Articles to read...

Friday, September 29, 2006

ألمنهاج السياسي والستراتيجي للمقاومة العراقية

ألمنهاج السياسي والستراتيجي للمقاومة العراقية

المقاومة العراقية الباسلة التي يقودها ويديرها حزب البعث العربي الاشتراكي حددت هدفها الستراتيجي كحركة تحرير وطنية "بطرد قوات الاحتلال وتحرير العراق والحفاظ عليه موحدا ووطنا لكل العراقيين". ومن هذا الاستهداف صبغ منهاج المقاومة السياسي والستراتيجي لمرحلة المقاومة والتحرير.

العراق المحتل:

هو العراق الجغرافي- السياسي: "جمهورية العراق" ذات السيادة، والدولة العضو المؤسس في الجامعة العربية، والعضو في هيئة الأمم المتحدة، والمحتلة أراضيه من قبل القوات الأمريكية والبريطانية والأسترالية وغيرها بفعل العدوان المخالف للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والذي شنت عليه الحرب في 19/3 / 2002 مما أدى إلى احتلاله وإسقاط حكومته الشرعية وإحلال "سلطة احتلال مؤقتة" مكانها. إن ما قام ويقوم به المحتل بتأسيس مجالس ووزارات وإدارات وهيئات سياسية وتنفيذية وغيرها لتحل مكان حكومة جمهورية العراق الشرعية وبعد تاريخ 9/4/2003 يعتبر باطلا وغير شرعي وهو جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال وتعامله المقاومة معاملتها للاحتلال نفسه.

قوات الاحتلال:

هي القوات العسكرية والإدارات والوكالات والمنظومات التابعة للولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وغيرها من جنسيات أخرى والمتواجدة على أرض العراق المحتل، وما يمكن أن يتواجد غيرها من قوات أممية بفعل قرارات لاحقة صادرة عن مجلس الأمن انطلاقا من القرار 1483 الذي أعتبر العراق بلدا محتلا. إن ما نتج وسينتج عن احتلال العراق بفعل الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا سواء من تواجد قوات متحالفة من جنسيات أخرى، أو قوات أممية أو إدارات وهيئات مختلفة ستعتبر وتعامل على أنها قوات وإدارات وهيئات احتلال وبذلك تكون أهدافا مشروعة للمقاومة في حربها التحريرية.

المقاومة العراقية:

هي المقاومة الوطنية المسلحة التي يقودها ويديرها حزب البعث العربي الاشتراكي، من خلال كوادره المناضلة ومقاتلي الجيش العراقي البطل وقوات الحرس الجمهوري والحرس الخاصة الباسلة وقوات الأمن القومي المقدامة ومجاهدي منظمة فدائي صدام البواسل والمقاومين العراقيين الوطنيين والمتطوعين العرب النجباء، والذين يعملون تحت مسميات وعناوين التعبئة والتشكيلات العاملة وفقا لمقتضيات التعامل القتالي التعرضي على قوات الاحتلال الأجنبية المتواجدة والتي ستتواجد على أرض العراق، وبغض النظر عن جنسياتها وتسمياتها ومهامها ومدة تواجدها.هذه المقاومة في الوقت الذي تقاتل فيه قوات الاحتلال وما تفرزه أو ترتبط به ومعه هذه القوات، فان من مهامها الأساسية في حربها التحريرية، التداخل الفني والإداري بما يعرقل ويمنع إدارة الاحتلال وما ينشأ عنها من تنفيذ مخططاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. هذه المقاومة عملياتها تغطي أرض العراق الطاهرة من أقصاها لأقصاها مجسدة وحدة التراب العراقي ومؤكدة الوحدة الوطنية العراقية ومدافعة عن عروبة العراق المستهدفة كأحد غايات الاحتلال وما ينشأ عنه.

مقدمة:

يجب أن يكون فهمنا المقابل في مواجهة الأطراف الأخرى (عربية وإقليمية ودولية) مبنيا على أن استمرارية المواجهة مع الولايات المتحدة منذ قرار وفق إطلاق النار المعلن من قبل الولايات المتحدة في نهاية شباط 1991، كانت هي الأساس، وبخيار أمريكي محكوم بمعطيات وأهداف الستراتيجية الأمريكية تجاه الإقليم أولا والعالم ثانيا، وعليه فلم تنشأ هناك أزمات متعاقبة بسبب من ردود أفعال العراق تجاه قرارات أو تصرفات مصاحبة لتطبيق القرارات الدولية اللاحقة. فاستمرار المواجهة التي فرضتها الولايات المتحدة هي التي أعطت القيادة العراقية هامش المناورة في التعامل وإدارة سلسلة من الأزمات، والتي كان الظاهر منها وبفعل تصوير التفوق الإعلامي المقابل أزمات يخلفها العراق في مواجهة الإقليم والعالم.

باستثناء التحدي العراقي الفعلي والمستمر لقرار الولايات المتحدة وبريطانيا الخاص بمناطق الحظر الجوي، فأن سلسلة ما يعرف بأزمات الشأن العراقي المتعاقبة، هي محاولة الولايات المتحدة في تعديل أو تطوير أو تحوير أو تفعيل مسار المواجهة التي فرضتها على العراق وفقا لمعطيات أمريكية مرتبطة بسياستها العامة أو متوافقة مع مصلحة محسوبة للإدارتين الأمريكيتين المتعاقبتين في مواجهة أزماتهما أو تراجعهما أمام ناخبيهما أو العالم الخارجي، ولقد تمثل ذلك بسلسلة القرارات المتعاقبة التي يصدرها مجلس الأمن والتي تجاوزت المطالب المحددة من قرار وفق إطلاق النار إلى التدخل أو التحفيز الأمريكي لاستصدار قرارات أممية تهيئ وتتوافق مع استهداف النظام السياسي في جمهورية العراق.

المواجهة الأمريكية المستهدفة للنظام السياسي في العراق والتي أدت إلى احتلاله هي حالة مشخصة منذ عام 1972، وبنيت على أسس قياسية مرتبطة بمصالح الولايات المتحدة (الإمبريالية) في ذلك الوقت والذي حكمته تعادلية الحرب الباردة، التداعيات اللاحقة لعدوان حزيران 1967، الانسحاب العسكري البريطاني من شرق السويس "الخليج العربي" وسياسات وأزمات الطاقة في العقدين السابع والثامن من القرن الماضي.

في المرحلة المعاشة (حاليا) من عمر المواجهة والتي اتخذت الشكل التصادمي منذ بداية العدوان الثلاثيني عام 1991، وأخذت منحى المقاومة الوطنية المسلحة بعد الاحتلال، نجد أن هناك عوامل مضافة تحكم تطور مسار المواجهة تلك، ولكنها لا تخرج عن الأسس القياسية لمصالح الولايات المتحدة في الإقليم والعالم. هذه العوامل المضافة التي شكلتها:

1- النهاية المعروفة للحرب الباردة وإعادة تشكل أوروبا السياسي- الاقتصادي.

2- متطلبات التفرد والقوة الأعظم للولايات المتحدة.

3- الوصول المشبوه لليمين المحافظ للسلطة في أمريكا.

4- أسبقية حصول الضربة في الحادي عشر من أيلول على تبلور وإقرار ملف السياسة الخارجية الأمريكية لإدارة بوش الابن (المتباطئ) وتشكل ردة الفعل الأمريكية (المجابهة) في مفردات الخطاب السياسي للإدارة على الصعد الاقتصادية والدفاعية والأمنية.

5- التوظيف المكثف "للحرب على الإرهاب" في طرح ومحاولة فرض الصيغ التحالفية والتغيرية على الدول والمجتمعات والثقافات الأخرى.

6- استمرار تباطوء الاقتصاد الأمريكي ودخوله مرحلة الأزمة.

7- فشل سياسات الطاقة المعلنة "انتخابيا" للإدارة الأمريكية.

8- التهيئة لدور "إسرائيلي" مختلف له حدود من التماس الإداري-الأمني المساعد للولايات المتحدة في تعاملها مع منابع النفط من شرق المتوسط وحتى أعماق أسيا الوسطى، وبالذات الخليج العربي، وهذا العامل المضاف المهم له علاقته الجدلية مع تطورات صيغ الحلول السلمية العربية- الصهيونية.

الأهداف المعلنة والأهداف الحقيقية:

بالانتقال للتعامل مباشرة مع الأهداف (المعلنة والحقيقية) وما يؤسس عليها أو يتفرع عنها فأنه يمكن التعرض لما يلي:

1 - مع أن حالة استهداف النظام السياسي في العراق حالة مشخصة منذ العام 1972وتبلورت فكرتها لدى مخططي السياسة الستراتيجية الأمريكية، وفي مقدمتهم هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي "الجمهوري" في ذلك الوقت، إلا أن إمكانيات التطبيق الفعلي كانت محكومة/محددة:

• بتعادلية الحرب الباردة.

• وتوزع الاتجاهات والارتباطات والمرجعيات السياسية لدول الإقليم.

• وتداعيات حربي حزيران 1967 وتشرين 1973.

• وتطلع أنظمة عربية لدور إقليمي مقبول من الولايات المتحدة ومنبثق من تداعيات الحربين، حيث يشخص هنا طبيعة الأدوار الملعوبة (في ذلك الوقت) من قبل الأنظمة السياسية في سوريا والأردن ومصر وكذلك إيران. ووفقا لما شخص لاحقا فكان الهدف ضعيف التحقيق يعتمد التآمر الإقليمي من دول الإقليم والتأسيس على موروثات/أزمات العهود السياسية السابقة في العراق. وهنا يجب الملاحظة أن موجبات الاستهداف لم تكن من حيث القياس مختلفة عما هي في الوقت الحالي: الأسباب الأمنية والاقتصادية (أمن وتفوق "إسرائيل" والمصالح النفطية).

2 - في كل الحالات التي كان يخطط فيها أمريكيا للمنطقة الممتدة من شمال إفريقيا وحتى أواسط أسيا "مناطق منابع وممرات النفط"، كان العراق أحد الأهداف الأكثر تميزا في التعامل كوحدة جيو- سياسية واقتصادية، لاعتبارات الموقع والاحتياطات النفطية والتركيبة السكانية وطبيعة النظام السياسي. كل ذلك بالإضافة إلى أدواره الملعوبة والمحتملة ومدى تأثيرها في النظام العربي الرسمي من جهة ومنظومة الدول المصدرة للنفط والتعامل الجماهيري على المستوى القومي.

3 - الولايات المتحدة ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية كانت قد ربطت بين أمنى القوس الجغرافي الممتد من المحيط الهادي وحتى الهندي وبحر العرب وكانت ولأسباب عديدة تنفرد بالمهام السياسية والأمنية لوحدها بعيدا عن تدخل أو مشاركة باقي دول الغرب أو منظومة حلف الأطلسي، ولذلك كان التورط العسكري الأمريكي ولأكثر من مرة ظاهرة مشخصة في تلك المنطقة كوريا وفيتنام . هذا المنظور الستراتيجي للولايات المتحدة يستهدف فيما كان يستهدفه إحكام السيطرة وبدرجات متفاوتة حسب الحاجة على الخليج العربي وهو إذ يضبط مداخل الخليج فأنه لا محالة ولعوامل الجغرافيا والمواصلات إنما يستهدف العراق. أن توجه العراق باتجاه شرق المتوسط أو البحر الأحمر خلال السنوات العشرين الماضية شكل نوعا من الإفلات الجزئي لكنه محكوم بتأثير الولايات المتحدة من خلال تحالفاتها أو تأثيرها في الدول المجاورة للعراق والمطلة على تلك المنافذ.

4 - والولايات المتحدة أيضا كانت وبفعل موروثات العهد الاستعماري البريطاني وبمنطق التصرف الإمبريالي، وبحسابات التعادلية التي فرضتها الحرب الباردة تنظر بعين التحسس والريبة للتطورات الجارية في شبه القارة الهندية، بحيث أن تحالفها التاريخي مع الباكستان كان دائما يحمل في طياته نيّات التآمر على الهند، والتي شكلت علاقاتها المتميزة في ذلك الوقت مع بعض الدول العربية وخاصة العراق، طرفا مقابلا في متن المعادلة التأمرية الأمريكية، أسس عليه في ربط المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية الباكستانية مع الأنظمة التابعة في الجزيرة والخليج العربي في مواجهة السياسات المستقلة للعراق ودوره المميز في حركة عدم الانحياز.

5 - الفترة الممتدة من أيلول 1980 وحتى أيلول 2001 شكلت تجاربا/حالات هامة لا تخرج أبدا عن موضوع استهداف النظام السياسي في العراق، وبغض النظر عن الأدوات وطبيعة التحالفات والسماح أو التغاضي عن أدوار الآخرين المشاركين في التعرض المباشر وغير المباشر، وفقا لمصالح متفاوتة، لكنها لا تخرج عما سمحت وتسمح به مقتضيات الستراتيجية الأمريكية تجاه الإقليم في موضوعي الطاقة وأمن "إسرائيل". وهنا نشير إلى أن حربين قد استهدفا العراق في تلك الفترة، وكانتا تستهدفان نظامه السياسي بشكل معلن وبتبريرات مختلفة، لكنهما انطلقتا من أن هوية وتطيبقات النظام السياسي في العراق غير مقبولة في مواجهة من يتعرض للقومية/للعروبة من منطلقات الدين أو الإمبريالية. وبالتالي كانت الحربين (والمواجهة المستمرة الآن) تركز وتراهن على عوامل التفتيت في النسيج العراقي والعربي. ومن الاعتبارات المستخلصة أن طرفي التعرض على العراق ونظامه السياسي في تلك الحربين قد تحالفا مع دول الجوار العراقي ولأسباب مرتبطة إما بالتبعية التاريخية للغرب أو التطلع للعب أدوار إقليمية تساعد في قبول وإدامة النظام المعني وفقا للحسابات الدولية الناظمة للإقليم في تلك الحقبة.

إنشاء على الاستعراض التاريخي أعلاه، جاء ليؤكد على أن الأهداف المعلنة والحقيقية للولايات المتحدة في مواجهتها المستمرة مع العراق ليست مرتبطة بتطبيقات القرارات الدولية المتتابعة لقرار وقف إطلاق النار في شباط عام 1991، وإنما هي ذات الأهداف منذ شخص استهداف النظام السياسي في العراق 1972. وهي بالتالي أهداف تنطلق وتتناغم مع ستراتيجية الولايات المتحدة تجاه الإقليم أولا وستراتيجيتها الكونية ثانيا. فاتجاه الإقليم: هوية وسياسات وتطبيقات النظام السياسي في العراق تقف وتعمل بالضد من مصالح الولايات المتحدة فيما يخص تأكيد وضمان استمرار أمن وتفوق "إسرائيل". وكونيّا: فرفض الهيمنة، وإعطاء الهوية السياسية والتنموية للنفط العراقي، والمواقف المعروفة داخل منظمة الدول المصدرة للنفط، والسياسة الخارجية المستقلة للدولة العراقية، وتأخر عودة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ عام 1967 مع الولايات المتحدة، والتوجه الحثيث لبناء التوازن العلمي والدفاعي مع "إسرائيل" ودول الجوار غير العربية المتربصة أو المتحالفة مع الولايات المتحدة، والدعم الاقتصادي لدول عربية وغيرها، والتأسيس المصلحي المتوازن لعلاقات متكافئة مع دول أوروبية مؤثرة، إنما شكلت عوامل مضادة لستراتيجية الولايات المتحدة الكونية. وفي كل الأحوال كانت ولازالت مواجهة الولايات المتحدة للعراق من خلال تطبيق أهدافها – ستراتيجيتها الإقليمية والكونية كما بين أعلاه مندمجة وذات علاقة جدلية فيما بينها، مما يعزز من تلك المواجهة ويفعلها في الكثير من الحالات التي تعتبر فيها المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية الأمريكية مستهدفة، بشكل مباشر أو غير مباشر، بفعل العراق أو غيره. وهذا الدمج قد تعزز وأصبح أكثر وضوحا وتجسدا منذ شكل الفعل العراقي في يوم النداء 1990 الخطر المهدد للمصالح الاستعمارية الموروثة منذ اتفاق سايكس-بيكو، الذي حكم (بموجبه وبروحه) ولا يزال المشرق العربي حتى اللحظة. ولتوضيح ذلك يمكننا أن نسوق الدلائل التالية:

• قرار التأميم كفعل وطني وقومي تم التعامل معه باعتباره كتهديد للستراتيجية الأمريكية على مستوى الإقليم والعالم.

• المشاركة العراقية غير المتوقعة وغير المحسوبة في حرب تشرين 1973 تم تقيمها والعمل في مواجهة احتمالاتها المستقبلية بنفس الاعتبار أعلاه.

• المبادرات الوطنية في التعامل بالحلول السلمية والديمقراطية للمسألة الكردية.. نفس الاعتبار.

• موقف العراق وتحركه القومي من معاهدة كامب ديفيد الأولى.. نفس الاعتبار.

• سلسلة المبادرات السياسية من إيران والفعل الدفاعي ومسارات الرد العسكري في القادسية.. نفس الاعتبار.

• مبادرات العراق في تفعيل العمل العربي المشترك وإنشاء مجلس التعاون العربي.... نفس الاعتبار.

وفي ذات السياق وعندما تم التعرض للأمن القومي الأمريكي بفعل ضرب نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من أيلول من طرف غير العراق، فان استهداف النظام السياسي في العراق قد تم تفعيلة والتركيز عليه من قبل القرار الأعلى في الولايات المتحدة، وأصبحت "حربهم على الإرهاب" في سياقاتها السياسية والعسكرية متضمنة "لا بل مركزة" على النظام السياسي في العراق، وأضحت العنوان الرئيسي في تلك الحرب. وأكثر من ذلك وفي خضم انشغال الإدارة الأمريكية في الأسابيع الأولى لضربة نيويورك وواشنطن، وجهت تلك الإدارة رسالة تحذير للقيادة في العراق، وهنا أعمل الدمج المنوه عنه أعلاه، وتأكد صحة ما ذهبنا أليه من موقع العراق وقيادته السياسية في تعاطي الستراتيجية الأمريكية على المستويين الإقليمي والكوني، وذلك لاعتبارات "أمن إسرائيل"- إقليميا- والهيمنة على النفط – كونيا-.

ونضيف.. مع تركيز الولايات المتحدة على مسألة أسلحة التدمير الشامل، وهو الذريعة التي تمسكت بها الولايات المتحدة في مواجهاتها وحربها على العراق وقيادته السياسية.... فأن تعاطيها الجاري الآن مع التحدي الكوري الشمالي (علي سبيل المقارنة) في الموضوع النووي والصاروخي (ورغم تصنيف كوريا الشمالية في "محور الشر" مع العراق وإيران) في حينه، ومع أن التهديد الكوري بفعل الجغرافيا والقدرات العسكرية، هو تهديد حقيقي لأمن الولايات المتحدة: مدن الولايات المتحدة الغربية، وقواتها في كوريا الجنوبية وحلفائها في شرق أسيا.. هذا التعاطي الأمريكي لا يستجيب لمستوى التحدي والتهديد من الطرف المقابل. فالمقارنة بين حالتي العراق وكوريا الشمالية تفضي إلى مفارقات وهي بحد ذاتها تأكيدات على أن:

• من "إسرائيل" أهم للولايات المتحدة من أمن كوريا الجنوبية.

• العراق العربي "المحاصر" في حينه وقدراته النفطية "المقيدة" أخطر على أمن الولايات المتحدة وحلفائها من كوريا الشمالية ذات العوّز النفطي والقدرات النووية والصاروخية الماثلة.

• دول الجوار العراقي طلب منها وفرض عليها المشاركة وتقديم التسهيلات للعدوان العسكري الأمريكي، ودول الجوار الكوري تعطى حرية الحركة، انطلاقا من مصالحها الإقليمية، في التوسط السلمي مع كوريا الشمالية.

إن للمفارقات/التأكيدات الواردة أعلاه، ما يتطلبها في البناء الستراتيجي للولايات المتحدة، وما يؤسس عليها من تقييم للمصالح في سياقاتها السياسية والاقتصادية والأمنية، وتبرير لصراعاتها في تقابلها الجغرافي، القومي والثقافي-الحضاري.

مع التأكيد على أن إدارة وقيادة المقاومة لطرد الاحتلال وتحرير العراق إنما هي استمرار نوعي في إدارة المواجهة، وأن الحالة الموصوفة بقياساتها وأبعادها هي بالضرورة مواجهة تاريخية لا زالت مستمرة، فأنه ولأغراض التحليل واستظهار العوامل الناظمة واستشراف الأبعاد المستقبلية لتأكيد ما ذهنا ونذهب إليه، لابد من أن نسوق ما يلي:

1 - الأزمة في طبيعتها الموصوفة منذ آب 1990 ترجع إلى موروثات العهد الاستعماري البريطاني للعراق وما أسس عليه منذ اتفاقية سايكس-بيكو في العام 1917. فهي الوقت الذي كانت فيه إعمال استعماري معادي للوطنية العراقية وانتقاص من سيادة العراق الإقليمية، كانت أيضا ومن حيث الأساس، تستهدف وتؤسس على المدى البعيد، بالضد من الأمن والمصالح القومية العربية في المشرق العربي كله.

2 - وهي بالضرورة أيضا وانطلاقا من الفقرة (1) أعلاه، قد ربطت خلق الوضع (الأزمة) تاريخيا واستمرارها وتصعيدها مستقبلا، في إنشاء واستمرار "الكيان الصهيوني" على أرض فلسطين.

3 - وهي بالضرورة، أي الأزمة، تخبو أو تشب، مع كبوة أو نهوض الوطنية العراقية، وتأثير ذلك وتفاعله مع المحيط القومي العربي للعراق.

4 - وهي أخيرا، وتأسيسا على الفهم الاستعماري والإمبريالي، أداة يمكن الرجوع إليها وتحريكها وفقا لما تقتضيه المصلحة ضمن مسار تطبيقات الستراتيجية الأمريكية (حاليا) في الإقليم والعالم، ويمكن لها أيضا أن تفبرك حتى في خدمة أغراض الإدارة الأمريكية الضيقة وفقا لمصالح داخلية أو انتخابية.

فالمواجهة تاريخية.. وإن كانت حاضرة الآن أو في وقت أسبق أو في المستقبل.. فهي من حيث المدى الزمني مواجهة مستمرة.

والمواجهة في إدارتها المتقابلة بين طرفيها عبر مداها الزمني، وبفعل منشأها وتركيبتها، كانت تحكم نتائجها بمستوى الطرف العراقي المقابل.. وهي منذ أب 1990 خصوصا، وقبل ذلك التاريخ بعشرين عاما، إنما كانت مستمرة وغير قطعية النتائج.. فأضحت في عرف الإمبريالية الأمريكية مواجهة العصر.. وحتمت (من خلال مسارات ومحطات المواجهة وتمترس الإدارات الأمريكية المتتالية منذ أب 1990 في خنادقها المقابلة) خيار أو فرض الاصطفاف على الآخرين من دول الإقليم والعالم، في مواجهة مرتبطة بسياسات ومصالح الولايات المتحدة، وتقودها وتديرها الولايات المتحدة.. ومن خلال كل ذلك تتعرض وفي كثير من الأحيان بالضد على مصالح الآخرين المصطفين معها.. فهي من حيث الإدارة والمحتوى والاستهداف، مواجهة كونية، اقتضت وتقتضي تحالفا مقابلا للعراق تفرضه الولايات المتحدة ترغيبا أو ترهيبا.

والمواجهة أيضا ومن خلال توخي الولايات المتحدة المستمر لمصلحة طرف إقليمي وحيد في المنطقة "الكيان الصهيوني"، كان خلق الأزمة تاريخيا مرتبطا بالتحضير لخلقه اصطناعيا، وتمكينه قسرا من الاستمرار والتفوق، في مواجهة الأمة العربية كلها.. وهي (أي الولايات المتحدة) في انغماسها وإدارتها للمواجهة تراعي فقط أمنه واستقرار كيانه.. إنما تؤكد حقيقة قومية المواجهة.

استمرارية المواجهة واستمرارية المقاومة:

بما أنه ثبت أن الاستهداف الستراتيجي في المواجهة أمريكيا هو (إسقاط النظام السياسي في جمهورية العراق) والذي كان لا يتحقق إلا من خلال:

1- استمرار وتصعيد وتفعيل المواجهة السياسية.

2- إحباط كل محاولات القيادة السياسية العراقية برفع الحصار.

3- تقييد التحرك العراقي السياسي والاقتصادي تجاه دول الإقليم والعالم.

4- إعادة ترتيب وتمكين الاصطفاف الرسمي العربي "ما أمكن" ضمن مسار الفعل الأمريكي لإسقاط النظام السياسي في العراق، والذي ثبت نجاح الولايات المتحدة فيه، وموافقة العديد من الأنظمة العربية عليه دون تجرئهم من الحديث عما هو حاصل للعراق ولهم وللمنطقة بعد ذلك.

5- محاولة الربط المباشر للاستهداف الستراتيجي بمشروعية الذرائع، والشروع بالفعل العسكري العدواني بقيادة الولايات المتحدة، وضمان قيادتها لهذا الفعل وتحديدها منفردة لمداياته العسكرية، والتحكم بنتائجه المحسومة قياسيا بفعل تفوق الحجم والنوع العسكري الأمريكي المشارك في الحرب، بحيث يمكنها ذلك من أن تفرض بالتالي طبيعة المحصلة السياسية للفعل العسكري والتي "تمكنها افتراضا" من موائمة السياقات اللاحقة للمحصلة السياسية بما يخدم هدفها الستراتيجي من احتلال العراق على صعيد تطبيق استراتيجيتها الإقليمية والكونية.

لقد شخصت القيادة السياسية العراقية في حينه وقبل العدوان الحالات والاحتمالات التالية:

• أن المواجهة السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية لن تبقى سياسية، بفعل المبادرة ونوعية الأداء السياسي العراقي المقابل في هذه المواجهة، والذي تمثل بالنجاح العراقي بإحداث التباعد الموضوعي بين مواقف الولايات المتحدة وبريطانيا (الذيلية)، وباقي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. وكان ذلك التشخيص بتعزز على قاعدة فهم أن استهداف النظام السياسي في العراق "مبدأ معلن" ومتفق مع المنظور الستراتيجي لسياسة الولايات المتحدة في الإقليم، ليس في الوقت الحالي بل أسبق منه، وأن تطورات المواجهة لن تكون محكومة بالفعل العراقي المقابل والساعي لتجنب تصعيدها.

• أن احتمالات المساومة Compromise مع الولايات المتحدة بشكل عام وبغض النظر عن طبيعة الإدارة في البيت الأبيض، هي احتمالات شبه معدومة، وتحققها مرتبط بتبدل الجغرافيا-السياسية في المنطقة والتي رسمت منذ 1917 بحيث أدت إلى الخلق الجغرافي السياسي الحالي للمشرق العربي المرتبط بالخلق القسري للكيان الصهيوني، والمحدد بدوره لمديات: الدور السياسي –الاجتماعي، والسياسي –الاقتصادي، والسياسي –الأمني لكل وحدة جغرافية- سياسية، بحيث ثبت أو تبدل التعامل السياسي معه وفقا للتغيرات الداخلية الحاصلة على ما رتب فيه وله أصلا. لقد ورثت الولايات المتحدة (الإمبريالية) عن بريطانيا (الاستعمارية) ومن ثم طورت وفعلت حق الإملاء على مكونات الإقليم الجغرافية-السياسية، ووظفت وبأشكال مختلفة وتطبيقات مستنبطة هذا الحق في خدمة أهدافها الستراتيجية في الإقليم والعالم بما يخدم أمن وتفوق "إسرائيل" والهيمنة والتحكم بالنفط وسياسات الطاقة.

• أن العجز الرسمي العربي في أحسن الحالات، والتبعية والتآمر في اسواء الحالات، لم ولن يخدم إمكانية تطوير المواجهة السياسية مع الولايات المتحدة وإيصالها إلى مرحلة المساومة. وكان فوق كل ذلك التمسك الرسمي العربي العاجز والمجتزأ بتطبيق الشرعية الدولية منفذا لوقف أو إلغاء المساومة السياسية مع الولايات المتحدة.

• وكذلك فإن الشروع باستنفاذ أدوار أنظمة عربية رئيسية في الخليج سواء بعد التواجد أو الاحتلال العسكري الأمريكي اللاحق لعدوان 1991، أو بعد 11 أيلول 2001 وما تبعه من بروز الدور الإيراني بتكوينه "الإسلامي الخاص" الموظف بما ينسجم والدور المنشود لإيران في المستقبل، على حساب الدور السعودي المستنفذ سياسيا وإسلاميا، بعد اندحار الشيوعية واستنفاذ توظيف الإسلام "التبعي والمستسلم" بحيث أدى ذلك بروز الإسلام "الرافض والمقاوم" من رحم الإسلام التبعي والمستسلم وبما يتعارض مع كينونة وتوجهات النظام السعودي... وكان لإيران ما كان لها، ويمكن أن يكون في المستقبل، من خلال "موقفها الحالي" من الإسلام الرافض والمقاوم لتداعيات الحرب العدوانية الأمريكية في أفغانستان والعراق جارتا إيران.

• لقد دبرت الولايات المتحدة بروز أدوار الصغار في منظومة الخليج العربي والنظام الرسمي العربي في أماكن أخرى من الوطن العربي، بحيث أن لعب الأدوار أصبح مرتبطا بالتبعية التلقائية من اجل ضمان دور النظام المعني أو تجديده أو تطويره لأجل البقاء أو توريث الحكم حتى في الأنظمة غير الملكية. لقد استطاعت أنظمة الدول الصغيرة من لعب أدوار مؤثرة على حساب أنظمة الدول العربية الكبيرة، وكان يتحقق لها ذلك من خلال تطبيعها مع العدو الصهيوني واصطفاف أنظمتها وتسهيلها ومساندتها للولايات المتحدة في حربها واحتلالها للعراق، ومن ثم (كما يحدث الآن) فرضها بقبول واقع الاحتلال وإفرازاته الباطلة على النظام الرسمي العربي.

• لقد شخصت القيادة السياسية في العراق أيضا، ومنذ فترة طويلة أعقبت عودة العلاقات الطبيعية مع مصر في منتصف الثمانينات، عمق الأزمة الموروثة في النظام المصري الحالي من عهد السادات، وعدم تمكن أو رغبة هذا النظام من تجاوزها، وارتهانه الساكن لمنطلقاتها، بما يحيّد من ميزات وإمكانيات مصر القطرية والعربية والإقليمية. لقد تجلى ذلك في التردد والخوف والعوق السياسي لدور النظام المصري ومبادراته في "مجلس التعاون العربي" في حينه، وتحسسه وخوفه في آن واحد من النظام السعودي وتحسبه من أدوار العرب الآخرين، فرادى أو محاور، رغم أرجحية مصر السكانية والتاريخية والسياسية والثقافية والعسكرية في النظام العربي.

• في الوقت الذي أعملت فيه القيادة السياسية في العراق مبدأ الترابط القومي والموضوعي للصراع العربي الصهيوني المتمثل "حصرا" بنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، مع نضال الشعب العراقي لفك الحصار، كانت الولايات المتحدة تروج لمبدأ الحل المسموح به للقضية الفلسطينية من خلال قبول أنظمة عربية بمشروعية الذرائع بإسقاط النظام السياسي في العراق كمدخل لازم لحل القضية الفلسطينية وذلك تحت غطاء الشرعية الدولية بتطبيق قرارات مجلس الأمن؟؟!! لقد حددت ذات القرارات نزع أسلحة التدمير الشامل العراقية كخطوة لنزع ذات الأسلحة من إقليم الشرق الأوسط بمجمله، والمحصلة أن العراق كان صادقا ولم تكن هناك أسلحة تدمير شامل، وعليه فمن سيطالب من الأنظمة العربية الآن بتطبيق الفقرة 14 من القرار 768؟.

الحالات والاحتمالات المشخصة أعلاه جاءت في مجال تأكيد الفهم الستراتيجي للقيادة السياسية العراقية باستمرارية المواجهة أولا وحتمية العدوان غير المشرع دوليا ثانيا وتواطؤ أنظمة عربية ثالثا وتفوق العدو العسكري رابعا والتمهل والانتهازية لبعض دول الإقليم الأجنبية خامسا وإعطاء الكيان الصهيوني أدوارا أمنية وإدارية وسياسية بفعل العدوان والاحتلال وتداعياته سادسا وتهديد واستنفاذ أدوار أنظمة عربية معينة سابعا وتحفيز عوامل التفتيت والتجزئة في العراق ثامنا وارتهان القرار السياسي للمعارضة العراقية العميلة بخطط الاحتلال والمصالح المذهبية والعرقية والفئوية الضيقة تاسعا .... والتهيئة وتبني خط المقاومة المسلحة وتطويرها لحرب تحرير وطنية تمتلك منهاجها السياسي والستراتيجي على الصعيد القطري والقومي عاشرا. وعليه يكون هدف المقاومة العراقية المسلحة التي يقودها ويديرها حزب البعث العربي الاشتراكي كحركة تحرير وطنية "طرد قوات الاحتلال وتحرير العراق والحفاظ عليه موحدا ووطنا لكل العراقيين".

خيارات المقاومة:

تبني وتطور المقاومة العراقية خياراتها انطلاقا من:

(1) حسها الوطني وعراقة انتمائها للعراق الأسبق حضارة.

(2) وانتمائها القومي العربي.

(3) ومعينها الحضاري الإسلامي.

(4) وممارساتها الجهادية والنضالية المتراكمة.

(5) وفهمها لطبيعة المواجهة المستمرة ومتطلباتها.

(6) وتطبيقاتها الثورية المستنبطة من واقع عملها النضالي.

(7) واسترشادها بفكر البعث ورسالته.

(8) وتحليليها ومرجعاتها وتقيمها لمراحل الإنجاز وصفحات المنازلة في مقاومة الاحتلال.

(9) ورصدها وتشخيصها لأدوار العملاء والمتعاونين مع الاحتلال في الداخل.

(10) ومتابعة وتوصيف أدوار الأنظمة العربية سواء في مرحلة ما قبل الاحتلال وما بعده.

(11) وكشف مداخلات دول الجوار الأجنبية وترتيبات تعاونها مع الاحتلال بما يخدم مصالحها الوطنية على حساب مصلحة العراق ووحدته الوطنية.

(12) وكشف وتحديد انتهازية المصالح الاقتصادية للغير في ظل الاحتلال

(13) وتأشير الدور المعطى "للكيان الصهيوني" وتطورات هذا الدور في ظل الاحتلال وتعاون أنظمة عربية و/ أو تلاقي مصالح قوى إقليمية أخرى.

وعليه.. فالمقاومة العراقية كحركة تحرير وطنية تؤمن:

1 - باستمرارية المقاومة طالما كان هناك احتلال وبأي صيغة وعلى أي جزء من ارض العراق وبغض النظر عن القرارات الأممية اللاحقة للاحتلال.

2 - بشرعية المقاومة وحقها في العمل العسكري وغيره وبالتعرض القتالي على قوات الاحتلال أفراد ومعدات وتجمعات ومنشئات ومعسكرات ومقرات وهيئات وإدارات وخطوط إمداد ومرافق خدمات ومساندة ومباني محتلة ومراكز أمن مساعدة وغيرها.

3 - بشرعية وواجب التعامل القتالي أيضا مع المتعاملين والعملاء أفراد وأحزاب وهيئات وغيرها من العناوين والمسميات.

4 - منع وعرقلة جهد الاحتلال من التصرف والتمكن والاستغلال، كيفما كان شكله، لثروات ومرافق وممتلكات العراق، وبالطرق والصيغ التي تقتضيها متطلبات تحقيق الهدف عسكرية أو إدارية أو فنية.

5 - بتعميم المقاومة المسلحة على أرض العراق كلها وبفعل ومشاركة العراقيين كلهم، والتأكيد على واجبهم وحقهم المتكافئين في المقاومة وتحرير العراق تحت أي عنوان أو مسمى.

6 - بالعمل على تحقيق تشكيل جيش تحرير العراق كتطوير في عمل المقاومة لتحرير العراق.

7 - بانعدام احتمالات الدعم من قبل الأنظمة العربية كلها ولأسباب مرتبطة بطبيعة النظام الرسمي العربي بمجمله، وبطبيعة وأدوار أنظمة عربية بعينها، لا سيما المحيطة بالعراق العميلة والمستنفذة والطامحة للعب أو تجديد أدوار ترسمها لها الولايات المتحدة بموافقة "الكيان الصهيوني" وبما يخدم المنظور الستراتيجي للولايات المتحدة في الإقليم.

8 - بواجب وحق الجماهير العربية في الانخراط بالمقاومة العراقية المسلحة على قاعدة المسؤولية والحق القوميين وغير المتعارضة مع مسؤولية وحق العراقيين المؤسس على قاعدة الوطنية العراقية.

في المرحلة المعاشة الآن من نضال المقاومة العراقية وجهادها، وما سيكون الوضع عليه لاحقا في ضؤ تطور المنازلة في صفحاتها اللاحقة، يكون العمل المقاوم منسجما مع الهدف النهائي، وأخذا بعين الاعتبار تحقيق أهداف تكتيكية متناغمة ومرحلة المأزق السياسي والأخلاقي التي تعيشها الإدارة الأمريكية وحليفتها البريطانية، بفعل انفضاح الذرائعية غير المشروعة لشن الحرب واحتلال العراق. فالأهداف التكتيكية للمقاومة ستعمل لترجيح الهدف الستراتيجي المتمثل بطرد قوات الاحتلال وتحرير العراق والحفاظ عليه موحدا ووطنا لكل العراقيين. وهي "أي المقاومة" بفعلها المسلح والتعرضي تدخل لاعبا مؤثرا في تعميق المأزق السياسي بفعل الاستحقاقات الانتخابية للرئاسة الأمريكية والانتخابات العامة البريطانية، بحيث تسقط الادعاءات الزائفة والبرامج السياسية التي روجت وخططت لها دوائر القرار في واشنطن ولندن لتؤكد للناخبين في الولايات المتحدة وبريطانيا والرأي العام العالمي:

• زيف الأهداف المعلنة للحرب وعدم مشروعية الذرائع واستهداف إسقاط النظام السياسي في العراق واحتلاله.

• استحالة تطبيق برامج الاحتلال السياسية والاقتصادية والأمنية والأخرى على أرض العراق، وبالتالي عدمية تعميمها في الإقليم والعالم، وحصرها وردها فقط للطبيعة الإمبريالية العدوانية ومخططاتها التأمرية على العراق والأمة العربية، والتي حتمت في خضم التفرد بالقوة الطاغية واختلال التوازن الدولي، ممارسة العدوان والاحتلال كنموذج مرتبط بحالة التفرد بالقوة من قبل الولايات المتحدة.

• تعطيل الأدوار المحتملة لأنظمة عربية متآمرة انطلاقا من مطلبيتها بالتعامل مع واقع الاحتلال وإفرازاته، وحرق أصابع تلك الأنظمة في تعاملها المخطط والمحتمل مع الشأن العراقي، وعكس ذلك على أزماتها السياسية والاقتصادية والأمنية المعاشة.

• تأزيم الإقليم ومفرداته ومنع تحقيق مصالح الأخريين المجاورين على حساب العراق ووحدته الوطنية، وتعظيم تكلفة مساندتهم للعدوان وتعاملهم مع إفرازاته الداخلية في العراق المستهدفة تفتيت الوحدة الوطنية العراقية على حساب مصالح عرقية ومذهبية وجهوية وفئوية مرتهنة للاحتلال ومرتبطة بوجوده.

وانطلاقا من المنهاج السياسي والستراتيجي تستمر المقاومة الباسلة وتعمم وتخوض صفحات المنازلة ضمن المواجهة المستمرة وتعبر مراحل حرب التحرير الوطنية وتعطي النموذج المنتصر كما فعلت شعوب أخرى في أوقات مختلفة من عمر الإنسانية في صراعها مع قوى الشر والعدوان والاحتلال.

عاش العراق حرا وليهزم الاحتلال..

عاشت المقاومة العراقية الباسلة..

عاش مناضلوا البعث وعاش الرفيق الأمين العام أمين سر قطر العراق..

المجد والخلود لشهداء العراق الأكرمين..

والله اكبر..الله أكبر

حزب البعث العربي الاشتراكي
العراق في التاسع من أيلول 2003

للعودة الى الصفحة السـابقة

Monday, September 25, 2006

النص الكامل لخطاب الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز

النص الكامل لخطاب الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز:
انهضوا في وجه الامبراطورية

الخطاب القنبلة الذي فجره هوجو شافيز امام الجمعية العامة للامم المتحدة واحدث دويا لم تهدأ اصداؤه بعد ولا نظنها ستتلاشى. لقد فتح ثغرة كبيرة في جدار الامبريالية والوحشية حيث يتدفق ضياء عهد جديد .

ممثلو حكومات العالم صباح الخير اجمعين . اولا اريد ان ادعو، بكل تقدير، كل من لم يقرا هذا الكتاب ان يقرأه .

نعوم تشومسكي ، اهم مفكري امريكا والعالم وهذا احدث كتاب له "الهيمنة او النجاة: الستراتيجية الامبريالية للولايات المتحدة " (يرفع الكتاب ويلوح به امام الجمعية العامة )

"انه كتاب ممتاز يساعدنا على فهم ماذا حدث في العالم خلال

القرن العشرين ومايحدث الان واكبر تهديد يطل على كوكب الارض .

ان طموحات الهيمنة للامبراطورية الامريكية تهدد وجود السلالة البشرية. ونستمر في تحذيركم من هذا الخطر ونناشد شعب الولايات المتحدة والعالم لوقف هذا الخطر المسلط على رقابنا مثل السيف. كنت قد فكرت ان اقرأ لكم من الكتاب ولكن لضيق الوقت (يقلب في صفحات الكتاب)

سوف اتوقف عند هذه النصيحة بقراءته ."

ويمكن قراءته سهولة وهو كتاب جيد . وانا على يقين من ان السيدة الرئيسة تعلم به وقد ظهر باللغات الانجليزية والروسية والعربية والالمانية . واعتقد ان اول ناس يجب عليهم قراءة الكتاب هم اخواننا واخواتنا في الولايات المتحدة الامريكية لأن الخطر في عقر دارهم .

الشيطان في داخل البيت . الشيطان نفسه داخل البيت .

"والشيطان جاء هنا بالامس . امس جاء الشيطان هنا . هنا بالضبط (يرسم علامة الصليب)

" ورائحة الكبريت مازالت في الجو"

(الكبريت هو رمز الشيطان في التراث لأنه يذكر بنار جهنم- الدورية )

امس ايها السيدات والسادة من هذا المنبر جاء هنا رئيس الولايات المتحدة وهو السيد الذي اشير اليه باسم الشيطان وتكلم وكأنه يملك العالم . حقيقة . كأنه يملك العالم .

اعتقد اننا نستطيع ان ندعو طبيب نفساني لتحليل خطاب الامس الذي القاه رئيس الولايات المتحدة . وبصفته المتحدث بامس الامبريالية فقد جاء لتقديم تركيبة وصفة لمحاولة الحفاظ على نمط الهيمنة واستغلال ونهب شعوب العالم .

كان الخطاب يصلح ان يكون سيناريو لفيلم من افلام الفريد هيتشكوك. حتى استطيع ان اقترح عنوان الفيلم "وصفة الشيطان" .

وكما يقول تشومسكي هنا بوضوح وبعمق فإن الامبراطورية الامريكية تقوم بكل ما في وسعها لتدعيم نظام هيمنتها . ونحن لانستطيع ان نسمح لها بذلك . لانسمح لدكتاتورية العالم ان تتكتل. .

ان خطاب رئيس العالم المليء بالنفاق الامبريالي ينبع من الحاجة للسيطرة على كل شيء . انهم يقولون انهم يريدون فرض النموذج الديمقراطي . ولكن هذا نموذجهم الديمقراطي . انها ديمقراطية الصفوة المزيفة، ودعوني اقول هي ديمقراطية مبتكرة تفرض بالسلاح والقنابل والرصاص.

يالها من ديمقراطية غريبة ! قد لا يتعرف عليها حتى ارسطو او الاخرون الذين وضعوا اسس الديمقراطية .

أي نوع من الديمقراطية تفرضها بالمارينز والقنابل ؟

قال رئيس الولايات المتحدة الامريكية امس لنا في هذا المكان وفي هذه الغرفة وانا اقتبس منه :" اينما تنظرون تسمعون متطرفين يقولون لكم انكم تستطيعون الهروب من الفقر وتستعيدون كرامتكم من خلال العنف والرعب والشهادة "

اينما ينظر يرى متطرفين . وانت يا اخي __ انه ينظر الى لونك ويقول : آه .. هذا متطرف . وحتى ايفو موراليس رئيس بوليفيا المحترم يبدو في عينيه مثل متطرف .

ان الامبرياليين يرون متطرفين في كل مكان . ليس لأننا متطرفون وانما لأن العالم بدأ يستيقظ . الكل يستيقظ والشعوب بدأت تقف على قدميها لتقاوم .

لدي شعور ياعزيزي دكتاتور العالم انك ستعيش بقية ايام عمرك في كابوس لأن بقيتنا ينهضون ، كل اولئك الذين يقاومون ضد الامبريالية الامريكية والذين يصرخون مطالبين بالمساواة والاحترام واستقلال الشعوب. نعم تستطيع ان تسمينا متطرفين ، ولكننا نقاوم ضد الامبراطورية وضد نموذج الهيمنة.

ثم قال الرئيس ذاته " لقد جئت لاتحدث مباشرة الى سكان الشرق الاوسط لاخبرهم ان بلادي تريد السلام "

هذا صحيح . اذا مشينا في شوارع البرونكس واذا تجولنا حول نيويورك وواشنطن وسان دييغو وفي أي مدينة ، سان انطونيو وسان فرانسيسكو وسألنا الافراد مواطني الولايات المتحدة ماذا تريد بلادهم ؟ هل تريد السلام ؟ سيقولون نعم .

ولكن الحكومة لاتريد السلام .

حكومة الولايات المتحدة لاتريد السلام .

تريد نظام استغلالها ونهبها والهيمنة من خلال الحروب.

انها تريد السلام . ولكن ماذا يحدث في العراق ؟ ماذا حدث في لبنان ؟ في فلسطين ؟ ماذا يحدث ؟ ماذا حدث في خلال المائة سنة الماضية في امريكا اللاتينية والعالم ؟ والان يهددون فنزويلا – تهديدات جديدة ضد فنزويلا وايران ؟

وقد تحدث الى شعب لبنان . قال : الكثير منكم رأى كيف وقعت بيوتكم ومجتمعاتكم في وسط تبادل اطلاق النار . الى أي مدى تذهب بنفاقك ؟ واي قدرة للكذب بدون خجل ؟ القنابل على بيروت كانت دقيقة وذكية ؟

هل يسمى هذا تبادل نيران ؟ انه يفكر بفيلم كاوبوي حين يطلق الناس الرصاص من المسدسات المربوطة في احزمتهم وقد يقع احدهم وسط اطلاق النار.

هذه هي الامبريالية والفاشية والاجرام والابادة .. الامبراطورية واسرائيل يطلقون النار على شعب فلسطين ولبنان . هذا هو ماحدث والان نسمع "اننا نتألم لأننا نرى منازلا هدمت"

لقد جاء رئيس الولايات المتحدة ليتحدث للشعوب .. شعوب العالم . جاء ليقول .. لقد احضرت بعض الوثائق معي لأني هذا الصباح كنت اقرأ بعض التصريحات وارى انه تحدث لشعوب افغانستان ولبنان وايران وخاطبهم مباشرة.

ويمكنكم ان تتساءلوا كما يخاطب رئيس الولايات المتحدة شعوب العالم ماذا ستقول له هذه الشعوب اذا سمح لها بالحديث من هذا المنبر؟ ماذا سيقولون ؟

واعتقد ان لدي فكرة عما يجول برؤوس شعوب الجنوب ، الشعوب المضطهدة . سيقولون " ايها اليانكي الامبريالي، اذهب الى بلادك " اعتقد هذا ماستقوله هذه الشعوب لو اعطيت الميكرفون واستطاعوا بصوت واحد مخاطبة الامبرياليين الامريكان.

ولهذا السبب ياسيدتي الرئيسة ويا زملائي واصدقائي جئنا في العام الماضي الى هنا في نفس هذه القاعة كما كنا نفعل في السنوات الثمانية الماضية وقلنا شيئا تأكد بعد ذلك .. تأكد تماما.

لا اعتقد أي شخص في هذه الغرفة يستطيع ان يدافع عن النظام . دعونا نقر بذلك ونكون صادقين . نظام الامم المتحدة الذي ولد بعد الحرب العالمية الثانية قد انهار ولم يعد ذا قيمة.

اجل شيء جيد ان نجتمع هنا معا كل عام وان نرى بعضنا ونلقي خطبا ونحضر كل انواع الوثائق الطويلة ونستمع لخطب جيدة . نعم هذا شيء جيد.

وهناك الكثير من الخطب وقد سمعنا كثيرا من رئيس سري لانكا مثلا ورئيس تشيلي.

ولكن نحن الجمعية تحولنا الى جهاز نظري . ليست لدينا قوة للتأثير على الوضع المأساوي في العالم . ولهذا تقترح فنزويلا مرة اخرى اليوم 20 من ايلول ان نعيد تأسيس الامم المتحدة.

في العام الماضي ياسيدتي قدمنا اربعة اقتراحات شعرنا انها مهمة جدا . علينا ان نتحمل المسؤولية يارؤساء دولنا وياسفراءنا ويا ممثلينا وعلينا ان نناقشها.

الاولى هي التوسع . ينبغي على مجلس الامن شقيه الدائمي وغير الدائم استيعاب الدول النامية كدول اعضاء دائمية جديدة . هذه هي الخطوة الاولى .

الثانية ، طرق فعالة لمعالجة وحل مشاكل العالم . قرارات شفافة .

الثالثة، الانهاء الفوري – وهذا مايطلبه الجميع – للالية غير الديمقراطية المسماة الفيتو، الفيتو على قرارات مجلس الامن. دعوني اعطيكم مثالا حديثا. الفيتو اللااخلاقي للولايات المتحدة الذي سمح للاسرائيليين وبهذه الحصانة لتدمير لبنان. منع قرار للمجلس امام اعيننا ونحن نتفرج .

الرابعة ، علينا ان نعزز كما قلنا دائما دور وسلطات الامين العام للامم المتحدة .

امس القى الامين العام خطاب الوداع فعليا . وقد اقر بانه خلال اكثر من عشر سنوات ماضية تعقدت الامور اكثر : ازدادت حالات الجوع والفقر والعنف وانتهاكات حقوق ا لانسان . وهذا نتيجة كبيرة لانهيار نظام الامم المتحدة ومطامع الهيمنة الامريكية .

ياسيدتي ، لقد قررت فنزويلا منذ عدة سنوات مضت ان تشن معركة داخل الامم المتحدة بالاعتراف بالامم المتحدة كما يستلزم من اعضاء فيها ونعطيها صوتنا وفكرنا.

صوتنا هو صوت مستقل يمثل كرامة البحث عن السلام والاصلاح في النظام الدولي ، وادانة عدوان قوات الهيمنة على هذه الارض.

هكذا قدمت فنزويلا نفسها . لقد سعى وطن بوليفار للحصول على مقعد غير دائم العضوية في مجلس الامن .

دعوني ارى . كان هناك هجوم علني من الحكومة الامريكية ، هجوم لا اخلاقي لمحاولة منع فنزويلا من ان تنتخب انتخابا حرا لمقعد في مجلس الامن.

الامبرياليون يخافون من الحقيقة ، يخافون من الاصوات المستقلة . يسموننا متطرفين ولكنهم هم المتطرفون.

واود ان اشكر كل الدول التي تفضلت واعلنت دعمها لفنزويلا حتى رغم ان الاقتراع كان سريا ولم يكن هناك حاجة للاعلان . ولكن طالما ان الامبرياليين قد هاجموا ، فهم يعززون قناعات دول كثيرة ومساندة هذه الدول تشد من ازرنا.

ودول امريكا الجنوبية باعتبارها كلتة اعربت عن دعمها ، ان فنزويلا مع البرازيل والارجنتين وباراغواي واوروغواي هي اعضاء كاملي العضوية في دول امريكا الجنوبية (ميركوسور) .

والكثير من دول امريكا الجنوبية (CARICUM ) و بوليفيا اعربوا عن تأييدهم لفنزويلا وجامعة الدول العربية بأكملها اعلنت تأييدها وانا اشعر بالعرفان للعالم العربي واخواننا العرب واخواننا الكاريبيين والاتحاد الافريقي . تقريبا كل افريقيا اعربت عن مساندتها لفنزويلا وكذلك دول مثل روسيا الصين والكثير غيرها .

اشكركم جميعا نيابة عن فنزويلا وشعبنا ونيابة عن الحق لأن فنزويلا بحصولها على مقعد في مجلس الامن سوف تستطيع ان تعبر ليس فقط عن افكار فنزويلا ولكن ستكون صوتا لكل الشعوب في العالم وسوف ندافع عن الكرامة والحق .

وقبل كل شيء ياسيدتي الرئيسة ، اعتقد ان هناك اسبابا للتفاؤل . ولو وصفها شاعر لقال (تفاؤل لاعلاج له ) لانه بعد كل الحروب والقنابل والحرب العدوانية والاستباقية وتدمير شعوب بأكملها ، يستطيع المرء ان يرى بزوغ فجر عهد جديد.

وكما تقول سلفيا رودريجز ، المرحلة تلد قلبا . هناك طرق مغايرة للتفكير . هناك شباب يفكرون بشكل مختلف . وقد رأينا هذا يحدث في فترة عقد واحد من السنين. وقد تبين لنا ان نهاية التاريخ كانت افتراضا مزيفا تماما مثل الحلم الامريكي وتأسيس عالم رأسمالي ليبرالي جديد . وقد ظهر ان هذا النظام لا يوّلد سوى المزيد من الفقر . من يصدقه بعد الان ؟

ماعلينا ان نفعله الان هو تحديد مستقبل العالم . الفجر يبزغ على العالم كله . تستطيعون رؤيته في افريقيا واوربا وامريكا اللاتينية والاقيانوس. واريد ان اؤكد على تلك الرؤية التفاؤلية .

علينا ان ندعم انفسنا وارادتنا للقتال ووعينا . علينا ان نبني عالما جديدا افضل.

فنزويلا تشارك في النضال ولهذا يهددونا. لقد سبق ان خططت الولايات المتحدة ومولت وحركت انقلابا في فنزويلا ومازالت مستمرة في دعم محاولات انقلابية في فنزويلا وفي مناطق اخرى من العالم .

وقد ذكرتنا الرئيسة ميشيل راشليت قبل لحظات بالجريمة المروعة لاغتيال وزير الخارجية السابق اورلاندو ليتيليه .

واريد ان اضيف شيئا واحدا : ان من ارتكب هذه الجريمة مازالوا طلقاء . وان مرتكبي الجريمة في حادث آخر حيث مات مواطن امريكي هم امريكان انفسهم . كانوا من قتلة وارهابيي وكالة المخابرات المركزية الامريكية .

ويجب ان نتذكر في هذه القاعة انه في خلال ايام قليلة سوف تمر ذكرى اخرى . ذكرى ثلاثين سنة مرت على هجوم ارهابي شنيع آخر لى طائرة كوبية حيث قتل 73 بريء على الخطوط الكوبية . واين اكبر ارهابي في هذه القارة والذي يتحمل مسؤولية تفجير الطائرة ؟ لقد قضى بضعة سنوات في السجن في فنزويلا وبفضل وكالة المخابرات المركزية والمسؤولين الحكوميين ، استطاع الهرب وهو يعيش في هذه ا لبلاد في حماية الحكومة الامريكية .

وقد ادين واعترف بالجريمة ولكن الحكومة الامريكية لها معايير مزدوجة . انها تحمي الارهاب حين تريد ذلك .

ونريد ان نقول ان فنزويلا ملتزمة بالتصدي للارهاب والعنف ونحن من الشعوب التي تناضل من اجل السلام .

اسم المجرم الارهابي الذي يلقى ا لحماية هنا هو لويس بوسادا كاريليس. وفاسدون أخرون يعيشون هنا ايضا تحت الحماية : وهم مجموعة من الذين فجروا سفارات وقتلوا الناس خلال الانقلاب . واختطفوني وكانوا سيقتلونني واعتقد ان الله نجاني وخرج شعبنا الى الشوارع والجيش ايضا ولهذا انا هنا اليوم .

ولكن اولئك الذين قادوا الانقلاب يعيشون في هذه البلاد الان بحماية الحكومة الامريكية وانا اتهم الحكومة الامريكية بحماية الارهابيين وبتبني خطاب منافق تماما .

لقد ذكرنا كوبا . نعم لقد كنا هناك منذ بضعة ا يام ونحن سعداء اننا جئنا من هناك لتونا. وهكذا ترون ان عهدا جديدا يولد . قمة الخمسة عشر ، قمة عدم الانحياز تبنت قرارا تاريخيا . هذه هي الوثيقة الصادرة ، لا تقلقوا .. لن اقرأها. ولكن لديكم هنا مجموعة قرارات تم تبنيها بعد مناقشة شفافة بين اكثر من 50 رئيس دولة . هافانا كانت عاصمة الجنوب لعدة اسابيع وقد اطلقنا الان مرة اخرى مجموعة عدم الانحياز بزخم جديد.

واذا كان لي ان اطلب منكم أي شيء ايها الرفاق ويااخواني واخواتي فهو ان تمنحوا ارادتكم الطيبة لدفع حركة عدم الانحياز من اجل ولادة عهد جديد من اجل منع الهمينة ومنع المزيد من خطوات الامبريالية . كما تعرفون ان فيدل كاسترو هو رئيس حركة عدم الانحياز للسنوات الثلاثة القادمة ونستطيع ان نثق بانه سيقودها بكفاءة عالية .

ولسوء حظهم يفكرون "اوه .. فيدل على وشك الموت" ولكن آمالهم خابت لأنه لم يمت وهو الان ليس حيا فحسب وانما عاد بزيه الاخضر وهو يترأس الان عدم الانحياز.

اذن ، ايها الزملاء وياسيدتي الرئيسة ، لقد ولدت حركة جديدة قوية ، حركة الجنوب . نحن رجال ونساء الجنوب.

وبهذه الوثيقة وهذه الافكار وهذه الانتقادات اغلق الان اضبارتي . وآخذ الكتاب معي ولكن لا تنسوا ، انا اوصيكم واستعطفكم بكل الحماس أن تقرأوه.

نريد افكارا لانقاذ كوكب الارض من الخطر الامبريالي على أمل انه في هذا القرن وليس قبل وقت طويل سوف نرى هذا العهد الجديد من اجل اطفالنا واحفادنا عالما من السلام يقوم على المباديء الاساسية للامم المتحدة ولكن امم متحدة متجددة.

وربما علينا ان نغير مقرها . ربما علينا ان نضع منظمة الامم المتحدة في مكان آخر ، ربما مدينة من الجنوب ، واقترح فنزويلا .

كما تعرفون لقد منع طبيبي الخاص من مغادرة الطائرة ، ورئيس الحماية احتجز في طائرة مقفلة . لم يسمح لهذين السيدين ان يهبطا ويحضرا اجتماع الامم المتحدة. هذا انتهاك آخر واستغلال للسلطة من جانب الشيطان . ان رائحة الكبريت هنا ولكن الله معنا واعانقكم جميعا .

لتحل بركة الله عليكم جميعا واتمنى لكم يوما طيبا .

فيديو الخطاب امام الجميعة العامة في هذا الرابط :

http://www.informationclearinghouse.info/a...rticle15041.htm

المصدر: دورية العراق (ترجمة الدورية)

للعودة الى الصفحة السابقة

صوت الاتحاد الوطني لطلبة العراق

صوت الاتحاد الوطني لطلبة العراق

غالب الفريجات

بعد أكثر من ثلاث سنوات غزو واحتلال أمريكي بغيض ، وتدمير منهجي ، تعاونت فيه القوى الشعوبية مع الإمبريالية والصهيونية للعراق الأشم ، يعلن الاتحاد الوطني لطلبة العراق وجوده، في بيان تأييد لاطلاق سراح الرئيس القائد صدام حسين .

لقد طال غياب المنظمات النقابية الوطنية العراقية ، كما هي المنظمات القومية ، التي كان مقرها بغداد عن الفعل المقاوم ، وكم كانت دهشتنا على حالة الصمت التي أصابت هذه المؤسسات الوطنية والقومية ، لان الفعل المقاوم الذي تبع الاحتلال كان رافعة قوية ، وسندا كبيرا كان يمكن الاستناد إلى جداره الصلب لكل هذه المنظمات ، وإذا كان صوتها قد خبى ونجمها قد أفل ، فان ذلك مدعاة إلى الاستنكار لحالة التقاعس أو التكلس الذي أعاق الحركة ، لان المعركة كانت ولا زالت معركة الوطن ، كل الوطن ، بكل مفرداته ، ويفترض بهذه المنظمات أن تكون في طليعة معركة الوطن ، التي هي معركة التحرير وانتزاع الكرامة .

مؤسسات المجتمع المدني والاتحادات المهنية والطلابية والنقابية في طليعة صفوفها ، حري بها أن تأخذ دورها ، لأنها مؤسسات تضحية وفداء ، لا مؤسسات ارتزاق ومكتسبات مادية ، ونحن نعرف أن هذه المؤسسات قد خرجت عناصر قيادية ، امتلكت القدرة على الفعل ، والشجاعة في الموقف ، والبذل في التضحية والعطاء ، وإذا كان الغزو والاحتلال قد أصاب هذه المؤسسات بالصدمة لهول الفاجعة ، فكان المطلوب أن تكون سرعة العودة إلى خنادق النضال السري ، مع بروز المقاومة الوطنية بأسرع من ذلك .

الثورة في العراق ، ثورة السابع عشر من تموز لم تبخل في عطائها ودعمها لمؤسسات المجتمع المدني ، وقد حقق العمل النقابي مكتسبات كبيرة على الصعيد التشريعي والقانوني، وعلى صعيد الحقوق المادية وكذلك المعنوية ، وان كان الترهل قد دب في جسد هذه المؤسسات بفترات معينة ، إلا إن تأخيرها في المساهمة الفاعلة والجادة ، وغياب قادتها عن أداء الدور النضالي لتعزيز الدور الفدائي المقاوم البطل ، قد اصبح ظاهرة لا يمكن تفسيرها ، ولا يجوز أن يكون تأخير مشاركتها حتى هذه الساعة ، خاصة ومعركة التحرير في فصلها الأخير إنشاء الله .

مؤسسات المجتمع المدني مطلوب عودتها لتملأ الشار ع العراقي ، مسلحة بالنضال ضد صورة التشويه ، التي أحدثتها قطعان الطائفية البغيضة ، ومرتزقة الأحزاب العميلة ، التي تحتكم بإرادتها ، لتعليمات فارسية أو أمريكية أو صهيونية ، فالشارع العراقي قد استطاع كشف كل محاولات التزييف والتشويه للقيادة الوطنية في العراق ، وقد تمكن المواطن من أداء دور مميز، في حمايته للمقاومة الباسلة وعناصرها وقادتها الأبطال ، وعلى فرسان الكلمة والتنظيم والفعل النضالي الشارعي أن يبادرو لاداء دورهم المنوط بهم ، فالطرف الآخر الذي يأتمر بأمر المحتل ويحتمي به جبان حتى العظم ، وهو مستعد للهروب في أول مواجهة ، لانه يرى بأم العين ، أن أسياده من المحتلين يتساقطون بفعل إرادة المقاومة الباسلة ، وان قادته من المرتزقة ، الذين جاءوا على ظهر الدبابات الأمريكية ، لا يجرءون على مغادرة المنطقة الغبراء.

يا أبناء العراق ، يا بواسل الأمة ، أيها القادة النقابيون ، وايتها القيادات المهنية والاتحادات الطلابية ، بادروا للفعل والبذل والعطاء ، الذي اتسمتم به طيلة نضالكم الوطني ، في وجه كل القوى العميلة والشعوبية والظلامية ، فسجلات نضالكم زاخرة بالتضحية ، ومواقف قياداتكم مشاعل من نور ، تهدي طريق السائرين في ظلمة الليل الحالكة ، وليس هناك من ظلمة بعد احتلال الأرض وانتهاك العرض ، وانتم من أعطى العراق الدم والعرق ، والتضحية بكل زوائل الدنيا .

