحققين كانوا يضربونه عندما لا يرضون عن كلامه خلال التحقيق معه وهدد بمقاطعة المحكمة في حالة قطع أي جزء من كلامه عن البث وقال انه يريد تطبيق الديمقراطية بشكلها الكامل.
ثم دخل برزان في مشادة مع المدعي العام وقال انه كان عضو فرق ة في حزب البعث. وأوضح ان ما جري في الدجيل عرض امن الدولة للخطر من قبل حزب محظور (الدعوة الإسلامية) وبتوجيه من دولة يوجد العراق معها في حالة حرب في اشارة الي ايران. وقال انه في عام 1993 اتهم العراق بمحاولة اغتيال الرئيس الامريكي بوش الوالد فضربت بلاده العراق بمئات الصواريخ متسائلا: اذا حدث هذا من دولة كبيرة ديمقراطية فلماذا يستغرب من التحقيق في محاولة اغتيال صدام وهو رئيس العراق؟

الرئيس صدام للقاضي: تعال وانظر ظروف اعتقالنا تحت الديمقراطية الامريكية

العراق كان حافيا إلا من تاريخه فصار يخشي من علمه ووطنيته

في ما يلي اهم النقاط التي شملتها مداخلة صدام امام المحكمة امس:

  • ـ اذا كنت ادافع، فانني ادافع عنكم، اي عن العراقيين، سواء انتم الجالسون علي المنصة او باقي العراقيين.
  • ـ انني ادافع عن مسيرة 25 عاما، قمنا فيها بالتعمير بعد كل مرة حدث فيها تدمير.
  • ـ العراق كان حافيا في كل شيء الا من تاريخه، فصار العراق يخشي من علمه ومن وطنية رجاله واهله، وهذا ما ادافع عنه.
  • ـ الم يلفت انتباهك انه من بين سكان المدينة لم يشهد سوي الاب والابن والاخ والبنت؟
  • ـ لم اعرف بوجود اطفال معتقلين ابدا. اصدرت عفوا عاما عام 1986 عن كل المعتقلين بمن فيهم اثنان او ثلاثة محكومين بالاعدام.
  • ـ الشخصية العراقية هي انه اذا كانت هناك سيدة مطلوب استجوابها وعندها طفل وتطلب ان تصطحبه معها، فان الشخصية العراقية تقضي ان يوافق علي ذلك. ولقد اخترت عدم الحديث الي الشاهدة السيدة حفاظا علي كرامة العراقيات، وهي اهانت كرامة العراقيات.
  • ـ طالما نحن متهمون والمتهم بريء حتي تثبت ادانته، وتحدث الشهود حول التعذيب، وحبسهم في غرف بنوافذ ضيقة. تعالوا وانظروا الي الغرف التي نعيش فيها تحت الديمقراطية الامريكية، لا يوجد ضوء ولا شمس.
  • ـ اي اذي حصل علي المعتقلين في الدجيل خطأ، والذي قام به يجب ان يحاسب حسب القانون، وهو حصل في بلد من العالم الثالث قبل 25 عاما، ولكن ماذا بالنسبة لما يحدث لنا اليوم علي ايدي امريكا؟

وهل يوجد متهم واحد بما في ذلك صدام حسين لم يضرب ولا توجد في جسمه علامات ضرب؟

ـ القاضي: المحكمة طلبت من الادعاء التحقيق في هذا.

الادعاء: هل تعرضت للضرب، ومن ضربك؟ لقد رأيت الغرف وجميعها فيها تبريد بينما لا توجد كهرباء في بعض مناطق بغداد، وقد سألت ان كان هذا حصل (الضرب) سنحقق ونحاسب المسؤول.
وهنا رد صدام: هل ستجازي الامريكيين؟
ـ الادعاء: اذا كانت هناك اعتداءات من القوات المتعددة الجنسيات، فاننا نطالب من هنا بتسليم المتهمين للقوات العراقية.
ـ صدام موجها كلامه للقاضي ومحتدا: دعني اتحدث، انا ما طالب مدرسة عندك، لا تجعلني احكي بطريقة لا تسرك، لقد قاطعني واستمر في الكلام. نعم ضربت وفي كل مكان في جسمي، وانا لا اشتكي علي الامريكان.
ـ ولداي لا يأتيان علي بالي مثل ما ييجي علي بالي العراق ولا اعرف اسم من دل عليهما، لكن اعرف من دل عليّ لانه جابهم علي السرداب اللي انا فيه.

لقطات من الجلسة ا لسادسة للمحاكمة الاميركية الصفوية
استغرب المحامي عصام العزاوي المشارك في هيئة الدفاع عن صدام اقوال الشاهد الأول في جلسة امس حول وصفه لحركة الطائرات السمتية فوق الدجيل بأنها كانت غير طبيعية، بينما كان عمره حينذاك لم يتجاوز الرابعة عشرة، كما استغرب اشارات الشهود المتكررة الي وجود معلومات محددة في الملف الموجود امام القاضي وتساءل ان كان الشهود يعملون مع القاضي وعلي اطلاع علي محتويات ملفه، خاصة انهم يتحدثون اليه في بساطة مثيرة للانتباه.

لوحظ ان صدام كان محتفظا بتركيزه وتوقد ذهنه طوال المحاكمة رغم استمرارها لأكثر من سبع ساعات، وجاءت مداخلته اكثر ترتيبا منها في الجلسة الاخيرة التي ظهر خلالها مرهقا وبح صوته فيها اثناء الهتاف.
عملت الشركة الامريكية الاعلامية التي تنقل المحاكمة تلفزيونيا علي حذف كثـير من اقوال صدام وبرزان وطه رمضان مستغلة وجود فارق زمني بين التسجيل والبث يبلغ نصف ساعة، ما اعتبره خبرا ء قانونيون تقويضا لعدالة المحاكمة التي تضم بين شروطها ان تكون الجلسات علنية بالكامل.
حاول المحامي القطري النعيمي اظهار نقاط ضعف في اقوال الشاهد علي الحيدري إلا ان القاضي اوقفه مطالبا اياه بطرح اسئلته فقط.

المحامي خليل الدليمي نجح في اظهار تناقضات اساسية في اقوال الشاهد، حول مكان تواجد اخيه وموعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها صدام، حيث قال في البداية انها تمت قبل الظهر ثم اشار الي وقوعها بعد مغادرة صدام مسجد المدينة بعد ان أدي فيه صلاة الظهر. قامت المحكمة بتعديل صوتي الشاهدين الثاني والثالث امس تفاديا لكشف هويتهما، ومن المقرر ان تستمع اليوم لإفادات ثلاثة شهود آخرين.

للعودة الى الموقع الذي قدمتَ منهُ أضغط >>>>

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker