Articles to read...

Tuesday, July 26, 2005

وقع الانتصارات ومؤتمر بيروت


حول مايدور من حوار ونقاش حول المؤتمر الذي لم يشهد أي مؤتمر قبله مثل هكذا خلاف ..حول ذلك كتب المحلل السياسي (سعد داود قرياقوس) مقالاً مهماً بعنوان ((وقع الانتصارات ومؤتمر بيروت)) .. وفيما يلي نص المقال:


وقع الانتصارات ومؤتمر بيروت

سعد داود قرياقوس



منذ الأيَّام الأولى لانطلاق المقاومة العراقيَّة الباسلة واتِّضاح معالم فشل مشروع الاحتلال البائس، سعت إدارة بوش وشركاؤها في جريمة استباحة العراق إلى تحجيم مشروع المقاومة وتشويه برنامجها الوطني، وخلق حالة من الضبابيَّة لغرض عزلها عن شعبها، وبالتالي خنقها والقضاء عليها.

وعلى الرغم من استخدامها كلِّ وسائل البطش والإرهاب وعمليَّات الإبادة الجماعيَّة، وتدمير المدن وتشريد الأهالي الأبرياء، إلا إنَّ فصائل المقاومة الباسلة تمكَّنت بشكل رائع من الثبات والمحافظة على مستوى عالي من الزخم القتالي والسياسي، ونجحت في تجاوز كلِّ المعوقات والمطبَّات السياسيَّة والأمنيَّة، والتعامل مع معطيات الاحتلال وأبعاده وصولاً إلى سيطرتها على المتغيِّرات السياسيَّة والقتاليَّة واستيلائها على زمام المبادأة وفرض خياراتها على ميدان المعركة.

إزاء العجز الأمريكي-البريطاني الواضح في التعامل مع مفردات الوضع في العراق وتفاعلاته، ولا سيَّما مفردات الملف الأمني، كان لابدَّ للإدارة الأمريكيَّة من اللجوء إلى أساليب لا تقلُّ قذارة عن تلك التي استخدمتها في تسويغ احتلالها لشعب العراق، فلجأت إلى خلط الأوراق وخلق ما يطلق عليه "المقاومة المضادَّة"، وتسويق كلِّ صيغ التمويه وأساليبه، والالتفاف على المقاومة الوطنيَّة وقيادتها وبرنامجها الوطني.

ولعلَّ أكثر مشاريع سلطة الاحتلال مدعاة للسخرية والازدراء، قيامها مؤخَّرًا بتقديم عناصر مرتبطة بمشروعها القذر، ممَّن ساهمت بشكل مباشر في تدمير الدولة العراقيَّة، واستباحة شعب العراق، على كونها وجوه مرتبطة بالمقاومة العراقيَّة أو كونها تمثِّل المقاومة، أو على علاقات بفصائل المقاومة. وشجعت شخصيات أخرى على خلق تجمعات عشائرية وخاصة في مناطق شمال وغرب بغداد، وتقديم هذه التجمعات على كونها قريبة أو معبرة عن مواقف المقاومة. وبلغت درجة البلاهة واليأس لدى الإدارة العنصريَّة لتقديم عميل صغير كأيهم السامرائي كوجه مقاوم! أو شخصيَّة تمثِّل ما أطلق عليه أيهم الصغير "المهمَّشين" أو القوى المهمَّشة! والم لاحظ أنَّ هذه المشاريع والوسائل الالتفافية المشبوهة أخذت بالتصاعد طرديا والتنوُّع مع تصاعد زخم المقاومة واتِّضاح معالم الانتصار العراقي المؤكَّد.

إنَّ أخطر ما تواجهه المقاومة العراقية خلال هذه المرحلة لا يتمثَّل في عمليَّات البطش والتعرُّض العسكري لقوَّات الاحتلال ، بل يكمن في محاولات الالتفاف على مشروع المقاومة من خلال طرح مشاريع بديلة لغرض التشويش على برنامج المقاومة، وبالتالي زيادة حالة الضبابيَّة بشكل يخدم مشروع الاحتلال. ففي خلال الأشهر الستَّة الماضية شهدت الحركة السياسيَّة أكثر من محاولة يائسة للقفز على مشروع المقاومة عن طريق تقديم مشاريع هزيلة من عناصر لا تمتلك أيَّة مشروعيَّة أو صفات تخوِّلها تقديم مثل هكذا مشاريع.

هذه الظاهرة المرضيَّة المتعارف عليها في الأدبيَّات السياسية بـ "وقع الانتصارات"، ليست حصرا على التجربة العراقية بل ظاهرة شهدنها جميع حركات التحرر الوطني، وهي ظاهرة تتمثَّل في سعي إطراف هامشيَّة وانتهازيَّة ووصوليَّة للإستحواذ على جهد المقاومين وتجيِّره لحساب مصالحها الأنانية الضيَّقة. لقد شهد الوضع السياسي العراقي خلال الأشهر المنصرمة بروز ظاهرة قيام أطراف عراقيَّة في التحدُّث باسم المقاومة والمقاومين بعد أن صمتت لأكثر من عامين. وقيام حركات سياسيَّة هامشيَّة في منح نفسها صفات تمثيليَّة وهميَّة، إلى جانب قيام أطراف أخرى بتنظيم مؤتمرات خارج العراق لبحث مستقبل العراق. هذه المحاولات اليائسة والمفضوحة ساهمت ومازالت تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في التشويش على مشروع المقاومة وتخدم مخطَّط الاحتلال أدرك القائمون عليها محصلة أفعالهم أم لم يدركوا.

انطلاقًا من هذا الفهم لمحاولات ومخططَّات، يجدر بنا التوقُّف إزاء مشروع المؤتمرات والندوات التي تعني بالشأن العراقي ولا سيَّما تلك التي تحاول طرح مشاريع إنشاء جبهات أو تجمًّعات لمواجهة الاحتلال بعيدًا عن أطر المقاومة العراقيَّة وبرامجها، سواء تلك التي تنظِّمها جهات وإطراف عراقيَّة أو مؤسَّسات عربيَّة أو دوليَّة. من هذا المنطلق، سنتعامل مع المؤتمر الذي ينظِّمه مركز دراسات الوحدة العربيَّة في بيروت في بداية الأسبوع المقبل دون أيَّة مجاملة أو محاباة.

ثمَّة ملاحظات وتساؤلات لا بدَّ لإدارة مركز دراسات الوحدة العربيَّة، الجهة المنظِّمة لمؤتمر بيروت من التوقُّف أمامها والردِّ عليها لمعالجة القلق المشروع إزاء هذا المؤتمر.

1. لا غبار في أنَّ لمركز دراسات الوحدة العربيَّة الحقَّ المطلق في إقامة ندوات وحلقات الدراسة والبحث وفقًا لبرنامجه ورؤية إدارته. ومن الطبيعي إن ينظِّم المركز ندوات خاصة بأبعاد الاحتلال الأمريكي للعراق وتداعياته. الموضوع الأكثر أهميَّة لشعوب الأمَّة العربيَّة. لكن هنالك فرقًا واضحًا بين ندوة دراسيَّة أكاديميَّة أو مؤتمر مخصَّص لبحث مستقبل العراق ودراسته، وبين ندوة تخصَّص لبحث مشاريع خاصَّة بتحديد مستقبل العراق وتشكيل جبهة وطنيَّة عراقيَّة. من الواضح جدًّا، ونعتقد في أنَّ إدارة المركز لن تختلف معنا اذا ما طرحنا بأنَّ المركز لا يملك الأهليَّة والشرعيَّة المطلوبتين لقيام بهذه المهمَّة، ولا يملك صلاحيَّة الضلوع في هذه المهمَّة و تحديدا ليس المركز معنيا في تسهيل عملية ولادة جبهة عراقية سياسية قد تطور صيغتها مستقبلا إلى حكومة تعطي لنفسها الحق في مقايضة المحتلين والاتفاق معهم بعيدا عن برنامج المقاومة العراقية وبشكل يضر في مصالح العراق . إنَّ هذه الندوة، بلا شك، تمثِّل خروجًا عن المهام المناطة بالمجلس وخروجا عن دوره المألوف. . إنَّ قراءة متمعِّنة لجدول الأعمال المؤقَّت للندوة، تعكس بوضوح من أنَّ الهدف الحقيقي من إقامتها يتجاوز مسألة البحث المجرَّد في الشأن العراقي، وينصُّ على العمل على إيجاد آليَّات لرسم مستقبل العراق وخلق تنظيم سياسي لتنفيذ تلك الأفكار والمقترحات. الفقرة الأولى من جدول الأعمال تشير إلى أنَّ المشاركين سيناقشون "مشاريع" لعراق المستقبل. إذًا، الندوة ستناقش "مشاريع" وليس أفكارًا أو طروحات. والقائمون على إدارة الندوة وجلُّهم من حملة الشهادات العليا يتَّفقون معنا في أنَّ هناك فرقًا بين كلمتي "مشاريع" و"أفكار". أنَّ صياغة الدستور وقوانين الأحزاب وإعادة الإعمار والنفط والسياسة النفطيَّة وإعادة تشكيل الجيش العراقي والمسألة الكرديَّة وغيرها من المواضيع التي طرحتها إدارة الندوة تحديدًا، هي مواضيع حيويَّة تتعلَّق بمصير شعب العراق وأجياله القادمة، وبالتالي فإنَّ صلاحيَّة تحديد ملامحها المستقبليَّة تبقى حصرًا بشعب العراق وقواه الوطنيَّة الحقيقيَّة، وعلى رأسها قيادة المقاومة العراقيَّة دون سواها. ومن المؤكَّد بأنَّ القائمين على الندوة والمشاركين فيها على الرغم من تاريخ بعضهم السياسي لا يملكون الصلاحيَّة والأهليَّة الشرعيَّة لتحديد مستقبل العراق
2. مع تقديرنا لجهود العديد من الشخصيَّات السياسيَّة المشاركة في الندوة ومساهماتهم الإعلاميَّة والسياسيَّة والفكريَّة، إلاَّ أنَّ هناك تغييبًا واضحًا لأصوات عراقيَّة سياسيَّة معروفة، ولا سيَّما تلك التي وقفت بشكل صلب وواضح في مجابهة مشروع الاحتلال منذ الأيَّام الأولى لاستباحة بغداد. ثمَّ كيف يمكن لندوة يراد منها الخروج بقرارات وطنيَّة، وقيام جبهة وطنيَّة واسعة لمجابهة مشروع الاحتلال يكون أحد عناصرها الأساسيِّين عبد الحسين شعبان، أمين سر مؤتمر أحمد الجلبي سييء الصيت! هذا العنصر الذي ساهم بكلِّ نشاط وحماس في التمهيد لاحتلال العراق وخلق مبرِّرات شن العدوان على شعبه! كيف يمكن لمؤتمر يشارك في أنشطته عناصر تطلق على المقاومة العراقيَّة صفة الإرهاب! وتطلق على الاحتلال الأمريكي القذر صفة التغيير! أيَّة نتائج تلك التي ستخرج بها ندوة يسيطر على نشاطاتها عناصر طائفيَّة ترعرعت في لندن وفي دعم ماليِّ وسياسيٍّ ورعاية مباشرة من الدوائر البريطانيَّة والأمريكيَّ! عناصر طائفيَّة شعوبيَّة!

قد تعلِّل إدارة المركز بأنَّ الهدف الأساس الموسوم من الندوة يكمن في إنَّها قد توفِّر أرضيَّة أو مناخ ملائم لقيام جهد عراقي سياسي منظَّم، وإنشاء جبهة عراقيَّة موحدَّة لمجابهة مشروع الاحتلال البغيض. والواقع أنَّ الفقرة الثالثة من جدول الأعمال المؤقَّت للندوة تشير إلى "سيخصَّص اليوم الرابع من الندوة للمشاركين الراغبين بالمشاركة في مناقشة إقامة جبهة وطنيَّة عراقيَّة للتحرير والديمقراطيَّة والاتِّفاق على أهداف الجبهة ونظامها الأساسي والداخلي."

هنا، في نقديرنا، تكمن خطورة الندوة. نقولها بوضوح وبدون أيَّة مجاملة أو مواربة. إنَّ تشكيل مثل هذا الجبهة وقيامها منبثقة عن هذا المؤتمر سيشكل عمليَّة التفاف مشبوه على برنامج المقاومة العراقيَّة الباسلة وقيادتها. ويشكِّل محاولة يائسة لإجهاض المقاومة، وخطوة تسههم في التشويش على برنامجها الوطني. قيام مثل هكذا جبهة في هذا الوقت لا شكَّ في أنَّه عمل ينصبُّ في دعم الجهد ألاحتلالي، ويساعد على إنجاح مشروع الاحتلال وتثبيت مؤسَّساته.

هذه المحاولة، لا يمكن تفسيرها إلاَّ كونها محاولة لطعن المقاومة العراقيَّة والقفز على حقوق شعب العراق. محاولة ستتصدَّى لإفشالها كلُّ القوى العراقيَّة المؤمنة بشرعيَّة المقاومة وضرورة مشروعها.

ثمَّة مسلَّمات وطنيَّة أفرزتها التجربة النضاليَّة لشعب العراق خلال المرحلة الماضية، ولا بدَّ لإدارة الندوة والمشاركين فيها من التوقُّف أمامها بروية وأخذها بنظر الاعتبار:

أوُّلاً: إنَّ الموقف السياسي في العراق واضح وبسيط، وبشكل لا يمكن لأيِّ متابع أو مراقب أن يخطأ في قراءته أو تفسيره. ففي العراق المحتل اليوم هنالك خندقان لا ثالث لهما. خندق قوَّات الاحتلال والقوى المساهمة معه في تدمير الدولة العراقية وإذلال شعب العراق، وخندق المناهضين لهذا المشروع الاستعماري البشع، الذي تتلاحم فيه الفصائل السياسيَّة الوطنيَّة، والأغلبيَّة المطلقة من شعب العراق بقيادة القيادة الموحَّدة للمقاومة العراقيَّة وتوجيهها.
ثانيًا: إنَّ القيادة الموحَّدة للمقاومة العراقيَّة، ونتيجة لجهودها وتضحياتها الكبيرة غدت اليوم الممثِّل الشرعي الوحيد للشعب العراقي. وانطلاقًا من هذه المسلَّمة، فإنَّها الجهة الوحيدة القادرة والمؤهَّلة للتعبير عن طموحات شعب العراق والقادرة على المحافظة على حقوقه التاريخيَّة. ولها وحدها الحقُّ المطلق بالتعاون مع الفصائل السياسيَّة المناهضة للاحتلال في احتكار رسم المستقبل السياسي للعراق الديمقراطي. وعليه، فإنَّ أيَّة محاولة للقفز على هذه المسلَّمة ستتقاطع بدون شك مع المصلحة الجمعيَّة لشعب العراق، وستسهم في تعضيد الجهد ألاحتلالي، وفي نجاح المشروع ألصفوي الجديد في عراق العروبة.
ثالثًا: من الواضح أنَّه، مع تعدُّد فصائل المقاومة واختلاف هويَّاتها الوطنيَّة والقوميَّة، إلاَّ أنَّ الغالبيَّة العظمى من عمليَّات التصدِّي لقوَّات الاحتلال وعملائها يعود شرف تنفيذها إلى الفصائل الوطنيَّة العراقيَّة التابعة لحزب البعث العربي الاشتراكي. ومن دون أن نبخس حقوق الإطراف الأخرى ومساهماتها، فجهد الرفاق البعثيِّين واضح ولايمكن أن ينكره أيُّ مراقب منصف.

إنَّ تجاوز هذه المسلَّمات من أيِّ طرف مهما كان تاريخة السياسي، يشكِّل إجهاضًا لجهود المقاومين وقفزًا على برامج المقاومة، والتفافًا على مشروعها الوطني في هذا الظرف الدقيق من تاريخ شعبنا. فأي مشروع يتقاطع مع هذه المسلمات يبقى مشروعا ناقصا لا تتوفر فيه عناصر الوطنية والنزاهة، وبالتالي فانه سيخدم المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.
إنَّ أفضل ما يمكن للندوة أن تخرج به، في تقديري، هو أن يقتصر بيانها الختامي على فقرة واضحة محدَّدة وخالية من أيِّ عناصر العموميَّة وبشكل لا لَبَسَ فيه. فقرة تنصُّ على أنَّ قيادة فصائل المقاومة العراقيَّة المشروعة هي الممثِّل الشرعي الوحيد لشعب العراق، وأنَّ لها دون سواها الحقَّ في رسم مستقبل العراق وتحديده.
إنَّ من المسلَّم به أنَّ جميع المشاريع الوطنيَّة سواء خلال مرحلة التحرير أم في مرحلة إعادة بناء الدولة العراقيَّة المستقلَّة والحرَّة سيتمُّ تحديد سماتها وأولويَّاتها من المقاومين والفصائل السياسيَّة الداعمة لبرنامج المقاومة بشكل علني وواضح. أمَّا محاولات القفز على هذه المسلَّمات أو مشاريع إجهاض المقاومة وتغيير دفَّتها تبقى مجرَّد مشاريع يائسة لا تستحقُّ سوى الازدراء والتصدِّي.

للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــــد

Monday, July 25, 2005

رد اولي على باقر ابراهيم


في ردهِ على الكاتب الشيوعي (باقر إبراهيم) ذكرَ المحلل السياسي البعثي صلاح المختار وهو يدافع عن موقفٍ مبدأي شجاع وشريف وأتفق معهُ كلياً (كما يبدوا لي أنّ المختار سيواصل التعليق على ماكتبهُ باقر إبراهيم وذلك لأنهُ إعتبر أن ردهُ الحالي (أولياً !!) وفيما يلي النص الكامل لرد المختار:



رد اولي على باقر ابراهيم

صلاح المختار



قبل كل شيئ اود التاكيد على انني لا اريد ان انكأ الجراح بل ان اساهم في تضميدها ، لكن التضميد لا يعني ان ندس الفلفل تحت الضمادة لنجعل الجريح يعاني من حرقة مستديمة ، وعندما يصرخ تالما نقول له انت تسبب الصداع ! مقال السيد باقر ابراهيم ، المنشور في عدة مواقع منها الكادر ودورية العراق ، كما هو واضح مكرس لدعم مؤتمر بيروت ، وجاء عقب عدم نجاح السيد خيري الدين حسيب في ايضاح اي شيئ باتجاه طمأنة الاخرين، بل بالعكس زاد من الشكوك في اهداف المؤتمر بعدم الرد الواضح والاكتفاء بكلمات عمومية، من هنا فان تصدي السيد ابراهيم للرد مؤسف ،لانه يضع نفسه في مكان كنا نتمنى ان لا يكون فيه . على اي حال ، اريد هنا ان ارد بشكل اولي على ما كتبه وساعود لاحقا في مقال اخر للرد على بقية التعميمات التقليدية التي وردت في المقال ، وبالاخص نقد من يسميهم ( ممجدي الماضي بكل ما فيه). يقول : (مطلوب من هذه القوى ايضا ان تنتبه الي اضرار طروحات من يلجأون الي تمجيد الماضي بكل ما فيه ! (من الواضح ان المقصود هو البعثيين ، وانا اولهم، لانني كتبت دفاعا عن الحزب، ربما اكثر من غيري، بعد الغزو واختيار الاحتلال شعارا فاشيا دمويا هو(اجتثاث البعث ) ، فكرا وتنظيما وافرادا . ماذا تتوقع منا ايها الاخ الفاضل ؟ هل نرتد ونتخلى عن حزبنا في اقسى ظروفه ، وهو يخوض اشرف معارك الامة والانسانية وذلك موقف لا اخلاقي ولا وطني ولا رجولي ؟ ام نختار الدفاع المجيد عن حزبنا سواء كانت له اخطاء او لم تكن ؟ هل تذكر انك كنت من بين القلة من المناضلين الشيوعيين الذين لم يساوموا وكانوا يعيدون تنظيمات الحزب كلما ضربت، وهو لا يتحدث الا عن عظمة حزبه وامجاده ويضع خلفه اخطاء الحزب الشيوعي ؟ نعم انني اكرر وباصرار لن ينهيه الا استشهادي ،انني بعثي واعتز ببعثيتي وسابقى مدافعا عن حزبي حتى النصر ، عندها ، وعندها فقط ، سابدأ بنقد اخطاء حزبي وداخل الحزب وليس خارجه، من اجل ان يخرج الحزب كمؤسسة نضالية بتقويم موضوعي للمرحلة السابقة بايجابياتها وسلبياتها . نعم اننا اخطأنا في بعض القضايا ، ، ولكن الحديث عنها ونقدها لن يتم قبل التحرير . ان من يطالبنا الان بنقد اخطاء الحزب لا يدرك انه ربما يساهم في شق اكبر تنظيمات المقاومة ، لان من يقاتل الاحتلال يجد غريبا الطلب منه نقد الماضي، وان من يضغط علينا باسم اخطاء الحزب لا يسهل مهمتنا التقويمية ابدا، خصوصا وان اكثر من يفعل ذلك ، ينطبق عليه المثل الشهير : ( من كان بيته من حجر، يجب ان لا يضرب الناس بالحجارة).

من هنا، ايها الاخ الفاضل، نحن لا نمجد الماضي بقدر مانحن نمجد الحاضر المشرق (المقاومة المسلحة ) لحزبنا ، وندافع عن انجازات الماضي العظمى ، والتي عاش ثمراتها كل عراقي ، فلئن بقيتم في الحزب الشيوعي تمجدون القانون رقم 80 الذي اصدره قاسم ، وعلى اساسه تعدونه قائدا وطنيا ونحيتم طابعه الديكتاتوري الدموي ونسيتموه ، وكان السبب الرئيسي في الاحتراب الوطني ، والذي، اي القانون 80، حدد بموجبه اماكن استثمار الشركات الاحتكارية لنفط العراق، فان لدى البعثيين تاميم النفط وهو اجراء جذري تجاوز في قيمته واهميته القانون المذكور ، وللبعث انجازات عظمى لا تحصى ، كالتعليم المجاني والطب المجاني وازالة الامية وبناء جيش العلماء والمهندسين وغير ذلك، ومع ذلك تركزون على وصف النظام الوطني البعثي ب( الديكتاتورية ) .فهل في تذكيرنا بانجارات البعث خطأ ؟ ومن اين اتتك فكرة اننا لا نريد نقد الماضي ؟

اما النقطة الاخرى التي اريد مناقشتها فهي الفقرة التالية :تقول (وحين يتوجه خطاب بعض الوطنيين ، أو أجهزة أعلامهم ، إلى هذه القوى التي ذكرناها أعلاه ، مطالبا أياها ، بل حتى مشترطا عليها الإقرار (( بأن
المقاومة الوطنية المسلحة هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب العراقي)) ، فلن يعدو ذلك سوى استخدام للشعار الصحيح في الموقع الخاطئ ، والذي يؤدي الى النتيجة الضارة ، فهو يؤدي إلى التباعد والتفريق بدل التقارب والتجميع ) ! هل اصبحت يا سيد باقر المطالبة باعلان ان المقاومة المسلحة هي الممثل الشرعي والوحيد للعراق مصدر تباعد ؟ اذا كان اي وطني لا يستطيع الاعلان عن دعمه للمقاومة المسلحة فكيف يجسد تاييده لها ؟ اننا هنا مرة اخرى امام قضية فقهية قديمة ، وهي دور الاشهار في اضفاء المشروعية على الزواج ، كيف يمكن لاي وطني ان يدعم المقاومة دون اشهار دعمه لها ؟ ان المقصود بالدعم ليس الاغاني والاهازيح المادحة للمقاومة ، بل الموقف الواضح والصلب ، والقائم على استعداد تام للتضحية ، فهل تريد ان تقول ان تجنب الاعتراف بالمقاومة كممثل شرعي ووحيد للشعب العراقي سببه الخوف من الاحتلال ؟ واذا كان الجواب اننا لانخاف من الاحتلال اذن لم ترفض اشهار القناعة بان المقاومة المسلحة هي الاصل وهي مصدر كل شرعية ؟ هل هي ( عقدة البعث ) التي تتحكم في جوانب من مواقفكم ؟ ان مطالبتنا بذلك ليس وضع الشعار الصحيح في الموقع الخاطئ كما قلت ، فدعم الاعتراف بالمقاومة ممثلا شرعيا وحيدا ليس شعارا ، ايها الاخ المحترم بل هو من ممهدات عملية التحرير وشروطها المسبقة ، خصوصا وان الاحتلال يترنح تحت ضربات المقاومة، واعتقد انك تعرف ذلك ، واذا كان من يؤيد المقاومة لا يعترف الان بوحدانية شرعيتها فمتى ينهض بمسؤليته الوطنية ويترجم دعمه لها ؟ بعد التحرير ؟ وانا اسألك : لماذا كنت انت، وانا ايضا، من انصار اعتبار جبهة التحرير الوطني الفيتنامية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفيتنامي اثناء الثورة ضد الامريكان؟ ولماذا اعتبرت انت، وانا ايضا، جبهة التحرير الوطني الجزائرية ، ومنظمة التحرير الفلسطينية وقيادة الثورة الكوبية، الممثلين الوحيدين للشعب في الجزائر وفلسطين وكوبا ؟ ما الذي اختلف ؟هل هوية قيادة الثورة هو الامر الذي يحدد موقفنا من الثورات ؟ هل هي عقدة البعث التي تقرر موقفكم النهائي في قضايا التحرير والثورة ؟ ان كل وطني حقيقي يقف مع الثورة الوطنية ضد الاحتلال الاستعماري ، حتى لوكان من يقودها خصمه اللدود ، اما ان نؤيد الثورة ونشكك بقيادتها ، ونحاول غمط حقها ، فهذا موقف ذاتي لا يخدم قضية تحرير الوطن . ان اولئك الذين يريدون للامم المتحدة ( وهي اداة اغتيال العراق منذ عام 1990) ان تستلم مسؤولية العراق من الاحتلال، لا يفعلون شيئا سوى تسهيل دعم معسكر الاحتلال، ومساهمتهم مباشرة في محاولات تكريسه .، سواء ادركوا ذلك ام لا .

وتقول : (وما يضاعف الضرر ويزيد في الأسف ، أن تستخدم في هذه الخطابات لغة الوجوب ألأمري والاملاءات المتغطرسة ، تجاه الوطنيين من الرأي المختلف ) . هذه الفقرة تستعيض عن مناقشة المسالة الاساسية بمحاولة استفزاز الطرف الاخر باتهامات لا اساس لها ، والا قل لي بربك: هل الاشارة للموقف الصحيح ونقد الاتجاهات الخاطئة غطرسة ؟ لماذا هذا الضرب من الابتزاز والتعمية اللغويين ؟ اننا ، ونحن نواجه اتجاهات خاطئة ملزمون بنقدها , بصرامة ولكن باحترام الطرف الاخر . كما ان من الواجب تنبيه من يطرح برامج خطيرة من بين الوطنيين ، فهل شتمنا احد او اهنا احد ؟ كل ما فعلناه هو اننا نبهنا وطرحنا اسئلة مشروعة حول مؤتمر بيروت ؟ هل تريدون مصادرة حقنا في النقد وانتم من تنادون بالديمقراطية ؟ وكيف يكون حديثك عن رفض الاستبداد، موضع ثقة وانت لا تحتمل طرح راينا ؟ اننا نشعر بالاستغراب من كل هذا الضجيج حول راي ابديناه وتساؤلات طرحناها باسلوب خلا من الطعن !؟


تقول في المقال : (وستكون غريبة جدا وضارة ومستهجنة اثارة التناقضات والحساسيات بين طرفي المقاومة المذكورين ، خاصة حينما تصدر تلك الاثارات ممن هم بعيدون عن ميادين المعركة الاساسية داخل الوطن.) هذه الفقرة مهمة لانها تؤشر وجود شيئ لا نعرفه ابدا ، ولم تعرفه بقية ثورات التحرر الوطني، وهو افتراض وجود طرفين في المقاومة هما المقاومة المسلحة والمقاومة السلمية ! ما هذا التناقض ؟ هل كان انصار الثورة الكوبية والروسية طرفا ثانيا ام مندمجين بالثورة وتحت قيادتها ؟ اي طرفين ؟ المقاومة طرف واحد وليس طرفين ، واصراركم على جعل من يقاوم بالكلمة ، خصوصا من يده بالماء المثلج ، طرفا مقابلا وربما مساويا للمقاومة المسلحة، امر غريب ويؤشر خللا في التوجهات ، لان من يدعمون المقاومة بالكلمة جزء ممتد منها وليس طرف ثان منفصل عنها .اما الاشارة الى من يثير التناقضات والحساسيات فهي مهمة ، وانا اسئلك بالله : من المبادر ؟ نحن ؟ ام من دعى ( وهم بالمناسبة في الخارج ويدهم في ماء ثلج وبعضهم لا يرتوي الا بالكوكا كولا ) لمؤتمر فيه عملاء للاحتلال ، الى جانب الوطنيين من امثالك ود. خيري الدين حسيب ؟ هل نحن من طلبنا الامم المتحدة لانقاذنا من الاحتلال ام الطرف الاخر ؟ هل هذا موقف يمكن السكوت عليه ؟ وهل يدخل في اطار الاجتهاد المقبول ؟ انه ببساطة دعوة صريحة لاغتيال الثورة والتمهيد لاحلال حكومة ، ربما تكون وطنية لكنها بلا جماهير تحمي نقاوتها الوطنية ، فيقوم الاحتلال باحتوائها وتلويثها رغما عنها ، وعندها سيكون المتضرر الاكبر هو العراق ! فهل تقبل ذلك ؟ اننا لم نبادر ابدا، وكل كتاباتنا كانت حول المقاومة ولم نشتم احد او حتى ننقده ، بل الطرف الاخر هو الذي بادر، وتبنى موقفا اقل ما يوصف به هو انه يعبر عن سذاجة سياسية مفرطة يمكن ان تقود الى كارثة وطنية اذا تم تطبيق هذه السياسة .

واخيرا اود ان اذكر بان مؤتمر بيروت ليس بصدد انشاء حزب او جبهة تعمل مثل غيرها بل هو بصدد اعداد دستور للعراق و للاشتراك بالانتخابات في ظل الاحتلال ، فهل يعد هذا الموقف ايجابيا ، ولا اقول وطنيا ؟ لو كان من يؤيدون المؤتمر يعملون دون ادعاء انهم يمثلون (الطرف الاخر ) من المقاومة ( حسب تعابيرك )، او انهم يقولون علنا اننا نؤيد المقاومة لكننا لا نتبنى ستراتيجيتها ، لكان ممكنا تفهم ذلك والتعامل مع هؤلاء كما نتعامل مع التنظيمات القائمة بدون حساسيات او اخذ ورد ، ولكن ان نقول ان الجبهة المقترحة تدعم المقاومة وتحاول استقطاب الناس استنادا لهذا الشعار وصولا لهدف لا صلة له بالمقاومة فذلك امر اخر مؤسف، ومن الواجب نقده دون الانجرار الى مشادات كلامية ، لا يستفيد منها الا الاحتلال .مرة اخرى كنا نتمنى لو لم تنجر الى موقف كهذا يا سيد ابراهيم لاننا نريد ان نبقى ضمن هدف واحد هو دعم المقاومة المسلحة وستراتيجيتها في التحرير.


للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبــــد

Friday, July 22, 2005

رد صلاح المختار على رسالة الدكتور خير الدين حسيب:



من : صلاح المختار الى : د. خيري الدين حسيب المحترم




تحية طيبة
اشكركم على التفضل ببعث رسالتكم ،المؤرخة في 15 -7 – 2005والتي علقت على مقالي الموسوم ب(اسئلة وتساؤلات حول مؤتمر بيروت لدعم المقاومة ) المنشور في عدد كبير من مواقع الانترنيت ، ،وقرات بتمعن ودقة ما ورد فيها من اراء قيمة تستحق النقاش الموضوعي . وانني اذ اؤكد اتفاقي معكم على قسم مما ورد في الرسالة الا ان لدي بعض الملاحظات الجوهرية حول القسم الاخر، لذا ارجو ان يتسع صدركم لمناقشتها بصراحة وعلى نحو يخدم نضال شعبنا .

اولا : وردت في مقدمة الرسالة الفقرة التالية


( أن الهدف الأساسي في عقد هذه الندوة هو بناء أفكار وتصورات تقود إلى انطلاق جبهة وطنية عريضة لتدعيم وحماية وتعزيز جهاد المقاومة العراقية الباسلة، ووضع تصور لبرنامج وطني متكامل والذي سيساعد أية حكومة وطنية، بعد طرد الاحتلال وعملاءه، من إعادة بناء العراق واستعادة دوره القومي.)، ان هذه الفقرة تشكل بداية جيدة للحوار الاخوي ، لانني اريد ان اعبر عن اتفاقي التام معكم حول اهمية ان تبادر كل قوة ، او جماعة او شخصية وطنية وثقافية، بطرح تصوراتها وملاحظاتها ومقترحاتها وقناعاتها ، بخصوص المقاومة العراقية ، لانها ملك كل العراقيين وليست حكرا على فرد او جماعة بغض النظر عن ادوار الجميع ، فالمطلوب هو اغناء الفكر وتشجيع التفكير حول مستقبل العراق وكيفية تحريره وطبيعة مراحل ما بعد التحرير . لكن ثمة فرق بين حق ابداء الراي وبين طرح برنامج متكامل وشامل للعمل بموجبه من قبل انصار المقاومة من غير المقاتلين ، فلئن كان طبيعيا ، بل وضروريا ، فتح حوار حول سبل التحرير المختلفة فان اولئك الذين يطرحون انفسهم كعاملين في اطار (جبهة وطنية عريضة لتدعيم وحماية وتعزيز جهاد المقاومة العراقية الباسلة)،كما ورد في رسالتكم، ملزمين بقاعدة جوهرية لا يمكن تجاوزها ، وهي ان الجبهة المقترحة يجب ان تكون امتدادا سياسيا للمقاومة ، يعبر عن برنامجها هي بالذات في المجالات السياسية والاعلامية والثقافية والاجتماعية . ان الجهاز العسكري للثورة المسلحة منغمس في عمل جهادي خطر ومعقد ، خصوصا وان العدو شرس جدا ويتبنى سياسة اجتثاث تنظيمات الثورة المسلحة ورموزها ، بما في ذلك الاعلامية ، جسديا ، لذلك تبرز الحاجة القصوى لانشاء جهاز سياسي لا صلة له بالعمل المسلح، يتولى مسؤولية نشر ثقافة الثورة وبرامجها واهدافها ، ويؤطر الدعم الجماهيري لها ويوسعه ، ويزيل الدعايات المضادة للثورة ...الخ ، وهذا الجهاز يفضل ان يعمل بالطرق العلنية ، وربما القانونية .ان الثورة العراقية المسلحة بأمس الحاجة لهكذا جهاز، خصوصا وانها تدق ابواب النصر الحاسم بعد ان اخذ العدو يترنح ويقترب من لحظة الانهيار الحاسم ، وصار يلجأ الى وسائل الخديعة والتضليل لشق تنظيمات الثورة او اختراقها ، عبر مجموعة من الاساليب ، من بينها ادعاء انه يفاوض فصائل من الثورة ، وانها اقتنعت بالاندماج بالعملية السياسية وتخلت عن الكفاح المسلح بصفته الاداة الرئيسية للتحرر الوطني ، الامر الذي يتطلب تصدي الجهاز السياسي ، اي الجبهة المقترحة ، لدحر ودحض هذه الطروحات وردها الى جذورها الاحتلالية، وتاكيد الموقف الثابت للثورة من مسالتي كيفية التحرير، ومستقبل وصورة النظام الوطني البديل كما اقرته المقاومة .
ان هذا المنطلق الجوهري والاساس هو الذي يمنح اي جبهة مشروعيتها وتمثيلها للثورة كواجهة سياسية لها ، اما اذا اختلف الهدف الجوهري وتبنت الجبهة منهاجا وحلولا للازمة الثورية المتنامية في العراق ، يقوم على القبول بولاية طرف او اطراف اخرى غير المقاومة المسلحة والاندماج في اي ضرب من ضروب العمل السياسي للوصول الى حل مع الاحتلال ، فان هذا التوجه يبرء الثورة من جبهة كهذه ، ويجعلها مجرد تنظيم اخر ينضم الى اكثر من مائتي تنظيم نشأت في ظل الاحتلال دون ان تخدم بجدية اهداف الثورة . واذا كانت الجبهة المقترحة يراد لها ان تكون هكذا فاننا بصفتنا انصار الثورة المسلحة حتى التحرير والنصر لامكان لنا على الاطلاق في جبهة كهذه ، وسنتعامل معها على انها افراز من افرازات الاحتلال وليس ردا على الاحتلال ، مع تاكيدنا ان افرازات الاحتلال بعضها وطني لاغبار على وطنيته ، وبعضها الاخر عميل ومشبوه .


ثانيا : بعد هذه المقدمة الجوهرية ، لابد من تناول مسائل اخرى مهمة جدا ، فلقد ورد في الفقرة ثالثا ما يلي :

(ثالثاً: أما تساؤلاتك حول ما يمكن أن تقدمه الندوة من تصورات حول موضوع إقامة الحكومة الوطنية، وهل سيتم دعوة الأمم المتحدة والجامعة العربية للقيام بدور في هذا الإطار، فإني لا أود أن استبق ما سوف تتوصل له هذه الندوة من قناعات وآراء، ولكني على ثقة ان خيار الشعب الحقيقي والصادق هو الوصول إلى صيغة وطنية حقيقية يتم الاجماع عليها، وهذه الصيغة هي التي ستختار الطريق للوصول إلى تحقيق الهدف المشترك وهو طرد الاحتلال وقيام حكم وطني، وإعادة بناء الوطن وفق الصيغة التي سيعد لها، ويطبقها ابناؤه الأخيار وليس الذين تدافعوا للدخول إلى العراق تحت "سرف" الدبابات وتزاحموا عند بوابة "المنطقة الخضراء".)
ان هذه الفقرة هي ما كان ومازال يلفت نظرنا في مواقف تنظيمات عديدة منها المؤتمر القومي ، وفي تحليلات ومواقف شخصيات وطنية ومنها شخصكم الكريم ، حيث ترتكز الرؤية الخاصة بانهاء الاحتلال على موقف يتناقض كليا مع موقف الثورة ، ففي حين انكم تطلبون في الحل النهائي ، ان تخرج قوات الاحتلال وتحل محلها قوات تابعة للامم المتحدة ، وربما الجامعة العربية ، وان تكلف الامم المتحدة باجراء اتصالات من اجل تشكيل حكومة مؤقتة لادارة العراق في الفترة الانتقالية تعد خلالها لاجراء انتخابات حرة ، فان المقاومة تبنت خيار دحر الاحتلال او اجباره على التفاوض وفق شروط المقاومة ، بعد ان يصل نزيفه الى حد بطحه ارضا، ووضعه على حافة الهزيمة المذلة والمهينة لاعظم قوة في التاريخ . وفي اطار الموقف المعلن للمقاومة فان الامم المتحدة والجامعة العربية غير مسموح لهما على الاطلاق ان يلعبا اي دور يتجاوز حدود دعم خطط المقاومة وهي تستلم السلطة وتشكل الحكومة الثورية المؤقتة ، وحضور الانتخابات, وليس الاشراف عليها ، التي ستجري لتقرير من سيحكم العراق بعد التحرير. لماذا ترفض الثورة اي دور تشكيلي للمنظمتين الدولية والعربية في بناء جمهورية العراق الثانية ؟ ببساطة لان الدور التشكيلي هو احتكار مطلق لمن حرر العراق ولمن دعم التحرير كجهاز سياسي ممتد ، من جهة ولان هاتين المنظمتين كان لهما دور اجرامي شنيع في تدمير العراق والغاء استقلاله ، ابتداءأ من فرض العدوان الثلاثيني في عام 1991 ، بقرار من الجامعة العربية التي افشلت عمدا الحل السياسي لازمة الكويت ، فاستغلت امريكا والغرب الاستعماري معها ذلك، وبنت عليه قرارا صدر من مجلس الامن يبيح استخدام القوة ضد العراق ، وفرض اجراءات تدميرية قضت على مليوني عراقي ماتوا بسبب الحصار الاجرامي ، وانتهاءأ بتوفير كل المستلزمات لغزو العراق في عام 2003 وتأمين عملية تطبيع العلاقات مع النظام العميل الذي فرضه الاحتلال .
من الغريب ، بل الغريب جدا ان نسمع اي وطني يطالب بتسليم العراق للامم المتحدة والجامعة العربية ، وامامنا مشهد الخراب والموت الذي ما كان له ان يتم بالصورة التي حصلت لولا استخدام الامم المتحدة والجامعة العربية ، ولذلك من حقنا ان نسأل ، وبجدية لن تزول : ترى هل تبدلت الامم المتحدة والجامعة العربية كي نقدم لهما العراق على طبق من ذهب لتقرير مصيره ؟ لو ان الوضع الدولي والاقليمي قد تبدل وتغيرت الموازين الستراتيجية لصالح الشعوب الحرة وحركاتها التحررية ، ولو نسبيا ، لكان بالامكان افتراض ان الامم المتحدة والجامعة العربية ربما تحررتا من الهيمنة الامريكية عليها ، ومن ثم يصبح بالامكان لعب ورقة الامم المتحدة والجامعة العربية لتقييد امريكا . ولكن الذي حصل كان العكس تماما ، فالوضع الدولي والاقليمي ازدادا خضوعا لامريكا ، وهو امر عزز قبضة امريكا على الامم المتحدة والجامعة العربية ، لدرجة ان فرنسا والمانيا وروسيا والصين ، التي عارضت الحرب واكدت عدم شرعيتها ، اخذت تتماهى في مواقفها من احتلال العراق مع الموقف الامريكي لدرجة محاولتها منح النظام العميل الشرعية التي يحتاجها الرئيس الامريكي، امام شعبه لمواصلة الغزو والخراب في العراق ! ان الاتحاد الاوربي ، وليس امريكا فقط ، يعمل الان بجدية لتثبيت الامر الواقع في العراق، ويصف الثورة الوطنية التحررية بـ( الارهاب ) ، وتلك حقيقة عيانية ثابتة ، جعلت الامم المتحدة والجامعة العربية مجرد ورق تواليت يمسح قاذورات الاحتلال ويجمل وجهه القبيح .
اذن كيف يمكن لاي وطني ان يسلم العراق ومستقبله وحقوقه المغتصبة لجهازين تمسك بهما امريكا بحزم وقوة ، من ذيله حتى راسه ، وتسخرهما غطاء لجرائمها ضد الانسانية في العراق وغيره ؟ ان هذا السؤال ، الذي يطرق في راس كل عراقي كما تضرب مطرقة ضخمة جدار نحاس فتتشقق طبلات الاذان ، يستولد سؤالا هو الاهم وهو : لماذا يطالب وطني عراقي ، ايا كانت هويته السياسية ، بتسليم العراق للامم المتحدة مع علمه بانها جهاز تستخدمه امريكا مطية مطيعة تماما كما تستخدم العملاء الذين ادخلتهم العراق مختبئين باحذية جنود الاحتلال ؟ هنا ، اسمح لي اخي الفاضل ، ان اكون صريحا حد الجرح ، لان المطروح على بساط البحث هو مستقبل العراق وحياة شعبه وهويته الوطنية المهددة بالتذويب ، وليس من يستلم السلطة قبل غيره ، انني اعتقد ، ويشاركني الاعتقاد كل من تدهشه مواقف المطالبين بولاية الامم المتحدة على العراق ، بان زج الامم المتحدة في تقرير مصير العراق سيقود الى نتيجة حتمية : ابعاد المقاومة المسلحة عن حق تقرير مصير العراق بعد التحرير ، وتنصيب حكومة لا ساقين لها لتقف عليهما ، اي انه مدعومة بجهد شخصيات وتنظيمات ثانوية اثبتت كل احداث العراق المحتل انها فشلت في اخراج حتى مظاهرة تضم 500 شخص ضد الاحتلال ! فكيف يمكن لحكومة غير مسنودة شعبيا ان تفاوض الاحتلال من موقع قوة ؟ ومن اين ستكتسب القوة اذا اصطفت مع الاحتلال في استبعاد المقاومة ، والتي تعد بلا اي نقاش القوة الاساسية في الساحة العراقية وليس مجرد قوة اساسية ؟ ان هذا الموقف سيجر الى عدة نتائج سلبية ، من بينها احداث انشقاق في الصف الوطني لان المقاومة ترفض ، وبشدة واصرار لا رجعة عنهما، التخلي عن مسؤليتها التاريخية في اكمال مسيرة تحرير العراق باقامة حكومة مؤقتة قوية وفعالة، مدعومة بنفس البندقية التي قهرت الاحتلال واذلت اعظم واقوى استعمار في التاريخ ، لضمان الابعاد التام للاحتلال عن العراق، وغلق منافذ الضعف التي قد يتسلل منها ويعود ، او يبقى ويرفض الخروج، اذا انقسم الصف الوطني ، وهذا هو احد اهم الاهداف الحبيبة على قلب الاحتلال منذ ادرك انه وقع في فخ العراق المميت . فهل يخدم ذلك مصلحة تحرير العراق ام انه يخدم من لهم مطامح سلطوية، كانت من اهم اسباب كارثة الاحتراب الوطني الذي ابتدأ حينما ارادت شخصيات (المرحوم عبدالكريم قاسم مثلا ) الانفراد بالسلطة وابعاد الشركاء الاساسيين في ثورة تموز العظيمة ، ودعمته في منحاه التدميري ذاك اطراف وطنية ! ثم تكررت المأساة في عام 1963 حينما اشتبك القوميون العرب في صراع داخلي ، بين البعثيين الذين اسقطوا قاسم والناصريين الذين اشركهم البعث في السلطة ، لكنهم ارادوا (اجتثاث البعث) والانفراد بالسلطة ، فكانت ردة تشرين( 1963 ) عاملا حاسما في شق الصف القومي بطريقة مدمرة لكل القوميين العرب ! وتواصلت المأساة باستبعاد التحالف مع البعث لمواجهة الحملة الصهيونية الامريكية على العراق والتي اتخذت بعدا خطيرا بفرض الحصار ، وتوضحت تماما بتبني ما سمي بـ ( قانون تحرير العراق ) ، في عام 1998من قبل الكونغرس الامريكي ، وهو ما جعل المستهدف مستقبل العراق ووحدته وهويته العربية وليس النظام الوطني فقط . كل ذلك لم يقنع من كان يصر على تقاسم السلطة كشرط مسبق لدخول تحالف مع البعث للدفاع عن الوطن وليس مجرد الاشتراك فيها !!!
هل يستمر تكرار المشهد اللاعقلاني الان ، والعراق يذبح امام نواظرنا ، فنجد من يطالب بالسلطة ، وهو بلا ساقين ، مضطرا لطلب ولاية الامم المتحدة على العراق بدل ولاية المقاومة ، مع ان ذلك يعني وبحتمية لا مفر منها ، القبول بصيغة معدلة للاحتلال وبفتح صراع دموي مع المقاومة المسلحة؟ نعم اخي الفاضل ان من يريد تسليم العراق للامم المتحدة يغلب الخاص على العام ، ويواصل ذبح الموقف العقلاني الذي يقول بضرورة تحرير العراق، والتقيد بالمتطلبات العملية لذلك وفي مقدمتها عدم مزاحمة قيادة الثورة المسلحة او محاولة ارباكها ، وقبول الحل الستراتيجي الذي تبنته المقاومة وهو استلام السلطة من قبلها، اما نتيجة لدحر الاحتلال بلا تفاوض او التفاوض معه اذا قبل شروط المقاومة وفي مقدمتها الانسحاب التام وغير المشروط .


ثالثا : تقول في الفقرة خامسا من الرسالة ما يلي :

(خامساً: أما بشأن من يرى أنه يمثل الشعب العراقي، فإنني ممن يؤمنون بأن تمثيل الشعب العراقي سيكون عبر بوابة موقف المقاومة للاحتلال دون شك، وهذه قضية تستحق أن تنال إجماعاً شعبياً من كل القوى التي وقفت ضد الاحتلال وفي المقدمة منهم من يبذلون الدماء في سبيل ذلك.). ان هذه الفقرة جيدة بشكل عام ، الا انها تنطوي على لغم التعميم وعدم التشخيص . ما المقصود بذلك ؟ هل النص يعني انكم تعترفون بان المقاومة المسلحة ، وليس المقاومة السلمية ، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي ، وان التشكيلات السياسية الوطنية الداعمة للمقاومة تستمد شرعيتها من المقاومة ؟ ام انكم تعتقدون بامكانية بروز اكثر من قوة وطنية تتمتع بالشرعية التمثيلية للشعب العراقي عند بدء تقرير مصيره ؟ اذا كان الجواب هو القبول التام وغير المشروط لوحدانية تمثيل المقاومة للشعب العراق ، في لحظة تقرير مصير الاحتلال ، واثناء وضع الترتيبات الانتقالية ، فاننا نقف على قاعدة واحدة ونشكل خطا واحدا لا خطين في مسائل الثورة والتحرير . اما اذا كان الجواب هو ان مشروعية المقاومة لا تلغي مشروعية غيرها ، عندها سنواجه مشاكل مركبة ، منها كيف تثبت هذه الجهة او تلك انها تمثل جزء من الشعب قبل اجراء انتخابات حرة ؟ ولماذا لم تستطع تجاوز حدود العمل السياسي الرافض للاحتلال وتنخرط في صفوف المقاومة المسلحة ؟ اليس لانها لا تملك القدرة الجماهيرية ؟ ان الشرعية تضفى على اي طرف بطريقتين ، في الحالة العراقية ، فاما ان تمنحها ذلك انتخابات حرة في ظل الاستقلال الحقيقي وهو ما لم يحصل بعد ، او انها تملك خزينا شعبيا ضخما يمكنها من فرض نفسها على الاحداث ، سواء بصيغة العمل المسلح كما فعلت المقاومة ، او باللجوء للعصيان المدني باستخدام القواعد الجماهيرية لعزل الاحتلال وجعل استمراره مستحيلا . هذه الحقيقة تفرض طرح سؤال اخر مهم : لماذا لم تلجأ الكتل والتنظيمات ، التي ربما تعتقد انها تمثل الشعب العراقي، الى استخدام مخزونها الجماهيري لفرض عصيان مدني اذا كانت حقا تمثل جماهير واسعة ؟ اين جماهيرها ومتى ستستخدمها اذا كان الاحتلال لا يحركها لفعل ذلك ؟ انني اعتقد بيقين تام منشأه الوضع الميداني العراقي ، بان لا قوة ثالثة بين المقاومة والاحتلال ، بل ثمة تجمعات هامشية او ثانوية ، بدليل ان اكبر الاحزاب العميلة وهي التجمعات الصفوية الايرانية، التي نصبها الاحتلال حكومة للعراق المحتل، لا تستطيع حماية نفسها وتطلب بتوسل علني عدم سحب القوات الامريكية . اما على المستوى الوطني فيجب ان نعترف بشجاعة بان القوة الوطنية الام والرئيسية هي المقاومة المسلحة لا غير . نعم هناك شخصيات وطنية وتجمعات وطنية، لكنها لا تشكل قوة جماهيرية منظمة وكبيرة ، تستطيع التأثير بفعالية في الاحتلال ، وانما هي ظاهرة يطلق عليها في الغرب اسم احزاب الرجل الواحد ( one man party). فهل نبقى اسرى الطموح باستلام السلطة حتى ونحن لا نملك ساقين لنقف عليهما وفي ظل احتلال ذكي، ولا حدود لشراسته وشراهته للقتل والنهب ، والوطن يغتصب ويعذب، وتجري محاولات محو هويته بكل الطرق، بما في ذلك استيراد اكراد من خارج العراق وايرانيين بالملايين ، ومنحهم الجنسية العراقية ؟


رابعا : وعند التطرق لمسالة جدولة الانسحاب الامريكي من العراق ، والتي اصبحت احدى الالغاز المثيرة للانتباه والشكوك ، فمن المؤسف القول ان ما ورد في الرسالة بخصوصها ، كان عائما ويحتمل كل تفسير ، تقول :
( ولسنا هنا بصدد مناقشة آليات عملية الانسحاب، فهذا أمر يرتبط بعوامل داخلية وخارجية تحتاج إلى رؤية محددة، ولكنني على ثقة كاملة، أن خروج المحتل من العراق سيكون في إطار هزيمة المشروع الأمريكي العدواني، مهما كانت أساليب وأنماط إخراج عملية الانسحاب من قبل المحتل ووفق تصوراته التي يسوقها.) ان جدولة الانسحاب عملية خطيرة وتقع ضمن اهم تكتيكات الاحتلال المستخدمة للمخادعة والتضليل ، فهي فرضت نفسها بقوة ، لان العالم ، بما في ذلك الامم المتحدة على ضعفها ، نظر الى ما جرى في العراق على انه احتلال ، وبما انه كذلك فان اول دفاع متوقع استخدمته امريكا هو تاكيد انها ستنسحب في يوم ما من العراق ، وتركت الباب مفتوحا للاجتهاد للجميع . وحينما فرضت المقاومة المسلحة نفسها واصبحت القوة الاساسية التي وضعت الاحتلال في زاوية حرجة ، اخذ الاحتلال يتحدث عن زمن محدد ، مرة قيل انه سيبقى سنة ومرة سنتين وثالثة ثلاثة سنوات ، بعد ان كان المسؤولون الامريكيون منقسمون بين فريقين في بدء الغزو ، فريق يقول ان القوات الامريكية ستبقى ربع قرن واخر يقول ربما اكثر . ورغم الرفض الرسمي لوضع جدول للانسحاب الا ان العملاء الذين لا ينطقون الا باوامر امريكية ، مثل اياد علاوي ، اخذوا يتحدثون عن الانسحاب بعد اكمال عملية بناء قوات امنية كافية وانجاح عملية سياسية تضم تيارات رئيسية ، وهذ المنطق ايضا استخدمه بوش.
اذن الجدولة دخلت في صلب النقاشات والتطورات ، واشترط الاحتلال لحسمها ما سبق ذكره ، وبطريقة زئبقية مخادعة اراد بها اقناع معارضين له بالانخراط في العملية السياسية ، لتسهيل وضع جدول للانسحاب قريب ، وكانت زيارة كونداليزا رايس للعراق وامرها للجعفري وللبارزاني والطالباني بضرورة اشراك من اسمتهم ( العرب السنة ) في العملية السياسية، بصفته احد اهم متطلبات اكمال ترتيب الوضع وتقريب الانسحاب . والان يقوم التكتيك الاساس لعملاء الاحتلال ، مثل السيستاني ورهطة من حملة الجنسية الايرانية وعلى راسهم الايراني الهوية والهوى ابراهيم الجعفري اضافة للجلبي وعلاوي غيرهما ، على وعد السذج بان جدولا زمنيا للانسحاب سيوضع لتامين الانسحاب وربط ذلك باستتباب الامن ، وهو شرط شيطاني يتستر بغطاء رحماني مهلهل ، لانه بعموميته ورفض تحديده يقدم لامريكا المسوغ للمماطلة ورفض وضع جدول واضح ومحدد للانسحاب .
اننا لذلك نقلق من ربط جدولة الانسحاب بمسبقين مشبوهين ، المسبق الاول النجاح في اكمال بناء قوات امنية تستطيع القضاء على (التمرد ) ، كما تصف امريكا المقاومة الوطنية ،والمسبق الثاني نجاح العملية السياسية ، وهذا يعني توريط وطنيين، او من يضع رجلا مع المقاومة واخرى مع الاحتلال ، في صلب عملية دعم الاحتلال . لو نظرنا الان لما يجري سنجد ان بوادر توريط وطنيين في هذا الفخ القاتل قد ظهرت ، فالمؤتمرالتاسيسي وهيئة علماء المسلمين وشخصيات وطنية اخرى ، اخذت تضع شروطا للانخراط في العملية السياسية ! بل ان قسما من اعضاء هاتين المنظمتين اخذ يطالب باكمال بناء قوات امنية تستطيع ضبط الامن قبل الانسحاب ! والسؤال الحيوي هنا هو التالي : من اقترب من الاخر الاحتلال ام وطنيين اضناهم الليل الطويل فقبلوا بتجرع سم التعامل الطبيعي مع الاحتلال ، بافتراض ان منطقه مقبول بخصوص توفير اجواء مناسبة للانسحاب ؟ دون ادنى شك بعض الوطنيين تمت عملية تقريبهم التدريجي من موقع الاحتلال وليس العكس ، وتلك حقيقة مؤسفة تظهر مخاطر التعامل مع الاحتلال الاستعماري بفرضيات ذاتية ومتخلفة وقاصرة تعجز عن رؤية ما يخطط له الاحتلال وما يضمره ، مع ان قيادة الثورة تعرفه تماما وتتحوط له كليا ، لانها تملك ليس البصر والبصيرة الثاقبة فقط ، بل تملك ايضا القدرة على الردع العسكري لقوات الاحتلا ل . في ضوء ما تقدم اجدني متوقفا امام العبارة الغامضة الاتية التي وردت في رسالتك : (ولسنا هنا بصدد مناقشة آليات عملية الانسحاب، فهذا أمر يرتبط بعوامل داخلية وخارجية تحتاج إلى رؤية محددة ) ! لماذا لسنا بصدد مناقشة اليات عمليات الانسحاب وهي جوهر واساس عملية عض الاصابع بين المقاومة والاحتلال ؟ هل نسيت اخي الفاضل ان المقاومة قد حددت هذه المسالة ولم تتركها لـ( عوامل داخلية وخارجية ) كما تفضلت ، لان المقاومة ليست سوق بورصة تتقاذفها الانواء الداخلية والخارجية بل هي ارادة شعب قرر تحرير ارضه ، وهي لذلك تضع شروط الانسحاب بما في ذلك الزمن المطلوب لاكماله ؟ ان بيانات المقاومة كلها حينما تتحدث عن الانسحاب منذ بداية الغزو كانت تؤكد على الانسحاب الفوري وغير المشروط ، وان المدة اللازمة للانسحاب تتقرر في ضوء الحاجة العملية الصرفة لسحب الدروع وغيرها ، ورفضت بشدة اي زمن تقرره اهداف سياسية للاحتلال ، تسمح ببقائه سنة او سنتين او اكثر . من هنا اسمح لي ان اقول بان هذه الفقرة غير موفقة وتنطوي على عامل يستفز التساؤل حول ما تخبئه في احشاءها . ان تمييز المقاومة بين الجدولة العملية ( اي منح الاحتلال زمنا يكفي لسحب القوات لا اكثر ) والجدولة السياسية ( اي منح الاحتلال زمنا يصل لسنوات ربما يقترن بمنحه قواعد مؤقتة ) هو تطبيق خلاق لفكرة عدم السماح للاحتلال بالتاثير على عراق ما بعد التحرير، باي شكل، ومنعه من تحقيق مكاسب على حساب التحرر والسيادة ورفض المساومات .


خامسا : تقول الفقرة خامسا من الرسالة ما يلي:
(خامساً: أما بشأن من يرى أنه يمثل الشعب العراقي، فإنني ممن يؤمنون بأن تمثيل الشعب العراقي سيكون عبر بوابة موقف المقاومة للاحتلال دون شك، وهذه قضية تستحق أن تنال إجماعاً شعبياً من كل القوى التي وقفت ضد الاحتلال وفي المقدمة منهم من يبذلون الدماء في سبيل ذلك.) ، هذه الفقرة ممتازة لكنها تحتاج للترجمة العملية الوحيدة الممكنة لها منطقيا وواقعيا ، وهي ان يتبنى المؤتمر في ختام اجتماعاته قرارا صريحا، لا لبس فيه ولا تعميم او غموض، يقول ان المقاومة المسلحة هي الحاضنة الوحيدة لكل اشكال المقاومة الاخرى المساندة لها، وانها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي ، والذي يمنح الشرعية للاخرين ، طبعا في المرحلة الانتقالية التي ستعقب التحرير وقبل اجراء الانتخابات ، والتي ستصبح هي منبع الشرعية الدستورية .
في كل ثورات التحرير، المعروفة والمعترف بها، تم الاعتراف الصريح والمباشر من قبل كل القوى الاخرى بان قيادة الثورة المسلحة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الثائر ، وان كل التشكيلات الاخرى تستمد شرعيتها من درجة اقترابها من موقف وستراتيجية الثورة ، وهذا ما شاهدناه في الثورات الفرنسية والروسية والصينية والكوبية والجزائرية والفلسطينية وغيرها . لذلك لا مفر لاي وطني من القبول بقاعدة البداهة هذه ، حسب تعبيرات الفيلسوف ديكارت ، وسيكون امرا مفرحا لي ولملايين العراقيين والعرب ان يعلن تشكيل جبهة مساندة للمقاومة المسلحة تعمل كجهاز سياسي واعلامي لها ، يوضح مواقفها ويشرح اهدافها ، ويبدد الغيوم التي تصطنع في سماءها .
وهذا المطلب ليس فبركة حزبية او عاطفية بل هو اعتراف بامر واقع وهو ان من يمسك بارض العراق ، ويجبر الاحتلال على النزف حتى الاعياء ، هو البندقية وليس الورق او الصوت ، ومن ثم فان الورق او الصوت ، ومهما كانا فاعلين لا يستطيعان الحلول محل البندقية ، لا في تشكيل العراق الذي يتحرر ولا في تقرير ما يجب وما لايجب ، فتلك حصرا امكانات وصلاحيات الثورة والثورة فقط . واخيرا اود التاكيد على ان العراق هو لمن قدم مهر الدم والروح من اجل الحفاظ على الزواج الكاثوليكي به ، واستعادة استقلاله بدحر الاحتلال وليس لاي طرف اخر ، مهما كان .


سادسا : تقول في الفقرة سادسا ما يلي :
(سادساً: وأخيراً فإن دعوات الحضور للندوة كانت وفق معيار أولي هو دعوة أصحاب موقف مناهضة الاحتلال ومقاومته والإيمان بوحدة العراق وحريته، ومن خلال لقاء الجمع الخير المؤمن بالثوابت الوطنية والقومية، تتعزز مسيرتنا للوصول إلى حالة النصر. وتعزيز الانتصار ببناء العراق المستقل الحر والديمقراطي.) بعد ان ناقشت القضايا الموضوعية دعني اناقش القضايا الشكلية ، وفي الواقع فان المسالة الشكلية هنا ليست شكلية ، لانها تتعلق بنوعية بعض من تمت دعوتهم لحضور المؤتمر . لقد علمنا انكم كلفتم شخصا كان امين سر (المؤتمر الوطني ) ، اي حزب الجلبي، بوضع دستور مؤقت للعراق ، فاذا كان ذلك صحيحا فان من واجبي ان اشير لمسألتين مهمتين جدا ، المسألة الاولى هي ان وضع دستور وتشكيل حكومة مؤقتة باسم الجبهة المزمع تشكيلها ، هو امر خارج نطاق اختصاصكم ويعد مزاحمة للثورة المسلحة في صلب اختصاصها ومسؤوليتها . لو ان قيادة الثورة قد كلفتكم بذلك لقبلنا الامر على انه تكليف من صاحب السيادة الواقعية والشرعية ، لكن ان تبادروا وتضعوا دستورا وتقيمون حكومة مؤقتة ، وهو ماتمت مناقشته بحضوركم شخصيا دون علم المدعوين الاخرين، فذلك توجه خطير وملغوم باشد انواع الديناميت خطورة ، لانكم تضعون انفسكم موضع صانع القرار ، في حين ان اغلب اعضاء المؤتمر لا يستطيعون تحريك حجر في العراق المحتل ! ان الدستور والحكومة المؤقتة في ضوء تجارب ثورات التحرير كان حكرا على قيادة الثورة ومن كلفته . نعم حصل ان فئات ، بعضها وطني والاخر مشبوه ، قد تقدم وعرض دورا بديلا عن دور قيادة الثورات تلك ، وتم ذلك غالبا بدفع من الاحتلال او الديكتاتورية الحاكمة ، اما للضغط على الثورة كي تخفض مطاليبها او لابعادها وتنصيب حكومة وطنية ولكنها بلا ساقين ويسهل احتوائها بعد استبعاد قيادة الثورة المسلحة .ان ما يجري في الساحة العراقية الان اذا اقترن مع هذا التوجه لانشاء حكومة مؤقتة او وضع دستور مؤقت ، يثير التساؤلات الجدية حول الهدف الحقيقي ومدى ارتباطه بحاجة الاحتلال لمن يمد له حبل انقاذ ، خصوصا وانه وصل به الحال ، في تراجعاته وهزائمه امام المقاومة حد اصدار اوامره لايهم السامرائي المواطن والعميل الامريكي لعقد مؤتمر صحفي في المنطقة الخضراء ، اعلن فيه تشكيل جبهة مساندة للمقاومة ، بما في ذلك المقاومة المسلحة ، رغم انه كان محميا ببنادق القوات الامريكية ! اننا نعلم ، ومن مصادر موثوقة ، ان الاحتلال يشجع كل تشكيل يحمل شعارات طرد الاحتلال وتاييد المقاومة على المبادرة للعمل بنشاط لاجل تحقيق هدف مركزي : سحب البساط من تحت المقاومة المسلحة ، او على الاقل شقها واضعافها ، واذا تحقق ذلك سيتمكن الاحتلال من سرقة الزمن والتنفس قليلا ، واعادة رسم خياراته باتجاه التراجع عن خيار الانسحاب !
اما المسألة الثانية فهي ماضي بعض من تمت دعوتهم لحضور المؤتمر ، مثل السيد امين سر حزب احمد الجلبي ،حتى فترة قصيرة قبل الاحتلال ، واختلف مع الجلبي ليس بسبب الموقف من التحريض على غزو العراق ، بل حول مليون دولار دفعتها المخابرات الامريكية لامين السر ، كما هو معروف في اوساط المعارضة العميلة ، واستمر هذا الشخص بعد فصله من حزب الجلبي في التحريض على غزو العراق من شاشات التلفزيون الممولة بالبترودولار ، ثم دعم الغزو في مراحله الاولى ، لكنه ، ككثير ممن لم تقدم لهم اميركا حصة من الاحتلال ، اخذ ينتقد الاحتلال ! فهل ينطبق عليه وصف الوطني مع ان حزب احمد الجلبي كان منذ نشوءه عميلا بصورة رسمية ولم يكن ذلك سرا ، وكان السيد امين السر هذا يعرف جيدا انه ينفذ مخططا امريكيا بريطانيا لغزو العراق وتدميره ! اذن لم صار عضوا نشطا في المؤتمر القومي العتيد وكيف ؟
ان هذا النموذج يشابهه الكثير ممن تمت دعوتهم للمؤتمر ، مع انهم عملاء للمخابرات الفرنسية وحتى الاسرائيلية ! قد تقول ان هذه اتهامات لم تثبت ، وانا اقول : نعم ربما لا توجد وثيقة خطية تثبت ذلك ، ولكن يوجد ما هو اهم من ذلك وهو السلوك الفعلي لهؤلاء قبل الغزو وبعده ، ويتذكر ملايين الناس كيف حرض هؤلاء على غزو العراق ، تحت واجهة اسقاط النظام الوطني في العراق ، مع ان طفل غر يعرف ان اسقاط النظام ستترتب عليه نتائج مأساوية رهيبة ، اقلها تدمير العراق وقتل الالاف من شعبه ، خصوصا ان من كان يخطط للاحتلال هو امريكا التي قتلت مليوني عراقي في فترة الحصار ، لذلك فان مجرد التعامل مع امريكا وبريطانيا ضد العراق هو خيانة وطنية عظمى . هل هؤلاء ممن تنطبق عيهم الفقرة القائلة : (وأخيراً فإن دعوات الحضور للندوة كانت وفق معيار أولي هو دعوة أصحاب موقف مناهضة الاحتلال ومقاومته والإيمان بوحدة العراق وحريته، ومن خلال لقاء الجمع الخير المؤمن بالثوابت الوطنية والقومية، تتعزز مسيرتنا للوصول إلى حالة النصر. وتعزيز الانتصار ببناء العراق المستقل الحر والديمقراطي.) ؟
اظن ، وظني هذه المرة ليس بعضا من الاثم ، انكم في هذه الفقرة قد جانبتم الحقيقة وسمحتم لعملاء بالتمتع بعضوية المؤتمر القومي وبحضور المؤتمر القادم !

واخيرا اعرب عن اتفاقي معكم ان في كل عمل نواقص ، واتمنى من كل قلبي ان تتجنبوا النواقص التي لا يمكن سدها او اكمالها لاسباب موضوعية ، وان يتمخض المؤتمر عن موقف داعم بلا قيد او شرط للمقاومة المسلحة ، خصوصا الاعتراف الواضح والصريح بانها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي. اجدد تقديري لجهودكم الخيرة ،واحترامي لشخصكم الكريم .


صلاح المختار

19 – 7 – 2005



للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى الابــــد

مــــن: خيـر الديـن حسيـب- مدير عام مركز دراسات الوحدة العربية


مــــن: خيـر الديـن حسيـب- مدير عام مركز دراسات الوحدة العربية
الى: الأستاذ صلاح المختار



الأخ الأستاذ صلاح المختار المحترم

تحية عربية،
أود أن أعبر عن سروري لاهتمامك بفاعلية عقد ندوة (مستقبل العراق) وانشغالك بمتابعة وتحليل تطورات الأوضاع السياسية وتداعيات الاحتلال وآفاق المستقبل..
وقد اطلعت على مقالك (أسئلة وتساؤلات حول مؤتمر بيروت) وأقدر تثمينكم للنوايا الطيبة التي تقف وراء الدعوة لعقد الندوة والتي هي دون شك تقع ضمن أهداف كل العراقيين والعرب الخيرين الذين تداعوا لمواجهة الآثار المدمرة للاحتلال على قيم وبناء العراق، وعلى حاضره ومستقبله ودوره في النضال القومي التحرري..
وأرجو أن تطمئن إلى أن الهدف الأساسي في عقد هذه الندوة هو بناء أفكار وتصورات تقود إلى انطلاق جبهة وطنية عريضة لتدعيم وحماية وتعزيز جهاد المقاومة العراقية الباسلة، ووضع تصور لبرنامج وطني متكامل والذي سيساعد أية حكومة وطنية، بعد طرد الاحتلال وعملاءه، من إعادة بناء العراق واستعادة دوره القومي.
وتوضيحاً لما ورد من تساؤلات، وهي تساؤلات مشروعة وتعكس اهتماماً مشتركاً لكل العراقيين، أود أن أوضح ما يلي:

أولاً: إن واحداً من الأهداف الأساسية لهذه الندوة، هو دعوة كل العراقيين ممن لهم موقف موحد أو متقارب من رفض الاحتلال وكل إجراءاته وصيغه الميدانية، وقراراته وأطره وما فرضه من هياكل عميلة ومؤقتة، وقد وجهت الدعوات لأكثر من مائتي شخصية سياسية وطنية ومن جميع أطياف القوى المعارضة للاحتلال والمعترفة بشرعية المقاومة ودورها الكفاحي الوطني التحرري.
ثانياً: ولا شك أن هذا اللقاء الوطني سيمثل تظاهرة سياسية وطنية لدعم العمل السياسي والكفاحي للمقاومة العراقية، وتدعيم العمل من أجل الوصول إلى الهدف والغاية النهائية وهي إفشال المشروع الأمريكي وما زرعه من طائفية ومحاصصة وتدمير للاقتصاد الوطني وتعطيل لدور العراق اقليمياً ودولياً، لذا فإن مجرد لقاء أبناء العراق الشرفاء والمخلصين لوطنهم والمعادين للاحتلال وبرامجه.. سيكون عملاً إيجابياً بل ضرورياً في هذه المرحلة من أجل توحيد المواقف وتعزيز العمل المشترك.
ثالثاً: أما تساؤلاتك حول ما يمكن أن تقدمه الندوة من تصورات حول موضوع إقامة الحكومة الوطنية، وهل سيتم دعوة الأمم المتحدة والجامعة العربية للقيام بدور في هذا الإطار، فإني لا أود أن استبق ما سوف تتوصل له هذه الندوة من قناعات وآراء، ولكني على ثقة ان خيار الشعب الحقيقي والصادق هو الوصول إلى صيغة وطنية حقيقية يتم الاجماع عليها، وهذه الصيغة هي التي ستختار الطريق للوصول إلى تحقيق الهدف المشترك وهو طرد الاحتلال وقيام حكم وطني، وإعادة بناء الوطن وفق الصيغة التي سيعد لها، ويطبقها ابناؤه الأخيار وليس الذين تدافعوا للدخول إلى العراق تحت "سرف" الدبابات وتزاحموا عند بوابة "المنطقة الخضراء".
أنني على ثقة أن إجماع العراقيين سيكون هو الصواب في تقرير مصير وطنهم.
رابعاً: إن مناقشة موضوع (جدولة الانسحاب) وتقرير أسلوبه وآلياته ليس من أجندة المؤتمر، ولا شك أن الأزمة التي يواجهها المحتل وتصاعد المقاومة العراقية الباسلة، والتطورات في المحيط الاقليمي والدولي.. جميعها ستشكل عوامل ضاغطة لإجبار المحتل على الخروج من العراق، ولسنا هنا بصدد مناقشة آليات عملية الانسحاب، فهذا أمر يرتبط بعوامل داخلية وخارجية تحتاج إلى رؤية محددة، ولكنني على ثقة كاملة، أن خروج المحتل من العراق سيكون في إطار هزيمة المشروع الأمريكي العدواني، مهما كانت أساليب وأنماط إخراج عملية الانسحاب من قبل المحتل ووفق تصوراته التي يسوقها.
خامساً: أما بشأن من يرى أنه يمثل الشعب العراقي، فإنني ممن يؤمنون بأن تمثيل الشعب العراقي سيكون عبر بوابة موقف المقاومة للاحتلال دون شك، وهذه قضية تستحق أن تنال إجماعاً شعبياً من كل القوى التي وقفت ضد الاحتلال وفي المقدمة منهم من يبذلون الدماء في سبيل ذلك..
سادساً: وأخيراً فإن دعوات الحضور للندوة كانت وفق معيار أولي هو دعوة أصحاب موقف مناهضة الاحتلال ومقاومته والإيمان بوحدة العراق وحريته، ومن خلال لقاء الجمع الخير المؤمن بالثوابت الوطنية والقومية، تتعزز مسيرتنا للوصول إلى حالة النصر. وتعزيز الانتصار ببناء العراق المستقل الحر والديمقراطي.

أرجو أن تنال هذه التوضيحات فهمك، وأن العمل من أجل تحرير العراق يحتاج دون شك لكل عراقي مؤمن بوطنه وبالمستقبل .
مع التقدير.


للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى الابــــد

أسئلة وتساؤلات حول مؤتمر بيروت


أسئلة وتساؤلات حول مؤتمر بيروت



للأستاذ صلاح المختار

بسرعة واستعجال ملفتين للنظر، تمت الدعوة لعقد مؤتمر في بيروت ، تحت شعار دعم المقاومة العراقية والتخطيط لانشاء جبهة وطنية عراقية تدعم المقاومة العراقية ، وهذا شيئ جميل ولطيف ، في هذا الظرف الحرج الذي يمر به العراق ، ويطمح كل وطني عراقي في الوصول اليه باسرع وقت ، ولكن ليس بأي صيغة !
اننا اذ نثمن النوايا الطبية لمن وقفوا وراء الدعوة لعقد المؤتمر ، واذ نؤكد مجددا ضرورة بناء جبهة وطنية عريضة ، تضم كل المناضلين الوطنيين والشخصيات الوطنية والقوى الوطنية ، ألا اننا ، قبل هذا وذاك ، ملزمون بان نتذكر أم الحقائق ، وهي ان القوة الاساسية والحاسمة والمقررة ، التي لها برنامج معلن ومواقف معروفة ، وهي المقاومة المسلحة ، يجب ان تكون حاضرة في هذا المؤتمر ، ليس بمعنى وجود من يمثلها رسميا فهذا امر اخر ، بل الاهم هو الحضور الطاغي ، والذي لا ينافس ، لبرنامجها السياسي والستراتيجي المعروف ، والذي قامت الثورة العراقية المسلحة على اساسه .
هل يؤمن كل من سيحضر المؤتمر بذلك ؟ ان الضرورة الوطنية تقتضي ان نكون صريحين جدا في هذا الموضوع وان نضع النقاط على الحروف ، قبل ان يقع خطأ ستراتيجي لا حدود لاضراره . لذلك من الضروري جدا طرح اسئلة سيحدد الجواب عليها طبيعة المؤتمر، وما سيتخذه من قرارات . ان الهدف من طرح هذه التساؤلات هو تحقيق تقارب فعلي بين كل الوطنيين العراقيين ، شخصيات وتنظيمات، وتجنيبها العودة للصراعات السابقة بين القوى الوطنية ، والتي كانت احد اهم اسباب الكارثة التي حلت بوطننا . وفي مقدمة الاسئلة والتساؤلات ستة اسئلة اساسية :

السؤال الاول : ما هو الهدف الرئيس للجبهة المزمع انشائها ؟ هل هو دعم المقاومة المسلحة ؟ ام اقامة تشكيل مواز لها ، يتبنى برنامجا مختلفا من حيث طريقة الوصول للهدف النهائي ؟ ان الهدف النهائي للمقاومة ، وكما هو معلن ، هو تحرير العراق من الاحتلال الامريكي ، من خلال التمسك بالمقاومة المسلحة ، بصفتها الطريق الرئيس لاجبار الاحتلال على الانسحاب غير المشروط والكامل من العراق ، والنظر الى الحلول السياسية بصفتها عاملا مساعدا يخدم المقاومة المسلحة وليس العكس . والسؤال الاساسي هنا هو : ما هي الطريقة التي يريد منظموا المؤتمر اخراج الاحتلال بها من العراق ؟ هل يلتزمون بدعم المقاومة حتى النصر ؟ ام ان المساومة ممكنة ، عبر قبول الانخراط بما يسميها الاحتلال ( العملية السياسية ) ؟
السؤال الثاني : كيف ينظر المؤتمر الى اقامة الحكومة الوطنية ؟ هل بدعوة الامم المتحدة والجامعة العربية لتولي مسؤولية الاتصال بالقوى السياسية العراقية لاختيار حكومة مؤقتة، تعد لانتخابات تحت اشراف الامم المتحدة ؟ وهل يقبل المؤتمر مطلب تشكيل قوات دولية تحل محل قوات الاحتلال ؟ ام انه يقبل خيار المقاومة المعلن وهو ان المقاومة وليس غيرها ، بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي كما حصل لكل حركات التحرر في العالم ، ستشكل الوفد الذي يفاوض الاحتلال ، اذا قبل بشروطها المعلنة ، وتقوم باعلان الحكومة الوطنية المؤقتة ، الممثلة لكافة فصائل المقاومة ؟ ان المقاومة العراقية رفضت بشدة تكليف الامم المتحدة او الجامعة العربية بتولي مهمة اختيار حكومة مؤقتة، لسبب بسيط ومعروف وهو ان هاتين المنظمتين ليستا مستقلتين ، بل هما اداتان من ادوات امريكا في احتلال العراق وتدميره ، ولا توجد اي مؤشرات على انهما تحررتا من الهيمنة الامريكية عليهما ، اذن كيف يسلم مصير العراق لمن كان اداة وغطاء تدميره ؟ وما هي الضمانة التي تجعل هاتين المنظمتين لا تعملان كغطاء للوجود الامريكي في العراق ، في زمن لا توجد فيه قوة دولية تردع امريكا او تحد من نفوذها، وتبقي للامم المتحدة مجالا للمناورة والاستقلالية النسبية ؟ وثمة سؤال مهم اخر وهو : ماذا سيكون دور المقاومة المسلحة ، التي فجرت الثورة المسلحة وطورتها ونزفت الدم ، والتي تعد بحق القوة الاساسية الضاربة عسكريا وسياسيا وتنظيميا في العراق ؟ هل ستجلس تتفرج على شخصيات اخرى ، لا صلة لها بالعمل المسلح وهي تفاوض امريكا دون تفويض منها ؟ ما هو ثقل هذه الشخصيات ؟ كم قطرة دم دفعت ثمنا لتحرير العراق ؟ في العراق الان قوتان اساسيتان لا غير: المقاومة المسلحة بكافة تنظيماتها والاحتلال الاستعماري ، اما ا القوى الاخرى ، وطنية او عميلة ، فهي في واقع الحال ، قوى ثانوية من حيث التنظيم ،لا تستطيع تغيير الواقع ابدا ، وتلك حقيقة اثبتتها مجريات الاحداث خلال العامين الماضيين .
ويجب هنا ان نذكر بان المقاومة لم تقبل ابدا وجود قوات دولية تتولى الامن في العراق بعد الانسحاب الامريكي ، لانها قادرة على ضبط الامن والسيطرة التامة على الوضع في العراق ، وما ادعاءات العملاء من امثال الجعفري وعلاوي وغيرهما ان حربا اهلية ستقع اذا انسحب الاحتلال ، الا غطاء لبقاء الاحتلال . نعم يجب ان يكون المؤتمر واضحا تماما في رفض وجود اي قوات خارجية في العراق غير قوات المقاومة .
السؤال الثالث : ما المقصود ( بجدولة الانسحاب ) ، ذلك المطلب الغامض وغير المحدد ، هل يعني منح الاحتلال وقتا يكفي لاكمال الانسحاب طبقا للضرورات العملية ، وهي فترة يجب ان لا تتجاوز المتطلبات العملية للانسحاب ؟ ام انها تعني الموافقة على بقاء الاحتلال زمنا اطول من المتطلبات العملية للانسحاب ، كأن يسمح لها بالبقاء سنة او اكثر ؟ ان الجدولة ، من وجهة نظر المقاومة المعلنة ، يجب ان لا تستغرق اكثر من الوقت المطلوب لسحب الجيوش وسلاحها ، ودون منح الموافقة على اقامة قواعد عسكرية باي صفة . فهل المؤتمر من انصار الجدولة العملية ؟ ام من انصار الجدولة السياسية ؟ ان بقاء قوات الاحتلال فترة تتجاوز الوقت المطلوب لسحب القوات يعني ان الحكومة الوطنية ستكون تحت رحمة الاحتلال ، وان الاحتلال يمكن ان يستعيد سيطرته الكاملة في اي لحظة ، خصوصا وانه سينسحب مضطرا ، بفضل الثورة المسلحة .
السؤال الرابع : من سيفاوض الاحتلال ؟ المقاومة المسلحة او من تخوله ؟ ام شخصيات لا صلة لها بالمقاومة ، ولا تملك وزنا مؤثرا في احداث العراق ؟ ا ن اي شخصية او جماعة تقدم على التفاوض، دون موافقة المقاومة المسلحة المباشرة والرسمية ، ستعد خارجة على المصالح الوطنية للعراق ، وستسبب مشكلة جديدة لن يستفيد منها الا الاحتلال .
السؤال الخامس : هل يؤمن اعضاء المؤتمر بان المقاومة العراقية المسلحة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي ، كما حصل في كل الثورات التحررية ، ام ان هناك من يرى في نفسه ، فردا او تنظيما ، ممثلا للشعب العراقي ؟ ان المقاومة وليس غيرها هي التي تمثل الشعب العراقي ، لانها هي، وليس غيرها ، من تصدى للاحتلال وفجر وطور الثورة المسلحة ، وهي، وليس غيرها ،التي سفحت الدم وتعرض افرادها للموت والتعذيب والمطاردة ، وهي، وليس غيرها، من مرغ انف امريكا بالوحل واوصلها الى حد التعب وتوسل المفاوضات ، فهل يمكن نظريا وعمليا قبول اي ادعاء بتمثيل الشعب العراقي خارج ولاية المقاومة ؟ ان العراق لمن سفح الدم لتحريره ، ولمن دفع حياته مهرا لتحريره ، وهؤلاء ، وليس غيرهم ، من يمنحون الشرعية للاخرين ايا كانوا . وهذه الحقيقة العيانية التي شهدتها كل ثورات التحرير يجب ان تقبل بلا قيد او شرط في العراق ، كما قبلت في الجزائر، بالاعتراف بجبهة التحرير الوطني الجزائرية ممثلا وحيدا للشعب الجزائري ، وكما حصل في فيتنام ، بالاعتراف بجبهة التحرير الوطني الفيتنامية ممثلا وحيدا للشعب الفيتنامي ، وكما حصل في فلسطين، بالاعتراف بان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني . اذن على المؤتمر ان يتبنى قرارا صريحا وواضحا يعترف فيه بان المقاومة المسلحة ، وليس غيرها هي الممثل الوحيد للشعب العراقي .
السؤال السادس : من سيحضر المؤتمر ؟ هل هم اشخاص عاديون لا صلة لهم بالعمل الوطني الداخلي ؟ ام انهم بغالبيتهم ممن يعيشون في الاغتراب ولا يملكون ثقلا مؤثرا داخل العراق ؟ اننا مع احترامنا لكل عراقي في الخارج ، يجب ان نقول ان الكلمة الفصل هي لعراقيي الداخل ، ولذلك فان فاعلية وجدية المؤتمر تتجلى في تلبيته لمطالب الداخل وتبنيه لستراتيجية الداخل ، اما اذا اراد البعض ان ينشأ خطا موازيا لخط المقاومة وليس تعبيرا عنها ودعما لها ، فيجب ان نقول ان الثورة المسلحة خط واحد لا خطان ومنهج واحد لا منهجان ، وعلى كل وطني ان يلتزم بخط الثورة اذا كان يعمل من اجل تحرير العراق .

بعد طرح الاسئلة الاساسية ، نأمل من المؤتمر ان يكون اضافة نوعية لعمل المقاومة وليس دربا جديدا يفضي الى احداث البلبلة والتساؤلات والشروخ ، وعلى المؤتمرين ان يتذكروا بان الحل والربط بيد المقاومة وليس بيد اي طرف اخر . ان العبرة كل العبرة في القرارات التي سيتخذها المؤتمر ، وعلى هذا الاساس سنحكم عليه وسنتحرك بفعالية لا تردد فيها، بعد ان نعرف ما تمخض عنه . ان الثورة المسلحة وصلت مرحلة تفكيك قوة الاحتلال ورميه ارضا وجعله يصرخ تألما ، لذلك فان عيوننا مفتوحة واذاننا مترقبة ، لاي تحرك يهدد الثورة لنتصدى له بالحزم المطلوب ، تماما كما اننا مستعدون لمباركة كل توجه وطني حقيقي لدعم الثورة والعمل تحت مظلتها .


للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى الابــــد

Thursday, July 07, 2005

اسئلة لحظة تحريرالعراق

اسئلة لحظة تحريرالعراق



كتبَ المحلل السياسي والصحفي المعروف الاستاذ صلاح المختار تحليلاً مهماً سلطً الضوء فيه على مؤشرات هزيمة أميركا وعملائها في العراق.. وشبهَ جلسة الكونغرس الامريكي المنعقدة في 23 حزيران المنصرم بأنها تشبه تصريح الخميني في 8 آب 1988 حينما إعترفَ بالهزيمة أمام جيش وشعب العراق.. واليكم المقال:



بعد اعتراف امريكا بالهزيمة : اسئلة لحظة تحريرالعراق

صلاح المختار



كان واضحا تماما منذ انتهاء معركة الفلوجة الاولى، ان الاحتلال الاستعماري الامريكي للعراق قد اتخذ قرارا حاسما بالانسحاب من العراق بطريقة تحفظ ماء الوجه ، وانه اخذ يهيأ الراي العام الامريكي والعالمي لفكرة الانسحاب، تحت غطاء الادعاء انه اكمل واجبه في العراق . وكان سبب التوصل الى هذه الحقيقة هو قراءة الواقع العراقي وما فعلته المقاومة المسلحة العراقية خلال عام من النضال المسلح ، بكفاءة نادرة لم تشهدها اي حرب تحرير في العالم على الاطلاق . وكنا نؤكد، في كل دراسة او مقال، ان امريكا قد اعترفت ذاتيا بهزيمتها ، وبان المقاومة المسلحة ، اقوى وارسخ واوسع من ان تستطيع اي قوة في الارض التغلب عليها ، مهما استخدمت من اساليب متطرفة الوحشية . وجاءت كل التطورات الرئيسية والثانوية لتؤكد، بالتمام والكمال، ما قلناه .

والان وبعد ان اعترفت امريكا الرسمية باستحالة قهر المقاومة العراقية ، راينا انقلابات وتحركات هنا وهناك ، تتمحور حول هدف جوهري : محاولة اغتيال نصر المقاومة الحاسم عبر تكتيك ارتداء زي المقاومة والحزب والسير فيهما تحت الاضواء الساطعة، في عمليات استعراضية مكشوفة ! ما الذي يحدث ؟ وما هي تكتيكات المخابرات الامريكية الجديدة لارباك بعض الناس ،او لتضليل عناصر وطنية ؟ وهل يمكن لامريكا ان تستمر في المناورات وتتجنب الهزيمة ؟ وقبل ان نجيب على هذه الاسئلة لابد ان نشير الى جزء قليل من مظاهر الهزيمة النكراء التي اعترفت امريكا بها.



عواء ذئب حريح


لا مفر من الاعتراف بان ما جرى في الكونغرس الامريكي يوم 23 – 6 – 2005 كان تحولا حاسما وجوهريا في مجرى الثورة العراقية المسلحة ، اذ ان الجلسة التي عقدها مجلس الشيوخ الامريكي لاستجواب ، او للدقة محاكمة ، دونالد رمزفيلد ، وزير الحرب الامريكي ، كانت تكرار دقيقا لليوم التاريخي الذي اعلن فيه خميني انه يقبل بوقف طلاق النار مع (الجار المسلم) العراق ، وان اتخاذ ذلك القرار كان( كتجرع السم الزعاف) . وكما كان يوم 8 – 8 – 1988 يوم الاعلان الرسمي الايراني عن انتصار العراق على حرب الخراب والتقسيم ومحاول اجتثاث البعث ، التي فرضها نظام الصفويون الجدد في طهران على العراق، فان جلسة مجلس الشيوخ يوم 23 – 6- 2005 كانت الاعلان الرسمي عن هزيمة المشروع الامريكي في العراق، وقيام بوش ورهطه بتجرع السم الزعاف الذي اعده لهم شعب العراق البطل . وهكذا اندحر (المحافظون الجدد) كما اندحر قبلهم اشقائهم في ايران (الصفويون الجدد) ، وهم يناطحون جبل الشعب العراقي الاشم بقيادة البعث .


نعم الكونغرس الامريكي ، بديمقراطييه وجمهورييه ، اتفق على عدة حقائق كنا نقولها منذ عام على وجه الخصوص ، تاكيدا لما قلناه قبل الغزو في برنامج (الاتجاه المعاكس) في قناة الجزيرة ، من ان اليد الامريكية اذا امتدت الى داخل العراق ستقطع ،( وهي الان تقطع فعلا ). ومن بين اهم ما اضطر الكونغرس للاعتراف به الحقائق التالية ،التي قالها اعضاء مجلس الشيوخ :
اولا : ان الحل العسكري للتمرد في العراق ( اي المقاومة المسلحة ) مستحيل .
ثانيا : ان امريكا في نفق مظلم لا ترى الضوء في نهايته .
ثالثا : ان امريكا تهزم في العراق وان التمرد يتسع ويتقوى ويزداد امكانية .
رابعا : ان امريكا تغرق في مستنقع العراق .

هذه الحقائق قالها السناتورات تيد كنيدي وبيدن وشاغل وغيرهم ، اثناء استجواب رامزفيلد ، وتوبيخه على نحو لم يسبق له مثيل، نتيجة اقدامه على الكذب امامهم ! لقد قال كنيدي لرامزفيلد : انت ، يا سيد رامزفيلد، لم تخبرنا عن الحقيقة في العراق ، وتعمدت تقديم معلومات غير صحيحة لنا ، ونحن نعرف اننا في مستنقع خطير في العراق واننا نهزم ولا ننتصر . لقد تجرعت ( عصابة الاوغاد الدوليين ) الحاكمة في امريكا ، حسب تعبيرات الاستاذ محمد سعيد الصحاف ، سم الاعتراف بالهزيمة في العراق ، وبان ما يجري فيه ليس ( تمرد فلول النظام ) ، وان ( القضاء عليه هو مسالة ايام ) كما كان رامزفيلد يرتل في صلواته الشيطانية ، بل اعترف مجلس الشيوخ بان شعب العراق يقاوم ، وبالسلاح ، الاحتلال الاستعماري للعراق ، وان الدولة العراقية التي ذبحت استعادت حيويتها واكملت اعادة بناء الجيش ، بحرسه الجمهوري وفرقه الاساسية والمخابرات والتصنيع العسكري والاعلام والخارجية ... الخ ، وانها ضمنت السيطرة الفعلية على ارض العراق ، خصوصا بغداد تمهيدا للحظة الانهيار الكامل لقوات الاحتلال ، او رضوخه لشروط المقاومة ، وعودة الدولة العراقية واعلان جمهورية العراق الثانية الديمقراطية التعددية .

ان جلسة مجلس الشيوخ ليست سوى الخطوة الرسمية الاولى من قبل السلطة التشريعية على طريق اتخاذ القرار الرسمي العلني ( القرار الفعلي اتخذ ) بالانسحاب من العراق ، بشرط ان يتم بطريقة تحفظ ماء وجه امريكا امام شعبها والعالم، وتستبعد احتمال انهيار المشروع الامبراطوري العالمي . وقد سبق جلسة مجلس الشيوخ تصاعد حملة الانتقادات التي وجهها اعضاء الكونغرس وكان ابرزها تلميح السناتور الديمقراطي جوزيف بيدن بان القوات الامريكية تواجه كارثة في العراق ، فالثورة العراقية المسلحة اكبر من قدرة الادارة الامريكية وحدها على معالجتها ، اضافة الى ان التاكيدات التي صدرت من الرئيس بوش واركان ادارته لا تسمح لهم بالتراجع عنها، بل يجب ان يبدو الامر وكانه (اجماع وطني) امريكي على ضرورة الانسحاب، بعد اكمال عملية ( زرع الديمقراطية في العراق) ! لهذا تم استبعاد( المحافظون الجدد) واحدا اثر اخر ، وهم الذين ورطوا امريكا بغزو العراق ووضعوا خطة الغزو ونفذوها ، ابتداء بريتشارد بيرل ، الذي اعفي من منصبه ، وانتهاء ببول ولفووتز ، الذي ابعد بتعيينه رئيسا للبنك الدولي ، ومرورا بدوجلاس فيث ، الذي اجبر على الاستقالة !

وباستبعاد المحافظين الجدد واحلال من وصفوا ب ( المعتدلين ) محلهم ، ارادت ادارة بوش ان تعالج المأزق الامريكي بنفسها، وليس بواسطة تدخل الكونغرس ، فاعلنت كونداليزا رايس ان الادارة الامريكية لن تستخدم القوة بل الدبلوماسية في سياستها الخارجية . وزارت العراق وامرت الجعفري ان يتفاوض مع من اسمتها ( المقاومة الشرعية ) ، وهو وصف يكفي بحد ذاته لتاكيد الاعتراف الامريكي بالهزيمة ، وان يشرك السنة ، (سامحوني على اضطراري لاستخدام تعبيرات الصهيوفية،اي الصهيونية – الصفوية ، التي تريد تكريس النداء الطائفي) ، في العملية السياسية ووضع الدستور . لكن الثورة العراقية المسلحة ذات الطبيعة الوطنية التحررية اساسا ، لم ولن تسمح بترقيع راية الاحتلال، او تجميلها ، فالمسالة ليست مسالة اشتراك السنة في العملية السياسية ، وهو موضوع مفتعل ، بل هي مسالة اغتصاب واستعمارالعراق والتدمير المنظم له ماديا معنويا ، كما ان التفاوض مع ما اسمتها رايس ( المقاومة الشرعية ) ليس هو الموضوع الاساس بل انه قبول امريكا شروط المقاومة المسلحة ، والتي اعاد تاكيدها المجاهد الرفيق عزة الدوري، القائد الميداني الاعلى للمقاومة العراقية في رسائله الاخيرة .

لهذه الاسباب اتخذت قيادة المقاومة قرارا تاريخيا وحاسما بتصعيد المقاومة المسلحة ، خصوصا في المنطقة الكردية وجنوب العراق، لتاكيد الطابع الوطني الشامل لها وانها ليست ثورة بعثية او سنية او عربية بل هي ثورة وطنية ديمقراطية يشارك فيها كل العراقيين من عرب واكراد وتركمان ومسلمين ومسيحيين ...الخ .
ولقطع الطريق على من يريد التصيد في الماء العكر ، عبر استغلال اسم الحزب او المقاومة لدعم الادعاء البائس لرامزفيلد بان حكومته تتفاوض معها ، اكد المجاهد الدوري مؤخرا في رسائله ، بان المقاومة والحزب لم ولن يجريا اي اتصالات مباشرة مع القوات الامريكية او اي جهة امريكية ، وان الطريق الوحيد المفتوح امام امريكا كي تخرج من مازقها في العراق هو القبول التام وغير المشروط لمطاليب وشروط المقاومة ، ومن ثم لا مساومات ولا تراجع ولا مجال لاعطاء فرصة للاحتلال وعملاءه للالتقاط الانفاس واعادة تجميع الصفوف .

وهكذا اغلقت المقاومة الابواب امام محاولات اغراء افراد او منظمات مقاومة صغيرة للتفاوض مع القوات الامريكيةلايهام الكونغرس والراي العام الامريكي بان ادارة بوش تعمل كل ما تستطيع للتغلب على مشاكل احتلال العراق ، من جهة ولتوريط اطراف وطنية لاتملك الوعي والحصانة الكافيتين لادراك ما تخفيه امريكا من خطط لتدمير المقاومة عبر التقرب منها .

ا ن اي تفاوض مع الاحتلال خارج الجسد الرئيسي للمقاومة وشروطها سيعد خيانة للوطن، ومحاولة لكسر شوكة المقاومة ومنح فرصة للاحتلال كي يطيل بقاءه في العراق ، ولذلك لن يشفع لاحد تاريخه وسيعد كعلاوي والجعفري والحكيم . ان امريكا التي يحتضر وجودها في العراق ، تحاول التشبث بالاوهام ومنها حلمها ان تجد دواء لسرطانها .ان ادعاء رامزفيلد انه يجري اتصالات مع فصيل مقاوم هو لعبة صبيانية مفضوحة لسرقة الوقت، كان افضل تعبير عنها هو ما قاله في يوم 26- 6 – 2005 حينما اعترف وفق ما ذكرته وكالة 'أسوشيتدبرس' الإخبارية, بأن المقاومة العراقية لديها القدرة على البقاء لمدة 12 عاما ، وفي تصريحات اخرى له في نفس اليوم الأحد 26 – 6 لمجلة 'فوكس' الإخبارية ادعى 'رامسفيلد' (أن القوات الأمريكية لن تبقى في العراق حتى تحقق النصر الكامل على المقاومة العراقية، وأنه على الأرجح أن تتم هزيمة المقاومين بسواعد العراقيين أنفسهم ). رامزفيلد هنا يحل الغاز الانسحاب بنفسه : فهو يعترف بان المقاومة ستستمر 12 عاما وان قوات بلاده لا تستطيع هزيمتها وهي لن تبقى حتى هزيمة المقاومة ، بل ستترك الامر للقوات العراقية ، والتي يعترف هو مباشرة انها عاجزة عن دحر المقاومة ! اذن ما معنى كل هذه الهرطقة والهلوسة ،التي لا نسمعها الا في مستشفى الشماعية (وهي مستشفى المجانين في العراق ) ، او في مقاهي الحشيشة في طهران ؟ انه الهروب المنظم والمموه ، لكنه يكشف عما يموهه كما تكشف عري الامبراطور ملابسه الوهمية !


هتك اكاذيب رامزفيلد



لئن كان رامزفيلد قد ذكر، لتفسير اسباب اتصال امريكا بافراد ادعى انهم من المقاومة هو شق الاخيرة ، ودمج العراقيين منها بالعملية السياسية ،فانه تناسى عمدا ام الحقائق وهي ان المقاومة ، بقوتها الاساسية ، موحدة وغير قابلة للاختراق ، كما اكدت احداث السنتين الاخيرتين ، وانها عقدت العزم واقسمت على ذلك بالقران الكريم ، بان لا مساومات على مستقبل العراق واستقلاله وسيادته وعروبته وثرواته وحقوقه الثابتة ، وان الطريق الوحيد لخروج امريكا من العراق بطريقة سلمية هو القبول التام وغير المشروط لمطاليب المقاومة المسلحة .

اذن ما الذي اراد رامزفيلد ان يصل اليه وهو يعلم يقينا ان المقاومة محصنة ضد الاختراق والانشقاق والانزلاق ؟ ان رامزفيلد بالالعاب البهلوانية التي يؤديها اثناء الوقت الضائع المتبقي قبل الانهيار الكامل والفضائحي ، يريد اساسا منع تشكل معارضة واسعة النطاق ، رسمية في الكونغرس ، وشعبية ، تجهز بفعالية على سياسة ادارة بوش وتحملها مسؤولية تعريض المشروع الامبراطوري الامريكي العالمي للخطر والفشل ، من خلال التحديات المميتة التي تواجه الاحتلال الامريكي على ارض الرسالات الخالدة والقداسة ، اي العراق . ان امريكا التي لا تعرف ديانة مقدسة غير عبادة الدولار ، وجدت ان عراق الثورة المسلحة قد اصبح ثقبا اسودا ، كما وصف الوضع وزير فرنسي ، اخذ يبتلع بشراهة وحتمية لا مفر منها ، موارد الخزينة الامريكية التي تجمع من الضرائب التي يدفعها المواطن الامريكي ، بعد ان حرمت المقاومة المسلحة عليه استخدام موارد النفط العراقية وسيلة لتمويل الغزو ، وهو ما وعد به ( المحافظون الجدد ) الكونغرس الامريكي قبل الغزو للحصول على موافقته عليه .

وهنا يجب ان نكرر التذكير بخسائر امريكا الاقتصادية في العراق ، لانها لم تاتي الى العراق لاجل مشرزع خيري هو فرض( ديمقراطية) الابادة الجسدية للاخر، بل جاءت من اجل النهب والتوسع الامبريالي ، ولهذا فان الخسائر الاقتصادية اهم من ارواح الجنود الامريكيين ، طبقا لتعاليم ( توراة الدولار) ، فلقد كانت امريكا ، بكل مؤسساتها الحاكمة وليس الادارة فقط ، تحلم بالاستيلاء على اكبر مخزون نفطي في العراق ( حوالي 300 مليار برميل )، واطولها عمرا ( حوالي قرن ) ، وارخصها تكلفة ( برميل النفط في العراق يكلف نصف دولار وفي السعودية دولارين وفي اوربا عشرين دولار ) ، لكي تستخدم هذا الاحتياطي لحل ازمة الطاقة القادمة ، والتي تتجلى في تضاعف حاجة امريكا للطاقة خلال ال15 سنة القادمة في ظرف تناقص مصادر الطاقة النفطية ، كما كشف تقرير للمخابرات الامريكية ، من جهة ، ولاستخدامه كاداة ابتزاز ستراتيجي مدمرة الاثر ضد منافسي امريكا والقوى الصاعدة ، مثل اتحاد اوربا والصين والهند وروسيا ( روسيا ستواجه قريبا شحة طاقة ) ، من جهة ثانية ، لان امريكا عاجزة عن دحر منافسيها بالطرق السلمية لذلك تحتاج لفرض سيطرتها التامة على منابع النفط الرئيسية واهمها العراق .

لكن الذراع الضارب للثورة العراقية المسلحة حرم على امريكا السيطرة على نفط العراق واعادة بناء الصناعة النفطية فيه بطريقة تمكنها من تحويله الى اداة ابتزاز بالتحكم بكمياته واسعاره . لقد ضمنت الثورة ذلك بتبني ستراتيجية تحرير اهم مدماكين فيها هما اولا منع استثمارامريكا للنفط وثانيا اجبارها على النزف ماديا وبشريا حتى تتقيأ ما نهبته من العراق وتتخذ قرار الفرار منه . ماذا كانت نتيجة نجاح ستراتيجية المقاومة ؟ اول واهم نتيجة كانت تعرض امريكا لاستنزاف مدمر لا يمكنها تحمله الى مالا نهاية ، ومن اهم مظاهر ذلك العجز في الميزانية الفدرالية ومضاعفة الدين العام ، فقبل الغزو كان العجز الفدرالي حوالي 300 مليار دولار ، وقفز عام 2004 الى 600 مليار ، ويتوقع ان يقفز هذا العام ، طبقا للتقديرات الامريكية الرسمية ، الى 750 مليار دولار ! اما الدين العام فقد كان قبل الغزو حوالي 4 تريليون دولار، وقفز في عام 2004 الى 7 تريليون ونصف التريليون ، ولمن لا يعرف قيمة التريليون نقول انه الف مليار دولار ! والدين العام يعادل حوالي 85 % من قيمة الناتج القومي الامريكي ، وهذا يعني ان امريكا الدولة الكبرى الوحيدة التي تستهلك اكثر مما تنتج ! وانها تقف على قاعدة من رمل يمكن ان تتحرك بفعل حدث مفاجئ ، كتسونامي مالي او سياسي او عسكري ، فتنهار باعلان افلاس بضعة شركات عملاقة ! ان من اخطر مظاهر الازمة البنيوية في امريكا ازدياد تحويل الدولار الى اداة مضاربة مالية وحرمان الاستثمار الانتاجي منه .

هذه الحقائق المالية ، واكثر من اي شيئا اخر ، تتحكم في القرار الستراتيجي الامريكي لان امريكا ، ونكرر القول الاف المرات، تعبد الدولار وليس الاله الذي يعبده المسلمون والمسيحيون واليهود ، لذلك لم تتحرك ، بكونغرسها وكتاب فيها ، نتيجة قتل الجنود الامريكيين بالدرجة الاولى، بل نتيجة تعرضها للاستنزاف المادي ، فهؤلاء جميعهم يعبدون اله صنع من تمر ، طيب المذاق، وبقدر ما يعبد توجد رغبة متطرفة لالتهامه عند التعرض للجوع ! ان الشركات العملاقة تدرك منذ عام ان معركة امريكا في العراق خاسرة وان اله الوجود هو الله وليس يهوه او الدولار، وان الله يقف مع جنوده البعثيين والاسلاميين وغيرهم من الوطنيين الاخرين ، في العراق المقاوم لذلك صدرت الاشارات المخيفة لبوش، من العراق ومن الكونغرس الامريكي ، ان ينهي مغامرته في العراق باسرع وقت وبطريقة تحفظ ماء الوجه لاجل ايقاف نزيف امريكا . ان الثورة العراقية المسلحة تقترب بسرعة من حالة تحولها الى القداحة التي ستشعل حريق تسونامي الانهيار الامريكي المحتوم ، اذا بقيت تقاتل في العراق باموال امريكية وبارواح امريكية لمدة عام اخر، بعد ان حققت الثورة احد اهم اهدافها : التعجيز شبه التام لقوات بدر وتنظيمات العملاء الاخرين مما جعل الحكومة العميلة تزداد اعتمادا على قوات الاحتلال بدل ان تستخدم امريكا الجحوش للقتال ضد الشعب العراقي الثائر . وكان افضل تعبير عن ذلك هو الاستجداء الذليل الذي قام به ابراهيم الجعفري ،الايراني الهوى والهوية، عند زيارته لواشنطن ولندن، لاجل بقاء قوات الاحتلال وعدم سحبها، لان ذلك سيمكن المقاومة من اكمال تحرير العراق في عملية لن تستغرق اكثر من 3 ساعات !

الثورة العراقية المسلحة اصبحت ثقبا اسودا يمتص اموال امريكا وارواح شبابها وبمستويات وكميات لا يمكنها تحملها الا لبضعة اشهر . هل فهمتم الان لم ذاب شمع وجه رامزفيلد واخذ يهذي من شدة حمى الهزيمة ، مع انه كان المتجبر الاكبر، مع العالم ، والمتنمر الاحمر مع الشعب العراقي ، والساخر الاشطر، ممن يتحدثون عن عجز امريكا عن قهر المقاومة ، والناكر الاعور لما يراه حتى الاعمى من توسع الثورة المسلحة ؟ حينما كتب الفيلسوف الالماني نيتشة كتابه ( هكذا تكلم زرادشت ) كان يكتبه اثناء وقوعه صريع نوبة سفلس اصابه وجره الى القبر ، وكان من اعجب ما في هذه القصة هو ان نوبة السفلس كانت تفتح امام نيتشة ابواب الابداع والعبقرية، فقدم لنا واحدة من اروع النتاجات الفلسفية والادبية ، اما صاحبنا رامزفيلد فانه عجوز وغير مصاب بالسفلس ، لكنه مصاب بمرض اخطر منه وهو عمى البصيرة ، لذلك لم يقدم للبشرية نصا رائعا كنص نيتشة بل قدم قيئا وقيحا منبعهما نفس اصيبت بايدز الروح ، مما جعلها ترى العالم بصفته ملعبا كبيرا لعصابة المافيا الامريكية الدولية، واذا تعذر ذلك فان العلم يصبح كابوسا حرائقيا تتوقد نيرانه ، وهي تتراقص على انغام ربابة نيرون ، الذي كان يتلذذ بمشاهدة روما وهي تحترق ! لقد ادعى رامزفيلد ان حكومته تتفاوض مع المقاومة رغم ان العالم كله يرى العكس وهو ان المقاومة قد صعدت ثورتها المسلحة منذ الانتخابات المزورة ، وجعلتها تشمل كل بقعة في العراق ، لدرجة ان عملاء الاحتلال الكبار ، مثل جلال الطالباني والجعفري لا يجرأون على الخروج الى الشارع الا وهم يختبؤن في سيارات الاسعاف او الزبالة. كما ان اربيل والسليمانية وحلبجة ودهوك ،اخذت تحاول اللحاق بشقيقاتها الفلوجة وبهرز والقائم والناصرية والعمارة والحلة والبصرة !

ان ما يجعل رامزفيلد وحكام امريكا مفزوعين وممسوسين بهاجس الكذب هو التبلور التام لاربعة حقائق اخذ العالم بكل قاراته يراها ويتجه للاعتراف بها :

الحقيقة الاولى : ان قوات الاحتلال والمتجحفلين معها ، من جحوش ومرتزقة اقليميين ودوليين، لا تستطيع القضاء على الثورة المسلحة ، وان المقاومة تتسع وتزداد شراسة مقابل الانهيار الواضح لجيوش الاحتلال ، وهذا ما برز واضحا في معارك الفلوجة والقائم والرمادي والكرابلة وديالى والعبيدي وبغداد ، خصوصا معارك طريق مطار صدام الدولي .

الحقيقة الثانية :ان القوتين الاساسيتين الموجودتين في العراق وتتحكمان في احداثه هما المقاومة المسلحة ( خصوصا قوات الحرس الجمهوري ) ، وقوات الاحتلال ، وبينهما لا توجد الا قوى هامشية او ثانوية الحجم الجماهيري، سواء كانت عميلة او وطنية . ففيلق بدر الايراني تم تدمير قوته الاساسية، وهذا ينطبق على حزب الدعوة الايراني ، والبيشمركة الصهيونية انكمشت وقلصت مشاركتها في احداث وسط وجنوب العراق، وهي تتلقى ضربات شديدة الايجاع في مناطقها الداخلية في شمال العراق ، اما المؤتمر التاسيسي فهو ليس اكثر من تشكيل يضم شخصيات تفتقر للقواعد الشعبية ،والكثير من اعضاءه من خريجي مدرسة لندن، وهذا ينطبق على هيئة علماء المسلمين، فهي عبارة عن تجمع افراد بعضهم وطني دون شك ولكن بعضهم الاخر عميل صريح كاعضاء الحزب الاسلامي الخائن والعميل للاستعمار الامريكي . وهذه الحقيقة تعني تحديدا ان امريكا عاجزة عن الوصول لحل لازمتها في العراق مع اي قوة خارج المقاومة المسلحة ، لان من يتفق معها ، سواء كان وطنيا او عميلا ، لا يملك الشعبية المطلوبة لتنفيذ اي اتفاق . كماان تحشيد كل هذه التشكيلات الهامشية ،او التي همشت بفضل ضربات المقاومة ، لن يؤدي الى اضعاف المقاومة المسلحة والعثور على حل لازمة امريكا في العراق ، لانه يقع الان تحت سيطرة المقاومة فعليا ، وهي التي تقرر ما يجب تنفيذه وما يجب منع تنفيذه .

الحقيقة الثالثة : ان المقاومة المسلحة قد تكرست وترسخت بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي ، وتتجسد هذه الحقيقة في الواقع العراقي، اذ لولا الدعم المطلق لها من قبل الشعب العراقي لما تمكنت من الاستمرار، ولما نجحت في التغلب على كل عمليات الابادة الجماعية التي تعرضت لها ، ولنجحت خطط الاختراق الاستخباري . لقد تجسدت القاعدة الاساسية لاي حرب عصابات في العراق ,والتي تقول ( ان المقاومة كالسمك لا يمكنه العيش الا في المياه )، فلولا الدعم الشعبي للمقاومة لما استمرت وتوسعت وانتصرت . هذه الحقيقة تشتق منها بديهية اخرى شهدتها كل حروب التحرير ، وهي ان سلامة مواقف القوى الاخرى غير المساهمة في المقاومة المسلحة تتحدد في ضوء موقفها من المقاومة المسلحة ، فبقد ما تقترب من المقاومة وتدعمها تكتسب سلامة الموقف . نعم ليس كل من لا يساهم في المقاومة المسلحة عميل ، فهذا منطق ظالم وقاصر ، لان الكثير من الوطنيين لا يملكون الرؤية البعيدة للاقتناع بممارسة المقاومة المسلحة او انهم يريدون ذلك لكنهم لا يستطيعون ، فيكتفون بالمقاومة السلمية ، ولكن في هذه الحالة يجب الا يسلك هؤلاء طريقا يتصادم في النهاية مع خط المقاومة ، في موضوع الحل النهائي لمشكلة الاحتلال .
الحقيقة الرابعة : ان قوات الجيش العراقي الباسل قد اكملت اعادة تنظيم صفوفها ، وشكلت الفرق الاساسية وعين قادة عسكريون لها ، وكلفت بواجبات قتالية تتعلق بمرحلة انهيار الاحتلال والامساك التام بالعراق المحرر وحمايته من اي تدخل خارجي ، اضافة لتنظيف مدن وقرى العراق من بقايا الاحتلال . ان عودة الجيش العراقي الذي اعتقد الاحتلال انه تمكن من حله ، وخوضه لمعارك التحرير بزيه الرسمي ابتداء من معركة الفلوجة الاولى ، هو احدى اهم الخطوات الحاسمة والنهائية استعدادا لاكتمال عملية تحرير العراق .

التعامل الصحيح مع الحقائق


في ضوء هذه الحقائق الاربعة المذكورة ، والتي تتحكم في الوضع العراقي ، على امريكا ان تتعامل مع الثورة العراقية المسلحة المنتصرة ، خصوصا التعامل مع الاسئلة التالية، والاجابة عليها بصورة صحيحة ، بعيدا عن اوهام القوة والغطرسة الامبراطورية الفارغة :
السؤال الاول : الا تدرك امريكا ا ن اي اتفاق ، حتى لو تم ، مع اي شخص او جماعة او فصيل لن يؤثر على مجرى المقاومة المسلحة ؟ ن الجواب اليقيني هو نعم انها تدرك ذلك ، بحكم تجربتها الميدانية ، لذلك لابد من طرح السؤال التالي
السؤال الثاني : : اذن ما الغرض من مناورة البحث عن اشخاص او تنظيمات صغيرة لعقد صفقة انتهازية معها ؟ اذا كان الجواب انها تريد اللعب بالوقت الضائع ، املا في حصول تطور مفاجئ لصالحها ، فان سؤالا اخرا يفرض نفسه :
السؤال الثالث : اذا كانت المقاومة العراقية هي اخر معجزات عصرنا ، والتي احتاطت لكل احتمالات مرحلة التحرير قبل الغزو، فهل تتوقع امريكا معجزة لن تحصل ؟ وماذا تنتظر غير تلاشي فرص الانسحاب الذي يحفظ ماء الوجه ؟ اذا كان الجواب انها تريد الضغط على المقاومة للتخلي عن شروطها المعلنة ، عبر هذه البهلوانيات الرامزفيلدية ، فأن السؤال الاخر المهم هو :
السؤال الرابع : الم تعلم ادارة بوش حتى الان ان الثورة المسلحة هي ثورة شعب وامة في طور البعث والنهوض ، وان اي ضغط ابتزازي ، ومهما كان قاسيا ، لن ينجح في تغيير مسارها ، مهما كان الثمن ، وان النصر الحاسم قد اصبح مسالة وقت لا غير ؟

هذه الاسئلة ، وغيرها كثير ، بدراستها مع الاجوبة الضرورية عليها، تفضي الى حقيقة اصبحت معروفة ومن المستحيل الهرب منها ، وهي ان ادارة بوش ، والمؤسسة شبه السرية الحاكمة خلفها ، تدركان جيدا ان غزو العراق قد اصبح اكبر كارثة ( وطنية ) وستراتيجية تتعرض لها امريكا في تاريخها كله ، وهو ما نبه اليه السناتورات شاغل وكنيدي وغيرهما بوضوح تام . ان هزيمة امريكا في العراق تحدث في زمن اصبحت فيه اقوى امبراطورية في التاريخ ، والاهم انها لاتجد رادعا دوليا كبيرا ،او قوة عظمى اخرى تحد من استكلابها وخروجها على كل قانون او قاعدة وضعتها هي او الغرب ، لذلك حينما تاتي المقاومة العراقية ، وهي ليست سوى قوة شعب بسيط التسلح والامكانات ، وتهزم امريكا ، فان وجع الهزيمة يؤدي الى انفجار قلب اله امريكا : الدولار ! او تعرض عبدته الى التشرذم وخسارة كل شيئ . من هنا فان عبدة الدولار يفكرون بامرين متلازمين،

ألأمر ألأول: التهيئة للانسحاب بطريقة تحفظ ماء وجة امبراطورية الدولار الكونية ، وفي اطار ذلك الهدف تجري منذ عام عملية مدروسة لاعادة غسل ادمغة الراي العام ، الامريكي اولا والعالمي ثانيا ، كي يتقبل الانسحاب من العراق على انه قرار امريكي تم بعد ان انهت امريكا مهمتها في العراق ، باسقاط النظام الوطني واجراء (انتخابات) وبناء جيش جديد وقوات امن جديدة وتسليم السلطة لـ(عراقيين) ، كما يقول الشمعي الوجه رامزفيلد !

الامر الثاني : السعي ، وبكافة الطرق ، للعثور على اي ثغرة او صنع ثغرة ، في صفوف المقاومة واستغلالها لشقها وتغيير مجرى الصراع في العراق وبالتالي في المنطقة والعالم ، وهكذا يصبح ممكنا بقاء الاحتلال في العراق ، واحياء مشروع تغيير الشرق الاوسط برمته ، لانشاء نظام استعماري امريكي اقليمي .
هنا ، وهنا بالذات ، تكمن ازمة امريكا المركبة الخطيرة، الاقتصادية والامنية والسايكولوجية والستراتيجية ، وهي خطيرة جدا لانها تستبطن في جيناتها فايروس ايدز بنيوي مدمر ، لا علاج له الا الوفاة الحتمية ، اسمه تداعي قدرة امريكا على انتاج واعادة انتاج خلايا شابة تجدد قدرتها على المطاولة والصمود . ان صرخات اعضاء الكونغرس الامريكي، ومطالبتهم بتحديد جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية من العراق ، والتي تتعالى يوميا منذ معركة القائم الفاصلة ، ما هي الا تعبيرات دقيقة عن حالة تداعي جسد امريكا والتهام هؤلاء السناتورات والنواب لالهة التمر الامريكية التي صنعوها هم، في زمن الاستبداد الامريكي . ان امريكا اليوم تبدو للجميع ( كالدجاجة تموت وعينها على المزبلة) كما يقول المثل العراقي الشهير ، فهي تنهار وتعترف بالانهيار وتدعو الى التفاوض وتدعي حصوله ، ومع ذلك فهي تفكر بالخداع والاعداد لمكائد غادرة . لكن العراق ، الذي قرر ان يجعل امريكا تنتحر عند اسوار بغدادا كما وعد امام المجاهدين الرئيس الاسير صدام حسين ( فك الله اسره ) ، والذي خطط لجعل ام المعارك نهاية معارك الامة العربية الظافرة ، هذا العراق يشهد احتضار المشروع الامبراطوري الامريكي على ارضه المقدسة ، عبر استنزاف موارد امريكا واهانة عسكريتها ، مع انها تعودت على اهانة كل البشرية بصغارها وكبارها !

ايها العراقيون : انكم الان تقتربون من النصر بسرعة البرق ، وغدا ستشهدون من شاشات التلفزيون قوات الغدر البوشية تنسحب وفيلق بدرالصفوية تتحفى تاركة احذيتها وهي تهرب مذعورة من العراق ، ماذا نحتاج في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة ؟ المطلوب من نساء العراق ان يتدربن على زغاريد النصر بسرعة ، لانها ليست مثل زغاريد الاعراس الاسبوعية ، والمطلوب من محلات بيع الزهور ان تعد كميات كبيرة من الورد لتنثر على مواكب المجاهدين، وهم يستعرضون قواتهم في ساحة الاحتفالات الكبرى غدا . واذا كان الطالباني والجعفري والسيستاني لا يتجرأون الان على التنقل الا بسيارت الاسعاف او الزبالة فكيف سيضمنون الهروب غدا ، في يوم التحرير ، حيث لن تستغرق عملية الامساك بامن العراق عند انسحاب الاحتلال اكثر من 3 ساعات ، كما قال القائد الاسير المجاهد طارق عزيز(فك الله اسره) لمحققيه الامريكيين ؟
salahalmukhtar@hotmail.com

للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبـــــد

اسئلة لحظة تحريرالعراق



كتبَ المحلل السياسي والصحفي المعروف الاستاذ صلاح المختار تحليلاً مهماً سلطً الضوء فيه على مؤشرات هزيمة أميركا وعملائها في العراق.. وشبهَ جلسة الكونغرس الامريكي المنعقدة في 23 حزيران المنصرم بأنها تشبه تصريح الخميني في 8 آب 1988 حينما إعترفَ بالهزيمة أمام جيش وشعب العراق.. واليكم المقال:



بعد اعتراف امريكا بالهزيمة : اسئلة لحظة تحريرالعراق

صلاح المختار



كان واضحا تماما منذ انتهاء معركة الفلوجة الاولى، ان الاحتلال الاستعماري الامريكي للعراق قد اتخذ قرارا حاسما بالانسحاب من العراق بطريقة تحفظ ماء الوجه ، وانه اخذ يهيأ الراي العام الامريكي والعالمي لفكرة الانسحاب، تحت غطاء الادعاء انه اكمل واجبه في العراق . وكان سبب التوصل الى هذه الحقيقة هو قراءة الواقع العراقي وما فعلته المقاومة المسلحة العراقية خلال عام من النضال المسلح ، بكفاءة نادرة لم تشهدها اي حرب تحرير في العالم على الاطلاق . وكنا نؤكد، في كل دراسة او مقال، ان امريكا قد اعترفت ذاتيا بهزيمتها ، وبان المقاومة المسلحة ، اقوى وارسخ واوسع من ان تستطيع اي قوة في الارض التغلب عليها ، مهما استخدمت من اساليب متطرفة الوحشية . وجاءت كل التطورات الرئيسية والثانوية لتؤكد، بالتمام والكمال، ما قلناه .

والان وبعد ان اعترفت امريكا الرسمية باستحالة قهر المقاومة العراقية ، راينا انقلابات وتحركات هنا وهناك ، تتمحور حول هدف جوهري : محاولة اغتيال نصر المقاومة الحاسم عبر تكتيك ارتداء زي المقاومة والحزب والسير فيهما تحت الاضواء الساطعة، في عمليات استعراضية مكشوفة ! ما الذي يحدث ؟ وما هي تكتيكات المخابرات الامريكية الجديدة لارباك بعض الناس ،او لتضليل عناصر وطنية ؟ وهل يمكن لامريكا ان تستمر في المناورات وتتجنب الهزيمة ؟ وقبل ان نجيب على هذه الاسئلة لابد ان نشير الى جزء قليل من مظاهر الهزيمة النكراء التي اعترفت امريكا بها.



عواء ذئب حريح


لا مفر من الاعتراف بان ما جرى في الكونغرس الامريكي يوم 23 – 6 – 2005 كان تحولا حاسما وجوهريا في مجرى الثورة العراقية المسلحة ، اذ ان الجلسة التي عقدها مجلس الشيوخ الامريكي لاستجواب ، او للدقة محاكمة ، دونالد رمزفيلد ، وزير الحرب الامريكي ، كانت تكرار دقيقا لليوم التاريخي الذي اعلن فيه خميني انه يقبل بوقف طلاق النار مع (الجار المسلم) العراق ، وان اتخاذ ذلك القرار كان( كتجرع السم الزعاف) . وكما كان يوم 8 – 8 – 1988 يوم الاعلان الرسمي الايراني عن انتصار العراق على حرب الخراب والتقسيم ومحاول اجتثاث البعث ، التي فرضها نظام الصفويون الجدد في طهران على العراق، فان جلسة مجلس الشيوخ يوم 23 – 6- 2005 كانت الاعلان الرسمي عن هزيمة المشروع الامريكي في العراق، وقيام بوش ورهطه بتجرع السم الزعاف الذي اعده لهم شعب العراق البطل . وهكذا اندحر (المحافظون الجدد) كما اندحر قبلهم اشقائهم في ايران (الصفويون الجدد) ، وهم يناطحون جبل الشعب العراقي الاشم بقيادة البعث .


نعم الكونغرس الامريكي ، بديمقراطييه وجمهورييه ، اتفق على عدة حقائق كنا نقولها منذ عام على وجه الخصوص ، تاكيدا لما قلناه قبل الغزو في برنامج (الاتجاه المعاكس) في قناة الجزيرة ، من ان اليد الامريكية اذا امتدت الى داخل العراق ستقطع ،( وهي الان تقطع فعلا ). ومن بين اهم ما اضطر الكونغرس للاعتراف به الحقائق التالية ،التي قالها اعضاء مجلس الشيوخ :
اولا : ان الحل العسكري للتمرد في العراق ( اي المقاومة المسلحة ) مستحيل .
ثانيا : ان امريكا في نفق مظلم لا ترى الضوء في نهايته .
ثالثا : ان امريكا تهزم في العراق وان التمرد يتسع ويتقوى ويزداد امكانية .
رابعا : ان امريكا تغرق في مستنقع العراق .

هذه الحقائق قالها السناتورات تيد كنيدي وبيدن وشاغل وغيرهم ، اثناء استجواب رامزفيلد ، وتوبيخه على نحو لم يسبق له مثيل، نتيجة اقدامه على الكذب امامهم ! لقد قال كنيدي لرامزفيلد : انت ، يا سيد رامزفيلد، لم تخبرنا عن الحقيقة في العراق ، وتعمدت تقديم معلومات غير صحيحة لنا ، ونحن نعرف اننا في مستنقع خطير في العراق واننا نهزم ولا ننتصر . لقد تجرعت ( عصابة الاوغاد الدوليين ) الحاكمة في امريكا ، حسب تعبيرات الاستاذ محمد سعيد الصحاف ، سم الاعتراف بالهزيمة في العراق ، وبان ما يجري فيه ليس ( تمرد فلول النظام ) ، وان ( القضاء عليه هو مسالة ايام ) كما كان رامزفيلد يرتل في صلواته الشيطانية ، بل اعترف مجلس الشيوخ بان شعب العراق يقاوم ، وبالسلاح ، الاحتلال الاستعماري للعراق ، وان الدولة العراقية التي ذبحت استعادت حيويتها واكملت اعادة بناء الجيش ، بحرسه الجمهوري وفرقه الاساسية والمخابرات والتصنيع العسكري والاعلام والخارجية ... الخ ، وانها ضمنت السيطرة الفعلية على ارض العراق ، خصوصا بغداد تمهيدا للحظة الانهيار الكامل لقوات الاحتلال ، او رضوخه لشروط المقاومة ، وعودة الدولة العراقية واعلان جمهورية العراق الثانية الديمقراطية التعددية .

ان جلسة مجلس الشيوخ ليست سوى الخطوة الرسمية الاولى من قبل السلطة التشريعية على طريق اتخاذ القرار الرسمي العلني ( القرار الفعلي اتخذ ) بالانسحاب من العراق ، بشرط ان يتم بطريقة تحفظ ماء وجه امريكا امام شعبها والعالم، وتستبعد احتمال انهيار المشروع الامبراطوري العالمي . وقد سبق جلسة مجلس الشيوخ تصاعد حملة الانتقادات التي وجهها اعضاء الكونغرس وكان ابرزها تلميح السناتور الديمقراطي جوزيف بيدن بان القوات الامريكية تواجه كارثة في العراق ، فالثورة العراقية المسلحة اكبر من قدرة الادارة الامريكية وحدها على معالجتها ، اضافة الى ان التاكيدات التي صدرت من الرئيس بوش واركان ادارته لا تسمح لهم بالتراجع عنها، بل يجب ان يبدو الامر وكانه (اجماع وطني) امريكي على ضرورة الانسحاب، بعد اكمال عملية ( زرع الديمقراطية في العراق) ! لهذا تم استبعاد( المحافظون الجدد) واحدا اثر اخر ، وهم الذين ورطوا امريكا بغزو العراق ووضعوا خطة الغزو ونفذوها ، ابتداء بريتشارد بيرل ، الذي اعفي من منصبه ، وانتهاء ببول ولفووتز ، الذي ابعد بتعيينه رئيسا للبنك الدولي ، ومرورا بدوجلاس فيث ، الذي اجبر على الاستقالة !

وباستبعاد المحافظين الجدد واحلال من وصفوا ب ( المعتدلين ) محلهم ، ارادت ادارة بوش ان تعالج المأزق الامريكي بنفسها، وليس بواسطة تدخل الكونغرس ، فاعلنت كونداليزا رايس ان الادارة الامريكية لن تستخدم القوة بل الدبلوماسية في سياستها الخارجية . وزارت العراق وامرت الجعفري ان يتفاوض مع من اسمتها ( المقاومة الشرعية ) ، وهو وصف يكفي بحد ذاته لتاكيد الاعتراف الامريكي بالهزيمة ، وان يشرك السنة ، (سامحوني على اضطراري لاستخدام تعبيرات الصهيوفية،اي الصهيونية – الصفوية ، التي تريد تكريس النداء الطائفي) ، في العملية السياسية ووضع الدستور . لكن الثورة العراقية المسلحة ذات الطبيعة الوطنية التحررية اساسا ، لم ولن تسمح بترقيع راية الاحتلال، او تجميلها ، فالمسالة ليست مسالة اشتراك السنة في العملية السياسية ، وهو موضوع مفتعل ، بل هي مسالة اغتصاب واستعمارالعراق والتدمير المنظم له ماديا معنويا ، كما ان التفاوض مع ما اسمتها رايس ( المقاومة الشرعية ) ليس هو الموضوع الاساس بل انه قبول امريكا شروط المقاومة المسلحة ، والتي اعاد تاكيدها المجاهد الرفيق عزة الدوري، القائد الميداني الاعلى للمقاومة العراقية في رسائله الاخيرة .

لهذه الاسباب اتخذت قيادة المقاومة قرارا تاريخيا وحاسما بتصعيد المقاومة المسلحة ، خصوصا في المنطقة الكردية وجنوب العراق، لتاكيد الطابع الوطني الشامل لها وانها ليست ثورة بعثية او سنية او عربية بل هي ثورة وطنية ديمقراطية يشارك فيها كل العراقيين من عرب واكراد وتركمان ومسلمين ومسيحيين ...الخ .
ولقطع الطريق على من يريد التصيد في الماء العكر ، عبر استغلال اسم الحزب او المقاومة لدعم الادعاء البائس لرامزفيلد بان حكومته تتفاوض معها ، اكد المجاهد الدوري مؤخرا في رسائله ، بان المقاومة والحزب لم ولن يجريا اي اتصالات مباشرة مع القوات الامريكية او اي جهة امريكية ، وان الطريق الوحيد المفتوح امام امريكا كي تخرج من مازقها في العراق هو القبول التام وغير المشروط لمطاليب وشروط المقاومة ، ومن ثم لا مساومات ولا تراجع ولا مجال لاعطاء فرصة للاحتلال وعملاءه للالتقاط الانفاس واعادة تجميع الصفوف .

وهكذا اغلقت المقاومة الابواب امام محاولات اغراء افراد او منظمات مقاومة صغيرة للتفاوض مع القوات الامريكيةلايهام الكونغرس والراي العام الامريكي بان ادارة بوش تعمل كل ما تستطيع للتغلب على مشاكل احتلال العراق ، من جهة ولتوريط اطراف وطنية لاتملك الوعي والحصانة الكافيتين لادراك ما تخفيه امريكا من خطط لتدمير المقاومة عبر التقرب منها .

ا ن اي تفاوض مع الاحتلال خارج الجسد الرئيسي للمقاومة وشروطها سيعد خيانة للوطن، ومحاولة لكسر شوكة المقاومة ومنح فرصة للاحتلال كي يطيل بقاءه في العراق ، ولذلك لن يشفع لاحد تاريخه وسيعد كعلاوي والجعفري والحكيم . ان امريكا التي يحتضر وجودها في العراق ، تحاول التشبث بالاوهام ومنها حلمها ان تجد دواء لسرطانها .ان ادعاء رامزفيلد انه يجري اتصالات مع فصيل مقاوم هو لعبة صبيانية مفضوحة لسرقة الوقت، كان افضل تعبير عنها هو ما قاله في يوم 26- 6 – 2005 حينما اعترف وفق ما ذكرته وكالة 'أسوشيتدبرس' الإخبارية, بأن المقاومة العراقية لديها القدرة على البقاء لمدة 12 عاما ، وفي تصريحات اخرى له في نفس اليوم الأحد 26 – 6 لمجلة 'فوكس' الإخبارية ادعى 'رامسفيلد' (أن القوات الأمريكية لن تبقى في العراق حتى تحقق النصر الكامل على المقاومة العراقية، وأنه على الأرجح أن تتم هزيمة المقاومين بسواعد العراقيين أنفسهم ). رامزفيلد هنا يحل الغاز الانسحاب بنفسه : فهو يعترف بان المقاومة ستستمر 12 عاما وان قوات بلاده لا تستطيع هزيمتها وهي لن تبقى حتى هزيمة المقاومة ، بل ستترك الامر للقوات العراقية ، والتي يعترف هو مباشرة انها عاجزة عن دحر المقاومة ! اذن ما معنى كل هذه الهرطقة والهلوسة ،التي لا نسمعها الا في مستشفى الشماعية (وهي مستشفى المجانين في العراق ) ، او في مقاهي الحشيشة في طهران ؟ انه الهروب المنظم والمموه ، لكنه يكشف عما يموهه كما تكشف عري الامبراطور ملابسه الوهمية !


هتك اكاذيب رامزفيلد



لئن كان رامزفيلد قد ذكر، لتفسير اسباب اتصال امريكا بافراد ادعى انهم من المقاومة هو شق الاخيرة ، ودمج العراقيين منها بالعملية السياسية ،فانه تناسى عمدا ام الحقائق وهي ان المقاومة ، بقوتها الاساسية ، موحدة وغير قابلة للاختراق ، كما اكدت احداث السنتين الاخيرتين ، وانها عقدت العزم واقسمت على ذلك بالقران الكريم ، بان لا مساومات على مستقبل العراق واستقلاله وسيادته وعروبته وثرواته وحقوقه الثابتة ، وان الطريق الوحيد لخروج امريكا من العراق بطريقة سلمية هو القبول التام وغير المشروط لمطاليب المقاومة المسلحة .

اذن ما الذي اراد رامزفيلد ان يصل اليه وهو يعلم يقينا ان المقاومة محصنة ضد الاختراق والانشقاق والانزلاق ؟ ان رامزفيلد بالالعاب البهلوانية التي يؤديها اثناء الوقت الضائع المتبقي قبل الانهيار الكامل والفضائحي ، يريد اساسا منع تشكل معارضة واسعة النطاق ، رسمية في الكونغرس ، وشعبية ، تجهز بفعالية على سياسة ادارة بوش وتحملها مسؤولية تعريض المشروع الامبراطوري الامريكي العالمي للخطر والفشل ، من خلال التحديات المميتة التي تواجه الاحتلال الامريكي على ارض الرسالات الخالدة والقداسة ، اي العراق . ان امريكا التي لا تعرف ديانة مقدسة غير عبادة الدولار ، وجدت ان عراق الثورة المسلحة قد اصبح ثقبا اسودا ، كما وصف الوضع وزير فرنسي ، اخذ يبتلع بشراهة وحتمية لا مفر منها ، موارد الخزينة الامريكية التي تجمع من الضرائب التي يدفعها المواطن الامريكي ، بعد ان حرمت المقاومة المسلحة عليه استخدام موارد النفط العراقية وسيلة لتمويل الغزو ، وهو ما وعد به ( المحافظون الجدد ) الكونغرس الامريكي قبل الغزو للحصول على موافقته عليه .

وهنا يجب ان نكرر التذكير بخسائر امريكا الاقتصادية في العراق ، لانها لم تاتي الى العراق لاجل مشرزع خيري هو فرض( ديمقراطية) الابادة الجسدية للاخر، بل جاءت من اجل النهب والتوسع الامبريالي ، ولهذا فان الخسائر الاقتصادية اهم من ارواح الجنود الا

Friday, July 01, 2005

نواقض الرمز: إنزاله ارضاً

اعجبني المقال الجديد للأستاذ صلاح المختار والذي كان بعنوان (نواقض الرمز) .. وفيما يلي مقطعا منهُ.. ولمن يرغب الاطلاع على نص المقال فيمكنهُ ذلك عن طريق الضغط على عنوان المقال:


نواقض الرمز: إنزاله ارضاً
صلاح المختار



الرمز من بين اهم مكونات الهوية وعناصر المحافظة عليها، بنفس الوقت، وهو نتاج تطور تاريخي، قد يكون طويلاً، تختلط فيه التقاليد والوعي والمصالح، فيثمر ذلك رموزاً مقدسة، أو محترمة، أو أنها من مداميك التميز في مختلف مجالاته. ومنذ فجر التاريخ كان الانسان يصنع رموزه ويجلها، أو يعبدها، وكانت الرموز الابتدائية، والبدائية، تعتمد على، وتنطلق من، الظواهر المحيطة بالانسان، سواء كانت طبيعية، كالمطر والنار والبرق والزلزال، أو ميتافيزيقية، كغرابة الوجود والخلق، وما فيهما من ولادة ونماء وموت. ونتيجة بدائية تفكير الانسان القديم كان يظن ان كل ما يحيط به خاضع لقوى شريرة تهدد وجوده، ولذلك كانت الرموز الاولى هي رموز رشوة، فذلك الانسان كان يختلق رمزاً من حجر أو شجر أو نجوم، ويقدم له الاضاحي، المادية والحيوانية، وحتى البشرية، كي ترضى عنه القوى الشريرة. ومع تطور وعي الانسان وارتقائه تطورت الرموز، واصبحت بغالبيتها رموزاً دينية أو قومية أو فنية.

فلكل دين رموزا مقدسة، فنحن رمزنا المقدس هو القرآن الكريم، وما يرتبط بالاسلام من رموز اخرى، وعلى المستوى القومي لدينا رموز مهمة جداً، اهمها اطلاقاً هويتنا العربية، والتي تعد رمزاً انسانياً مميزاً عبر القرون. وهناك رموز وطنية وهي القادة العظام والقوى السياسية ذات الهوية الوطنية، والعلماء والفنانون الكبار.
جوهر الرمز: رفعته

إن السمة المشتركة في كل الرموز، هو انها رفيعة ومحترمة وتوحي بمعان نبيلة، أو مقدسة. وبدون هذه السمة يفقد الرمز تأثيره الطاغي في نفوس الافراد والامم، ولذلك تبلور تقليد قديم، هو أن يعامل الرمز بالتبجيل والاحترام، الى الحد الذي يبعد فيه حتى عن الشكوك والتشكيك. فالرمز هو كذلك لانه اجتاز اختبار علويته ورفعته، فاختاره الناس رمزاً، وصار معياراً للصواب والخطأ، أو العبقرية والقداسة، في ذاكرة الافراد والامم، ومن يدرس تاريخ الامم يلاحظ بسهولة الدور الحاسم الذي لعبته رموزها في انتصاراتها وحضاراتها وتماسكها الوطني أو الديني.

ومن مظاهر التماسك داخل أية وحدة انسانية (قبيلة، شعب، حزب،دين) وجود معايير رمزية تحكم سلوكهم وخياراتهم، بما في ذلك الخاصة احياناً، وبما ان الشعوب مختلفة في اتجاهات تطورها التاريخي، نشأت تقاليد وثقافات مختلفة، ومن ثم اختلفت قيمة الرموز تبعاً لاختلاف الافراد والأمم والاديان. واذا نظرنا الان إلى ما يجري من حولنا، وداخل وطننا العربي الكبير، سنجد اننا مهددون وان اهم رموز هويتنا تجري محاولات مبرمجة لافقادها سموها أو قدسيتها، بانزالها إلى الارض وتشجيع المس بها، والتقليل من شأنها، بل ورفضها احياناً.

نماذج موحية.

ابتدأت عملية انزال رموز العرب والمسلمين إلى الارض، وعلى نحو مخطط في اطار استراتيجية غربية - صهيونية، بالتشكيك بالعروبة ووحدة العرب، وكانت الخطوة الاولى اسقاط رموز العروبة عبر التعجيز، ومثال عبدالناصر بالغ الوضوح ثم توسعت العملية، واصبحت اسقاط رموز التقدم العربي، بتدمير خطط التنمية العربية العصرية، ومثال العراق يتجسد الآن للعيان. وبعد ان تم هز رموز العروبة والتجرؤ على الطعن بها
بدأت خطة انزال رموز الاسلام ارضاً، فأخذ بعض المتجحفلين مع الصهيونية والغرب، وهم (الليبراليون الجدد) العرب، يناقشون وينقدون ويرفضون آيات قرآنية مقدسة! وكان محور اساليب تنفيذ هذه الخطط هو ما يسمى في الغرب بـ(الشطينة).. دعونا نناقش ذلك.

شيطنة العروبة.

ما إن بدأ عصر نهضة قومية جديد في الخمسينيات على المستوى العربي، ببروز الرئيس جمال عبدالناصر، حتى اكتملت الشروط المباشرة للنهضة، وهي وجود حركة جماهيرية منظمة انبعاثية وقيادة كارزمية (جذابة) على رأس أكبر دولة عربية، وفي تلك اللحظة التاريخية صعد (ولا اقول تبلور) رمزان: رمز القائد القومي، وهو عبدالناصر، ورمز قوة وتطلعات وآمال العرب، وهو الوحدة العربية. وتؤكد الوقائع التاريخية ان كل نهضات الشعوب قد اقترنت بصعود قائد قومي تاريخي واستناده على حركة جماهيرية كبيرة، لان الانتصارات العسكرية واخضاع دول اخرى مستحيل بالوسائل العسكرية وحدها، مهما كانت القوة ساحقة، فلابد من كسب دعم قطاعات واسعة من الجماهير لضمان استمرارية الامبراطورية وتوسعها.

الكسندر الكبير ما كان له ان يصل للهند من اوروبا لولا نجاحه في ضم قوى كافية من شعوب اخرى، كما ان الفتوحات الاسلامية ما كان لها ان تنجح في كسب العقول والقلوب، لولا مبادئ الاسلام المقنعة، والقيادات الكارزمية التي قادت الفتوح مثل سعد بن ابي وقاص وخالد بن الوليد وطارق بن زياد ومحمد القاسم.. الخ ما كان لها ان تنتصر لولا عبقريتها.. كيف ننظر إلى احداث التاريخ؟

ببساطة نحن نتحدث عن الكسندر الكبير وقادة الفتوحات الاسلامية مثلاً، مثلما نتحدث عن افكار الكسندر ورسالة الاسلام، فالرمز هنا تجسد في اشخاص مثلما تجسد في مبادئ. في حالتنا، ما ان تجسد الرمز في عبدالناصر وفي الوحدة العربية، بصفتها التعبير الأرقى لتطور علاقات العرب ببعضهم، حتى شرع الغربوالصهيونية في محاولة تحطيم الرمزين، فعبد الناصر جرت شيطنته، أي تشويه صورته، وزرعت عقبات في طريق انجاز مشروعه النهضوي، مثل الحروب والازمات الاستنزافية (مادياً ومعنوياً) وتوج ذلك كله بهزيمة حزيران 1967م .

وبتدهور ثم سقوط تجربة عبدالناصر بدأت الخطوة التالية: تهشيم الرمز القومي (الوحدة العربية) إن فصل سوريا عن مصر بانقلاب ايلول 1961م لم يقض على الوحدة العربية، كهدف قومي يرمز لعزة العرب وقوتهم، بل اصابه بضرر حفز القوميين العرب على تنقية مفهوم الوحدة من شوائب التصقت به. لقد ابتدأت شيطنة الوحدة
العربية، كما عبدالناصر بانزالهما إلى ارض النقاش المبتذل المشحون بالتضليل والاكاذيب.

رمز النجاح

إن (خطيئة) العراق الاعظم هي أنه نجح في تجاوز الخطوط الحمر التي وضعها الغرب والصهيونية وطلب من العرب عدم تجاوزها، واهمها البقاء معتمدين على الغرب، ثم على اسرائيل، في كل شيء من الطائرة إلى الابرة، منع حيازتهم ومنع هضمهم للعلوم والتكنولوجيا الحديثة، ومنع تحقيق الوحدة العربية - بل وحتى التضامن العربي، ومنع المطالبة بحقوق العرب في فلسطين.. الخ. هذه الخطوط تجاوزها العراق تحت قيادة الرئيس صدام حسين، باقتدار أذهل الصديق قبل العدو، فاصبح ضرورياً جداً تدمير رمزين: العراق المتقدم والواحد وقائد العراق الذي بنى العراق الجديد. وكما في حالة مصر بدأت الشيطنة، بترويج اكاذيب خالصة أو بتضخيم اخطاء طبيعية وجعلها تبدو شاذة!

التدنيس التدريجي

إن عملية القضاء على رفعة الرمز، تتم ببطء وبتتابع مدروس، والآن يستطيع من يتابع الفضائيات العربية (خصوصاً الجزيرة والعربية) ان يلاحظ بسهولة أن المقدس تجري عملية تحويله إلى (عادي) يمكن المس به والطعن. أقرأوا في موقعي الجزيرة والعربية نصوص بعض برامجهما، ستجدون انها قامت به، وتقوم، على نزع القدسية، فالاستعمار الذي كان قرين الشيطان بالنسبة لكل ا نسان عربي، عرض على أنه قد يكون مفيداً وبناء! والعروبة أوهام وخطايا، والشرف نسبي، والغزو فيه ايجابيات (اسقاط نظم غير مرغوب فيها)، و الجيوش الوطنية يمكن تهاجم وتقتل! والحوار الايجابي يتحول إلى صراع ديوك!

أما الاسلام فتجرى عملية شيطنة مدروسة له: فهو (دين ارهابي) وهو المسؤول عن تخلف العرب والمسلمين، ومن ثم يجب إعادة تشكيله، وانتاج اسلام معتدل! نقض الرمز هنا مدفون في بطن البديل: الاسلام الحقيقي يراد تزويره وقلبه ليقف على رأسه بدل قدميه! إن الفضائيات العربية اصبحت (حصان طروادة) الذي يخفي كل عوامل تدمير الرمز وانزاله إلى الارض، تحت شعار هو الاخر شيطاني الهوى: صراع الافكار وحرية التعبير! وحينما تسأل تلك الفضائيات لم تسمحون بالمس بكل الحكومات والجهات الاخرى لكنكم تتجنبون المس بمن يملأ جيوبكم بالدولارات؟ لا يجيبون!

نشر صور

حينما نشرت صور سجن أبو غريب كان من بين دوافع ذلك، المس الصاعق باهم رموز العرب بعد الايمان بالله، وهو الشرف. في كتاب أسمه (العقل العربي) للباحث الاسرائيلي (رافائيل باتاي) نشر في السبعينيات، يقول انك تستطيع قتل العربي معنوياً بالطعن بشرفه، والشرف متعلق بالحصانة الجنسية. و ما قام به قادة الجيش الامريكي في العراق، من عمليات اغتصاب جنسي للاسرى، من نساء ورجال واطفال، وتصوير ذلك عمداً وفق خطة ونشره، يقع في اطار المس بالشرف حسب ما ورد في كتاب بتاي.

وجاء الاعتراف الكامل والرسمي على لسان قائد عسكري امريكي سلم صور الرئيس الاسير صدام حسين لجريدة (صن) البريطانية حينما قال: نريد بنشر صور صدام حسين عارياً ونائماً وهو يغسل ملابسه، ان نكسر معنويات المقاومة العراقية.

نعم، المس بالشرف العربي هو طعن برمز عظيم، ولكن ما فات على صهاينة امريكا هو ان الاعتداء على الشرف من قبل آخرين يترك رد فعل مختلف تماماً عن رد فعل مس الشرف من قبل الشخص ذاته، ففي الحالة الاولى من يقوم بذلك هو عدو يريد تحطيم الرمز، لذلك فرد الفعل الطبيعي هو الثأر والتصلب في السعي إليه، أما في الحالة الثانية فإن من قام بالمس هو الـشخص ذاته، لذلك توجب عقابه هو بصفته رمزاً للعار.

في حالة ابو غريب كانت النتيجة هي التصعيد غير المسبوق للمقاومة العراقية المسلحة، وليس تنكيس العقال العربي -كما اريد اصلاً- وفي حالة نشر صور الرئيس صدام حسين، فإن رد الفعل اخذ يظهر رأسه اولاً حتى من كانوا اعداء لصدام حسين ادانوا العمل ووصفوه بـ(الخسيس)، أما الشعب العراقي فقد وجد فيه دليلاً اضافياً على أن امريكا غزت العراق ليس لنهبه فقط وليس لتدمير انجازاته المادية فقط، بل وايضاً لتدمير قيمه ورموز القداسة فيه، واحتقار كل ما هو محترم ونبيل!

غداً بعد ظهور رأس رد الفعل، سيظهر الكتف ثم الصدر وبقية الجسد، هل تعلمون ما معنى ظهور جسد رد الفعل كاملاً؟ إنه يعني أن امريكا ستدفع ثمن جرائمها المادية كاملاً، مثلما ستدفع ثمن جرائمها المعنوية كاملاً أيضاً، فالعراقيون شعب عريق يتمسك بتقليد ان يخلص في حب من يحبه وان يرد على الاهانة حتى بعد الف عام.
لذلك فإن تكتيك انزال الرموز ارضاً، سواء بنشر صور او بالاغتصاب، لن ينقض الرمز، بل سيعزز مكانته ويرفعه إلى سماوات أعلى. salahalmukhtar@hotmail.com

للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى الابد

  

Webster's Online Dictionary
with Multilingual Thesaurus Translation

     

  English      Non-English
eXTReMe Tracker