لعودة الاتحاد الوطني لطلبة العراق ، عودة ميمونة ، واصطفاف وطني في وقت الشدة ، كما عهدهم شعبهم في كل مراحل نضاله ، كما ظهر أخيرا بيان من الاتحاد النسائي العراقي ، الذي نأمل أن يأخذ دوره النضالي والطليعي في معركة العراق معركة الأمة .

حيا الله أبناء العراق وأبطاله في صفوف المقاومة الباسلة .

حيا الله طلبة الاتحاد الوطني ، قيادة وكوادر وأعضاء والاتحاد النسائي العراقي .

ونأمل بسماع فعاليات وطنية من جميع مؤسسات المجتمع المدني ، التي كان لها الدور الوطني في زمن العدوان ، وزمن الحصار ، وزمن الغزو والاحتلال .

dr_fraijat@yahoo.com

للعودة الى الصفحة السابقة






اضغط على هذا الزر






ما هي صلة ايران واسرائيل وامريكا

صنميات قرن الخداع الشامل : ما هي صلة ايران واسرائيل وامريكا

بعد بروتوكولات حكماء صهيون :
هل توجد بروتوكولات حكماء الفرس ؟ (5)

صلاح المختار

الاصنام الاربعة للتطرف الديني

الصنم الاول هبل : ابتزاز ضبابية اللاهوت

ان التطرف الديني يمثل فكرا لاهوتيا اما ان يقبل كما هو بلا نقاش او يرفض كله بلا نقاش ، وهذه النقطة هي التي تجعل بالامكان تحقيق اختراق لبعض التيارات الدينية بطرق متعددة ، وانشاء خطوط مائلة داخلها ( او خلايا نائمة ) تستخدم هذا البعض لسحق ، او على الاقل ، لاضعاف التيارات القومية واليسارية والتي تبنى على اسس واقعية متماسكة لاتخضع لابتزاز التطرف الديني والخوف من الاجتهاد فيه ، لانها تناضل من اجل مطاليب اجتماعية وسياسية متبلورة ومجسدة في واقع او حال اجتماعي وتتجنب الخوض في مسائل اللاهوت وهي تخوض كفاحا خطيرا ضد العدوان الخارجي او ضد الاستغلال والاستبداد الداخليين . وحين يتحقق هدف اضعاف القوى القومية والتقدمية بواسطة التطرف الديني تكون الراسمالية الامريكية قد نجحت في تاجيل انهيار نظامها الاستعماري باضعاف القوى الحقيقية التي تهدده مستخدمة ادوات غير راسمالية وهي التطرف الديني .

ان اخطر ما في صنمية اللاهوت هوعدم القدرة على تحديه فيخلق ذلك حالة الانقياد وراء تفسيرات غير عملية ولا علمية ، واحيانا مدمرة ، سواء من حيث الاختلاف بين ابناء الدين الواحد حولها ، مثل ظهور او عدم ظهور المهدي وشروط ظهوره ، او التناقض في الموقف من شرح اوامر ونواهي الدين ، والتي تتعدد بتعدد الطوائف والمدارس الدينية ، وبذلك يتحول الدين على يد المتطرفين الى وسيلة لسمل عيون الانسان وتجميد عقله واناطة رجال الدين مسؤولية التقرير نيابة عنهم . ومن اخطر مظاهر تحويل الانسان الى روبوت حي هو المفهوم الصفوي الذي اطلقت عليه سابقا تسمية (احالة الذنب )، وهو يقوم على اصدار فتوى او امر من المرجع الاعلى وعلى المقلدين ، أي الاتباع ، تنفيذ ما ورد فيه مهما كان غير منطقيا او مخالفا للشرع الاسلامي لان الذنب سيقع على عاتق المرجع الذي اصدره وليس على من نفذه . وقد لجأ السيستاني الى هذا المفهوم اثناء الانتخابات التي جرت في ظل الاحتلال باصدار فتاوى يطلب فيها من مقلديه المشاركة في الانتخابات والا سيذهب الى النار وتحرم عليه زوجته كل من لا يشارك فيها ! والنتيجة الطبيعية هي تحويل البشر الى ادوات مسيرة عاجزة عن الفعل ، وهذا هو بالضبط ما تريده الراسمالية العالمية : السيطرة على الكتل الجماهيرية من قبل رجال دين يمكن توجيههم مباشرة او بصورة غير مباشرة ضد اعداء الغرب .

والامثلة عديدة لكن اخطرها مثالان عانينا وما زلنا نعاني من احدهما ، المثال الاول هو ما حصل مع بابا الفاتيكان السابق عند استغلال امريكا موقعه الديني ضد المعسكر الشيوعي . اما في العالم الاسلامي فقد قامت المخابرات الامريكية والبريطانية باستخدام خميني، بغض النظر عن ادراكه من عدمه بطريقتين غير مباشرتين الطريقة الاولى دعم وصوله هو للسلطة وليس مجاهدي خلق وفدائيي خلق ، وهما كانتا اقوى التنظيمات التي هندست الانتفاضة ضد الشاه ، والسبب هو اكتشاف المخابرات الامريكية ان خميني يتميز بالحقد على خصومه وكان يكره الرئيس صدام حسين وبما ان اجندة امريكا كانت تقوم على اشعال حروب بين المسلمين فقد رجحت خميني على القوى الوطنية الايرانية في موضوع استلام السلطة ، وهو ما اكده ابو الحسن بني صدر اول رئيس في نظام خميني .

اما الطريقة الاخرى التي كانت المخابرات الامريكية تؤثر فيها على خميني فكانت الحلقة المحيطة به وعلى راسها كان صادق قطب زادة الذي اعدم بعد ان اتهم بانه عميل امريكي وابراهيم يزدي وغيرهما . لقد استخدمت امريكا حقد خميني على صدام حسين لاشعال الحرب عبر تبني خطة اسقاط النظام الوطني في العراق ، وضد العرب في الخليج العربي لارهابهم ودفعهم للارتباط اكثر بامريكا . ولذلك وبدلا من توجهه لتنفيذ شعاراته ضد اسرائيل وامريكا ، كما قال في خطبه وشعاراته ، اتجه لاسقاط النظام الوطني في العراق وللاستيلاء على دول الخليج العربي ، فخلق اكبر ازمة في التاريخ الاسلامي، على الاقل الحديث ، فتحت الابواب امام الغزو الاستعماري وعززت التوسع الصهيوني ، واخيرا وليس اخرا فتحت بوجه العرب مخاطر جديدة - قديمة لا تقل قتلا عن المخاطر الامريكية والصهيونية ، وهي مخاطر الغزو الاستعماري الايراني للعراق والخليج العربي وغيرهما .

كما اننا نلاحظ بوضوح ان رجال الدين الرسميين ، مثل شيخ الازهر ، وقفوا مع ما يسمى (العملية السلمية) لحل الصراع العربي الصهيوني مع ان هذه العملية كما اثبتت الايام هي مجرد غطاء شفاف يظهر ما وراءه وهو تنفيذ مخطط اسرائيل الكبرى .

نعم هناك مخاطر على الاستعمار والصهيونية تترتب على صعود التطرف الديني لكن هذه المخاطر ذات طبيعة ستراتيجية ثانوية تقلق الاستعمار وتؤذية ، ولكن بحدود يمكن السيطرة عليها وتحملها كثمن لابد من دفعه للتخلص من مصدر الخطر الحقيقي وهو الحركة القومية العربية . ولهذا يمكن التاكيد على أن الاصولية الاسلامية المتطرفة ،لانها خطر ايديولوجي اساسا وليس خطر ستراتيجي أساسا ، يمكن بسهولة نسبية احتواء مخاطرها الستراتيجية الثانوية أساسا عبر لعب ورقة التعددية الطائفية داخل الاسلام . في اللحظة التي تستيقظ فيها الاصولية الاسلامية المتطرفة وتصبح قوة كبيرة تتجاوز الحدود التي وضعها الاستعمار لتوسعها تبدأ عوامل انشطارها وتتوفر فرصة احتوائها ، لان جرثومة تأكلها وتقويض تماسكها محمولة طبيعيا في احشائها من جهة، ولانها اصولية لاهوتية تعتمد التفسير الطائفي في قلبها وعقلها وجوهرها ، وتنحى صوب تكفير الاخر ، سواء كان من الطائفة الاخرى او من طائفتها لكنه من التيارات السياسية او الفقهية المخالفة ، مما يؤدي بالضرورة الى رد فعل مناقض في الاتجاه لكنه ليس بالضرورة مساو في القوة ، كما تقول القاعدة الفيزياوية ، بل قد تكون قوة رد الفعل اشد بكثير من قوة الفعل الاصلي ، الامر الذي يشعل صراعا اساسيا داخليا (داخل الامة العربية او داخل الاسلام) ، قد يتغلب على الصراع مع الغزو الخارجي هو الصراع الطائفي من جهة ثانية .

ان تجربة غزو العراق ، وكل عربي او مسلم لا يدرسها بعقل متفتح ودقيق سيحكم على جهده الفقهي والسياسي بالخطأ المتكرر ، تثبت ان الانتماء الطائفي للبعض تغلب بقوة ووضوح تامين على الانتماء الوطني . فمن جهة راينا كتل معينة تمنح ولاءها لايران رغم ان الاخيرة تدمر العراق وتتعاون علنا ورسميا مع الاحتلال الامريكي ، ومن جهة اخرى راينا فئة اخرى وكرد على خيانة من منح ولاءه لايران تنظر الى الصراع من منطلق طائفي، مما دفع خطر الاحتلال للخلف ، بالنسبة للبعض ، وصار هذا البعض مستعدا للتعاون مع الاحتلال لرد مخاطر ايران وعملاءها ! وتلك هي بالضبط اللعبة الاساسية للاحتلال الذي جاء بايران للعراق وسمح لها بالقتل والتدمير لانه يريد ذلك ، وحينما ارادت ايران ان تنفذ خطتها هي نشب خلاف بين اللصوص الامريكيين والايرانيين على وليمة العراق المعذب !

وذلك من اهم الدروس المستخلصة من الغزو والتي اقنعت الاغلبية الساحقة من العراقيين بان الانتماء القومي والفكر القومي والتنظيم السياسي القومي هي الاسلحة الاقوى في محاربة الصهيوينة والاستعمار ، بشرطين ، شرط ان يكون روح القومية العربية هو الاسلام كما قال مؤسس البعث المرحوم احمد ميشيل عفلق منذ تأسيسه ، وشرط اعتبار التحالف مع القوى الوطنية الاسلامية المنفتحة احد اركان العمل القومي العربي الجوهرية . لقد افلست وسقطت كل التنظيمات السياسية التي قامت على الطائفية الدينية ولم يبق في ساحة العراق يتميز بفعالية تغطي القطر كله سياسيا وعسكريا الا التنظيم القومي المسلح بالبندقة بيد وبالاسلام الحقيقي بيد ثانية ، وبقيت التنظيمات الاخرى ، الوطنية والعميلة ، نخبوية لا جماهير حقيقية لها ، ونحن مستعدون لاثبات ذلك بالادلة الواقعية . وهذه الحقيقة هي التي ستقرر مصير حرب تحرير العراق الدائرة الان وسترسم صورة عراق ما بعد التحرير بارادة حديدية لا تكل ولا تضعف ولا تتراجع .

وبوجود انقسام طائفي وانقسام اخر بين مسلم معتدل واخر متطرف داخل الاسلام ، تبدأ اطراف عديدة ، في مقدمتها امريكا ، عملية احتواء التطرف الديني واستغلال الدين ضد القضايا الوطنية والقومية ، بانحياز فئات ربما تكون قوية الى امريكا . ولدينا الاحزاب الطائفية الشيعية الصفوية والسنية في العراق انموذج لامكانية تفتيت الاسلام واحتواء تياراته تدريجيا . فحزب الدعوة والمجلس الاعلى الممثلين للطائفية الصفوية ، وبعض الاخوان المسلمين ( الحزب الاسلامي ) الممثل للطائفية السنية ، كانوا من ابرز ادوات الاحتلال والمتعاونين معه دون تحفظ . ان الصراع الطائفي في الاسلام هو الاشد فتكا بوحدة ابناءه وبوحدة الامة العربية ، والارسخ في الديمومة والبقاء ، والاكثر انطواء على عوامل التامر الاسلامي – الاسلامي ، والاوسع بابا امام دخول وتدخل الاجانب ، كالايرانيين الذين ينتمون لنفس الطائفة شكليا نتيجة تغليب الولاء الطائفي على الولاء الوطني والانتماء القومي ، وكالغربيين الذين يستخدمون الاسلام السياسي لتمزيق الامة العربية ، وهو موضوع سنتناوله لاحقا بشكل مستقل بالتفصيل .

