الانتخابات : التانغو الاخير في المنطقة الخضراء
صلاح المختار
(1)
طرق باب الدخول
من رأى اياد علاوي وهو يراقص ، على انغام (عيد ميلاد سعيد ) في فيلته في عمان ، أولئك الذين بحت اصواتهم رفضا للاحتلال منذ زمن ،لابد وان يسأل بسرعة : من خدع الاخر ، اياد علاوي وما يمثله من صلة بالاستعمار ؟ ام اصحاب الاصوات العالية ، المدعومة بوعي بائس للمشهد ، ينزلها الى قعر امية سياسية مقترنة بصبوات محرمة مخبوءة في تلافيف شعارات حبيبة على قلوب الجماهير ؟ لم يكتفي زلماي خليل زادة ، الحاكم الامريكي في العراق، بجمع رؤوس ( بالحرام طبعا ) من كانوا يصرخون باعلى اصواتهم : نحن ضد الاحتلال، برأس علاوي الذي صار رمزا لاسوأ انواع الخيانة والعمالة ، بل تعمد زلماي اذلالهم و تسليط
اضواء البروجكترات على وجوههم الحقيقية ، بعد ازالة المكياج عنها ، باصراره على ان يجتمع هؤلاء جميعا في بيت اياد علاوي ، وليس في ناد او قاعة ، وان يتصدر الاجتماع اياد علاوي ،وان يقود الحوار اياد علاوي ، وان يصدر بيان خطه يراع اياد علاوي الموشوم بدك ( وشم ) فارسي واضح وهو الاعجمي اللغة والاصل والولاء .
هؤلاء جميعا ، من كانوا رواد مواخير الاحتلال القدماء ، مثل علاوي والجلبي ومحسن عبدالحميد ، ومن كان يشتمهم باسم رفض الاحتلال ، احتفلوا بتدشين مقر جديد مشترك لهم جميعا ، وضعوا على بوابته عبارة تقول :( من اجل العراق يجب ان نمارس الفحش مع الحاكم الامريكي ، وازلامه الذين - افتخروا - بانهم ساهموا بتدمير العراق وغزوه ) !
وسط الزغاريد وموسيقى الوحدة ونص صدر بيان يعلن ولادة تحالف ضد نتائج الانتخابات باسم هؤلاء جميعا ، يسوق من انضم اليه الى مراكز بيع الضمير للاحتلال . هل كانت تلك مفاجئة ؟ كلا بالتاكيد لان اعمى البصر يستطيع ببصيرته ان يعرف ، بلا جهد ، ان الانتخابات كانت محض طقوس في محفل ماسوني يحتفل بضم اعضاء جدد له ، او رفع غطاء الوجه عن اعضاء سريين كلفوا بأداء دور مناقض لاهدافهم الحقيقية ، وهو دور مناهضة الاحتلال بصوت اجش ، وحان وقت عزفهم لحن الاحتلال . أن ذوي البصر السليم والبصيرة العمياء اغمضوا عيونهم وتجاهلوا ان الانتخابات كانت منذ البدء لعبة الاحتلال الاساسية لاضفاء شرعية عجزت الامم المتحدة عن منحها له . بل ان هؤلاء لم يكتفوا بذلك فزادوا واغلقوا اذانهم لتجنب سماع نصائح الاصدقاء ، الفاضحة لطبيعة الاجنة المخبوءة في رحم الانتخابات ، ووضعوا انفسهم في زاوية (القرود الثلاثة ) التي تعتليها لافتة كتب عليها: لا اسمع ، لا ارى ، لا انطق ( الا بالهوى ) !
نعم الاشتراك في الانتخابات كان لعبة الغباء المطلق ، او البغاء المطلق ، تبعا لمن اشترك فيها ومنطلقاته ، فاولئك الذين ظنوا ان ثمة امل في حل ازمة الاحتلال عبر المشاركة في الانتخابات ، مارسوا غباء لم تتمتع به قبلهم فئة اخرى من البشر او اسلاف البشر ، اما اولئك الذين عرفوا سلفا ان الانتخابات ليست سوى مصيدة لمن صام عن موبقات الاحتلال صممت لاصطياده وجره الى الافطار على اسوأ انواع الخمر ، ودفعه الى حلبة الرقص ليحرك اردافه واكتافه وعضلات رقبته واستطالة لسانه ، على انغام امريكا ، فانهم واصلوا ممارسة عهر الضمير التي بدأوه منذ باعوا ضمائرهم للعم سام ، فأخذ يعبث بها كما يشاء ، ومتى يشاء وفي أي مكان يشاء !
هل نقسوا على من شارك في الانتخابات ؟ بالتاكيد كلا ، فمن يعبث بمصير العراق ، انسياقا وراء ادمانه على سقاء الخمر ، او رغبته امتلاك خباء القصر ، يستحق التقريع ،على الاقل لايقاظ الجزء النائم من وعيه ، لان بيع الوطن ، بوعي او بغباء ، ليس خسارة على طاولة القمار لاتؤذي الا صاحبها بل هي كارثة للوطن ودمار لكل مواطن . وتلك حقيقة رايناها جميعا وعانينا منها جميعا منذ داست دبابات امريكا ارض العراق . من يريد ان يتأكد من خطورة خطيئة من شارك في الانتخابات عليه ان يدقق في الملاحظات الاتية وان يضيفها الى خزين وعيه ، وهو ينقد المتساقطون الجدد ، فلربما يستيقظ وعيهم ويعودوا الى الرشد . ما هي اهم الملاحظات التي تبلورت بعد انتهاء لعبة قرود امريكا التي اسموها انتخابات ؟
لا انتخابات في ظل الاحتلال
لقد اكدت الانتخابات التي جرت يوم 15 – 12 – 2005 بان من المستحيل اجراء انتخابات حرة في ظل الاحتلال الاستعماري لاي بلد في العالم ، لان طبيعة الاستعمار هي التي دفعته للقيام بفعل الاحتلال من اجل النهب والاستغلال للشعوب الضعيفة عسكريا وتقنيا . فرغم اعتراف مصادر رسمية امريكية بان عدد الاعتراضات التي سجلت تجاوزت الالف ، ورغم ان سلطات الاحتلال قد اعلنت قبل اجراء الانتخابات بايام بانها ضبطت شاحنات تدخل من ايران وهي محملة بملايين الاوراق المزورة مطابقة لاوراق الناخبين ! فان موقف هذه السلطات كان يقوم على منع اجراء تحقيق دولي في شكاوى تزوير الانتخابات ورفض اعادة اجراء الانتخابات ، لسبب بسيط هو انها تخدم اهداف الاحتلال مباشرة . ان غياب الرقابة القضائية وغير القضائية المستقلة حقا يجعل من السهل تلفيق أي نتيجة مهما كانت مناقضة للمنطق .
المزور هو الاحتلال
الحقيقة الاخرى التي اكدتها الانتخابات هي ان المزور الاساسي ليس ما يسمى زورا ( المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ) ، ولا هو حزب الصفويين بكافة تياراته ، فهؤلاء هم مزورون ثانويون عملوا باوامر وارادة المزور الأساسي وهو الاحتلال الاستعماري الامريكي . اذ كيف يمكن تصور حصول تزوير ، اذا كانت سلطات الاحتلال ترفضه حقا ، وهي اللاعب الأساس في العملية السياسية الرسمية والموجه لكل التحركات والتطورات الرئيسية الخاصة بالحكومة العميلة والبرلمان العميل ؟ فبالاضافة لما ذكرناه فان الحاكم الاستعماري الامريكي زلماي خليل زادة هو الذي قاد عملية الانتخابات وقرر مسارها ، وكان بامكانه ان يوقف التزوير وان يلغي النتائج دون ان يستطيع الصفويون فعل شيئ مناقض . لقد ذهب الى شمال العراق ليشرف ويوجه الاتصالات بين الحكيم والبارزاني والطالباني يوم 28 – 12 -2005 الهادفة الى تقسيم العراق ، وللتأكد من ان اتباع الاحتلال لن يقعوا في خطأ ولو صغير اذا تركوا لوحدهم . وكان بامكان خليل زادة ان يوجه هؤلاء من بعد ، على الاقل لاعطاء انطباع بان هناك حكومة عراقية مستقلة ولو شكليا ، لكنه كأي حاكم استعماري نظم ونفذ عملية تزوير الانتخابات لانه يريد ان يحصد النتائج المطلوبة بدقة تامة ودون أي ارباك قد يحصل .
الانتخابات كرست الطائفية – الاثنية
ولكي لا تختلط الامور يجب ان نوضح مقدما ان التكريس المقصود هو السياسي وليس الاجتماعي ، لان المجتمع العراقي كان ومازال وسيبقى عصيا على الانقسام الطائفي والاثني ، بعد ان اثبتت محاولات التقسيم انها تتعامل مع نسيج عراقي متداخل تشده صلات رحمية ، العشيرة والعائلة مثلا ، اضافة للصلات الوطنية الراسخة والعريقة ، لذلك فشلت كلها وانهارت خطة بلقنة العراق أي تقسيمه بنفس طريقة تقسيم يوغسلافيا والى الابد .
كيف علقت امريكا على الانتخابات ؟ ان افضل تعبير عن التوقعات والاهداف الامريكية الكامنة خلف الانتخابات هو الذي عبرت عنه اهم الصحف الامريكية ، وهي الواشنطن بوست ، يوم 16 – 12 – 2005 ، حينما قالت : (انتهت الانتخابات وسيعود الطائفيون الى صراعاتهم في البرلمان وغيره على اسس طائفية ). ما معنى ذلك تحديدا ؟ انه يعني اعترافا رسميا بان الانتخابات قد عززت نظام التقسيم هذا واوجدت له اليات تغذيه وتديمه . وهذا يؤكد ، وبوضح تام ، ان ما افشلته وحدة الشعب العراقي من محاولات امريكية لتقسيمه ، سوف يتولى البرلمان محاولة تحقيقه بطريقة اخرى اكثر بطء ولكنها تعتمد هذه المرة تكتيك النفس الطويل في زرع العقد والعداءات الطائفية والعرقية .
ففي البرلمان ستعمل امريكا وعملاءها على تكريس ودعم الاهداف التقسيمية التي جاء بها الاحتلال في نظام المحاصصة الاثنية – الطائفية ، فكل كتلة ستلعب دور المدافع عن طائفتها او اثنيتها ، وليس انتماءها الوطني العراقي ، ما دام اصل التقسيم السياسي هو الاعتماد على النداءين الطائفي والاثني . ان الانقسام المنظم وفقا لنظام الانتخابات على اساس الطائفة والاثنية سيضع الصراعات الحقيقية ، وهي الصراع الوطني ضد الاحتلال والصراعات الايديولوجية بين المظلومين والظالمين اقتصاديا والصراع السياسي بين كتل مختلفة حول خيارات سياسية ، ستوضع جانبا ويدخل العراقيين متاهات تقاسم النفوذ والمصالح على اسس الدفاع عن الطائفة والاثنية وليس العراق الواحد وهويته الوطنية والقومية .
أن تحقيق هذا الهدف يقع على رأس قائمة الاهداف الامريكية الاسرائيلية القديمة والجديدة ، وابرزها تقسيم العراق ، في اطار خطة تقسيم كل الوطن العربي ، على اسس طائفية واثنية ، وانشاء ثلاثة دول على انقاض العراق الواحد وهي دولة كردية في شمال العراق ، يقوم البارزاني والطالباني بانشاءها الان ، واخرى سنية في الوسط ، يقوم الحزب الاسلامي وامثاله بخدمة هدف العمل باسم طائفة وليس باسم وطن أي تكريس الطائفية ، وثالثة شيعية في الجنوب تقوم ايران عبر عملاءها بالعمل المنظم لاقامتها . وهذا هو حرفيا ما ورد في مقالة عوديد ينون الكاتب الاسرائيلي ، الذي لخص اهداف الصهيونية في العراق في عام 1980 ، تحت عنوان :( ستراتيجية لاسرائيل في الثمانينيات ) .
اكتمال متطلبات لعبة التقسيم
مرة اخرى يجب التنبيه الى ان اكتمال اللعبة التقسيمية يقصد به الهدف الرسمي شكليا وليس على مستوى الشعب ، فامريكا ، كانت ومازالت ، بحاجة قاتلة لاطار عام رسمي ، يضم شيعة واكراد وسنة ، يمنح احتلالها للعراق غطاء شرعيا امام الراي العام العالمي ، خصوصا الامريكي ، لانه يخدمها في كلا الاحتمالين الهروب والبقاء . فاذا سارت وتيرة حرب التحرير على وتيرتها الحالية ، أي توسع الثورة المسلحة وتعاظمها ، سيستخدم الاحتلال الحصول على شرعية شكلية في التمهيد للانسحاب بطريقة تحفظ ماء الوجه ، اضافة لاقامة حكومة عميلة لكنها شكليا منتخبة وتملك (شرعية) توقيع اتفاقيات نفطية وعسكرية مع امريكا قبل الهروب المموه . وهذا الهدف يتطلب وجود طرف سني في البرلمان والحكومة ،لاكمال ما حققه الاحتلا ل منذ بدايته ، وهو استخدام طرفين صهيوني صفوي وصهيوني كردي ، والذي بقي خارج اللعبة هو ما يسمى (السنة) ، لذلك فان انخراط سنة سيجعل امريكا قادرة على الادعاء بان الانتخابات تمت بمشاركة كل الاطياف العراقية ، ومنها الطرف الذي قاطع العملية السياسية ، وهو الطائفة السنية ، ومن ثم فهي شرعية تماما .
اما اذا حصل تطور سلبي يسمح لامريكا بالبقاء والتراجع عن قرار الانسحاب من العراق ، فان الانتخابات تخدم هدف تأسيس نظام تابع كليا لها من خلال قيام حكومة منتخبة شكليا ، باسم ممارسة السيادة ، بتوقيع اتفاقيات تبقي قوات عسكرية امريكية في العراق ، اضافة لتوقيع اتفاقيات تمنح امريكا حق نهب النفط العراقي واستغلال العراق بكافة موارده الاقتصادية والبشرية ، واستثمار موقعه الجيوبولوتيكي للتمدد في المنطقة والعالم ، سواء باسم الديمقراطية او بواسطة الكتلة البشرية العراقية ، المعروفة تاريخيا بصلابتها وثقافتها العسكرية ، لتسهيل غزو او اسقاط اقطار عربية او بلدان اجنبية . ومنذ بداية الغزو استخدم منطق تمهيدي مشبوه من قبل العملاء ، يقول الم ترتبط المانيا واليابان بامريكا ستراتيجيا واقتصاديا واستفادتا كثيرا ؟
ان انضمام فئة تنتمي الى السنة ، لكنها لا تمثل السنة في الواقع ، تماما مثلما ان الصفويين لا يمثلون الشيعة ، وصهاينة الشمال لا يمثلون الشعب الكردي الشقيق ، الى العملية السياسية وفي مقدمتها الانتخابات ، انما هو شرط مسبق لاكمال ترتيبات الاحتلال الخاصة بمنحه الشرعية للبقاء او الحصول على امتيازات في العراق فشلت القوة المجردة في تحقيقها . من هنا فان الانتخابات تنطوي على هدف خطير وهو اكمال متطلبات الاحتلال لمواجهة كافة الاحتمالات .
(2)
اكمال متطلبات الكونفدرالية
بأجراء الانتخابات اضافت امريكا انجازا اخرا ، وهو تأمين الحجة المقبولة عالميا لانفصال الجنوب والشمال ، وهي التحصن خلف نتائج الانتخابات، التي لم تكن نتيجتها الاساسية ، وهي فوز الحزبين الانفصاليين بنسب عالية نتيجة التزوير الكامل ، الا مقدمة للمضي قدما في تطبيق الكونفدرالية براحة نسبية ، لان الانتخابات ترجمت ماورد في الدستور الانفصالي حول قيام كيانات مستقلة فعليا حتى لو بقيت مرتبطة بصلة رسمية شكلية . دعونا نوضح هذه النقطة الخطيرة . من المعروف ان النظام الفدرالي يقوم في جوهره على تغليب القوانين الفدرالية على القوانين الاقليمية ، ففي كل النظم الفدرالية القائمة اختيرت الفدرالية لاعطاء نظام الحكم الذاتي كامل ابعاده ، بمنح حكومات الاقاليم سلطات ادارة كافة شؤونها المحلية بنفسها ، وتحرير الحكومة المركزية من اعباء ومشاكل الاقاليم ، وانصراف المركز الى ادراة الشؤون المركزية الاساسية وهي استثمار الموارد الوطنية والتخطيط الاقتصادي ، في ظل أي نظام اقتصادي ، والامن ( الداخلي الفدرالي والخارجي العسكري والاستخباري ) ، والسياسة الخارجية وغيرها .
لذلك جرت العادة تمييز الفدرالية عن الكونفدرالية عبر تحديد مركز السلطة : هل هو في الاطراف او الاقاليم ؟ ام في العاصمة الاتحادية ؟ ففي النظام الفدرالي تتولى العاصمة الاتحادية شؤون الدولة المركزية والوطنية ولذلك تخضع القوانين الخاصة بالاقاليم لقوانين السلطة الاتحادية . اما في النظام الكونفدرالي فلا توجد حكومة مركزية ، وتتركز السلطة الرئيسية في يد حكومات الاقاليم ، ويوجد مجلس رئاسي ينسق العلاقات بين دول الاتحاد الكونفدرالي المستقلة قانونيا وفعليا . ولكل دولة من دول النظام الكونفدرالي اجهزة امنه الوطني وجيشه الوطني ونظامه الاقتصادي المستقل .
ما هي النتائج التي تترتب على ما سبق شرحه ؟ في النظام الفدرالي توجد دولة موحدة حقيقية وتتميز باللامركزية الادارية ، وهي لذلك تمثل امام العالم من قبل المركز فقط في مجال الدبلوماسية والعلاقات الاقتصادية الرئيسية ، والجيش الوطني ، كما ان الامن الوطني تحميه اجهزة فدرالية . وعلى العكس من ذلك فان النظام الكونفدرالي ليس سوى نظام تنسيق بين دول ، لذلك فان لكل دولة تمثيل دبلوماسي مستقل وجيش وامن مستقلين ، وتخطيط وعلاقات اقتصادية مستقلة . اذا درسنا بدقة ما اطلق عليه اسم (النظام الفدرالي) في دستور نوح فيلدمان الصهيوني ، والذي فرضته امريكا على العراق، نلاحظ انه يسعى لاقامة نظام كونفدرالي وليس فدرالي ، لان القوانين الاقليمية هي الغالبة اذا تناقضت مع القوانين الصادرة من الحكومة المركزية . كما ان من حق حكومات الاقاليم ان تستولي كليا على موارد الاقليم وتحديد كيفية استغلالها دون تدخل او وجود حصة للحكومة المركزية فيها . اما التمثيل الدبلوماسي فان للاقليم حق التمثيل الدبلوماسي ، واخيرا وليس اخرا فان لكل اقليم جيش مستقل وشرطة مستقلة .
اذن : الصلة بين اقاليم (العراق الجديد) هي صلة دول مستقلة تنسق فيما بينها ، ومن حق أي منها او كلها الانفصال باقليمه ، وتلك هي الكونفدرالية بعينها وبقلبها وبجوهرها . باقرار ماسمي بالدستور في استفتاء مزور وضع (الاساس الدستوري) لاقامة نظام كونفدرالي يضم ثلاثة كيانات منفصلة عمليا وان ارتبطت رسميا ومؤقتا برابطة وطنية . وقد مهد ذلك لاجراء انتخابات تضفي الشرعية على الحكومات الاتحادية المتوقع قيامها ، بفضل هذه (الشرعية الدستورية) سيصبح بامكان أي حكومة اقليمية اتخاذ قرار الانفصال متى شاءت بعد ان تستقل اقتصاديا وتخلق اليات خلجنة العراق ، أي جعله لا يقوم على أي اساس سوى على رابطة الثروة ، فتنمى الانانية الاقليمية لدى اوساط معينة ، من المفترض ان تصبح اداة الانفصال وبصورة ديمقراطية ! انتبهوا الى مصطلحات الدستور وقوانين الاحتلال والتي تصر على تسمية حتى الاحزاب (كيانات سياسية ) لاول مرة في تاريخ العراق والمنطقة (!) في اطار لعبة ذكية لخلط المعاني والتحرر من رد الفعل الرافض لتحويل العراق الى كيانات مستقلة ، بعد تمهيد مدروس لتحويل تلك (الكيانات الحزبية ) الى ادوات الانفصال في اطار خطة تطبق تدريجيا .
هل هذا مجرد توقعات ؟ كلا ، فما جرى ويجري منذ الغزو يؤكد ان امريكا سعت باقصى ما تملك من امكانات الى تقسيم العراق ، وخداع البعض بابقاء رابط شكلي كونفدرالي . ففي اثناء زيارته لشمال العراق صرح عبدالعزيز الحكيم، زعيم التحالف الايراني في العراق ، ورئيس ما يسمى (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية)، بانه لا يستبعد تشكيل أقاليم مماثلة لاقليم كردستان فى جنوب العراق. وقال الحكيم
في مقابلة مع فضائية كردستان بثتها "ان مسالة تشكيل أقاليم فى العراق موافق للقانون و"للدستور"، وأضاف ولا أستبعد تشكيل أقاليم على غرار اقليم كردستان فى جنوب العراق فى وقت قريب .
وجاءت تصريحات الحكيم أثناء جولة فى كردستان العراق للتباحث مع البارزانى والطالبانى فى تشكيل حكومة عقب الاعلان عن نتائج الانتخابات التى تطعن فيها شرائح واسعة من العراقيين. وكان الحكيم قد أعلن فى وقت سابق من هذا العام رغبته فى اقامة اقليم فى محافظات الجنوب العراقى ذات الغالبية الشيعية، وقد قوبلت دعوته باستنكار شديد داخل العراق وخارجه. (جريدة العرب اون لاين 29 – 12 – 2005) .
ولكي تنجح لعبة الانفصال في الشمال والجنوب يجب ان تعقد صفقة بين صفويي الجنوب وصهاينة الشمال ، يتم بموجبها موافقة الصفويين على ضم كركوك للاقليم الكردي ، لانها الشرط الحاسم لتوفير موارد نفطية تدعم الدولة الانفصالية في الشمال ، مقابل ذلك وافق الجانب الصهيوني الكردي على عدم تغيير نتائج الانتخابات المزورة ورفض اعتراضات الاطراف الاخرى على نتائجها . فقد قال الحكيم خلال لقاء مع أعضاء البرلمان الكردي في مدينة اربيل شمال العراق (ان تفعيل المادة 58 من قانون ادارة الدولة المؤقت ، الذي وضعه بول بريمير وينص على اعادة رسم حدود المحافظات وتحديد مصير كركوك ، لا يمثل مطلبا كرديا فحسب بل هي قضية تمثل أحد أهم أهداف المرحلة المقبلة).
وأضاف ، في مداخلته ردا على عدد من أعضاء البرلمان الكردي الذين طالبوا بضرورة تفعيل المادة المذكورة وخصوصا ما يتعلق منها بمدينة كركوك الغنية بالنفط ، قال أن المجلس الأعلى أصر على ضرورة إدراج هذه الفقرة
في قانون الإدارة المؤقت «لإنها لا تتعلق بالشعب الكردي فقط وإنما جميع أهالي مدينة كركوك... وتتعلق بحدود المحافظات» العراقية الأخرى. وأضاف الحكيم
مخاطبا البرلمان الكردي (نحن نتقاسم معكم الشعور فيما يتعلق بهذه المادة، سنسعى بجد معا في حل هذه القضية). ( شبكة اخبار العراق 29 – 12 – 2005 ).
ويجب ان نذكر بان احدى اهم اطروحات الحاكم الامريكي زلماي ،التي سربها عبر عدة منافذ ، وهي اطروحة ان قائمة الصفويين دخلت في تناقض رئيس مع قائمة صهاينة الشمال ، مما يسمح بقيام تحالف يضم الكتل الكردية والسنية وعلاوي وبقية واوية (ثعالب ) الاحتلال ، يعمل على تحجيم النفوذ الصفوي الايراني في العراق . فهل كان هذا صحيحا ؟ ام انه كان تكتيك استدراج وتضليل ؟ الان وبعد الاتفاق الكردي الصفوي على تكريس نتائج الانتخابات ورفض الاعتراضات ثبت بالملموس ان ما يربط الصفويين بالزعامات الكردية هو صلة ستراتيجية قاعدتها تقسيم وتقاسم العراق ، اما خلافاتهم فهي تكتيكية صرفة .
اذن اجراء الانتخابات والمشاركة فيها كان من اهم الاهداف الجوهرية والحاسمة للاحتلال والقوى الانفصالية الصهيونية في الشمال والصفوية في الجنوب ،لانها كان يجب ان توفر الغطاء الشرعي لفصل العراق ، ولذلك لا يمكن طرح أي تسويغ لها وللمشاركة فيها، من أي كان ولأي سبب كان . ان النتائج الفعلية للانتخابات خلقت الارضية المطلوبة للدفاع عن الانفصال الكونفدرالي باستخدام حجة الشرعية من جهة ، وبتحريك نزعات انانية تتمسك بالموارد الاقليمية التي سحبت من الدولة المركزية ومنحت للاقاليم من جهة ثانية . وهذا التمسك ب(الحقوق المكتسبة) في ظل الاحتلال من قبل العملاء ، سيدفع الطرف او الاطراف غير الانفصالية ، والتي اعتقدت ان بالامكان المشاركة في العملية السياسية من اجل تسهيل اخراج العراق من مأزق الاحتلال وكوارثه ، سيدفع الى التنازل للاطراف الانفصالية بحجة (منع انفصالها عبر التساهل مع مطاليبها)! وهو ما بدأ يطرحه من اعترض على الانتخابات بعد ان اشترك فيها ! هل رايتم الى اين توصل السذاجة السياسية ؟
المراهنة على لجم النفوذ الايراني
كان من اهم الحجج التي ساقها من اراد الانخراط في العملية السياسية، واهم تجلياتها الانتخابات ، هي حجة ان الصفويين الايرانيين قد تغلغلوا في الدولة والجيش والحرس والشرطة التي انشأها الاحتلال ، واخذوا يحسمون الامور لصالحهم ويهمشون ( اهل السنة ) لذلك ، ولايقاف هذا الزحف الخطير، يجب الانخراط في العملية السياسية للحد من هذا التوسع (المخيف ) في النفوذ الصفوي ، بتشكيل حضور ( سني ) ووطني فاعل في البرلمان واجهزة الدولة الجديدة . بهذا المنطق خدع بعض الناس ، واستجابوا لنداءات الطائفية المضادة للمشاركة في الانتخابات . هل كان هذا المنطق صحيحا ؟ هنا اريد ان اذكركم بان اول من طرح هذا الراي، وفي الاشهر الاولى للاحتلال، هو الحزب الاسلامي العراقي ، بقيادة المصاب بمرض مزمن وهو التلذذ بوضع رأسه تحت احذية الجنود الامريكيين، محسن عبدالحميد وحزبه الطائفي ، حيث نجح في ابقاء السذج تحت زعامته رغم انه تعاون مع الاحتلال رسميا ، باستخدام هذا المنطق الطائفي المكمل للطرح الطائفي للحكيم .
وهذه الحقيقة ترتبط بحقيقة اخرى يجب ان ينتبه اليها الجميع في المعادلة الامريكية، وهي ان النفوذ الايراني في العراق سيبقى رئيسيا الا اذا تخلى انصار المقاومة عن المقاومة وقدموها هدية لامريكا مقابل ضرب النفوذ الايراني ! فهل يخدم ذلك احد سوى الاحتلال ؟ وهل سيغير ضرب النفوذ الايراني وضع العراق كدولة محتلة ؟ وهل نقبل بالاحتلال الامريكي ، وهو اصل الخطر المميت ، من اجل طرد الاحتلال الايراني ، وهو الخطر الكبير الذي جاء به الاحتلال الامريكي ؟ هذا المنطق لم يكن من عنديات الذين وقعوا في الفخ ، بل هي روجت من قبل الحاكم الاستعماري الامريكي زلماي خليل زادة عند اجتماعه بزعماء من ( اهل السنة ) ، حيث قال لهم صراحة بان استيلاء اتباع ايران على الوضع سببه مقاطعتكم للعملية السياسية ، فاذا وافقتم على الانخراط فيها وانهيتم مقاطعتكم لها فاننا سنساعد على تقليم اظافر النفوذ الايراني وسيكون لكم دور فاعل في تشكيل العراق بما في ذلك اعادة النظر في الدستور وتعديله .
وبسرعة استجاب من لا يملكون زادا سوى السذاجة لهذا الخداع الذي يمكن لطفل مفتح العينين ان يكتشفه ، واعترفوا بان عدم المشاركة في العملية السياسية كانت خطأ سمح لعملاء ايران بالسيطرة على الوضع ووعدوا الحاكم الامريكي بتغيير هذا الموقف . وهكذا توصلت امريكا لبداية توريط شريحة ثالثة من الشعب العراقي في مخطط تقسيم العراق ، على اعتبار ان ما يسمى اكمال مشاركة ( اهل السنة ) في العملية السياسية ضرورة حاسمة للحصول على دعم كل اطياف الشعب العراقي .
والان وبعد ان ظهرت نتائج المشاركة في الانتخابات علينا طرح السؤال التالي : هل كان الحاكم الامريكي صادقا في وعده بالحد من نفوذ الصفويين ؟ الجواب هو كلا ، فمنذ البداية كان واضحا ان الاحتلال بحاجة لتوسيع نطاق المشاركين في العملية السياسية وليس اضعاف الصفويين كما ادعى ، لان المخطط الامريكي في العراق ، وفي ضوء تيقن امريكا انها في ورطة قاتلة ، كان تأمين غطاء مشروع ، على الاقل امام العالم ، لتحقيق هدفين مترابطين ومتلازمين ، الاول هو الاعداد والتمهيد للانسحاب من العراق بطريقة تحفظ ماء الوجه للتخلص من الاستنزاف المميت على يد المقاومة ، من خلال الادعاء بان امريكا لم تكن لها اهداف استعمارية وانما جاءت لمساعدة الشعب العراقي ، وهو ما قاله مؤخرا بوش ، وباجراء الانتخابات اكملت عملية المساعدة هذه واصبحت الكرة في ملعب العراقيين بعد وضع دستور ديمقراطي لهم واجراء انتخابات تأسيسية . اما الهدف الثاني فهو انتزاع اتفاقيات ، ملزمة مستقبلا ،مع الحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات تمنح امريكا بموجبها امتيازات نفطية كبيرة وقواعد او تسهيلات عسكرية .
هل يسمح هذا التوجه بالتخلص من الصفويين او تقليص دورهم ؟ كلا بالتاكيد لان امريكا تعرف ان الامل الاكبر في فتح ثغرة في صفوف الوطنيين العراقيين المناهضين للاحتلال لا يمكن ان يتم الا بمساعدة ايران وعملاءها ، ما دامت المقاومة المسلحة تنتصر وتوسع نفوذها وتدحر الاحتلال وتسبب له اخطر التحديات في تاريخ امريكا كله . كما ان تقسيم العراق لا يمكن ان يقترب ولو قليلا من التطبيق بدون الصفويين ودعم ايران للخطة الامريكية هذه ، فكيف يمكن ان يتصور أي عارف بالحد الادنى لاهداف امريكا بانها ستسمح باضعاف الصفويين قبل شق المقاومة او الحاق هزيمة ملموسة بها ؟ ويجب ان ننبه الى حقيقة ثابتة في العراق المحتل وهي انه ما دامت المقاومة هي القوة الاساسية في الشارع العراقي فسوف يبقى الدور الايراني مهما من وجهة نظر امريكية ، ومن ثم سيبقى دور عملاءها الصفويين قويا في العراق ، وبغض النظر عن مواقف من يطلق عليهم اسم ممثلي ( اهل السنة ) .
وفي ضوء ما تقدم يمكن ادراك حقيقة تكتيك الحاكم الامريكي الذي استخدمه في جر رموز من طيف اخر الى العملية السياسية لاجل اكمال متطلبات تنفيذ خطوات اكبر في المخطط الامريكي الحقيقي . ان اطروحة المشاركة لاجل لعب دور ولو ضعيف يوظف لاضعاف الصفويين ما هي الا محض سذاجة قاتلة راينا نتائجها في مشاركة بعض من كان يعارض الاحتلال في انتخابات انتهت بتكريس وتوسيع نفوذ الصفويين وليس العكس . بل ان من راهن بسذاجة غريبة على التحالف مع الزعامات الكردية وقائمة علاوي وغيره من عملاء الاحتلال ، تأثرا بمواعظ الحاكم الامريكي ، من اجل اضعاف قائمة الصفويين ، اكد مرة اخرى واخيرة انه غير مؤهل للتحدث في الشأن العام لتخلفه وضيق ملكة التفكير لديه ولانحصار جل همه بين اعلى ساقيه وبطنه ، بعد ان راينا ان هذه المراهنة على الزعامات الكردية والعميلة قد سقطت هي الاخرى وتأكد مرة اخرى ان الزعامات الكردية والصفوية هي عماد الاحتلال الاساس وان تعاونها ليس قرارا فرديا لها بل هو قرار الاحتلال وما تقتضيه مصالحه الاساسية ، لذلك فان الدور الصفوي سيبقى من ضمن متطلبات تسهيل الاحتلال وتنفيذ اهدافه المتعاقبة .
اكثر من ذلك فان التحالف الامريكي الايراني ، الذي كان القاعدة الاساسية التي استند اليها تنفيذ مخطط غزو وتدمير العراق ، قد تعزز ولم يضعف او يتراجع لنفس السبب السابق الذكر وهو ان المقاومة المسلحة تتعزز وتتقوى وتغير قواعد الصراع الاساسية لصالحها ، ليس داخل العراق فقط بل في المنطقة كلها ، ويجد هذا التغيير صداه في مختلف قارات العالم ، خصوصا في امريكا اللاتينية واوربا الغربية وحتى امريكا الشمالية . فهل من مصلحة ايران وامريكا صعود حركة التحرر العربية الى السلطة في العراق بعد تحريره ؟ ام ان ذلك سيقلب جذريا كل الحسابات الستراتيجية الامريكية ، اقليميا وعالميا، اضافة الى انه سيضع ايران في اخطر مأزق في تأريخها امام العالم الاسلامي نتيجة لموقفها المشين والاجرامي من تدمير العراق وغزوه ؟
بالتأكيد ان امريكا مستعدة للتعاون مع كل شياطين الارض من اجل تمويه هزيمتها في العراق انقاذا لسمعتها ومصالحها العالمية ، واول شياطين تبرعوا لخدمة الهدف الامريكي هذا ، لانه هدفهم ايضا ،هم شياطين قم وطهران الممتلئين حقدا على الامة العربية ، والخاضعين منذ اكثر من ستة الاف عام لاحتياجاتهم الجيوبولتيكية اللصوصية في العراق . لذلك لم يكن صدفة ان زلماي خليل زادة قد التقى كبار المسؤولين الايرانيين ، بناء على امر رئاسي سريع ، للتعاون اكثر لمواجهة اقتراب ساعة استيلاء المقاومة الوطنية العراقية على السلطة قريبا ، في ذروة الاشتباك اللفظي حول المفاعلات النووية الايرانية ! بل ان التسوية ، التي خدمت المشروع النووي الايراني بالموافقة الامريكية على بقاء هذا المشروع بشرط مائع وهو تخصيب اليورانيوم الايراني في روسيا ، لم تكن الا نتيجة حتمية لخطورة انتصار المقاومة الوطنية في العراق على المصالح الاستعمارية الامريكية والايرانية ، لذلك اتفقت ايران ( الاسلامية ) مع الشيطان الاكبر من اجل مواصلة مخطط التأمر المشترك على العراق وعروبته وشعبه !
ولم يكن هذا التقارب الامريكي الايراني هو نهاية المطاف ، فلقد احتاجت ايران الى ازالة دماء مئات الالاف من العراقيين والافغان المسلمين من وجهها ، الذي اصبح اكثر قبحا من الوجه الامريكي في الشارع العربي والاسلامي ، بعد ان شاركت في جريمتي تدمير العراق وافغانستان ، عن طريق محاولة تمويه صلتها الستراتيجية وليس التكتيكية مع امريكا ، لكسب دعم العالم الاسلامي والشارع العربي مجددا ، فماذا فعلت ؟ طلب خامنئي المرشد العام لايران ، من الرئيس الايراني الجديد ان يهاجم اسرائيل فاطلق تصريحه الشهير حول الهولوكوست لانه اقصر الطرق لقلوب العرب والمسلمين وان يتشدد في الموضوع النووي ، ثم امر خامنئي مقلديه في لبنان ان يصعدوا مع اسرائيل وان يلفتوا النظر الى وجود صراع ديوك ايراني-اسرائيلي -امريكي مفتعل ومهندس لاعادة ترميم وتجميل وجه النظام الايراني القبيح . ومع هذا ،ورغم هذا، فقد بقيت الصلة الستراتيجية بين امريكا وايران قوية ونشطة على ارض الصراع الرئيسي الذي سيقرر مصير المنطقة والعالم ، وهو الصراع الستراتيجي الاعظم بين طليعة حركة التحررالعربية ممثلة بالمقاومة العراقية المسلحة ، وبين امريكا ومعها اسرائيل وايران بصفتهما الداعم الاقوى للغزوة الامريكية للوطن العربي ولمخطط التفتيت الطائفي – الاثني .
ان من يظن ان امريكا تتصرف عشوائيا يعبر عن سذاجة قاتلة له ولوطنه ، لانه يصبح فريسة سهلة لقوى الشر التي يظن انه يحاربها ، لكنه يجد نفسه في نهاية المطاف يخدمها ، فلا يجد مفرا من اطلاق النار على رأس سلامته الوطنية . وهذا ما حصل بعد الانتخابات التي اكدت مجرياتها ان امريكا هي التي ارادت ان تفوز قائمة ايران وليس غيرها ، والا الم يكن بامكانها ان تمنع عملاء ايران من تنفيذ خطة التزوير لو كانت ضده حقا ؟ ان من زور اكاذيب اسلحة الدمار الشامل وغيرها وركل بحذاءه القانون الدولي لن يتردد في ركل ايران وعملاءها ، ولكن في اللحظة التي يصبح فيه ذلك مصلحة امريكية ، وهو مالم يحصل حتى الان . بعد ان شاهدتم المحتجين على نتائج الانتخابات ، وهم يمارسون اللغو ورذاذ البصاق يتناثر من افواههم ، قولوا لي بربكم : كيف يستطيع من لم يتعلم النطق بعد ان يفهم الف باء الستراتيجية والتكتيك الامريكيين ؟ لقد اثبتت تجربة الانتخابات ان النفوذ الايراني تعزز في العراق واصبح اكثر خطورة نتيجة اضفاء الشرعية الشكلية على حكومة ستتحكم بها امريكا وايران سوية .
(3)
مظاهرات استنكار التزوير
مرة اخرى واخرى ، وفي اطار ممارسة امريكا تكتيك الاستمرار في احتواء اوراق اللعبة ومساعدة رجالها في العراق على الاستمرار في خداع الناس ، فقد راينا هؤلاء ينظمون مظاهرات صاخبة أثثت جيدا بصور جميلة الطبع ، ثم سمعنا اصواتا تحدث صخبا تبح الاصوات بسببه ! لماذا كل ذلك ؟ ان الاعتراضات القوية من الفريق الذي ادعى انه وطني ولم يعمل ظاهريا مع الاحتلال ليس هدفها الحقيقي اسقاط الانتخابات واجراء اخرى غيرها ، لانه يعرف جيدا انه لولا موافقة امريكا لما حصل تزوير بالاصل، بل ان هدفها الاستمرار في خداع بسطاء من الناس اوهمهم بان الانتخابات ستعيد الامن وتنهي فيلق بدر وجرائمه ، وستخرج الاحتلال ، فنظم المظاهرات بأمر من الملك زلماي للتنفيس عن غضبهم . فالهتافات المنددة بالتزوير والاحتلال لها مفعول سحري على تفكير البعض ، وقد تهدأ نفوسهم وتعدهم لخطوة خداع جديدة . كما انها تسمح بعدم اكتشاف الغرض السيئ لمن ورطهم في الاشتراك في الانتخابات .
واخيرا انها تبقي الامل بما قد تؤدي اليه المظاهرات من اعادة جزئية للانتخابات ! وقبل هذا وذاك الا تعطى المظاهرات الصاخبة والرافضة انطباعا بان الديمقراطية في العراق بخير ؟ اما لماذا اشترك عدد كبير في المظاهرة فالسبب واضح : ان الكثير من العراقيين قد (راوا الموت لذلك اخذ بعضهم يقبل بالسخونة ) كما يقول المثل العراقي الشهير . بتعبير اخر ان عراقيين لابأس بعددهم قد نفد صبرهم فاختلطت في وعيهم القضية الاكبر ، وهي الاحتلال ، بالقضايا الصغيرة ، وهي نتائج الاحتلال وما ترتب عليه ، وعبر هذا الاختلال في الرؤية بدا الاشتراك في الانتخابات املا في التخلص من جرائم الابادة الصفوية الايرانية للعراقيين ، ومحاولة لتخفيف القسوة الامريكية ، وهي نتيجة استهدفتها الخطة السايكولوجية الامريكية كما سنوضح .
التعاون مع علاوي ما معناه ؟
ان تغليب الغريزة على المنطق وفق خطة الترويع الامريكية قد ادى الى خلط الاولويات ، فبعض من كان يرى في اياد علاوي رمزا للانحطاط والخيانة اخذ يرى ان الامل في الخلاص من الموت الامريكي – الايراني المبرمج رهن بقبول السخونة ، أي خيار علاوي ! ولذلك رأينا بعض من شتموه يجلسون في احضانه ويقفون سوية في جبهة واحدة معه ضد التزوير ! وهذا الموقف يذكرنا بنكتة فطم العراقية المشهورة ، حيث ان امراة ضبطها زوجها تخونه على فراش الزوجية، فكان رد فعله انفعاليا جدا وصرخ في وجهها : ماذا تفعلين ايتها الخائنة ؟ اليوم تنامين مع رجل اخر ولكنك غدا ستدخنين سيجارة ! ان تدخين السيجارة عند زوج فطم اخطر واكثر عارا من المضاجعة الجنسية بالنسبة لزوج دوخته الحادثة فاختلط تفكيره واخذ ينتج ردود فعل غير منطقية ابدا ، تصل حد النكتة الصارخة !
بأسم تطويق النفوذ الايراني ( وهو تدخين سيجارة ) اقدم بعض من كان يدعي انه وطني على العمل سوية مع واحد من اكبر خائنين مهدا للاحتلال وتدمير العراق ( الخيانة الزوجية )، وهما اياد علاوي واحمد الجلبي ، فهل يوجد انسان يملك ذرة وعي وبقية شرف يقبل ان يعمل سوية مع اياد علاوي ويبقى قادرا على ادعاء انه مازال شريفا ؟ انه كزوج فطم تماما يقبل ان يصبح قوادا بقرنين من اجل صحة زوجته فطم وخوفه عليها من السيجارة . هل توجد درجات في الخيانة ؟
الطائفية وجه وقفى
حينما نشأ حزب البعث العربي الاشتراكي رفض بشدة أي اطار غير الاطار الوطني ، وتمسك بان يكون مفتوحا لكل عربي، سواء كام مسلما او مسيحيا ،لان الوظيفة الاساسية له كانت وما زالت ، تحرير الوطن من الاستعمار والصهيونية ، وذلك الهدف يتطلب الاعتماد على معيار المواطنة ومبدأ المساواة امام القانون . واليوم وفي ضوء مأساة غزو العراق تتأكد صحة منطلقات البعث الوطنية والقومية ، وخطأ انشاء احزاب على اسس دينية طائفية . لقد اكدت لعبة الانتخابات وقبلها غزو العراق ، ان الطائفية تفضي الى التلاقي ، في الاهداف والوسائل، بين اشد الاطراف تناقضا على المستويين الطائفي والوطني . فاليوم يصطف الحزب الاسلامي الطائفي السني مع حزبي الدعوة والمجلس الاعلى الطائفيين الصفويين، فوق ارضية الاحتلال ، ويتعاونان مع الاحتلال ضد الوطن من جهة ، ويقومان بتشتيت الصف الوطني بالعمل على تغذية الفتنة الطائفية في زمن الاحتلال ، من جهة ثانية .
لقد جلس العدوان اللدودان ، من منطلق طائفي ،الحكيم وعبدالحميد في احضان جي غارنر الحاكم الامريكي الاول ، ثم انتقلا الى حضن بول بريمير الحاكم الثاني ، واخيرا انتقلا الى حضن زلماي خليل زادة ، وهما يستمتعان بدف احضان كل هؤلاء ، ويتبادلان القبل الساخنة من الفم ، بينهما ومع الحكام الامريكيين تأكيدا من الحكيم وعبدالحميد على انهما لم يعودا رجعيان وتقبلا نمط الحياة الامريكية بما في ذلك الزواج المثلي .
ان أي تنظيم سياسي يقوم على اساس تمثيل طائفة هو بالضرورة والحتمية الواقعية خادم للصهيونية والاستعمار ، وبغض النظر عن النوايا ، لان زخم الانتماء الطائفي اقوى من الانتماء الوطني ، الامر الذي يقود ، وبحتمية لا مفر منها ، الى تمزيق الصف الوطني ، ، وهذا ما ثبتته تجربة لبنان اولا ، والان تثبته تجربة العراق المرة مع الاحزاب الطائفية . بأسم الدفاع عن الطائفة يتحالف الطائفي مع عدو الوطن ، سواء كان من نفس الطائفة كايران ، او الاحتلال الاستعماري بأسم اسقاط نظام وطني غير طائفي ، وتلك حقيقة تؤكد ان الاحزاب الطائفية تتحكم فيها وتنطبق عليها قصة فطم بكامل عناصرها خصوصا معناها الفلسفي . ويمكن الجزم بأن اعظم خدمة ساعدت الصهيونية الامريكية على احتلال العراق كان تلاقي الطائفيين من الشيعة الصفويين والسنة حول هدف مشترك ، هو اسقاط نظام وطني كان قلعة صلبة حمت وخدمت الوطن مما ادى الى غزو الوطن ، ثم العمل سوية لتكريس ودعم وانجاح الاحتلال . وما جرى في الانتخابات الاخيرة اوضح مثال على ذلك ، حيث اكمل الطائفيون السنة الالوان التي كان الاحتلال يريد اكمالها ، واصبح وجه الطائفية هو التكتل الصفوي وقفاها نخبة من السنة . والسؤال هنا هو : هل يمكن فصل الوجه عن القفى اذا اردنا راسا طبيعيا كاملا ؟
تكتيكات امريكا
ربما يسأل البعض :كيف تمكنت امريكا من ايقاع البعض في فخها بتجميع الالوان المنفرة لكل الوجوه الطائفية، واجلاسها على قازوغ واحد مع من كان ضد الاحتلال في زمن غابر ؟ لقد اتبعت امريكا عدة تكتيكات لاصطياد من لم يكن قد وقع بعد في فخ الاحتلال ، وفيما يلي اهم هذه التكتيكات .
من رأى الموت يقبل بالسخونة
يقول المثل العراقي الشهير (من رأى الموت يقبل بالسخونة ) ، طبقا لهذه الحقيقة المعروفة في علم النفس ، والتي عرفها العرب منذ الاف السنين حينما كان اجداد فرويد وبافلوف قرودا تتقافز في غابات اوربا ، لجأت قوات الاحتلال الامريكية الى الاستخدام المتطرف للقوة ، وفي اقصى المديات الممكنة ، من اجل وضع الناس العاديين بين خيارين لا غير : اما التعرض للموت الشديد التعذيب ، لهم ولاطفالهم ونساءهم ، او القبول بالتعامل مع الاحتلال والابتعاد عن المقاومة ، بصفتهم الماء الذي تسبح فيه اسماكها . لقد تعرضت عشرات المدن المحررة لاسوأ انواع التدمير للعمران ، والقتل للبشر والشجر ، واقترن ذلك باساليب مدروسة بدقة تقوم على انتهاك محرمات العرب ، مثل اغتصاب الرجال والنساء والاطفال امام اهلهم واصدقاءهم وجيرانهم ، وتدنيس المساجد بتحويلها الى خمارات واماكن جنس ومخدرات ...الخ .
ان ما تعرضت له الفلوجة وتلعفر والقائم وغيرها يشكل جرائم متعمدة ضد الحياة الانسانية والكرامة الانسانية تنتمي الى طراز انقرض ( على الاقل طبقا لما نسمع ) مع انتهاء العصور الوسطى ، لكن امريكا ، بكل ما تستبطنه ثقافتها العامة وسايكولوجيتها السائدة من انانية مفرطة ووحشية لاحدود لها ولم يشهد التاريخ الانساني بكامله وحشية اشد منها ، احيت مرة اخرى قواعد السلوك الوحشي للقرون الوسطى وما قبلها ، وعلى نحو اكثر قسوة ووحشية من كل الاشكال التاريخية للتعذيب والابادة الجماعية للاخرين .
لقد فتحت امريكا ابواب جهنم على العراقيين ، والى الحد الذي جعل جورج بوش يفتخر وهو يقول : لقد قتلنا منذ ( تحرير ) العراق 30 الف عراقي ! هكذا بكل بساطة وسرور ، وهو يلقي النكت ، قالها الرئيس الامريكي امام العالم وامام شعبه ، الذي صفق له كثيرا وهو يزف بشرى الابادة الجماعية للعراقيين . الرئيس الامريكي ليس وحده من يصفق ويفرح لابادة 30 الف عراقي بل ملايين الامريكيين الذين لا يخطر على بالهم ابدا التساؤل لم نقتل الاخرين ، الا اذا رد الآخرين بقتل الامريكيين دفاعا عن انفسهم ! (انظر اوروك نيت دوت انفو في 14 – 12 – 2005 مقالة ماثيو روثجايلد المعنونة – هل يعني قتل 30 الف عراقي أي شيئ لبوش ؟ )
ويعلق روثجايلد فيقول : هناك دراسة جامعة جون هوبكنز ( الامريكية ) في شهر نوفمبر عام 2004، المنشورة في مجلة لانسيت الطبية ، والتي اكدت ان عدد من قتلوا من العراقيين بسبب الغزو اكثر من مائة الف عراقي . واذا كان هذا الرقم صحيحا ، فان بوش قد حذف الثلثين على الاقل ، ويعترف الكاتب بان المائة الف ليس سوى الرقم الذي حذفت منه اعداد كبيرة من القتلى المدنيين والعسكريين العراقيين . ما قاله كاتب المقال ، وهو امريكي مازال له ضمير ، لايعكس بالحد الادنى ما حدث ويحدث للعراقيين ، لان عدد القتلى العراقيين بسبب الغزو ، وصل الى اكثر من 300 الف عراقي منذ الغزو وحتى الان . والاغلبية الساحقة من هؤلاء الضحايا هم مدنيون واغلب المدنيين هم الاطفال والنساء والشيوخ .
هذه الكارثة البشعة التي خلقها بوش وتعطشه للدم البشري عبرت عنها فضائح ابو غريب ، وهي ليست تصرفا فرديا بل كانت ضمن خطة امريكية مدروسة ، وما اعقبها من ابادة مدن كاملة كالفلوجة ، واطلاق امريكا وايران سوية وبتنسيق رسمي ، ضباع وزارة الداخلية بقيادة الايراني صولاغ لنهش لحم العراقيين والعراقيات ، وممارسة التعذيب بالمثقاب ( الدريل ) وغيره ، وقتل الالاف على اساس طائفي في مسعى امريكي ايراني لتطهير العراق من سكانه ، نقول هذه الكارثة كان من بين اهم اهدافها اجبار العراقيين على اختيار التعاون مع الاحتلال وايقاف دعم المقاومة . وكان اهم مطلب امريكي ابلغ لشيوخ عشائر وعلماء دين هو ان التوقف عن تدمير المدن والتعذيب والقتل المنظم هو الاشتراك في العملية السياسية . لذلك فان الفئة التي لعبت دور تأييد المقاومة لاكثر من عامين سوقت تغيير موقفها كالاتي : ان الاشتراك في الانتخابات ، والانخراط في العملية السياسية ، هو الطريق الوحيد المتاح ، والمفتوح ، لايقاف حملات تدمير المدن وابادة المئات كل اسبوع . ان تدمير الفلوجة وتلعفر والقائم والكرابلة وراوة وحديثة وهيت والرمادي وغيرها ، وتشريد مئات الالاف من العراقيين واسكانهم في الخيام لاجئين في وطنهم المغتصب ، وحرمانهم من الغذاء والدواء والامن ، وغير ذلك ، استخدم لغسل ادمغة فئات من الشعب العراقي واجبارها على التعاون مع الاحتلال والتخلي عن المقاومة، او على الاقل الضغط عليها لترك البندقية والانخراط في العملية السياسية !
(4)
ماذا تريد : الذئب الامريكي أم الضبع الايراني ؟
لقد تم تنفيذ خطط خداع شامل من قبل امريكا لتوريط بعض الهشين ، او قليلي الوعي ، من انصار المقاومة او الجماهير الملتاعة ، وفي مقدمة الاساليب تلك تقديم وعود امريكية بتقليم اظافر ايران وعملاءها في العراق ، فبعد ان شجعت امريكا ودعمت بقوة نشر النفوذ الايراني في العراق ، واطلقت يد ضباعها المتوحشين للقيام بالابادة الجماعية للسكان والتطهير على اساس طائفي ، جاء دور استثمار ذلك على نحو كامل ، عن طريق عقد مساومات اساسها الابتزاز مع اطراف وطنية .
ومن بين اهم ماطرحه ممثلوا الاحتلال ، وعلى رأسهم زلماي خليل زادة ، ما يلي : ان التابعين لايران قد ارتكبوا جرائم بشعة ضد اهل السنة واستولوا على السلطة ، لان السنة رفضوا الاشتراك في العملية السياسية ، وتركوا الساحة لجماعة ايران لملأ فراغ السلطة ، والحل الوحيد لتقليم اظافر هؤلاء هو انخراط السنة في العملية السياسية ودخولهم البرلمان والحكومة ، ومن هناك يمكنهم الحد من النفوذ الايراني وايقاف اضطهاد السنة ! بعد ان روجت امريكا لهذه الفكرة ظهر من يتبناها من بين انصار دعم المقاومة ، وبعض هؤلاء وطنيون لاشك فيهم ، لكن بعضهم الاخر مناجذ ( جمع خلد - جواسيس) نائمة كلفت بالتظاهر بدعم المقاومة لكسب ثقة الناس ثم استغلال هذه الثقة في اللحظة المناسبة لتضليلهم .
لقد وقع وطنيون في فخ هذا الخداع الشامل والمنظم ، واعتقدوا ان مشاركتهم في العملية السياسية ستضع حدا للنفوذ الايراني في العراق ، وتضمن لاهل السنة دورا فعالا نتيجة فوزهم في الانتخابات ، خصوصا بعد ان اوهمهم زلماي بان تحالفا جديدا سينشأ يستطيع دحر الائتلاف الايراني . وفي اطار هذا الخداع الشامل ظن ، وبعض الظن بؤرة الاثم ، ذوي الوعي السطحي او ذوي الارتباطات المشبوهة المعروفة ، ان امريكا قد بدأت حملتها لتصفية النفوذ الايراني في العراق ، فطربوا واخذوا يبشرون بقرب تصفية الخطر الايراني في العراق ! وحشدوا خلفهم بعض ابناء الشعب الذين لفرط العذاب الذي تعرضوا له ، اخذوا يبحثون عن أي نوع من الانقاذ من القتل الايراني .
ولكن ماذا حدث ؟ هل ضعف النفوذ الايراني ؟ الجواب العملي هو كلا ، لقد ازداد هذا النفوذ ، على المستوى الرسمي طبعا ، بعد ان ثبت ان الانتخابات قد زورت كما كان متوقعا ومخططا ، بعلم وموافقة وتخطيط امريكا ، لان النفوذ الايراني لم يأتي ليذهب دون اكمال وظيفته الاساسية وهي المساعدة الجوهرية على اكمال تدمير واستعمار العراق ، وبما ان المقاومة هي الطرف الاقوى والمنتصر في المعادلة العراقية فان الدور الايراني سيبقى قويا في العراق . هذه الحقيقة البسيطة لم يفهمها انصار نظرية الانخراط في العملية السياسية من اجل تقليص النفوذ الايراني .
اضطهاد العراقيين : من هندسه ؟
ومنذ بدء الغزو اعتمدت امريكا تكتيك استخدام عملاء ايران في اضطهاد الشعب العراقي على اسس طائفية واثنية . لقد كان الواجب التمهيدي لعملاء ايران ، خصوصا فيلق بدر والسيستاني ، هو المشاركة في انجاح غزو العراق ، ثم جاء الواجب الثاني وهو المشاركة في مجلس الحكم ودعم الاحتلال وتكريسه . ولكن حينما اقتنعت امريكا ، اثناء وفي اعقاب معركة الفلوجة الاولى، بان وجودها في العراق لم يعد ممكنا الا اذا اكملت تدمير العراق بتمزيق نسيجه الاجتماعي ، فبدأت لعبة استخدام فيلق ايران في العراق في اضطهاد الشعب العراقي بطريقة لاتدع لفئة منه خيار سوى طلب الاحتماء بامريكا . وفي هذا الاطار سلمت وزارة الداخلية عمدا لايران عبر الايراني الجنسية صولاغ ، ودمج فيلق ايران ، بكافة تنظيماته ، في الجيش والحرس والشرطة العميلة لتنفيذ المخطط الامريكي وهو ايجاد فجوة لا تردم بين ابناء العراق عبر القتل الجماعي المنظم للعراقيين .
ولئن كان الهدف الاساس لهذا التكتيك هو تجفيف المنابع البشرية المقاومة العراقية ، أي اضعاف الدعم الشعبي لها ، فان الهدف المرحلي كان اجبار انصار المقاومة على الانخراط في العملية السياسية ، من خلال تخييرهم بين امرين احلاهما علقم : اما استمرار ابادتهم على يد الصفويين او الاحتماء بالاحتلال الامريكي للتخلص من جرائم الصفويين ، وذلك يعني امرا واحدا وهو الاشتراك في العملية السياسية . ان جرائم وزارة الداخلية التي اعترف بها الاحتلال وسلط الضوء عليها كان الغرض من كشفها ليس ابعاد عملاء ايران وتصفيتهم ، كما توهم السذج ، بل اصطياد من لم يشارك في العملية السياسية ، بالايحاء له بان كشف تلك الجرائم هو مقدمة للتخلص من المجرمين . هذا هو الطعم الامريكي الذي التقطه المتعبون او ذوي النفس القصير ، فوجدوا انفسهم وقد وقعوا في فخ امريكا اللعين . ما يجب تكراره ، ونقشه في رؤوس كثيري النسيان، هو ان امريكا كانت، ومازالت وستبقى تعتمد على ايران وعملاءها في العراق ما دامت المقاومة هي سيدة العراق بلا منازع ، تماما كما اوصلت خميني الى السلطة لتسليطه على العراق واجهاض مشروع النهضة القومية العربية الذي اطل براسه بثبات وتحد قبل اسقاط الشاه .
تقسيم العراق او المشاركة
ومن بين ما ناقشه زلماي خليل زادة مع شخصيات عراقية وضعهم امام خيارين اخرين ايضا احلاهما علقم : اما الاستمرار في مقاطعة العملية السياسية، ومن ثم استمرار الدستور الكونفدرالي وتطبيقه وذلك سيؤدي حتما الى تقسيم العراق ، او المشاركة في العملية السياسية ، والانتخابات ابرز مقدماتها ، ومن ثم اعادة النظر بالدستور وربما تعديله في برلمان للمعترضين وجود فيه . وقبل المخدوعون السذج بهذا المنطق بمساعدة فعالة من المناجذ وانخرطوا في العملية السياسية ابتداء من حضور مؤتمر القاهرة التامري ، واشتركوا بالانتخابات ، وهكذا قدموا على طبق من ذهب اعترافا صريحا بمشروعية الاحتلال ومشروعية الانتخابات وما سيترتب عليها من نتائج خطيرة على مستقبل تحرير العراق .
ما الامر الجوهري الذي لم يعرفه هؤلاء ؟ ان اهم ما فاتهم ، او تعمدوا ان يفوتهم ، هو ان بقاء الدستور او تعديله هو قرار امريكي صرف ، وليس بمكنة ايا كان من المتعاونين في اطار العملية السياسية تغييره ، لانه عماد الاحتلال وجوهر خطة تفتيت العراق القوي الواحد والقوة العظمى اقليميا والمؤثر دوليا . من دون تطبيق الكونفدرالية لايمكن تقسيم العراق الى ثلاثة دول ، لذلك فان تغيير الدستور بشكل جوهري غير وارد اطلاقا في خطط الاحتلال ، واقصى ما يمكن هو اجراء تعديلات شكلية لاقيمة لها . وهذا هو احد الاسباب التي جعلت امريكا ترفض الغاء الانتخابات ، لان نتائجها تعزز الكونفدرالية .
هل ستخرج امريكا اذا اكتملت العملية السياسية ؟
من بين اساليب الخداع الامريكي اقناع من وقع في الفخ بان مشاركة كل اطياف الشعب وخصوصا السنة والمقاومة ،سيعجل بانسحاب القوات الامريكية من العراق ، على اساس ان ذلك سيؤدي الى تعزيز العملية السياسية ويضع حدا ( للعنف ) ! وعقب الاستماع لهذا المنطق الامريكي راح هؤلاء بسذاجة وبعقلية الدجاجة ، التي تتطلع حتى وهي تموت على المزبلة ، يروجون لفكرة ان امريكا تريد الانسحاب ويجب ان نوفر لها الغطاء للانسحاب بالاشتراك في العملية السياسية ! وكان هؤلاء حينما تقول لهم ، نعم ان امريكا تريد الخروج لكن علينا ان نسأل اولا من اجبرها على الاقتناع بحتمية الخروج ؟ لا يستطيعون انكار انه المقاومة المسلحة وليس غيرها ابدا ، ولذلك فان تجريد المقاومة من سلاحها وانخراطها في العملية السياسية سيجعل امريكا كالدجاجة النهمة تتراجع عن قرار الانسحاب وتبقى في العراق وذلك لعدم وجود ضغط فعال عليها .
ما معنى ذلك ؟ انه يعني ان الانخراط في العملية السياسية لن يؤدي الى الانسحاب بل بالعكس سيقدم لامريكا اقوى حبل انقاذ لاحتلالها . وهذه الحقيقة ليست جديدة لان كل حركات التحرير التي نجحت في طرد الاحتلال اصرت على ابقاء البندقية المقاتلة وعدم التخلص منها اثناء التفاوض مع الاحتلال ، بل بالعكس ، فالتفاوض يتطلب زيادة الهجمات على العدو لاجباره على قبول شروط المقاومة التي يرفض قبولها ، كما اثبتت تجربة تحرير فيتنام .
(5)
التلويح بالغاء قانون اجتثاث البعث
لوحظ باستغراب ان الدعوة لالغاء قانون اجتثاث البعث قد اصبح مطلبا عاما بالتزامن مع توصل الاحتلال الى ان المقاومة العراقية المسلحة قد اصبحت هي الرقم الاصعب والمقرر لمجرى التطورات في العراق . وقد تأكد ذلك بتبني الاحتلال، اولا عبر اياد علاوي والبارزاني والطالباني ، لمطلب الغاء قانون الاجتثاث ، وحينما فشلت هذه اللعبة في اجتذاب بعثيين الى معسكر الاحتلال ، تحول المطلب الى مطلب لكل التنظيمات باستثناء عملاء ايران ! لماذا هذا التطور اللافت للنظر من تبني قانون فاشي بكل المعايير الى الدعوة لالغاءه ؟
سببان يكمنان خلف هذا التطور ، الاول هو ان القوى الوطنية العراقية المناهضة للاحتلال ، والتي كان بعضها مناهضا للبعث قبل الاحتلال ، قد توصلت عبر احداث ما بعد الاحتلال المتعاقبة ، الى قناعة اساسية وجوهرية وهي ان تقرير مصير العراق والحفاظ على هويته العربية مرتبط بالتحالف مع البعث بصفته القوة الوطنية والقومية الاكبر والاكثر تأثيرا في الساحة العراقية ، والتي صمدت امام الهجمة الامريكية الايرانية عليه ثم انتقلت من الدفاع الى الهجوم بشراسة ، اما السبب الثاني فهو ان المراهنة على انشاء تنظيمات جماهيرية وطنية او عميلة بعد (انتهاء البعث)، كما توقع الاحتلال وغيره ، قد فشلت ولم تظهر أي حركة جماهيرية قوية ومؤثرة بعد الاحتلال، سواء كانت وطنية او عميلة، وبقيت تلك التنظيمات عبارة عن نخب تمثل شخصيات اكثر مما هي احزاب حقيقية ، الامر الذي وضع الجميع امام مأزق وتحد خطيرين جدا ، تمثلا في غلق الابواب امام أي حل سياسي في العراق بدون البعث ، وتعمق هذا المأزق باصرار البعث على مواصلة المقاومة المسلحة كطريق اساسي لتحرير العراق ، ورفضه لاي حل سياسي لايقوم على قبول شروط المقاومة المسلحة .
هذا الوضع جعل وجوه الجميع امام الحائط وظهورهم مكشوفة لمخاطر محسوبة وغير محسوبة ، مما دفع الاغلبية للتفكير في ان الخروج من المأزق غير ممكن الا اذا كان البعث في قلب أي خيار ، سواء كان عسكريا او سياسيا . وقدر تعلق الامر با لاحتلال فان قانون اجتثاث البعث قد اصبح عامل الغاء لاي مرونة في تعامله مع متغيرات الوضع العراقي ، لذلك ، ولكسر مأزق فشل خيارات الاحتلال لجأ الى تبني موقف جديد يسترضي القوى العراقية غير البعثية ، على امل ان يؤدي ذلك الى اجتذابها الى حلبة العملية السياسية ، وقيامها باقناع بعض البعثيين بالالتحاق في العملية السياسية ، وبمساعدة بعض النظم العربية ومخابراتها ، التي تقوم الان بالاتصال ببعض البعثيين القليلي الخبرة، خارج العراق ،لتوريطهم وتجنيدهم كما ورط من شارك في الانتخابات .
ماذا يتوقع الاحتلال من هذا التكتيك ؟ انه يريد باستخدام تقريب عناصر وطنية اليه ودمجها بمسيرة العملية السياسية اغراء بعض البعثيين بالانشقاق عن حزبهم والالتحاق بمجاميع لم تكن مؤيدة للاحتلال ، وتشكيل قوة مهمة تستخدم لتفكيك المقاومة ، بالبدء بعزل العراقيين عن غير العراقيين ، والقضاء على غير العراقيين ثم الانتقال بعد ذلك الى محاصرة المقاومين العراقيين واجبارهم على الانخراط في العملية السياسية او تعريضهم للابادة الجسدية . اذن هذا التكتيك القائم على عدم التمسك بقانون اجتثاث البعث يقوم على اجتذاب الجزء الساذج ستراتيجيا والفقير سياسيا من بين القوميين العرب والاسلاميين ( المعتدلين ) في اطار خطة واضحة ومعلنة وهي تفكيك قوة المقاومة ومسانديها واحتواءهم طرفا بعد اخر وتدريجيا .
خلاصات اساسية
ماذا يمكن ان نستنتج من هذا الاستعراض التفصيلي لتداعيات الانتخابات وتفاعلاتها ؟ هنا سنقدم بعض اهم الخلاصات :
1 – الانتخابات نجحت في ايقاع وطنيين في فخ الاحتلال دون تحقيق وعود الاحتلال لهؤلاء بتغيير قواعد اللعبة الامريكية بطريقة تمنح لمن وقع دورا وعد به وكان يتمناه .
2 – ادت الانتخابات الى زيادة نفوذ عملاء ايران وليس العكس كما وعدت امريكا قبلها ، وهذا التطور خطير جدا لانه قدم للعملاء حجة ( شرعية ) للدفاع عن نتائج الانتخابات والتمسك بها الى درجة التلويح بخوض الحرب للدفاع عن النتائج .
3 – مهدت الانتخابات الطريق امام اعلان انفصال الجنوب تحت شعار تطبيق النظام الفدرالي ، واسغلال ثروات الجنوب كما نص الدستور الصهيوني .
4 – كرست الانتخابات نظام المحاصصة الطائفية - الاثنية وجعلته اساس التوزيع السياسي في البرلمان ، وطويت صفحة الاصطفاف على اسس ايديولوجية وسياسية ، وهذا التحول خطير لانه سيأخذ بالحفر تدريجيا في بنية المجتمع العراقي وخلق شرخ طائفي كبير لم ينجح الاحتلال في خلقه بين العرب ، وشرخ كبير اخر اثني بين العرب والاكراد والتركمان وغيرهم ، وهكذا تكتمل متطلبات تقسيم العراق لاحقا .
5 – احرقت الانتخابات شرائح عراقية كانت ضمن مناصري المقاومة الوطنيين بجرها الى معسكر المتعاونين مع الاحتلال ، فلقد اصطف هؤلاء مع اياد علاوي وغيره من العملاء .
6 – نجح الاحتلال في جعل هذه الشرائح تتعامل مع الازمة في العراق على انها ازمة بين العراقيين وايران وعملاءها بالاساس، وليس صراع بين شعب العراق وامريكا بصفتها قوة الاحتلال الرئيسية .بتعبير اخر ان التناقض الرئيسي ( مع امريكا )قد تم انزاله الى مرتبة التناقض الثانوي، فيما رفع التناقض الثانوي ( مع ايران ) الى مرتبة التناقض الرئيسي .
7 – منعت الانتخابات من ورط وخدع من التراجع عن خطأه بعد الانتخابات، رغم اكتشافه ان وعود امريكا له كانت مجرد اكاذيب توريطية ، وهيأته لقبول (حل وسط ) ، وهو اقامة حكومة ( وطنية ) يمثل فيها من اشترك في الانتخابات بغض النظر عن نتائجها ، وهذا ما اخذ يطالب به من احتج على تزوير الانتخابات ويعمل عليه البارزاني والطالباني بتوجيه امريكي !
8 – ستعمل هذه الكتل ، التي تحالفت فيما بينها لتقليص نفوذ عملاء ايران، على التصرف على اساس ان الحكومة المقبلة شرعية ومن ثم ستدعوا المقاومة لترك السلاح والا ...، وهذا بالضبط هو ما خطط له الاحتلال .
9 – تم اكمال ما اسمته امريكا (انضمام كافة اطياف الشعب العراقي للعملية السياسية ) ، وهذا من اهم شروط اطفاء المعارضة القوية للغزو داخل امريكا والتي اخذت تجبرها على اكمال الانسحاب في اقرب وقت .
10 – قدمت الانتخابات دعما قويا للادعاء الامريكي بان وجودها في العراق شرعي لان حكومة عراقية منتخبة تريد بقاءها فيه .
11 – اصبح بامكان امريكا ان توقع اتفاقيات ستراتيجية مع امريكا اقتصادية تمنح الاحتلال امتيازات نفطية لعدة عقود وبنهب لم يسبق له مثيل ، وعسكرية تمنح امريكا قواعد عسكرية او تسهيلات عسكرية حسب تطور الاوضاع القتالية في العراق . وهذ الاتفاقيات سيكون لها طابع شرعي ، حتى لو كان شكليا ، ستستغله امريكا لتقييد أي حكومة وطنية تشكلها المقاومة بعد التحرير، ولاي حكومة تتشكل بعد اجراء انتخابات حرة بعد التحرير ، وامامنا مثال خطير وهو الاتفاقية بين حكومة كوبا قبل ثورة كاسترو وامريكا لاستئجار قاعدة غوانتانامو لمدة مائة عام والتي فشلت كوبا في انتزاعها من امريكا رغم دعم الاتحاد السوفيتي والصين واغلبية العالم لكوبا !
12 – لقد اكدت تجربة الانتخابات ان التحالف بين ايران وامريكا ضد الشعب العراقي هو القاعدة المركزية منذ الاحتلال وليس الصراع ، لان العدو المشترك لايران وامريكا هو حركة التحرر الوطني العربية ، وطليعتها المقاومة الوطنية العراقية . وهذا التحالف سيستمر ويبقى قويا طالما بقيت المقاومة العراقية هي سيدة الموقف في العراق . ويترتب على ذلك ان أي توقع بان تكون وعود او تلميحات امريكا لبعض العراقيين،الذين يستولي عليهم هاجس الخطر الايراني ، بتقليص النفوذ الايراني، ما هو الا خداع لهؤلاء ووسيلة لابقاءهم يعملون لصالح امريكا .
13 – ان من امر بتزوير الانتخابات وخطط لذلك هو امريكا ومن نفذ ذلك هو المفوضية العليا للانتخابات وايران وعملاءها في العراق .وقبل هذا ان من جاء بالايراني صولاغ لوزارة الداخلية هو امريكا من اجل اضطهاد مناهضي الاحتلال باقسى صورة وجعل المثل العراقي (من يرى الموت يقبل بالسخونة ) قاعدة ردة فعل بعض العراقيين المضطهدين من قليلي الوعي .
ما المطلوب وطنيا ؟
ان المطلوب اساسا ، وفي ضوء ما تقدم ، هو تراجع من ورط في الانتخابات قبل ان يصبح تلوثه اكثر من قدرة دجلة والفرات على تنظيفه ، والتحاقه مجددا بصفوف الوطنيين المناهضين للاحتلال ، والفرصة ما زالت قائمة . اما القوى الوطنية العراقية التي رفضت لعبة الانتخابات فانها مطالبة الان بان توحد صفوفها في جبهة وطنية عريضة تضم كل مناهضي الاحتلال ، من اجل التصدي للخطوة التالية ، وهي ماسمي (مؤتمر بغداد للوفاق) ، والذي تقرر عقده اثناء مؤتمر القاهرة . ان قبر هذا المؤتمر بمقاطعته وتأكيد دعم المقاومة المسلحة والتمسك بستراتيجيتها وكونها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي ، ورفض الاشتراك في العملية السياسية ، تحت أي ذريعة ، هو الطريق الوحيد لاحتواء اهم ما ترتب على الانتخابات .
salahalmukhtar@hotmail.com
للعودة الى موقع: سيبقى العراق الى ألأبــــــد