الصنم الثاني اللات : وضع الحصان خلف العربة

ما هو الانطباع الذي يتولد لديك اذا شاهدت حصانا مربوطا في مؤخرة العربة بدل مقدمتها ؟ بالتاكيد انه انطباع ان من فعل ذلك احمق وغبي لان الحصان لن يستطيع جر العربة . هذا هو موضوعنا الان . ان أممية التطرف الديني تقوم على وجود تناقضات حادة وعيوب بنيوية في دعوتها لوحدة المسلمين ، واول عيب ، ومن اخطرها ، هو المتجسد في الجواب على السؤال التالي : ايهما اقرب الى العربي، العربي الاخر ام الماليزي ؟ بالطبع العربي ، تماما مثلما ان الماليزي اقرب الى الماليزي من العربي المسلم . وهذه قاعدة بداهة معروفة جسدها المثل العربي القديم الذي قال ( انا واخي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب ). ان هناك مشكلة معقدة في تفكير التطرف الاصولي وهي اسبقية الدعوة للوحدة الاسلامية على الدعوة للوحدة العربية ، وبذلك تكون قائمة على انكار ورفض التعاقب المنطقي للخطوات العملية في تحقيق الوحدة الاسلامية ، أي البدء بوحدة الامة العربية ، ثم تتوسع اذا توفرت البيئة الملائمة لها وبعد انجاز وحدة الامة العربية. ان عيب الدعوة للوحدة الاسلامية دون تحقيق الوحدة العربية قبل ذلك ، هو ثغرة اخرى في تكوين التيارات الدينية المتطرفة تسمح بتسلل الاعداء منها ، سواء كانوا امريكييين او صهاينة او ايرانيين . ان بقاء العرب مفتتين وقيام وحدة اسلامية ستترتب عليه نتائج بالغة الخطورة على الهوية العربية ، ما دامت هناك نزعات شوفينية معادية للعرب كالنزعة الشوفينية الايرانية القديمة جدا.

لذلك فان من يدعو للوحدة الاسلامية دون ان يسبق ذلك عمل جاد لاقامة الوحدة العربية كمن يضع الحصان خلف العربة وليس امامها، فيخلق مشاكل عملية تؤدي الى ليس استبعاد الوحدة العربية فقط بل تجعل أيضا الصراعات الاسلامية – الاسلامية هي الطابع السائد اذا قامت وحدة اسلامية . من يستفيد من هذا الطرح ؟ ان الغرب والصهيوينة وايران هي الاطراف المستفيدة ، فهذه الدعوة تحاول ، باسم الدين ، انزال مرتبة الوحدة العربية الى مستوى الدعوة العرقية العنصرية ، بل ان الجهلة وانصاف الاميين ، والذين فقدوا نعمة الرؤية والادراك من اتباع التيارات الدينية المتطرفة ، من مختلف الطوائف ، يتهمون القومية العربية بانها دعوة غربية او ماسونية !

والتسويق هذا يتم تحت مقولات لا صلة لها بالاسلام ، بل هي ترويج شعوبي خطير تقف وراءه الصهيوينة العالمية والغرب الاستعماري حتما ، منها ان الدعوة الاسلامية فوق القوميات وانها لاتعترف بها وترفضها ! مع ان كل الشعوب الاسلامية تفتخر بانتماءها القومي لانه انتماء طبيعي يمثل الهوية الثقافية والتاريخية الخاصة لكل مسلم ، دون ان يعني ذلك التعصب القومي المقيت . واذا كان هذا البعض لا يميز بين الدعوات العرقية والعنصرية وبين الدعوة القومية العربية غير العنصرية فان ذلك دليل على وجود احد الاحتمالين التاليين ، فاما ان من يوجه هذا النوع من التيارات الدينية المناهضة للقومية العربية طرف اسرائيلي او امريكي او النخب الشوفينية الايرانية بشكل واع ، او انه ضحية امية متطرفة تجعله اعمى البصيرة وناقص العقل .

كيف انكر عروبتي وهي التي تشكل ، اول ما تشكل ، اسمي الخاص وهويتي الخاصة ؟ ان القومية العربية ليست مثل القوميات الاوربية العنصرية والاستعلائية لانها هوية تعبر عن ثقافة وسايكولوجيا ووحدة انتماء شعب عريق اثبت التاريخ انها كانت انسانية ومنفتحة بالتعريف وبالممارسة .

لقد نزل القران بلغة اهلها واختير محمد رسولا ونبيا لانه من اهلها وقرر الله عز وجل ان تكون لغة المآل الاخير لكل للبشر الصالحين : الجنة . قال الرسول الكريم (ص) : (أحب العرب لثلاث, لأني عربي, والقرآن عربي,ولسان أهل الجنة عربي). ان اعتزاز الرسول الكريم بعروبته هو ما نعنيه بالقومية العربية من حيث الجوهر . وحينما اراد البعث ان يعرف العربي في دستوره منذ اللحظة الاولى لنشؤءه اختار التعريف المحمدي للعربي بالضبط : ( من تكلم منكم العربية فهو عربي ) ، واضاف على ان يخلص للامة العربية ويكون صادقا في ذلك وهذا امر بديهي وينسجم مع طبائع الامور . واذا كان هناك من لديه وهم حول ذلك فليتخلى عن وهمه . اضافة لهذا فان الشعب الاسلامي الوحيد المجزء هو الشعب العربي ، شعب محمد وشعب لغة اهل الجنة وشعب لغة القران ! فهل هذا الامر صدفة ؟ والسؤال المنطقي هنا هو التالي : لماذا تصر احزاب دينية على رفض الوحدة العربية ووضعها في درجة دنيا او موقع التناقض مع الوحدة الاسلامية مع ان الاولى مدخل حتمي للثانية ؟ اليس من حق العرب كما هو حق الايرانيين والماليزيين والباكستانيين ان يحققوا وحدتهم ؟ ومتى كانت وحدة العرب دعوة ماسونية او بدعة غربية كما يقول بعض الاميين او العملاء ؟

ان احد اهم المعاني المندسة في قلب وضع الاسلام ضد القومية العربية هو التالي : الغرب والصهيوينة وايران تعمل على ابقاء العرب مجزئين لضمان استمرار تنفيذ مخطط الاستعمار بنهب العرب وثرواتهم ، ومخطط الصهيونية باكمال تنفيذ مخطط اسرائيل الكبرى . اما ايران فانها ترى في الوحدة العربية العدو الاخطر على مطامعها المعروفة في الارض العربية وفي حكم العالم الاسلامي لان وطن العرب هو الجزء الاساسي من المنطقة الحيوية للمشروع الايراني الامبراطوري ، من جهة ، ولان العرب هم حملة رسالة الاسلام وناشريها والاقدر بلغتهم وليس بجنسهم على فهم وتفسير القران الكريم ، من جهة ثانية . لذلك فان المطمح الامبراطوري الفارسي المزروع في جينات الشوفينية الفارسية منذ الفتح الاسلامي لبلاد فارس ، والمتبرقع بالاسلام لا يمكن تحقيقه الا بازاحة العرب من مسرح صنع التاريخ بتجزئتهم او ابقاءهم مجزئين .

ليس سرا ان الشوفينية الفارسية ترى ان من بين اكبر ثلاثة شعوب اسلامية قام اثنان ببناء امبراطوريات هم العرب والترك ، في حين ان الشعب الثالث الشعب الايراني لم يفعل ذلك رغم انه كانت له حضارة وامبراطورية دمرها العرب . فتزاوج الانتقام من العرب مع الرغبة العاتية في اعادة بناء امبراطورية فارسية باسم الاسلام ليلد لنا مخلوقا شرسا ويغلق عقله على حلم امبراطوري مهما كان الثمن فادحا على المسلمين ! من هنا فان هذه الاطراف الثلاثة تعادي الوحدة العربية وتشجع العمل على اقامة الوحدة الاسلامية شكليا ليس فقط لانها تعرف انها مستحيلة نتيجة انعدام عنصر التعاقب ، أي قيام الوحدة العربية اولا كتمهيد للوحدة الاسلامية ، بل ايضا لانه يسمح بتعليق الامال على ما هو بعيد جدا ، وهو اقامة وحدة اسلامية ، وطمر الامال بما هو ممكن قريب ودائم وفعال وتصل اهميته، اذا تحقق ، الى حد تغيير قواعد الصراع والتوازنات الستراتيجية القائمة اقليميا وعالميا ، وهو الوحدة العربية .

ان الدعوة الاممية الدينية المعادية للقومية العربية ، لا تنتج مخاطر مستقبلية كبيرة على الغرب الاستعماري والصهيونية بل هي دعوة ملغومة ومرحلية تستهدف بالدرجة الاولى اضعاف القوى القومية في ساحة الصراع الرئيسية ، من خلال تكفير القوميين العرب ووصف القومية العربية بكلمات عدائية خالية من العقل والادراك والحكمة ، مع ان القوى القومية هي التي تخوض وتقود الصراع التحرري الرئيسي منذ اكثر من قرن . يعرف العدو ان استبدال الوحدة القومية السهلة الفهم والممكنة التحقيق بما هو بعيد جدا ، وهو الوحدة الاسلامية، يخدم خطة الغرب في تشتيت الجهود واستنزافها في صراعات بين المسلمين حول موضوع ترتيب الأولويات فيصبح الشكلي جوهري والجوهري شكلي ! ان تفتيت او اضعاف الرابطة القومية العربية ، او مناهضة قيام الوحدة العربية ، كما فعلت وتفعل ايران في زمن الشاهين الافندي محمد رضا والمعمم خميني ، سيقود تلقائيا وحتميا الى زيادة الفرقة والتباعد بين شعوب العالم الاسلامي .

ان الاصولية الدينية المتطرفة لا تضعف الهوية القومية للعرب فقط ، بالنظر الى القومية العربية ( كفكر صليبي مستورد من الغرب ، كما يقول فطاحل هذه الجماعات الظلامية ! ) ، وهي نظرة بقدر ما هي انشقاقية فانها تعبر عن جهل فاضح بالتاريخ والحاضر وبمفاهيم الوطن والامة والدين ، بل ايضا ان هذه النظرة تقود الى تكفير القوميين العرب وتشن حملة اجتثاث ضدهم ، مما يؤدي حصول انشقاقات عدائية بين القوى الوطنية التي يفترض وقوفها متحدة ضد الاستعمار والصهيونية واشعال حروب وفتن سياسية بين القوميين والاسلاميين لا تخدم الا العدو الخارجي.

ولكي تكون الصورة الواقعية واضحة ننبه الى حقيقة بارزة وهي ان الفكر الديني المتطرف والعادي يجد له الاف المنابر بدعم السلطان العربي وسيده وعبر فضائيات لاحصر لها ، تروج يوميا وعلى مدار الساعة لأفكار تضع الاسلام ضد القومية العربية دون السماح للقوميين العرب بالرد او انشاء منابر تدافع عن القومية العربية ! ولهذا فان من بين اهم الاسئلة الموحية والمهمة جدا السؤال التالي : لم تسمح امريكا والصهيوينة للانظمة العربية ببث الاف الساعات يوميا من الدعاية ضد العروبة باسم الاسلام وتمنع القوميين العرب من الرد او فتح منابر مماثلة ؟ ان الجواب واضح وهو ان العروبة هوية قومية سهلة الفهم لا تعقيدات كثيرة تحيط بها ومنغرزة في نفوس العرب ، واذا انفتحت الابواب امامها وقامت الوحدة العربية فان تاريخ البشرية سيتغير وسيصبح العرب امة الريادة عالميا كما كانوا ، وسيعود الاسلام دين دولة الله على الارض .

ان القومية العربية بهذا المعنى هي الممهد الطبيعي والوحيد لقيام دولة الله في الارض مجددا واستئناف الخلافة الراشدة في بغداد ، لانها ، أي القومية العربية ، هي عمود الخيمة وبدونها لا خيمة ولا بناء .

ان السماح للفكر القومي بان يدافع عن نفسه ، ولو بتوفر ساعة واحدة مقابل كل الف ساعة بث من الدعاية لاسلام ملتبس غير اسلامنا سوف يضمن ابعاد الاسلام عن حلبة التناقض مع العروبة ، وسيؤدي ذلك الى مزاوجة طبيعية وتكاملية بين العروبة والاسلام ، وتلك هي مقدمة الوحدة العربية والطريق المفضي لوحدة اسلامية عمادها وحجر الزاوية فيها الوحدة العربية وليس العكس .
ان العربة لا تسير حينما نضع الحصان خلفها بل يجب ان يكون في مقدمتها لضمان ان تسير.

الصنم الثالث يغوث : حتمية لعبة الدومينو

كما في لعبة الدومينو فان سقوط حجر سيعقبه سقوط احجار اخرى ، ولعبة ايقاظ التطرف الاسلامي وصعوده سيؤدي بالحتم والضرورة ، على مستوى العالم ، لايقاظ وصعود الاصوليات المسيحية واليهودية والهندوسية وانغماسها في صراعات دموية وحاسمة مع الاسلام ، وتكون النتيجة هي تراجع التناقض الرئيسي عالميا ، وهو الصراع ضد الظلم والاستغلال الغربيين ، وطغيان الصراعات الدينية فتضيع الحقوق المشروعة للمحرومين والمضطهدين طبقيا . كما يسمح ذلك بتجنيد الملايين من الناس عالميا ، وفي الغرب بشكل خاص ، خلف حكوماته دفاعا عن معتقدات دينية ( مسيحية وهندوسية ويهودية ...الخ ) مهددة بالاسلام (المتطرف والعنيف) ، كما يروج الاعلام الجماهيري الغربي . وهكذا يصطف العالم في معسكرين جديدين متحاربين ومتعاديين هما معسكر الامم غير الاسلامية ومعسكر العالم الاسلامي .

واخيرا وليس اخرا فان صعود الاصوليات الدينية وحلولها محل القوى الوطنية والتقدمية في العالم الثالث يحول القواعد الشعبية التي تستند اليها هذه القوى الى تيارات دينية متطرفة وتصبح القوى الوطنية قوى ثانوية في المجتمع ، فيقف الظالم والمظلوم في الغرب سوية متحالفين ضد الظالم والمظلوم في العالم الاسلامي، مع ان المطلوب هو تحالف المظلومين في كل العالم ضد الظالمين في كل العالم . ما هي أثار ذلك علينا من حيث حل المشكلة الاجتماعية ( الفقر والامية مثلا ) والتي تعد السبب المباشر للمشاكل الجوهرية في المحتمع ؟ ببساطة ووضوح تامين ان جعل الصراع السائد في العالم هو صراع حضارات يسمح بنجاح الغرب بشن حروب صليبية جديدة علينا باسم محاربة ما يسمى ب( الارهاب ) الاسلامي ، كما يسمح ببقاء الانظمة شبه الراسمالية شبه الاقطاعية والطفيلية في العالم الاسلامي والوطن العربي ، ودعمها بستار ديني مزيف .

وطبقا لامريكا والصهيونية فان الحاق الهزيمة او الضعف بالقوى اليسارية والاشتراكية والقومية التقدمية رهن بصعود الاصولية الدينية بعد ان هزمت الايديولوجيا البورجوازية امام اليسار والقوى التحررية في العالم الثالث منذ السبعينيات بشكل حاسم كما اعترف بريجنسكي في كتابه ( بين عصرين ) . ومرة اخرى واخرى نعود الى مثال العراق لانه غني جدا ، فلولا الحملات الدموية ضد البعث تطبيقا ل(قانون اجتثاث البعث) وقتل عشرات الالاف من البعثيين ومطاردة البقية لما كان بالامكان تصور ، حتى تصور، نشوء وانتشار جيش المهدي وعصابات الموت وفرقه والتي تتستر بالاسلام الطائفي بعد نزع الهوية الوطنية لاجل عيون ملالي قم !

ان استيقاظ الاصوليات الدينية المتطرفة يتيح الفرصة للراسمالية الامريكية ، التي فقدت زخمها الذاتي مذ شاخت ، لاستغلال الاصولية المسيحية والاصولية اليهودية والاصولية الهندوسية للوقوف سوية (ضد الخطر الاصولي الاسلامي ) الذي يعادي كل هذه الاصوليات ويتنافس معها على التبشير الديني ونشر الدعوة الدينية ، مما يؤدي الى وقوع نمط جديد من الحروب ،( العسكرية والسياسية والدعائية والاقتصادية ...الخ ) لا تنطلق ظاهريا من الاهداف التقليدية للاستعمار والصهيونية ، واهمها التوسع والنهب في العالم الثالث ، بل تنطلق لتحقق هدف (منع المسلمين من غزو العالم وفرض ديانتهم وثقافتهم الوحشية والبربرية ) كما تقول الدعاية الغربية والصهيونية ! في حين ان الهدف الجوهري والحقيقي هو نهب العالم الثالث ، خصوصا الوطن العربي، حيث القسم الاعظم والاخطر ستراتيجيا من الطاقة الاهم في العالم وهي النفط ، والذي يمكن من يسيطر عليه ان يستعمر العالم دون حروب عسكرية ، لا تستطيع امريكا خوضها وتحمل كلفها كم اثبتت تجربة غزو العراق .

ان التصدي ( لخطر الاصولية الاسلامية التي تهاجم مواطني الاصوليات الاخرى) سيكون الرافعة الاساس لتحالف الاصوليات الدينية ضد الاسلام والمسلمين ، وبذلك تحقق امريكا هدفين جوهريين لم ولن تستطيع تحقيقهما بقوتها العسكرية المتفوقة ابدا ، الهدف الاول هو تغيير طبيعة الصراع ، من كونه صراعا بين نهابي العالم الراسماليين وضحاياهم الطقبات المستغلة في المركز الراسمالي وشعوب العالم الاخرى ، وجعله صراعا بين امريكا التي تقود عالما يتالف من امم العالم غير الاسلامية من جهة والاسلام من جهة اخرى . وهذا التغيير في طبيعة الصراع يغير الاولويات العالمية والاقليمية ويسمح بجعل ما يسمى (الخطر الاصولي الاسلامي) على كل العالم غير الاسلامي محرك تحشيد الجماهير البسيطة في العالم غير الاسلامي ضد (ارهاب وخطر) الاسلام ، وتهيئته لكل الاجراءات ، بما في ذلك الغزو والحرب الدموية التي تشبه الحروب الصليبية من حيث الغطاء الديني المستخدم لاخفاء اهداف النهب الاستعماري .

اما الهدف الاخر الجوهري فهو تعويض الراسالمية الشائخة والعاجزة عن الاستمرار في زعامة العالم وعن منع القوى الصاعدة ، مثل اوربا واليابان وروسيا والصين والهند ، من لعب دور قيادي ينتزع من امريكا جزء من كعكة العالم ثم قد يحرمها من كل الكعكة لاحقا ، تعويضها عن طريق احتكار نهب العالم من قبل الشركات الامريكية بافتعال الحروب الناتجة عن تهديدات دينية مفتعلة ، وهذا النوع من الصراع هو عبارة عن ادخال الراسمالية الامريكية غرفة انعاش ضخمة تعطل احتضارها وتزرقها بدم شاب جديد وهو حل يساعدها على البقاء مسيطرة على قمة هرم العالم لزمن ممتد مضاف .

الصنم الرابع مناة: الاصولية قابلة الحروب الطائفية

على المستوى الستراتيجي ان تشجيع امريكا للاصولية الدينية يتيح الفرص في مراحل متقدمة من الصراع لشق وتفتيت العالم الاسلامي واغراقه بدماء ابنائه ، من خلال تحويل الصراع الرئيس في الوطن العربي والعالم الاسلامي من صراع ضد اعداء المسلمين ومستغليهم ، الى صراع بين طوائف المسلمين . فالشيعي يريد نشر التشيع في اوساط السنة والسني يريد الحفاظ على مذهبه ! هذه القاعدة التشرذمية ، الكامنة في قلب أي مشروع طائفي ، تقود حتما الى ان يعتقد الطائفي الشيعي ان المسلم السني (ناصبي) مضلل يجب اعادته بالقوة وغيرها الى طريق ال (البيت ) ! والطائفي السني يعتقد ان المسلم الشيعي (رافضي) يجب استئصاله ! تلك لعبة فعالة تؤمن تقسيم المسلمين واشعال الحروب والفتن بينهم ، وتستطيع امريكا واسرائيل استخدامها بسهولة من اجل تصفية ما تسميه ( الخطر الاسلامي ) دون خوض حروب مكلفة لها مع المسلمين . كما ان ايران تستخدمها لتبرير التدخل بمختلف الوسائل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى كما يشير الدستور الايراني صراحة .

بل يكفي تشجيع المسلم الشيعي على الاعتقاد بانه مظلوم من قبل السنة وان عليه ازالة الظلم بنشر التشيع في العالم الاسلامي ، فاذا وقع في هذا الفخ صار طائفيا حتما ، كما انه سيجد نفسه وقد وقع في فخ اخر هو الفخ الايراني . ان فكرة المظلومية الشيعية والمظلومية الكردية روجت لها امريكا قبل ايران لاجل التمهيد لغزو العراق وتسهيله . هل تتذكرون مصطلح (عرب الاهوار ) ؟ هل تعرفون من نحته وروجه مؤقتا ؟ انه الاعلام الامريكي في اطار الاعداد لغزو وتقسيم العراق ، ولكيسنجر نظرية صريحة بهذا الصدد وهي ان حل (مشكلة الشرق الاوسط) يتطلب تطبيق (سياسة النثار) في الوطن العربي ، أي جعله نثارا وهي سياسة مشتقة من الستراتيجية الاسرائيلية القائمة على تشطير الوطن العربي على اسس عرقية وطائفية .

لكن امريكا واسرائيل وايران ، من جهة اخرى تشجع المسلم السني على الاعتقاد بان الدعوة للتشيع تهدد طائفته فاذا وقع في الفخ صار طائفيا يتصرف وفق مصالح الطائفة وليس الوطن او الامة العربية ! والجرائم التي ارتكبها فيلق بدر وفيلق الصدر والعصابات الامريكية ضد السنة العراقيين تقع ضمن هذا الاطار . ان اخطر مثال على ذلك هو ان ايران خميني قد وضعت خطة خمسينية تقسم الى خمسة مراحل كل مرحلة منها تستمر عشر سنوات هدفها تحويل السنة الى شيعة بمختلف الطرق المتاحة ، وتصدير الثورة بمختلف اشكالها الى العالم الاسلامي . وهذه الخطة كانت ومازالت السبب الذي اشعل الحرب العراقية الايرانية ، والصراعات المختلفة مع الاقطار العربية ، التي ادركت ، من خلال النشاط التبشيري الايراني للمذهب الصفوي ، انها معرضة لفتن داخلية تهدد الوحدة الوطنية وتحول التركيز الاساس من المواجهة مع الغزوات الامريكية - الصهيونية الى التركيز على الخطر الايراني والتشيع الصفوي .

ان اخطر نتيجة للدعوة التبشيرية الاسلامية بين المسلمين هي انقسام المسلمين الى طائفتين تتقاتلان حتى الانهيار وفقدان القدرة على رد التهديدات الخارجية خصوصا الغربية والصهيونية . اذن الاصولية الدينية المتطرفة في مختلف الطوائف تستبطن عوامل اهلاك المسلمين ، بعكس الاصولية القومية التي توحدهم وتستبعد أي معيار طائفي – ديني يقسم العرب ، لانها تقوم على فكرة المواطنة المتساوية والانتماء الواحد لهوية وطنية وقومية . لذلك فان الاصولية القومية عامل توحيد لا يمنح العرب القوة للدفاع عن انفسهم فحسب بل ايضا يمتن قوتهم ويضاعفها ويغلق طرق الاعداء لأكلهم طرفا بعد الاخر . وهذه الحقيقة اكدتها دراسة امريكية حديثة تحت عنوان (التقسيم في الاسلام) تضمنت خطة عرضها جيمس كيرث ، استاذ العلوم السياسية ، تقضي بتعميق التقسيم والتفرقة بين الشيعة والسنة في العراق مما يؤدي إلي حرب أهلية تنتقل إلي جميع الدول المجاورة تصل إلي حد المواجهة النووية بين إيران وباكستان. وتعتمد هذه الاستراتيجية علي عدة تقسيمات مختلفة داخل العالم الاسلامي أولها تقسيم بين المسلمين المعتدلين والمتطرفين، وثانيها بين المسلمين السنة والشيعة.

ويري جيمس كيرث ان العنف الطائفي المتنامي بين السنة والشيعة في العراق يعجل بالتقسيم في هذا البلد ولكن هذا التقسيم والصراع يعتبر من سمات بعض الدول الاسلامية الأخري وخاصة لبنان وسوريا والسعودية وباكستان. ويضيف الباحث قائلا :وإذا أصبح الصراع السني الشيعي قويا ومنتشرا مثلما كان الصراع داخل الاتحاد السوفيتي خلال الثلاثة عقود الأخيرة من الحرب الباردة ، ستصبح الحركة الاسلامية العالمية بلا معني علي الاطلاق حيث سيكون في العالم الاسلامي سنة إسلاميون وشيعة اسلاميون ولكن كل منهما سيعتبر الآخر عدوا له وليست الولايات المتحدة . (مجلة الاسبوع المصرية ترجمة دعاء محمود).

اذن فالاصولية الدينية المتطرفة ، بحكم عمومية افكارها ، تنتج عوامل تقوضها من الداخل : بروز تيارات ( معتدلة ) تضع التعاون مع امريكا ، بصفته امرا لا يتناقض مع الدين كما يفعل السيستاني وشيخ الازهر واضرابهما ، ومقابل ذلك تبقى تيارات اصولية اخرى ترى ان امريكا هي العدو ، وهكذا تستخدم امريكا التيار المعتدل لتصفية التيار المتطرف ! والان على وجه التحديد تعمل امريكا ومعها بريطانيا على اقامة حلف بينهما وبين حركات اسلامية توصف بانها معتدلة لاجل عزل المتطرفين ، وعقدت سلسلة اجتماعات في بيروت وغيرها وحضرها ممثلون عنها .

يتبع

salah_almukhtar@yahoo.com

للعودة الى الصفحة السابقة

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker